الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
انقرضت وورثها الناصر الأطروش وهو (الحسن) بن عليّ، بن الحسين، بن علي، بن عمر، بن على زين العابدين، بن الحسين السبط، بن عليّ، بن أبي طالب، وكان له دولة هناك.
ثم خرج على الأطروش من الزيدية الداعي الأصغر، وهو (الحسن) بن القاسم، بن علي، بن عبد الرحمن، بن القاسم، بن محمد البطحائي، بن القاسم، بن الحسن، بن زيد، بن الحسن السبط، وجرى بينه وبين الأطروش حروب إلى أن قتل سنة تسع عشرة وثلاثمائة، ويجتمع الداعي الأصغر مع الداعي الأكبر في الحسن بن زيد، وليس بنو الرسيّ الذين منهم أئمّة اليمن من هؤلاء بوجه.
الجملة [الرابعة] الثالثة (في ترتيب مملكة هذا الإمام)
قال في «التعريف» بعد أن ذكر إمام زمانه: وهذا الإمام وكلّ من كان قبله على طريقة ما عدوها، وهي إمارة أعرابية، لا كبر في صدورها، ولا شمم في عرانينها، وهم على مسكة من التقوى، وتردّ بشعار الزّهد، يجلس في نديّ قومه كواحد منهم، ويتحدّث فيهم ويحكم بينهم، سواء عنده المشروف والشّريف، والقويّ والضعيف. قال: وربما اشترى سلعته بيده، ومشى بها في أسواق بلده، لا يغلّظ الحجاب، ولا يكل الأمور إلى الوزراء والحجّاب، يأخذ من بيت المال قدر بلغته من غير توسّع، ولا تكثّر [غير مشبع]«1» هكذا هو وكل من سلف قبله، مع عدل شامل، وفضل كامل.
وذكر في «مسالك الأبصار» عن تاج الدين عبد الباقي اليمانيّ الكاتب نحو ذلك. فقال: وأئمتهم لا يحجبون ولا يحتجبون، ولا يرون التفخيم والتعظيم، الإمام كواحد من شيعته: في مأكله ومشربه وملبسه، وقيامه وقعوده، وركوبه
ونزوله، وعامّة أموره، يجلس ويجالس، ويعود المرضى، ويصلّي بالناس وعلى الجنائز؛ ويشيّع الموتى ويحضر دفن بعضهم. قال: ولشيعته فيه حسن اعتقاد، ويستشفون بدعائه، ويمرّون يده على مرضاهم، ويستسقون المطر به إذا أجدبوا، ويبالغون في ذلك مبالغة عظيمة، قال «المقرّ الشهابيّ بن فضل الله» :
ولا يكبر لإمام هذه سيرته (في التواضع لله وحسن المعاملة لخلقه، وهو من ذلك الأصل الطاهر، والعنصر الطيب) أن يجاب دعاؤه، ويتقبّل منه. وينادى ببلاد هذا الإمام في الأذان «بحيّ على خير العمل» بدل الحيعلتين «1» ، كما كان ينادى بذلك في تأذين أهل مصر في دولة الخلفاء الفاطميين بها. قال في «التعريف» :
وأمراء مكة تسرّ طاعته، ولا تفارق جماعته. قال ابن غانم: هذا الإمام يعتقد في نفسه ويعتقد أشياعه فيه أنه إمام معصوم، مفترض الطاعة، تنعقد به عندهم الجمعة والجماعة، ويرون أنّ ملوك الأرض وسلاطين الأقطار يلزمهم طاعته ومبايعته، حتى خلفاء بني العباس، وأن جميع من مات منهم مات عاصيا بترك مبايعته ومتابعته. قال: وهم يزعمون ويزعم لهم أن سيكون لهم دولة يدال بها بين الأمم، وتملك منتهى الهمم، وأن الإمام الحجة المنتظر في آخر الزمان منهم.
وذكر عن رسول هذا الإمام، الواصل إلى مصر: أن الأئمة في هذا البيت أهل علم يتوارثونه: إمام عن إمام، وقائم عن قائم. وذكر عن بعض من مرّ بهم أنه فارقهم في سنة اثنتين وثلاثين وسبعمائة وهم لا يشكّون أنه قد آن أوان ظهورهم، وحان حين ملكهم، ولهم رعايا تختلف إلى البلاد، وتجتمع بمن هو على رأيهم، تصوّن ضعف الدولة في أقطار الأرض.
وحكى «المقرّ الشهابيّ بن فضل الله» عن قاضي القضاة كمال الدين محمد ابن الزملكاني قاضي حلب: أنه مات رجل من شيعتهم بحلب، فوجد عنده صندوقان، ضمنهما كتب من أئمة هذه البلاد إلى ذلك الرجل وإلى سلفه، يستعرفون فيها
الأخبار، وأحوال الشّيعة، والسؤال عن أناس منهم، وأن في بعضها: «ولا يؤخّر مدد من هنا من إخوانكم المؤمنين في هذه البلاد الشاسعة، وهو حقّ الله فيه تزكية أموالكم، ومدد إخوانكم من الضعفاء واتّقوا الله واسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كانَ غَفَّاراً يُرْسِلِ السَّماءَ عَلَيْكُمْ مِدْراراً وَيُمْدِدْكُمْ بِأَمْوالٍ وَبَنِينَ وَيَجْعَلْ لَكُمْ جَنَّاتٍ وَيَجْعَلْ لَكُمْ أَنْهاراً
«1» ونقل عن الشيخ شهاب الدين بن غانم: أنه حدّثه عند وصوله من اليمن أنّ هذا الإمام في منعة منيعة، وذروة رفيعة، وأنه يركب في نحو ثلاثة آلاف فارس، وأن عسكره من الرّحالة، خلق لا جسم، وذكر عمن أقام عندهم: أنهم أهل نجدة وبأس، وشجاعة ورأي، غير أن عددهم قليل وسلاحهم ليس بكثير، لضيق أيديهم، وقلّة بلادهم، ونقل عن تاج الدين عبد الباقي اليمني: أن قومه معه على الطّواعية والانقياد، لا يخرج أحد منهم له عن نصّ، ولا يشاركه فيما يتميّز به.
قال ابن غانم: وزيّ هذا الإمام وأتباعه زيّ العرب في لباسهم والعمامة والحنك، بخلاف ما تقدّم من زيّ صاحب اليمن من بني رسول، قال الشيخ شهاب الدين بن غانم: وهذا الإمام لا يزال صاحب اليمن يرعى جانبه، وفي كل وقت تعقد بينهما العقود، وتكتب الهدن، وتوثّق المواثيق، وتشترط الشروط.
قال في «التعريف» : وقد وصل إلينا بمصر في الأيام الناصرية (سقى الله تعالى عهدها) رسول من هذا الإمام بكتاب أطال فيه الشكوى من صاحب اليمن، وعدّد قبائحه، ونشر على عيون الناس فضائحه، واستنصر بمدد يأتي تحت الأعلام المنصورة لإجلائه عن دياره، وإجرائه مجرى الذين ظلموا في تعجيل دماره. وقال: إنه إذا حضرت الجيوش المؤيّدة قام معها، وقاد إليها الأشراف والعرب أجمعها، ثم إذا استنقذ منه ما بيده أنعم عليه ببعضه، وأعطي منه ما هو إلى جانب أرضه، قال: فكتبت إليه مؤذنا بالإجابة، مؤدّيا إليه ما يقتضي إعجابه،