المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌[سورة الأعراف (7) : الآيات 143 الى 147] - فتح القدير للشوكاني - جـ ٢

[الشوكاني]

فهرس الكتاب

- ‌الجزء الثاني

- ‌تنبيه:

- ‌سورة المائدة

- ‌[سورة المائدة (5) : الآيات 1 الى 2]

- ‌[سورة المائدة (5) : آية 3]

- ‌[سورة المائدة (5) : الآيات 4 الى 5]

- ‌[سورة المائدة (5) : آية 6]

- ‌[سورة المائدة (5) : الآيات 7 الى 11]

- ‌[سورة المائدة (5) : الآيات 12 الى 14]

- ‌[سورة المائدة (5) : الآيات 15 الى 16]

- ‌[سورة المائدة (5) : الآيات 17 الى 18]

- ‌[سورة المائدة (5) : آية 19]

- ‌[سورة المائدة (5) : الآيات 20 الى 26]

- ‌[سورة المائدة (5) : الآيات 27 الى 31]

- ‌[سورة المائدة (5) : الآيات 32 الى 34]

- ‌[سورة المائدة (5) : الآيات 35 الى 37]

- ‌[سورة المائدة (5) : الآيات 38 الى 40]

- ‌[سورة المائدة (5) : الآيات 41 الى 44]

- ‌[سورة المائدة (5) : الآيات 45 الى 50]

- ‌[سورة المائدة (5) : الآيات 51 الى 56]

- ‌[سورة المائدة (5) : الآيات 57 الى 63]

- ‌[سورة المائدة (5) : الآيات 64 الى 66]

- ‌[سورة المائدة (5) : آية 67]

- ‌[سورة المائدة (5) : الآيات 68 الى 75]

- ‌[سورة المائدة (5) : الآيات 76 الى 81]

- ‌[سورة المائدة (5) : الآيات 82 الى 86]

- ‌[سورة المائدة (5) : الآيات 87 الى 88]

- ‌[سورة المائدة (5) : آية 89]

- ‌[سورة المائدة (5) : الآيات 90 الى 93]

- ‌[سورة المائدة (5) : الآيات 94 الى 99]

- ‌[سورة المائدة (5) : الآيات 100 الى 104]

- ‌[سورة المائدة (5) : آية 105]

- ‌[سورة المائدة (5) : الآيات 106 الى 108]

- ‌[سورة المائدة (5) : الآيات 109 الى 111]

- ‌[سورة المائدة (5) : الآيات 112 الى 115]

- ‌[سورة المائدة (5) : الآيات 116 الى 120]

- ‌سورة الأنعام

- ‌[سورة الأنعام (6) : الآيات 1 الى 3]

- ‌[سورة الأنعام (6) : الآيات 4 الى 11]

- ‌[سورة الأنعام (6) : الآيات 12 الى 21]

- ‌[سورة الأنعام (6) : الآيات 22 الى 30]

- ‌[سورة الأنعام (6) : الآيات 31 الى 36]

- ‌[سورة الأنعام (6) : الآيات 37 الى 39]

- ‌[سورة الأنعام (6) : الآيات 40 الى 45]

- ‌[سورة الأنعام (6) : الآيات 46 الى 49]

- ‌[سورة الأنعام (6) : الآيات 50 الى 55]

- ‌[سورة الأنعام (6) : الآيات 56 الى 59]

- ‌[سورة الأنعام (6) : الآيات 60 الى 62]

- ‌[سورة الأنعام (6) : الآيات 63 الى 65]

- ‌[سورة الأنعام (6) : الآيات 66 الى 73]

- ‌[سورة الأنعام (6) : الآيات 74 الى 83]

- ‌[سورة الأنعام (6) : الآيات 84 الى 90]

- ‌[سورة الأنعام (6) : الآيات 91 الى 94]

- ‌[سورة الأنعام (6) : الآيات 95 الى 99]

- ‌[سورة الأنعام (6) : الآيات 100 الى 103]

- ‌[سورة الأنعام (6) : الآيات 104 الى 108]

- ‌[سورة الأنعام (6) : الآيات 109 الى 113]

- ‌[سورة الأنعام (6) : الآيات 114 الى 117]

- ‌[سورة الأنعام (6) : الآيات 118 الى 120]

- ‌[سورة الأنعام (6) : آية 121]

- ‌[سورة الأنعام (6) : الآيات 122 الى 124]

- ‌[سورة الأنعام (6) : الآيات 125 الى 128]

- ‌[سورة الأنعام (6) : الآيات 129 الى 132]

- ‌[سورة الأنعام (6) : الآيات 133 الى 137]

- ‌[سورة الأنعام (6) : الآيات 138 الى 140]

- ‌[سورة الأنعام (6) : الآيات 141 الى 142]

- ‌[سورة الأنعام (6) : الآيات 143 الى 144]

- ‌[سورة الأنعام (6) : آية 145]

- ‌[سورة الأنعام (6) : الآيات 146 الى 147]

- ‌[سورة الأنعام (6) : الآيات 148 الى 150]

- ‌[سورة الأنعام (6) : الآيات 151 الى 153]

- ‌[سورة الأنعام (6) : الآيات 154 الى 157]

- ‌[سورة الأنعام (6) : آية 158]

- ‌[سورة الأنعام (6) : الآيات 159 الى 160]

- ‌[سورة الأنعام (6) : الآيات 161 الى 163]

- ‌[سورة الأنعام (6) : الآيات 164 الى 165]

- ‌سورة الأعراف

- ‌[سورة الأعراف (7) : الآيات 1 الى 7]

- ‌[سورة الأعراف (7) : الآيات 8 الى 18]

- ‌[سورة الأعراف (7) : الآيات 19 الى 25]

- ‌[سورة الأعراف (7) : الآيات 26 الى 27]

- ‌[سورة الأعراف (7) : الآيات 28 الى 30]

- ‌[سورة الأعراف (7) : الآيات 31 الى 33]

- ‌[سورة الأعراف (7) : الآيات 34 الى 39]

- ‌[سورة الأعراف (7) : الآيات 40 الى 43]

- ‌[سورة الأعراف (7) : الآيات 44 الى 49]

- ‌[سورة الأعراف (7) : الآيات 50 الى 54]

- ‌[سورة الأعراف (7) : الآيات 55 الى 58]

- ‌[سورة الأعراف (7) : الآيات 59 الى 64]

- ‌[سورة الأعراف (7) : الآيات 65 الى 72]

- ‌[سورة الأعراف (7) : الآيات 73 الى 79]

- ‌[سورة الأعراف (7) : الآيات 80 الى 84]

- ‌[سورة الأعراف (7) : الآيات 85 الى 93]

- ‌[سورة الأعراف (7) : الآيات 94 الى 100]

- ‌[سورة الأعراف (7) : الآيات 101 الى 102]

- ‌[سورة الأعراف (7) : الآيات 103 الى 122]

- ‌[سورة الأعراف (7) : الآيات 123 الى 129]

- ‌[سورة الأعراف (7) : الآيات 130 الى 136]

- ‌[سورة الأعراف (7) : الآيات 137 الى 141]

- ‌[سورة الأعراف (7) : آية 142]

- ‌[سورة الأعراف (7) : الآيات 143 الى 147]

- ‌[سورة الأعراف (7) : الآيات 148 الى 151]

- ‌[سورة الأعراف (7) : الآيات 152 الى 154]

- ‌[سورة الأعراف (7) : الآيات 155 الى 157]

- ‌[سورة الأعراف (7) : آية 158]

- ‌[سورة الأعراف (7) : الآيات 159 الى 166]

- ‌[سورة الأعراف (7) : الآيات 167 الى 170]

- ‌[سورة الأعراف (7) : آية 171]

- ‌[سورة الأعراف (7) : الآيات 172 الى 174]

- ‌[سورة الأعراف (7) : الآيات 175 الى 178]

- ‌[سورة الأعراف (7) : آية 179]

- ‌[سورة الأعراف (7) : آية 180]

- ‌[سورة الأعراف (7) : الآيات 181 الى 186]

- ‌[سورة الأعراف (7) : الآيات 187 الى 192]

- ‌[سورة الأعراف (7) : الآيات 193 الى 198]

- ‌[سورة الأعراف (7) : الآيات 199 الى 206]

- ‌سورة الأنفال

- ‌[سورة الأنفال (8) : آية 1]

- ‌[سورة الأنفال (8) : الآيات 2 الى 4]

- ‌[سورة الأنفال (8) : الآيات 5 الى 8]

- ‌[سورة الأنفال (8) : الآيات 9 الى 10]

- ‌[سورة الأنفال (8) : الآيات 11 الى 14]

- ‌[سورة الأنفال (8) : الآيات 15 الى 18]

- ‌[سورة الأنفال (8) : آية 19]

- ‌[سورة الأنفال (8) : الآيات 20 الى 23]

- ‌[سورة الأنفال (8) : الآيات 24 الى 25]

- ‌[سورة الأنفال (8) : الآيات 26 الى 28]

- ‌[سورة الأنفال (8) : آية 29]

- ‌[سورة الأنفال (8) : الآيات 30 الى 33]

- ‌[سورة الأنفال (8) : الآيات 34 الى 37]

- ‌[سورة الأنفال (8) : الآيات 38 الى 40]

- ‌[سورة الأنفال (8) : الآيات 41 الى 42]

- ‌[سورة الأنفال (8) : الآيات 43 الى 44]

- ‌[سورة الأنفال (8) : الآيات 45 الى 49]

- ‌[سورة الأنفال (8) : الآيات 50 الى 54]

- ‌[سورة الأنفال (8) : الآيات 55 الى 60]

- ‌[سورة الأنفال (8) : الآيات 61 الى 63]

- ‌[سورة الأنفال (8) : الآيات 64 الى 66]

- ‌[سورة الأنفال (8) : الآيات 67 الى 69]

- ‌[سورة الأنفال (8) : الآيات 70 الى 71]

- ‌[سورة الأنفال (8) : الآيات 72 الى 75]

- ‌سورة التّوبة

- ‌[سورة التوبة (9) : الآيات 1 الى 3]

- ‌[سورة التوبة (9) : الآيات 4 الى 6]

- ‌[سورة التوبة (9) : الآيات 7 الى 11]

- ‌[سورة التوبة (9) : الآيات 12 الى 16]

- ‌[سورة التوبة (9) : الآيات 17 الى 22]

- ‌[سورة التوبة (9) : الآيات 23 الى 24]

- ‌[سورة التوبة (9) : الآيات 25 الى 27]

- ‌[سورة التوبة (9) : الآيات 28 الى 29]

- ‌[سورة التوبة (9) : الآيات 30 الى 33]

- ‌[سورة التوبة (9) : الآيات 34 الى 35]

- ‌[سورة التوبة (9) : الآيات 36 الى 37]

- ‌[سورة التوبة (9) : الآيات 38 الى 42]

- ‌[سورة التوبة (9) : الآيات 43 الى 49]

- ‌[سورة التوبة (9) : الآيات 50 الى 57]

- ‌[سورة التوبة (9) : الآيات 58 الى 60]

- ‌[سورة التوبة (9) : الآيات 61 الى 66]

- ‌[سورة التوبة (9) : الآيات 67 الى 70]

- ‌[سورة التوبة (9) : الآيات 71 الى 72]

- ‌[سورة التوبة (9) : الآيات 73 الى 74]

- ‌[سورة التوبة (9) : الآيات 75 الى 79]

- ‌[سورة التوبة (9) : الآيات 80 الى 83]

- ‌[سورة التوبة (9) : الآيات 84 الى 89]

- ‌[سورة التوبة (9) : آية 90]

- ‌[سورة التوبة (9) : الآيات 91 الى 93]

- ‌[سورة التوبة (9) : الآيات 94 الى 99]

- ‌[سورة التوبة (9) : الآيات 100 الى 106]

- ‌[سورة التوبة (9) : الآيات 107 الى 110]

- ‌[سورة التوبة (9) : الآيات 111 الى 112]

- ‌[سورة التوبة (9) : الآيات 113 الى 114]

- ‌[سورة التوبة (9) : الآيات 115 الى 119]

- ‌[سورة التوبة (9) : الآيات 120 الى 121]

- ‌[سورة التوبة (9) : الآيات 122 الى 123]

- ‌[سورة التوبة (9) : الآيات 124 الى 129]

- ‌سورة يونس

- ‌[سورة يونس (10) : الآيات 1 الى 4]

- ‌[سورة يونس (10) : الآيات 5 الى 6]

- ‌[سورة يونس (10) : الآيات 7 الى 10]

- ‌[سورة يونس (10) : الآيات 11 الى 16]

- ‌[سورة يونس (10) : الآيات 17 الى 19]

- ‌[سورة يونس (10) : الآيات 20 الى 23]

- ‌[سورة يونس (10) : الآيات 24 الى 30]

- ‌[سورة يونس (10) : الآيات 31 الى 41]

- ‌[سورة يونس (10) : الآيات 42 الى 49]

- ‌[سورة يونس (10) : الآيات 50 الى 58]

- ‌[سورة يونس (10) : الآيات 59 الى 64]

- ‌[سورة يونس (10) : الآيات 65 الى 70]

- ‌[سورة يونس (10) : الآيات 71 الى 74]

- ‌[سورة يونس (10) : الآيات 75 الى 87]

- ‌[سورة يونس (10) : الآيات 88 الى 92]

- ‌[سورة يونس (10) : الآيات 93 الى 100]

- ‌[سورة يونس (10) : الآيات 101 الى 109]

- ‌سُورَةُ هُودٍ

- ‌[سورة هود (11) : الآيات 1 الى 8]

- ‌[سورة هود (11) : الآيات 9 الى 17]

- ‌[سورة هود (11) : الآيات 18 الى 24]

- ‌[سورة هود (11) : الآيات 25 الى 34]

- ‌[سورة هود (11) : الآيات 35 الى 44]

- ‌[سورة هود (11) : الآيات 45 الى 49]

- ‌[سورة هود (11) : الآيات 50 الى 60]

- ‌[سورة هود (11) : الآيات 61 الى 68]

- ‌[سورة هود (11) : الآيات 69 الى 76]

- ‌[سورة هود (11) : الآيات 77 الى 83]

- ‌[سورة هود (11) : الآيات 84 الى 95]

- ‌[سورة هود (11) : الآيات 96 الى 108]

- ‌[سورة هود (11) : الآيات 109 الى 115]

- ‌[سورة هود (11) : الآيات 116 الى 123]

الفصل: ‌[سورة الأعراف (7) : الآيات 143 الى 147]

[سورة الأعراف (7) : آية 142]

وَواعَدْنا مُوسى ثَلاثِينَ لَيْلَةً وَأَتْمَمْناها بِعَشْرٍ فَتَمَّ مِيقاتُ رَبِّهِ أَرْبَعِينَ لَيْلَةً وَقالَ مُوسى لِأَخِيهِ هارُونَ اخْلُفْنِي فِي قَوْمِي وَأَصْلِحْ وَلا تَتَّبِعْ سَبِيلَ الْمُفْسِدِينَ (142)

هَذَا مِنْ جُمْلَةِ مَا كَرَّمَ اللَّهُ بِهِ مُوسَى عليه السلام وَشَرَّفَهُ. وَالثَلَاثِينَ: هِيَ ذُو الْقَعْدَةِ وَالْعَشْرُ هِيَ عَشْرُ ذِي الْحِجَّةِ، ضَرَبَ اللَّهُ هَذِهِ الْمُدَّةَ مَوْعِدًا لِمُنَاجَاةِ مُوسَى وَمُكَالَمَتِهِ، قِيلَ: وَكَانَ التَّكْلِيمُ فِي يَوْمِ النَّحْرِ، وَالْفَائِدَةُ فِي فَتَمَّ مِيقاتُ رَبِّهِ أَرْبَعِينَ لَيْلَةً مَعَ الْعِلْمِ بِأَنَّ الثَلَاثِينَ وَالْعَشْرَ أَرْبَعُونَ لِئَلَّا يُتَوَهَّمَ أَنَّ الْمُرَادَ أَتْمَمْنَا الثَلَاثِينَ بِعَشْرٍ منها، فبين أن العشر غير الثلاثين، وأربعون لَيْلَةً مَنْصُوبٌ عَلَى الْحَالِ، أَيْ: فَتَمَّ حَالُ كَوْنِهِ بَالِغًا أَرْبَعِينَ لَيْلَةً.

قَوْلُهُ وَقالَ مُوسى لِأَخِيهِ هارُونَ اخْلُفْنِي فِي قَوْمِي أَيْ: كُنْ خَلِيفَتِي فِيهِمْ، قَالَ مُوسَى هَذَا لَمَّا أَرَادَ الْمُضِيَّ إِلَى الْمُنَاجَاةِ وَأَصْلِحْ أَمْرَ بَنِي إِسْرَائِيلَ بِحُسْنِ سِيَاسَتِهِمْ وَالرِّفْقِ بِهِمْ وَتَفَقُّدِ أَحْوَالِهِمْ وَلا تَتَّبِعْ سَبِيلَ الْمُفْسِدِينَ أَيْ: لَا تَسْلُكُ سَبِيلَ الْعَاصِينَ وَلَا تَكُنْ عَوْنًا لِلظَّالِمِينَ.

وَقَدْ أَخْرَجَ ابْنُ الْمُنْذِرِ وَابْنُ أَبِي حَاتِمٍ وَأَبُو الشَّيْخِ مِنْ طُرُقٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ فِي قَوْلِهِ وَواعَدْنا مُوسى الْآيَةَ قَالَ: ذُو الْقَعْدَةِ، وَعَشْرٌ مِنْ ذِي الْحِجَّةِ. وَأَخْرَجَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ وَعَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ عَنْ مُجَاهِدٍ مِثْلَهُ. وَأَخْرَجَ ابْنُ الْمُنْذِرِ وَابْنُ أَبِي حَاتِمٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ فِي الْآيَةِ قَالَ: إِنَّ مُوسَى قَالَ لِقَوْمِهِ: إِنَّ رَبِّي وَعَدَنِي ثَلَاثِينَ لَيْلَةً أَنْ أَلْقَاهُ وَأَخْلُفَ هَارُونَ فِيكُمْ، فَلَمَّا فَصَلَ مُوسَى إِلَى رَبِّهِ زَادَهُ اللَّهُ عَشْرًا، فَكَانَتْ فِتْنَتُهُمْ فِي العشر الذي زَادَهُ اللَّهُ، فَلَمَّا مَضَى ثَلَاثُونَ لَيْلَةً كَانَ السَّامِرِيُّ قَدْ أَبْصَرَ جِبْرِيلَ، فَأَخَذَ مِنْ أَثَرِ الْفَرَسِ قَبْضَةً مِنْ تُرَابٍ، ثُمَّ ذَكَرَ قِصَّةَ السامريّ.

[سورة الأعراف (7) : الآيات 143 الى 147]

وَلَمَّا جاءَ مُوسى لِمِيقاتِنا وَكَلَّمَهُ رَبُّهُ قالَ رَبِّ أَرِنِي أَنْظُرْ إِلَيْكَ قالَ لَنْ تَرانِي وَلكِنِ انْظُرْ إِلَى الْجَبَلِ فَإِنِ اسْتَقَرَّ مَكانَهُ فَسَوْفَ تَرانِي فَلَمَّا تَجَلَّى رَبُّهُ لِلْجَبَلِ جَعَلَهُ دَكًّا وَخَرَّ مُوسى صَعِقاً فَلَمَّا أَفاقَ قالَ سُبْحانَكَ تُبْتُ إِلَيْكَ وَأَنَا أَوَّلُ الْمُؤْمِنِينَ (143) قالَ يَا مُوسى إِنِّي اصْطَفَيْتُكَ عَلَى النَّاسِ بِرِسالاتِي وَبِكَلامِي فَخُذْ مَا آتَيْتُكَ وَكُنْ مِنَ الشَّاكِرِينَ (144) وَكَتَبْنا لَهُ فِي الْأَلْواحِ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ مَوْعِظَةً وَتَفْصِيلاً لِكُلِّ شَيْءٍ فَخُذْها بِقُوَّةٍ وَأْمُرْ قَوْمَكَ يَأْخُذُوا بِأَحْسَنِها سَأُرِيكُمْ دارَ الْفاسِقِينَ (145) سَأَصْرِفُ عَنْ آياتِيَ الَّذِينَ يَتَكَبَّرُونَ فِي الْأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَإِنْ يَرَوْا كُلَّ آيَةٍ لَا يُؤْمِنُوا بِها وَإِنْ يَرَوْا سَبِيلَ الرُّشْدِ لَا يَتَّخِذُوهُ سَبِيلاً وَإِنْ يَرَوْا سَبِيلَ الغَيِّ يَتَّخِذُوهُ سَبِيلاً ذلِكَ بِأَنَّهُمْ كَذَّبُوا بِآياتِنا وَكانُوا عَنْها غافِلِينَ (146) وَالَّذِينَ كَذَّبُوا بِآياتِنا وَلِقاءِ الْآخِرَةِ حَبِطَتْ أَعْمالُهُمْ هَلْ يُجْزَوْنَ إِلَاّ مَا كانُوا يَعْمَلُونَ (147)

اللَّامُ فِي لِمِيقاتِنا لِلِاخْتِصَاصِ أَيْ: كَانَ مَجِيئُهُ مُخْتَصًّا بِالْمِيقَاتِ الْمَذْكُورِ بِمَعْنَى أَنَّهُ جَاءَ فِي الْوَقْتِ الْمَوْعُودِ وَكَلَّمَهُ رَبُّهُ أَيْ: أَسْمَعَهُ كَلَامَهُ مِنْ غَيْرِ وَاسِطَةٍ. قَوْلُهُ أَرِنِي أَنْظُرْ إِلَيْكَ أَيْ: أَرِنِي نَفْسَكَ أَنْظُرْ إِلَيْكَ أَيْ سَأَلَهُ النَّظَرَ إِلَيْهِ اشْتِيَاقًا إِلَى رُؤْيَتِهِ لَمَّا أَسْمَعَهُ كَلَامَهُ. وَسُؤَالُ مُوسَى لِلرُّؤْيَةِ يَدُلُّ عَلَى أَنَّهَا جَائِزَةٌ

ص: 276

عِنْدَهُ فِي الْجُمْلَةِ، وَلَوْ كَانَتْ مُسْتَحِيلَةً عِنْدَهُ لَمَا سَأَلَهَا، وَالْجَوَابُ بِقَوْلِهِ لَنْ تَرانِي يُفِيدُ أَنَّهُ لَا يَرَاهُ هَذَا الْوَقْتَ الَّذِي طَلَبَ رُؤْيَتَهُ فِيهِ، أَوْ أَنَّهُ لَا يُرَى مَا دَامَ الرَّائِي حَيًّا فِي دَارِ الدُّنْيَا، وَأَمَّا رُؤْيَتُهُ فِي الْآخِرَةِ فَقَدْ ثَبَتَتْ بِالْأَحَادِيثِ الْمُتَوَاتِرَةِ تَوَاتُرًا لَا يَخْفَى عَلَى مَنْ يَعْرِفُ السُّنَّةَ الْمُطَهَّرَةَ، وَالْجِدَالُ فِي مِثْلِ هَذَا وَالْمُرَاوَغَةُ لَا تَأْتِي بِفَائِدَةٍ، وَمَنْهَجُ الْحَقِّ وَاضِحٌ، وَلَكِنَّ الِاعْتِقَادَ لِمَذْهَبٍ نَشَأَ الْإِنْسَانُ عَلَيْهِ وَأَدْرَكَ عَلَيْهِ آبَاءَهُ وَأَهْلَ بَلَدِهِ، مَعَ عَدَمِ التَّنَبُّهِ لِمَا هُوَ الْمَطْلُوبُ مِنَ الْعِبَادِ مِنْ هَذِهِ الشَّرِيعَةِ الْمُطَهَّرَةِ يُوقِعُ فِي التَّعَصُّبِ، وَالْمُتَعَصِّبُ وَإِنْ كَانَ بَصَرُهُ صَحِيحًا فَبَصِيرَتُهُ عَمْيَاءُ، وَأُذُنُهُ عَنْ سَمَاعِ الْحَقِّ صَمَّاءُ، يَدْفَعُ الْحَقَّ وَهُوَ يَظُنُّ أَنَّهُ مَا دَفَعَ غَيْرَ الْبَاطِلِ، وَيَحْسَبُ أَنَّ مَا نَشَأَ عَلَيْهِ هُوَ الْحَقُّ غَفْلَةً مِنْهُ وَجَهْلًا بِمَا أَوْجَبَهُ اللَّهُ عَلَيْهِ مِنَ النَّظَرِ الصَّحِيحِ، وَتَلَقِّي مَا جَاءَ بِهِ الْكِتَابُ وَالسُّنَّةُ بِالْإِذْعَانِ وَالتَّسْلِيمِ، وما أقلّ المنصفين بعد ظهور هَذِهِ الْمَذَاهِبَ فِي الْأُصُولِ وَالْفُرُوعِ، فَإِنَّهُ صَارَ بِهَا بَابُ الْحَقِّ مُرْتَجًا، وَطَرِيقُ الْإِنْصَافِ مُسْتَوْعِرَةً، وَالْأَمْرُ لِلَّهِ سُبْحَانَهُ، وَالْهِدَايَةُ مِنْهُ:

يَأْبَى الْفَتَى إِلَّا اتِّبَاعَ الْهَوَى

وَمَنْهَجُ الْحَقِّ لَهُ وَاضِحُ

جملة قالَ لَنْ تَرانِي مُسْتَأْنَفَةٌ، لِكَوْنِهَا جَوَابًا لِسُؤَالٍ مُقَدَّرٍ، كَأَنَّهُ قِيلَ: فَمَا قَالُ اللَّهُ لَهُ؟ وَالِاسْتِدْرَاكُ بِقَوْلِهِ وَلكِنِ انْظُرْ إِلَى الْجَبَلِ فَإِنِ اسْتَقَرَّ مَكانَهُ فَسَوْفَ تَرانِي مَعْنَاهُ أَنَّكَ لَا تَثْبُتُ لِرُؤْيَتِي وَلَا يَثْبُتُ لَهَا مَا هُوَ أَعْظَمُ مِنْكَ جِرْمًا وَصَلَابَةً وَقُوَّةً، وَهُوَ الْجَبَلُ فَانْظُرْ إِلَيْهِ فَإِنِ اسْتَقَرَّ مَكانَهُ وَلَمْ يَتَزَلْزَلْ عِنْدَ رُؤْيَتِي لَهُ فَسَوْفَ تَرانِي وَإِنْ ضَعُفَ عَنْ ذَلِكَ فَأَنْتَ مِنْهُ أَضْعَفُ، فَهَذَا الْكَلَامُ بِمَنْزِلَةِ ضَرْبِ الْمَثَلِ لِمُوسَى عليه السلام بِالْجَبَلِ وَقِيلَ: هُوَ مِنْ بَابِ التَّعْلِيقِ بِالْمُحَالِ، وَعَلَى تَسْلِيمِ هَذَا فَهُوَ فِي الرُّؤْيَةِ فِي الدُّنْيَا لِمَا قَدَّمْنَا.

وَقَدْ تَمَسَّكَ بِهَذِهِ الْآيَةِ كِلَا طَائِفَتَيِ الْمُعْتَزِلَةِ وَالْأَشْعَرِيَّةِ فَالْمُعْتَزِلَةُ اسْتَدَلُّوا بِقَوْلِهِ لَنْ تَرانِي، وَبِأَمْرِهِ بِأَنْ يَنْظُرَ إِلَى الْجَبَلِ، وَالْأَشْعَرِيَّةُ قَالُوا: إِنَّ تَعْلِيقَ الرُّؤْيَةِ بِاسْتِقْرَارِ الْجَبَلِ يَدُلُّ عَلَى أَنَّهَا جَائِزَةٌ غَيْرُ مُمْتَنِعَةٍ، وَلَا يَخْفَاكَ أَنَّ الرُّؤْيَةَ الْأُخْرَوِيَّةَ هِيَ بِمَعْزِلٍ عَنْ هَذَا كُلِّهِ، وَالْخِلَافُ بَيْنَهُمْ هُوَ فِيهَا، لَا فِي الرُّؤْيَةِ فِي الدُّنْيَا فَقَدْ كَانَ الْخِلَافُ فِيهَا فِي زَمَنِ الصَّحَابَةِ وَكَلَامُهُمْ فِيهَا مَعْرُوفٌ. قَوْلُهُ فَلَمَّا تَجَلَّى رَبُّهُ لِلْجَبَلِ جَعَلَهُ دَكًّا تَجَلَّى مَعْنَاهُ:

ظَهَرَ، مِنْ قَوْلِكَ جَلَوْتُ الْعَرُوسَ: أَيْ أَبْرَزْتُهَا. وَجَلَوْتُ السَّيْفَ: أَخْلَصْتُهُ مِنَ الصَّدَأِ، وَتَجَلَّى الشَّيْءُ:

انْكَشَفَ. وَالْمَعْنَى: فَلَمَّا ظَهَرَ رَبُّهُ لِلْجَبَلِ جَعَلَهُ دَكًّا، وَقِيلَ الْمُتَجَلِّي: هُوَ أَمْرُهُ وَقُدْرَتُهُ، قَالَهُ قُطْرُبٌ وَغَيْرُهُ، وَالدَّكُّ: مَصْدَرٌ بِمَعْنَى الْمَفْعُولِ، أَيْ: جَعَلَهُ مَدْكُوكًا مَدْقُوقًا فَصَارَ تُرَابًا. هَذَا عَلَى قِرَاءَةِ مَنْ قَرَأَ دَكًّا بِالْمَصْدَرِ، وَهُمْ أَهْلُ الْمَدِينَةِ وَأَهْلُ الْبَصْرَةِ، وَأَمَّا عَلَى قِرَاءَةِ أَهْلِ الْكُوفَةِ جَعَلَهُ دَكَّاءَ عَلَى التَّأْنِيثِ، وَالْجَمْعُ دَكَّاوَاتٌ كَحَمْرَاءَ وَحَمْرَاوَاتٍ، وَهِيَ اسْمٌ لِلرَّابِيَةِ النَّاشِزِةِ مِنَ الْأَرْضِ أَوْ لِلْأَرْضِ الْمُسْتَوِيَةِ، فَالْمَعْنَى: أَنَّ الْجَبَلَ صَارَ صَغِيرًا كَالرَّابِيَةِ أَوْ أَرْضًا مُسْتَوِيَةً. قَالَ الْكِسَائِيُّ: الدَّكُّ: الْجِبَالُ الْعِرَاضُ، وَاحِدُهَا أَدَكُ. وَالدَّكَاوَاتُ جَمْعُ دَكَّاءَ، وَهِيَ رَوَابٍ مِنْ طِينٍ ليست بالغلاظ، والد كادك: مَا الْتَبَدَ مِنَ الْأَرْضِ فَلَمْ يَرْتَفِعْ، وَنَاقَةٌ دَكَّاءُ: لَا سَنَامَ لَهَا وَخَرَّ مُوسى صَعِقاً أَيْ: مَغْشِيًّا عَلَيْهِ مَأْخُوذًا مِنَ الصَاعِقَةِ، وَالْمَعْنَى: أَنَّهُ صَارَ حَالُهُ لَمَّا غُشِيَ عَلَيْهِ كَحَالِ مَنْ يُغْشَى عَلَيْهِ عِنْدَ إِصَابَةِ الصَّاعِقَةِ لَهُ. يُقَالُ صَعَقَ الرَّجُلُ فَهُوَ صَعِقٌ وَمَصْعُوقٌ: إِذَا أَصَابَتْهُ الصَّاعِقَةُ فَلَمَّا أَفاقَ مِنْ غَشْيَتِهِ قالَ سُبْحانَكَ أَيْ: أُنَزِّهُكَ تَنْزِيهًا مِنْ أَنْ أَسْأَلَ شَيْئًا لَمْ تَأْذَنْ لِي بِهِ تُبْتُ إِلَيْكَ

ص: 277

عَنِ الْعَوْدِ إِلَى مِثْلِ هَذَا السُّؤَالِ. قَالَ الْقُرْطُبِيُّ: وَأَجْمَعْتِ الْأُمَّةُ عَلَى أَنَّ هَذِهِ التَّوْبَةَ مَا كَانَتْ عَنْ مَعْصِيَةٍ فَإِنَّ الْأَنْبِيَاءَ مَعْصُومُونَ وَقِيلَ: هِيَ تَوْبَةٌ مِنْ قَتْلِهِ لِلْقِبْطِيِّ، ذَكَرَهُ الْقُشَيْرِيُّ، وَلَا وَجْهَ لَهُ فِي مِثْلِ هَذَا الْمَقَامِ وَأَنَا أَوَّلُ الْمُؤْمِنِينَ بِكَ قَبْلَ قَوْمِي الْمَوْجُودِينَ فِي هَذَا الْعَصْرِ الْمُعْتَرِفِينَ بِعَظَمَتِكَ وَجَلَالِكَ، وَجُمْلَةُ قالَ يَا مُوسى مُسْتَأْنَفَةٌ كَالَّتِي قَبْلَهَا، مُتَضَمِّنَةٌ لِإِكْرَامِ مُوسَى وَاخْتِصَاصِهِ بِمَا اخْتَصَّهُ اللَّهُ بِهِ. وَالِاصْطِفَاءُ: الِاجْتِبَاءُ وَالِاخْتِيَارُ، أَيِ: اخْتَرْتُكَ عَلَى النَّاسِ الْمُعَاصِرِينَ لَكَ بِرِسَالَتِي كَذَا قَرَأَ نَافِعٌ وَابْنُ كَثِيرٍ بِالْإِفْرَادِ، وَقَرَأَ الْبَاقُونَ بِالْجَمْعِ. وَالرِّسَالَةُ مَصْدَرٌ، وَالْأَصْلُ فِيهِ الْإِفْرَادُ، وَمَنْ جَمَعَ فَكَأَنَّهُ نَظَرَ إِلَى أَنَّ الرِّسَالَةَ هِيَ عَلَى ضُرُوبٍ، فَجُمِعَ لِاخْتِلَافِ الْأَنْوَاعِ، وَالْمُرَادُ بِالْكَلَامِ هُنَا: التَّكْلِيمُ. امْتَنَّ اللَّهُ سُبْحَانَهُ عَلَيْهِ بِهَذَيْنِ النَّوْعَيْنِ الْعَظِيمَيْنِ مِنْ أَنْوَاعِ الْإِكْرَامِ، وَهُمَا: الرِّسَالَةُ وَالتَّكْلِيمُ مِنْ غَيْرِ وَاسِطَةٍ، ثُمَّ أَمَرَهُ بِأَنْ يَأْخُذَ مَا آتَاهُ، أَيْ: أَعْطَاهُ مِنْ هَذَا الشَّرَفِ الْكَرِيمِ، وَأَمَرَهُ بِأَنْ يَكُونَ مِنَ الشَّاكِرِينَ عَلَى هَذَا الْعَطَاءِ الْعَظِيمِ وَالْإِكْرَامِ الْجَلِيلِ. قَوْلُهُ وَكَتَبْنا لَهُ فِي الْأَلْواحِ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ مَوْعِظَةً وَتَفْصِيلًا لِكُلِّ شَيْءٍ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ: أَيْ مِنْ كُلِّ مَا يَحْتَاجُ إِلَيْهِ بَنُو إِسْرَائِيلَ فِي دِينِهِمْ وَدُنْيَاهُمْ، وَهَذِهِ الْأَلْوَاحُ: هِيَ التَّوْرَاةُ، قِيلَ: كَانَتْ مِنْ زُمُرُّدَةٍ خَضْرَاءَ وَقِيلَ: مِنْ يَاقُوتَةٍ حَمْرَاءَ، وَقِيلَ:

مِنْ زَبَرْجَدٍ، وَقِيلَ: مِنْ صَخْرَةٍ صَمَّاءَ. وَقَدِ اخْتُلِفَ فِي عَدَدِ الْأَلْوَاحِ وَفِي مِقْدَارِ طُولِهَا وَعَرْضِهَا، وَالْأَلْوَاحُ:

جَمْعُ لَوْحٍ، وَسُمِّيَ لَوْحًا لِكَوْنِهِ تَلُوحُ فِيهِ الْمَعَانِي، وَأَسْنَدَ اللَّهُ سُبْحَانَهُ الْكِتَابَةَ إِلَى نَفْسِهِ تَشْرِيفًا لِلْمَكْتُوبِ فِي الْأَلْوَاحِ، وَهِيَ مَكْتُوبَةٌ بِأَمْرِهِ سُبْحَانَهُ وَقِيلَ: هِيَ كتابة خلقها الله في الألواح، ومِنْ كُلِّ شَيْءٍ فِي مَحَلِّ نَصْبٍ عَلَى أَنَّهُ مفعول كَتَبْنا ومَوْعِظَةً وَتَفْصِيلًا بَدَلٌ مِنْ مَحَلِّ كُلِّ شَيْءٍ، أَيْ: مَوْعِظَةً لِمَنْ يَتَّعِظُ بِهَا مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ وَغَيْرِهِمْ وَتَفْصِيلًا لِلْأَحْكَامِ الْمُحْتَاجَةِ إِلَى التَّفْصِيلِ فَخُذْها بِقُوَّةٍ أَيْ: خُذِ الْأَلْوَاحَ بِقُوَّةٍ، أَيْ: بِجِدٍّ وَنَشَاطٍ، وَقِيلَ: الضَّمِيرُ عَائِدٌ إِلَى الرِّسَالَاتِ، أَوْ إِلَى كُلِّ شَيْءٍ، أَوْ إِلَى التَّوْرَاةِ، قِيلَ: وَهَذَا الْأَمْرُ عَلَى إِضْمَارِ الْقَوْلِ، أَيْ: فَقُلْنَا لَهُ: خُذْهَا، وَقِيلَ: إِنَّ فَخُذْها بَدَلٌ مِنْ قَوْلِهِ فَخُذْ مَا آتَيْتُكَ وَأْمُرْ قَوْمَكَ يَأْخُذُوا بِأَحْسَنِها أَيْ: بِأَحْسَنِ مَا فِيهَا بِمَا أَجْرُهُ أَكْثَرُ مِنْ غَيْرِهِ، وَهُوَ مِثْلُ قَوْلِهِ تَعَالَى اتَّبِعُوا أَحْسَنَ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكُمْ مِنْ رَبِّكُمْ «1» ، وقوله فَيَتَّبِعُونَ أَحْسَنَهُ، وَمِنَ الْأَحْسَنِ الصَّبْرُ عَلَى الْغَيْرِ، وَالْعَفْوُ عَنْهُ، وَالْعَمَلُ بِالْعَزِيمَةِ دُونَ الرُّخْصَةِ، وَبِالْفَرِيضَةِ دُونَ النَّافِلَةِ، وَفِعْلُ الْمَأْمُورِ بِهِ، وَتَرْكُ الْمَنْهِيِّ عَنْهُ. قَوْلُهُ سَأُرِيكُمْ دارَ الْفاسِقِينَ قِيلَ: هِيَ أَرْضُ مِصْرَ الَّتِي كَانَتْ لِفِرْعَوْنَ وَقَوْمِهِ، وَقِيلَ: مَنَازِلُ عَادٍ وَثَمُودَ، وَقِيلَ: هِيَ جَهَنَّمُ، وَقِيلَ: مَنَازِلُ الْكُفَّارِ من الجبارة وَالْعَمَالِقَةِ لِيَعْتَبِرُوا بِهَا، وَقِيلَ الدَّارُ: الْهَلَاكُ. وَالْمَعْنَى:

سأريكم هَلَاكَ الْفَاسِقِينَ. وَقَدْ تَقَدَّمَ تَحْقِيقُ مَعْنَى الْفِسْقِ. قَوْلُهُ سَأَصْرِفُ عَنْ آياتِيَ الَّذِينَ يَتَكَبَّرُونَ فِي الْأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ قِيلَ: مَعْنَى سَأَصْرِفُ عَنْ آياتِيَ الَّذِينَ يَتَكَبَّرُونَ سَأَمْنَعُهُمْ فَهْمَ كِتَابِي، وَقِيلَ سَأَصْرِفُهُمْ عَنِ الْإِيمَانِ بِهَا، وَقِيلَ سَأَصْرِفُهُمْ عَنْ نَفْعِهَا مُجَازَاةً عَلَى تَكَبُّرِهِمْ كَمَا فِي قَوْلِهِ فَلَمَّا زاغُوا أَزاغَ اللَّهُ قُلُوبَهُمْ «2» ، وَقِيلَ: سَأَطْبَعُ عَلَى قُلُوبِهِمْ حَتَّى لَا يَتَفَكَّرُوا فِيهَا وَلَا يَعْتَبِرُوا بِهَا.

وَاخْتُلِفَ فِي تَفْسِيرِ الْآيَاتِ، فَقِيلَ: هِيَ الْمُعْجِزَاتُ، وَقِيلَ: الْكُتُبُ الْمُنَزَّلَةُ، وقيل: هي خلق السموات وَالْأَرْضِ، وَصَرْفُهُمْ عَنْهَا: أَنْ لَا يَعْتَبِرُوا بِهَا، وَلَا مَانِعَ مِنْ حَمْلِ الْآيَاتِ عَلَى جَمِيعِ ذلك، وحمل الصرف على

(1) . الزمر: 55. [.....]

(2)

. الصف: 5.

ص: 278

جميع المعاني المذكورة وبِغَيْرِ الْحَقِّ إِمَّا مُتَعَلِّقٌ بِقَوْلِهِ يَتَكَبَّرُونَ أَيْ: يَتَكَبَّرُونَ بِمَا لَيْسَ بِحَقٍّ، أَوْ بِمَحْذُوفٍ وَقَعَ حَالًا، أَيْ: يَتَكَبَّرُونَ مُتَلَبِّسِينَ بِغَيْرِ الْحَقِّ. قَوْلُهُ وَإِنْ يَرَوْا كُلَّ آيَةٍ لَا يُؤْمِنُوا بِها مَعْطُوفٌ عَلَى يَتَكَبَّرُونَ مُنْتَظِمٌ مَعَهُ فِي حُكْمِ الصِّلَةِ. وَالْمَعْنَى سَأَصْرِفُ عَنْ آيَاتِي الْمُتَكَبِّرِينَ التَّارِكِينَ لِلْإِيمَانِ بِمَا يَرَوْنَهُ مِنَ الْآيَاتِ، وَيَدْخُلُ تَحْتَ كُلِّ آيَةٍ الْآيَاتُ الْمُنَزَّلَةُ، وَالْآيَاتُ التَّكْوِينِيَّةُ، وَالْمُعْجِزَاتُ، أَيْ: لَا يُؤْمِنُونَ بِآيَةٍ مِنَ الْآيَاتِ كَائِنَةً مَا كَانَتْ. وَقَرَأَ مَالِكُ بْنُ دِينَارٍ يَرَوْا بِضَمِّ الْيَاءِ فِي الْمَوْضِعَيْنِ، وَجُمْلَةُ وَإِنْ يَرَوْا سَبِيلَ الرُّشْدِ لَا يَتَّخِذُوهُ سَبِيلًا مَعْطُوفَةٌ عَلَى مَا قَبْلَهَا دَاخِلَةٌ فِي حُكْمِهَا، وَكَذَلِكَ جُمْلَةُ وَإِنْ يَرَوْا سَبِيلَ الغَيِّ يَتَّخِذُوهُ سَبِيلًا وَالْمَعْنَى: أَنَّهُمْ إِذَا وَجَدُوا سَبِيلًا مِنْ سُبُلِ الرُّشْدِ تَرَكُوهُ وَتَجَنَّبُوهُ، وَإِنْ رَأَوْا سَبِيلًا مِنْ سُبُلِ الْغَيِّ سَلَكُوهُ وَاخْتَارُوهُ لِأَنْفُسِهِمْ. قَرَأَ أَهْلُ الْمَدِينَةِ وَأَهْلُ الْبَصْرَةِ الرُّشْدِ بِضَمِّ الرَّاءِ وَإِسْكَانِ الشِّينِ. وَقَرَأَ أَهْلُ الْكُوفَةِ إِلَّا عَاصِمًا بِفَتْحِ الرَّاءِ وَالشِّينِ. قَالَ أَبُو عُبَيْدَةَ: فَرَّقَ أَبُو عَمْرٍو بَيْنَ الرَّشَدِ وَالرُّشْدِ، فَقَالَ: الرَّشَدُ الصَّلَاحُ، وَالرُّشْدُ فِي الدِّينِ. قَالَ النَّحَّاسُ: سِيبَوَيْهِ يَذْهَبُ إِلَى أَنَّ الرشد كَالسُّخْطِ وَالسَّخَطِ.

قَالَ الْكِسَائِيُّ: وَالصَّحِيحُ عَنْ أَبِي عَمْرٍو وَغَيْرِهِ مَا قَالَ أَبُو عُبَيْدَةَ. وَأَصْلُ الرُّشْدِ فِي اللُّغَةِ: أَنْ يَظْفَرَ الْإِنْسَانُ بِمَا يُرِيدُ، وَهُوَ ضِدُّ الْخَيْبَةِ، وَالْإِشَارَةُ بِقَوْلِهِ ذلِكَ إِلَى الصَّرْفِ، أَيْ: ذَلِكَ الصَّرْفُ بِسَبَبِ تَكْذِيبِهِمْ أَوِ الْإِشَارَةُ إِلَى التَّكَبُّرِ وَعَدَمِ الْإِيمَانِ بِالْآيَاتِ، وَتَجَنُّبِ سَبِيلِ الرُّشْدِ، وَسُلُوكِ سَبِيلِ الْغَيِّ، وَاسْمُ الْإِشَارَةِ مُبْتَدَأٌ، وَخَبَرُهُ جُمْلَةُ بِأَنَّهُمْ كَذَّبُوا بِآياتِنا وَكانُوا عَنْها غافِلِينَ أَيْ: بِسَبَبِ تَكْذِيبِهِمْ بِالْآيَاتِ وَغَفْلَتِهِمْ عَنْهَا، وَالْمَوْصُولُ فِي وَالَّذِينَ كَذَّبُوا بِآياتِنا وَلِقاءِ الْآخِرَةِ مُبْتَدَأٌ. وَخَبَرُهُ حَبِطَتْ أَعْمالُهُمْ، وَالْمُرَادُ بِلِقَاءِ الْآخِرَةِ: لِقَاءُ الدَّارِ الْآخِرَةِ، أَيْ: لِقَائِهِمْ لَهَا أَوْ لِقَائِهِمْ مَا وُعِدُوا بِهِ فِيهَا عَلَى أَنَّ الْإِضَافَةَ إِلَى الظَّرْفِ، وَحُبَاطُ الْأَعْمَالِ، بُطْلَانُهَا، أَيْ: بُطْلَانُ مَا عَمِلُوهُ مِمَّا صُورَتُهُ صُورَةُ الطَّاعَةِ كَالصَّدَقَةِ وَالصِّلَةِ وَإِنْ كَانُوا فِي حَالِ كُفْرِهِمْ لَا طَاعَاتٍ لَهُمْ، وَيَحْتَمِلُ أَنْ يراد أنها تبطل بعد ما كَانَتْ مَرْجُوَّةَ النَّفْعِ عَلَى تَقْدِيرِ إِسْلَامِهِمْ لِمَا فِي الْحَدِيثِ الصَّحِيحِ «أَسْلَمْتَ عَلَى مَا أَسْلَفْتَ مِنْ خَيْرٍ» . هَلْ يُجْزَوْنَ إِلَّا مَا كانُوا يَعْمَلُونَ مِنَ الْكُفْرِ بِاللَّهِ، وَالتَّكْذِيبِ بِآيَاتِهِ، وَتَنَكُّبِ سَبِيلِ الْحَقِّ، وَسُلُوكِ سَبِيلِ الْغَيِّ.

وَقَدْ أَخْرَجَ الْحَكِيمُ التِّرْمِذِيُّ فِي نَوَادِرِ الْأُصُولِ عَنْ كَعْبٍ قَالَ: لَمَّا كَلَّمَ اللَّهُ مُوسَى قَالَ: يَا رَبِّ! أَهَكَذَا كَلَامُكَ؟ قَالَ: يَا مُوسَى إِنَّمَا أُكَلِّمُكَ بِقُوَّةِ عَشَرَةِ آلَافِ لِسَانٍ وَلِي قُوَّةُ الْأَلْسُنِ كُلِّهَا، وَلَوْ كَلَّمْتُكَ بِكُنْهِ كَلَامِي لَمْ تَكُ شَيْئًا. وَأَخْرَجَ الْبَزَّارُ وَابْنُ أَبِي حَاتِمٍ، وَأَبُو نُعَيْمٍ فِي الْحِلْيَةِ، وَالْبَيْهَقِيُّ فِي الْأَسْمَاءِ وَالصِّفَاتِ، مِنْ حَدِيثِ جَابِرٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم «لَمَّا كَلَّمَ اللَّهُ مُوسَى يَوْمَ الطُّورِ كَلَّمَهُ بِغَيْرِ الْكَلَامِ الَّذِي كَلَّمَهُ بِهِ يَوْمَ نَادَاهُ فَقَالَ لَهُ مُوسَى: يَا رَبِّ! أَهَذَا كَلَامُكَ الَّذِي كَلَّمْتَنِي بِهِ؟ قَالَ: يَا مُوسَى! إِنَّمَا كَلَّمْتُكَ بِقُوَّةِ عَشَرَةِ آلَافِ لِسَانٍ وَلِي قُوَّةُ الْأَلْسُنِ كُلِّهَا وَأَقْوَى مِنْ ذَلِكَ، فَلَمَّا رَجَعَ مُوسَى إِلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ قَالُوا: يَا مُوسَى! صِفْ لَنَا كَلَامَ الرَّحْمَنِ، فَقَالَ: لَا تَسْتَطِيعُونَهُ، أَلَمْ تَرَوْا إِلَى أَصْوَاتِ الصَّوَاعِقِ الَّتِي تَقْتُلُ، فِي أَحْلَى حَلَاوَةٍ سَمِعْتُمُوهُ فَذَاكَ قَرِيبٌ مِنْهُ وَلَيْسَ بِهِ» . وَأَخْرَجَ ابْنُ الْمُنْذِرِ وَابْنُ أَبِي حَاتِمٍ وَالْحَاكِمُ وَصَحَّحَهُ عَنْ أَبِي الْحُوَيْرِثِ عبد الرحمن

ص: 279

ابن مُعَاوِيَةَ قَالَ: إِنَّمَا كَلَّمَ اللَّهُ مُوسَى بِقَدْرِ مَا يُطِيقُ مِنْ كَلَامِهِ، وَلَوْ تَكَلَّمَ بِكَلَامِهِ كُلِّهِ لَمْ يُطِقْهُ شَيْءٌ، فَمَكَثَ مُوسَى أَرْبَعِينَ لَيْلَةً لَا يَرَاهُ أَحَدٌ إِلَّا مَاتَ مِنْ نُورِ رَبِّ الْعَالَمِينَ. وَأَخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ وَأَبُو الشَّيْخِ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ فِي قَوْلِهِ قالَ رَبِّ أَرِنِي أَنْظُرْ إِلَيْكَ يَقُولُ: أَعْطِنِي أَنْظُرْ إِلَيْكَ. وَأَخْرَجَ عَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ وَابْنُ الْمُنْذِرِ عَنْ قَتَادَةَ فِي الْآيَةِ قَالَ: لَمَّا سَمِعَ الْكَلَامَ طَمِعَ فِي الرُّؤْيَةِ. وَأَخْرَجَ أَبُو الشَّيْخِ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: قَالَ مُوسَى لِرَبِّهِ تبارك وتعالى: رَبِّ أَرِنِي أَنْظُرْ إِلَيْكَ قَالَ اللَّهُ: يَا مُوسَى! إِنَّكَ لَنْ تَرَانِي، قَالَ يَقُولُ: لَيْسَ تَرَانِي وَلَا يَكُونُ ذَلِكَ أَبَدًا، يَا مُوسَى! إِنَّهُ لَنْ يَرَانِي أَحَدٌ فَيَحْيَا، قَالَ مُوسَى رَبِّ إِنِّي أَرَاكَ ثُمَّ أَمُوتُ أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ أَنْ لَا أَرَاكَ ثُمَّ أَحْيَا، فَقَالَ اللَّهُ لِمُوسَى: يَا مُوسَى! انْظُرْ إِلَى الْجَبَلِ الْعَظِيمِ الطَّوِيلِ الشَّدِيدِ فَإِنِ اسْتَقَرَّ مَكانَهُ يَقُولُ: فَإِنْ ثَبَتَ مَكَانَهُ لَمْ يَتَضَعْضَعْ وَلَمْ يَنْهَدَّ لِبَعْضِ مَا يَرَى مِنْ عَظَمَتِي فَسَوْفَ تَرانِي أَنْتَ لِضَعْفِكَ وَذِلَّتِكَ، وَإِنِ الْجَبَلُ انْهَدَّ بِقُوَّتِهِ وَشِدَّتِهِ وَعَظَمَتِهِ فَأَنْتَ أَضْعَفُ وَأَذَلُّ. وَأَخْرَجَ أَحْمَدُ وَعَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ، وَالتِّرْمِذِيُّ وَصَحَّحَهُ، وَابْنُ جَرِيرٍ وَابْنُ الْمُنْذِرِ وَابْنُ أَبِي حَاتِمٍ، وَابْنُ عَدِيٍّ فِي الْكَامِلِ، وَأَبُو الشَّيْخِ، وَالْحَاكِمُ وَصَحَّحَهُ، وَابْنُ مَرْدَوَيْهِ، وَالْبَيْهَقِيُّ فِي كِتَابِ الرُّؤْيَةِ، مِنْ طُرُقٍ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ: أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَرَأَ هَذِهِ الْآيَةَ فَلَمَّا تَجَلَّى رَبُّهُ لِلْجَبَلِ جَعَلَهُ دَكًّا قَالَ هَكَذَا، وَأَشَارَ بِأُصْبُعَيْهِ ووضع طرف إبهامه عَلَى أُنْمُلَةِ الْخِنْصَرِ، وَفِي لَفْظٍ عَلَى الْمَفْصِلِ الْأَعْلَى مِنَ الْخِنْصَرِ، فَسَاخَ الْجَبَلُ وَخَرَّ مُوسى صَعِقاً وَفِي لَفْظٍ فَسَاخَ الْجَبَلُ فِي الْأَرْضِ فَهُوَ يَهْوِي فِيهَا إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ، وَهَذَا الْحَدِيثُ حَدِيثٌ صَحِيحٌ عَلَى شَرْطِ مُسْلِمٍ. وَأَخْرَجَ أَبُو الشَّيْخِ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: الْجَبَلُ الَّذِي أَمَرَهُ اللَّهُ أَنْ يَنْظُرَ إِلَيْهِ الطُّورُ. وَأَخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ وَابْنُ أَبِي حَاتِمٍ وَأَبُو الشَّيْخِ وَالْبَيْهَقِيُّ فِي كِتَابِ الرُّؤْيَةِ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ فَلَمَّا تَجَلَّى رَبُّهُ لِلْجَبَلِ قَالَ: مَا تَجَلَّى مِنْهُ إِلَّا قَدْرُ الْخِنْصَرِ جَعَلَهُ دَكًّا قَالَ: تُرَابًا وَخَرَّ مُوسى صَعِقاً قَالَ: مَغْشِيًّا عَلَيْهِ. وَأَخْرَجَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ وَأَبُو الشَّيْخِ وَابْنُ مَرْدَوَيْهِ وَأَبُو نُعَيْمٍ فِي الْحِلْيَةِ وَالدَّيْلَمِيُّ عَنْ أَنَسٍ أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «لَمَّا تَجَلَّى اللَّهُ لِلْجَبَلِ طَارَتْ لِعَظَمَتِهِ سِتَّةُ أَجْبُلٍ، فَوَقَعَتْ ثَلَاثَةٌ بِالْمَدِينَةِ وَثَلَاثَةٌ بِمَكَّةَ، بِالْمَدِينَةِ: أُحُدٌ وَوَرْقَانُ وَرَضْوَى، وَبِمَكَّةَ: حِرَاءٌ وَثُبَيْرٌ وَثَوْرٌ» . وَأَخْرَجَ الطَّبَرَانِيُّ فِي الْأَوْسَطِ عَنْ أَنَسٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «لَمَّا تَجَلَّى اللَّهُ لِمُوسَى تَطَايَرَتْ سَبْعَةُ أَجْبُلٍ، فَفِي الْحِجَازِ خَمْسَةٌ مِنْهَا، وَفِي الْيَمَنِ اثْنَانِ، فِي الْحِجَازِ: أُحُدٌ وَثُبَيْرٌ وَحِرَاءٌ وَثَوْرٌ وَوَرْقَانُ، وَفِي الْيَمَنِ: حُضُورٌ وَصَبْرٌ» . وَأَخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ، وَالْحَاكِمُ وَصَحَّحَهُ، وَابْنُ مَرْدَوَيْهِ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّ مُوسَى لَمَّا كَلَّمَهُ رَبُّهُ أَحَبَّ أَنْ يَنْظُرَ إِلَيْهِ فَسَأَلَهُ فَقَالَ لَنْ تَرانِي وَلكِنِ انْظُرْ إِلَى الْجَبَلِ قَالَ: فَحَفَّ حَوْلَ الْجَبَلِ الْمَلَائِكَةُ، وَحَفَّ حَوْلَ الْمَلَائِكَةِ بِنَارٍ وَحَفَّ حَوْلَ النَّارِ بِمَلَائِكَةٍ وَحَفَّ حَوْلَهُمْ بِنَارٍ، ثُمَّ تَجَلَّى رَبُّهُ لِلْجَبَلِ تَجَلَّى مِنْهُ مِثْلُ الخنصر، فجعل دَكًّا وَخَرَّ مُوسَى صَعِقًا، فَلَمْ يَزَلْ صَعِقًا مَا شَاءَ اللَّهُ، ثُمَّ أَفَاقَ فَقَالَ: سُبْحَانَكَ تُبْتُ إِلَيْكَ وَأَنَا أَوَّلُ الْمُؤْمِنِينَ مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ. وَأَخْرَجَ عَبْدُ

بْنُ حُمَيْدٍ وَابْنُ جَرِيرٍ وَأَبُو الشَّيْخِ عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ قَالَ: كَتَبَ اللَّهُ الْأَلْوَاحَ لِمُوسَى وَهُوَ يَسْمَعُ صَرِيفَ الْأَقْلَامِ فِي لَوْحٍ. وَأَخْرَجَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ وَأَبُو الشَّيْخِ وَابْنُ مَرْدَوَيْهِ عَنْ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «الْأَلْوَاحُ الَّتِي أُنْزِلَتْ عَلَى مُوسَى كَانَتْ مِنْ سِدْرِ الْجَنَّةِ، كَانَ طُولُ اللَّوْحِ اثْنَيْ عَشَرَ ذِرَاعًا» . وَأَخْرَجَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ قَالَ: كَانُوا يَقُولُونَ: كانت الألواح

ص: 280