المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌[سورة التوبة (9) : الآيات 58 الى 60] - فتح القدير للشوكاني - جـ ٢

[الشوكاني]

فهرس الكتاب

- ‌الجزء الثاني

- ‌تنبيه:

- ‌سورة المائدة

- ‌[سورة المائدة (5) : الآيات 1 الى 2]

- ‌[سورة المائدة (5) : آية 3]

- ‌[سورة المائدة (5) : الآيات 4 الى 5]

- ‌[سورة المائدة (5) : آية 6]

- ‌[سورة المائدة (5) : الآيات 7 الى 11]

- ‌[سورة المائدة (5) : الآيات 12 الى 14]

- ‌[سورة المائدة (5) : الآيات 15 الى 16]

- ‌[سورة المائدة (5) : الآيات 17 الى 18]

- ‌[سورة المائدة (5) : آية 19]

- ‌[سورة المائدة (5) : الآيات 20 الى 26]

- ‌[سورة المائدة (5) : الآيات 27 الى 31]

- ‌[سورة المائدة (5) : الآيات 32 الى 34]

- ‌[سورة المائدة (5) : الآيات 35 الى 37]

- ‌[سورة المائدة (5) : الآيات 38 الى 40]

- ‌[سورة المائدة (5) : الآيات 41 الى 44]

- ‌[سورة المائدة (5) : الآيات 45 الى 50]

- ‌[سورة المائدة (5) : الآيات 51 الى 56]

- ‌[سورة المائدة (5) : الآيات 57 الى 63]

- ‌[سورة المائدة (5) : الآيات 64 الى 66]

- ‌[سورة المائدة (5) : آية 67]

- ‌[سورة المائدة (5) : الآيات 68 الى 75]

- ‌[سورة المائدة (5) : الآيات 76 الى 81]

- ‌[سورة المائدة (5) : الآيات 82 الى 86]

- ‌[سورة المائدة (5) : الآيات 87 الى 88]

- ‌[سورة المائدة (5) : آية 89]

- ‌[سورة المائدة (5) : الآيات 90 الى 93]

- ‌[سورة المائدة (5) : الآيات 94 الى 99]

- ‌[سورة المائدة (5) : الآيات 100 الى 104]

- ‌[سورة المائدة (5) : آية 105]

- ‌[سورة المائدة (5) : الآيات 106 الى 108]

- ‌[سورة المائدة (5) : الآيات 109 الى 111]

- ‌[سورة المائدة (5) : الآيات 112 الى 115]

- ‌[سورة المائدة (5) : الآيات 116 الى 120]

- ‌سورة الأنعام

- ‌[سورة الأنعام (6) : الآيات 1 الى 3]

- ‌[سورة الأنعام (6) : الآيات 4 الى 11]

- ‌[سورة الأنعام (6) : الآيات 12 الى 21]

- ‌[سورة الأنعام (6) : الآيات 22 الى 30]

- ‌[سورة الأنعام (6) : الآيات 31 الى 36]

- ‌[سورة الأنعام (6) : الآيات 37 الى 39]

- ‌[سورة الأنعام (6) : الآيات 40 الى 45]

- ‌[سورة الأنعام (6) : الآيات 46 الى 49]

- ‌[سورة الأنعام (6) : الآيات 50 الى 55]

- ‌[سورة الأنعام (6) : الآيات 56 الى 59]

- ‌[سورة الأنعام (6) : الآيات 60 الى 62]

- ‌[سورة الأنعام (6) : الآيات 63 الى 65]

- ‌[سورة الأنعام (6) : الآيات 66 الى 73]

- ‌[سورة الأنعام (6) : الآيات 74 الى 83]

- ‌[سورة الأنعام (6) : الآيات 84 الى 90]

- ‌[سورة الأنعام (6) : الآيات 91 الى 94]

- ‌[سورة الأنعام (6) : الآيات 95 الى 99]

- ‌[سورة الأنعام (6) : الآيات 100 الى 103]

- ‌[سورة الأنعام (6) : الآيات 104 الى 108]

- ‌[سورة الأنعام (6) : الآيات 109 الى 113]

- ‌[سورة الأنعام (6) : الآيات 114 الى 117]

- ‌[سورة الأنعام (6) : الآيات 118 الى 120]

- ‌[سورة الأنعام (6) : آية 121]

- ‌[سورة الأنعام (6) : الآيات 122 الى 124]

- ‌[سورة الأنعام (6) : الآيات 125 الى 128]

- ‌[سورة الأنعام (6) : الآيات 129 الى 132]

- ‌[سورة الأنعام (6) : الآيات 133 الى 137]

- ‌[سورة الأنعام (6) : الآيات 138 الى 140]

- ‌[سورة الأنعام (6) : الآيات 141 الى 142]

- ‌[سورة الأنعام (6) : الآيات 143 الى 144]

- ‌[سورة الأنعام (6) : آية 145]

- ‌[سورة الأنعام (6) : الآيات 146 الى 147]

- ‌[سورة الأنعام (6) : الآيات 148 الى 150]

- ‌[سورة الأنعام (6) : الآيات 151 الى 153]

- ‌[سورة الأنعام (6) : الآيات 154 الى 157]

- ‌[سورة الأنعام (6) : آية 158]

- ‌[سورة الأنعام (6) : الآيات 159 الى 160]

- ‌[سورة الأنعام (6) : الآيات 161 الى 163]

- ‌[سورة الأنعام (6) : الآيات 164 الى 165]

- ‌سورة الأعراف

- ‌[سورة الأعراف (7) : الآيات 1 الى 7]

- ‌[سورة الأعراف (7) : الآيات 8 الى 18]

- ‌[سورة الأعراف (7) : الآيات 19 الى 25]

- ‌[سورة الأعراف (7) : الآيات 26 الى 27]

- ‌[سورة الأعراف (7) : الآيات 28 الى 30]

- ‌[سورة الأعراف (7) : الآيات 31 الى 33]

- ‌[سورة الأعراف (7) : الآيات 34 الى 39]

- ‌[سورة الأعراف (7) : الآيات 40 الى 43]

- ‌[سورة الأعراف (7) : الآيات 44 الى 49]

- ‌[سورة الأعراف (7) : الآيات 50 الى 54]

- ‌[سورة الأعراف (7) : الآيات 55 الى 58]

- ‌[سورة الأعراف (7) : الآيات 59 الى 64]

- ‌[سورة الأعراف (7) : الآيات 65 الى 72]

- ‌[سورة الأعراف (7) : الآيات 73 الى 79]

- ‌[سورة الأعراف (7) : الآيات 80 الى 84]

- ‌[سورة الأعراف (7) : الآيات 85 الى 93]

- ‌[سورة الأعراف (7) : الآيات 94 الى 100]

- ‌[سورة الأعراف (7) : الآيات 101 الى 102]

- ‌[سورة الأعراف (7) : الآيات 103 الى 122]

- ‌[سورة الأعراف (7) : الآيات 123 الى 129]

- ‌[سورة الأعراف (7) : الآيات 130 الى 136]

- ‌[سورة الأعراف (7) : الآيات 137 الى 141]

- ‌[سورة الأعراف (7) : آية 142]

- ‌[سورة الأعراف (7) : الآيات 143 الى 147]

- ‌[سورة الأعراف (7) : الآيات 148 الى 151]

- ‌[سورة الأعراف (7) : الآيات 152 الى 154]

- ‌[سورة الأعراف (7) : الآيات 155 الى 157]

- ‌[سورة الأعراف (7) : آية 158]

- ‌[سورة الأعراف (7) : الآيات 159 الى 166]

- ‌[سورة الأعراف (7) : الآيات 167 الى 170]

- ‌[سورة الأعراف (7) : آية 171]

- ‌[سورة الأعراف (7) : الآيات 172 الى 174]

- ‌[سورة الأعراف (7) : الآيات 175 الى 178]

- ‌[سورة الأعراف (7) : آية 179]

- ‌[سورة الأعراف (7) : آية 180]

- ‌[سورة الأعراف (7) : الآيات 181 الى 186]

- ‌[سورة الأعراف (7) : الآيات 187 الى 192]

- ‌[سورة الأعراف (7) : الآيات 193 الى 198]

- ‌[سورة الأعراف (7) : الآيات 199 الى 206]

- ‌سورة الأنفال

- ‌[سورة الأنفال (8) : آية 1]

- ‌[سورة الأنفال (8) : الآيات 2 الى 4]

- ‌[سورة الأنفال (8) : الآيات 5 الى 8]

- ‌[سورة الأنفال (8) : الآيات 9 الى 10]

- ‌[سورة الأنفال (8) : الآيات 11 الى 14]

- ‌[سورة الأنفال (8) : الآيات 15 الى 18]

- ‌[سورة الأنفال (8) : آية 19]

- ‌[سورة الأنفال (8) : الآيات 20 الى 23]

- ‌[سورة الأنفال (8) : الآيات 24 الى 25]

- ‌[سورة الأنفال (8) : الآيات 26 الى 28]

- ‌[سورة الأنفال (8) : آية 29]

- ‌[سورة الأنفال (8) : الآيات 30 الى 33]

- ‌[سورة الأنفال (8) : الآيات 34 الى 37]

- ‌[سورة الأنفال (8) : الآيات 38 الى 40]

- ‌[سورة الأنفال (8) : الآيات 41 الى 42]

- ‌[سورة الأنفال (8) : الآيات 43 الى 44]

- ‌[سورة الأنفال (8) : الآيات 45 الى 49]

- ‌[سورة الأنفال (8) : الآيات 50 الى 54]

- ‌[سورة الأنفال (8) : الآيات 55 الى 60]

- ‌[سورة الأنفال (8) : الآيات 61 الى 63]

- ‌[سورة الأنفال (8) : الآيات 64 الى 66]

- ‌[سورة الأنفال (8) : الآيات 67 الى 69]

- ‌[سورة الأنفال (8) : الآيات 70 الى 71]

- ‌[سورة الأنفال (8) : الآيات 72 الى 75]

- ‌سورة التّوبة

- ‌[سورة التوبة (9) : الآيات 1 الى 3]

- ‌[سورة التوبة (9) : الآيات 4 الى 6]

- ‌[سورة التوبة (9) : الآيات 7 الى 11]

- ‌[سورة التوبة (9) : الآيات 12 الى 16]

- ‌[سورة التوبة (9) : الآيات 17 الى 22]

- ‌[سورة التوبة (9) : الآيات 23 الى 24]

- ‌[سورة التوبة (9) : الآيات 25 الى 27]

- ‌[سورة التوبة (9) : الآيات 28 الى 29]

- ‌[سورة التوبة (9) : الآيات 30 الى 33]

- ‌[سورة التوبة (9) : الآيات 34 الى 35]

- ‌[سورة التوبة (9) : الآيات 36 الى 37]

- ‌[سورة التوبة (9) : الآيات 38 الى 42]

- ‌[سورة التوبة (9) : الآيات 43 الى 49]

- ‌[سورة التوبة (9) : الآيات 50 الى 57]

- ‌[سورة التوبة (9) : الآيات 58 الى 60]

- ‌[سورة التوبة (9) : الآيات 61 الى 66]

- ‌[سورة التوبة (9) : الآيات 67 الى 70]

- ‌[سورة التوبة (9) : الآيات 71 الى 72]

- ‌[سورة التوبة (9) : الآيات 73 الى 74]

- ‌[سورة التوبة (9) : الآيات 75 الى 79]

- ‌[سورة التوبة (9) : الآيات 80 الى 83]

- ‌[سورة التوبة (9) : الآيات 84 الى 89]

- ‌[سورة التوبة (9) : آية 90]

- ‌[سورة التوبة (9) : الآيات 91 الى 93]

- ‌[سورة التوبة (9) : الآيات 94 الى 99]

- ‌[سورة التوبة (9) : الآيات 100 الى 106]

- ‌[سورة التوبة (9) : الآيات 107 الى 110]

- ‌[سورة التوبة (9) : الآيات 111 الى 112]

- ‌[سورة التوبة (9) : الآيات 113 الى 114]

- ‌[سورة التوبة (9) : الآيات 115 الى 119]

- ‌[سورة التوبة (9) : الآيات 120 الى 121]

- ‌[سورة التوبة (9) : الآيات 122 الى 123]

- ‌[سورة التوبة (9) : الآيات 124 الى 129]

- ‌سورة يونس

- ‌[سورة يونس (10) : الآيات 1 الى 4]

- ‌[سورة يونس (10) : الآيات 5 الى 6]

- ‌[سورة يونس (10) : الآيات 7 الى 10]

- ‌[سورة يونس (10) : الآيات 11 الى 16]

- ‌[سورة يونس (10) : الآيات 17 الى 19]

- ‌[سورة يونس (10) : الآيات 20 الى 23]

- ‌[سورة يونس (10) : الآيات 24 الى 30]

- ‌[سورة يونس (10) : الآيات 31 الى 41]

- ‌[سورة يونس (10) : الآيات 42 الى 49]

- ‌[سورة يونس (10) : الآيات 50 الى 58]

- ‌[سورة يونس (10) : الآيات 59 الى 64]

- ‌[سورة يونس (10) : الآيات 65 الى 70]

- ‌[سورة يونس (10) : الآيات 71 الى 74]

- ‌[سورة يونس (10) : الآيات 75 الى 87]

- ‌[سورة يونس (10) : الآيات 88 الى 92]

- ‌[سورة يونس (10) : الآيات 93 الى 100]

- ‌[سورة يونس (10) : الآيات 101 الى 109]

- ‌سُورَةُ هُودٍ

- ‌[سورة هود (11) : الآيات 1 الى 8]

- ‌[سورة هود (11) : الآيات 9 الى 17]

- ‌[سورة هود (11) : الآيات 18 الى 24]

- ‌[سورة هود (11) : الآيات 25 الى 34]

- ‌[سورة هود (11) : الآيات 35 الى 44]

- ‌[سورة هود (11) : الآيات 45 الى 49]

- ‌[سورة هود (11) : الآيات 50 الى 60]

- ‌[سورة هود (11) : الآيات 61 الى 68]

- ‌[سورة هود (11) : الآيات 69 الى 76]

- ‌[سورة هود (11) : الآيات 77 الى 83]

- ‌[سورة هود (11) : الآيات 84 الى 95]

- ‌[سورة هود (11) : الآيات 96 الى 108]

- ‌[سورة هود (11) : الآيات 109 الى 115]

- ‌[سورة هود (11) : الآيات 116 الى 123]

الفصل: ‌[سورة التوبة (9) : الآيات 58 الى 60]

يردّه اللجام، ومنه قول الشاعر:

سبوحا جموحا وَإِحْضَارُهَا

كَمَعْمَعَةِ السَّعَفِ الْمُوقَدِ

وَالْمَعْنَى: لَوْ وَجَدُوا شَيْئًا مِنْ هَذِهِ الْأَشْيَاءِ الْمَذْكُورَةِ لَوَلَّوْا إِلَيْهِ مُسْرِعِينَ هَرَبًا مِنَ الْمُسْلِمِينَ.

وَقَدْ أَخْرَجَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ: جَعَلَ الْمُنَافِقُونَ الَّذِينَ تَخَلَّفُوا بِالْمَدِينَةِ يُخْبِرُونَ عن النبي صلى الله عليه وسلم أَخْبَارَ السَّوْءِ، يَقُولُونَ: إِنَّ مُحَمَّدًا وَأَصْحَابَهُ قَدْ جُهِدُوا فِي سَفَرِهِمْ وَهَلَكُوا، فَبَلَغَهُمْ تَكْذِيبُ حديثهم وعافية النبيّ وَأَصْحَابِهِ، فَسَاءَهُمْ ذَلِكَ فَأَنْزَلَ اللَّهُ إِنْ تُصِبْكَ حَسَنَةٌ تَسُؤْهُمْ الْآيَةَ. وَأَخْرَجَ سُنَيْدٌ وَابْنُ جَرِيرٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ إِنْ تُصِبْكَ حَسَنَةٌ تَسُؤْهُمْ يَقُولُ: إِنْ يُصِبْكَ فِي سَفَرِكَ هَذِهِ الْغَزْوَةَ تَبُوكَ حَسَنَةٌ تَسُؤْهُمْ قَالَ: الْجَدُّ وَأَصْحَابُهُ، يَعْنِي الْجَدَّ بْنَ قَيْسٍ. وَأَخْرَجَ أَبُو الشَّيْخِ عَنِ السُّدِّيِّ قُلْ لَنْ يُصِيبَنا إِلَّا مَا كَتَبَ اللَّهُ لَنا قَالَ: إِلَّا مَا قَضَى اللَّهُ لَنَا. وَأَخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ وَابْنُ الْمُنْذِرِ وَابْنُ أَبِي حَاتِمٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ هَلْ تَرَبَّصُونَ بِنا إِلَّا إِحْدَى الْحُسْنَيَيْنِ قَالَ: فَتْحٌ أَوْ شَهَادَةٌ. وَأَخْرَجَ ابْنُ الْمُنْذِرِ عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ فِي قَوْلِهِ أَوْ بِأَيْدِينا قَالَ: الْقَتْلُ بِالسُّيُوفِ. وَأَخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: قَالَ الْجَدُّ بْنُ قَيْسٍ:

إِنِّي إِذَا رَأَيْتُ النِّسَاءَ لَمْ أَصْبِرْ حَتَّى أَفْتَتِنَ، وَلَكِنْ أُعِينُكَ بِمَالِي، قَالَ: فَفِيهِ نَزَلَتْ قُلْ أَنْفِقُوا طَوْعاً أَوْ كَرْهاً الْآيَةَ. وَأَخْرَجَ ابْنُ الْمُنْذِرِ وَابْنُ أَبِي حَاتِمٍ وَأَبُو الشَّيْخِ عَنْ قَتَادَةَ فِي قَوْلِهِ: فَلا تُعْجِبْكَ أَمْوالُهُمْ قَالَ: هَذِهِ مِنْ تَقَادِيمِ الْكَلَامِ، يقول: فَلا تُعْجِبْكَ أَمْوالُهُمْ وَلا أَوْلادُهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا إِنَّما يُرِيدُ اللَّهُ لِيُعَذِّبَهُمْ بِها فِي الْآخِرَةِ. وَأَخْرَجَ ابْنُ الْمُنْذِرِ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُعَذِّبَهُمْ بِهَا فِي الْآخِرَةِ.

وَأَخْرَجَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ عَنِ السُّدِّيِّ فِي قَوْلِهِ وَتَزْهَقَ أَنْفُسُهُمْ وَهُمْ كافِرُونَ قَالَ: تَزْهَقُ أَنْفُسُهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَهُمْ كافِرُونَ قَالَ: هَذِهِ آيَةٌ فِيهَا تَقْدِيمٌ وَتَأْخِيرٌ. وَأَخْرَجَ أَبُو حَاتِمٍ وَأَبُو الشَّيْخِ عَنِ الضَّحَّاكِ فِي قَوْلِهِ فَلا تُعْجِبْكَ يقول: لا يغررك وَتَزْهَقَ قَالَ: تَخْرُجُ أَنْفُسُهُمْ، قَالَ فِي الدُّنْيَا وَهُمْ كَافِرُونَ.

وَأَخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ وَابْنُ الْمُنْذِرِ وَابْنُ أَبِي حَاتِمٍ وَأَبُو الشَّيْخِ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ فِي قَوْلِهِ لَوْ يَجِدُونَ مَلْجَأً الْآيَةَ قَالَ: الْمَلْجَأُ: الْحِرْزُ فِي الْجِبَالِ، وَالْمَغَارَاتُ: الْغِيرَانُ، وَالْمُدَّخَلُ: السِّرْبُ. وَأَخْرَجَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ وَأَبُو الشَّيْخِ عَنْ السُّدِّيِّ وَهُمْ يَجْمَحُونَ قَالَ: يُسْرِعُونَ.

[سورة التوبة (9) : الآيات 58 الى 60]

وَمِنْهُمْ مَنْ يَلْمِزُكَ فِي الصَّدَقاتِ فَإِنْ أُعْطُوا مِنْها رَضُوا وَإِنْ لَمْ يُعْطَوْا مِنْها إِذا هُمْ يَسْخَطُونَ (58) وَلَوْ أَنَّهُمْ رَضُوا مَا آتاهُمُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَقالُوا حَسْبُنَا اللَّهُ سَيُؤْتِينَا اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ وَرَسُولُهُ إِنَّا إِلَى اللَّهِ راغِبُونَ (59) إِنَّمَا الصَّدَقاتُ لِلْفُقَراءِ وَالْمَساكِينِ وَالْعامِلِينَ عَلَيْها وَالْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ وَفِي الرِّقابِ وَالْغارِمِينَ وَفِي سَبِيلِ اللَّهِ وَابْنِ السَّبِيلِ فَرِيضَةً مِنَ اللَّهِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ (60)

قَوْلُهُ: وَمِنْهُمْ مَنْ يَلْمِزُكَ هَذَا ذِكْرُ نوع آخر من قبائحهم، يقال: لمزه يَلْمِزُهُ إِذَا عَابَهُ. قَالَ الْجَوْهَرِيُّ: اللَّمْزُ الْعَيْبُ، وَأَصْلُهُ الْإِشَارَةُ بِالْعَيْنِ وَنَحْوِهَا، وَقَدْ لَمَزَهُ يَلْمَزُهُ وَيَلْمِزُهُ، وَرَجُلٌ لَمَّازٌ، وَلُمَزَةٌ:

ص: 423

أَيْ عَيَّابٌ. قَالَ الزَّجَّاجُ: لَمَزْتُ الرَّجُلَ أَلْمِزُهُ وَأَلْمُزُهُ، بِكَسْرِ الْمِيمِ وَضَمِّهَا: إِذَا عِبْتُهُ، وَكَذَا هَمَزْتُهُ. وَمَعْنَى الْآيَةِ: وَمِنَ الْمُنَافِقِينَ مَنْ يَعِيبُكَ فِي الصَّدَقَاتِ أَيْ: فِي تَفْرِيقِهَا وَقِسْمَتِهَا. وَرُوِيَ عَنْ مُجَاهِدٍ أَنَّهُ قَالَ: مَعْنَى يَلْمِزُكَ: يَرْزَؤُكَ وَيَسْأَلُكَ، وَالْقَوْلُ عِنْدَ أَهْلِ اللُّغَةِ هُوَ الْأَوَّلُ كَمَا قَالَ النَّحَّاسُ. وَقُرَئَ يَلْمُزُكَ بِضَمِّ الْمِيمِ، وَيُلَمِّزُكَ بِكَسْرِهَا مَعَ التَّشْدِيدِ. وَقَرَأَ الْجُمْهُورُ بِكَسْرِهَا مُخَفَّفَةً، فَإِنْ أُعْطُوا مِنْها أَيْ: مِنَ الصَّدَقَاتِ بِقَدْرِ مَا يُرِيدُونَ رَضُوا بِمَا وَقَعَ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَلَمْ يَعِيبُوهُ، وَذَلِكَ لِأَنَّهُ لَا مَقْصِدَ لَهُمْ إِلَّا حُطَامُ الدُّنْيَا، وَلَيْسُوا مِنَ الدِّينِ فِي شَيْءٍ وَإِنْ لَمْ يُعْطَوْا مِنْها أَيْ: مِنَ الصَّدَقَاتِ مَا يُرِيدُونَهُ وَيَطْلُبُونَهُ إِذا هُمْ يَسْخَطُونَ أَيْ: وإن لم يعطوا فاجؤوا السخط، وفائدة إذا الفجائية أن الشرط مفاجىء لِلْجَزَاءِ وَهَاجِمٌ عَلَيْهِ. وَقَدْ نَابَتْ إِذَا الْفُجَائِيَّةُ مَنَابَ فَاءِ الْجَزَاءِ وَلَوْ أَنَّهُمْ رَضُوا مَا آتاهُمُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَيْ: مَا فَرَضَهُ اللَّهُ لَهُمْ، وَمَا أَعْطَاهُمْ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مِنَ الصَّدَقَاتِ، وَجَوَابُ لَوْ مَحْذُوفٌ، أَيْ: لَكَانَ خَيْرًا لَهُمْ فَإِنَّ فِيمَا أَعْطَاهُمُ الْخَيْرَ الْعَاجِلَ وَالْآجِلَ وَقالُوا حَسْبُنَا اللَّهُ سَيُؤْتِينَا اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ وَرَسُولُهُ أَيْ: قَالُوا هَذِهِ الْمَقَالَةَ عِنْدَ أَنْ أَعْطَاهُمْ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مَا هُوَ لَهُمْ، أَيْ: كَفَانَا اللَّهُ، سَيُعْطِينَا مِنْ فَضْلِهِ، وَيُعْطِينَا رَسُولُهُ بَعْدَ هَذَا مَا نَرْجُوهُ وَنُؤَمِّلُهُ إِنَّا إِلَى اللَّهِ راغِبُونَ فِي أَنْ يُعْطِيَنَا مِنْ فَضْلِهِ مَا نَرْجُوهُ. قَوْلُهُ: إِنَّمَا الصَّدَقاتُ لِلْفُقَراءِ لَمَّا لَمَزَ الْمُنَافِقُونَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فِي قِسْمَةِ الصَّدَقَاتِ بَيَّنَ اللَّهُ لَهُمْ مَصْرِفَهَا دَفْعًا لطعنهم وقطعا لشغبهم، وإِنَّمَا مِنْ صِيَغِ الْقَصْرِ، وَتَعْرِيفُ الصَّدَقَاتِ لِلْجِنْسِ، أَيْ: جِنْسُ هَذِهِ الصَّدَقَاتِ مَقْصُورٌ عَلَى هَذِهِ الْأَصْنَافِ المذكورة لا تجاوزها، بَلْ هِيَ لَهُمْ لَا لِغَيْرِهِمْ.

وَقَدِ اخْتَلَفَ أَهْلُ الْعِلْمِ هَلْ يَجِبُ تَقْسِيطُ الصَّدَقَاتِ عَلَى هَذِهِ الْأَصْنَافِ الثَّمَانِيَةِ، أَوْ يَجُوزُ صَرْفُهَا إِلَى الْبَعْضِ دُونَ الْبَعْضِ عَلَى حَسَبِ مَا يَرَاهُ الْإِمَامُ أَوْ صَاحِبُ الصَّدَقَةِ؟ فَذَهَبَ إِلَى الْأَوَّلِ الشَّافِعِيُّ وَجَمَاعَةٌ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ، وَذَهَبَ إِلَى الثَّانِي مَالِكٌ وَأَبُو حَنِيفَةَ، وَبِهِ قَالَ عُمَرُ وَحُذَيْفَةُ وَابْنُ عَبَّاسٍ وَأَبُو الْعَالِيَةِ وَسَعِيدُ بْنُ جبير وميمون ابن مِهْرَانَ. قَالَ ابْنُ جَرِيرٍ وَهُوَ قَوْلُ عَامَّةِ أَهْلِ الْعِلْمِ: احْتَجَّ الْأَوَّلُونَ بِمَا فِي الْآيَةِ من القصر وبحديث زياد ابن الحرث الصُّدَائِيِّ عِنْدَ أَبِي دَاوُدَ وَالدَّارَقُطْنِيِّ قَالَ: أَتَيْتُ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم فَبَايَعْتُهُ، فَأَتَى رَجُلٌ فَقَالَ: أَعْطِنِي مِنَ الصدقة، فقاله لَهُ: إِنَّ اللَّهَ لَمْ يَرْضَ بِحُكْمِ نَبِيٍّ ولا غيره من الصَّدَقَاتِ حَتَّى حَكَمَ فِيهَا هُوَ فَجَزَّأَهَا ثَمَانِيَةَ أَصْنَافٍ، فَإِنْ كُنْتَ مِنْ تِلْكَ الْأَجْزَاءِ أَعْطَيْتُكَ. وَأَجَابَ الْآخَرُونَ: بِأَنَّ مَا فِي الْآيَةِ مِنَ الْقَصْرِ إِنَّمَا هُوَ لِبَيَانِ الصَّرْفِ وَالْمَصْرِفِ، لَا لِوُجُوبِ اسْتِيعَابِ الْأَصْنَافِ، وَبِأَنَّ فِي إِسْنَادِ الْحَدِيثِ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ زِيَادِ بْنِ أَنْعُمَ الْإِفْرِيقِيَّ وَهُوَ ضَعِيفٌ. وَمِمَّا يُؤَيِّدُ مَا ذَهَبَ إِلَيْهِ الْآخَرُونَ قَوْلُهُ تَعَالَى إِنْ تُبْدُوا الصَّدَقاتِ فَنِعِمَّا هِيَ وَإِنْ تُخْفُوها وَتُؤْتُوهَا الْفُقَراءَ فَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ «1» وَالصَّدَقَةُ تُطْلَقُ عَلَى الْوَاجِبَةِ كَمَا تُطْلَقُ عَلَى المندوبة. وصح عَنْهُ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قَالَ:«أُمِرْتُ أَنْ آخُذَ الصَّدَقَةَ مِنْ أَغْنِيَائِكُمْ وَأَرُدَّهَا فِي فُقَرَائِكُمْ» . وَقَدِ ادَّعَى مَالِكٌ الْإِجْمَاعَ عَلَى الْقَوْلِ الْآخَرِ. قَالَ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ: يُرِيدُ إِجْمَاعَ الصَّحَابَةِ فَإِنَّهُ لَا يَعْلَمُ لَهُ مُخَالِفًا مِنْهُمْ. قَوْلُهُ: لِلْفُقَراءِ قَدَّمَهُمْ لِأَنَّهُمْ أَحْوَجُ مِنَ الْبَقِيَّةِ عَلَى الْمَشْهُورِ لِشِدَّةِ فَاقَتِهِمْ وَحَاجَتِهِمْ.

وَقَدِ اخْتَلَفَ أَهْلُ الْعِلْمِ فِي الْفَرْقِ بَيْنَ الْفَقِيرِ وَالْمِسْكِينِ عَلَى أَقْوَالٍ فَقَالَ يعقوب بن السّكّيت والقتبي ويونس

(1) . البقرة: 271.

ص: 424

ابن حَبِيبٍ: إِنَّ الْفَقِيرَ أَحْسَنُ حَالًا مِنَ الْمِسْكِينِ، قَالُوا: لِأَنَّ الْفَقِيرَ هُوَ الَّذِي لَهُ بَعْضُ مَا يَكْفِيهِ وَيُقِيمُهُ، وَالْمِسْكِينُ الَّذِي لَا شَيْءَ لَهُ، وَذَهَبَ إِلَى هَذَا قَوْمٌ مِنْ أَهْلِ الْفِقْهِ مِنْهُمْ أَبُو حَنِيفَةَ. وَقَالَ آخَرُونَ بِالْعَكْسِ، فَجَعَلُوا الْمِسْكِينَ أَحْسَنَ حَالًا مِنَ الْفَقِيرِ، وَاحْتَجُّوا بقوله تعالى أَمَّا السَّفِينَةُ فَكانَتْ لِمَساكِينَ «1» فَأَخْبَرَ أَنَّ لَهُمْ سَفِينَةً مِنْ سُفُنِ الْبَحْرِ، وَرُبَّمَا سَاوَتْ جُمْلَةً مِنَ الْمَالِ، وَيُؤَيِّدُهُ تَعَوُّذُ النبيّ صلى الله عليه وسلم مِنَ الْفَقْرِ مَعَ قَوْلِهِ:«اللَّهُمَّ أَحْيِنِي مِسْكِينًا وَأَمِتْنِي مِسْكِينًا» وَإِلَى هَذَا ذَهَبَ الْأَصْمَعِيُّ وَغَيْرُهُ مِنْ أَهْلِ اللُّغَةِ، وَحَكَاهُ الطَّحَاوِيُّ عَنِ الْكُوفِيِّينَ، وَهُوَ أَحَدُ قَوْلَيِ الشَّافِعِيِّ وَأَكْثَرِ أَصْحَابِهِ. وَقَالَ قَوْمٌ: إِنَّ الْفَقِيرَ وَالْمِسْكِينَ سَوَاءٌ لَا فَرْقَ بَيْنَهُمَا وَهُوَ أَحَدُ قَوْلَيِ الشَّافِعِيِّ، وَإِلَيْهِ ذَهَبَ ابْنُ الْقَاسِمِ وَسَائِرُ أَصْحَابِ مَالِكٍ، وَبِهِ قَالَ أَبُو يُوسُفَ. وَقَالَ قَوْمٌ: الْفَقِيرُ: الْمُحْتَاجُ الْمُتَعَفِّفُ، وَالْمِسْكِينُ: السَّائِلُ. قَالَهُ الْأَزْهَرِيُّ، وَاخْتَارَهُ ابْنُ شَعْبَانَ، وَهُوَ مَرْوِيٌّ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ. وَقَدْ قِيلَ غَيْرُ هَذِهِ الْأَقْوَالِ مِمَّا لَا يَأْتِي الِاسْتِكْثَارُ مِنْهُ بِفَائِدَةٍ يُعْتَدُّ بِهَا. وَالْأَوْلَى فِي بَيَانِ مَاهِيَّةِ الْمِسْكِينِ مَا ثَبَتَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عِنْدَ الْبُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ وَغَيْرُهُمَا مِنْ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «لَيْسَ الْمِسْكِينُ بِهَذَا الطَّوَّافِ الَّذِي يَطُوفُ عَلَى النَّاسِ فَتَرُدُّهُ اللُّقْمَةُ وَاللُّقْمَتَانِ وَالتَّمْرَةُ وَالتَّمْرَتَانِ، قَالُوا: فَمَا الْمِسْكِينُ يَا رَسُولَ اللَّهِ؟

قَالَ: الَّذِي لَا يَجِدُ غِنًى يُغْنِيهِ، وَلَا يُفْطَنُ لَهُ فَيُتَصَدَّقَ عَلَيْهِ. وَلَا يَسْأَلُ النَّاسَ شَيْئًا» . قَوْلُهُ: وَالْعامِلِينَ عَلَيْها أَيِ: السُّعَاةِ وَالْجُبَاةِ الَّذِينَ يَبْعَثُهُمُ الْإِمَامُ لِتَحْصِيلِ الزَّكَاةِ، فَإِنَّهُمْ يَسْتَحِقُّونَ مِنْهَا قِسْطًا.

وَقَدِ اخْتُلِفَ فِي الْقَدْرِ الَّذِي يَأْخُذُونَهُ مِنْهَا، فَقِيلَ: الثُّمُنُ، رُوِيَ ذَلِكَ عَنْ مُجَاهِدٍ وَالشَّافِعِيِّ. وَقِيلَ:

عَلَى قَدْرِ أَعْمَالِهِمْ مِنَ الْأُجْرَةِ، رُوِيَ ذَلِكَ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَصْحَابِهِ. وَقِيلَ: يُعْطَوْنَ مِنْ بَيْتِ الْمَالِ قَدْرَ أُجْرَتِهِمْ، رُوِيَ ذَلِكَ عَنْ مَالِكٍ، وَلَا وَجْهَ لِهَذَا، فَإِنَّ اللَّهَ قَدْ أَخْبَرَ بِأَنَّ لَهُمْ نَصِيبًا مِنَ الصَّدَقَةِ، فَكَيْفَ يُمْنَعُونَ مِنْهَا، وَيُعْطَوْنَ مِنْ غَيْرِهَا؟ وَاخْتَلَفُوا: هَلْ يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ الْعَامِلُ هَاشِمِيًّا أَمْ لَا؟ فَمَنَعَهُ قَوْمٌ، وَأَجَازَهُ آخَرُونَ. قَالُوا:

وَيُعْطَى مِنْ غَيْرِ الصَّدَقَةِ. قَوْلُهُ: وَالْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ هُمْ قَوْمٌ كَانُوا فِي صَدْرِ الْإِسْلَامِ، فَقِيلَ: هُمُ الْكُفَّارُ الَّذِينَ كَانَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم يتألفهم ليسلموا، كانوا لَا يَدْخُلُونَ فِي الْإِسْلَامِ بِالْقَهْرِ وَالسَّيْفِ، بَلْ بِالْعَطَاءِ، وَقِيلَ:

هُمْ قَوْمٌ أَسْلَمُوا فِي الظَّاهِرِ، وَلَمْ يَحْسُنْ إِسْلَامُهُمْ، فَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَتَأَلَّفُهُمْ بِالْعَطَاءِ وَقِيلَ: هُمْ مَنْ أَسْلَمَ مِنَ الْيَهُودِ، وَالنَّصَارَى وَقِيلَ: هُمْ قَوْمٌ مِنْ عُظَمَاءِ الْمُشْرِكِينَ لَهُمْ أَتْبَاعٌ، أَعْطَاهُمُ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم لِيَتَأَلَّفُوا أَتْبَاعَهُمْ عَلَى الْإِسْلَامِ. وَقَدْ أَعْطَى النبيّ صلى الله عليه وسلم جَمَاعَةً مِمَّنْ أَسْلَمَ ظَاهِرًا كَأَبِي سُفْيَانَ بْنِ حَرْبٍ وَالْحَارِثِ بْنِ هِشَامٍ وَسُهَيْلِ بْنِ عَمْرٍو وَحُوَيْطِبِ بْنِ عَبْدِ الْعُزَّى، أَعْطَى كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ مِائَةً مِنَ الْإِبِلِ تَأَلَّفَهُمْ بِذَلِكَ، وَأَعْطَى آخَرِينَ دُونَهُمْ.

وَقَدِ اخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ هَلْ سَهْمُ الْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ بَاقٍ بَعْدِ ظُهُورِ الْإِسْلَامِ أَمْ لَا؟ فَقَالَ عُمَرُ وَالْحَسَنُ وَالشَّعْبِيُّ:

قَدِ انْقَطَعَ هَذَا الصِّنْفُ بِعِزَّةِ الْإِسْلَامِ وَظُهُورِهِ، وَهَذَا مَشْهُورٌ مِنْ مَذْهَبِ مَالِكٍ وَأَصْحَابِ الرَّأْيِ. وَقَدِ ادَّعَى بَعْضُ الْحَنَفِيَّةِ أَنَّ الصَّحَابَةَ أَجْمَعَتْ عَلَى ذَلِكَ. وَقَالَ جَمَاعَةٌ مِنَ الْعُلَمَاءِ: سَهْمُهُمْ بَاقٍ لِأَنَّ الْإِمَامَ رُبَّمَا احْتَاجَ أَنْ يَتَأَلَّفَ عَلَى الْإِسْلَامِ، وَإِنَّمَا قَطَعَهُمْ عُمَرُ لَمَّا رَأَى مِنْ إِعْزَازِ الدِّينِ. قَالَ يُونُسُ: سَأَلْتُ الزُّهْرِيَّ عَنْهُمْ فَقَالَ:

لَا أَعْلَمُ نَسْخَ ذَلِكَ، وَعَلَى الْقَوْلِ الْأَوَّلِ يَرْجِعُ سَهْمُهُمْ لِسَائِرِ الْأَصْنَافِ. قَوْلُهُ: وَفِي الرِّقابِ أي: في

(1) . الكهف: 79.

ص: 425

فَكِّ الرِّقَابِ بِأَنْ يَشْتَرِيَ رِقَابًا ثُمَّ يُعْتِقَهَا. رُوِيَ ذَلِكَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ وَابْنِ عُمَرَ، وَبِهِ قَالَ مَالِكٌ وَأَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ وَإِسْحَاقُ وَأَبُو عُبَيْدٍ. وَقَالَ الْحَسَنُ الْبَصْرِيُّ وَمُقَاتِلُ بْنُ حَيَّانَ وَعُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ وَسَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ وَالنَّخَعِيُّ وَالزُّهْرِيُّ وَابْنُ زَيْدٍ: إِنَّهُمُ الْمُكَاتَبُونَ يُعَانُونَ مِنَ الصَّدَقَةِ عَلَى مَالِ الْكِتَابَةِ، وَهُوَ قَوْلُ الشَّافِعِيِّ وَأَصْحَابِ الرَّأْيِ وَرِوَايَةٌ عَنْ مَالِكٍ، وَالْأَوْلَى حَمْلُ مَا فِي الْآيَةِ عَلَى الْقَوْلَيْنِ جَمِيعًا، لِصِدْقِ الرِّقَابِ عَلَى شِرَاءِ الْعَبْدِ وَإِعْتَاقِهِ، وَعَلَى إِعَانَةِ الْمُكَاتَبِ عَلَى مَالِ الْكِتَابَةِ. قَوْلُهُ: وَالْغارِمِينَ هُمُ الَّذِينَ رَكِبَتْهُمُ الدُّيُونُ وَلَا وَفَاءَ عِنْدِهِمْ بِهَا، وَلَا خِلَافَ فِي ذَلِكَ إِلَّا مَنْ لَزِمَهُ دَيْنٌ فِي سَفَاهَةٍ فَإِنَّهُ لَا يُعْطَى مِنْهَا وَلَا مِنْ غَيْرِهَا إِلَّا أَنْ يَتُوبَ. وَقَدْ أَعَانَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم مِنَ الصَّدَقَةِ مَنْ تَحَمَّلَ حَمَالَةً، وَأَرْشَدَ إِلَى إِعَانَتِهِ مِنْهَا. قَوْلُهُ وَفِي سَبِيلِ اللَّهِ هُمُ الْغُزَاةُ وَالْمُرَابِطُونَ يُعْطَوْنَ مِنَ الصَّدَقَةِ مَا يُنْفِقُونَ فِي غَزْوِهِمْ وَمُرَابَطَتِهِمْ، وَإِنْ كَانُوا أَغْنِيَاءَ، وَهَذَا قَوْلُ أَكْثَرِ الْعُلَمَاءِ. وَقَالَ ابْنُ عُمَرَ: هُمُ الْحُجَّاجُ وَالْعُمَّارُ، وَرُوِيَ عَنْ أَحْمَدَ وَإِسْحَاقَ أَنَّهُمَا جَعَلَا الْحَجَّ مِنْ سَبِيلِ اللَّهِ. وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ وَصَاحِبَاهُ: لَا يُعْطَى الْغَازِي إِلَّا إِذَا كَانَ فَقِيرًا مُنْقَطَعًا بِهِ. قَوْلُهُ وَابْنِ السَّبِيلِ هُوَ الْمُسَافِرُ، وَالسَّبِيلِ:

الطَّرِيقُ، وَنُسِبَ إِلَيْهَا الْمُسَافِرُ لِمُلَازَمَتِهِ إِيَّاهَا، وَالْمُرَادُ: الَّذِي انْقَطَعَتْ بِهِ الْأَسْبَابُ فِي سَفَرِهِ عَنْ بَلَدِهِ، وَمُسْتَقَرِّهِ، فَإِنَّهُ يُعْطَى مِنْهَا وَإِنْ كَانَ غَنِيًّا فِي بَلَدِهِ، وَإِنْ وَجَدَ مَنْ يُسْلِفُهُ. وَقَالَ مَالِكٌ: إِذَا وَجَدَ مَنْ يُسْلِفُهُ فَلَا يُعْطَى.

قَوْلُهُ فَرِيضَةً مِنَ اللَّهِ مَصْدَرٌ مُؤَكِّدٌ، لِأَنَّ قَوْلَهُ إِنَّمَا الصَّدَقاتُ لِلْفُقَراءِ مَعْنَاهُ: فَرَضَ اللَّهُ الصَّدَقَاتِ لَهُمْ. وَالْمَعْنَى: أَنَّ كَوْنَ الصَّدَقَاتِ مَقْصُورَةً عَلَى هَذِهِ الْأَصْنَافِ هُوَ حُكْمٌ لَازِمٌ، فَرَضَهُ اللَّهُ عَلَى عِبَادِهِ، وَنَهَاهُمْ عَنْ مُجَاوَزَتِهِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ بِأَحْوَالِ عِبَادِهِ حَكِيمٌ فِي أَفْعَالِهِ وَقِيلَ: إِنَّ فَرِيضَةً مُنْتَصِبَةً بِفِعْلٍ مُقَدَّرٍ، أَيْ: فَرَضَ اللَّهُ ذَلِكَ فَرِيضَةً. قَالَ فِي الْكَشَّافِ: فَإِنْ قُلْتَ لِمَ عَدَلَ عَنِ اللَّامِ إِلَى فِي فِي الْأَرْبَعَةِ الْآخِرَةِ؟ قُلْتُ: لِلْإِيذَانِ بِأَنَّهَا أَرْسَخُ فِي اسْتِحْقَاقِ التَّصَدُّقِ عَلَيْهِمْ مِمَّنْ سَبَقَ ذِكْرُهُ وَقِيلَ: النُّكْتَةُ فِي الْعُدُولِ:

أَنَّ الْأَصْنَافَ الْأَرْبَعَةَ الْأُوَلَ يُصْرَفُ المال إليهم حتى يتصرفوا به كما شاؤوا، وَفِي الْأَرْبَعَةِ الْأَخِيرَةِ لَا يُصْرَفُ الْمَالُ إِلَيْهِمْ، بَلْ يُصْرَفُ إِلَى جِهَاتِ الْحَاجَاتِ الْمُعْتَبَرَةِ فِي الصِّفَاتِ الَّتِي لِأَجْلِهَا اسْتَحَقُّوا سَهْمَ الزَّكَاةِ، كَذَا قِيلَ.

وَقَدْ أَخْرَجَ الْبُخَارِيُّ وَالنَّسَائِيُّ وَابْنُ جَرِيرٍ وَابْنُ الْمُنْذِرِ وَابْنُ أَبِي حَاتِمٍ وَأَبُو الشَّيْخِ وَابْنُ مَرْدَوَيْهِ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ قَالَ: «بَيْنَمَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقْسِمُ قَسْمًا إِذْ جَاءَهُ ابْنُ ذِي الْخُوَيْصِرَةِ التَّيْمِيُّ فَقَالَ: اعْدِلْ يَا رَسُولَ اللَّهِ، فَقَالَ: وَيْحَكَ، وَمَنْ يَعْدِلُ إِذَا لَمْ أَعْدِلْ؟ فَقَالَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ: ائْذَنْ لِي فَأَضْرِبَ عنقه فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: دَعْهُ فَإِنَّ لَهُ أَصْحَابًا يَحْقِرُ أَحَدُكُمْ صَلَاتَهُ مَعَ صَلَاتِهِمْ، وَصِيَامَهُ مَعَ صِيَامِهِمْ، يَمْرُقُونَ مِنَ الدِّينِ كَمَا يَمْرُقُ السَّهْمُ مِنَ الرَّمْيَةِ» . الْحَدِيثَ، حَتَّى قَالَ: وَفِيهِمْ نَزَلَتْ وَمِنْهُمْ مَنْ يَلْمِزُكَ فِي الصَّدَقاتِ. وَأَخْرَجَ ابْنُ الْمُنْذِرِ وَابْنُ أَبِي حَاتِمٍ وَأَبُو الشَّيْخِ عَنْ مُجَاهِدٍ فِي قَوْلِهِ وَمِنْهُمْ مَنْ يَلْمِزُكَ قَالَ:

يَرْزَؤُكَ، يَسْأَلُكَ. وَأَخْرَجَ ابْنُ الْمُنْذِرِ عَنْ قَتَادَةَ قَالَ: يَطْعَنُ عَلَيْكَ. وَأَخْرَجَ ابْنُ مَرْدَوَيْهِ عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ قَالَ:

لَمَّا قَسَمَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم غَنَائِمَ حُنَيْنٍ سَمِعْتُ رَجُلًا يَقُولُ: إِنَّ هَذِهِ لَقَسْمَةٌ مَا أُرِيدَ بِهَا اللَّهُ، فَأَتَيْتُ النبي صلى الله عليه وسلم وَذَكَرْتُ ذَلِكَ لَهُ، فَقَالَ «رَحْمَةُ اللَّهِ عَلَى مُوسَى قَدْ أُوذِيَ بِأَكْثَرَ مِنْ هَذَا فَصَبَرَ، وَنَزَلَ وَمِنْهُمْ مَنْ يَلْمِزُكَ فِي الصَّدَقاتِ» . وَأَخْرَجَ ابْنُ مَرْدَوَيْهِ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: نسخت هذه آية كُلَّ صَدَقَةٍ فِي الْقُرْآنِ

ص: 426

إِنَّمَا الصَّدَقاتُ لِلْفُقَراءِ الْآيَةُ. وَأَخْرَجَ ابْنُ الْمُنْذِرِ عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ نَحْوَهُ. وَأَخْرَجَ ابْنُ أَبِي شَيْبَةَ وَابْنُ جَرِيرٍ وَأَبُو الشَّيْخِ عَنْ حُذَيْفَةَ فِي قَوْلِهِ إِنَّمَا الصَّدَقاتُ لِلْفُقَراءِ الْآيَةَ قَالَ: إِنْ شِئْتَ جَعَلْتَهَا فِي صِنْفٍ وَاحِدٍ مِنَ الْأَصْنَافِ الثَّمَانِيَةِ الَّتِي سَمَّى اللَّهُ أَوْ صِنْفَيْنِ أَوْ ثَلَاثَةٍ. وَأَخْرَجَ ابْنُ أَبِي شَيْبَةَ عَنْ أَبِي الْعَالِيَةِ وَالْحَسَنِ وَعَطَاءٍ وَإِبْرَاهِيمَ وَسَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ نَحْوَهُ. وَأَخْرَجَ ابْنُ الْمُنْذِرِ وَالنَّحَّاسُ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: الْفُقَرَاءُ: فُقَرَاءُ الْمُسْلِمِينَ، وَالْمَسَاكِينُ: الطَّوَّافُونَ. وَأَخْرَجَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ وَابْنُ الْمُنْذِرِ وَابْنُ أَبِي حَاتِمٍ وَالنَّحَّاسُ وَأَبُو الشَّيْخِ عَنْ قَتَادَةَ قَالَ:

الْفَقِيرُ: الَّذِي بِهِ زَمَانَةٌ، وَالْمِسْكِينُ: الْمُحْتَاجُ الَّذِي لَيْسَ بِهِ زَمَانَةٌ. وَأَخْرَجَ ابْنُ أَبِي شَيْبَةَ عَنْ عُمَرَ فِي قَوْلِهِ إِنَّمَا الصَّدَقاتُ لِلْفُقَراءِ قَالَ: هُمْ زَمْنَى أَهْلِ الْكِتَابِ. وَأَخْرَجَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ فِي قَوْلِهِ وَالْعامِلِينَ عَلَيْها قَالَ: السُّعَاةُ أَصْحَابُ الصَّدَقَةِ. وَأَخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ وَابْنُ مَرْدَوَيْهِ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ فِي قَوْلِهِ وَالْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ قَالَ: هُمْ قَوْمٌ كَانُوا يَأْتُونَ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَدْ أَسْلَمُوا، وَكَانَ يَرْضَخُ لَهُمْ مِنَ الصَّدَقَاتِ، فَإِذَا أَعْطَاهُمْ مِنَ الصَّدَقَةِ فَأَصَابُوا مِنْهَا خَيْرًا قَالُوا: هَذَا دِينٌ صَالِحٌ، وَإِنْ كَانَ غَيْرَ ذَلِكَ عَابُوهُ وَتَرَكُوهُ. وَأَخْرَجَ الْبُخَارِيُّ وَابْنُ أَبِي حَاتِمٍ وَابْنُ مَرْدَوَيْهِ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ قَالَ: بَعَثَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ مِنَ اليمن إلى النبيّ صلى الله عليه وسلم بِذُهَيْبَةٍ فِيهَا تُرْبَتُهَا «1» ، فَقَسَمَهَا بَيْنَ أَرْبَعَةٍ مِنَ الْمُؤَلَّفَةِ: الْأَقْرَعِ بْنِ حَابِسٍ الْحَنْظَلِيِّ، وَعَلْقَمَةَ بْنِ عُلَاثَةَ الْعَامِرِيِّ، وَعُيَيْنَةَ بْنِ بَدْرٍ الْفَزَارِيِّ، وَزَيْدِ الْخَيْلِ الطَّائِيِّ فَقَالَتْ قُرَيْشٌ وَالْأَنْصَارُ: يَقْسِمُ بَيْنَ صَنَادِيدِ أَهْلِ نَجْدٍ وَيَدَعُنَا؟ فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: «إِنَّمَا أَتَأَلَّفُهُمْ» . وَأَخْرَجَ ابْنُ أَبِي شَيْبَةَ وَابْنُ الْمُنْذِرِ وَابْنُ أَبِي حَاتِمٍ وَأَبُو الشَّيْخِ عَنِ الزُّهْرِيِّ أَنَّهُ سُئِلَ عَنِ الْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ قَالَ: مَنْ أَسْلَمَ مِنْ يَهُودِيٍّ أَوْ نَصْرَانِيٍّ، قُلْتُ:

وَإِنْ كَانَ مُوسِرًا؟ قَالَ: وَإِنْ كَانَ مُوسِرًا. وَأَخْرَجَ هَؤُلَاءِ عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ قَالَ: لَيْسَ الْيَوْمَ مُؤَلَّفَةٌ قُلُوبُهُمْ.

وَأَخْرَجَ هَؤُلَاءِ أَيْضًا عَنِ الشَّعْبِيِّ مِثْلَهُ. وَأَخْرَجَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ عَنْ مُقَاتِلِ فِي قَوْلِهِ: وَفِي الرِّقابِ قَالَ:

هُمُ الْمُكَاتَبُونَ. وَأَخْرَجَ ابْنُ الْمُنْذِرِ عَنِ النَّخَعِيِّ نحوه. وأخرج أَيْضًا عَنْ عُمَرَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ: سَهْمُ الرِّقَابِ نِصْفَانِ: نَصِفٌ لِكُلِّ مَكَاتَبٍ مِمَّنْ يدّعي الإسلام، والنصف الآخر يشترى به رقاب مِمَّنْ صَلَّى وَصَامَ وَقَدَّمَ إِسْلَامَهُ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى يَعْتِقُونَ لِلَّهِ. وَأَخْرَجَ ابْنُ أَبِي شَيْبَةَ وَأَبُو عَبِيدٍ وَابْنُ الْمُنْذِرِ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّهُ كَانَ لَا يَرَى بَأْسًا أَنْ يُعْطِيَ الرَّجُلُ مِنْ زَكَاتِهِ فِي الْحَجِّ وَأَنْ يُعْتِقَ مِنْهَا رَقَبَةً. وَأَخْرَجَ ابْنُ أَبِي شَيْبَةَ عَنِ الزُّهْرِيِّ أَنَّهُ سُئِلَ عَنِ الْغَارِمِينَ قَالَ: أَصْحَابُ الدَّيْنِ. وَأَخْرَجَ ابْنُ أَبِي شَيْبَةَ وَابْنُ الْمُنْذِرِ وَابْنُ أَبِي حَاتِمٍ وَأَبُو الشَّيْخِ عن أبي جَعْفَرٍ فِي قَوْلِهِ وَالْغارِمِينَ قَالَ: هُوَ الَّذِي يَسْأَلُ فِي دَمٍ أَوْ جَائِحَةٍ تُصِيبُهُ وَفِي سَبِيلِ اللَّهِ قَالَ: هُمُ الْمُجَاهِدُونَ وَابْنِ السَّبِيلِ قَالَ: الْمُنْقَطِعُ بِهِ يُعْطَى قَدْرَ مَا يُبَلِّغُهُ. وَأَخْرَجَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ:

ابْنُ السَّبِيلِ هُوَ الضَّيْفُ الْفَقِيرُ الَّذِي يَنْزِلُ بِالْمُسْلِمِينَ. وَأَخْرَجَ ابْنُ أَبِي شَيْبَةَ وَأَبُو دَاوُدَ وَابْنُ مَاجَهْ وَابْنُ الْمُنْذِرِ وَابْنُ مَرْدَوَيْهِ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم «لَا تَحِلُّ الصَّدَقَةُ لِغَنِيٍّ إِلَّا لِخَمْسَةٍ: الْعَامِلِ عَلَيْهَا، أَوِ الرَّجُلِ اشْتَرَاهَا بِمَالِهِ، أَوْ غَارِمٍ، أَوْ غَازٍ فِي سَبِيلِ اللَّهِ، أَوْ مسكين تصدّق عليه فأهدى منها

(1) . يعني أنها غير مسبوكة، لم تخلص من ترابها.

ص: 427