الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الْعَقْرُ لَهَا فَقالَ لَهُمْ صَالِحٌ: تَمَتَّعُوا فِي دارِكُمْ ثَلاثَةَ أَيَّامٍ أَيْ: تَمَتَّعُوا بِالْعَيْشِ فِي مَنَازِلِكُمْ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ، فَإِنَّ الْعِقَابَ نَازِلٌ عَلَيْكُمْ بَعْدَهَا قِيلَ: إِنَّهُمْ عَقَرُوهَا يَوْمَ الْأَرْبِعَاءِ، فَأَقَامُوا الْخَمِيسَ وَالْجُمُعَةَ وَالسَّبْتَ وَأَتَاهُمُ الْعَذَابُ يَوْمَ الْأَحَدِ، وَالْإِشَارَةُ بِقَوْلِهِ: ذلِكَ إِلَى مَا يَدُلُّ عَلَيْهِ الْأَمْرُ بِالتَّمَتُّعِ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ وَعْدٌ غَيْرُ مَكْذُوبٍ أَيْ: غَيْرُ مَكْذُوبٍ فِيهِ، فَحَذَفَ الْجَارَّ اتِّسَاعًا، أَوْ مِنْ بَابِ الْمَجَازِ كَأَنَّ الْوَعْدَ إِذَا وُفِّيَ بِهِ، صَدَقَ وَلَمْ يَكْذِبْ، وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ مَصْدَرًا، أَيْ: وَعْدٌ غَيْرُ كَذِبٍ فَلَمَّا جاءَ أَمْرُنا أَيْ: عَذَابُنَا، أَوْ أَمْرُنَا بِوُقُوعِ الْعَذَابِ نَجَّيْنا صالِحاً وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ بِرَحْمَةٍ مِنَّا قَدْ تَقَدَّمَ تَفْسِيرُ هَذَا فِي قِصَّةِ هُودٍ وَمِنْ خِزْيِ يَوْمِئِذٍ أَيْ: وَنَجَّيْنَاهُمْ مِنْ خِزْيِ يَوْمَئِذٍ وَهُوَ هَلَاكُهُمْ بِالصَّيْحَةِ، وَالْخِزْيُ: الذُّلُّ وَالْمَهَانَةُ وَقِيلَ: مِنْ عَذَابِ يَوْمِ الْقِيَامَةِ، وَالْأَوَّلُ أَوْلَى. وَقَرَأَ نَافِعٌ وَالْكِسَائِيُّ: بِفَتْحِ يَوْمَ، عَلَى أَنَّهُ اكْتَسَبَ الْبِنَاءَ مِنَ الْمُضَافِ إِلَيْهِ. وَقَرَأَ الْبَاقُونَ: بِالْكَسْرِ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ الْقَوِيُّ الْعَزِيزُ الْقَادِرُ الْغَالِبُ الَّذِي لَا يُعْجِزُهُ شَيْءٌ وَأَخَذَ الَّذِينَ ظَلَمُوا الصَّيْحَةُ أَيْ: فِي الْيَوْمِ الرَّابِعِ مِنْ عَقْرِ النَّاقَةِ، صِيحَ بِهِمْ فَمَاتُوا، وَذُكِرَ الْفِعْلُ لِأَنَّ الصَّيْحَةَ وَالصِّيَاحَ وَاحِدٌ مَعَ كَوْنِ التَّأْنِيثِ غَيْرَ حَقِيقِيٍّ قِيلَ: صَيْحَةُ جِبْرِيلَ، وَقِيلَ: صَيْحَةٌ مِنَ السَّمَاءِ، فَتَقَطَّعَتْ قُلُوبُهُمْ وَمَاتُوا، وَتَقَدَّمَ في الأعراف: فَأَخَذَتْهُمُ الرَّجْفَةُ «1» قِيلَ: وَلَعَلَّهَا وَقَعَتْ عَقِبَ الصَّيْحَةِ فَأَصْبَحُوا فِي دِيارِهِمْ جاثِمِينَ أَيْ: سَاقِطِينَ عَلَى وُجُوهِهِمْ، مَوْتَى قَدْ لَصِقُوا بِالتُّرَابِ، كَالطَّيْرِ إِذَا جَثَمَتْ كَأَنْ لَمْ يَغْنَوْا فِيها أَيْ: كَأَنَّهُمْ لَمْ يُقِيمُوا فِي بِلَادِهِمْ أَوْ دِيَارِهِمْ، وَالْجُمْلَةُ فِيُ مَحَلِّ نَصْبٍ عَلَى الْحَالِ، وَالتَّقْدِيرُ: مُمَاثِلِينَ لِمَنْ لَمْ يُوجَدْ وَلَمْ يَقُمْ فِي مَقَامٍ قَطُّ أَلا إِنَّ ثَمُودَ كَفَرُوا رَبَّهُمْ وَضَعَ الظَّاهِرَ مَوْضِعَ الْمُضْمَرِ لِزِيَادَةِ الْبَيَانِ، وَصَرَّحَ بِكُفْرِهِمْ مَعَ كَوْنِهِ مَعْلُومًا: تَعْلِيلًا لِلدُّعَاءِ عَلَيْهِمْ بِقَوْلِهِ: أَلا بُعْداً لِثَمُودَ وَقَرَأَ الْكِسَائِيُّ: بِالتَّنْوِينِ. وَقَدْ تَقَدَّمَ تَفْسِيرُ هَذِهِ الْقِصَّةِ فِي الْأَعْرَافِ بِمَا يَحْتَاجُ إِلَى مُرَاجَعَتِهِ لِيَضُمَّ مَا فِي إِحْدَى الْقِصَّتَيْنِ مِنَ الْفَوَائِدِ إِلَى الْأُخْرَى.
وَقَدْ أَخْرَجَ أَبُو الشَّيْخِ عَنِ السُّدِّيِّ هُوَ أَنْشَأَكُمْ مِنَ الْأَرْضِ قَالَ: خَلَقَكُمْ مِنَ الْأَرْضِ. وَأَخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ وَابْنُ أَبِي حَاتِمٍ وَأَبُو الشَّيْخِ عَنْ مُجَاهِدٍ وَاسْتَعْمَرَكُمْ فِيها قَالَ: أَعْمَرَكُمْ فِيهَا. وَأَخْرَجَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ عَنِ ابْنِ زَيْدٍ وَاسْتَعْمَرَكُمْ فِيها قَالَ: اسْتَخْلَفَكُمْ فِيهَا. وَأَخْرُجُ ابْنُ جَرِيرٍ وَأَبُو الشَّيْخِ عَنْ مُجَاهِدٍ فَما تَزِيدُونَنِي غَيْرَ تَخْسِيرٍ يَقُولُ: مَا تَزْدَادُونَ أَنْتُمْ إِلَّا خَسَارًا. وَأَخْرَجَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ وَأَبُو الشَّيْخِ عَنْ عَطَاءٍ الْخُرَاسَانِيِّ نَحْوَهُ. وَأَخْرَجَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ عَنِ ابْنِ زَيْدٍ فِي قَوْلِهِ: فَأَصْبَحُوا فِي دِيارِهِمْ جاثِمِينَ قَالَ:
مَيِّتِينَ. وَأَخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ وَابْنُ أَبِي حَاتِمٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ كَأَنْ لَمْ يَغْنَوْا فِيها قَالَ: كَأَنْ لَمْ يَعِيشُوا فِيهَا.
وَأَخْرَجَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ وَأَبُو الشَّيْخِ عَنْهُ، قَالَ: كَأَنْ لَمْ يَعْمُرُوا فِيهَا. وَأَخْرَجَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ عَنْ قَتَادَةَ قَالَ: كَأَنْ لَمْ يَنْعَمُوا فيها.
[سورة هود (11) : الآيات 69 الى 76]
وَلَقَدْ جاءَتْ رُسُلُنا إِبْراهِيمَ بِالْبُشْرى قالُوا سَلاماً قالَ سَلامٌ فَما لَبِثَ أَنْ جاءَ بِعِجْلٍ حَنِيذٍ (69) فَلَمَّا رَأى أَيْدِيَهُمْ لَا تَصِلُ إِلَيْهِ نَكِرَهُمْ وَأَوْجَسَ مِنْهُمْ خِيفَةً قالُوا لَا تَخَفْ إِنَّا أُرْسِلْنا إِلى قَوْمِ لُوطٍ (70) وَامْرَأَتُهُ قائِمَةٌ فَضَحِكَتْ فَبَشَّرْناها بِإِسْحاقَ وَمِنْ وَراءِ إِسْحاقَ يَعْقُوبَ (71) قالَتْ يا وَيْلَتى أَأَلِدُ وَأَنَا عَجُوزٌ وَهذا بَعْلِي شَيْخاً إِنَّ هَذَا لَشَيْءٌ عَجِيبٌ (72) قالُوا أَتَعْجَبِينَ مِنْ أَمْرِ اللَّهِ رَحْمَتُ اللَّهِ وَبَرَكاتُهُ عَلَيْكُمْ أَهْلَ الْبَيْتِ إِنَّهُ حَمِيدٌ مَجِيدٌ (73)
فَلَمَّا ذَهَبَ عَنْ إِبْراهِيمَ الرَّوْعُ وَجاءَتْهُ الْبُشْرى يُجادِلُنا فِي قَوْمِ لُوطٍ (74) إِنَّ إِبْراهِيمَ لَحَلِيمٌ أَوَّاهٌ مُنِيبٌ (75) يَا إِبْراهِيمُ أَعْرِضْ عَنْ هَذَا إِنَّهُ قَدْ جاءَ أَمْرُ رَبِّكَ وَإِنَّهُمْ آتِيهِمْ عَذابٌ غَيْرُ مَرْدُودٍ (76)
(1) . الأعراف: 78. [.....]
هَذِهِ قِصَّةُ لُوطٍ عليه السلام وَقَوْمِهِ، وَهُوَ ابْنُ عَمِّ إِبْرَاهِيمَ عليه السلام، وَكَانَتْ قُرَى لُوطٍ بِنَوَاحِي الشَّامِ، وَإِبْرَاهِيمُ بِبِلَادِ فِلَسْطِينَ. فَلَمَّا أَنْزَلَ اللَّهُ الْمَلَائِكَةَ بِعَذَابِ قَوْمِ لُوطٍ مَرُّوا بِإِبْرَاهِيمَ وَنَزَلُوا عِنْدَهُ، وَكَانَ كُلُّ مَنْ نَزَلَ عِنْدَهُ يُحْسِنُ قِرَاهُ، وَكَانَ مُرُورُهُمْ عَلَيْهِ لِتَبْشِيرِهِ بِهَذِهِ الْبِشَارَةِ الْمَذْكُورَةِ، فَظَنَّهُمْ أَضْيَافًا، وَهُمْ جِبْرِيلُ وَمِيكَائِيلُ وَإِسْرَافِيلُ. وَقِيلَ: كَانُوا تِسْعَةً، وَقِيلَ: أَحَدَ عَشَرَ، وَالْبُشْرَى الَّتِي بَشَّرُوهُ بِهَا: هِيَ بِشَارَتُهُ بِالْوَلَدِ وَقِيلَ: بِإِهْلَاكِ قَوْمِ لُوطٍ، وَالْأُولَى أَوْلَى قالُوا سَلاماً مَنْصُوبٌ بِفِعْلٍ مُقَدَّرٍ، أَيْ: سَلَّمْنَا عَلَيْكَ سَلَامًا قالَ سَلامٌ ارْتِفَاعُهُ عَلَى أَنَّهُ خَبَرُ مُبْتَدَأٍ مَحْذُوفٍ، أَيْ: أَمْرُكُمْ سَلَامٌ، أَوْ مُرْتَفِعٌ عَلَى أَنَّهُ مُبْتَدَأٌ، وَالْخَبَرُ مَحْذُوفٌ، وَالتَّقْدِيرُ: عَلَيْكُمْ سَلَامٌ فَما لَبِثَ أَيْ: إِبْرَاهِيمُ أَنْ جاءَ بِعِجْلٍ حَنِيذٍ قَالَ أَكْثَرُ النَّحْوِيِّينَ أَنْ هُنَا بِمَعْنَى حَتَّى، أَيْ: فَمَا لَبِثَ حَتَّى جَاءَ وَقِيلَ: إِنَّهَا فِي مَحَلِّ نَصْبٍ بِسُقُوطِ حَرْفِ الْجَرِّ، وَالتَّقْدِيرُ فَمَا لَبِثَ عَنْ أَنْ جَاءَ، أَيْ: مَا أَبْطَأَ إِبْرَاهِيمُ عَنْ مَجِيئِهِ بِعِجْلٍ، وَمَا: نَافِيَةٌ قَالَهُ سِيبَوَيْهِ. وَقَالَ الْفَرَّاءُ فَمَا لَبِثَ مَجِيئُهُ أَيْ: مَا أَبْطَأَ مَجِيئُهُ، وَقِيلَ: إِنَّ مَا مَوْصُولَةٌ وَهِيَ مُبْتَدَأٌ، وَالْخَبَرُ: أَنْ جَاءَ بِعِجْلٍ حَنِيذٍ وَالتَّقْدِيرُ: فَالَّذِي لَبِثَ إِبْرَاهِيمُ هُوَ مَجِيئُهُ بِعِجْلٍ حَنِيذٍ، وَالْحَنِيذُ: الْمَشْوِيُّ مُطْلَقًا، وَقِيلَ: الْمَشْوِيُّ بِحَرِّ الْحِجَارَةِ مِنْ غَيْرِ أَنْ تَمَسَّهُ النَّارُ، يُقَالُ: حَنَذَ الشَّاةَ يَحْنِذُهَا: جَعَلَهَا فَوْقَ حِجَارَةٍ مُحَمَّاةٍ لِتُنْضِجَهَا فَهِيَ حَنِيذٌ وَقِيلَ مَعْنَى حَنِيذٍ: سَمِينٌ وَقِيلَ: الْحَنِيذُ هُوَ السَّمِيطُ وَقِيلَ: النَّضِيجُ، وَهُوَ فَعِيلٌ بِمَعْنَى مَفْعُولٍ، وَإِنَّمَا جَاءَهُمْ بِعِجْلٍ، لِأَنَّ الْبَقَرَ كَانَتْ أَكْثَرَ أَمْوَالِهِ فَلَمَّا رَأى أَيْدِيَهُمْ لَا تَصِلُ إِلَيْهِ أَيْ: لَا يَمُدُّونَهَا إِلَى الْعِجْلِ كَمَا يَمُدُّ يَدَهُ مَنْ يُرِيدُ الْأَكْلَ نَكِرَهُمْ يُقَالُ: نَكِرْتَهُ وَأَنْكَرْتَهُ وَاسْتَنْكَرْتَهُ: إِذَا وَجَدْتَهُ عَلَى غَيْرِ مَا تَعْهَدُ، وَمِنْهُ قَوْلُ الشَّاعِرِ:
فَأَنْكَرَتْنِي وَمَا كَانَ الَّذِي نَكِرَتْ
…
مِنَ الْحَوَادِثِ إِلَّا الشَّيْبُ وَالصَّلَعَا
فَجَمَعَ بَيْنَ اللُّغَتَيْنِ، وَمِمَّا جُمِعَ فِيهِ بَيْنَ اللُّغَتَيْنِ قَوْلُ الشَّاعِرِ:
إِذَا أَنْكَرَتْنِي بَلْدَةٌ أَوْ نَكِرْتُهَا
…
خَرَجْتُ مَعَ الْبَازِي عَلَيَّ سَوَادُ
وَقِيلَ يُقَالُ: أَنْكَرْتُ لِمَا تَرَاهُ بِعَيْنِكَ، وَنَكِرْتُ لِمَا تَرَاهُ بِقَلْبِكَ، قِيلَ: وَإِنَّمَا اسْتَنْكَرَ مِنْهُمْ ذَلِكَ، لِأَنَّ عَادَتَهُمْ أَنَّ الضَّيْفَ إِذَا نَزَلَ بِهِمْ وَلَمْ يَأْكُلْ مِنْ طَعَامِهِمْ ظَنُّوا أَنَّهُ قَدْ جَاءَ بِشْرٍ وَأَوْجَسَ مِنْهُمْ أَيْ: أَحَسَّ فِي نَفْسِهِ مِنْهُمْ خِيفَةً أَيْ: خَوْفًا وَفَزَعًا وَقِيلَ مَعْنَى أَوْجَسَ: أَضْمَرَ فِي نَفْسِهِ خِيفَةً، وَالْأَوَّلُ أَلْصَقُ بِالْمَعْنَى اللُّغَوِيِّ، وَمِنْهُ قَوْلُ الشَّاعِرِ:
جَاءَ البريد بقرطاس يخبّ به
…
فأوجس القلب من قرطاسه جزعا
وَكَأَنَّهُ ظَنَّ أَنَّهُمْ قَدْ نَزَلُوا بِهِ لِأَمْرٍ ينكره، لِتَعْذِيبِ قَوْمِهِ قالُوا لَا تَخَفْ قَالُوا لَهُ هَذِهِ الْمَقَالَةَ مَعَ كَوْنِهِ
لَمْ يَتَكَلَّمْ بِمَا يَدُلُّ عَلَى الْخَوْفِ، بَلْ أَوْجَسَ ذَلِكَ فِي نَفْسِهِ، فَلَعَلَّهُمُ اسْتَدَلُّوا عَلَى خَوْفِهِ بِأَمَارَاتٍ كَظُهُورِ أَثَرِهِ عَلَى وَجْهِهِ، أَوْ قالوه له بعد ما قَالَ- عَقِبَ مَا أَوْجَسَ فِي نَفْسِهِ مِنَ الْخِيفَةِ-: قَوْلًا يَدُلُّ عَلَى الْخَوْفِ كَمَا فِي قَوْلِهِ فِي سُورَةِ الْحِجْرِ: قالَ إِنَّا مِنْكُمْ وَجِلُونَ «1» ، ولم يذكر ذلك هاهنا اكتفاء بما هناك، ثُمَّ عَلَّلُوا نَهْيَهُ عَنِ الْخَوْفِ بِقَوْلِهِمْ: إِنَّا أُرْسِلْنا إِلى قَوْمِ لُوطٍ أَيْ: أُرْسِلْنَا إِلَيْهِمْ خَاصَّةً، وَيُمْكِنُ أَنْ يَكُونَ إِبْرَاهِيمُ عليه السلام قَدْ قَالَ قَوْلًا يَكُونُ هَذَا جَوَابًا عَنْهُ، قالَ فَما خَطْبُكُمْ أَيُّهَا الْمُرْسَلُونَ- قالُوا إِنَّا أُرْسِلْنا إِلى قَوْمٍ مُجْرِمِينَ، وَجُمْلَةُ وَامْرَأَتُهُ قائِمَةٌ فَضَحِكَتْ فِي مَحَلِّ نَصْبٍ عَلَى الْحَالِ، قِيلَ: كَانَتْ قَائِمَةً عِنْدَ تَحَاوُرِهِمْ وَرَاءَ السِّتْرِ، وَقِيلَ: كَانَتْ قَائِمَةً تَخْدِمُ الْمَلَائِكَةَ وَهُوَ جَالِسٌ، وَالضَّحِكُ هُنَا: هُوَ الضَّحِكُ الْمَعْرُوفُ الَّذِي يَكُونُ لِلتَّعَجُّبِ أَوْ لِلسُّرُورِ كَمَا قَالَهُ الْجُمْهُورُ. وَقَالَ مُجَاهِدٌ وَعِكْرِمَةُ: إِنَّهُ الْحَيْضُ، وَمِنْهُ قَوْلُ الشَّاعِرِ:
وَإِنِّي لَآتِي الْعِرْسَ عِنْدَ طَهُورِهَا
…
وَأَهْجُرُهَا يَوْمًا إِذَا تَكُ ضَاحِكَا
وَقَالَ الْآخَرُ:
وضحك الأرانب فوق الصّفا
…
كمثل دم الجوف يوم اللقا
والعرب تقول ضحكت الأرانب: إِذَا حَاضَتْ. وَقَدْ أَنْكَرَ بَعْضُ اللُّغَوِيِّينَ أَنْ يَكُونَ فِي كَلَامِ الْعَرَبِ ضَحِكَتْ بِمَعْنَى حَاضَتْ فَبَشَّرْناها بِإِسْحاقَ ظَاهِرُهُ أَنَّ التَّبْشِيرَ كَانَ بَعْدَ الضَّحِكِ. وَقَالَ الْفَرَّاءُ: فِيهِ تَقْدِيمٌ وَتَأْخِيرٌ. وَالْمَعْنَى: فَبَشَّرْنَاهَا فَضَحِكَتْ سُرُورًا بِالْوَلَدِ. وَقَرَأَ مُحَمَّدُ بْنُ زِيَادٍ مِنْ قُرَّاءِ مَكَّةَ: فَضَحَكَتْ بِفَتْحِ الْحَاءِ، وَأَنْكَرَهُ الَمَهَدَوِيُّ وَمِنْ وَراءِ إِسْحاقَ يَعْقُوبَ قَرَأَ حَمْزَةُ وَابْنُ عَامِرٍ وَحَفْصٌ: بِنَصْبِ يَعْقُوبَ، عَلَى أَنَّهُ مَفْعُولُ فِعْلٍ دَلَّ عَلَيْهِ فَبَشَّرْنَاهَا، كَأَنَّهُ قَالَ: وَوَهَبْنَا لَهَا مِنْ وَرَاءِ إِسْحَاقَ يَعْقُوبَ. وَأَجَازَ الْكِسَائِيُّ وَالْأَخْفَشُ وَأَبُو حَاتِمٍ أَنْ يَكُونَ يَعْقُوبُ فِي مَوْضِعِ جَرٍّ. وَقَالَ الْفَرَّاءُ: لَا يَجُوزُ الْجَرُّ إِلَّا بِإِعَادَةِ حَرْفِهِ. قَالَ سِيبَوَيْهِ: وَلَوْ قُلْتَ مَرَرْتُ بِزَيْدٍ أَوَّلَ مِنْ أَمْسِ، وَأَمْسِ عُمَرُ، كَانَ قَبِيحًا خَبِيثًا، لِأَنَّكَ فَرَّقْتَ بَيْنَ الْمَجْرُورِ وَمَا يَشْرَكُهُ كَمَا يُفَرَّقُ بَيْنَ الْجَارِّ وَالْمَجْرُورِ. وَقَرَأَ الْبَاقُونَ بِرَفْعِ يَعْقُوبَ عَلَى أَنَّهُ مُبْتَدَأٌ وَخَبَرُهُ الظَّرْفُ الَّذِي قَبْلَهُ، وَقِيلَ:
الرَّفْعُ بِتَقْدِيرِ فِعْلٍ مَحْذُوفٍ، أَيْ: وَيَحْدُثُ لَهَا، أَوْ وَثَبَتَ لَهَا. وَقَدْ وَقَعَ التَّبْشِيرُ هُنَا لَهَا، وَوَقَعَ لِإِبْرَاهِيمَ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى فَبَشَّرْناهُ بِغُلامٍ حَلِيمٍ «2» - وَبَشَّرُوهُ بِغُلامٍ عَلِيمٍ «3» ، لِأَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مُسْتَحِقٌّ لِلْبِشَارَةِ بِهِ لكونه منهما، وجملة قالَتْ يا وَيْلَتى مُسْتَأْنَفَةٌ جَوَابُ سُؤَالٍ مُقَدَّرٍ كَأَنَّهُ قِيلَ: فَمَاذَا قَالَتْ؟ قَالَ الزَّجَّاجُ:
أَصْلُهَا يَا وَيْلَتِي، فَأُبْدِلَ مِنَ الْيَاءِ أَلِفٌ لِأَنَّهَا أَخَفُّ مِنَ الْيَاءِ وَالْكَسْرَةِ، وَهِيَ لَمْ تُرِدِ الدُّعَاءَ عَلَى نَفْسِهَا بِالْوَيْلِ، وَلَكِنَّهَا كَلِمَةٌ تَقَعُ كَثِيرًا عَلَى أَفْوَاهِ النِّسَاءِ إِذَا طَرَأَ عَلَيْهِنَّ مَا يَعْجَبْنَ مِنْهُ، وَأَصْلُ الْوَيْلِ: الْخِزْيُ، ثُمَّ شَاعَ فِي كُلِّ أَمْرٍ فَظِيعٍ، وَالِاسْتِفْهَامُ فِي قَوْلِهَا: أَأَلِدُ وَأَنَا عَجُوزٌ لِلتَّعَجُّبِ، أَيْ: كَيْفَ أَلِدُ وَأَنَا شَيْخَةٌ قَدْ طَعَنْتُ فِي السِّنِّ، يُقَالُ: عَجَزَتْ تَعْجَزُ مُخَفَّفًا وَمُثَقَّلًا عَجْزًا وَتَعْجِيزًا، أَيْ: طَعَنَتْ فِي السِّنِّ، وَيُقَالُ عَجُوزٌ وَعَجُوزَةٌ، وَأَمَّا عَجِزَتْ بِكَسْرِ الْجِيمِ: فَمَعْنَاهُ عَظُمَتْ عَجِيزَتُهَا، قِيلَ: كَانَتْ بِنْتَ تِسْعٍ وَتِسْعِينَ، وَقِيلَ:
بِنْتَ تِسْعِينَ وَهذا بَعْلِي شَيْخاً أَيْ: وَهَذَا زَوْجِي إِبْرَاهِيمُ شَيْخًا لَا تحبل من مثله النساء، وشيخا: منتصب
(1) . الحجر: 52.
(2)
. الصافات: 101.
(3)
. الذاريات: 28.
عَلَى الْحَالِ، وَالْعَامِلُ فِيهِ مَعْنَى الْإِشَارَةِ. قَالَ النَّحَّاسُ: وَفِي قِرَاءَةِ أُبَيٍّ وَابْنِ مَسْعُودٍ شَيْخٌ: بِالرَّفْعِ عَلَى أَنَّهُ خَبَرُ الْمُبْتَدَأِ، أَوْ خَبَرٌ بَعْدَ خَبَرٍ، أَوْ خَبَرُ مُبْتَدَأٍ مَحْذُوفٍ وَعَلَى الْأَوَّلِ يَكُونُ بَعْلِي بَدَلًا مِنِ اسْمِ الْإِشَارَةِ قِيلَ:
كَانَ إِبْرَاهِيمُ ابْنَ مِائَةٍ وَعِشْرِينَ سَنَةً وَقِيلَ: ابْنَ مِائَةٍ، وَهَذِهِ الْمُبَشَّرَةُ هِيَ: سَارَةُ امْرَأَةُ إِبْرَاهِيمَ. وَقَدْ كَانَ وُلِدَ لِإِبْرَاهِيمَ مِنْ هَاجَرَ أَمَتِهِ إِسْمَاعِيلُ، فَتَمَنَّتْ سَارَةُ أَنْ يَكُونَ لَهَا ابْنٌ وَأَيِسَتْ مِنْهُ لِكِبَرِ سِنِّهَا، فَبَشَّرَهَا اللَّهُ بِهِ عَلَى لِسَانِ مَلَائِكَتِهِ إِنَّ هَذَا لَشَيْءٌ عَجِيبٌ أَيْ: مَا ذَكَرَتْهُ الْمَلَائِكَةُ مِنَ التَّبْشِيرِ بِحُصُولِ الْوَلَدِ- مَعَ كَوْنِهَا فِي هَذِهِ السِّنِّ الْعَالِيَةِ الَّتِي لَا يُولَدُ لِمِثْلِهَا- شَيْءٌ يُقْضَى مِنْهُ الْعَجَبُ، وَجُمْلَةُ قالُوا أَتَعْجَبِينَ مِنْ أَمْرِ اللَّهِ مُسْتَأْنَفَةٌ جَوَابُ سُؤَالٍ مُقَدَّرٍ، وَالِاسْتِفْهَامُ فِيهَا لِلْإِنْكَارِ، أَيْ: كَيْفَ تَعْجَبِينَ مِنْ قَضَاءِ اللَّهِ وَقَدَرِهِ، وَهُوَ لَا يَسْتَحِيلُ عَلَيْهِ شَيْءٌ، وَإِنَّمَا أَنْكَرُوا عَلَيْهَا مَعَ كَوْنِ مَا تَعَجَّبَتْ مِنْهُ مِنْ خَوَارِقِ الْعَادَةِ لِأَنَّهَا مِنْ بَيْتِ النُّبُوَّةِ، وَلَا يَخْفَى عَلَى مِثْلِهَا أَنَّ هَذَا من مقدوراته سبحانه، ولهذا قالوا: رَحْمَتُ اللَّهِ وَبَرَكاتُهُ عَلَيْكُمْ أَهْلَ الْبَيْتِ أَيْ:
الرَّحْمَةُ الَّتِي وَسِعَتْ كُلَّ شَيْءٍ وَالْبَرَكَاتُ وَهِيَ النُّمُوُّ والزيادة وقيل الرَّحْمَةُ: النُّبُوَّةُ، وَالْبَرَكَاتُ: الْأَسْبَاطُ مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ لِمَا فِيهِمْ مِنَ الْأَنْبِيَاءِ، وَانْتِصَابُ: أَهْلَ الْبَيْتِ، عَلَى الْمَدْحِ أَوِ الِاخْتِصَاصِ، وَصَرْفُ الْخِطَابِ مِنْ صِيغَةِ الْوَاحِدَةِ إِلَى الْجَمْعِ لِقَصْدِ التَّعْمِيمِ إِنَّهُ حَمِيدٌ أَيْ: يَفْعَلُ مُوجِبَاتِ حَمْدِهِ مِنْ عِبَادِهِ عَلَى سَبِيلِ الْكَثْرَةِ مَجِيدٌ كَثِيرُ الْإِحْسَانِ إِلَى عِبَادِهِ بِمَا يَفِيضُهُ عَلَيْهِمْ مِنَ الْخَيْرَاتِ، وَالْجُمْلَةُ تعليل لقوله: رَحْمَتُ اللَّهِ وَبَرَكاتُهُ عَلَيْكُمْ أَهْلَ الْبَيْتِ. قَوْلُهُ: فَلَمَّا ذَهَبَ عَنْ إِبْراهِيمَ الرَّوْعُ أَيْ: الْخِيفَةُ الَّتِي أَوْجَسَهَا فِي نَفْسِهِ، يُقَالُ ارْتَاعَ مِنْ كَذَا: إِذَا خَافَ، وَمِنْهُ قَوْلُ النَّابِغَةِ:
فَارْتَاعَ مِنْ صَوْتِ كَلَّابٍ فَبَاتَ لَهُ
…
طَوْعَ الشَّوَامِتِ مِنْ خوف ومن صرد
وَجاءَتْهُ الْبُشْرى أَيْ: بِالْوَلَدِ، أَوْ بِقَوْلِهِمْ: لَا تَخَفْ. قَوْلُهُ: يُجادِلُنا فِي قَوْمِ لُوطٍ. قَالَ الْأَخْفَشُ وَالْكِسَائِيُّ: إِنَّ يُجَادِلُنَا فِي مَوْضِعِ جَادَلَنَا، فَيَكُونُ هُوَ جَوَابُ: لَمَّا، لِمَا تَقَرَّرَ مِنْ أَنَّ جَوَابَهَا يَكُونُ بِالْمَاضِي لَا بِالْمُسْتَقْبَلِ. قَالَ النَّحَّاسُ: جُعِلَ الْمُسْتَقْبَلُ مَكَانَهُ كَمَا يُجْعَلُ الْمَاضِي مَكَانَ الْمُسْتَقْبَلِ فِي الشَّرْطِ وَقِيلَ: إِنَّ الْجَوَابَ مَحْذُوفٌ، وَيُجَادِلُنَا فِي مَوْضِعِ نَصْبٍ عَلَى الْحَالِ، قَالَهُ الْفَرَّاءُ، وَتَقْدِيرُهُ: فَلَمَّا ذَهَبَ عَنْهُ الرَّوْعُ وَجَاءَتْهُ الْبُشْرَى اجْتَرَأَ عَلَى خِطَابِنَا حَالَ كَوْنِهِ يُجَادِلُنَا، أَيْ: يُجَادِلُ رُسُلَنَا وَقِيلَ: إِنَّ الْمَعْنَى: أَخَذَ يُجَادِلُنَا، وَمُجَادَلَتُهُ لَهُمْ قِيلَ:
إِنَّهُ لَمَّا سمع قولهم: إِنَّا مُهْلِكُوا أَهْلِ هذِهِ الْقَرْيَةِ قَالَ: أَرَأَيْتُمْ إِنْ كَانَ فِيهِمْ خَمْسُونَ مِنَ الْمُسْلِمِينَ أَتُهْلِكُونَهُمْ؟
قَالُوا: لَا، قَالَ: فَأَرْبَعُونَ؟ قَالُوا: لَا، قَالَ: فَعِشْرُونَ؟ قَالُوا: لَا، ثُمَّ قَالَ: فَعَشَرَةٌ، فَخَمْسَةٌ؟ قَالُوا لَا. قَالَ: فَوَاحِدٌ؟ قَالُوا: لَا، قالَ إِنَّ فِيها لُوطاً قالُوا نَحْنُ أَعْلَمُ بِمَنْ فِيها لَنُنَجِّيَنَّهُ وَأَهْلَهُ الْآيَةَ، فَهَذَا مَعْنَى مُجَادَلَتِهِ فِي قَوْمِ لُوطٍ: أَيْ: فِي شَأْنِهِمْ وَأَمْرِهِمْ. ثُمَّ أَثْنَوْا عَلَى إِبْرَاهِيمَ، أَوْ أَثْنَى اللَّهُ عَلَيْهِ فَقَالَ إِنَّ إِبْراهِيمَ لَحَلِيمٌ أَيْ لَيْسَ بِعَجُولٍ فِي الْأُمُورِ، وَلَا بِمُوقِعٍ لَهَا عَلَى غَيْرِ مَا يَنْبَغِي. وَالْأَوَّاهُ: كَثِيرُ التَّأَوُّهِ، وَالْمُنِيبُ: الرَّاجِعُ إِلَى اللَّهِ. وَقَدْ تَقَدَّمَ فِي بَرَاءَةَ الْكَلَامُ عَلَى الْأَوَّاهِ. قوله: يا إِبْراهِيمُ أَعْرِضْ عَنْ هَذَا هَذَا قَوْلُ الْمَلَائِكَةِ لَهُ، أَيْ: أَعْرَضْ عَنْ هَذَا الْجِدَالِ فِي أَمْرٍ قَدْ فُرِغَ مِنْهُ، وَجَفَّ بِهِ الْقَلَمُ، وَحَقَّ بِهِ الْقَضَاءُ إِنَّهُ قَدْ جاءَ أَمْرُ رَبِّكَ الضَّمِيرُ لِلشَّأْنِ، وَمَعْنَى مَجِيءِ أَمْرِ اللَّهِ: مَجِيءُ عَذَابِهِ الَّذِي قَدَّرَهُ عَلَيْهِمْ، وَسَبَقَ بِهِ قَضَاؤُهُ وَإِنَّهُمْ
آتِيهِمْ عَذابٌ غَيْرُ مَرْدُودٍ
أَيْ: لَا يَرُدُّهُ دُعَاءٌ وَلَا جِدَالٌ، بَلْ هُوَ وَاقِعٌ بِهِمْ لَا مَحَالَةَ، وَنَازِلٌ بِهِمْ عَلَى كُلِّ حَالٍ، لَيْسَ بِمَصْرُوفٍ وَلَا مَدْفُوعٍ.
وَقَدْ أَخْرَجَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ عَنْ عُثْمَانَ بْنِ مِحْصَنٍ فِي ضَيْفِ إِبْرَاهِيمَ قَالَ: كَانُوا أَرْبَعَةً: جِبْرِيلَ، وَمِيكَائِيلَ، وَإِسْرَافِيلَ، وَرَافَائِيلَ. وَأَخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ، وَابْنُ الْمُنْذِرِ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ فِي قَوْلِهِ: بِعِجْلٍ حَنِيذٍ قَالَ:
نَضِيجٍ. وَأَخْرَجَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ عَنْهُ قَالَ: مَشْوِيٌّ. وَأَخْرَجَ أَبُو الشَّيْخِ عَنْهُ أَيْضًا قَالَ: سَمِيطٌ. وَأَخْرَجَ ابْنُ الْمُنْذِرِ، وَابْنُ أَبِي حَاتِمٍ، وَأَبُو الشَّيْخِ عَنِ الضَّحَّاكِ قَالَ: الْحَنِيذُ الَّذِي أُنْضِجَ بِالْحِجَارَةِ. وَأَخْرَجَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ عن يزيد ابن أَبِي يَزِيدٍ الْبَصْرِيِّ فِي قَوْلِهِ: فَلَمَّا رَأى أَيْدِيَهُمْ لَا تَصِلُ إِلَيْهِ قَالَ: لَمْ يَرَ لَهُمْ أَيْدِيًا فَنَكِرَهُمْ. وَأَخْرَجَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ، وَابْنُ الْمُنْذِرِ، وَابْنُ أَبِي حَاتِمٍ، وَأَبُو الشَّيْخِ عَنْ قَتَادَةَ فِي قَوْلِهِ: نَكِرَهُمْ قَالَ: كَانُوا إِذَا نَزَلَ بِهِمْ ضَيْفٌ فَلَمْ يَأْكُلْ مِنْ طَعَامِهِمْ ظَنُّوا أَنَّهُ لَمْ يَأْتِ بِخَيْرٍ، وَأَنَّهُ يُحَدِّثُ نَفْسَهُ بِشَرٍّ، ثُمَّ حَدَّثُوهُ عِنْدَ ذَلِكَ بِمَا جَاءُوا فِيهِ، فَضَحِكَتِ امْرَأَتُهُ. وَأَخْرَجَ ابْنُ الْمُنْذِرِ عَنِ الْمُغِيرَةِ قَالَ: فِي مُصْحَفِ ابْنِ مَسْعُودٍ وَامْرَأَتُهُ قَائِمَةٌ وَهُوَ جَالِسٌ. وَأَخْرَجَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ عَنْ مُجَاهِدٍ: وَامْرَأَتُهُ قائِمَةٌ قَالَ: فِي خِدْمَةِ أَضْيَافِ إِبْرَاهِيمَ.
وَأَخْرَجَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ، وَابْنُ جَرِيرٍ، وَابْنُ الْمُنْذِرِ، وَابْنُ أَبِي حَاتِمٍ، وَأَبُو الشَّيْخِ عَنْ قَتَادَةَ قَالَ: لَمَّا أَوْجَسَ إِبْرَاهِيمُ فِي نَفْسِهِ خِيفَةً حَدَّثُوهُ عِنْدَ ذَلِكَ بِمَا جَاءُوا فِيهِ، فَضَحِكَتِ امْرَأَتُهُ تَعَجُّبًا مِمَّا فِيهِ قَوْمُ لُوطٍ مِنَ الْغَفْلَةِ، وَمِمَّا أَتَاهُمْ مِنَ الْعَذَابِ. وَأَخْرَجَ عَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ، وَابْنُ الْمُنْذِرِ، وَابْنُ أَبِي حَاتِمٍ، وَأَبُو الشَّيْخِ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ:
فَضَحِكَتْ قَالَ: فَحَاضَتْ وَهِيَ بِنْتُ ثَمَانٍ وَتِسْعِينَ سَنَةً. وَأَخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ عَنْ مُجَاهِدٍ فِي قَوْلِهِ:
فَضَحِكَتْ قَالَ: حَاضَتْ وَكَانَتِ ابْنَةُ بِضْعٍ وَتِسْعِينَ سَنَةً، وَكَانَ إِبْرَاهِيمُ ابْنُ مِائَةِ سَنَةٍ. وَأَخْرَجَ أَبُو الشَّيْخِ عَنْ عِكْرِمَةَ قَالَ: حَاضَتْ. وَأَخْرَجَ أَبُو الشَّيْخِ عَنِ ابْنِ عُمَرَ مِثْلَهُ. وَأَخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ، وَابْنُ الْمُنْذِرِ، وَابْنُ أَبِي حَاتِمٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ فِي قَوْلِهِ: وَمِنْ وَراءِ إِسْحاقَ يَعْقُوبَ قَالَ: هُوَ وَلَدُ الْوَلَدِ. وَأَخْرَجَ ابْنُ الْأَنْبَارِيِّ فِي كِتَابِ الْوَقْفِ وَالِابْتِدَاءِ عَنْ حَسَّانَ بْنِ أَبْجَرَ قَالَ: كُنْتُ عِنْدَ ابْنِ عَبَّاسٍ فَجَاءَ رَجُلٌ مِنْ هُذَيْلٍ، فَقَالَ لَهُ ابْنُ عَبَّاسٍ: مَا فَعَلَ فُلَانٌ؟ قَالَ: مَاتَ وَتَرَكَ أَرْبَعَةً مِنَ الْوَلَدِ وَثَلَاثَةً مِنَ الْوَرَاءِ، فَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ:
فَبَشَّرْناها بِإِسْحاقَ وَمِنْ وَراءِ إِسْحاقَ يَعْقُوبَ قَالَ: وَلَدُ الْوَلَدِ. وَأَخْرَجَ ابْنُ الْمُنْذِرِ، وَابْنُ أَبِي حَاتِمٍ، وَالْحَاكِمُ، وَأَبُو الشَّيْخِ، وَالْبَيْهَقِيُّ فِي الشُّعَبِ، مِنْ طُرُقٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: أَنَّهُ كَانَ يَنْهَى عَنْ أَنْ يُزَادَ فِي جَوَابِ التَّحِيَّةِ عَلَى قَوْلِهِمْ: عَلَيْكُمُ السَّلَامُ وَرَحْمَةُ اللَّهِ وَبَرَكَاتُهُ، وَيَتْلُو هَذِهِ الآية رَحْمَتُ اللَّهِ وَبَرَكاتُهُ عَلَيْكُمْ أَهْلَ الْبَيْتِ. وَأَخْرَجَ الْبَيْهَقِيُّ عَنِ ابْنِ عُمَرَ نَحْوَهُ. وَأَخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ، وَابْنُ الْمُنْذِرِ، وَابْنُ أَبِي حَاتِمٍ، وَأَبُو الشَّيْخِ عَنْ مُجَاهِدٍ فِي قَوْلِهِ: فَلَمَّا ذَهَبَ عَنْ إِبْراهِيمَ الرَّوْعُ قَالَ: الْفَرَقُ. يُجادِلُنا فِي قَوْمِ لُوطٍ قَالَ:
يُخَاصِمُنَا. وَأَخْرَجَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ، وَأَبُو الشَّيْخِ عَنْ قَتَادَةَ فِي تَفْسِيرِ الْمُجَادَلَةِ قَالَ: إِنَّهُ قَالَ لَهُمْ يَوْمَئِذٍ: أَرَأَيْتُمْ إِنْ كَانَ فِيهِمْ خَمْسُونَ مِنَ الْمُسْلِمِينَ؟ قَالُوا: إِنْ كَانَ فِيهِمْ خَمْسُونَ لَمْ نُعَذِّبْهُمْ، قَالَ: أَرْبَعُونَ؟ قَالُوا: وَأَرْبَعُونَ، قَالَ: ثَلَاثُونَ؟ قَالُوا: وَثَلَاثُونَ، حَتَّى بَلَغُوا عَشَرَةً، قَالُوا: إِنْ كَانَ فِيهِمْ عَشَرَةٌ لَمْ نُعَذِّبْهُمْ، قَالَ: مَا قَوْمٌ لَا يَكُونُ فِيهِمْ عَشَرَةٌ فِيهِمْ خَيْرٌ؟ قَالَ قَتَادَةُ: إِنَّهُ كَانَ فِي قَرْيَةِ لُوطٍ أَرْبَعَةُ آلَافِ أَلْفِ إِنْسَانٍ، أو ما