الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
يَوْمَئِذٍ بِقِتَالِهِمْ، فَأَمَرَهُ اللَّهُ أَنْ يَعْفُوَ عَنْهُمْ وَيَصْفَحَ ثُمَّ نُسِخَ ذَلِكَ فِي بَرَاءَةٌ فَقَالَ: قاتِلُوا الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَلا بِالْيَوْمِ الْآخِرِ «1» الآية. وَأَخْرَجَ أَبُو عُبَيْدٍ وَابْنُ جَرِيرٍ وَابْنُ الْمُنْذِرِ عَنْ إِبْرَاهِيمَ النَّخَعِيِّ فِي قَوْلِهِ: فَأَغْرَيْنا بَيْنَهُمُ الْعَداوَةَ وَالْبَغْضاءَ إِلى يَوْمِ الْقِيامَةِ قَالَ: أَغْرَى بعضهم ببعض بالخصومات والجدال في الدين.
[سورة المائدة (5) : الآيات 15 الى 16]
يَا أَهْلَ الْكِتابِ قَدْ جاءَكُمْ رَسُولُنا يُبَيِّنُ لَكُمْ كَثِيراً مِمَّا كُنْتُمْ تُخْفُونَ مِنَ الْكِتابِ وَيَعْفُوا عَنْ كَثِيرٍ قَدْ جاءَكُمْ مِنَ اللَّهِ نُورٌ وَكِتابٌ مُبِينٌ (15) يَهْدِي بِهِ اللَّهُ مَنِ اتَّبَعَ رِضْوانَهُ سُبُلَ السَّلامِ وَيُخْرِجُهُمْ مِنَ الظُّلُماتِ إِلَى النُّورِ بِإِذْنِهِ وَيَهْدِيهِمْ إِلى صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ (16)
الْأَلِفُ وَاللَّامُ فِي الْكِتَابِ لِلْجِنْسِ وَالْخِطَابُ لِلْيَهُودِ وَالنَّصَارَى قَدْ جاءَكُمْ رَسُولُنا أَيْ مُحَمَّدٌ صلى الله عليه وسلم حَالَ كَوْنِهِ يُبَيِّنُ لَكُمْ كَثِيراً مِمَّا كُنْتُمْ تُخْفُونَ مِنَ الْكِتابِ الْمُنَزَّلِ عَلَيْكُمْ، وَهُوَ التَّوْرَاةُ وَالْإِنْجِيلُ كَآيَةِ الرَّجْمِ وَقِصَّةِ أَصْحَابِ السَّبْتِ الممسوخين قردة وَيَعْفُوا عَنْ كَثِيرٍ مِمَّا تُخْفُونَهُ، فَيَتْرُكُ بَيَانَهُ لِعَدَمِ اشْتِمَالِهِ عَلَى مَا يَجِبُ بَيَانُهُ عَلَيْهِ مِنَ الْأَحْكَامِ الشَّرْعِيَّةِ، فَإِنَّ مَا لَمْ يَكُنْ كَذَلِكَ لَا فَائِدَةَ تَتَعَلَّقُ بِبَيَانِهِ إِلَّا مُجَرَّدُ افْتِضَاحِكُمْ وَقِيلَ الْمَعْنَى: إِنَّهُ يَعْفُو عَنْ كَثِيرٍ فَيَتَجَاوَزُهُ وَلَا يُخْبِرُكُمْ بِهِ وَقِيلَ: يَعْفُو عَنْ كَثِيرٍ منكم فلا يؤاخذهم بِمَا يَصْدُرُ مِنْهُمْ، وَالْجُمْلَةُ فِي مَحَلِّ نَصْبٍ عَطْفًا عَلَى الْجُمْلَةِ الْحَالِيَّةِ: أَعْنِي قَوْلَهُ: يُبَيِّنُ لَكُمْ. قَوْلُهُ: قَدْ جاءَكُمْ مِنَ اللَّهِ نُورٌ جُمْلَةٌ مُسْتَأْنَفَةٌ مُشْتَمِلَةٌ عَلَى بَيَانِ أَنَّ مُحَمَّدًا صلى الله عليه وسلم قَدْ تَضَمَّنَتْ بَعْثَتُهُ فَوَائِدَ غَيْرَ مَا تَقَدَّمَ مِنْ مُجَرَّدِ الْبَيَانِ.
قَالَ الزَّجَّاجُ: النُّورُ محمد صلى الله عليه وسلم، وَقِيلَ: الْإِسْلَامُ. وَالْكِتَابُ الْمُبِينُ: الْقُرْآنُ، فَإِنَّهُ الْمُبِينُ، وَالضَّمِيرُ فِي قَوْلِهِ:
يَهْدِي بِهِ رَاجِعٌ إِلَى الْكِتَابِ أَوْ إِلَيْهِ وَإِلَى النُّورِ لِكَوْنِهِمَا كَالشَّيْءِ الْوَاحِدِ مَنِ اتَّبَعَ رِضْوانَهُ أَيْ مَا رضيه الله، وسُبُلَ السَّلامِ طُرُقُ السَّلَامَةِ مِنَ الْعَذَابِ، الْمُوَصِّلَةِ إِلَى دار السَّلَامِ، الْمُنَزَّهَةِ عَنْ كُلِّ آفَةٍ وَقِيلَ: الْمُرَادُ بِالسَّلَامِ: الْإِسْلَامُ وَيُخْرِجُهُمْ مِنَ الظُّلُماتِ الْكُفْرِيَّةِ إِلَى النُّورِ الْإِسْلَامِيِّ وَيَهْدِيهِمْ إِلى صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ إِلَى طَرِيقٍ يَتَوَصَّلُونَ بِهَا إِلَى الْحَقِّ لَا عِوَجَ فِيهَا وَلَا مَخَافَةَ.
وَقَدْ أَخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ عَنْ قَتَادَةَ فِي قَوْلِهِ: رَسُولُنا قَالَ: هُوَ مُحَمَّدٍ صلى الله عليه وسلم. وَأَخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ أَيْضًا عَنْ عِكْرِمَةَ قَالَ: إِنْ نَبِيَّ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَتَاهُ الْيَهُودُ يَسْأَلُونَهُ عَنِ الرَّجْمِ فَقَالَ: أَيُّكُمْ أَعْلَمُ؟ فَأَشَارُوا إِلَى ابْنِ صُورِيَا، فَنَاشَدَهُ بِالَّذِي أَنْزَلَ التَّوْرَاةَ عَلَى مُوسَى وَالَّذِي رَفَعَ الطور وناشده بِالْمَوَاثِيقِ الَّتِي أُخِذَتْ عَلَيْهِمْ حَتَّى أَخَذَهُ أَفْكَلُ «2» ، فَقَالَ: إِنَّهُ لَمَّا كَثُرَ فِينَا جُلِدْنَا مِائَةَ جلدة وحلقنا الرؤوس. فَحَكَمَ عَلَيْهِمْ بِالرَّجْمِ، فَنَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ. وَأَخْرَجَ ابْنُ الْمُنْذِرِ عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ نَحْوَهُ. وَأَخْرَجَ عَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ عَنْ قَتَادَةَ فِي قَوْلِهِ: وَيَعْفُوا عَنْ كَثِيرٍ يَقُولُ عَنْ كَثِيرٍ مِنَ الذُّنُوبِ. وَأَخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ عَنِ السُّدِّيِّ قَالَ: سُبُلَ السَّلامِ هِيَ سَبِيلُ اللَّهِ الَّذِي شَرَعَهُ لِعِبَادِهِ وَدَعَاهُمْ إِلَيْهِ وَابْتَعَثَ بِهِ رُسُلَهُ وَهُوَ الْإِسْلَامُ.
(1) . التوبة: 29.
(2)
. الأفكل: الرّعدة.