المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌[سورة يونس (10) : الآيات 75 الى 87] - فتح القدير للشوكاني - جـ ٢

[الشوكاني]

فهرس الكتاب

- ‌الجزء الثاني

- ‌تنبيه:

- ‌سورة المائدة

- ‌[سورة المائدة (5) : الآيات 1 الى 2]

- ‌[سورة المائدة (5) : آية 3]

- ‌[سورة المائدة (5) : الآيات 4 الى 5]

- ‌[سورة المائدة (5) : آية 6]

- ‌[سورة المائدة (5) : الآيات 7 الى 11]

- ‌[سورة المائدة (5) : الآيات 12 الى 14]

- ‌[سورة المائدة (5) : الآيات 15 الى 16]

- ‌[سورة المائدة (5) : الآيات 17 الى 18]

- ‌[سورة المائدة (5) : آية 19]

- ‌[سورة المائدة (5) : الآيات 20 الى 26]

- ‌[سورة المائدة (5) : الآيات 27 الى 31]

- ‌[سورة المائدة (5) : الآيات 32 الى 34]

- ‌[سورة المائدة (5) : الآيات 35 الى 37]

- ‌[سورة المائدة (5) : الآيات 38 الى 40]

- ‌[سورة المائدة (5) : الآيات 41 الى 44]

- ‌[سورة المائدة (5) : الآيات 45 الى 50]

- ‌[سورة المائدة (5) : الآيات 51 الى 56]

- ‌[سورة المائدة (5) : الآيات 57 الى 63]

- ‌[سورة المائدة (5) : الآيات 64 الى 66]

- ‌[سورة المائدة (5) : آية 67]

- ‌[سورة المائدة (5) : الآيات 68 الى 75]

- ‌[سورة المائدة (5) : الآيات 76 الى 81]

- ‌[سورة المائدة (5) : الآيات 82 الى 86]

- ‌[سورة المائدة (5) : الآيات 87 الى 88]

- ‌[سورة المائدة (5) : آية 89]

- ‌[سورة المائدة (5) : الآيات 90 الى 93]

- ‌[سورة المائدة (5) : الآيات 94 الى 99]

- ‌[سورة المائدة (5) : الآيات 100 الى 104]

- ‌[سورة المائدة (5) : آية 105]

- ‌[سورة المائدة (5) : الآيات 106 الى 108]

- ‌[سورة المائدة (5) : الآيات 109 الى 111]

- ‌[سورة المائدة (5) : الآيات 112 الى 115]

- ‌[سورة المائدة (5) : الآيات 116 الى 120]

- ‌سورة الأنعام

- ‌[سورة الأنعام (6) : الآيات 1 الى 3]

- ‌[سورة الأنعام (6) : الآيات 4 الى 11]

- ‌[سورة الأنعام (6) : الآيات 12 الى 21]

- ‌[سورة الأنعام (6) : الآيات 22 الى 30]

- ‌[سورة الأنعام (6) : الآيات 31 الى 36]

- ‌[سورة الأنعام (6) : الآيات 37 الى 39]

- ‌[سورة الأنعام (6) : الآيات 40 الى 45]

- ‌[سورة الأنعام (6) : الآيات 46 الى 49]

- ‌[سورة الأنعام (6) : الآيات 50 الى 55]

- ‌[سورة الأنعام (6) : الآيات 56 الى 59]

- ‌[سورة الأنعام (6) : الآيات 60 الى 62]

- ‌[سورة الأنعام (6) : الآيات 63 الى 65]

- ‌[سورة الأنعام (6) : الآيات 66 الى 73]

- ‌[سورة الأنعام (6) : الآيات 74 الى 83]

- ‌[سورة الأنعام (6) : الآيات 84 الى 90]

- ‌[سورة الأنعام (6) : الآيات 91 الى 94]

- ‌[سورة الأنعام (6) : الآيات 95 الى 99]

- ‌[سورة الأنعام (6) : الآيات 100 الى 103]

- ‌[سورة الأنعام (6) : الآيات 104 الى 108]

- ‌[سورة الأنعام (6) : الآيات 109 الى 113]

- ‌[سورة الأنعام (6) : الآيات 114 الى 117]

- ‌[سورة الأنعام (6) : الآيات 118 الى 120]

- ‌[سورة الأنعام (6) : آية 121]

- ‌[سورة الأنعام (6) : الآيات 122 الى 124]

- ‌[سورة الأنعام (6) : الآيات 125 الى 128]

- ‌[سورة الأنعام (6) : الآيات 129 الى 132]

- ‌[سورة الأنعام (6) : الآيات 133 الى 137]

- ‌[سورة الأنعام (6) : الآيات 138 الى 140]

- ‌[سورة الأنعام (6) : الآيات 141 الى 142]

- ‌[سورة الأنعام (6) : الآيات 143 الى 144]

- ‌[سورة الأنعام (6) : آية 145]

- ‌[سورة الأنعام (6) : الآيات 146 الى 147]

- ‌[سورة الأنعام (6) : الآيات 148 الى 150]

- ‌[سورة الأنعام (6) : الآيات 151 الى 153]

- ‌[سورة الأنعام (6) : الآيات 154 الى 157]

- ‌[سورة الأنعام (6) : آية 158]

- ‌[سورة الأنعام (6) : الآيات 159 الى 160]

- ‌[سورة الأنعام (6) : الآيات 161 الى 163]

- ‌[سورة الأنعام (6) : الآيات 164 الى 165]

- ‌سورة الأعراف

- ‌[سورة الأعراف (7) : الآيات 1 الى 7]

- ‌[سورة الأعراف (7) : الآيات 8 الى 18]

- ‌[سورة الأعراف (7) : الآيات 19 الى 25]

- ‌[سورة الأعراف (7) : الآيات 26 الى 27]

- ‌[سورة الأعراف (7) : الآيات 28 الى 30]

- ‌[سورة الأعراف (7) : الآيات 31 الى 33]

- ‌[سورة الأعراف (7) : الآيات 34 الى 39]

- ‌[سورة الأعراف (7) : الآيات 40 الى 43]

- ‌[سورة الأعراف (7) : الآيات 44 الى 49]

- ‌[سورة الأعراف (7) : الآيات 50 الى 54]

- ‌[سورة الأعراف (7) : الآيات 55 الى 58]

- ‌[سورة الأعراف (7) : الآيات 59 الى 64]

- ‌[سورة الأعراف (7) : الآيات 65 الى 72]

- ‌[سورة الأعراف (7) : الآيات 73 الى 79]

- ‌[سورة الأعراف (7) : الآيات 80 الى 84]

- ‌[سورة الأعراف (7) : الآيات 85 الى 93]

- ‌[سورة الأعراف (7) : الآيات 94 الى 100]

- ‌[سورة الأعراف (7) : الآيات 101 الى 102]

- ‌[سورة الأعراف (7) : الآيات 103 الى 122]

- ‌[سورة الأعراف (7) : الآيات 123 الى 129]

- ‌[سورة الأعراف (7) : الآيات 130 الى 136]

- ‌[سورة الأعراف (7) : الآيات 137 الى 141]

- ‌[سورة الأعراف (7) : آية 142]

- ‌[سورة الأعراف (7) : الآيات 143 الى 147]

- ‌[سورة الأعراف (7) : الآيات 148 الى 151]

- ‌[سورة الأعراف (7) : الآيات 152 الى 154]

- ‌[سورة الأعراف (7) : الآيات 155 الى 157]

- ‌[سورة الأعراف (7) : آية 158]

- ‌[سورة الأعراف (7) : الآيات 159 الى 166]

- ‌[سورة الأعراف (7) : الآيات 167 الى 170]

- ‌[سورة الأعراف (7) : آية 171]

- ‌[سورة الأعراف (7) : الآيات 172 الى 174]

- ‌[سورة الأعراف (7) : الآيات 175 الى 178]

- ‌[سورة الأعراف (7) : آية 179]

- ‌[سورة الأعراف (7) : آية 180]

- ‌[سورة الأعراف (7) : الآيات 181 الى 186]

- ‌[سورة الأعراف (7) : الآيات 187 الى 192]

- ‌[سورة الأعراف (7) : الآيات 193 الى 198]

- ‌[سورة الأعراف (7) : الآيات 199 الى 206]

- ‌سورة الأنفال

- ‌[سورة الأنفال (8) : آية 1]

- ‌[سورة الأنفال (8) : الآيات 2 الى 4]

- ‌[سورة الأنفال (8) : الآيات 5 الى 8]

- ‌[سورة الأنفال (8) : الآيات 9 الى 10]

- ‌[سورة الأنفال (8) : الآيات 11 الى 14]

- ‌[سورة الأنفال (8) : الآيات 15 الى 18]

- ‌[سورة الأنفال (8) : آية 19]

- ‌[سورة الأنفال (8) : الآيات 20 الى 23]

- ‌[سورة الأنفال (8) : الآيات 24 الى 25]

- ‌[سورة الأنفال (8) : الآيات 26 الى 28]

- ‌[سورة الأنفال (8) : آية 29]

- ‌[سورة الأنفال (8) : الآيات 30 الى 33]

- ‌[سورة الأنفال (8) : الآيات 34 الى 37]

- ‌[سورة الأنفال (8) : الآيات 38 الى 40]

- ‌[سورة الأنفال (8) : الآيات 41 الى 42]

- ‌[سورة الأنفال (8) : الآيات 43 الى 44]

- ‌[سورة الأنفال (8) : الآيات 45 الى 49]

- ‌[سورة الأنفال (8) : الآيات 50 الى 54]

- ‌[سورة الأنفال (8) : الآيات 55 الى 60]

- ‌[سورة الأنفال (8) : الآيات 61 الى 63]

- ‌[سورة الأنفال (8) : الآيات 64 الى 66]

- ‌[سورة الأنفال (8) : الآيات 67 الى 69]

- ‌[سورة الأنفال (8) : الآيات 70 الى 71]

- ‌[سورة الأنفال (8) : الآيات 72 الى 75]

- ‌سورة التّوبة

- ‌[سورة التوبة (9) : الآيات 1 الى 3]

- ‌[سورة التوبة (9) : الآيات 4 الى 6]

- ‌[سورة التوبة (9) : الآيات 7 الى 11]

- ‌[سورة التوبة (9) : الآيات 12 الى 16]

- ‌[سورة التوبة (9) : الآيات 17 الى 22]

- ‌[سورة التوبة (9) : الآيات 23 الى 24]

- ‌[سورة التوبة (9) : الآيات 25 الى 27]

- ‌[سورة التوبة (9) : الآيات 28 الى 29]

- ‌[سورة التوبة (9) : الآيات 30 الى 33]

- ‌[سورة التوبة (9) : الآيات 34 الى 35]

- ‌[سورة التوبة (9) : الآيات 36 الى 37]

- ‌[سورة التوبة (9) : الآيات 38 الى 42]

- ‌[سورة التوبة (9) : الآيات 43 الى 49]

- ‌[سورة التوبة (9) : الآيات 50 الى 57]

- ‌[سورة التوبة (9) : الآيات 58 الى 60]

- ‌[سورة التوبة (9) : الآيات 61 الى 66]

- ‌[سورة التوبة (9) : الآيات 67 الى 70]

- ‌[سورة التوبة (9) : الآيات 71 الى 72]

- ‌[سورة التوبة (9) : الآيات 73 الى 74]

- ‌[سورة التوبة (9) : الآيات 75 الى 79]

- ‌[سورة التوبة (9) : الآيات 80 الى 83]

- ‌[سورة التوبة (9) : الآيات 84 الى 89]

- ‌[سورة التوبة (9) : آية 90]

- ‌[سورة التوبة (9) : الآيات 91 الى 93]

- ‌[سورة التوبة (9) : الآيات 94 الى 99]

- ‌[سورة التوبة (9) : الآيات 100 الى 106]

- ‌[سورة التوبة (9) : الآيات 107 الى 110]

- ‌[سورة التوبة (9) : الآيات 111 الى 112]

- ‌[سورة التوبة (9) : الآيات 113 الى 114]

- ‌[سورة التوبة (9) : الآيات 115 الى 119]

- ‌[سورة التوبة (9) : الآيات 120 الى 121]

- ‌[سورة التوبة (9) : الآيات 122 الى 123]

- ‌[سورة التوبة (9) : الآيات 124 الى 129]

- ‌سورة يونس

- ‌[سورة يونس (10) : الآيات 1 الى 4]

- ‌[سورة يونس (10) : الآيات 5 الى 6]

- ‌[سورة يونس (10) : الآيات 7 الى 10]

- ‌[سورة يونس (10) : الآيات 11 الى 16]

- ‌[سورة يونس (10) : الآيات 17 الى 19]

- ‌[سورة يونس (10) : الآيات 20 الى 23]

- ‌[سورة يونس (10) : الآيات 24 الى 30]

- ‌[سورة يونس (10) : الآيات 31 الى 41]

- ‌[سورة يونس (10) : الآيات 42 الى 49]

- ‌[سورة يونس (10) : الآيات 50 الى 58]

- ‌[سورة يونس (10) : الآيات 59 الى 64]

- ‌[سورة يونس (10) : الآيات 65 الى 70]

- ‌[سورة يونس (10) : الآيات 71 الى 74]

- ‌[سورة يونس (10) : الآيات 75 الى 87]

- ‌[سورة يونس (10) : الآيات 88 الى 92]

- ‌[سورة يونس (10) : الآيات 93 الى 100]

- ‌[سورة يونس (10) : الآيات 101 الى 109]

- ‌سُورَةُ هُودٍ

- ‌[سورة هود (11) : الآيات 1 الى 8]

- ‌[سورة هود (11) : الآيات 9 الى 17]

- ‌[سورة هود (11) : الآيات 18 الى 24]

- ‌[سورة هود (11) : الآيات 25 الى 34]

- ‌[سورة هود (11) : الآيات 35 الى 44]

- ‌[سورة هود (11) : الآيات 45 الى 49]

- ‌[سورة هود (11) : الآيات 50 الى 60]

- ‌[سورة هود (11) : الآيات 61 الى 68]

- ‌[سورة هود (11) : الآيات 69 الى 76]

- ‌[سورة هود (11) : الآيات 77 الى 83]

- ‌[سورة هود (11) : الآيات 84 الى 95]

- ‌[سورة هود (11) : الآيات 96 الى 108]

- ‌[سورة هود (11) : الآيات 109 الى 115]

- ‌[سورة هود (11) : الآيات 116 الى 123]

الفصل: ‌[سورة يونس (10) : الآيات 75 الى 87]

قَوْلِهِ: إِلى قَوْمِهِمْ وَقِيلَ: ضَمِيرُ كَذَّبُوا رَاجِعٌ إِلَى قَوْمِ نُوحٍ، أَيْ: فَمَا كَانَ قَوْمُ الرُّسُلِ لِيُؤْمِنُوا بِمَا كَذَّبَ بِهِ قَوْمُ نُوحٍ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَ هَؤُلَاءِ الْأَقْوَامُ الَّذِينَ جَاءُوا مِنْ بَعْدِهِمْ وَجاءَتْهُمْ رُسُلُهُمْ بِالْبَيِّناتِ وَقِيلَ:

إِنَّ الْبَاءَ فِي بِمَا كَذَّبُوا بِهِ مِنْ قَبْلُ لِلسَّبَبِيَّةِ أَيْ: فَمَا كَانُوا لِيُؤْمِنُوا عِنْدَ مَجِيءِ الرُّسُلِ بِسَبَبِ مَا اعْتَادُوهُ مِنْ تَكْذِيبِ الْحَقِّ مِنْ قَبْلِ مَجِيئِهِمْ، وَفِيهِ نَظَرٌ. وَقِيلَ الْمَعْنَى: بِمَا كَذَّبُوا بِهِ مِنْ قَبْلُ: أَيْ فِي عَالَمِ الذَّرِّ فَإِنَّ فِيهِمْ مَنْ كَذَّبَ بِقَلْبِهِ، وَإِنْ آمَنُوا ظَاهِرًا. قَالَ النَّحَّاسُ: وَمِنْ أَحْسَنِ مَا قِيلَ: إِنَّهُ لِقَوْمٍ بِأَعْيَانِهِمْ كَذلِكَ نَطْبَعُ عَلى قُلُوبِ الْمُعْتَدِينَ أَيْ: مِثْلُ ذَلِكَ الطَّبْعِ الْعَظِيمِ نَطْبَعُ عَلَى قُلُوبِ الْمُتَجَاوِزِينَ لِلْحَدِّ الْمَعْهُودِ فِي الْكُفْرِ. وَقَدْ تَقَدَّمَ تَفْسِيرُ هَذَا فِي غَيْرِ مَوْضِعٍ.

وَقَدْ أَخْرَجَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ عَنِ الْأَعْرَجِ فِي قَوْلِهِ: فَأَجْمِعُوا أَمْرَكُمْ وَشُرَكاءَكُمْ يَقُولُ: فَأَحْكِمُوا أَمْرَكُمْ وَادْعُوا شُرَكَاءَكُمْ. وَأَخْرَجَ أَيْضًا عَنِ الْحَسَنِ فِي الْآيَةِ. أَيْ: فَلْيَجْمَعُوا أَمْرَهُمْ مَعَكُمْ. وَأَخْرَجَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ، وَابْنُ الْمُنْذِرِ، وَابْنُ أَبِي حَاتِمٍ، وَأَبُو الشَّيْخِ عَنْ قَتَادَةَ فِي قَوْلِهِ: ثُمَّ لَا يَكُنْ أَمْرُكُمْ عَلَيْكُمْ غُمَّةً قَالَ: لَا يَكْبُرُ عَلَيْكُمْ أَمْرُكُمْ ثُمَّ اقْضُوا مَا أَنْتُمْ قَاضُونَ. وَأَخْرَجَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ وَأَبُو الشَّيْخِ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ فِي قَوْلِهِ:

ثُمَّ اقْضُوا قَالَ: انْهَضُوا إِلَيَّ وَلا تُنْظِرُونِ يقول: ولا تؤخرون.

[سورة يونس (10) : الآيات 75 الى 87]

ثُمَّ بَعَثْنا مِنْ بَعْدِهِمْ مُوسى وَهارُونَ إِلى فِرْعَوْنَ وَمَلائِهِ بِآياتِنا فَاسْتَكْبَرُوا وَكانُوا قَوْماً مُجْرِمِينَ (75) فَلَمَّا جاءَهُمُ الْحَقُّ مِنْ عِنْدِنا قالُوا إِنَّ هَذَا لَسِحْرٌ مُبِينٌ (76) قالَ مُوسى أَتَقُولُونَ لِلْحَقِّ لَمَّا جاءَكُمْ أَسِحْرٌ هَذَا وَلا يُفْلِحُ السَّاحِرُونَ (77) قالُوا أَجِئْتَنا لِتَلْفِتَنا عَمَّا وَجَدْنا عَلَيْهِ آباءَنا وَتَكُونَ لَكُمَا الْكِبْرِياءُ فِي الْأَرْضِ وَما نَحْنُ لَكُما بِمُؤْمِنِينَ (78) وَقالَ فِرْعَوْنُ ائْتُونِي بِكُلِّ ساحِرٍ عَلِيمٍ (79)

فَلَمَّا جاءَ السَّحَرَةُ قالَ لَهُمْ مُوسى أَلْقُوا مَا أَنْتُمْ مُلْقُونَ (80) فَلَمَّا أَلْقَوْا قالَ مُوسى مَا جِئْتُمْ بِهِ السِّحْرُ إِنَّ اللَّهَ سَيُبْطِلُهُ إِنَّ اللَّهَ لَا يُصْلِحُ عَمَلَ الْمُفْسِدِينَ (81) وَيُحِقُّ اللَّهُ الْحَقَّ بِكَلِماتِهِ وَلَوْ كَرِهَ الْمُجْرِمُونَ (82) فَما آمَنَ لِمُوسى إِلَاّ ذُرِّيَّةٌ مِنْ قَوْمِهِ عَلى خَوْفٍ مِنْ فِرْعَوْنَ وَمَلائِهِمْ أَنْ يَفْتِنَهُمْ وَإِنَّ فِرْعَوْنَ لَعالٍ فِي الْأَرْضِ وَإِنَّهُ لَمِنَ الْمُسْرِفِينَ (83) وَقالَ مُوسى يَا قَوْمِ إِنْ كُنْتُمْ آمَنْتُمْ بِاللَّهِ فَعَلَيْهِ تَوَكَّلُوا إِنْ كُنْتُمْ مُسْلِمِينَ (84)

فَقالُوا عَلَى اللَّهِ تَوَكَّلْنا رَبَّنا لَا تَجْعَلْنا فِتْنَةً لِلْقَوْمِ الظَّالِمِينَ (85) وَنَجِّنا بِرَحْمَتِكَ مِنَ الْقَوْمِ الْكافِرِينَ (86) وَأَوْحَيْنا إِلى مُوسى وَأَخِيهِ أَنْ تَبَوَّءا لِقَوْمِكُما بِمِصْرَ بُيُوتاً وَاجْعَلُوا بُيُوتَكُمْ قِبْلَةً وَأَقِيمُوا الصَّلاةَ وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ (87)

قَوْلُهُ: ثُمَّ بَعَثْنا مِنْ بَعْدِهِمْ مَعْطُوفٌ عَلَى قَوْلِهِ: ثُمَّ بَعَثْنا مِنْ بَعْدِهِ رُسُلًا وَالضَّمِيرُ فِي: مِنْ بَعْدِهِمْ، رَاجِعٌ إِلَى الرُّسُلِ الْمُتَقَدِّمِ ذِكْرُهُمْ، وَخَصَّ مُوسَى وَهَارُونَ بِالذِّكْرِ مَعَ دُخُولِهِمَا تَحْتَ الرُّسُلِ: لِمَزِيدٍ شَرَفِهِمَا وَخَطَرِ شَأْنِ مَا جَرَى بَيْنَهُمَا وَبَيْنَ فِرْعَوْنَ، وَالْمُرَادُ بِالْمَلَأِ: الْأَشْرَافُ، وَالْمُرَادُ بِالْآيَاتِ: الْمُعْجِزَاتُ، وَهِيَ التِّسْعُ الْمَذْكُورَةُ فِي الْكِتَابِ الْعَزِيزِ فَاسْتَكْبَرُوا عَنْ قَبُولِهَا، وَلَمْ يَتَوَاضَعُوا لَهَا، وَيُذْعِنُوا لِمَا اشْتَمَلَتْ عَلَيْهِ مِنَ الْمُعْجِزَاتِ الْمُوجِبَةِ لِتَصْدِيقِ مَا جَاءَ بِهَا وَكانُوا قَوْماً مُجْرِمِينَ أَيْ: كَانُوا ذَوِي إِجْرَامٍ عِظَامٍ وآثام

ص: 527

كَبِيرَةٍ، فَبِسَبَبٍ ذَلِكَ اجْتَرَءُوا عَلَى رَدِّهَا، لِأَنَّ الذُّنُوبَ تَحُولُ بَيْنَ صَاحِبِهَا وَبَيْنَ إِدْرَاكِ الْحَقِّ وَإِبْصَارِ الصَّوَابِ، قِيلَ: وَهَذِهِ الْجُمْلَةُ مُعْتَرِضَةٌ مُقَرِّرَةٌ لِمَضْمُونِ مَا قَبْلَهَا. قَوْلُهُ: فَلَمَّا جاءَهُمُ الْحَقُّ مِنْ عِنْدِنا قالُوا إِنَّ هَذَا لَسِحْرٌ مُبِينٌ أَيْ: فَلَمَّا جَاءَ فِرْعَوْنَ وَمَلَأَهُ الْحَقُّ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ وَهُوَ الْمُعْجِزَاتُ، لَمْ يُؤْمِنُوا بِهَا، بَلْ حَمَلُوهَا عَلَى السِّحْرِ مُكَابَرَةً مِنْهُمْ، فَرَدَّ عَلَيْهِمْ مُوسَى قَائِلًا: أَتَقُولُونَ لِلْحَقِّ لَمَّا جاءَكُمْ أَسِحْرٌ هَذَا قِيلَ فِي الْكَلَامِ حَذْفٌ، وَالتَّقْدِيرُ: أَتَقُولُونَ لِلْحَقِّ: سِحْرٌ، فَلَا تَقُولُوا ذَلِكَ، ثُمَّ اسْتَأْنَفَ إِنْكَارًا آخَرَ مِنْ جِهَةِ نَفْسِهِ فَقَالَ:

أَسِحْرٌ هَذَا فَحَذَفَ قَوْلَهُمُ الْأَوَّلَ اكْتِفَاءً بِالثَّانِي، وَالْمُلْجِئُ إِلَى هَذَا أَنَّهُمْ لَمْ يَسْتَفْهِمُوهُ عَنِ السِّحْرِ حَتَّى يَحْكِيَ مَا قَالُوهُ بِقَوْلِهِ: أَسِحْرٌ هَذَا بَلْ هُمْ قَاطِعُونَ بِأَنَّهُ سِحْرٌ، لِأَنَّهُمْ قَالُوا: إِنَّ هَذَا لَسِحْرٌ مُبِينٌ فَحِينَئِذٍ لَا يَكُونُ قَوْلُهُ: أَسِحْرٌ هَذَا مِنْ قَوْلِهِمْ، وَقَالَ الْأَخْفَشُ: هُوَ مِنْ قَوْلِهِمْ، وَفِيهِ نَظَرٌ لِمَا قَدَّمْنَا وَقِيلَ: مَعْنَى: أَتَقُولُونَ أَتَعِيبُونَ الْحَقَّ وَتَطْعَنُونَ فِيهِ وَكَانَ عَلَيْكُمْ أَنْ تُذْعِنُوا لَهُ، ثُمَّ قَالَ: أَسِحْرٌ هَذَا؟

مُنْكِرًا لِمَا قَالُوهُ وَقِيلَ: إِنَّ مَفْعُولَ أَتَقُولُونَ مَحْذُوفٌ، وَهُوَ مَا دَلَّ عَلَيْهِ قَوْلُهُمْ: إِنَّ هَذَا لَسِحْرٌ وَالتَّقْدِيرُ: أَتَقُولُونَ مَا تَقُولُونَ، يَعْنِي: قَوْلَهُمْ: إِنَّ هَذَا لَسِحْرٌ مُبِينٌ، ثُمَّ قِيلَ: أَسِحْرٌ هَذَا؟ وَعَلَى هَذَا التَّقْدِيرِ وَالتَّقْدِيرِ الْأَوَّلِ فَتَكُونُ جُمْلَةُ أَسِحْرٌ هَذَا مُسْتَأْنَفَةٌ مِنْ جِهَةِ مُوسَى عليه السلام، وَالِاسْتِفْهَامُ لِلتَّقْرِيعِ وَالتَّوْبِيخِ بَعْدَ الْجُمْلَةِ الْأُولَى الْمُسْتَأْنَفَةِ الْوَاقِعَةِ جَوَابَ سُؤَالٍ مُقَدَّرٍ، كَأَنَّهُ قِيلَ: مَاذَا قَالَ لَهُمْ مُوسَى لَمَّا قَالُوا:

إِنَّ هَذَا لَسِحْرٌ مُبِينٌ؟ فَقِيلَ: قَالَ أَتَقُولُونَ لِلْحَقِّ لَمَّا جَاءَكُمْ؟ عَلَى طَرِيقَةِ الِاسْتِفْهَامِ الْإِنْكَارِيِّ، وَالْمَعْنَى: أَتَقُولُونَ لِلْحَقِّ لَمَّا جَاءَكُمْ إِنَّ هَذَا لَسِحْرٌ مُبِينٌ؟ وَهُوَ أَبْعَدُ شَيْءٍ مِنَ السِّحْرِ. ثُمَّ أَنْكَرَ عَلَيْهِمْ وَقَرَّعَهُمْ وَوَبَّخَهُمْ فَقَالَ:

أَسِحْرٌ هَذَا فَجَاءَ مُوسَى عليه السلام بِإِنْكَارٍ بَعْدَ إِنْكَارٍ، وَتَوْبِيخٍ بَعْدَ توبيخ، وتجهيل بعد تجهيل، وجملة لا يُفْلِحُ السَّاحِرُونَ فِي مَحَلِّ نَصْبٍ عَلَى الْحَالِ، أَيْ: أَتَقُولُونَ لِلْحَقِّ إِنَّهُ سِحْرٌ، وَالْحَالُ أَنَّهُ لَا يُفْلِحُ السَّاحِرُونَ، فَلَا يَظْفَرُونَ بِمَطْلُوبٍ وَلَا يَفُوزُونَ بِخَيْرٍ، وَلَا يَنْجُونَ مِنْ مَكْرُوهٍ، فَكَيْفَ يَقَعُ فِي هَذَا مَنْ هُوَ مُرْسَلٌ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ، وَقَدْ أَيَّدَهُ بِالْمُعْجِزَاتِ وَالْبَرَاهِينِ الْوَاضِحَةِ؟ وَجُمْلَةُ قالُوا أَجِئْتَنا لِتَلْفِتَنا عَمَّا وَجَدْنا عَلَيْهِ آباءَنا مُسْتَأْنَفَةٌ، جَوَابُ سُؤَالٍ مُقَدَّرٍ، كَأَنَّهُ قِيلَ: فَمَاذَا قَالُوا بَعْدَ أَنْ قَالَ لَهُمْ مُوسَى مَا قَالَ؟ وَفِي هَذَا مَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُمُ انْقَطَعُوا عَنِ الدَّلِيلِ وَعَجَزُوا عَنْ إِبْرَازِ الحجّة، ولم يجدوا مَا يُجِيبُونَ بِهِ عَمَّا أَوْرَدَهُ عَلَيْهِمْ، بَلْ لَجَئُوا إِلَى مَا يَلْجَأُ إِلَيْهِ أَهْلُ الْجَهْلِ والبلادة، وهو الاحتجاج بما كان عليه آبَاؤُهُمْ مِنَ الْكُفْرِ، وَضَمُّوا إِلَى ذَلِكَ مَا هُوَ غَرَضُهُمْ، وَغَايَةُ مَطْلَبِهِمْ، وَسَبَبُ مُكَابَرَتِهِمْ لِلْحَقِّ، وَجُحُودِهِمْ لِلْآيَاتِ الْبَيِّنَةِ، وَهُوَ الرِّيَاسَةُ الدُّنْيَوِيَّةُ الَّتِي خَافُوا عَلَيْهَا وَظَنُّوا أَنَّهَا سَتَذْهَبُ عَنْهُمْ إِنْ آمَنُوا، وَكَمْ بَقِيَ عَلَى الْبَاطِلِ، وَهُوَ يَعْلَمُ أَنَّهُ بَاطِلٌ بِهَذِهِ الذَّرِيعَةِ مِنْ طَوَائِفِ هَذَا العالم في سابق الدهر ولا حقه، فَمِنْهُمْ مَنْ حَبَسَهُ ذَلِكَ عَنِ الْخُرُوجِ مِنَ الْكُفْرِ، وَمِنْهُمْ مَنْ حَبَسَهُ عَنِ الْخُرُوجِ إِلَى السُّنَّةِ مِنَ الْبِدْعَةِ، وَإِلَى الرِّوَايَةِ الصَّحِيحَةِ مِنَ الرَّأْيِ الْبَحْتِ. يُقَالُ: لَفَتَهُ لَفْتًا: إِذَا صَرَفَهُ عن الشيء ولواه عنه، ومنه قول الشاعر:

تلفّت نحو الحيّ حتّى رأيتني

وَجِعْتُ مِنَ الْإِصْغَاءِ لِيتًا وَأَخْدَعَا

أَيْ: تُرِيدُ أَنْ تَصْرِفَنَا عَنِ الشَّيْءِ الَّذِي وَجَدْنَا عَلَيْهِ آبَاءَنَا، وَهُوَ عِبَادَةُ الْأَصْنَامِ. وَالْمُرَادُ بِالْكِبْرِيَاءِ:

ص: 528

الْمُلْكُ. قَالَ الزَّجَّاجُ: سُمِّيَ الْمُلْكُ: كِبْرِيَاءً، لِأَنَّهُ أَكْبَرُ مَا يُطْلَبُ مِنْ أَمْرِ الدُّنْيَا وَقِيلَ: سُمِّيَ بِذَلِكَ: لِأَنَّ الْمَلِكَ يَتَكَبَّرُ.

وَالْحَاصِلُ: أَنَّهُمْ عَلَّلُوا عَدَمَ قَبُولِهِمْ دَعْوَةَ مُوسَى بِأَمْرَيْنِ: التَّمَسُّكِ بِالتَّقْلِيدِ لِلْآبَاءِ، وَالْحِرْصِ عَلَى الرِّيَاسَةِ الدُّنْيَوِيَّةِ لِأَنَّهُمْ إِذَا أَجَابُوا النَّبِيَّ وَصَدَّقُوهُ صَارَتْ مَقَالِيدُ أَمْرِ أُمَّتِهِ إِلَيْهِ وَلَمْ يَبْقَ لِلْمَلِكِ رِئَاسَةٌ تَامَّةٌ، لِأَنَّ التَّدْبِيرَ لِلنَّاسِ بِالدِّينِ يَرْفَعُ تَدْبِيرَ الْمُلُوكُ لَهُمْ بِالسِّيَاسَاتِ وَالْعَادَاتِ، ثُمَّ قَالُوا: وَما نَحْنُ لَكُما بِمُؤْمِنِينَ تَصْرِيحًا مِنْهُمْ بِالتَّكْذِيبِ، وَقَطْعًا لِلطَّمَعِ فِي إِيمَانِهِمْ، وَقَدْ أُفْرِدَ الْخِطَابُ لِمُوسَى فِي قَوْلِهِمْ: أَجِئْتِنَا لِتَلْفِتَنَا، ثُمَّ جَمَعُوا بَيْنَهُ وَبَيْنَ هَارُونَ فِي الْخِطَابِ فِي قَوْلِهِمْ: وَتَكُونَ لَكُمَا الْكِبْرِياءُ فِي الْأَرْضِ وَما نَحْنُ لَكُما بِمُؤْمِنِينَ وَوَجْهُ ذَلِكَ:

أَنَّهُمْ أَسْنَدُوا الْمَجِيءَ وَالصَّرْفَ عَنْ طَرِيقِ آبَائِهِمْ إِلَى مُوسَى، لِكَوْنِهِ الْمَقْصُودَ بِالرِّسَالَةِ الْمُبَلِّغَ عَنِ اللَّهِ مَا شَرَعَهُ لَهُمْ، وَجَمَعُوا بَيْنَهُمَا فِي الضَّمِيرَيْنِ الْآخَرَيْنِ، لِأَنَّ الْكِبْرِيَاءَ شَامِلٌ لَهُمَا فِي زَعْمِهِمْ، وَلِكَوْنِ تَرْكِ الْإِيمَانِ بِمُوسَى يَسْتَلْزِمُ تَرْكَ الْإِيمَانِ بِهَارُونَ، وَقَدْ مَرَّتِ الْقِصَّةُ فِي الْأَعْرَافِ. قَوْلُهُ: وَقالَ فِرْعَوْنُ ائْتُونِي بِكُلِّ ساحِرٍ عَلِيمٍ قَالَ هَكَذَا لَمَّا رَأَى الْيَدَ الْبَيْضَاءَ وَالْعَصَا، لِأَنَّهُ اعْتَقَدَ أَنَّهُمَا مِنَ السِّحْرِ، فَأَمَرَ قَوْمَهُ بِأَنْ يَأْتُوهُ بِكُلِّ سَاحِرٍ عَلِيمٍ، هَكَذَا قَرَأَ حَمْزَةُ وَالْكِسَائِيُّ وَابْنُ وَثَّابٍ وَالْأَعْمَشُ: سَحَّارٍ. وَقَرَأَ الْبَاقُونَ: ساحِرٍ وَقَدْ تَقَدَّمَ الْكَلَامُ عَلَى هَذَا فِي الْأَعْرَافِ. وَالسَّحَّارُ: صِيغَةُ مُبَالَغَةٍ أَيْ: كَثِيرُ السِّحْرِ، كَثِيرُ الْعِلْمِ بِعَمَلِهِ وَأَنْوَاعِهِ فَلَمَّا جاءَ السَّحَرَةُ فِي الْكَلَامِ حَذْفٌ، وَالتَّقْدِيرُ هَكَذَا: وَقَالَ فِرْعَوْنُ ائْتُونِي بِكُلِّ سَحَّارٍ عَلِيمٍ فَأَتَوْا بِهِمْ إِلَيْهِ، فَلَمَّا جَاءَ السَّحَرَةُ، فَتَكُونُ الْفَاءُ لِلْعَطْفِ عَلَى الْمُقَدَّرِ الْمَحْذُوفِ. قَوْلُهُ: قالَ لَهُمْ مُوسى أَلْقُوا مَا أَنْتُمْ مُلْقُونَ أَيْ: قَالَ لَهُمْ هَذِهِ الْمَقَالَةَ بَعْدَ أَنْ قَالُوا لَهُ: إِمَّا أَنْ تُلْقِيَ، وَإِمَّا أَنْ نَكُونَ نَحْنُ الملقون، أَيِ: اطْرَحُوا عَلَى الْأَرْضِ مَا مَعَكُمْ مِنْ حِبَالِكُمْ وَعِصِيِّكُمْ فَلَمَّا أَلْقَوْا مَا أَلْقَوْهُ مِنْ ذَلِكَ قالَ لَهُمْ مُوسى مَا جِئْتُمْ بِهِ السِّحْرُ أَيِ: الَّذِي جِئْتُمْ بِهِ السِّحْرُ، عَلَى أَنَّ مَا مَوْصُولَةٌ مُبْتَدَأٌ، وَالْخَبَرُ: السِّحْرُ وَالْمَعْنَى: أَنَّهُ سِحْرٌ، لَا أَنَّهُ آيَةٌ مِنْ آيَاتِ الله. وأجاز الفرّاء نصب السحر بجئتم، وَتَكُونُ مَا شَرْطِيَّةً، وَالشَّرْطُ جِئْتُمْ، وَالْجَزَاءُ:

إِنَّ اللَّهَ سَيُبْطِلُهُ على تقدير الفاء فَإِنَّ اللَّهَ سَيُبْطِلُهُ وَقِيلَ: إِنَّ السِّحْرَ مُنْتَصِبٌ عَلَى الْمَصْدَرِ أَيْ: مَا جِئْتُمْ بِهِ سِحْرًا، ثُمَّ دَخَلَتِ الْأَلِفُ وَاللَّامُ فَلَا يَحْتَاجُ عَلَى هَذَا إِلَى حَذْفِ الْفَاءِ، وَاخْتَارَهُ النَّحَّاسُ. وَقَالَ: حَذْفُ الْفَاءِ فِي الْمُجَازَاةِ لَا يُجِيزُهُ كَثِيرٌ مِنَ النَّحْوِيِّينَ إِلَّا فِي ضَرُورَةِ الشِّعْرِ. وَقَرَأَ أَبُو عَمْرٍو، وَأَبُو جَعْفَرٍ: آلسِّحْرُ عَلَى أَنَّ الْهَمْزَةَ لِلِاسْتِفْهَامِ، وَالتَّقْدِيرُ: أَهْوَ السِّحْرُ؟ فَتَكُونُ مَا على هذه القراء اسْتِفْهَامِيَّةً. وَقَرَأَ أُبَيٌّ: مَا أَتَيْتُمْ بِهِ سِحْرٌ إِنَّ اللَّهَ سَيُبْطِلُهُ أَيْ: سَيَمْحَقُهُ، فَيَصِيرُ بَاطِلًا بِمَا يُظْهِرُهُ عَلَى يَدَيَّ مِنَ الْآيَاتِ الْمُعْجِزَةِ إِنَّ اللَّهَ لَا يُصْلِحُ عَمَلَ الْمُفْسِدِينَ أَيْ: عَمَلَ هَذَا الْجِنْسِ، فَيَشْمَلُ كُلَّ مَنْ يَصْدُقُ عَلَيْهِ أَنَّهُ مُفْسِدٌ، وَيَدْخُلُ فِيهِ السِّحْرُ وَالسَّحَرَةُ دُخُولًا أَوَّلِيًّا، وَالْوَاوُ فِي: وَيُحِقُّ اللَّهُ الْحَقَّ لِلْعَطْفِ عَلَى سَيُبْطِلُهُ، أَيْ: يُبَيِّنُهُ وَيُوَضِّحُهُ بِكَلِماتِهِ الَّتِي أَنْزَلَهَا فِي كُتُبِهِ عَلَى. أَنْبِيَائِهِ لِاشْتِمَالِهَا عَلَى الْحُجَجِ وَالْبَرَاهِينِ وَلَوْ كَرِهَ الْمُجْرِمُونَ مِنْ آلِ فِرْعَوْنَ، أَوِ الْمُجْرِمُونَ عَلَى الْعُمُومِ، وَيَدْخُلُ تَحْتَهُمْ آلُ فِرْعَوْنَ دُخُولًا أَوَّلِيًّا، وَالْإِجْرَامُ: الْآثَامُ. قَوْلُهُ فَما آمَنَ لِمُوسى إِلَّا ذُرِّيَّةٌ مِنْ قَوْمِهِ الضَّمِيرُ يَرْجِعُ إِلَى مُوسَى، أَيْ: مِنْ قَوْمِ مُوسَى، وَهُمْ طَائِفَةٌ مِنْ ذَرَارِيِّ

ص: 529

بَنِي إِسْرَائِيلَ وَقِيلَ: الْمُرَادُ طَائِفَةٌ مِنْ ذَرَارِيِّ فِرْعَوْنَ، فَيَكُونُ الضَّمِيرُ عَائِدًا عَلَى فِرْعَوْنَ، قِيلَ: وَمِنْهُمْ مُؤْمِنُ آلِ فِرْعَوْنَ وَامْرَأَتُهُ وَمَاشِطَةُ ابْنَتِهِ وَامْرَأَةُ خَازِنِهِ وَقِيلَ: هُمْ قَوْمٌ آبَاؤُهُمْ مِنَ الْقِبْطِ وَأُمَّهَاتُهُمْ مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ، رُوِيَ هَذَا عن الفراء. عَلى خَوْفٍ مِنْ فِرْعَوْنَ وَمَلَائِهِمْ الضَّمِيرُ لِفِرْعَوْنَ، وَجُمِعَ لِأَنَّهُ لَمَّا كَانَ جَبَّارًا جَمَعُوا ضَمِيرَهُ تَعْظِيمًا لَهُ وَقِيلَ: إِنَّ قَوْمَ فِرْعَوْنَ سُمُّوا: بِفِرْعَوْنَ، مِثْلَ ثَمُودَ، فَرَجَعَ الضَّمِيرُ إِلَيْهِمْ بِهَذَا الِاعْتِبَارِ، وَقِيلَ: إِنَّهُ عَائِدٌ عَلَى مُضَافٍ مَحْذُوفٍ، وَالتَّقْدِيرُ: عَلَى خَوْفٍ مِنْ آلِ فِرْعَوْنَ، وَرُوِيَ هَذَا عَنِ الْفَرَّاءِ. وَمَنْعَ ذَلِكَ الْخَلِيلُ وَسِيبَوَيْهِ، فَلَا يَجُوزُ عِنْدَهُمَا: قَامَتْ هِنْدٌ، وَأَنْتَ تُرِيدُ غُلَامَهَا، وَرُوِيَ عَنِ الْأَخْفَشِ أَنَّ الضَّمِيرَ يَعُودُ عَلَى الذُّرِّيَّةِ، وَقَوَّاهُ النَّحَّاسُ: أَنْ يَفْتِنَهُمْ أَيْ: يَصْرِفَهُمْ عَنْ دِينِهِمْ بِالْعَذَابِ الَّذِي كَانَ يُنْزِلُهُ بِهِمْ، وَهُوَ بَدَلُ اشْتِمَالٍ. وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ فِي مَوْضِعِ نَصْبٍ بِالْمَصْدَرِ. وَإِنَّ فِرْعَوْنَ لَعالٍ فِي الْأَرْضِ أَيْ: عَاتٍ مُتَكَبِّرٍ مُتَغَلِّبٍ عَلَى أَرْضِ مِصْرَ وَإِنَّهُ لَمِنَ الْمُسْرِفِينَ الْمُجَاوَزِينَ لِلْحَدِّ فِي الْكُفْرِ وَمَا يَفْعَلُهُ مِنَ الْقَتْلِ وَالصَّلْبِ وَتَنْوِيعِ الْعُقُوبَاتِ. قَوْلُهُ: وَقالَ مُوسى يَا قَوْمِ إِنْ كُنْتُمْ آمَنْتُمْ بِاللَّهِ فَعَلَيْهِ تَوَكَّلُوا إِنْ كُنْتُمْ مُسْلِمِينَ قِيلَ:

إِنَّ هَذَا مِنْ بَابِ التَّكْرِيرِ لِلشَّرْطِ، فَشَرَطَ فِي التَّوَكُّلِ عَلَى اللَّهِ الْإِيمَانَ بِهِ، وَالْإِسْلَامَ: أَيِ الِاسْتِسْلَامَ لِقَضَائِهِ وَقَدَرِهِ وَقِيلَ: إِنَّ هَذَا لَيْسَ مِنْ تَعْلِيقِ الْحُكْمِ بِشَرْطَيْنِ، بَلِ الْمُعَلَّقُ بِالْإِيمَانِ هُوَ وُجُوبُ التَّوَكُّلِ، وَالْمَشْرُوطُ بِالْإِسْلَامِ وَجُودُهُ وَالْمَعْنَى: أَنْ يُسْلِمُوا أَنْفُسَهُمْ لِلَّهِ، أَيْ: يَجْعَلُوهَا لَهُ سَالِمَةً خَالِصَةً لَا حَظَّ لِلشَّيْطَانِ فِيهَا، لِأَنَّ التَّوَكُّلَ لَا يَكُونُ مَعَ التَّخْلِيطِ. قَالَ فِي الْكَشَّافِ: وَنَظِيرُهُ فِي الْكَلَامِ: إِنْ ضَرَبَكَ زَيْدٌ فَاضْرِبْهُ إِنْ كَانَتْ لَكَ بِهِ قُوَّةٌ فَقالُوا أَيْ: قَوْمُ مُوسَى مُجِيبِينَ لَهُ عَلَى اللَّهِ تَوَكَّلْنا ثُمَّ دَعَوُا اللَّهَ مُخْلِصِينَ فَقَالُوا: رَبَّنا لَا تَجْعَلْنا فِتْنَةً أَيْ: مَوْضِعَ فِتْنَةٍ لِلْقَوْمِ الظَّالِمِينَ وَالْمَعْنَى: لَا تُسَلِّطْهُمْ عَلَيْنَا فَيُعَذِّبُونَا حَتَّى يَفْتِنُونَا عَنْ دِينِنَا، وَلَا تَجْعَلْنَا فِتْنَةً لَهُمْ يَفْتِنُونَ بِنَا غَيْرَنَا، فَيَقُولُونَ لَهُمْ: لَوْ كَانَ هَؤُلَاءِ عَلَى حَقٍّ لَمَا سُلِّطْنَا عَلَيْهِمْ وَعَذَّبْنَاهُمْ، وَعَلَى الْمَعْنَى الْأَوَّلِ تَكُونُ الْفِتْنَةُ بِمَعْنَى الْمَفْتُونِ. وَلَمَّا قَدَّمُوا التَّضَرُّعَ إِلَى اللَّهِ سُبْحَانَهُ فِي أَنْ يَصُونَ دِينَهُمْ عَنِ الْفَسَادِ أَتْبَعُوهُ بِسُؤَالِ عِصْمَةِ أَنْفُسِهِمْ فَقَالُوا: وَنَجِّنا بِرَحْمَتِكَ مِنَ الْقَوْمِ الْكافِرِينَ وَفِي هَذَا دَلِيلٌ عَلَى أَنَّهُ كَانَ لَهُمُ اهْتِمَامٌ بِأَمْرِ الدِّينِ فَوْقَ اهْتِمَامِهِمْ بِسَلَامَةِ أَنْفُسِهِمْ. قوله: وَأَوْحَيْنا إِلى مُوسى وَأَخِيهِ أَنْ تَبَوَّءا لِقَوْمِكُما بِمِصْرَ بُيُوتاً أن هي المفسرة، في الإيحاء معنى: القول: أَنْ تَبَوَّآ: أَيِ اتَّخِذَا لِقَوْمِكُمَا بِمِصْرَ بُيُوتًا يُقَالُ: بَوَّأْتُ زَيْدًا مَكَانًا، وَبَوَّأْتُ لِزَيْدٍ مَكَانًا، وَالْمُبَوَّأُ: الْمَنْزِلُ الْمَلْزُومُ، وَمِنْهُ: بَوَّأَهُ اللَّهُ مَنْزِلًا: أَيْ أَلْزَمَهُ إِيَّاهُ وَأَسْكَنَهُ فِيهِ، وَمِنْهُ: الْحَدِيثُ: «مَنْ كَذَبَ عَلَيَّ مُتَعَمِّدًا فَلْيَتَبَوَّأْ مَقْعَدَهُ مِنَ النَّارِ» وَمِنْهُ قَوْلُ الرَّاجِزِ:

نَحْنُ بَنُو عَدْنَانَ لَيْسَ شَكٌّ

تَبَوَّأَ الْمَجْدُ بِنَا وَالْمُلْكُ

قِيلَ: وَمِصْرُ فِي هَذِهِ الْآيَةِ هِيَ الْإِسْكَنْدَرِيَّةُ، وَقِيلَ: هِيَ مِصْرُ الْمَعْرُوفَةُ لَا الْإِسْكَنْدَرِيَّةُ وَاجْعَلُوا بُيُوتَكُمْ قِبْلَةً أَيْ: مُتَوَجِّهَةً إِلَى جِهَةِ الْقِبْلَةِ، قِيلَ: وَالْمُرَادُ بِالْبُيُوتِ هُنَا الْمَسَاجِدُ، وَإِلَيْهِ ذَهَبَ جَمَاعَةٌ مِنَ السَّلَفِ وَقِيلَ: الْمُرَادُ بِالْبُيُوتِ الَّتِي يَسْكُنُونَ فيها، أمروا بأن يجعلوها متقابلة، وَالْمُرَادُ بِالْقِبْلَةِ عَلَى الْقَوْلِ الْأَوَّلِ هِيَ جِهَةُ بَيْتِ الْمَقْدِسِ، وَهُوَ قِبْلَةُ الْيَهُودِ إِلَى الْيَوْمِ وَقِيلَ: جِهَةُ الْكَعْبَةِ، وَأَنَّهَا كَانَتْ قِبْلَةَ مُوسَى وَمَنْ مَعَهُ وَقِيلَ:

الْمُرَادُ أَنَّهُمْ يَجْعَلُونَ بُيُوتَهُمْ مُسْتَقْبِلَةً لِلْقِبْلَةِ لِيُصَلُّوا فِيهَا سِرًّا لِئَلَّا يُصِيبَهُمْ مِنَ الْكُفَّارِ مَعَرَّةٌ بِسَبَبِ الصَّلَاةِ، وَمِمَّا

ص: 530

يُؤَيِّدُ هَذَا قَوْلُهُ: وَأَقِيمُوا الصَّلاةَ أَيِ: الَّتِي أمركم الله بِإِقَامَتِهَا فَإِنَّهُ يُفِيدُ أَنَّ الْقِبْلَةَ هِيَ: قِبْلَةُ الصَّلَاةِ إِمَّا فِي الْمَسَاجِدِ، أَوْ فِي الْبُيُوتِ لَا جَعْلَ الْبُيُوتِ مُتَقَابِلَةً، وَإِنَّمَا جَعَلَ الْخِطَابَ فِي أَوَّلِ الْكَلَامِ مَعَ مُوسَى وَهَارُونَ، ثُمَّ جَعَلَهُ لَهُمَا وَلِقَوْمِهِمَا فِي قَوْلِهِ: وَاجْعَلُوا بُيُوتَكُمْ قِبْلَةً وَأَقِيمُوا الصَّلاةَ ثُمَّ أَفْرَدَ مُوسَى بِالْخِطَابِ بَعْدَ ذَلِكَ، فَقَالَ وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ لِأَنَّ اخْتِيَارَ الْمَكَانِ مُفَوَّضٌ إِلَى الْأَنْبِيَاءِ، ثُمَّ جُعِلَ عَامًّا فِي اسْتِقْبَالِ الْقِبْلَةِ، وَإِقَامَةِ الصَّلَاةِ، لِأَنَّ ذَلِكَ وَاجِبٌ عَلَى الْجَمِيعِ لَا يَخْتَصُّ بِالْأَنْبِيَاءِ، ثُمَّ جُعِلَ خَاصًّا بِمُوسَى لِأَنَّهُ الْأَصْلُ فِي الرِّسَالَةِ وَهَارُونُ تَابِعٌ لَهُ، فَكَانَ ذَلِكَ تَعْظِيمًا لِلْبِشَارَةِ وَلِلْمُبَشَّرِ بِهَا وَقِيلَ: إِنَّ الْخِطَابَ فِي وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ لنبينا محمد صلى الله عليه وسلم عَلَى طَرِيقَةِ الِالْتِفَاتِ وَالِاعْتِرَاضِ، وَالْأَوَّلُ أَوْلَى.

وَقَدْ أَخْرَجَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ وَابْنُ جَرِيرٍ وَابْنُ الْمُنْذِرِ وَابْنُ أَبِي حَاتِمٍ عَنْ قَتَادَةَ فِي قَوْلِهِ: لِتَلْفِتَنا قَالَ: لِتَلْوِيَنَا.

وَأَخْرَجَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ وَأَبُو الشَّيْخِ عَنْ السُّدِّيِّ قَالَ: لِتَصُدَّنَا عَنْ آلِهَتِنَا. وَأَخْرَجَ ابْنُ أَبِي شَيْبَةَ وَابْنُ الْمُنْذِرِ وَابْنُ أَبِي حَاتِمٍ وَأَبُو الشَّيْخِ عَنْ مُجَاهِدٍ فِي قَوْلِهِ: وَتَكُونَ لَكُمَا الْكِبْرِياءُ فِي الْأَرْضِ قَالَ: الْعَظْمَةُ وَالْمُلْكُ وَالسُّلْطَانُ. وَأَخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ وَابْنُ أَبِي حَاتِمٍ وَأَبُو الشيخ عن ابْنِ عَبَّاسٍ فِي قَوْلِهِ فَما آمَنَ لِمُوسى إِلَّا ذُرِّيَّةٌ قَالَ: الذَّرِّيَّةُ: الْقَلِيلُ. وَأَخْرَجَ هَؤُلَاءِ عَنْهُ فِي قَوْلِهِ: ذُرِّيَّةٌ مِنْ قَوْمِهِ قَالَ: مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ. وَأَخْرَجَ ابْنُ أَبِي شَيْبَةَ وَابْنُ الْمُنْذِرِ وَأَبُو الشَّيْخِ عَنْ مُجَاهِدٍ قَالَ: هُمْ أَوْلَادُ الَّذِينَ أُرْسِلَ إِلَيْهِمْ مُوسَى، مِنْ طُولِ الزَّمَانِ وَمَاتَ آبَاؤُهُمْ. وَأَخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: كَانَتِ الذُّرِّيَّةُ الَّتِي آمَنَتْ لِمُوسَى مِنْ أُنَاسٍ غَيْرِ بَنِي إِسْرَائِيلَ مِنْ قَوْمِ فِرْعَوْنَ مِنْهُمُ امْرَأَةُ فِرْعَوْنَ وَمُؤْمِنُ آلِ فِرْعَوْنَ وَخَازِنُ فِرْعَوْنَ وَامْرَأَةُ خَازِنِهِ. وَأَخْرَجَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ وَسَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ وَنُعَيْمُ بْنُ حَمَّادٍ فِي الْفِتَنِ وَأَبُو الشَّيْخِ عَنْ مُجَاهِدٍ فِي قَوْلِهِ رَبَّنا لَا تَجْعَلْنا فِتْنَةً لِلْقَوْمِ الظَّالِمِينَ قَالَ: لَا تُسَلِّطْهُمْ عَلَيْنَا فَيَفْتِنُونَا. وَأَخْرَجَ ابْنُ أَبِي شَيْبَةَ وَابْنُ الْمُنْذِرِ وَابْنُ أَبِي حَاتِمٍ وَأَبُو الشَّيْخِ عَنْهُ قَالَ فِي تَفْسِيرِ الْآيَةِ: لَا تُعَذِّبْنَا بِأَيْدِي قَوْمِ فِرْعَوْنَ وَلَا بِعَذَابٍ مِنْ عِنْدِكَ، فَيَقُولُ قَوْمُ فِرْعَوْنَ: لَوْ كَانُوا عَلَى الْحَقِّ مَا عُذِّبُوا وَلَا سُلِّطْنَا عَلَيْهِمْ فَيُفْتَنُونَ بِنَا. وَأَخْرَجَ ابْنُ أَبِي شَيْبَةَ وَابْنُ الْمُنْذِرِ وَأَبُو الشَّيْخِ عَنْ أَبِي قِلَابَةَ فِي الْآيَةِ قَالَ: سَأَلَ رَبَّهُ أَنْ لَا يُظْهِرَ عَلَيْنَا عَدُوَّنَا فَيَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ أَوْلَى بِالْعَدْلِ فَيُفْتَنُونَ بِذَلِكَ. وَأَخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ وَابْنُ الْمُنْذِرِ وَابْنُ أَبِي حَاتِمٍ عَنْ أَبِي مِجْلَزٍ نَحْوَهُ. وَأَخْرَجَ أَبُو الشَّيْخِ عَنْ قَتَادَةَ فِي قَوْلِهِ: وَأَوْحَيْنا إِلى مُوسى وَأَخِيهِ الْآيَةَ، قَالَ ذَلِكَ حِينَ مَنَعَهَمْ فِرْعَوْنُ الصَّلَاةَ، فَأُمِرُوا أَنْ يَجْعَلُوا مَسَاجِدَهُمْ فِي بُيُوتِهِمْ وَأَنْ يُوَجَّهُوهَا نَحْوَ الْقِبْلَةِ. وَأَخْرَجَ ابْنُ أَبِي شَيْبَةَ وَابْنُ جَرِيرٍ وَابْنُ الْمُنْذِرِ وَابْنُ أَبِي حَاتِمٍ عَنْ مُجَاهِدٍ فِي قَوْلِهِ: أَنْ تَبَوَّءا لِقَوْمِكُما بِمِصْرَ قَالَ: مِصْرُ الْإِسْكَنْدَرِيَّةُ. وَأَخْرَجَ سَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ وَابْنُ الْمُنْذِرِ وَابْنُ أَبِي حَاتِمٍ وَأَبُو الشَّيْخِ عَنْ مُجَاهِدٍ فِي الْآيَةِ قَالَ: كَانُوا لَا يُصَلُّونَ إِلَّا فِي الْبِيَعِ حَتَّى خَافُوا مِنْ آلِ فِرْعَوْنَ فَأُمِرُوا أَنْ يُصَلُّوا فِي بُيُوتِهِمْ. وَأَخْرَجَ الْفِرْيَابِيُّ وَابْنُ جَرِيرٍ وَابْنُ الْمُنْذِرِ وَابْنُ أَبِي حَاتِمٍ وَأَبُو الشَّيْخِ وَابْنُ مَرْدَوَيْهِ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ فِي الْآيَةِ قَالَ: أُمِرُوا أَنْ يَتَّخِذُوا فِي بُيُوتِهِمْ مَسَاجِدَ. وَأَخْرَجَ أَبُو الشَّيْخِ عَنْ أَبِي سِنَانٍ قَالَ: الْقِبْلَةُ الْكَعْبَةُ، وَذُكِرَ أَنَّ آدَمَ فَمَنْ بَعْدَهُ كَانُوا يُصَلُّونَ قِبَلَ الْكَعْبَةِ. وَأَخْرَجَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ فِي قَوْلِهِ وَاجْعَلُوا بُيُوتَكُمْ قِبْلَةً قال:

يقابل بعضها بعضا.

ص: 531