الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَأَخْرَجَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ وَأَبُو الشَّيْخِ عَنْ قَتَادَةَ فِي قَوْلِهِ: وَما أُرِيدُ أَنْ أُخالِفَكُمْ إِلى مَا أَنْهاكُمْ عَنْهُ قَالَ:
يَقُولُ لَمْ أَكُنْ لِأَنْهَاكُمْ عَنْ أَمْرٍ وَأَرْكَبَهُ. وَأَخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ، وَابْنُ أَبِي حَاتِمٍ، وَأَبُو الشيخ عن مُجَاهِدٍ فِي قَوْلِهِ:
وَإِلَيْهِ أُنِيبُ قَالَ: إِلَيْهِ أَرْجِعُ. وَأَخْرَجَ أَبُو نُعَيْمٍ فِي الْحِلْيَةِ عَنْ عَلِيٍّ قَالَ: «قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ أَوْصِنِي، قَالَ: قُلِ اللَّهُ رَبِّي ثُمَّ اسْتَقِمْ، قُلْتُ: رَبِّيَ اللَّهُ وَمَا تَوْفِيقِي إِلَّا بِاللَّهِ عَلَيْهِ تَوَكَّلَتُ وَإِلَيْهِ أُنِيبُ، قَالَ: لِيَهْنِكَ الْعِلْمُ أَبَا الْحَسَنِ، لَقَدْ شَرِبْتَ الْعِلْمَ شُرْبًا وَنَهِلْتَهُ نَهَلًا، وَفِي إِسْنَادِهِ مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ الْكُدَيْمِيُّ. وَأَخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ، وَابْنُ أَبِي حَاتِمٍ، وَأَبُو الشَّيْخِ عَنْ قَتَادَةَ: لَا يَجْرِمَنَّكُمْ شِقاقِي لَا يَحْمِلَنَّكُمْ فِرَاقِي. وَأَخْرَجَ ابْنُ الْمُنْذِرِ عَنْ مُجَاهِدٍ قَالَ: شِقَاقِي عَدَاوَتِي. وَأَخْرَجَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ، وَأَبُو الشَّيْخِ عَنْ السُّدِّيِّ قَالَ: لَا تَحْمِلَنَّكُمْ عَدَاوَتِي. وَأَخْرَجَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ، وَابْنُ جَرِيرٍ عَنْ قَتَادَةَ فِي قَوْلِهِ: وَما قَوْمُ لُوطٍ مِنْكُمْ بِبَعِيدٍ قَالَ: إِنَّمَا كَانُوا حَدِيثِي عَهْدٍ قَرِيبٍ بَعْدَ نُوحٍ وَثَمُودَ. وَأَخْرَجَ أَبُو الشَّيْخِ وَابْنُ عَسَاكِرَ عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ: وَإِنَّا لَنَراكَ فِينا ضَعِيفاً قَالَ: كَانَ أَعْمَى، وَإِنَّمَا عَمِيَ مِنْ بُكَائِهِ مِنْ حُبِّ اللَّهِ عز وجل. وَأَخْرَجَ الْوَاحِدِيُّ، وَابْنُ عَسَاكِرَ، عَنْ شَدَّادِ بْنِ أَوْسٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم «بَكَى شُعَيْبٌ عليه السلام مِنْ حُبِّ اللَّهِ حَتَّى عَمِيَ» . وَأَخْرَجَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ، وَالْحَاكِمُ، وَصَحَّحَهُ، وَالْخَطِيبُ، وَابْنُ عَسَاكِرَ مِنْ طُرُقٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ فِي قَوْلِهِ: وَإِنَّا لَنَراكَ فِينا ضَعِيفاً قَالَ: كَانَ ضَرِيرَ الْبَصَرِ. وَأَخْرَجَ أَبُو الشَّيْخِ عَنْ أَبِي صَالِحٍ مِثْلَهُ. وَأَخْرَجَ أَبُو الشَّيْخِ عَنْ سُفْيَانَ فِي قَوْلِهِ: وَإِنَّا لَنَراكَ فِينا ضَعِيفاً قَالَ: كَانَ أَعْمَى، وَكَانَ يُقَالُ لَهُ خَطِيبُ الْأَنْبِيَاءِ.
وَأَخْرَجَ أَبُو الشَّيْخِ عَنِ السُّدِّيِّ قَالَ: مَعْنَاهُ إِنَّمَا أَنْتَ وَاحِدٌ. وَأَخْرَجَ أَبُو الشَّيْخِ عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ: أَنَّهُ خَطَبَ فَتَلَا هَذِهِ الْآيَةَ فِي شُعَيْبٍ وَإِنَّا لَنَراكَ فِينا ضَعِيفاً قَالَ: كَانَ مَكْفُوفًا، فَنَسَبُوهُ إِلَى الضَّعْفِ وَلَوْلا رَهْطُكَ لَرَجَمْناكَ قال عليّ: فو الله الذي لا إله غَيْرُهُ مَا هَابُوا جَلَالَ رَبِّهِمْ مَا هَابُوا إِلَّا الْعَشِيرَةَ.
وَأَخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ، وَابْنُ أَبِي حَاتِمٍ عَنْ مُجَاهِدٍ فِي قَوْلِهِ: وَاتَّخَذْتُمُوهُ وَراءَكُمْ ظِهْرِيًّا قَالَ: نَبَذْتُمْ أَمْرَهُ.
وَأَخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ، وَابْنُ أَبِي حَاتِمٍ عَنْ قَتَادَةَ قَالَ فِي الْآيَةِ: لَا تَخَافُونَهُ. وَأَخْرَجَ أَبُو الشَّيْخِ عَنِ الضحاك قال:
تهاونتم به.
[سورة هود (11) : الآيات 96 الى 108]
وَلَقَدْ أَرْسَلْنا مُوسى بِآياتِنا وَسُلْطانٍ مُبِينٍ (96) إِلى فِرْعَوْنَ وَمَلائِهِ فَاتَّبَعُوا أَمْرَ فِرْعَوْنَ وَما أَمْرُ فِرْعَوْنَ بِرَشِيدٍ (97) يَقْدُمُ قَوْمَهُ يَوْمَ الْقِيامَةِ فَأَوْرَدَهُمُ النَّارَ وَبِئْسَ الْوِرْدُ الْمَوْرُودُ (98) وَأُتْبِعُوا فِي هذِهِ لَعْنَةً وَيَوْمَ الْقِيامَةِ بِئْسَ الرِّفْدُ الْمَرْفُودُ (99) ذلِكَ مِنْ أَنْباءِ الْقُرى نَقُصُّهُ عَلَيْكَ مِنْها قائِمٌ وَحَصِيدٌ (100)
وَما ظَلَمْناهُمْ وَلكِنْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ فَما أَغْنَتْ عَنْهُمْ آلِهَتُهُمُ الَّتِي يَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ مِنْ شَيْءٍ لَمَّا جاءَ أَمْرُ رَبِّكَ وَما زادُوهُمْ غَيْرَ تَتْبِيبٍ (101) وَكَذلِكَ أَخْذُ رَبِّكَ إِذا أَخَذَ الْقُرى وَهِيَ ظالِمَةٌ إِنَّ أَخْذَهُ أَلِيمٌ شَدِيدٌ (102) إِنَّ فِي ذلِكَ لَآيَةً لِمَنْ خافَ عَذابَ الْآخِرَةِ ذلِكَ يَوْمٌ مَجْمُوعٌ لَهُ النَّاسُ وَذلِكَ يَوْمٌ مَشْهُودٌ (103) وَما نُؤَخِّرُهُ إِلَاّ لِأَجَلٍ مَعْدُودٍ (104) يَوْمَ يَأْتِ لَا تَكَلَّمُ نَفْسٌ إِلَاّ بِإِذْنِهِ فَمِنْهُمْ شَقِيٌّ وَسَعِيدٌ (105)
فَأَمَّا الَّذِينَ شَقُوا فَفِي النَّارِ لَهُمْ فِيها زَفِيرٌ وَشَهِيقٌ (106) خالِدِينَ فِيها مَا دامَتِ السَّماواتُ وَالْأَرْضُ إِلَاّ مَا شاءَ رَبُّكَ إِنَّ رَبَّكَ فَعَّالٌ لِما يُرِيدُ (107) وَأَمَّا الَّذِينَ سُعِدُوا فَفِي الْجَنَّةِ خالِدِينَ فِيها مَا دامَتِ السَّماواتُ وَالْأَرْضُ إِلَاّ مَا شاءَ رَبُّكَ عَطاءً غَيْرَ مَجْذُوذٍ (108)
الْمُرَادُ بِالْآيَاتِ: التَّوْرَاةُ، وَالسُّلْطَانُ الْمُبِينُ: الْمُعْجِزَاتُ وَقِيلَ: الْمُرَادُ بِالْآيَاتِ: هِيَ التِّسْعُ الْمَذْكُورَةُ فِي غَيْرِ هَذَا الْمَوْضِعِ، وَالسُّلْطَانُ الْمُبِينُ: الْعَصَا، وَهِيَ وَإِنْ كَانَتْ مِنَ التِّسْعِ لَكِنَّهَا لَمَّا كَانَتْ أَبْهَرَهَا أُفْرِدَتْ بِالذِّكْرِ وَقِيلَ: الْمُرَادُ بِالْآيَاتِ: مَا يُفِيدُ الظَّنَّ، وَالسُّلْطَانُ الْمُبِينُ: مَا يُفِيدُ الْقَطْعَ بِمَا جَاءَ بِهِ مُوسَى وَقِيلَ: هُمَا جَمِيعًا عِبَارَةٌ عَنْ شَيْءٍ وَاحِدٍ، أَيْ: أَرْسَلْنَاهُ بِمَا يَجْمَعُ وَصْفَ كَوْنِهِ آيَةً وَكَوْنِهِ سُلْطَانًا مُبِينًا وَقِيلَ: إِنَّ السُّلْطَانَ الْمُبِينَ: مَا أَوْرَدَهُ مُوسَى عَلَى فرعون في المحاورة بينهما إِلى فِرْعَوْنَ وَمَلَائِهِ أَيْ: أَرْسَلْنَاهُ بِذَلِكَ إِلَى هَؤُلَاءِ.
وَقَدْ تَقَدَّمَ أَنَّ الْمَلَأَ أَشْرَافُ الْقَوْمِ، وَإِنَّمَا خَصَّهُمْ بِالذِّكْرِ دُونَ سَائِرِ الْقَوْمِ، لِأَنَّهُمْ أَتْبَاعٌ لَهُمْ فِي الْإِصْدَارِ وَالْإِيرَادِ، وَخَصَّ هَؤُلَاءِ الْمَلَأَ دُونَ فِرْعَوْنَ بقوله: فَاتَّبَعُوا أَمْرَ فِرْعَوْنَ أي: أمره لَهُمْ بِالْكُفْرِ، لِأَنَّ حَالَ فِرْعَوْنَ فِي الْكُفْرِ أَمْرٌ وَاضِحٌ، إِذْ كُفْرُ قَوْمِهِ مِنَ الْأَشْرَافِ وَغَيْرِهِمْ إِنَّمَا هُوَ مُسْتَنِدٌ إِلَى كُفْرِهِ، وَيَجُوزُ أَنْ يُرَادَ بِأَمْرِ فِرْعَوْنَ:
شَأْنُهُ وَطَرِيقَتُهُ، فَيَعُمَّ الْكُفْرَ وَغَيْرَهُ وَما أَمْرُ فِرْعَوْنَ بِرَشِيدٍ أَيْ: لَيْسَ فِيهِ رُشْدٌ قَطُّ، بَلْ هُوَ غَيٌّ وَضَلَالٌ، وَالرَّشِيدُ بِمَعْنَى: الْمُرْشِدِ، وَالْإِسْنَادُ مَجَازِيٌّ، أَوْ بِمَعْنَى ذِي رُشْدٍ، وَفِيهِ تَعْرِيضٌ بِأَنَّ الرُّشْدَ فِي أَمْرِ مُوسَى يَقْدُمُ قَوْمَهُ يَوْمَ الْقِيامَةِ مِنْ قَدِمَهُ بِمَعْنَى تَقَدَّمَهُ، أَيْ: يَصِيرُ مُتَقَدِّمًا لهم يوم القيامة سابقا لهم إِلَى عَذَابِ النَّارِ كَمَا كَانَ يَتَقَدَّمُهُمْ فِي الدُّنْيَا فَأَوْرَدَهُمُ النَّارَ أَيْ: إِنَّهُ لَا يَزَالُ مُتَقَدِّمًا لَهُمْ وَهُمْ يَتْبَعُونَهُ حَتَّى يُورِدَهُمُ النَّارَ وَعَبَّرَ بِالْمَاضِي: تَنْبِيهًا عَلَى تَحَقُّقِ وُقُوعِهِ، ثُمَّ ذَمَّ الْوِرْدَ الَّذِي أَوْرَدَهُمْ إِلَيْهِ، فَقَالَ: وَبِئْسَ الْوِرْدُ الْمَوْرُودُ لِأَنَّ الْوَارِدَ إِلَى الْمَاءِ الَّذِي يقال له: الورد، إنما يرده ليطفىء حَرَّ الْعَطَشِ، وَيُذْهِبَ ظَمَأَهُ، وَالنَّارُ عَلَى ضِدِّ ذَلِكَ، ثُمَّ ذَمَّهُمْ بَعْدَ ذَمِّ الْمَكَانِ الَّذِي يَرِدُونَهُ، فَقَالَ: وَأُتْبِعُوا فِي هذِهِ لَعْنَةً
أَيْ: أُتْبِعَ قَوْمُ فِرْعَوْنَ مُطْلَقًا، أَوِ الْمَلَأُ خَاصَّةً، أَوْ هُمْ وَفِرْعَوْنُ فِي هَذِهِ الدُّنْيَا لَعْنَةً عَظِيمَةً، أَيْ: طَرْدًا وَإِبْعَادًا وَيَوْمَ الْقِيامَةِ أَيْ: وَأُتْبِعُوا لَعْنَةً يَوْمَ الْقِيَامَةِ، يَلْعَنُهُمْ أَهْلُ الْمَحْشَرِ جَمِيعًا، ثُمَّ إِنَّهُ جَعَلَ اللَّعْنَةَ رِفْدًا لَهُمْ، عَلَى طَرِيقَةِ التَّهَكُّمِ، فَقَالَ: بِئْسَ الرِّفْدُ الْمَرْفُودُ. قَالَ الْكِسَائِيُّ وَأَبُو عُبَيْدَةَ: رَفَدْتُهُ، أَرْفِدُهُ، رِفْدًا: أَمَّنْتُهُ وَأَعْطَيْتُهُ، وَاسْمُ الْعَطِيَّةِ: الرِّفْدُ، أَيْ: بِئْسَ الْعَطَاءُ وَالْإِعَانَةُ مَا أَعْطَوْهُمْ إِيَّاهُ، وَأَعَانُوهُمْ بِهِ، وَالْمَخْصُوصُ بِالذَّمِّ مَحْذُوفٌ، أَيْ: رِفْدُهُمْ، وَهُوَ اللَّعْنَةُ الَّتِي أُتْبِعُوهَا فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ كَأَنَّهَا لَعْنَةٌ بَعْدَ لَعْنَةٍ تَمُدُّ الْأُخْرَى الْأُولَى وَتُؤَبِّدُهَا. وَذَكَرَ الْمَاوَرْدِيُّ حِكَايَةً عَنِ الْأَصْمَعِيِّ أَنَّ الرَّفْدَ بِالْفَتْحِ: الْقَدَحُ، وَبِالْكَسْرِ: مَا فِيهِ مِنَ الشَّرَابِ فَكَأَنَّهُ ذَمَّ مَا يَسْتَقُونَهُ فِي النَّارِ، وَهَذَا أَنْسَبُ بِالْمَقَامِ، وَقِيلَ: إِنَّ الرِّفْدَ: الزِّيَادَةُ، أَيْ: بِئْسَ مَا يُرْفَدُونَ بِهِ بَعْدَ الْغَرَقِ، وَهُوَ الزِّيَادَةُ، قَالَهُ الْكَلْبِيُّ وَالْإِشَارَةُ بِقَوْلِهِ: ذلِكَ مِنْ أَنْباءِ الْقُرى نَقُصُّهُ عَلَيْكَ أَيْ: مَا قَصَّهُ اللَّهُ سُبْحَانَهُ فِي هَذِهِ السُّورَةِ مِنْ أَخْبَارِ الْأُمَمِ السَّالِفَةِ وَمَا فَعَلُوهُ مَعَ أَنْبِيَائِهِمْ، أَيْ: هُوَ مقصوص عليك خبر بَعْدَ خَبَرٍ، وَقَدْ تَقَدَّمَ تَحْقِيقُ مَعْنَى الْقَصَصِ، وَالضَّمِيرُ فِي: مِنْهَا، عَائِدٌ إِلَى الْقُرَى، أَيْ: مِنَ الْقُرَى قَائِمٌ، وَمِنْهَا حَصِيدٌ، وَالْقَائِمُ: مَا كَانَ قَائِمًا عَلَى عُرُوشِهِ، وَالْحَصِيدُ: مَا لَا أَثَرَ لَهُ وَقِيلَ: الْقَائِمُ: الْعَامِرُ، وَالْحَصِيدُ: الْخَرَابُ وقيل: القائم: القرى الخاوية على عُرُوشِهَا، وَالْحَصِيدُ: الْمُسْتَأْصَلُ بِمَعْنَى مَحْصُودٍ، شَبَّهَ الْقُرَى بِالزَّرْعِ الْقَائِمِ عَلَى سَاقِهِ وَالْمَقْطُوعِ، قَالَ الشَّاعِرُ:
وَالنَّاسُ فِي قِسْمِ الْمَنِيَّةِ بَيْنَهُمْ
…
كَالزَّرْعِ مِنْهُ قَائِمٌ وَحَصِيدُ
وَما ظَلَمْناهُمْ بِمَا فَعَلْنَا بِهِمْ مِنَ الْعَذَابِ وَلكِنْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ بِالْكُفْرِ وَالْمَعَاصِي فَما أَغْنَتْ عَنْهُمْ آلِهَتُهُمُ أَيْ: فَمَا دَفَعَتْ عَنْهُمْ أَصْنَامُهُمُ الَّتِي يَعْبُدُونَهَا مِنْ دُونِ اللَّهِ شَيْئًا مِنَ الْعَذَابِ لَمَّا جاءَ أَمْرُ رَبِّكَ أَيْ: لَمَّا جَاءَ عَذَابُهُ وَما زادُوهُمْ غَيْرَ تَتْبِيبٍ: الْهَلَاكُ وَالْخُسْرَانُ، أَيُّ: مَا زَادَتْهُمُ الْأَصْنَامُ الَّتِي يَعْبُدُونَهَا إِلَّا هَلَاكًا وَخُسْرَانًا، وَقَدْ كَانُوا يَعْتَقِدُونَ أَنَّهَا تُعِينُهُمْ عَلَى تَحْصِيلِ الْمَنَافِعِ وَكَذلِكَ أَخْذُ رَبِّكَ قَرَأَ الْجَحْدَرَيُّ وَطَلْحَةُ بْنُ مُصَرِّفٍ أَخَذَ عَلَى أَنَّهُ فِعْلٌ وَقَرَأَ غَيْرُهُمَا أَخْذُ عَلَى الْمَصْدَرِ إِذا أَخَذَ الْقُرى وَهِيَ ظالِمَةٌ أَيْ: أَهْلَهَا وَهُمْ ظَالِمُونَ إِنَّ أَخْذَهُ أَيْ: عُقُوبَتَهُ لِلْكَافِرِينَ أَلِيمٌ شَدِيدٌ أَيْ: مُوجِعٌ غَلِيظٌ إِنَّ فِي ذلِكَ لَآيَةً أَيْ: فِي أَخْذِ اللَّهِ سُبْحَانَهُ لِأَهْلِ الْقُرَى، أَوْ فِي الْقَصَصِ الَّذِي قَصَّهُ عَلَى رَسُولِهِ لَعِبْرَةً وَمَوْعِظَةً لِمَنْ خافَ عَذابَ الْآخِرَةِ لِأَنَّهُمُ الَّذِينَ يَعْتَبِرُونَ بِالْعِبَرِ، وَيَتَّعِظُونَ بِالْمَوَاعِظِ، وَالْإِشَارَةُ بِقَوْلِهِ:
ذلِكَ يَوْمٌ مَجْمُوعٌ لَهُ النَّاسُ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ الْمَدْلُولِ عَلَيْهِ بذكر الآخرة، أي: يَجْمَعَ فِيهِ النَّاسَ لِلْمُحَاسَبَةِ وَالْمُجَازَاةِ وَذلِكَ أَيْ: يَوْمُ الْقِيَامَةِ يَوْمٌ مَشْهُودٌ أَيْ: يَشْهَدُهُ أَهْلُ الْمَحْشَرِ، أَوْ مَشْهُودٌ فِيهِ الْخَلَائِقُ، فَاتَّسَعَ فِي الظَّرْفِ بِإِجْرَائِهِ مُجْرَى الْمَفْعُولِ وَما نُؤَخِّرُهُ إِلَّا لِأَجَلٍ مَعْدُودٍ أَيْ: وَمَا نُؤَخِّرُ ذَلِكَ الْيَوْمَ إِلَّا لِانْتِهَاءِ أَجَلٍ مَعْدُودٍ مَعْلُومٍ بِالْعَدَدِ، قَدْ عَيَّنَ اللَّهُ سُبْحَانَهُ وُقُوعَ الْجَزَاءِ بَعْدَهُ يَوْمَ يَأْتِ قَرَأَ أَهْلُ الْمَدِينَةِ وَأَبُو عَمْرٍو وَالْكِسَائِيُّ بِإِثْبَاتِ الْيَاءِ فِي الدَّرَجِ، وَحَذْفِهَا فِي الْوَقْفِ. وَقَرَأَ أُبَيٌّ وَابْنُ مَسْعُودٍ بِإِثْبَاتِهَا وَصْلًا وَوَقْفًا.
وَقَرَأَ الْأَعْمَشُ بِحَذْفِهَا فِيهِمَا، وَوَجْهُ حَذْفِ الْيَاءِ مَعَ الْوَقْفِ مَا قَالَهُ الْكِسَائِيُّ أَنَّ الْفِعْلَ السَّالِمَ يُوقَفُ عَلَيْهِ كَالْمَجْزُومِ، فَحُذِفَتِ الْيَاءُ كَمَا تُحْذَفُ الضَّمَّةُ. وَوَجْهُ قِرَاءَةِ مَنْ قَرَأَ بِحَذْفِ الْيَاءِ مَعَ الْوَصْلِ أَنَّهُمْ رَأَوْا رَسْمَ الْمُصْحَفِ كَذَلِكَ.
وَحَكَى الْخَلِيلُ وَسِيبَوَيْهِ أَنَّ الْعَرَبَ تَقُولُ لَا أَدْرِ، فَتَحْذِفُ الْيَاءَ وَتَجْتَزِئُ بِالْكَسْرِ. وَأَنْشَدَ الْفَرَّاءُ فِي حَذْفِ الْيَاءِ:
كَفَّاكَ كَفٌّ مَا تُلِيقُ دِرْهَمًا
…
جُودًا وَأُخْرَى تُعْطِ بِالسَّيْفِ الدَّمَا
قَالَ الزَّجَّاجُ: وَالْأَجْوَدُ فِي النَّحْوِ إِثْبَاتُ الْيَاءِ، وَالْمَعْنَى: حِينَ يَأْتِي يَوْمَ الْقِيَامَةِ لَا تَكَلَّمُ نَفْسٌ أَيْ:
لَا تَتَكَلَّمُ، حُذِفَتْ إِحْدَى التَّاءَيْنِ تَخْفِيفًا، أَيْ: لَا تَتَكَلَّمُ فِيهِ نَفْسٌ إِلَّا بِمَا أُذِنَ لَهَا مِنَ الْكَلَامِ وَقِيلَ: لَا تَكَلَّمُ بِحُجَّةٍ وَلَا شَفَاعَةٍ إِلَّا بِإِذْنِهِ- سُبْحَانَهُ- لَهَا فِي التَّكَلُّمِ بِذَلِكَ، وَقَدْ جَمَعَ بَيْنَ هَذَا وَبَيْنَ قَوْلِهِ هَذَا يَوْمُ لَا يَنْطِقُونَ- وَلا يُؤْذَنُ لَهُمْ فَيَعْتَذِرُونَ «1» بِاخْتِلَافِ أَحْوَالِهِمْ بِاخْتِلَافِ مَوَاقِفِ الْقِيَامَةِ. وَقَدْ تَكَرَّرَ مِثْلُ هَذَا الْجَمْعِ فِي مَوَاضِعَ فَمِنْهُمْ شَقِيٌّ وَسَعِيدٌ أَيْ: مِنَ الْأَنْفُسِ شَقِيٌّ، وَمِنْهُمْ سَعِيدٌ فَالشَّقِيُّ مَنْ كُتِبَتْ عَلَيْهِ الشَّقَاوَةُ، وَالسَّعِيدُ مَنْ كُتِبَتْ لَهُ السَّعَادَةُ، وَتَقْدِيمُ الشَّقِيِّ عَلَى السَّعِيدِ لِأَنَّ الْمَقَامَ مَقَامُ تَحْذِيرٍ فَأَمَّا الَّذِينَ شَقُوا فَفِي النَّارِ لَهُمْ فِيها زَفِيرٌ وَشَهِيقٌ أَيْ: فأما الذين سَبَقَتْ لَهُمُ الشَّقَاوَةُ فَمُسْتَقِرُّونَ فِي النَّارِ لَهُمْ فِيهَا زَفِيرٌ وَشَهِيقٌ. قَالَ الزَّجَّاجُ: الزَّفِيرُ مِنْ شِدَّةِ الْأَنِينِ، وَهُوَ الْمُرْتَفِعُ جِدًّا، قَالَ: وَزَعَمَ أَهْلُ اللُّغَةِ مِنَ الْبَصْرِيِّينَ وَالْكُوفِيِّينَ أَنَّ الزَّفِيرَ: بِمَنْزِلَةِ ابْتِدَاءِ صَوْتِ الْحَمِيرِ. وَالشَّهِيقَ: بِمَنْزِلَةِ آخِرِهِ وَقِيلَ الزَّفِيرُ: الصَّوْتُ الشَّدِيدُ، وَالشَّهِيقُ: الصَّوْتُ الضَّعِيفُ وَقِيلَ: الزَّفِيرُ: إِخْرَاجُ النَّفَسِ، وَالشَّهِيقُ: رَدُّ النَّفَسِ وقيل: الزفير من
(1) . المرسلات: 35- 36.
الصَّدْرِ، وَالشَّهِيقُ مِنَ الْحَلْقِ، وَقِيلَ: الزَّفِيرُ: تَرْدِيدُ النَّفَسِ مِنْ شِدَّةِ الْخَوْفِ، وَالشَّهِيقُ: النَّفَسُ الطَّوِيلُ الْمُمْتَدُّ، وَالْجُمْلَةُ إِمَّا مُسْتَأْنَفَةٌ كَأَنَّهُ قِيلَ: مَا حَالُهُمْ فِيهَا؟ أَوْ فِي مَحَلِّ نَصْبٍ عَلَى الْحَالِ خالِدِينَ فِيها مَا دامَتِ السَّماواتُ وَالْأَرْضُ أَيْ: مُدَّةَ دَوَامِهِمَا.
وَقَدِ اخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ فِي بَيَانِ مَعْنَى هَذَا التَّوْقِيتِ، لِأَنَّهُ قَدْ عُلِمَ بالأدلة القطعية تأييد عَذَابِ الْكُفَّارِ فِي النَّارِ، وَعَدَمِ انْقِطَاعِهِ عَنْهُمْ، وثبت أيضا أن السموات وَالْأَرْضَ تَذْهَبُ عِنْدَ انْقِضَاءِ أَيَّامِ الدُّنْيَا، فَقَالَتْ طَائِفَةٌ: إِنَّ هَذَا الْإِخْبَارَ جَارٍ عَلَى مَا كَانَتِ الْعَرَبُ تَعْتَادُهُ إِذَا أَرَادُوا الْمُبَالَغَةَ فِي دوام الشيء، قالوا: هو دائم ما دامت السموات والأرض، ومنه قولهم: لَا آتِيكَ مَا جَنَّ لَيْلٌ، وَمَا اخْتَلَفَ اللَّيْلُ وَالنَّهَارُ، وَمَا نَاحَ الْحَمَّامُ وَنَحْوَ ذَلِكَ. فَيَكُونُ مَعْنَى الْآيَةِ أَنَّهُمْ خَالِدُونَ فِيهَا أَبَدًا لَا انْقِطَاعَ لِذَلِكَ وَلَا انْتِهَاءَ لَهُ وَقِيلَ: إِنَّ الْمُرَادَ سَمَوَاتُ الْآخِرَةِ وَأَرْضُهَا، فَقَدْ وَرَدَ مَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ لِلْآخِرَةِ سَمَوَاتٍ وَأَرْضًا غَيْرَ هَذِهِ الْمَوْجُودَةِ فِي الدُّنْيَا، وَهِيَ دَائِمَةٌ بِدَوَامِ دَارِ الْآخِرَةِ، وَأَيْضًا لَا بُدَّ لَهُمْ مِنْ مَوْضِعٍ يُقِلُّهُمْ، وَآخَرَ يُظِلُّهُمْ، وَهُمَا أَرْضٌ وَسَمَاءٌ. قَوْلُهُ: إِلَّا مَا شاءَ رَبُّكَ قَدِ اخْتَلَفَ أَهْلُ الْعِلْمِ فِي مَعْنَى هَذَا الِاسْتِثْنَاءِ عَلَى أَقْوَالٍ: الْأَوَّلُ أَنَّهُ مِنْ قَوْلِهِ: فَفِي النَّارِ كَأَنَّهُ قَالَ: إِلَّا مَا شَاءَ رَبُّكَ مِنْ تَأْخِيرِ قَوْمٍ عَنْ ذَلِكَ. رَوَى هَذَا أَبُو نَضْرَةٍ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ. الثَّانِي: في الِاسْتِثْنَاءَ إِنَّمَا هُوَ لِلْعُصَاةِ مِنَ الْمُوَحِّدِينَ، وَأَنَّهُمْ يَخْرُجُونَ بَعْدَ مُدَّةٍ مِنَ النَّارِ، وَعَلَى هَذَا يَكُونُ قَوْلُهُ سُبْحَانَهُ: فَأَمَّا الَّذِينَ شَقُوا عَامًّا فِي الْكَفَرَةِ وَالْعُصَاةِ، وَيَكُونُ الِاسْتِثْنَاءُ مِنْ خَالِدِينَ، وَتَكُونُ مَا بِمَعْنَى مَنْ، وَبِهَذَا قَالَ قَتَادَةُ وَالضَّحَّاكُ وَأَبُو سِنَانٍ وَغَيْرُهُمْ. وَقَدْ ثَبَتَ بِالْأَحَادِيثِ الْمُتَوَاتِرَةِ تَوَاتُرًا يُفِيدُ الْعِلْمَ الضَّرُورِيَّ بِأَنَّهُ يَخْرُجُ مِنَ النَّارِ أَهْلُ التَّوْحِيدِ، فَكَانَ ذَلِكَ مُخَصِّصًا لِكُلِّ عُمُومٍ. الثَّالِثُ: أَنَّ الِاسْتِثْنَاءَ مِنَ الزَّفِيرِ وَالشَّهِيقِ، أَيْ: لَهُمْ فِيهَا زَفِيرٌ وَشَهِيقٌ إِلَّا مَا شاءَ رَبُّكَ مِنْ أَنْوَاعِ الْعَذَابِ غَيْرِ الزَّفِيرِ وَالشَّهِيقِ، قَالَهُ ابْنُ الْأَنْبَارِيِّ. الرَّابِعُ: أَنَّ مَعْنَى الِاسْتِثْنَاءِ: أَنَّهُمْ خَالِدُونَ فِيهَا مَا دَامَتِ السموات وَالْأَرْضُ لَا يَمُوتُونَ إِلَّا مَا شَاءَ رَبُّكَ، فَإِنَّهُ يَأْمُرُ النَّارَ فَتَأْكُلُهُمْ حَتَّى يَفْنَوْا، ثُمَّ يُجَدِّدُ اللَّهُ خَلْقَهُمْ رُوِيَ ذَلِكَ عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ. الْخَامِسُ: أَنَّ إِلَّا بِمَعْنَى سِوَى. وَالْمَعْنَى ما دامت السموات وَالْأَرْضُ سِوَى مَا يَتَجَاوَزُ ذَلِكَ مِنَ الْخُلُودِ، كَأَنَّهُ ذَكَرَ فِي خُلُودِهِمْ مَا لَيْسَ عِنْدَ الْعَرَبِ أَطْوَلُ مِنْهُ، ثُمَّ زَادَ عَلَيْهِ الدَّوَامَ الَّذِي لَا آخِرَ لَهُ حَكَاهُ الزَّجَّاجُ. السَّادِسُ: مَا رُوِيَ عَنِ الْفَرَّاءِ وَابْنِ الْأَنْبَارِيِّ وَابْنِ قُتَيْبَةَ مِنْ أَنَّ هَذَا لَا يُنَافِي عَدَمَ الْمَشِيئَةِ كَقَوْلِكَ: وَاللَّهِ لِأَضْرِبَنَّهُ إِلَّا أَنَّ أَرَى غَيْرَ ذَلِكَ، وَنُوقِشَ هَذَا بِأَنَّ مَعْنَى الْآيَةِ الْحُكْمُ بِخُلُودِهِمْ إِلَّا الْمُدَّةَ الَّتِي شَاءَ اللَّهُ، فَالْمَشِيئَةُ قَدْ حَصَلَتْ جَزْمًا، وَقَدْ حَكَى هَذَا الْقَوْلَ الزَّجَّاجُ أَيْضًا. السَّابِعُ:
أَنَّ الْمَعْنَى خَالِدِينَ فيها ما دامت السموات وَالْأَرْضُ إِلَّا مَا شَاءَ رَبُّكَ مِنْ مِقْدَارِ مَوْقِفِهِمْ فِي قُبُورِهِمْ وَلِلْحِسَابِ، حَكَاهُ الزَّجَّاجُ أَيْضًا. الثَّامِنُ: أَنَّ الْمَعْنَى: خَالِدِينَ فِيهَا إِلَّا مَا شَاءَ رَبُّكَ مِنْ زِيَادَةِ النَّعِيمِ لِأَهْلِ النَّعِيمِ، وَزِيَادَةِ الْعَذَابِ لِأَهْلِ الْجَحِيمِ حَكَاهُ أَيْضًا الزَّجَّاجُ، وَاخْتَارَهُ الْحَكِيمُ التِّرْمِذِيُّ. التَّاسِعُ أَنَّ إِلَّا بِمَعْنَى الْوَاوِ قَالَهُ الْفَرَّاءُ، وَالْمَعْنَى وَمَا شَاءَ رَبُّكَ مِنَ الزِّيَادَةِ، قَالَ مَكِّيٌّ: وَهَذَا الْقَوْلُ بَعِيدٌ عِنْدَ الْبَصْرِيِّينَ أَنْ تَكُونَ إِلَّا بِمَعْنَى الْوَاوِ.
الْعَاشِرُ: أَنَّ إِلَّا بِمَعْنَى الْكَافِ. وَالتَّقْدِيرُ: كَمَا شَاءَ رَبُّكَ، وَمِنْهُ قَوْلِهِ تَعَالَى: وَلا تَنْكِحُوا مَا نَكَحَ آباؤُكُمْ مِنَ النِّساءِ إِلَّا مَا قَدْ سَلَفَ «1» أَيْ كَمَا قَدْ سَلَفَ، الْحَادِي عَشَرَ: أَنَّ هَذَا الِاسْتِثْنَاءَ إِنَّمَا هُوَ عَلَى سَبِيلِ الِاسْتِثْنَاءِ
(1) . النساء: 22.
الَّذِي نَدَبَ إِلَيْهِ الشَّارِعُ فِي كُلِّ كَلَامٍ فَهُوَ عَلَى حَدِّ قَوْلِهِ: لَتَدْخُلُنَّ الْمَسْجِدَ الْحَرامَ إِنْ شاءَ اللَّهُ آمِنِينَ «1» رُوِيَ نَحْوُ هَذَا عَنْ أَبِي عُبَيْدٍ، وَهَذِهِ الْأَقْوَالُ هِيَ جُمْلَةُ مَا وَقَفْنَا عَلَيْهِ مِنْ أَقْوَالِ أَهْلِ الْعِلْمِ. وَقَدْ نُوقِشَ بَعْضُهَا بِمُنَاقَشَاتٍ، وَدُفِعَتْ بِدُفُوعَاتٍ، وَقَدْ أَوْضَحْتُ ذَلِكَ فِي رِسَالَةٍ مُسْتَقِلَّةٍ جَمَعْتُهَا فِي جَوَابِ سُؤَالٍ وَرَدَ مِنْ بَعْضِ الْأَعْلَامِ. وَأَمَّا الَّذِينَ سُعِدُوا فَفِي الْجَنَّةِ خالِدِينَ فِيها مَا دامَتِ السَّماواتُ وَالْأَرْضُ قَرَأَ الْأَعْمَشُ وَحَفْصٌ وَحَمْزَةُ وَالْكِسَائِيُّ سُعِدُوا بِضَمِّ السِّينِ، وَقَرَأَ الْبَاقُونَ بِفَتْحِ السِّينِ، وَاخْتَارَ هَذِهِ الْقِرَاءَةَ أَبُو عُبَيْدٍ وَأَبُو حَاتِمٍ. قَالَ سِيبَوَيْهِ: لَا يُقَالُ سَعِدَ فُلَانٌ كَمَا لَا يُقَالُ شَقِيَ فُلَانٌ لِكَوْنِهِ مِمَّا لَا يَتَعَدَّى قَالَ النَّحَّاسُ: وَرَأَيْتُ عَلِيَّ ابن سُلَيْمَانَ يَتَعَجَّبُ مِنْ قِرَاءَةِ الْكِسَائِيِّ بِضَمِّ السِّينِ مَعَ عِلْمِهِ بِالْعَرَبِيَّةِ، وَهَذَا لَحْنٌ لَا يَجُوزُ، وَمَعْنَى الْآيَةِ كَمَا مَرَّ فِي قَوْلِهِ: فَأَمَّا الَّذِينَ شَقُوا. قَوْلُهُ: إِلَّا مَا شاءَ رَبُّكَ قَدْ عُرِفَ مِنَ الْأَقْوَالِ الْمُتَقَدِّمَةِ مَا يَصْلُحُ لِحَمْلِ هَذَا الِاسْتِثْنَاءِ عَلَيْهِ عَطاءً غَيْرَ مَجْذُوذٍ أَيْ يُعْطِيهِمُ اللَّهُ عَطَاءً غَيْرَ مَجْذُوذٍ، وَالْمَجْذُوذُ: الْمَقْطُوعُ، مِنْ جَذَّهُ يَجُذُّهُ إِذَا قَطَعَهُ، وَالْمَعْنَى: أَنَّهُ مُمْتَدٌّ إِلَى غَيْرِ نِهَايَةٍ.
وَقَدْ أَخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ، وَابْنُ الْمُنْذِرِ، وَأَبُو الشَّيْخِ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ فِي قَوْلِهِ: يَقْدُمُ قَوْمَهُ يَوْمَ الْقِيامَةِ يَقُولُ: أَضَلَّهُمْ فَأَوْرَدَهُمُ النَّارَ. وَأَخْرَجَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ، وَابْنُ جَرِيرٍ، وَأَبُو الشَّيْخِ عَنْ قَتَادَةَ فِي الْآيَةِ قَالَ:
فِرْعَوْنُ يَمْضِي بَيْنَ أَيْدِي قَوْمِهِ حَتَّى يَهْجُمَ بِهِمْ عَلَى النَّارِ. وَأَخْرَجَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ، وَابْنُ جَرِيرٍ، وَابْنُ الْمُنْذِرِ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ فِي قَوْلِهِ: فَأَوْرَدَهُمُ النَّارَ قَالَ: الْوُرُودُ: الدُّخُولُ. وَأَخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ، وَابْنُ الْمُنْذِرِ، وَابْنُ أَبِي حَاتِمٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ فِي قَوْلِهِ: بِئْسَ الرِّفْدُ الْمَرْفُودُ قَالَ: لَعْنَةُ الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ. وَأَخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ، وَابْنُ أَبِي حَاتِمٍ عَنْهُ: مِنْها قائِمٌ وَحَصِيدٌ يَعْنِي قُرًى عَامِرَةٌ، وَقُرًى خَامِدَةٌ. وَأَخْرَجَ أَبُو الشَّيْخِ عَنْ قَتَادَةَ:
مِنْهَا قَائِمٌ يُرَى مَكَانَهُ، وَحَصِيدٌ لَا يُرَى لَهُ أَثَرٌ. وَأَخْرَجَ أَبُو الشَّيْخِ عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ: مِنْهَا قَائِمٌ خَاوٍ عَلَى عُرُوشِهِ، وَحَصِيدٌ مُلْصَقٌ بِالْأَرْضِ. وَأَخْرَجَ أَبُو الشَّيْخِ عَنْ أَبِي عَاصِمٍ: فَما أَغْنَتْ عَنْهُمْ قَالَ: مَا نَفَعَتْ. وَأَخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ، وَابْنُ الْمُنْذِرِ، وَأَبُو الشَّيْخِ عَنِ ابْنِ عُمَرَ فِي قَوْلِهِ: وَما زادُوهُمْ غَيْرَ تَتْبِيبٍ أَيْ: هَلَكَةٍ.
وَأَخْرَجَ أَبُو الشَّيْخِ عَنِ ابْنِ زَيْدٍ قَالَ: تَخْسِيرٍ. وَأَخْرَجَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ وَأَبُو الشَّيْخِ عَنْ قَتَادَةَ مَعْنَاهُ. وَأَخْرَجَ الْبُخَارِيُّ، وَمُسْلِمٌ، وَغَيْرُهُمَا عَنْ أَبِي مُوسَى الْأَشْعَرِيِّ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «إِنَّ اللَّهَ سبحانه وتعالى لَيُمْلِي لِلظَّالِمِ حَتَّى إِذَا أَخَذَهُ لَمْ يُفْلِتْهُ، ثُمَّ قَرَأَ: وَكَذلِكَ أَخْذُ رَبِّكَ إِذا أَخَذَ الْقُرى وَهِيَ ظالِمَةٌ إِنَّ أَخْذَهُ أَلِيمٌ شَدِيدٌ. وَأَخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ عَنِ ابْنِ زَيْدٍ فِي قَوْلِهِ: إِنَّ فِي ذلِكَ لَآيَةً لِمَنْ خافَ عَذابَ الْآخِرَةِ يَقُولُ:
إِنَّا سَوْفَ نَفِي لَهُمْ بِمَا وَعَدْنَاهُمْ فِي الْآخِرَةِ كَمَا وَفَّيْنَا لِلْأَنْبِيَاءِ أَنَّا نَنْصُرُهُمْ. وَأَخْرَجَ ابْنُ أَبِي شَيْبَةَ، وَأَبُو الشَّيْخِ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ فِي قَوْلِهِ: ذلِكَ يَوْمٌ مَجْمُوعٌ لَهُ النَّاسُ وَذلِكَ يَوْمٌ مَشْهُودٌ قَالَ: يَوْمُ الْقِيَامَةِ. وَأَخْرُجُ ابْنُ جَرِيرٍ، وَأَبُو الشَّيْخِ عَنْ مُجَاهِدٍ مِثْلَهُ. وَأَخْرَجَ أَبُو الشَّيْخِ عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ فِي قَوْلِهِ: يَوْمَ يَأْتِ قَالَ:
ذَلِكَ اليوم. وأخرجه التِّرْمِذِيُّ، وَحَسَّنَهُ، وَأَبُو يَعْلَى، وَابْنُ جَرِيرٍ، وَابْنُ الْمُنْذِرِ، وَابْنُ أَبِي حَاتِمٍ، وَأَبُو الشَّيْخِ، وَابْنُ مَرْدَوَيْهِ عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ قَالَ: «لَمَّا نَزَلَتْ فَمِنْهُمْ شَقِيٌّ وَسَعِيدٌ قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ! فَعَلَامَ نَعْمَلُ عَلَى شَيْءٍ قَدْ فُرِغَ مِنْهُ، أَوْ عَلَى شَيْءٍ لَمْ يُفْرَغْ مِنْهُ؟ قَالَ: بَلْ عَلَى شَيْءٍ قَدْ فُرِغَ مِنْهُ وجرت
(1) . الفتح: 27.
بِهِ الْأَقْلَامُ يَا عُمَرُ، وَلَكِنْ كُلٌّ مُيَسَّرٌ لِمَا خُلِقَ لَهُ» . وَأَخْرَجَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ، وَأَبُو الشَّيْخِ، وَابْنُ مَرْدَوَيْهِ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قال: هاتان من المخبئات قول الله: فَمِنْهُمْ شَقِيٌّ وَسَعِيدٌ ويَوْمَ يَجْمَعُ اللَّهُ الرُّسُلَ فَيَقُولُ مَاذَا أُجِبْتُمْ قالُوا لا عِلْمَ لَنا أَمَّا قَوْلُهُ: فَمِنْهُمْ شَقِيٌّ وَسَعِيدٌ فَهُمْ قَوْمٌ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ مِنْ أَهْلِ هَذِهِ الْقِبْلَةِ، يُعَذِّبُهُمُ اللَّهُ بِالنَّارِ مَا شَاءَ بِذُنُوبِهِمْ، ثُمَّ يَأْذَنُ فِي الشَّفَاعَةِ لَهُمْ، فَيَشْفَعُ لَهُمُ الْمُؤْمِنُونَ، فَيُخْرِجُهُمْ مِنَ النَّارِ، فَيُدْخِلُهُمُ الْجَنَّةَ، فَسَمَّاهُمْ: أَشْقِيَاءَ حِينَ عَذَّبَهُمْ فِي النَّارِ فَأَمَّا الَّذِينَ شَقُوا فَفِي النَّارِ لَهُمْ فِيها زَفِيرٌ وَشَهِيقٌ- خالِدِينَ فِيها مَا دامَتِ السَّماواتُ وَالْأَرْضُ إِلَّا مَا شاءَ رَبُّكَ حِينَ أَذِنَ فِي الشَّفَاعَةِ لَهُمْ وَأَخْرَجَهُمْ مِنَ النَّارِ وَأَدْخَلَهُمُ الْجَنَّةَ وَهُمْ هُمْ وَأَمَّا الَّذِينَ سُعِدُوا يَعْنِي: بَعْدَ الشَّقَاءِ الَّذِي كَانُوا فِيهِ فَفِي الْجَنَّةِ خالِدِينَ فِيها مَا دامَتِ السَّماواتُ وَالْأَرْضُ إِلَّا مَا شاءَ رَبُّكَ يَعْنِي: الَّذِينَ كَانُوا فِي النَّارِ. وَأَخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ، وَأَبُو الشَّيْخِ، وَابْنُ مَرْدَوَيْهِ عَنْ قَتَادَةَ: أَنَّهُ تَلَا هَذِهِ الْآيَةَ: فَأَمَّا الَّذِينَ شَقُوا فَقَالَ: حَدَّثَنَا أَنَسٍ:
أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «يَخْرُجُ قَوْمٌ مِنَ النَّارِ، وَلَا نَقُولُ كَمَا قَالَ أَهْلُ حَرُورَاءَ: إِنَّ مَنْ دَخَلَهَا بَقِيَ فِيهَا» .
وَأَخْرَجَ ابْنُ مَرْدَوَيْهِ عَنْ جَابِرٍ قَالَ: «قَرَأَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: فَأَمَّا الَّذِينَ شَقُوا إِلَى قَوْلِهِ إِلَّا ما شاءَ رَبُّكَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: إِنْ شَاءَ اللَّهُ أَنْ يُخْرِجَ أُنَاسًا مِنَ الَّذِينَ شَقُوا مِنَ النَّارِ فَيُدْخِلَهُمُ الْجَنَّةَ فَعَلَ» . وَأَخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ، وَابْنُ أَبِي حَاتِمٍ عَنْ خَالِدِ بْنِ مَعْدَانَ فِي قَوْلِهِ: إِلَّا مَا شاءَ رَبُّكَ قَالَ: إِنَّهَا فِي التَّوْحِيدِ مِنْ أَهْلِ الْقِبْلَةِ. وَأَخْرَجَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ، وَابْنُ الضُّرَيْسِ، وَابْنُ جَرِيرٍ، وَابْنُ الْمُنْذِرِ، وَالطَّبَرَانِيُّ، وَالْبَيْهَقِيُّ فِي الْأَسْمَاءِ وَالصِّفَاتِ عَنْ أَبِي نَضْرَةَ، عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، أَوْ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ أَوْ رَجُلٍ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فِي قَوْلِهِ: إِلَّا مَا شاءَ رَبُّكَ قَالَ: هَذِهِ الْآيَةُ قَاضِيَةٌ عَلَى الْقُرْآنِ كُلِّهِ، يَقُولُ:
حَيْثُ كَانَ فِي الْقُرْآنِ خَالِدِينَ فِيهَا: تَأْتِي عَلَيْهِ. وَأَخْرَجَ ابْنُ الْمُنْذِرِ، وَابْنُ أَبِي حَاتِمٍ، وَأَبُو الشَّيْخِ، وَالْبَيْهَقِيُّ عَنْ أَبِي نَضْرَةَ قَالَ: يَنْتَهِي الْقُرْآنُ كُلُّهُ إِلَى هَذِهِ الْآيَةِ: إِنَّ رَبَّكَ فَعَّالٌ لِما يُرِيدُ. وَأَخْرَجَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ فِي قَوْلِهِ: مَا دامَتِ السَّماواتُ وَالْأَرْضُ قَالَ: لِكُلِّ جَنَّةٍ سَمَاءٌ وَأَرْضٌ. وَأَخْرَجَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ، وَأَبُو الشَّيْخِ عَنْ السُّدِّيِّ نَحْوَهُ. وَأَخْرَجَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ، وَأَبُو الشَّيْخِ عَنْ الْحَسَنِ نَحْوَهُ أَيْضًا. وَأَخْرَجَ الْبَيْهَقِيُّ فِي الْبَعْثِ وَالنُّشُورِ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ فِي قَوْلِهِ: إِلَّا مَا شاءَ رَبُّكَ قَالَ: فَقَدْ شَاءَ رَبُّكَ أَنْ يَخْلُدَ هَؤُلَاءِ فِي النَّارِ، وَأَنْ يَخْلُدَ هَؤُلَاءِ فِي الْجَنَّةِ. وَأَخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ عَنْهُ فِي قَوْلِهِ: إِلَّا مَا شاءَ رَبُّكَ قَالَ: اسْتَثْنَى اللَّهُ مِنَ النَّارِ أَنْ تَأْكُلَهُمْ. وَأَخْرَجَ أَبُو الشَّيْخِ عَنِ السُّدِّيِّ فِي الْآيَةِ قَالَ: فَجَاءَ بَعْدَ ذَلِكَ مِنْ مَشِيئَةِ اللَّهِ مَا نَسَخَهَا، فَأُنْزِلَ بِالْمَدِينَةِ: إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَظَلَمُوا لَمْ يَكُنِ اللَّهُ لِيَغْفِرَ لَهُمْ وَلا لِيَهْدِيَهُمْ طَرِيقاً إِلَى آخَرِ الْآيَةِ، فَذَهَبَ الرَّجَاءُ لِأَهْلِ النَّارِ أَنْ يَخْرُجُوا مِنْهَا، وَأَوْجَبَ لَهُمْ خُلُودَ الْأَبَدِ. وَقَوْلُهُ: وَأَمَّا الَّذِينَ سُعِدُوا الْآيَةَ: قَالَ: فَجَاءَ بَعْدَ ذَلِكَ مِنْ مَشِيئَةِ اللَّهِ مَا نَسَخَهَا، فَأُنْزِلَ بِالْمَدِينَةِ: وَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ سَنُدْخِلُهُمْ جَنَّاتٍ إلى قوله: ظِلًّا ظَلِيلًا «1» فَأَوْجَبَ لَهُمْ خُلُودَ الْأَبَدِ. وَأَخْرَجَ ابْنُ الْمُنْذِرِ عَنِ الْحَسَنِ قَالَ: قَالَ عُمَرُ: لَوْ لَبِثَ أَهْلُ النَّارِ فِي النَّارِ كَقَدْرِ رَمْلٍ عَالِجٍ، لَكَانَ لَهُمْ عَلَى ذَلِكَ يَوْمٌ يَخْرُجُونَ فِيهِ. وَأَخْرَجَ إِسْحَاقُ بْنُ رَاهَوَيْهِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: «سَيَأْتِي عَلَى جَهَنَّمَ يَوْمٌ لَا يَبْقَى فيها أحد، وقرأ
(1) . النساء: 57.