الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَأَخْرَجَ أَبُو الشَّيْخِ عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ قَالَ: نَزَلَتْ إِنَّ شَرَّ الدَّوَابِّ عِنْدَ اللَّهِ الْآيَةَ فِي سِتَّةِ رَهْطٍ مِنَ الْيَهُودِ فِيهِمُ ابْنُ تَابُوتٍ. وَأَخْرَجَ ابْنُ أَبِي شَيْبَةَ وَابْنُ الْمُنْذِرِ وَابْنُ أَبِي حَاتِمٍ وَأَبُو الشَّيْخِ عَنْ مُجَاهِدٍ فِي قَوْلِهِ الَّذِينَ عاهَدْتَ مِنْهُمْ ثُمَّ يَنْقُضُونَ عَهْدَهُمْ قال: قريظة يوم الخندق مالؤوا عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَعْدَاءَهُ.
وَأَخْرَجَ ابْنُ الْمُنْذِرِ وَابْنُ أَبِي حَاتِمٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ فِي قَوْلِهِ فَشَرِّدْ بِهِمْ مَنْ خَلْفَهُمْ قَالَ: نَكِّلْ بِهِمْ مَنْ بَعْدَهُمْ.
وَأَخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ عَنْهُ فِي الْآيَةِ قَالَ: نَكِّلْ بِهِمْ مَنْ وَرَاءَهُمْ. وَأَخْرَجَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ وَابْنُ الْمُنْذِرِ وَابْنُ أَبِي حَاتِمٍ وَأَبُو الشَّيْخِ عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ فِي الْآيَةِ قَالَ: أَنْذِرْ بِهِمْ. وَأَخْرَجَ عَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ وَابْنُ الْمُنْذِرِ وَابْنُ أَبِي حَاتِمٍ وَأَبُو الشَّيْخِ عَنْ قَتَادَةَ قَالَ: عِظْ بِهِمْ مَنْ سِوَاهُمْ مِنَ النَّاسِ. وَأَخْرَجَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ عَنْ ابْنِ زَيْدٍ قَالَ: أَخِفْهُمْ بِهِمْ.
وَأَخْرَجَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ عَنِ السُّدِّيِّ فِي قَوْلِهِ لَعَلَّهُمْ يَذَّكَّرُونَ يقول: لَعَلَّهُمْ يَحْذَرُونَ أَنْ يَنْكُثُوا فَيُصْنَعَ بِهِمْ مِثْلُ ذَلِكَ. وَأَخْرَجَ أَبُو الشَّيْخِ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ قَالَ: دَخَلَ جِبْرِيلُ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ: قَدْ وَضَعْتَ السِّلَاحَ، وَمَا زِلْنَا فِي طَلَبِ الْقَوْمِ فَاخْرُجْ، فَإِنَّ الله أَذِنَ لَكَ فِي قُرَيْظَةَ، وَأَنْزَلَ فِيهِمْ وَإِمَّا تَخافَنَّ مِنْ قَوْمٍ خِيانَةً الْآيَةَ. وَأَخْرَجَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ وَأَبُو الشَّيْخِ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ فِي قَوْلِهِ إِنَّهُمْ لَا يُعْجِزُونَ قَالَ:
لَا يَفُوتُونَا. وَأَخْرَجَ أَبُو الشَّيْخِ وَابْنُ مَرْدَوَيْهِ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ فِي قَوْلِهِ وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ قَالَ: الرَّمْيُ وَالسُّيُوفُ وَالسِّلَاحُ. وَأَخْرَجَ ابْنُ إِسْحَاقَ وَابْنُ أَبِي حَاتِمٍ عَنِ عَبَّادِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الزُّبَيْرِ فِي قَوْلِهِ وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ قَالَ: أَمَرَهُمْ بِإِعْدَادِ الْخَيْلِ. وَأَخْرَجَ أَبُو الشَّيْخِ، وَالْبَيْهَقِيُّ فِي الشُّعَبِ، عَنْ عِكْرِمَةَ فِي الْآيَةِ قَالَ: الْقُوَّةُ ذُكُورُ الْخَيْلِ، وَالرِّبَاطُ الْإِنَاثُ. وَأَخْرَجَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ عَنْ مُجَاهِدٍ مِثْلَهُ. وَأَخْرَجَ ابْنُ أَبِي شَيْبَةَ وَابْنُ أَبِي حَاتِمٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ فِي الْآيَةِ قَالَ: الْقُوَّةُ الحصون، ومِنْ رِباطِ الْخَيْلِ قَالَ: الْإِنَاثُ. وَأَخْرَجَ الْفِرْيَابِيُّ وَابْنُ أَبِي شَيْبَةَ وَابْنُ الْمُنْذِرِ وَابْنُ أَبِي حَاتِمٍ وَأَبُو الشَّيْخِ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ فِي قَوْلِهِ، تُرْهِبُونَ بِهِ عَدُوَّ اللَّهِ وَعَدُوَّكُمْ قَالَ: تُخْزُونَ بِهِ عَدُوَّ اللَّهِ وَعَدُوَّكُمْ. وَقَدْ وَرَدَ فِي اسْتِحْبَابِ الرَّمْيِ وَمَا فِيهِ مِنَ الْأَجْرِ أَحَادِيثُ كَثِيرَةٌ. وَكَذَلِكَ وَرَدَ فِي اسْتِحْبَابِ اتِّخَاذِ الْخَيْلِ وَإِعْدَادِهَا، وَكَثْرَةِ ثَوَابِ صَاحِبِهَا، أَحَادِيثُ لَا يَتَّسِعُ الْمَقَامُ لِبَسْطِهَا. وَقَدْ أَفْرَدَ ذَلِكَ جَمَاعَةٌ مِنَ العلماء بمصنفات.
[سورة الأنفال (8) : الآيات 61 الى 63]
وَإِنْ جَنَحُوا لِلسَّلْمِ فَاجْنَحْ لَها وَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ (61) وَإِنْ يُرِيدُوا أَنْ يَخْدَعُوكَ فَإِنَّ حَسْبَكَ اللَّهُ هُوَ الَّذِي أَيَّدَكَ بِنَصْرِهِ وَبِالْمُؤْمِنِينَ (62) وَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِهِمْ لَوْ أَنْفَقْتَ مَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعاً مَا أَلَّفْتَ بَيْنَ قُلُوبِهِمْ وَلكِنَّ اللَّهَ أَلَّفَ بَيْنَهُمْ إِنَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ (63)
الْجُنُوحُ: الْمَيْلُ، يُقَالُ: جَنَحَ الرَّجُلُ إِلَى الرَّجُلِ: مَالَ إِلَيْهِ وَمِنْهُ قِيلَ لِلْأَضَالِعِ: جَوَانِحُ، لِأَنَّهَا مَالَتْ إِلَى الْحَنْوَةِ، وَجَنَحَتِ الْإِبِلُ: إِذَا مَالَتْ أَعْنَاقُهَا فِي السَّيْرِ، وَمِنْهُ قَوْلُ ذِي الرُّمَّةِ:
إِذَا مَاتَ فَوْقَ الرَّحْلِ أَحْيَيْتُ رُوحَهُ
…
بِذِكْرَاكَ وَالْعِيسُ الْمَرَاسِيلُ جُنَّحُ
وَمِثْلُهُ قَوْلُ النابغة:
جَوَانِحُ قَدْ أَيْقَنَّ أَنَّ قَبِيلَهُ
…
إِذَا مَا الْتَقَى الْجَمْعَانِ أَوَّلَ غَالِبٍ
يَعْنِي: الطَّيْرَ، وَالسَّلْمُ: الصُّلْحُ. قَرَأَ الْأَعْمَشُ وَأَبُو بَكْرٍ وَابْنُ مُحَيْصِنٍ وَالْمُفَضَّلُ بِكَسْرِ السِّينِ، وَقَرَأَ الْبَاقُونَ بِفَتْحِهَا. وَقَرَأَ الْعُقَيْلِيُّ فَاجْنَحْ بِضَمِّ النُّونِ، وَقَرَأَ الْبَاقُونَ بِفَتْحِهَا. وَالْأُولَى: لُغَةُ قَيْسٍ، وَالثَّانِيَةُ: لُغَةُ تَمِيمٍ. قَالَ ابْنُ جِنِّيٍّ: وَلُغَةُ قَيْسٍ: هِيَ الْقِيَاسُ، وَالسَّلْمُ تُؤَنَّثُ كَمَا تُؤَنَّثُ الْحَرْبُ، أَوْ هِيَ مُؤَوَّلَةٌ بِالْخَصْلَةِ، أَوِ الْفِعْلَةِ.
وَقَدِ اخْتَلَفَ أَهْلُ الْعِلْمِ هَلْ هَذِهِ الْآيَةُ مَنْسُوخَةٌ أَمْ مُحْكَمَةٌ؟ فَقِيلَ: هِيَ مَنْسُوخَةٌ بِقَوْلِهِ فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ وَقِيلَ: لَيْسَتْ بِمَنْسُوخَةٍ، لِأَنَّ الْمُرَادَ بِهَا قَبُولُ الْجِزْيَةِ، وَقَدْ قَبِلَهَا مِنْهُمُ الصَّحَابَةُ فَمَنْ بَعْدَهُمْ، فَتَكُونُ خَاصَّةً بِأَهْلِ الْكِتَابِ وَقِيلَ: إِنَّ الْمُشْرِكِينَ إِنْ دَعَوْا إِلَى الصُّلْحِ جَازَ أَنْ يُجَابُوا إِلَيْهِ، وَتَمَسَّكَ الْمَانِعُونَ مِنْ مُصَالَحَةِ الْمُشْرِكِينَ بِقَوْلِهِ تَعَالَى فَلا تَهِنُوا وَتَدْعُوا إِلَى السَّلْمِ وَأَنْتُمُ الْأَعْلَوْنَ وَاللَّهُ مَعَكُمْ «1» وَقَيَّدُوا عَدَمَ الْجَوَازِ بِمَا إِذَا كَانَ الْمُسْلِمُونَ فِي عِزَّةٍ وَقُوَّةٍ، لَا إِذَا لَمْ يَكُونُوا كَذَلِكَ، فَهُوَ جَائِزٌ، كَمَا وَقَعَ مِنْهُ صلى الله عليه وسلم مِنْ مُهَادَنَةِ قُرَيْشٍ، وَمَا زَالَتِ الْخُلَفَاءُ وَالصَّحَابَةُ عَلَى ذَلِكَ، وَكَلَامُ أَهْلِ الْعِلْمِ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ مَعْرُوفٌ، مُقَرَّرٌ فِي مَوَاطِنِهِ وَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فِي جُنُوحِكَ لِلسَّلْمِ وَلَا تَخَفْ مِنْ مَكْرِهِمْ، فَ إِنَّهُ سُبْحَانَهُ هُوَ السَّمِيعُ لِمَا يَقُولُونَ الْعَلِيمُ بِمَا يَفْعَلُونَ وَإِنْ يُرِيدُوا أَنْ يَخْدَعُوكَ بِالصُّلْحِ، وَهُمْ مُضْمِرُونَ الْغَدْرَ وَالْخَدْعَ فَإِنَّ حَسْبَكَ اللَّهُ أَيْ: كَافِيَكَ مَا تَخَافُهُ مِنْ شُرُورِهِمْ بِالنَّكْثِ وَالْغَدْرِ، وَجُمْلَةُ هُوَ الَّذِي أَيَّدَكَ بِنَصْرِهِ وَبِالْمُؤْمِنِينَ تَعْلِيلِيَّةٌ، أَيْ: لَا تَخَفْ مِنْ خَدْعِهِمْ وَمَكْرِهِمْ فَإِنَّ اللَّهَ الَّذِي قَوَّاكَ عَلَيْهِمْ بِالنَّصْرِ فِيمَا مَضَى، وَهُوَ يَوْمُ بَدْرٍ، هُوَ الَّذِي سَيَنْصُرُكَ، وَيُقَوِّيكَ عَلَيْهِمْ عِنْدَ حُدُوثِ الْخَدْعِ وَالنَّكْثِ، وَالْمُرَادُ بِالْمُؤْمِنِينَ: الْمُهَاجِرُونَ وَالْأَنْصَارُ، ثُمَّ بَيَّنَ كَيْفَ كَانَ تَأْيِيدُهُ بِالْمُؤْمِنِينَ فَقَالَ وَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِهِمْ وَظَاهِرُهُ الْعُمُومُ، وَأَنَّ ائْتِلَافَ قُلُوبِ الْمُؤْمِنِينَ، هُوَ مِنْ أَسْبَابِ النَّصْرِ الَّتِي أَيَّدَ اللَّهُ بِهَا رَسُولَهُ. وَقَالَ جُمْهُورُ الْمُفَسِّرِينَ: الْمُرَادُ: الْأَوْسُ، وَالْخَزْرَجُ، فَقَدْ كَانَ بَيْنَهُمْ عَصَبِيَّةٌ شَدِيدَةٌ، وَحُرُوبٌ عَظِيمَةٌ، فَأَلَّفَ اللَّهُ بَيْنَ قُلُوبِهِمْ بِالْإِيمَانِ بِرَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، وَقِيلَ: أَرَادَ التَّأْلِيفَ بَيْنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ، وَالْحَمْلُ عَلَى الْعُمُومِ أَوْلَى، فَقَدْ كَانَتِ الْعَرَبُ قَبْلَ الْبِعْثَةِ الْمُحَمَّدِيَّةِ يَأْكُلُ بَعْضُهُمْ بَعْضًا، وَلَا يَحْتَرِمُ مَالَهُ، وَلَا دَمَهُ، حَتَّى جَاءَ الْإِسْلَامُ، فَصَارُوا يَدًا وَاحِدَةً، وَذَهَبَ مَا كَانَ بَيْنَهُمْ مِنَ الْعَصَبِيَّةِ، وَجُمْلَةُ لَوْ أَنْفَقْتَ مَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعاً مَا أَلَّفْتَ بَيْنَ قُلُوبِهِمْ مُقَرِّرَةٌ لِمَضْمُونِ مَا قَبْلَهَا.
وَالْمَعْنَى: أَنَّ مَا كَانَ بَيْنَهُمْ مِنَ الْعَصَبِيَّةِ وَالْعَدَاوَةِ، قَدْ بَلَغَ إِلَى حَدٍّ لَا يُمْكِنُ دَفْعُهُ بِحَالٍ مِنَ الْأَحْوَالِ، وَلَوْ أَنْفَقَ الطَّالِبُ لَهُ جَمِيعَ مَا فِي الْأَرْضِ لَمْ يَتِمَّ لَهُ مَا طَلَبَهُ مِنَ التَّأْلِيفِ، لِأَنَّ أَمْرَهُمْ فِي ذَلِكَ قَدْ تَفَاقَمَ جِدًّا وَلكِنَّ اللَّهَ أَلَّفَ بَيْنَهُمْ بِعَظِيمِ قُدْرَتِهِ وَبَدِيعِ صُنْعِهِ إِنَّهُ عَزِيزٌ لَا يُغَالِبُهُ مُغَالِبٌ، وَلَا يَسْتَعْصِي عَلَيْهِ أَمْرٌ مِنَ الْأُمُورِ حَكِيمٌ فِي تَدْبِيرِهِ وَنُفُوذِ نَهْيِهِ وَأَمْرِهِ.
وَقَدْ أَخْرَجَ ابْنُ الْمُنْذِرِ وَابْنُ أَبِي حَاتِمٍ عَنْ مُجَاهِدٍ فِي قَوْلِهِ: وَإِنْ جَنَحُوا لِلسَّلْمِ قَالَ: قُرَيْظَةُ. وَأَخْرَجَ أَبُو الشَّيْخِ عَنِ السُّدِّيِّ فِي الْآيَةِ قَالَ: نَزَلَتْ فِي بَنِي قُرَيْظَةَ، نَسَخَتْهَا فَلا تَهِنُوا وَتَدْعُوا إِلَى السَّلْمِ إلى
(1) . محمد: 35.