الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَقَدْ أَخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ وَابْنُ الْمُنْذِرِ وَابْنُ أَبِي حَاتِمٍ وَأَبُو الشَّيْخِ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ فِي قَوْلِهِ: يَصْدِفُونَ قَالَ:
يَعْدِلُونَ. وَأَخْرَجَ ابْنُ أَبِي شَيْبَةَ وَعَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ وَابْنُ جَرِيرٍ وَابْنُ الْمُنْذِرِ وَابْنُ أَبِي حَاتِمٍ وَأَبُو الشَّيْخِ عَنْ مُجَاهِدٍ فِي قَوْلِهِ: يَصْدِفُونَ قَالَ: يُعْرِضُونَ، وَقَالَ فِي قَوْلِهِ: قُلْ أَرَأَيْتَكُمْ إِنْ أَتاكُمْ عَذابُ اللَّهِ بَغْتَةً قَالَ:
فَجْأَةً آمِنِينَ، أَوْ جَهْرَةً، قَالَ: وَهُمْ يَنْظُرُونَ. وَأَخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ عَنِ ابْنِ زَيْدٍ قَالَ: كُلُّ فِسْقٍ فِي القرآن فمعناه الكذب.
[سورة الأنعام (6) : الآيات 50 الى 55]
قُلْ لَا أَقُولُ لَكُمْ عِنْدِي خَزائِنُ اللَّهِ وَلا أَعْلَمُ الْغَيْبَ وَلا أَقُولُ لَكُمْ إِنِّي مَلَكٌ إِنْ أَتَّبِعُ إِلَاّ مَا يُوحى إِلَيَّ قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الْأَعْمى وَالْبَصِيرُ أَفَلا تَتَفَكَّرُونَ (50) وَأَنْذِرْ بِهِ الَّذِينَ يَخافُونَ أَنْ يُحْشَرُوا إِلى رَبِّهِمْ لَيْسَ لَهُمْ مِنْ دُونِهِ وَلِيٌّ وَلا شَفِيعٌ لَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ (51) وَلا تَطْرُدِ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ بِالْغَداةِ وَالْعَشِيِّ يُرِيدُونَ وَجْهَهُ مَا عَلَيْكَ مِنْ حِسابِهِمْ مِنْ شَيْءٍ وَما مِنْ حِسابِكَ عَلَيْهِمْ مِنْ شَيْءٍ فَتَطْرُدَهُمْ فَتَكُونَ مِنَ الظَّالِمِينَ (52) وَكَذلِكَ فَتَنَّا بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لِيَقُولُوا أَهؤُلاءِ مَنَّ اللَّهُ عَلَيْهِمْ مِنْ بَيْنِنا أَلَيْسَ اللَّهُ بِأَعْلَمَ بِالشَّاكِرِينَ (53) وَإِذا جاءَكَ الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِآياتِنا فَقُلْ سَلامٌ عَلَيْكُمْ كَتَبَ رَبُّكُمْ عَلى نَفْسِهِ الرَّحْمَةَ أَنَّهُ مَنْ عَمِلَ مِنْكُمْ سُوءاً بِجَهالَةٍ ثُمَّ تابَ مِنْ بَعْدِهِ وَأَصْلَحَ فَأَنَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ (54)
وَكَذلِكَ نُفَصِّلُ الْآياتِ وَلِتَسْتَبِينَ سَبِيلُ الْمُجْرِمِينَ (55)
أَمَرَهُ اللَّهُ سُبْحَانَهُ بِأَنْ يُخْبِرَهُمْ لَمَّا كَثُرَ اقْتِرَاحُهُمْ عَلَيْهِ، وَتَعَنُّتُهُمْ بِإِنْزَالِ الْآيَاتِ الَّتِي تَضْطَرُّهُمْ إِلَى الْإِيمَانِ، أَنَّهُ لَمْ يَكُنْ عِنْدَهُ خَزَائِنُ اللَّهِ حَتَّى يَأْتِيَهُمْ بِمَا اقْتَرَحُوهُ مِنَ الْآيَاتِ، وَالْمُرَادُ: خَزَائِنُ قُدْرَتِهِ الَّتِي تَشْتَمِلُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ مِنَ الْأَشْيَاءِ، وَيَقُولُ لَهُمْ: إِنَّهُ لَا يَعْلَمُ الْغَيْبَ حَتَّى يُخْبِرَهُمْ بِهِ، وَيُعَرِّفَهُمْ بِمَا سَيَكُونُ فِي مُسْتَقْبَلِ الدَّهْرِ وَلا أَقُولُ لَكُمْ إِنِّي مَلَكٌ حَتَّى تُكَلِّفُونِي مِنَ الْأَفْعَالِ الْخَارِقَةِ لِلْعَادَةِ مَا لَا يُطِيقُهُ الْبَشَرُ، وَلَيْسَ فِي هَذَا مَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْمَلَائِكَةَ أَفْضَلُ مِنَ الْأَنْبِيَاءِ، وَقَدِ اشْتَغَلَ بِهَذِهِ الْمُفَاضَلَةِ قَوْمٌ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ، وَلَا يَتَرَتَّبُ عَلَى ذَلِكَ فَائِدَةٌ دِينِيَّةٌ وَلَا دُنْيَوِيَّةٌ. بَلِ الْكَلَامُ فِي مِثْلِ هَذَا مِنَ الِاشْتِغَالِ بِمَا لَا يَعْنِي، وَمِنْ حُسْنِ إِسْلَامِ الْمَرْءِ تَرْكُهُ مَا لَا يَعْنِيهِ إِنْ أَتَّبِعُ إِلَّا مَا يُوحى إِلَيَّ أَيْ مَا أَتَّبِعُ إِلَّا مَا يُوحِيهِ اللَّهُ إِلَيَّ، وَقَدْ تَمَسَّكَ بِذَلِكَ مَنْ لَمْ يُثْبِتِ اجْتِهَادَ الْأَنْبِيَاءِ عَمَلًا بِمَا يُفِيدُهُ الْقَصْرُ فِي هَذِهِ الْآيَةِ، وَالْمَسْأَلَةُ مُدَوَّنَةٌ فِي الْأُصُولِ وَالْأَدِلَّةُ عَلَيْهَا مَعْرُوفَةٌ، وَقَدْ صَحَّ عَنْهُ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قَالَ:«أُوتِيتُ الْقُرْآنَ وَمِثْلَهُ مَعَهُ» قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الْأَعْمى وَالْبَصِيرُ هَذَا الِاسْتِفْهَامُ لِلْإِنْكَارِ، وَالْمُرَادُ: أَنَّهُ لَا يَسْتَوِي الضَّالُّ وَالْمُهْتَدِي، أَوِ الْمُسْلِمُ وَالْكَافِرُ أَوْ مَنِ اتَّبَعَ مَا أُوحِيَ إِلَيْهِ وَمَنْ لَمْ يَتَّبِعْهُ، وَالْكَلَامُ تَمْثِيلٌ أَفَلا تَتَفَكَّرُونَ فِي ذَلِكَ حَتَّى تَعْرِفُوا عَدَمَ الِاسْتِوَاءِ بَيْنَهُمَا، فَإِنَّهُ بَيِّنٌ، لَا يَلْتَبِسُ عَلَى مَنْ لَهُ أَدْنَى عَقْلٍ وَأَقَلُّ تَفَكُّرٍ. قَوْلُهُ: وَأَنْذِرْ بِهِ الَّذِينَ يَخافُونَ أَنْ يُحْشَرُوا إِلى رَبِّهِمْ الْإِنْذَارُ: الْإِعْلَامُ، وَالضَّمِيرُ فِي بِهِ رَاجِعٌ إِلَى مَا يُوحَى وَقِيلَ إِلَى اللَّهِ وَقِيلَ: إِلَى الْيَوْمِ الْآخِرِ. وَخَصَّ الَّذِينَ يَخَافُونَ أَنْ يُحْشَرُوا لِأَنَّ الْإِنْذَارَ يُؤَثِّرُ فِيهِمْ لِمَا حَلَّ بِهِمْ مِنَ الْخَوْفِ، بِخِلَافِ مَنْ لَا يَخَافُ الْحَشْرَ مِنْ طَوَائِفِ الْكُفْرِ لِجُحُودِهِ بِهِ وَإِنْكَارِهِ
لَهُ، فَإِنَّهُ لَا يُؤَثِّرُ فِيهِ ذَلِكَ. قِيلَ: وَمَعْنَى يَخَافُونَ: يَعْلَمُونَ وَيَتَيَقَّنُونَ أَنَّهُمْ مَحْشُورُونَ، فَيَشْمَلُ كُلَّ مَنْ آمَنَ بِالْبَعْثِ مِنَ الْمُسْلِمِينَ وَأَهْلِ الذِّمَّةِ وَبَعْضِ الْمُشْرِكِينَ وَقِيلَ مَعْنَى الْخَوْفِ عَلَى حَقِيقَتِهِ، وَالْمَعْنَى: أَنَّهُ يُنْذِرُ بِهِ مَنْ يَظْهَرُ عَلَيْهِ الْخَوْفُ مِنَ الْحَشْرِ عِنْدَ أَنْ يَسْمَعَ النبي صلى الله عليه وسلم يُذَكِّرُهُ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مُصَدِّقًا بِهِ فِي الْأَصْلِ، لَكِنَّهُ يَخَافُ أَنْ يَصِحَّ مَا أَخْبَرَ بِهِ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم، فَإِنَّ مَنْ كَانَ كَذَلِكَ تَكُونُ الْمَوْعِظَةُ فِيهِ أَنْجَعُ وَالتَّذْكِيرُ لَهُ أَنْفَعُ. قَوْلُهُ:
لَيْسَ لَهُمْ مِنْ دُونِهِ وَلِيٌّ وَلا شَفِيعٌ الْجُمْلَةُ فِي مَحَلِّ نَصْبٍ عَلَى الْحَالِ، أَيْ أَنْذِرْ بِهِ هَؤُلَاءِ الَّذِينَ يَخَافُونَ الْحَشْرَ حَالَ كَوْنِهِمْ لَا وَلِيَّ لَهُمْ يُوَالِيهِمْ وَلَا نَصِيرَ يُنَاصِرُهُمْ وَلَا شَفِيعَ يَشْفَعُ لَهُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ، وَفِيهِ رَدٌّ عَلَى مَنْ زَعَمَ مِنَ الْكُفَّارِ الْمُعْتَرِفِينَ بِالْحَشْرِ أَنَّ آبَاءَهُمْ يَشْفَعُونَ لَهُمْ، وَهُمْ أَهْلُ الْكِتَابِ، أَوْ أَنَّ أَصْنَامَهُمْ تَشْفَعُ لَهُمْ، وَهُمُ الْمُشْرِكُونَ. قَوْلُهُ: وَلا تَطْرُدِ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ بِالْغَداةِ وَالْعَشِيِّ يُرِيدُونَ وَجْهَهُ الدُّعَاءُ: الْعِبَادَةُ مُطْلَقًا وَقِيلَ: الْمُحَافَظَةُ عَلَى صَلَاةِ الْجَمَاعَةِ وَقِيلَ: الذِّكْرُ وَقِرَاءَةُ الْقُرْآنِ وَقِيلَ: الْمُرَادُ: الدُّعَاءُ لِلَّهِ بِجَلْبِ النَّفْعِ وَدَفْعِ الضَّرَرِ. قِيلَ: وَالْمُرَادُ بِذِكْرِ الْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ: الدَّوَامُ عَلَى ذَلِكَ وَالِاسْتِمْرَارُ وَقِيلَ: هو على ظاهره، ويُرِيدُونَ وَجْهَهُ فِي مَحَلِّ نَصْبٍ عَلَى الْحَالِ. وَالْمَعْنَى: أَنَّهُمْ مُخْلِصُونَ فِي عِبَادَتِهِمْ لَا يُرِيدُونَ بِذَلِكَ إِلَّا وَجْهَ اللَّهِ تَعَالَى: أَيْ يَتَوَجَّهُونَ بِذَلِكَ إِلَيْهِ لَا إِلَى غَيْرِهِ. قَوْلُهُ: مَا عَلَيْكَ مِنْ حِسابِهِمْ مِنْ شَيْءٍ وَما مِنْ حِسابِكَ عَلَيْهِمْ مِنْ شَيْءٍ هَذَا كَلَامٌ مُعْتَرِضٌ بَيْنَ النَّهْيِ وَجَوَابِهِ، مُتَضَمِّنٌ لِنَفْيِ الْحَامِلِ عَلَى الطَّرْدِ: أَيْ حِسَابُ هَؤُلَاءِ الَّذِينَ أَرَدْتَ أَنْ تَطْرُدَهُمْ مُوَافَقَةً لِمَنْ طَلَبَ ذَلِكَ مِنْكَ هُوَ عَلَى أَنْفُسِهِمْ مَا عَلَيْكَ مِنْهُ شَيْءٌ، وَحِسَابُكَ عَلَى نَفْسِكَ مَا عَلَيْهِمْ مِنْهُ شَيْءٌ، فَعَلَامَ تَطْرُدُهُمْ؟ هَذَا عَلَى فَرْضِ صِحَّةِ وَصْفِ مَنْ وَصَفَهُمْ بقوله: ما نَراكَ اتَّبَعَكَ إِلَّا الَّذِينَ هُمْ أَراذِلُنا «1» وَطَعَنَ عِنْدَكَ فِي دِينِهِمْ وَحَسَبِهِمْ، فَكَيْفَ وَقَدْ زَكَّاهُمُ اللَّهُ عز وجل بِالْعِبَادَةِ وَالْإِخْلَاصِ، وَهَذَا هُوَ مِثْلُ قَوْلِهِ تَعَالَى: وَلا تَزِرُ وازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرى «2» وَقَوْلُهُ: وَأَنْ لَيْسَ لِلْإِنْسانِ إِلَّا مَا سَعى «3» وقوله: إِنْ حِسابُهُمْ إِلَّا عَلى رَبِّي «4» . قَوْلُهُ: فَتَطْرُدَهُمْ جَوَابُ النَّفْيِ فِي قَوْلِهِ: مَا عَلَيْكَ مِنْ حِسابِهِمْ مِنْ شَيْءٍ وَهُوَ مِنْ تَمَامِ الِاعْتِرَاضِ: أَيْ إِذَا كَانَ الْأَمْرُ كَذَلِكَ فَأَقْبِلْ عَلَيْهِمْ، وَجَالِسْهُمْ، وَلَا تَطْرُدْهُمْ، مُرَاعَاةً لِحَقِّ مَنْ لَيْسَ عَلَى مِثْلِ حَالِهِمْ فِي الدِّينِ وَالْفَضْلِ، وَمِنْ فِي مَا عَلَيْكَ مِنْ حِسابِهِمْ مِنْ شَيْءٍ لِلتَّبْعِيضِ، وَالثَّانِيَةُ لِلتَّوْكِيدِ، وَكَذَا فِي ما مِنْ حِسابِكَ عَلَيْهِمْ مِنْ شَيْءٍ. قَوْلُهُ: فَتَكُونَ مِنَ الظَّالِمِينَ جَوَابٌ لِلنَّهْيِ، أَعْنِي: وَلا تَطْرُدِ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ أَيْ فَإِنْ فَعَلْتَ ذَلِكَ كُنْتَ مِنَ الظَّالِمِينَ، وَحَاشَاهُ عَنْ وُقُوعِ ذَلِكَ، وَإِنَّمَا هُوَ مِنْ بَابِ التَّعْرِيضِ لِئَلَّا يَفْعَلَ ذلك غيره صلى الله عليه وسلم مِنْ أَهْلِ الْإِسْلَامِ كَقَوْلِهِ تَعَالَى: لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ «5» ، وَقِيلَ: إِنَّ فَتَكُونَ مِنَ الظَّالِمِينَ مَعْطُوفٌ عَلَى فَتَطْرُدَهُمْ عَلَى طَرِيقِ التَّسَبُّبِ، وَالْأَوَّلُ أَوْلَى. قَوْلُهُ: وَكَذلِكَ فَتَنَّا بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ أَيْ مِثْلُ ذَلِكَ الْفَتْنِ الْعَظِيمِ فَتَنَّا بَعْضَ النَّاسِ بِبَعْضٍ، وَالْفِتْنَةُ الِاخْتِبَارُ: أَيْ عَامَلْنَاهُمْ مُعَامَلَةَ الْمُخْتَبِرِينَ، وَاللَّامُ فِي لِيَقُولُوا لِلْعَاقِبَةِ: أَيْ لِيَقُولَ الْبَعْضُ الْأَوَّلُ مُشِيرِينَ إِلَى الْبَعْضِ الثَّانِي أَهؤُلاءِ الَّذِينَ مَنَّ اللَّهُ عَلَيْهِمْ مِنْ بَيْنِنا أَيْ أَكْرَمَهُمْ بِإِصَابَةِ الْحَقِّ دُونَنَا. قَالَ النَّحَّاسُ: وَهَذَا مِنَ الْمُشْكَلِ، لِأَنَّهُ يُقَالُ: كَيْفَ فُتِنُوا لِيَقُولُوا هَذَا الْقَوْلَ وَهُوَ إِنْ كَانَ عَلَى طَرِيقَةِ الْإِنْكَارِ كُفْرٌ، وَأَجَابَ بِجَوَابَيْنِ: الْأَوَّلُ أَنَّ ذَلِكَ وَاقِعٌ مِنْهُمْ عَلَى طَرِيقَةِ الِاسْتِفْهَامِ لَا عَلَى سَبِيلِ الْإِنْكَارِ وَالثَّانِي
(1) . هود: 27.
(2)
. الأنعام: 164.
(3)
. النجم: 39.
(4)
. الشعراء: 113.
(5)
. الزمر: 65.
أَنَّهُمْ لَمَّا اخْتُبِرُوا بِهَذَا كَانَ عَاقِبَتُهُ هَذَا الْقَوْلَ مِنْهُمْ كَقَوْلِهِ: فَالْتَقَطَهُ آلُ فِرْعَوْنَ لِيَكُونَ لَهُمْ عَدُوًّا وَحَزَناً «1» .
قَوْلُهُ: أَلَيْسَ اللَّهُ بِأَعْلَمَ بِالشَّاكِرِينَ هَذَا الِاسْتِفْهَامُ لِلتَّقْرِيرِ. وَالْمَعْنَى: أَنَّ مَرْجِعَ الِاسْتِحْقَاقِ لِنِعَمِ اللَّهِ سُبْحَانَهُ هُوَ الشُّكْرُ، وَهُوَ أَعْلَمُ بِالشَّاكِرِينَ لَهُ، فَمَا بَالُكُمْ تَعْتَرِضُونَ بِالْجَهْلِ وَتُنْكِرُونَ الْفَضْلَ. قَوْلُهُ: وَإِذا جاءَكَ الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِآياتِنا هُمُ الَّذِينَ نَهَاهُ اللَّهُ عَنْ طَرْدِهِمْ، وَهُمُ الْمُسْتَضْعَفُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ، كَمَا سَيَأْتِي بَيَانُهُ فَقُلْ سَلامٌ عَلَيْكُمْ أَمَرَهُ اللَّهُ بِأَنْ يَقُولَ لَهُمْ هَذَا الْقَوْلَ تَطْيِيبًا لِخَوَاطِرِهِمْ وَإِكْرَامًا لَهُمْ. وَالسَّلَامُ، وَالسَّلَامَةُ:
بِمَعْنًى وَاحِدٍ، فَمَعْنَى سَلَامٌ عَلَيْكُمْ: سَلَّمَكُمُ اللَّهُ. وَقَدْ كَانَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم بَعْدَ نُزُولِ هَذِهِ الْآيَةِ إِذَا رَآهُمْ بَدَأَهُمْ بِالسَّلَامِ وَقِيلَ: إِنَّ هَذَا السَّلَامَ هُوَ مِنْ جِهَةِ اللَّهِ: أَيْ أَبْلِغْهُمْ مِنَّا السَّلَامَ. قَوْلُهُ: كَتَبَ رَبُّكُمْ عَلى نَفْسِهِ الرَّحْمَةَ أَيْ أَوْجَبَ ذَلِكَ إِيجَابَ فَضْلٍ وَإِحْسَانٍ وَقِيلَ: كَتَبَ ذَلِكَ فِي اللَّوْحِ الْمَحْفُوظِ. قِيلَ: هَذَا مِنْ جُمْلَةِ مَا أَمَرَهُ اللَّهُ سُبْحَانَهُ بِإِبْلَاغِهِ إِلَى أُولَئِكَ الَّذِينَ أَمَرَهُ بِإِبْلَاغِ السَّلَامِ إِلَيْهِمْ تَبْشِيرًا بِسِعَةِ مَغْفِرَةِ اللَّهِ وَعَظِيمِ رَحْمَتِهِ.
قَوْلُهُ: أَنَّهُ مَنْ عَمِلَ مِنْكُمْ سُوءاً بِجَهالَةٍ قَرَأَ ابْنُ عَامِرٍ وَعَاصِمٌ وَنَافِعٌ بِفَتْحِ أَنَّ مِنْ أَنَّهُ، وَقَرَأَ الْبَاقُونَ بِكَسْرِهَا. فَعَلَى الْقِرَاءَةِ الْأُولَى تَكُونُ هَذِهِ الْجُمْلَةُ بَدَلًا مِنَ الرَّحْمَةِ: أَيْ كَتَبَ رَبُّكُمْ عَلَى نَفْسِهِ أَنَّهُ مَنْ عَمِلَ إِلَى آخِرِهِ. وَعَلَى الْقِرَاءَةِ الثَّانِيَةِ تَكُونُ هَذِهِ الْجُمْلَةُ مُفَسِّرَةٌ لِلرَّحْمَةِ بِطَرِيقِ الِاسْتِئْنَافِ، وَمَوْضِعُ بِجَهَالَةٍ النَّصْبُ عَلَى الْحَالِ، أَيْ عَمِلَهُ وَهُوَ جَاهِلٌ. قِيلَ: وَالْمَعْنَى أَنَّهُ فَعَلَ فِعْلَ الْجَاهِلِينَ، لِأَنَّ مَنْ عَمِلَ مَا يُؤَدِّي إِلَى الضَّرَرِ فِي الْعَاقِبَةِ مَعَ عِلْمِهِ بِذَلِكَ أَوْ ظَنِّهِ، فَقَدْ فَعَلَ فِعْلَ أَهْلِ الْجَهْلِ وَالسَّفَهِ لَا فِعْلَ أَهْلِ الْحِكْمَةِ وَالتَّدْبِيرِ وَقِيلَ الْمَعْنَى:
أَنَّهُ عَمِلَ ذَلِكَ وَهُوَ جَاهِلٌ لِمَا يَتَعَلَّقُ بِهِ مِنَ الْمَضَرَّةِ، فَتَكُونُ فَائِدَةُ التَّقْيِيدِ بِالْجَهَالَةِ: الْإِيذَانَ بِأَنَّ الْمُؤْمِنَ لَا يُبَاشِرُ مَا يَعْلَمُ أَنَّهُ يُؤَدِّي إِلَى الضَّرَرِ. قَوْلُهُ: ثُمَّ تابَ مِنْ بَعْدِهِ أَيْ مِنْ بَعْدِ عَمَلِهِ وَأَصْلَحَ مَا أَفْسَدَهُ بِالْمَعْصِيَةِ، فَرَاجَعَ الصَّوَابَ وَعَمِلَ الطَّاعَةَ فَأَنَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ. قَرَأَ ابْنُ عَامِرٍ وَعَاصِمٌ بِفَتْحِ الْهَمْزَةِ مِنْ فَأَنَّهُ، وَقَرَأَ الْبَاقُونَ بِالْكَسْرِ. فَعَلَى الْقِرَاءَةِ الْأُولَى تَكُونُ أَنَّ وَمَا بَعْدَهَا خَبَرَ مُبْتَدَأٍ مَحْذُوفٍ: أَيْ فَأَمَرَهُ أَنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ، وَهَذَا اخْتِيَارُ سِيبَوَيْهِ، وَاخْتَارَ أَبُو حَاتِمٍ أَنَّ الْجُمْلَةَ فِي مَحَلِّ رَفْعٍ عَلَى الِابْتِدَاءِ وَالْخَبَرُ مُضْمَرٌ، كَأَنَّهُ قِيلَ: فَلَهُ فَأَنَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ قَالَ: لِأَنَّ الْمُبْتَدَأَ هُوَ مَا بَعْدَ الْفَاءِ. وَأَمَّا عَلَى الْقِرَاءَةِ الثَّانِيَةِ فَالْجُمْلَةُ مُسْتَأْنَفَةٌ.
قَوْلُهُ: وَكَذلِكَ نُفَصِّلُ الْآياتِ أَيْ مِثْلِ ذَلِكَ التَّفْصِيلِ نُفَصِّلُهَا، وَالتَّفْصِيلُ: التَّبْيِينُ، وَالْمَعْنَى: أَنَّ اللَّهَ فَصَّلَ لَهُمْ مَا يَحْتَاجُونَ إِلَيْهِ مِنْ أَمْرِ الدِّينِ، وَبَيَّنَ لَهُمْ حُكْمَ كُلِّ طَائِفَةٍ. قَوْلُهُ: وَلِتَسْتَبِينَ سَبِيلُ الْمُجْرِمِينَ.
قَالَ الْكُوفِيُّونَ: هُوَ مَعْطُوفٌ عَلَى مُقَدَّرٍ: أَيْ وَكَذَلِكَ نُفَصِّلُ الْآيَاتِ لِنُبَيِّنَ لَكُمْ وَلِتَسْتَبِينَ، قَالَ النَّحَّاسُ:
وَهَذَا الْحَذْفُ لَا يُحْتَاجُ إِلَيْهِ. وَقِيلَ: إِنَّ دُخُولَ الْوَاوِ لِلْعَطْفِ عَلَى الْمَعْنَى: قُرِئَ لِتَسْتَبِينَ بِالْفَوْقِيَّةِ وَالتَّحْتِيَّةِ، فَالْخِطَابُ عَلَى الْفَوْقِيَّةِ للنبي صلى الله عليه وسلم أَيْ لِتَسْتَبِينَ يَا مُحَمَّدُ سَبِيلَ الْمُجْرِمِينَ، وَسَبِيلَ: مَنْصُوبٌ عَلَى قِرَاءَةِ نَافِعٍ. وَأَمَّا عَلَى قِرَاءَةِ ابْنِ كَثِيرٍ وَأَبِي عَمْرٍو وَابْنِ عَامِرٍ وَحَفْصٍ بِالرَّفْعِ، فَالْفِعْلُ مُسْنَدٌ إِلَى سَبِيلٍ، وَأَمَّا عَلَى التَّحْتِيَّةِ فَالْفِعْلُ مُسْنَدٌ إِلَى سَبِيلٍ أَيْضًا، وَهِيَ قِرَاءَةُ حَمْزَةَ وَالْكِسَائِيِّ وَشُعْبَةَ بِالرَّفْعِ. وَإِذَا اسْتَبَانَ سَبِيلُ الْمُجْرِمِينَ فَقَدِ اسْتَبَانَ سَبِيلُ الْمُؤْمِنِينَ.
وَقَدْ أَخْرَجَ عَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ وَابْنُ جَرِيرٍ وَابْنُ الْمُنْذِرِ وَابْنُ أَبِي حَاتِمٍ وَأَبُو الشَّيْخِ عن قتادة في قوله:
(1) . القصص: 8.
قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الْأَعْمى وَالْبَصِيرُ قَالَ: الْأَعْمَى الْكَافِرُ الَّذِي عَمِيَ عَنْ حَقِّ اللَّهِ وَأَمْرِهِ وَنِعَمِهِ عَلَيْهِ، وَالْبَصِيرُ:
الْعَبْدُ الْمُؤْمِنُ الَّذِي أَبْصَرَ بَصَرًا نَافِعًا فَوَحَّدَ اللَّهَ وَحْدَهُ، وَعَمِلَ بِطَاعَةِ رَبِّهِ، وَانْتَفَعَ بِمَا أَتَاهُ اللَّهُ. وَأَخْرَجَ أَحْمَدُ وَابْنُ جَرِيرٍ وَابْنُ الْمُنْذِرِ وَابْنُ أَبِي حَاتِمٍ وَالطَّبَرَانِيُّ وَأَبُو الشَّيْخِ وَابْنُ مَرْدَوَيْهِ وَأَبُو نُعَيْمٍ فِي الْحِلْيَةِ عَنْ عبد الله ابن مَسْعُودٍ قَالَ: «مَرَّ الْمَلَأُ مِنْ قُرَيْشٍ عَلَى النبي صلى الله عليه وسلم وَعِنْدَهُ صُهَيْبٌ وَعَمَّارٌ وَبِلَالٌ وَخَبَّابٌ وَنَحْوُهُمْ مِنْ ضُعَفَاءِ الْمُسْلِمِينَ، فَقَالُوا: يَا مُحَمَّدُ أَرَضِيتَ بِهَؤُلَاءِ مِنْ قَوْمِكَ أَهؤُلاءِ مَنَّ اللَّهُ عَلَيْهِمْ مِنْ بَيْنِنا أَنَحْنُ نَكُونُ تَبَعًا لِهَؤُلَاءِ؟ اطْرُدْهُمْ عَنَّا، فَلَعَلَّكَ إِنْ طَرَدْتَهُمْ أَنْ نَتَّبِعَكَ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ فِيهِمُ الْقُرْآنَ وَأَنْذِرْ بِهِ الَّذِينَ يَخافُونَ أَنْ يُحْشَرُوا إِلى رَبِّهِمْ إِلَى قَوْلِهِ: وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِالظَّالِمِينَ. وَقَدْ أَخْرَجَ هَذَا السَّبَبَ مُطَوَّلًا ابْنُ جَرِيرٍ وَابْنُ الْمُنْذِرِ عَنْ عِكْرِمَةَ، وَفِيهِ: أَنَّ الَّذِينَ جَاءُوا إِلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم عُتْبَةُ بْنُ رَبِيعَةَ وَشَيْبَةُ بْنُ رَبِيعَةَ وَقَرَظَةُ بْنُ عَبْدِ عَمْرِو بْنِ نَوْفَلٍ وَالْحَارِثُ بْنُ عَامِرِ بْنِ نَوْفَلٍ وَمُطْعِمُ بْنُ عَدِيِّ بْنِ الْخِيَارِ بْنِ نَوْفَلٍ فِي أَشْرَافِ الْكُفَّارِ مِنْ عَبْدِ مَنَافٍ. وَأَخْرَجَهُ ابْنُ أَبِي شَيْبَةَ وَابْنُ مَاجَهْ وَأَبُو يَعْلَى وَابْنُ جَرِيرٍ وَابْنُ الْمُنْذِرِ وَابْنُ أَبِي حَاتِمٍ وَالطَّبَرَانِيُّ وَأَبُو الشَّيْخِ وَابْنُ مَرْدَوَيْهِ، وَأَبُو نُعَيْمٍ فِي الْحِلْيَةِ، وَالْبَيْهَقِيُّ فِي الدَّلَائِلِ عَنْ خَبَّابٍ قَالَ: جَاءَ الْأَقْرَعُ بن حابس التميمي وعيينة ابن حِصْنٍ الْفَزَارِيُّ، فَذَكَرَ نَحْوَ حَدِيثِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ مُطَوَّلًا. قَالَ ابْنُ كَثِيرٍ: هَذَا حَدِيثٌ غَرِيبٌ، فَإِنَّ هَذِهِ الْآيَةَ مَكِّيَّةٌ، وَالْأَقْرَعُ وَعُيَيْنَةُ إِنَّمَا أَسْلَمَا بَعْدَ الْهِجْرَةِ بِدَهْرٍ. وَأَخْرَجَ مُسْلِمٌ وَالنَّسَائِيُّ وَابْنُ مَاجَهْ وَغَيْرُهُمْ عَنْ سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ قَالَ: لَقَدْ نَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ فِي سِتَّةٍ: أَنَا وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْعُودٍ وَبِلَالٌ وَرَجُلٌ مِنْ هُذَيْلٍ وَرَجُلَانِ لَسْتُ أُسَمِّيهُمَا، فَقَالَ الْمُشْرِكُونَ لِلنَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم: اطرد هؤلاء عنك لا يجترءون عَلَيْنَا، فَوَقَعَ فِي نَفْسِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مَا شَاءَ اللَّهُ أَنْ يَقَعَ فَحَدَّثَ نَفْسَهُ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ وَلا تَطْرُدِ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ بِالْغَداةِ وَالْعَشِيِّ. وَقَدْ رُوِيَ فِي بَيَانِ السَّبَبِ رِوَايَاتٌ مُوَافِقَةٌ لِمَا ذَكَرْنَا فِي الْمَعْنَى. وَأَخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ وَابْنُ الْمُنْذِرِ وَابْنُ أَبِي حَاتِمٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ فِي قَوْلِهِ: بِالْغَداةِ وَالْعَشِيِّ قَالَ: يَعْنِي الصَّلَاةَ الْمَكْتُوبَةَ. وَأَخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ وَابْنُ أَبِي حَاتِمٍ عَنْ مُجَاهِدٍ قَالَ: الصَّلَاةُ الْمَكْتُوبَةُ الصُّبْحُ وَالْعَصْرُ. وَأَخْرَجَ ابْنُ أَبِي شَيْبَةَ وَابْنُ جَرِيرٍ وَابْنُ الْمُنْذِرِ وَابْنُ أَبِي حَاتِمٍ وَأَبُو الشَّيْخِ عَنْ إِبْرَاهِيمَ النَّخَعِيِّ فِي الْآيَةِ قَالَ: هُمْ أَهْلُ الذِّكْرِ لَا تَطْرُدْهُمْ عَنِ الذِّكْرِ. قَالَ سُفْيَانُ: أَيْ أَهْلِ الْفِقْهِ. وَأَخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ وَابْنُ الْمُنْذِرِ وَابْنُ أَبِي حَاتِمٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ فِي قَوْلِهِ: وَكَذلِكَ فَتَنَّا بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ يَعْنِي أَنَّهُ جَعَلَ بَعْضَهُمْ أَغْنِيَاءَ وَبَعْضَهُمْ فَقُرَاءَ، فَقَالَ الْأَغْنِيَاءُ لِلْفُقَرَاءِ: أَهؤُلاءِ مَنَّ اللَّهُ عَلَيْهِمْ مِنْ بَيْنِنا يَعْنِي أَهَؤُلَاءِ هَدَاهُمُ اللَّهُ، وَإِنَّمَا قَالُوا ذَلِكَ اسْتِهْزَاءً وَسُخْرِيَةً. وَأَخْرَجَ ابْنُ الْمُنْذِرِ عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ أَهَؤُلَاءِ الَّذِينَ مَنَّ اللَّهُ عَلَيْهِمْ مِنْ بَيْنِنَا أَيْ لَوْ كَانَ لَهُمْ كَرَامَةٌ عَلَى اللَّهِ مَا أَصَابَهُمْ هَذَا الْجُهْدُ.
وَأَخْرَجَ عَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ وَابْنُ جَرِيرٍ وَابْنُ الْمُنْذِرِ وَابْنُ أَبِي حَاتِمٍ وَأَبُو الشَّيْخِ عَنْ مَاهَانَ قَالَ: أَتَى قَوْمٌ النبيّ صلى الله عليه وسلم، فَقَالُوا: إِنَّا أَصَبْنَا ذُنُوبًا عِظَامًا، فَمَا رَدَّ عَلَيْهِمْ شَيْئًا فَانْصَرَفُوا، فَأَنْزَلَ اللَّهُ وَإِذا جاءَكَ الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِآياتِنا الْآيَةَ. فَدَعَاهُمْ فَقَرَأَهَا عَلَيْهِمْ. وَأَخْرَجَ ابْنُ الْمُنْذِرِ عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ قَالَ: أُخْبِرْتُ أَنَّ قَوْلَهُ: سَلامٌ عَلَيْكُمْ كَانُوا إِذَا دَخَلُوا عَلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم بدأهم بالسلام، فَقَالَ: سَلامٌ عَلَيْكُمْ وَإِذَا لَقِيَهُمْ فَكَذَلِكَ أَيْضًا. وَأَخْرَجَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ وَابْنُ جَرِيرٍ عَنْ قَتَادَةَ فِي قَوْلِهِ: وَكَذلِكَ نُفَصِّلُ الْآياتِ قَالَ: نُبَيِّنُ الآيات.