الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
قلوبهم وهم يدفنون رسول اللَّه ويواروه التراب فقد إنخلعت قلوبهم وأشرأبت أعناقهم لهذا الحادث الجلل، فمنهم من أستلقى على الأرض بلا حراك ومنهم من أوجم فاه عن الكلام ومنهم من شهر سيفه قائلًا: من زعم أن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم مات قطعت عنقه. . . وأختل التوازن وأضطربت النفوس إلى أن جاء الصديق أبو بكر رضي الله عنه وقال: {وَمَا مُحَمَّدٌ إِلَّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ أَفَإِنْ مَاتَ أَوْ قُتِلَ انْقَلَبْتُمْ عَلَى أَعْقَابِكُمْ. . .} [آل عمران: 144].
لذلك على المسلمين إذا أصابتهم مصيبة أو نزلت بهم كارثة أن يتسلوا عنها بمصيبة فقده صلى الله عليه وسلم إذ بفقده إنقطع الوحى من السماء وماتت النبوة.
4 -
عن عائشة رضي الله عنها، قالت:
"فتح رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم بابًا بينه وبين الناس أو كشف سترًا، فإذا الناس يصلون وراء أبي بكر، فحمد اللَّه على ما رأى من حسن حالهم، ورجاء أن يخلفه اللَّه فيهم بالذى رأهم، فقال: يا أيها الناس! أيما أحد من الناس أو من المؤمنين أصيب بمصيبة، فليعتز بي عن المصيبة التي تصيبه بغيرى، فإن أحدًا من أمتي لن يصاب بمصيبة بعدي أشد عليه من مصيبتى"(1).
قال الشاعر:
فإذا أتتك مصيبة تشجو بها
…
فأذكر مصابك بالنبى محمد
ثالثًا: انشقاق القمر
حدث هذا الانشقاق في عهد النبي صلى الله عليه وسلم وهي معجزة من معجزات النبوة وبرهان ساطع في البراهين الكثيرة التي تدفع عقول الجاحدين، إذ أن القمر بعيد عن متناول الناس وهو في السماء بلا شك وليس مما يطمع في الوصول
(1) صحيح الجامع: رقم 7756
إليه، وقد كان هذا الإنشقاق كإعجاز لأهل مكة عندما سألوه صلى الله عليه وسلم أن يريهم آية معجزة
قال تعالى. {اقْتَرَبَتِ السَّاعَةُ وَانْشَقَّ الْقَمَرُ (1) وَإِنْ يَرَوْا آيَةً يُعْرِضُوا وَيَقُولُوا سِحْرٌ مُسْتَمِرٌّ (2)} [القمر: 1 - 2].
قال ابن كثير: {وَانْشَقَّ الْقَمَرُ} قد كان هذا في زمان رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم كما وورد ذلك في الأحاديث المتواترة بالأسانيد الصحيحة، وهذا أمر متفق عليه بين العلماء؛ أي: إنشقاق القمر، وأنه وقع في زمان النبي صلى الله عليه وسلم، وأنه كان إحدى المعجزات الباهرات (1).
1 -
روى الشيخان عن عبد اللَّه بن مسعود رضي الله عنه؛ قال:
"انشق القمر على عهد رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم شقتين، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: اشهدوا"(2).
2 -
وروى الشيخان عن أنس رضي الله عنه:
"أن أهل مكة سألوا رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم أن يريهم آية، فأراهم إنشقاق القمر"(3)
3 -
عن عبد اللَّه بن مسعود؛ قال:
"بينما نحن مع رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم بمنى، إذ إنفلق القمر فلقتين، فكانت فلقة وراء الجبل وفلقة دونه، فقال لنا رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: إشهدوا"
قال الحافظ في (الفتح) في الرد على المنكرين لهذه الحادثة:
"وقال الخطابى: وقد أنكر بعضهم إنشقاق القمر فقال: لو وقع ذلك لم
(1) تفسير بن كثير 4/ 261
(2)
اللؤلؤ والمرجان حديث 1784
(3)
اللؤلؤ والمرجان حديث 1785