الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
أربعة عشر: فشو الزنا وشرب الخمر وظهور المنكرات وكثرة النساء وقلة الرجال
1 -
روى البخاري وأبو داود عن أبي عامر وأبي مالك الأشعرى: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال. (ليكونن من أمتي أقوام يستحلون الحر (1) والحرير والخمر والمعازف، ولينزلن أقوام إلى جنب علم (2)، يروح عليهم (3) بسارحة لهم، يأتيهم (4) لحاجة، فيقولوا: ارجع إلينا غدًا، فيبيتهم اللَّه (5) ويضع العلم، ويمسخ آخرين قردة وخنازير إلى يوم القيامة) (6).
قال الحافظ ابن حجر في "الفتح":
(قال ابن العربي: يحتمل الحقيقة كما وقع للأمم السالفة، ويحتمل أن يكون كناية عن تبدل أخلاقهم)
قلت: أي الحافظ: (والأول أليق).
ثم قال: (في هذا الحديث وعيد شديد على من يتحيل ما يحرم بتغير اسمه، وأن الحكم يدور مع العلة، والعلة في تحريم الخمر الإسكار، فمهما وجد الإسكار، وجد التحريم، ولو لم يستمر)(7).
2 -
روى أحمد والضياء وابن ماجة عن عبادة الصامت، قال: قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم:
(1) الحر: كناية عن الفرج والمراد به استباحة الزنا.
(2)
العلم: الجبل العالى.
(3)
يروح عليهم: يسرح في المواشى صباحًا ويرجع بها مساء إلى بيوتها.
(4)
يأتيهم لحاجة: يطلب منهم شيئًا لحاجته.
(5)
يبيتهم اللَّه: يهلكهم ليلًا.
(6)
صحيح الجامع: رقم 5342.
(7)
فتح الباري: 10/ 56.
(لتستلحن طائفة من أمتي الخمر باسم يسمونها إياه)(1).
كما يسمونها الآن المشروبات الروحية بدلًا عن الخمر!!.
3 -
عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: عند قرب موته، ألا أحدثكم حديثًا عن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم، لا يحدثكم به أحد عنه بعدي؟ سمعت رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم يقول:(لا تقوم الساعة -أو قال: إن من أشراط الساعة: أن يرفع العلم، ويظهر الجهل، ويشرب الخمر، ويفشو الزنا، ويذهب الرجال، ويبقى النساء، حتى يكون لخمسين امرأة قيم (2) واحد) (3).
وقد وقع كل هذا الذي أخبر عنه رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم فانتشرت الرذائل وعمت وحلل الزنا باسم الحرية وانتشرت الإباحية وأصبحت الخيانة الجنسية موضة العصر، وأضحى الذين يدعون إلى الطهر والعفاف والشرف رجعيون، يوصمون بذلك من قبل أهل الديانة الذين يرضون بالخنا والزنا في أهلهم. . .
لقد انتشرت المخدرات التي هي نوع من أنواع المسكرات وفتحت لها أسواق حتى غدا مروجوها تجارًا يشار إليهم بالبنان، وأصبح خطر تعاطيها يهدد الأمة بأسرها إذ يترتب عن تعاطى الخمر والمخدرات من الجرائم ما لا يعلم بها إلا اللَّه تعالى، جرت هذه المنكرات على الأمة والمجتمع الويلات، فأصبح كثير من الشباب عاطل عن العمل بل عاطل عن التفكير بسبب المخدرات والخمور وترتب على ذلك آثار وخيمة لا حصر لها، كالقتل، والعدوان، والفحش، وإفشاء الأسرار، والخيانة الزوجية، وخيانة الأوطان إلى غير ذلك من العواقب الوخيمة التي تنذر بتفكك الأسر وبالتالى تفكك
(1) صحيح الجامع: رقم 4945.
(2)
القيم: زوج المرأة الذي يقوم بأمرها.
(3)
رواه البخاري: 1/ 28 ومسلم برقم: 2671 والترمذي برقم: 2206.
المجتمع وبيع الأعراض والعياذ باللَّه.
إن من ينظر إلى حال الأمة يرى العجب العجاب، فـ باسم الحرية الفردية روج الزنا، وباسم التقدم والرقى فتحت بيوت الدعارة، وهي لذلك كل الوسائل التي تؤدى إليها كالاختلاط والرقص، والصور المثيرة، والغناء الفاحش، وأصبح مروجوا هذه المنكرات أصحاب شأن وقيمة في المجتمع لهم أجهزة مرئية ومسموعة!!.
إن الأمة أصبحت مهددة بالانقراض والفناء لأن الزنا سبب مباشر لكثير من الأمراض سواء منها البدنية والإجتماعية، فعن طريقه تنتشر أمراض الزهري والسيلان ومرض العصر الإيدز الذي هو عقوبة ربانية أنزلها اللَّه على العصاة الإباحيين، كذلك الأمراض الاجتماعية التي يجرها الزنا، كبيع الأعراض وتفكك الأسر وضياع الأنساب، وأمور لا يمكن التصريح بها واللَّه المستعان.
أما قوله صلى الله عليه وسلم: (ويذهب الرجال، ويبقى النساء، حتى يكون لخمسين امرأة قيم واحد)، أما ذهاب الرجال وقلة النساء، فهذا الذي نراه في المجتمعات المعاصرة وهو مؤشر خطير وظاهرة وخيمة العواقب، وهذا ليس بدعًا بل حقيقة واقعة إذ أن انتشار الحروب في كل مكان واستشراء القتل في أغلب المجتمعات هذه الظاهرة الخطيرة تنذر بذلك، إذ أن محصلة الحروب هو ذهاب الرجال وبقاء النساء والذي يتعرض للقتل هم الرجال أكثر من النساء.
إن في مجرى تعدادًا للسكان يجد هذه الحقيقة النبوية ماثلة للعيان أمامه، فإن كل الإحصائيات السكانية تشير إلى ازدياد نسبة النساء إزاء نسبة عدد الرجال.
إن هذه الظاهرة لو تمعنها اللبيب يجد حجم المأساة التي تترتب على ذلك، إذ أن المجتمع الذي يتعرض رجاله للقتل والإبادة، وتكثر أعداد نسائه هو مجتمع شقى، إذ أن إزدياد عدد النساء وقلة عدد الرجال وعزوف الرجال عن الزواج يجعل ظاهرة الفساد منتشرة على كل الأصعدة وهذا ما يجر إلى ما لا يحمد عقباه من الفتن والمحن واللَّه المستعان.
أما أن يكون لكل خمسين امرأة (قيم واحد)، هذا واللَّه اعلم لا يكون إلا قبيل قيام الساعة بقليل، حيث تهب ريح تأخذ نفس كل مسلم ومسلمة، فلا يبقى إلا شرار الذين هم أشقى عباد اللَّه إذ عليهم تقوم الساعة، فينتشر الفساد ويتسافد الرجال والنساء في الطرقات كالبهائم ويكون للخمسين امرأة قيم واحد يقيم عليهن وعلى شؤونهن وسيأتى ذلك لاحقًا.
أو أن تنشب حرب عالمية نووية يكون ضحيتها بالتأكيد الرجال أكثر من النساء فتكون هذه الظاهرة التي أشار إليها النبي صلى الله عليه وسلم، أما في وقتنا الراهن فلا توجد هذه الظاهرة، ولا ندرى ماذا يخبئ القدر لهذه الإنسانية من أحداث.
قال القرطبي: (يحتمل أن يراد بالقيم من يقوم عليهن، سواء كن موطوءات أم لا، ويحتمل أن يكون ذلك يقع في الزمان الذي لا يبقى فيه من يقول: اللَّه اللَّه، فيتزوج الواحد بغير عدد، جهلًا بالحكم الشرعى)(1).
4 -
روى الطبراني والحاكم عن ابن عباس رضي الله عنهما: أن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم قال: (إذا ظهر الزنا والربا في قرية، فقد أحلوا بأنفسهم عذاب اللَّه)(2).
أما الزنا والآثار المترتبة عليه من الأمراض الخطيرة واختلاط الأنساب
(1) التذكرة للقرطبى: ج 2.
(2)
صحيح الجامع: رقم 692.