الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
منه (1)، ولتقومن الساعة وقد رفع أحدكم أكلته إلى فيه (2) فلا يطعمها (3).
ثانيًا: الدابة
قال الحافظ ابن كثير في تفسيره: (هذه الدابة تخرج في أخر الزمان عند فساد الناس وتركهم أوامر اللَّه تعالى، وتبديلهم الدين الحق، يخرج اللَّه لهم دابة من الأرض فتكلم الناس على ذلك).
قال ابن عباس والحسن وقتاده: (تكلمهم كلامًا، أي تخاطبهم مخاطبة).
قال الألوسى في (روح المعانى): (أي تكلمهم بأنهم لا يتيقنون بأيات اللَّه تعالى الناطقة بمجئ الساعة ومباديها، أو بجميع أياته التي من جملتها تلك الأيات وقصارى ما أقول في هذه الدابة: أنها دابة عظيمة ذات قوائم، ليست من نوع الإنسان أصلًا، يخرجها اللَّه تعالى أخر الزمان من الأرض، وتخرج وفى الناس مؤمن وكافر)(5)، ويدل على ذلك ما روى عن أبي هريرة رضي الله عنه:
1 -
أن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم قال: (تخرج الدابة ومعها خاتم سليمان بن داوود، وعصا موسى بن عمران عليهما السلام، فتجلوا وجه المؤمن (6) بالخاتم،
(1) فلا يسقى منه: أي لا يستفيد من حوضه إذ تقوم عليه الساعة.
(2)
إلى فيه: إلى فمه.
(3)
رواه البخاري.
(4)
النمل: 82.
(5)
هامش التصريح فيما تواتر في نزول المسيح بتحقيق الشيخ أبو غدة.
(6)
تجلو وجه المؤمن: تنوره وتبيضه.
وتخطم أنف الكافر (1) بالعصا، حتى أن أهل الحواء (2) ليجتمعون، فيقول هذا: ويقول هذا يا مؤمن ويقول هذا يا كافر).
ثم قال (الألوسى): وهذا الخبر أقرب الأخبار المذكورة في الدابة للقبول) (3)(4).
قال الإمام القرطبي: (قال بعض العلماء: قد جاء في الروايات، إذا خرج يأجوج ومأجوج وقتلهم اللَّه بالنغف في أعناقهم، وقبض اللَّه نبيه عيسى عليه السلام، وخلت الأرض منهم، وتطاولت الأيام على الناس، وذهب معظم دين الإسلام، أخذ الناس في الرجوع إلى عاداتهم. . وأحدثوا الأحداث من الكفر والفسوق، كما أحدثوه بعد كل قائم نصبه اللَّه تعالى بينه وبينهم حجة عليهم ثم قبضه، فيخرج اللَّه تعالى لهم دابة من الأرض فتميز المؤمن من الكافر ليرتدع بذلك الكفار عن كفرهم، والفساق عن فسقهم، ويستبصروا ويرجعوا عما هم فيه من الفسوق والعصيان، ثم تغيب الدابة عنهم ويمهلون، فإذا اصروا على طغيانهم طلعت الشمس من مغربها، ولم يقبل بعد ذلك من كافر ولا فاسق توبة، وأزيل الخطاب والتكليف عنهم، ثم كان قيام الساعة على إثر ذلك قريبًا، لأن اللَّه تعالى يقول:) وما خلقت الجن والأنس إلا ليعبدون (فإذا قطع عنهم التعبد لم يقرهم بعد ذلك في زماننا طويلًا)(5).
(1) تخطم أنف الكافر: أي تسمه وتجعل فيه علامة على كفره.
(2)
أهل الحواء: أهل الحى.
(3)
هامش التصريح فيما تواتر في نزول المسيح بتحقيق الشيخ أبي غدة.
(4)
أخرجه أبو داود وأحمد والترمذي وحسنه ابن ماجة واللفظ له.
(5)
التذكرة للقرطبي.
قال الشيخ عبد الفتاح أبو غده: (جرى قائل هذا الكلام على أن خروج الدابة يكون قبل طلوع الشمس من مغربها واستظهر الحاكم أبو عبد اللَّه النيسابورى: أن طلوع الشمس من مغربها يسبق خروج الدابة، ثم تخرج الدابة في ذلك اليوم أو الذي يقرب منه.
وقال الحافظ ابن حجر بعد نقله قول الحاكم في (فتح الباري): (والحكمة في ذلك: أن طلوع الشمس من المغرب يغلق باب التوبة، فتخرج الدابة تميز المؤمن من الكافر تكميلًا للمقصود من إغلاق باب التوبة. ففى المسألة قولان، رجح الحافظ ابن حجر منهما أسبقية طلوع الشمس من مغربها)(1).
فالدابة إذن: مخلوق من خلق اللَّه تعالى، تخرج بأمره تعالى، وهى ذات قوائم ولا يعلم كنهها إلا اللَّه، ويكون خروجها مؤذنًا بوشوك القيامة، وهى ظاهرة غير مألوفة من قبل، معها عصا موسى وخاتم سليمان، تخرج على الناس في مكة، فتميز المؤمن بأن تسمه بالخاتم على جبهته وتضرب الكافر بالعصا على أنفه فتسمه بوسم الكفر، فيمسى الناس ويصبحوا بين مؤمن وكافر لا غير، إذ أن باب التوبة يكون موصدًا ساعة إذ، واللَّه أعلم.
2 -
عن بريدة رضي الله عنه: (ذهب بي رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم إلى موضع بالبادية قريب من مكة، فإذا أرض يابسة حولها رمل، فقال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: تخرج الدابة من هذا الموضع، فإذا شبر بشبر)(2).
(1) هامش التصريح بما تواتر في نزول المسيح تحقيق الشيخ أبي غدة.
(2)
أخرجه البخاري ومعنى شبر بشبر: أن مكان خروجها لا يزيد على شبر في شبر.