الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
3 -
وفي رواية مسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه: (ولكن سأحدثك عن أشراطها: إذا ولدت الأمة ربها، فذاك من أشراطها، وإذا كانت العراة الحفاة رؤوس الناس (1)، فذاك من أشراطها، وإذا تطاول رعاة البهم في البنيان، فذاك من أشراطها، في خمس لا يعلمهن إلا اللَّه، ثم تلا صلى الله عليه وسلم:{إِنَّ اللَّهَ عِنْدَهُ عِلْمُ السَّاعَةِ وَيُنَزِّلُ الْغَيْثَ وَيَعْلَمُ مَا فِي الْأَرْحَامِ} . . . إلى قوله: {إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ} (2).
واحد وعشرون: تسليم الخاصة (السلام على المعارف) وفشو التجارة، وقطع الأرحام، وشهادة الزور
1 -
عن طارق بن شهاب قال: كنا عند عبد اللَّه ابن مسعود جلوسًا، فجاء رجل فقال: قد أقيمت الصلاة، فقام وقمنا معه، فلما دخلنا المسجد رأينا الناس ركوعًا في مقدم المسجد، فكبر وركع وركعنا، ثم مشينا، وصنعنا مثل الذي صنع، فمر رجل يسرع فقال: عليك السلام يا أبا عبد الرحمن، فقال: صدق اللَّه ورسوله، فلما صلينا ورجعنا دخل أهله، فجلسنا، فقال بعضنا لبعض. أما سمعتم رده على الرجل: صدق اللَّه وبلغت رسله؟ أيكم يسأله؟ دقال طارق: أنا أسأله فسأله حين خرج، فذكر عن النبي صلى الله عليه وسلم:(أن بين يدي الساعة تسليم الخاصة وفشو التجارة حتى تعين المرأة زوجها على التجارة، وقطع الأرحام، وشهادة الزور، وكتمان شهادة الحق، وظهور القلم)(3).
(1) رؤوس الناس: ملوك الأرض.
(2)
مختصر صحيح مسلم: رقم 2.
(3)
السلسلة الصحيحة: 2/ 647.
إنما من علامات الساعة التي أخبر عنها المصطفى صلى الله عليه وسلم حيث يدع الناس تحية الإِسلام التي شرعها اللَّه ورسوله للمسلمين وجعلها سببًا للتآلف والمحبة بين أبناء المجتمع، وإذا تحول المجتمع إلى مادى بحت وصارت العلامات مبنية على المادة حسب فقد تودع من الدنيا، وإذا أشير على الرجل وأثنى عليه وما في قلبه مثقال حبة من خردل من إيمان، فقد عمت الفوضى وانحسرت الأخلاق وولت القيم، وعند ذلك يكون السلام متداولًا بين المعارف فقط فلا يسلم المسلم على أخيه المسلم إلا إذا عرفه وإلا فلا!! فأساس المعرفة على المادة والعلاقة التجارية المادية، فتقطع الأرحام التي أمر اللَّه ورسوله أن توصل، وتكثر شهادة الزور لأن الورع والتقوى مفقود، وتؤكل أموال الناس بالباطل والإثم والعدوان، وتكتم شهادة الحق، ويزخرف الباطل ويدعى له عن طريق أرباب الغزو الفكرى حيث ينشروا أراجيفهم ومعتقداتهم الجاهلية ويزوقوا الباطل عن طريق الكتب والصحف المأجورة.
إنه واللَّه وصف نبوى دقيق لحالة مجتمعاتنا وما داهما من فتن ومحن تدع الحليم حيرانًا، فالناس قد هجروا تحية الإِسلام ونتج عن ذلك تقطع وشائج المحبة وتنافر القلوب، وانتشرت التجارة وتوسعت وأصبح هم الناس جمع أكبر قدر ممكن من المال، ولا يبالون إن كان حلالًا أم سحة حرامًا، ولم يكتف الرجال بذلك بل جلبوا معهم نسائهم وكلهم يلهث وراء جمع المال، ونظرًا للتنافس الشديد بين الناس مما يؤدى إلى التباغض والتحاسد، تجد الرجل يسافر لجمع المال فإذا جاء إلى ذويه وأقاربه ومعارفه قال: لم أربح شيئًا!!
2 -
قال صلى الله عليه وسلم: (وحتى يخرج الرجل مسألة إلى أطراف الأرض فيرجع فيقول: