الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
عبد اللَّه بن رواحة، فقاتل فقتل، رحم اللَّه عبد اللَّه، ثم أخذ اللواء خالد، ففتح اللَّه لخالد، فخالد سيف من سيوف اللَّه، فبكى أصحاب الرسول صلى الله عليه وسلم فقال: ما يبكيكم؟ قالوا: وما لنا لا نبكى وقد قتل خيرنا وأشرافنا وأهل الفضل منا!!
فقال: لا تبكوا فإنما مثل أمتى مثل حديقة قام عليها صاحبها، فاجثت زواكيها وهيأ مساكنها وحلق سعفها (1)، فأطعمت عامًا فوجًا ثم عامًا فوجًا فلعل آخرها طعمًا يكون أجودها قنوانًا وأطولها شمراخًا (2) والذى بعثنى بالحق نبيًا، ليجدن عيسى بن مريم في أمتى خلفاء من حوارييه) (3).
15 -
قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: (لو لم يبق من الدنيا إلا يوم لطوله اللَّه عز وجل حتى يملك رجل من أهل بيتى جبل الديلم والقسطنطينية مدينة الروم وتفتح عند خروج الدجال)(4). وسيأتى عنها الكلام لاحقًا.
سادسًا: الطائفة المنصورة:
قال الشيخ الكشميري عند حديث: (لا تزال طائفة من أمتى ظاهرين حتى يأتي أمر اللَّه وهم ظاهرون). (أي: لا يخلو زمان إلا وتوجد فيه تلك
(1) اجتث: قطع زواكيها: زوائدها المعوقة لنموها. حلق سعفها: أزال أغصانها.
(2)
القنوان: جمع قنو وهو من النخيل كالعنقود الكبير من العنب، الشمراخ: الغصن عليه التمر قبل أن يصير رطبًا.
(3)
حوارييه: أنصاره وأحبابه، أخرجه الترمذي في (نوادر الأصول) في الدر المنثور ورواه أبو نعيم في كنز العمال وهو يتحد في المعنى مع ما في (المستدرك) من المغازى مصححًا فهو قوى إن شاء اللَّه عن تحقيق أبي غدة لكتاب (التصريح) للكشميرى.
(4)
رواه ابن ماجة عن أبي هريرة بسند صحيح، انظر التذكرة للقرطبي ج 2، قال القرطبي (القسطنطينية: مدينة الروم وتفتح عند خروج الدجال).
الطائفة على الحق، إلا أنهم يكثرون في كل زمان، ولا أنهم يغلبون على من سواهم. حتى أن غلبة الدين في زمن عيسى عليه الصلاة والسلام عندى كما ليس اشتهر على الألسنة، بك الموعود هو الغلبة، حيث يظهر عليه الصلاة والسلام وفيما حواليه، أما فيما وراء ذلك فلم يتعرض إليه الحديث، والمعلومات كلها واردة في البلاد التي يظهر فيها، ولا تتجاوز فيما وراءها، وإنما هو من بداهة الوهم والسبق إلى ما اشتهر بين الأنام) (1) ولعل حديث النبي صلى الله عليه وسلم القائل:(تقوم الساعة والروم أكثر الناس. . .)(2) يعضد هذا الرأى، إذ أن عيسى عليه الصلاة والسلام يسيطر على رقعة معينة من الأرض، لا كل الأرض، وتكون الشام مسرحًا للعمليات الجهادية التي تحدث بينه وبين مناوئيه وأولهم الدجال وتكون دمشق ثم القدس عاصمة له على أن نفوذ الروم ينحسر انحسارًا كبيرًا ويضعف ويسلم كثير منهم وسيأتى الكلام عن هذا خلال فصل الملاحم لاحقًا.
• وقال الإمام النووي في بيان هذه الطائفة المنصورة:
(يجوز أن تكون هذه الطائفة جماعة متعددة من أنواع المؤمنين، ما بين شجاع وبصير بالحرب وفقيه ومحدث ومفسر، وقائم بالأمر بالمعروف والنهى عن المنكر، وزاهد وعابد.
ولا يلزم أن يكونوا مجتمعين في بلد واحد، بل يجوز اجتماعهم في قطر واحد،،، وافتراقهم في أقطار الأرض، ويجوز اجتماعهم في البلد الواحد، وأن يكونوا في بعض منه دون بعض، ويجوز إخلاء الأرض كلها من بعضهم
(1) فيض الباري للشيخ الكشميري، انظر هامش التصريح فيما تواتر في نزول المسيح للشيخ الكشميري بتحقيق أبي غدة.
(2)
رواه مسلم.
أولًا فأولًا، إلى أن لا يبقى إلا فرقة واحدة ببلد واحد، فإذا انقرضوا جاء أمر اللَّه) (1).
قال ابن حجر في الفتح: (قال ابن المدينى: هم أصحاب الحديث، ثم قال: واخرج الحاكم في علوم الحديث بسند صحيح عن أحمد: إن لم يكونوا أهل الحديث فلا أدرى من هم)(2).
وقد أورد الإمام البخارى قول النبي صلى الله عليه وسلم: (لا تزال طائفة من أمتى ظاهرين على الحق وهم أهل العلم).
وكذلك أورد الإمام البخارى في صحيحه قول النبي صلى الله عليه وسلم:) (لا تزال طائفة من أمتى ظاهرين حتى يأتيهم أمر اللَّه وهم ظاهرون).
قال ابن حجر معلفا على هذا الحديث: (حتى يأتيهم أمر اللَّه وهم ظاهرون)
(أي على من خالفهم أي غالبون، أو المراد بالظهور أنهم غير مستترين بل مشهورين والأول أولى، وقد وقع عند مسلم من حديث جابر بن سمرة (لن يرح هذا الدين قائمًا تقاتل عليه عصبة من المسلمين حتى تقوم الساعة) وله في حديث عقبه بن عامر (لا تزال عصابة من أمتى يقاتلون على أمر اللَّه قاهرين لعدوهم لا يضرهم من خالفهم حتى تأتيهم الساعة). . .
ثم قال ابن حجر: (إن شرار الناس الذين تقوم عليهم الساعة يكونون بموضع مخصوص، وأن موضعًا آخر يكون به طائفة يقاتلون على الحق لا يضرهم من خالفهم، (قيل يا رسول اللَّه وأين هم؟
(1) ذكره ابن حجر العسقلانى في فتح الباري ج 13 كتاب الفتن.
(2)
المصدر السابق.
قال: ببيت المقدس) (1).
هذا وقد وردت أحاديث كثيرة بمعنى واحد كلها تشير إلى بقاء الطائفة، المنصورة التي لا يضرها من خالفها، وتنتصر على من يتصدى لها، ويقاتل أفرادها الدجال وهم ظاهرون على الحق وإلى أن تقوم الساعة. ولا داعى إلى سردها كلها وهى أحاديث صحيحة.
* * *
(1) المصدر السابق ج 13 باب الاعتصام بالكتاب والسنة.