الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وهو من علامات الساعة الصغرى ودليل ذلك ما ورد عن عوف بن مالك رضي الله عنه قال: أتيت النبي صلى الله عليه وسلم في غزوة تبوك وهو في قبة من أدم، فقال:
"أعدد ستًا بين يدي الساعة: موتى، ثم فتح بيت المقدس، ثم موتان يأخذ فيكم كعقاص الغنم، ثم إستفاضة المال. . ."(1).
وكذلك إخباره صلى الله عليه وسلم عن الموتان الذي يصيب المسلمين والموتان: بضم الميم وسكون الواو هو الموت الكثير الوقوع، والعقاص: بضم العين وتخفيف القاف. . . وهو: داء يأخذ الدواب فيسيل من أنوفها شيء فتموت فجأة، وقال بن فارس كما ذكره الحافظ في الفتح: العقاص داء يأخذ في الصدر كأنه يكسر العنق (2).
وقد حدث هذا المرض وهو وباء الطاعون (الكوليرا) في خلافة سيدنا عمر بن الخطاب رضي الله عنه ومات فيه كثير من صحابة رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم ورضي اللَّه عنهم وممن مات فيه أمين هذه الأمة أبو عبيدة عامر بن الجراح وكان في بلدة عمواسًا من تخوم الشام وهي في فلسطين وكان ذلك في السنة الثامنة عشر للهجرة وبعد فتح بيت المقدس كما أشار الحديث النبوى السالف.
خامسًا: استفاضة المال وإخراج الأرض كنوزها
1 -
عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم-قال: ". . . وحتى يكثر فيكم المال فيفيض حتى يهم رب المال (3) من يقبل صدقته، حتى يعرضه فيقول الذي عرض عليه: لا أرب لي فيه. . . "(4) أي: لا حاجة لي بهذا المال.
(1) سبق تخرجه
(2)
انظر فتح الباري 6/ 278
(3)
"يهم رب المال": يصيبه الحزن لعدم وجود من يأخذ صدقته
(4)
رواه البخاري: 8/ 100 ومسلم مختصرًا برقم 157.
2 -
روى أحمد والشيخان والنسائي عن حارثة بن وهب؛ قال: سمعت رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم يقول: "تصدقوا؛ فسيأتى عليكم زمان يمشي الرجل بصدقته، فيقول الذي يأتيه بها: لو جئت بالأمس؛ لقبلتها، فأما الأن؛ فلا حاجة لي فيها، فلا يجد من يقبلها"(1).
3 -
روى الشيخان عن أبي موسى رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:
"ليأتين على الناس زمان يطوف الرجل فيه بالصدقة من الذهب، ثم لا يجد أحدًا يأخذها منه، ويرى الرجل الواحد يتبعه أربعون أمرأة يلذن به من قلة الرجال وكثرة النساء"(2).
لقد تحقق الرخاء الإقتصادي في زمن الخليفة الراشد عثمان بن عفان وذلك بسب ما فتح اللَّه عليهم من البلدان وعم الخير والرخاء وكذلك حدث بعد ذلك أيام الخليفة عمر بن عبد العزيز وكان الرجل يخرج زكاة ماله فلا يجد من يأخذها فعلًا ولكن كل هذا لم يكن إلى المستوى الذي أشارت إليه الأحاديث النبوية ولا أظن ذلك يكون إلا أيام المهدي وخروج الدجال ونزول عيسى بن مريم حيث ينشغل الناس عن المال وتكون الساعة قد أصبحت قريبة منهم واللَّه أعلم.
قال الحافظ في (الفتح):
(يقع ذلك في الزمان الذي يستغنى فيه الناس عن المال: إما لاشتغال كل منهم بنفسه عن طرق الفتنة، فلا يلوى على الأهل، فضلًا عن المال، وذلك في زمن الدجال، وإما بحصول الأمن المفرط والعدل البالغ، بحيث يستغنى كل أحد بما عنده عما في يد غيره، وذلك في زمن المهدي وعيسى بن مريم،
(1) صحيح الجامع: 2947
(2)
صحيح الجامع: 5221.
وإما عند خروج النار التي تسوقهم إلى المحشر، فيعز حينئذ الظهر، وتباع الحديقة بالبعير الواحد، ولا يلتفت أحد إلى ما يثقله من المال، بل يقصد نجاة نفسه ومن يقدر عليه من ولده وأهله، وهذا أظهر الاحتمالات) (1).
وقال الحافظ في الفتح مشيرًا إلى حديث أبي هريرة قوله: (وحتى يكثر فيكم المال فيفيض)، يشعر أنه محمول على زمن الصحابة، فيكون إشارة إلى ما وقع من الفتوح، وإقتسامهم أموال الفرس والروم، ويكون قوله:(فيفيض حتى يهم رب المال) إشارة إلى ما وقع في زمن عمر بن عبد العزيز، فقد وقع في زمنه أن الرجل كان يعرض ماله للصدقة، فلا يجد من يقبل صدقته، ويكون قوله:(وحتى يعرضه فيقول الذي يعرضه عليه: لا إرب لي به)، إشارة إلى ما سيقع في زمن عيسى بم مريم -فيكون- في الحديث إشارة ثلاثة أحوال:
الأولى: إلى كثرة المال فقط، وقد كان ذلك في زمن الصحابة، ومن ثم قيل فيه:(يكثر فيكم).
الثانية: الإشارة إلى فيضة من الكثرة، بحيث أن يحصل إستغناء كل أحد عن أخذ مال غيرها، وكان ذلك لي آخر عصر الصحابة وأول عصر من بعدهم ومن ثم قيل:(يهم رب المال)، وذلك ينطبق على ما وقع في زمن عمر بن عبد العزيز.
الثالثة: الإشارة إلى فيضه وحصول الاستغناء ولكل أحد حتى يهتم صاحب المال بكونه لا يجد من يقبل صدقته، ويزداد بأنه يعرضه على غيره، ولو كان ممن يستحق فيأبى أخذه، فيقول: لا حاجة لي فيه، وهذا في زمن
(1) فتح الباري: 13/ 82.