الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
مع متاعى، فقلت: إن الحر شديد، فلو وضعته تلك الشجرة قال ففعل، قال: فرفعت لنا غنم، فانطلق فجاء بعس (1) فقال: اشرب أبا سعيد!! فقلت إن الحر شديد واللبن حار.
ما بي إلا أنى أكره أن أشرب عن يده -فقال: أبا سعيد، لقد هممت أن آخذ حبلًا فأعلقه بشجرة ثم اختنق مما يقول لي الناس، يا أبا سعيد: من خفى عليه حديث رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم ما خفى عليكم معشر الأنصار، ألست من أعلم الناس بحديث رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم؟
أليس قد قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم هو عقيم (2) لا يولد له وقد تركت ولدى بالمدينة؟ أو ليس قد قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: لا يدخل المدينة ولا مكة، وقد أقبلت من المدينة وأنا أريد مكة؟؟
قال أبو سعيد الخدري: حتى كدت أعذره، ثم قال: أما واللَّه إني لأعرفه (3) وأعرف مولده وأين هو الآن.
قال: قلت له: تبًا لك سائر اليوم (4)(5).
ثالثًا: أقوال العلماء في ابن صياد
1 -
قال القرطبي في التذكرة: (والصحيح أن ابن صياد هو الدجال بدلالة ما تقدم من أدلة)(6).
(1) العس: القدح.
(2)
وهو عقيم: أي الدجال الأكبر لا يولد له ولد.
(3)
أنى لا أعرفه: أي أعرف الدجال الأكبر ومولده وأين يكمن الأن.
(4)
تبًا لك سائر اليوم: دعاء على ابن صياد أي خسرانًا لك سائر اليوم.
(5)
رواه مسلم برقم: 2927.
(6)
التذكرة للقرطبي: ج 2.
2 -
قال الحافظ في الفتح: (وأقرب ما يجمع به بين ما تضمنه حديث تميم الدارى، وكون ابن صياد هو الدجال، إن الدجال بعينه هو الذي شاهده تميم موثقًا، وأن ابن صياد شيطان تبدى في صورة الدجال في تلك المدة إلى أن توجه إلى أصبهان فأستتر مع قرينه إلى أن تجئ المدة التي قدر اللَّه تعالى خروجه فيها)(1).
3 -
قال النووي في شرح مسلم: (قال العلماء: وقصته مشكلة، وأمره مشتبه في أنه هل هو المسيح الدجال المشهور أم غيره، ولا شك في أنه دجال من الدجاجلة.
قال العلماء: وظاهر الأحاديث أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يوح إليه بأنه المسيح الدجال ولا غيره، وإنما أوحى إليه بصفات الدجال، وكان في ابن صياد قرائن محتملة فلذلك كان النبي صلى الله عليه وسلم لا يقطع بأنه الدجال ولا غيره، ولهذا قال لعمر بن الخطاب رضي الله عنه:(إن لم يكن هو فلن تستطيع قتله).
وإما إحتجاجه هو بأنه مسلم لي الدجال كافر، بأنه لا يولد للدجال وقد ولد له هو، وإنه لا يدخل مكة والمدينة وأن ابن صياد قد دخل المدينة وهو متوجه إلى مكة، فلا دلالة له فيه، لأن النبي صلى الله عليه وسلم إما أخبر عن صفاته وقت فتنته وخروجه في الأرض.
وفى اشتباه قصته وكونه أحد الدجاجلة الكذابين قوله للنبى صلى الله عليه وسلم: (أتشهد أنى رسول اللَّه)، ودعواه أن يأتيه صادق وكاذب، وأنه يرى عرشًا فوق الماء، وأنه لا يكره أن يكون هو الدجال، وأنه يعرف موضعه وقوله: إني لأعرفه وأعرف مولده وأين هو الآن، وانتفاضة حتى ملأ السكة.
(1) فتح الباري لابن حجر: 13/ 328.
وأما إظهار الإسلام وحجة جهاده، وإقلاعه عما كان عليه فليس بصريح في أنه غير الدجال) (1).
4 -
قال ابن كثير في النهاية: (قال بعض العلماء: إن ابن صياد كان بعض الصحابة يظنه الدجال وهو ليس به، وإنما كان رجلًا صغيرًا. . . ثم قال: والمقصود إن ابن صياد ليس بالدجال الذي يخرج في آخر الزمان قطعًا وذلك لحديث فاطمة بنت قيس الفهرية، فإنه فيصل في هذا المقام واللَّه أعلم)(2).
* * *
(1) شرح مسلم للنووي: 18/ 46 وما بعدها.
(2)
النهاية في الفتن والملاحم: 1/ 107 وما بعدها.