الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ثالثًا: أسئلة حول الدجال
؟
1 -
كيف تظهر الخوارق على يديه مع أنه كذاب؟
قال الحافظ ابن حجر: (قال الخطابي: فإن قيل: كيف يجوز أن يجرى اللَّه الآية على يد الكافر؟
فإن إحياء الموتى آية عظيمة من آيات الأنبياء، فكيف ينالها الدجال وهو كذاب مفتر يدعى الربوبية؟
فالجواب: أنه على سبيل الفتنة للعباد، إذ كان عندهم ما يدل على أنه مبطل غير محق في دعواه، وهو أنه أعور مكتوب على جبينه: كافر، يقرأه كل مسلم، فدعواه داحضة مع وسم الكفر، ونقص الذات والقدر إذ لو كان إلهًا لأزال ذلك عن وجهه، وآيات الأنبياء سالمة من المعارضة فلا يشتبهان) ثم قال الحافظ بن حجر بعد كلام الخطابى هذا:(وفى الدجال دلالة بينة -لمن عقل- على كذبه، لأنه ذو أجزاء مؤلفة، وتأثير الصفة فيه ظاهر، مع ظهور الآفة به من عور عينه أي عيبها- فإذا دعا الناس إلى أنه ربهم، فأسوأ حال من يراه من ذوى العقول أن يعلم أنه لم يكن ليسوى خلق غيره ويعد له ويحسنه ولا يدفع النقص عن نفسه فأقل ما يجب أن يقول: يا من يزعم أنه خالق السماء والأرض، صور نفسك وعدلها، وأزل عنها العاهة. .، فإن زعمت أن الرب لا يحدث في نفسه شيئًا فأَزِلْ ما هو مكتوب بين عينيك).
ثم قال الحافظ بن حجر رحمه اللَّه تعالى: (وقال القاضي عياض: في هذه الأحاديث حجة لأهل السنة، في صحة وجود الدجال، وأنه شخص معين، يبتلى اللَّه به العباد ويقدره على الأشياء كإحياء الميت الذي يقتله، وظهور الخصب والأنهار والجنّة والنار، واتباع كنوز الأرض له فتنبت، وكل ذلك
بمشيئة اللَّه تعالى، ثم يعجزه اللَّه فلا يقدر على قتل ذلك الرجل ولا غيره، ثم يبطل أمره، ويقتله عيسى بن مريم عليه الصلاة والسلام.
وقال الشيخ أبو بكر بن العربي: (الذي يظهر على يد الدجال من الآيات، من إنزل المطر والخصب على من يصدقه، والجدب على من يكذبه، واتباع كنوز الأرض له، وما معه من جنة ونار، ومياه تجرى، كل ذلك محنة من اللَّه وإختبار، ليهلك المرتاب، وينجو المتقين، وذلك كله أمر مخوف، ولهذا قال صلى الله عليه وسلم: لفتنة أعظم من فتنة الدجال، وكان صلى الله عليه وسلم يستعيذ منها في صلاته تشريعًا لأمته صلى الله عليه وسلم).
وقال الحافظ ابن حجر كثير رحمه اللَّه تعالى في تفسيره قوله تعالى في سورة البقرة: {وَإِذْ قُلْنَا لِلْمَلَائِكَةِ اسْجُدُوا لِآدَمَ فَسَجَدُوا إِلَّا إِبْلِيسَ أَبَى وَاسْتَكْبَرَ وَكَانَ مِنَ الْكَافِرِينَ} قال القرطبي في تفسيره: قال علماؤنا: من اظهر اللَّه على يده -من ليس بنبى- كرامات وخوارق العادات فليس ذلك دالًا على ولايته، خلافًا لبعض الصوفية والرافضة، هذا لفظه، ثم استدرك على ما قال بأنها تقطع بهذا الذي جرى الخارق على يديه أنه يوافى اللَّه تعالى بالإيمان، وهو لا يقطع بنفسه لذلك، يعنى والوالي يقطع له بذلك الأمر.
قلت: أي ابن كثير -وقد استدل بعضهم على ان الخارق قد يكون على غير الولى، بل قد يكون على يد الفاجر والكافر أيضًا بما ثبت عن ابن الصياد أنه قال: هو الدخان، حين خبأ له رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم:{فَارْتَقِبْ يَوْمَ تَأْتِي السَّمَاءُ بِدُخَانٍ مُبِينٍ} وبما كان يصدر عنه أنه كان يملأ الطريق إذا غضب حتى ضربه عبد اللَّه بن عمر، وبما يثبت به الأحاديث عن الدجال.
بما يكون على يديه من الخوارق الكثيرة من أنه يأمر السماء أن تمطر،
والأرض أن تنبت فتنبت، وتتبعه كنوز الأرض مثل اليعاسب، وأن يقتل ذلك الشاب ثم يحييه إلى غير ذلك من الأمور المهولة.
قال يونس عبد الأعلى الصدفى: قلت للشافعى: كان الليث بن سعد يقول: إذا رأيتم الرجل يمشى على الماء، فلا تغتروا به حتى تعرضوا أمره على الكتاب والسنة. فقال الشافعي: قصر الليث رحمه الله، بل إذا رأيتم الرجل يمشى على الماء، ويطير في الهواء فلا تغتروا به، حتى تعرضوا أمره على الكتاب والسنة) (1).
2 -
لماذا لم يذكر في القرآن الكريم مع أنه أعظم فتنة، وحذر منه الأنبياء كلهم؟
قال ابن كثير: الجواب من وجوه:
أ- وأنه اشير إلى ذكره في قوله تعالى {يَوْمَ يَأْتِي بَعْضُ آيَاتِ رَبِّكَ لَا يَنْفَعُ نَفْسًا إِيمَانُهَا لَمْ تَكُنْ آمَنَتْ مِنْ قَبْلُ أَوْ كَسَبَتْ في إِيمَانِهَا خَيْرًا} [الأنعام: 158].
وهذه الآيات فسرتها السنة الشريفة فقال النبي صلى الله عليه وسلم: (ثلاث إذا خرجن لا ينفع نفسًا إيمانها لم تكن آمنت من قبل أو كسبت في إيمانها خيرًا، الدجال، والدابة، وطلوع الشمس من المغرب أو من مغربها) رواه الترمذي.
ب - ولم يذكر بصريح اسمه في القرآن احتقارًا له، حيث يدعو الألوهية، وأمره عند الرب أحقر من أن يذكر، وأصغر وأدحر من أن يحكى على أمر دعواه.
فإن قلت: فقد ذكر فرعون في القرآن وقد ادعى ما ادعاه من الكذب والبهتان حيث قال: (أنا ربكم الأعلى) فالجواب: أن أمر فرعون قد انقضى
(1) انظر التصريح فيما تواتر في نزول المسيح للكشميرى بتحقيق الشيخ أبي غدة.