الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فيها هم المنافقون الذين لا يعرفون من الإِسلام إلا اسمه ولا من المصحف إلا رسمه، وهذه حالة نشهدها ونعيشها كما أخبر النبي صلى الله عليه وسلم، أن كثيرًا ممن ينتسبون إلى الإِسلام في شهادة الميلاد لا يدخلون المساجد أحيانًا إلا للمناسبات أو يدخلونها وهم موتى محمولين على النعش ليصلوا عليهم!! وقد كانوا في حياتهم زاهدين في المساجد التي هي للمسلم كالماء للسمك، ولا يدخلونها كى يصلوا فيها وإنما يدخلونها مرورًا بها لقضاء حاجة، يتخذونها طرقًا لهم!!
ثلاثة وعشرون: زخرفة المساجد والتباهى بها
1 -
روى أحمد وأبو داوود والنسائي وابن خزيمة عن أنس رضي الله عنه قال: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (إن من أشراط الساعة أن يتباهى الناس في المساجد)(1).
2 -
وفي رواية: (لا تقوم الساعة حتى يتباهى الناس في المساجد)(2).
من علامات الساعة التي أخبر عنها رسول صلى الله عليه وسلم ما نراه في الوقت الراهن الذي نعيشه ألا وهو زخرفة المساجد والتباهى في بنائها والمبالغة في تزيينها مضاهاة لأعداء اللَّه اليهود والنصارى.
إن اليهود والنصارى عندما حرفوا دينهم وبدلوا عقيدتهم وكتموا الحق الذي أخذ اللَّه عليهم العهد أن يبينوه للناس ولا يكتمونه، وصدقوا الناس عن الهدى، أخذوا بالتعتيم على أكلهم السحت واتباعهم غواية الشيطان، فأمعنوا المضاهاة بتشييد بيعهم وكنائسهم وزوقوها أنهم ما بنوها على تقوى اللَّه ولا حبًا بالحق واتباعه.
(1) صحيح الجامع: رقم 5771.
(2)
صحيح الجامع: رقم 7298.
وفي وقتنا الحاضر تسللت هذه العادة السيئة إلى المسلمين عن طريق التقليد الأعمى لأعداء الإِسلام، ونظرًا لانحسار المفاهيم الصحيحة عند المسلمين، وانتشار البدع التي ما أنزل اللَّه بها من سلطان، طغت هذه العادة السيئة على عموم مساجدنا، فأنَّى اتجهت في رحاب المجتمعات الإِسلامية تجد الزخارف والنقوش والقباب المزركش والثريات البراقة والقناديل المذهبة والمفضضة.
لقد كان الإنسان المسلم يهرب من زخارف الدنيا ليضئ إلى رحاب الآخرة في المساجد، بها التواضع والبساطة وإذابة الآن يجد المساجد تعج بالزينة والترف وإبراز زخرف الحياة الدنيا.
قال الصحابي الجليل أبو الرداء رضي الله عنه: (إذا حليتم مصاحفكم، وزخرفتم مساجدكم، فالدمار عليكم).
لقد صدق واللَّه هذا الصحابي الجليل، فلقد حلينا مصاحفنا وزخرفنا مساجدنا، وقتلنا روح الجهاد في نفوسنا وفي نفوس الناشئة، فحل بنا الدمار والتصق بنا العار، وبعنا أخرانا بدنيانا، وسلمنا زمام أمورنا لأعداء ديننا، فحرفت العقائد، وراجت بضاعة الشياطين، واستولى أرباب الغزو الفكرى على أغلب مجتمعاتنا، وفرضوا القومية ونادوا بالعلمانية، ووأدوا الصحوة الإِسلامية، لقد حولوا المساجد إلى أبواق تلهج بباطلهم وصرفوها عن مهمتها الحقيقية ألا وهي عبادة اللَّه وحده وتربية الأجيال المسلمة على مفهوم (لا إله إلا اللَّه محمد رسول اللَّه) والولاء للمؤمنين والبراء من المشركين.
وانظر أخي المسلم إلى واقع مساجدنا الآن، وإلى واقع مساجد المسلمين أيام سالف عزهم ومجدهم، انظر إلى واقع المسلمين عندما كانت مساجدهم عامرة بذكر اللَّه يجللها التواضع والبساطة والترفع عن زينة الدنيا، وانظر إلى
واقع مساجدنا وواقعنا وكيف أصبحنا، مضاعة مقدساتنا بيد يهود وأذنابهم.
لقد كانت مساجد المسلمين مبنية باللبن وسقوفها الجريد وعمدها خشب النخل، وأرضها الحصباء والتراب، ففتحوا البلاد وهدموا العروش الكافرة الظالمة، ودانت لهم الأمم والشعوب بأسرها، وانظر إلى مساجدنا التي تنعم بالكبرياء والبهارج والنقوش والزخرفة والثريات والتذهيب والتفضيض، وكيف أصبح حالنا، لقد أصبحنا أيتامًا على موائد اللئام وأبناء الغرب وتلاميذهم من الحاقدين على أمتنا وديننا وعقيدتنا، وأصبح اليهود الذين هم أقذر جنس بشرى يقتلون أبنائنا على مرآى ومسمع من كل الدنيا ولا أحد يجيب ولا حول ولا قوة إلا باللَّه.
دعوة صادقة إلى الموسرين
وبهذه المناسبة اغتنم هذه الفرصة لأشير إلى حالة سلبية خطيرة تعيشها أغلب المجتمعات الإِسلامية، وهي دعوة صادقة أضعها أمام الموسرين الذين أفاء اللَّه عليهم من بركاته وأرزاقه: يبذل أغلب الأغنياء الأموال الطائلة على بناء المساجد وزخرفتها ويجلب لهذه المساجد أفخر البسط وأبهى الرخام وأثمن الثريات. . . إلخ.
وهناك آلاف من الأكباد الجائعة والبطون الخاوية التي عضها الجوع وذلها الفقر والحاجة، وهم ينؤون تحت وطأة تحمل أعباء أسر وأطفال وشيوخ وعجائز ومرضى. . . إلخ هم بأمس الحاجة إلى هذه الأموال فضلًا عن أن تصرف على التباهى في تزويق المساجد وزخرفتها من أجل السمعة الزائغة والرياء البغيض.
(إن الأكباد الجائعة أولى من بناء البيت الحرام) هذه العبارة أكتبها