الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وقد جاء في معنى (الدهيماء) أنها الداهية (قيل لها ذلك لإظلامها) ولا شك أن هذه الفتنة مظلمة لالتباس الأمور منها على الناس حتى غدا الحليم فيها حيرانًا. ويمكن أن تكون (الدهيماء) هي تصغير (الدهماء) وهم جماعة الناس، وهو تصغير للتحقير، ويكون المقصود به وصف الفتنة بأنها فتنة العوام والرعاع.
وقد وردت عدة أحاديث تشير إلى هذا المعنى، فمن هذه الأحاديث قوله صلى الله عليه وسلم في أمارات الساعة:(أن تلد الأمة ربتها، وأن ترى الحفاة العراة العالة رعاء الشاء يتطاولون في البنيان) وفى رواية (إذا رأيت الحفاة العراة الصم البكم ملوك الأرض فذاك من أشراطها)(1).
تاسعًا: ظهور الدعاة على أبواب جهنم
1 -
عن حذيفة بن اليمان رضي الله عنه قال:
(كان الناس يسألون رسول اللَّه عن الخير وكنت أسأله عن الشر مخافة أن يدركني، فقلت يا رسول اللَّه: إنا كنا في جاهلية وشر، فجاءنا اللَّه بهذا الخير، فهل بعد هذا الخير من شر؟ قال: نعم: قلت: وهل بعد ذلك الشر من خير؟؟ قال: نعم وفيه دخن (2) قلت: وما دخنه؟ قال: قوم يستهدون بغير هدى، تعرف منهم وتنكر.
قلت: فهل بعد ذلك الخير من شر؟ قال: نعم دعاة على أبواب جهنم من أجابهم إليها قذفوه فيها. قلت: يا رسول اللَّه: صفهم لنا.
قال: هم من جلدتنا، ويتكلمون بألسنتنا.
(1) انظر فتنة المسيح الدجال ومقدماتها: زاهد يحيى الزرقي صـ 34.
(2)
وفيه دخن: أي خير غير خالص.
قلت: فما تأمرنى إن أدركني ذلك؟
قال: تلزم جماعة المسلمين وإمامهم.
قلت: فإن لم يكن لهم إمام ولا جماعة؟
قال: فاعتزل الفرق كلها، ولو أن تعض بأصل الشجرة حتى يدركك الموت وأنت على ذلك (1).
2 -
وفى رواية أبي داود:
(قال. أن كان للَّه خليفة في الأرض، فضرب ظهرك وأخذ مالك، فأطعه، وإلا وأنت عاض بجذل شجرة.
قلت: ثم ماذا؟
قال: ثم يخرج الدجال. . .) (2).
3 -
رواية أخرى: عن حذيفة رضي الله عنه قال:
(إن أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم كانوا يسألون عن الخير، وكنت أسأله عن الشر مخافة أن أدركه، وإنى بينما أنا مع رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم ذات يوم قلت: يا رسول اللَّه: أرأيت (3) هذا الخير الذي أعطانا اللَّه (4). هل بعده من شر كما كان قبله شر؟
قال: نعم
قلت: فما العصمة منه؟
قال: السيف (5).
(1) رواه الشيخان وابن ماجه، انظر مشكاة المصابيح:5382.
(2)
رواه أبو داود وأحمد والحاكم وقال: صحيح الإسناد ووافقه الذهبي.
(3)
أرأيت: أخبرني.
(4)
أعطانا اللَّه: يعني الإسلام.
(5)
السيف: أي تحصل العصمة باستعمال السيف وهو الجهاد.
قلت: وهل للسيف من بقية (1)؟
قال: هدنة على دخن (2)
قلت: يا رسول اللَّه: ما بعد الهدنة؟
قال: دعاة للضلالة (3)، فإن لقيت للَّه يومئذٍ خليفة في الأرض فالزمه، وإن أخذ مالك وضرب ظهرك، فإن لم يكن خليفة فاهربن في الأرض حد هربك (4)، حتى يدركك الموت وأنت عاض على أصل شجرة.
قلت: يا رسول اللَّه: فما بعد الضلالة؟
قال: خروج الدجال. . .) (5).
يشير النبي صلى الله عليه وسلم في هذه الأحاديث التي رويت عن الصحابي الجليل حذيفة بن اليمان رضي الله عنه إلى الشر الذي يكون بعد وفاة النبي صلى الله عليه وسلم، حيث قتل أمير المؤمنين عمر رضي الله عنه وفتح باب الفتن على مصراعيه من أوانه ثم مقتل أمير المؤمنين عثمان بن عفان رضي الله عنه، والحروب التي نشبت بين الصحابة رضوان اللَّه عليهم أجمعين في صفين والجمل وفتنة الخوارج ودعوتهم الباطلة ثم مقتل أمير المؤمنين علي بن أبي طالب رضي الله عنه وتولى الحكم من قبل الغلمان الجائرين
(1) هل للسيف من بقية: أي هل يبقى استعمال السيف بقية في الناس؟
(2)
هدنة على دخن: صلح على فساد وحقد في النفوس.
(3)
وفى رواية البخاري السابقة (دعاة على أبواب جهنم) أي: يدعون إلى الكفر البواح الذي يخرجهم من الإسلام ويكون مصيرهم جهنم.
(4)
حد هربك: أي منتهى هربك وأقصى ما تستطيع من البعد عن الفتنة وأهلها.
(5)
قال الشيخ عبد الفتاح أبو غدة في تحقيقه لكتاب (التصريح بما تواتر في نزول المسيح للكشميرى): وأصل الحديث في صحيح البخاري وصحيح مسلم وعند أبي داود وابن ماجه والنسائي ورواه الحاكم في المستدرك مختصرًا في موضعين واستشهد الحافظ بن حجر في فتح الباري بجمل من حديث ابن أبي شيبة فهو حديث صحيح أو حسن عنده.