الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ثالثًا: الدخان
قال تعالى: {فَارْتَقِبْ يَوْمَ تَأْتِي السَّمَاءُ بِدُخَانٍ مُبِينٍ (10) يَغْشَى النَّاسَ هَذَا عَذَابٌ أَلِيمٌ (11) رَبَّنَا اكْشِفْ عَنَّا الْعَذَابَ إِنَّا مُؤْمِنُونَ (12)} [الدخان: 10].
قال ابن كثير في تفسير هذه الآيات: (فيه دلالة ظاهرة على أن الدخان من الآيات المنتظرة، مع أنه ظاهر القرآن، قال تعالى: {فَارْتَقِبْ يَوْمَ تَأْتِي السَّمَاءُ بِدُخَانٍ مُبِينٍ (10)} أي بين واضح يراه كل أحد (يغشى الناس) أي يتغشاهم ويعمهم (هذا عذاب أليم) أي يقال لهم ذلك تقريعًا وتوبيخًا، أو يقول ذلك بعضهم لبعض {رَبَّنَا اكْشِفْ عَنَّا الْعَذَابَ إِنَّا مُؤْمِنُونَ (12)} أي يقول الكافرون ذلك إذا عاينوا عذاب اللَّه وعقابه سائلين رفعه وكشفه عنهم كقوله جلت عظمته {وَلَوْ تَرَى إِذْ وُقِفُوا عَلَى النَّارِ فَقَالُوا يَالَيْتَنَا نُرَدُّ وَلَا نُكَذِّبَ بِآيَاتِ رَبِّنَا وَنَكُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ} .
قال بعض المفسرين: (لم يمض الدخان بعد، بل هو من أمارات الساعة، كما ورد في حديث أبي سريحة، حذيفة ابن اسيد الغفارى رضي الله عنه قال: اشرف علينا رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم من عرفة ونحن نتذاكر الساعة فقال صلى الله عليه وسلم: (لا تقوم الساعة حتى تروا عشر آيات (1): طلوع الشمس من مغربها، والدخان والدابة وخروج يأجوج ومأجوج وخروج عيسى ابن مريم والدجال وثلاثة خسوف، خسف بالمشرق وخسف بالمغرب وخسف بجزيرة العرب، ونار من قعر عدن تسوق الناس -تحشر الناس- تبيت معهم حيث باتوا، وتقيل معهم حيث قالوا) (2)
(1) الآيات: علامات وقد جاءت العلامات العشر هنا معطوفًا بينها بالواو والواو لمطلق الجمع فلا تفيد أنها ستقع بالترتيب المذكور هنا.
(2)
أخرجه مسلم.
وقد نقل الحافظ ابن حجر في (فتح الباري) عن الإمام الطيبى رحمه الله قوله: (وهذه الآيات، إمارات وعلامات للساعة إما على قربها وإما على حصولها وقيامها، فمن أمارات قربها: الدجال، ونزول عيسى عليه السلام، ويأجوج ومأجوج والخسف، ومن أمارات قيامها: الدخان وطلوع الشمس من مغربها وخروج الدابة، والنار التي تحشر الناس).
قال ابن كثير في (تفسيره): (عن عبد اللَّه بن عمر رضي الله عنهما يخرج الدخان فيأخذ المؤمن كهيئة الزكام، ويدخل في مسامع الكافر والمنافق حتى يكون كالرأس الحنيذ أي كالرأس المشوى على الجمر) رواه بن جرير في تفسيره.
ثم قال (ابن كثير): (وقد جاء تفسير (الدخان) بهذا المعنى عن عدد من أجلاء الصحابة رفعه بعضهم إلى رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم كأبي سعيد الخدري وأبي مالك الأشعرى رضي الله عنهما ووقفه بعضهم كعلي بن أبي طالب وعبد اللَّه ابن عباس رضي الله عنهما.
قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم لابن صياد: (إني خبأت لك، قال: هو الدخ فقال صلى الله عليه وسلم له اخسأ فلن تعدو قدرك، قال: وخبأ له رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: {فَارْتَقِبْ يَوْمَ تَأْتِي السَّمَاءُ بِدُخَانٍ مُبِينٍ (10)} (1).
قال ابن كثير: (وهذا فيه إشعار بأنه من المنتظر المرتقب -الدخان- وابن صياد.
كاشف على طريقة الكهان بلسان الجان، وهم يقرظون العبارة، ولهذا قال: الدخ، يعنى الدخان، فعندها عرف رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم مادته وأنها شيطانية
(1) متفق عليه.