الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
كان حال الصحابه من بعده- يتدارسون موضوع الفتن ويستعيذون باللَّه منها تجنبًا لها وخوفًا على إيمانهم وإستقامتهم وحسن خاتمتهم، كما نرى من خلال الأحاديث النبوية وما فيها من حوار الرسول صلى الله عليه وسلم مع صحابته حول هذا الموضوع الذي أقلقهم وقض مضاجعهم. قال عبد اللَّه بن مسعود رضي الله عنه:(لا يقولن أحدكم: اللَّهم أننى أعوذ بك من الفتنة، فإنه ليس منكم أحد إلا وهو مشتمل على فتنة، لأن اللَّه تعالى يقول: {أَنَّمَا أَمْوَالُكُمْ وَأَوْلَادُكُمْ فِتْنَةٌ} [الأنفال: 28] فأيكم إستعاذ، فليستعذ باللَّه من مضلات الفتن)(1).
أولًا: حذيفة بن اليمان وأحاديث الفتن
1 -
قال حذيفة رضي الله عنه كاتم سر الرسول صلى الله عليه وسلم:
(واللَّه أنى لأعلم الناس بكل فتنة هي كائنة بينى وبين الساعة، وما بي (إلا) أن يكون الرسول اللَّه صلى الله عليه وسلم أسر إلى في ذلك شيئًا لم يحدثه غيري، ولكن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم قال يومًا وهو في مجلس يتحدث عن الفتن ويعدهن:
منها ثلاث لا يكدن يذرن شيئًا، ومنها فتن كرياح الصيف -منها صغار ومنها كبار، فيذهب أولئك الرهط الذي سمعوه معى كلهم غيرى) (2).
2 -
وفى رواية أخرى قال حذيفة رضي الله عنه:
(أخبرني رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم بما هو كائن إلى أن تقوم الساعة، فما منه شيء إلا قد سألته إلا أنى لم أسأله: ما يخرج أهل المدينة من المدينة)؟ (3)
3 -
وعن ابن الدرداء رضي الله عنه أنه قال لعلقمة: (أليس فيكم صاحب السر الذي لا
(1) تفسير ابن كثير سورة الأنفال قوله تعالى: {أَنَّمَا أَمْوَالُكُمْ وَأَوْلَادُكُمْ فِتْنَةٌ} . .
(2)
مختصر صحيح مسلم رقم: 1992.
(3)
مختصر صحيح مسلم رقم: 1995.
يعلمه غيره)؟ (1)
4 -
قال حذيفة بن اليمان رضي الله عنه: (كنا جلوسًا عند عمر بن الخطاب رضي الله عنه، فقال أيكم يحفظ قول رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم فيه الفتنة كما قال؟ فقلت: أنا أحفظه كما قال. . قال: أنت، للَّه أبوك! هات. إنك عليه لجرئ (2)، فكيف، قلت. فتنة الرجل فيه أهله وماله ونفسه وجاره تكفرها الصلاة والصيام والصدقة والأمر بالمعروف والنهى عن المنكر قال: ليس هذا ما أريد، إنما أمريد الفتنة التي تموج كموج البحر فقلت: مالك ولها؟ لا بأس عليك منها يا أمير المؤمنين، سمعت رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم يقول: تعرض الفتن على القلوب كالحصير عودًا عودًا، فأي قلب أشربها نكت فيه نكتة سوداء، وأي قلب أنكرها نكت فيه نكتة بيضاء حتى تصير -تلك القلوب- على قلبين (3)، أبيض مثل الصفا (4)، فلا تضره فتنة ما دامت السموات والأرض، والآخر أسودا (مربادًا)(5) كالكوز مجخيًا (6)، لا يعرف معروفًا ولا ينكر منكرًا (إلا ما اشرب هواه، وإن بينك وبينها -الفتنة- بابًا) يوشك أن يكسر.
فقال عمر: اكسرًا؟ فلو أنه فتح لعله كان يعاد.
قلت: لا: بل يكسر، قال: ذلك أحرى أن لا يغلق أبدًا إلى يوم القيامة.
(1) صاحب السر: يعني حذيفة ابن اليمانى رضي الله عنه.
(2)
إنك عليه لجرئ: أي إنك عالم به قوى على حفظه لكثرة اهتمامك بالسؤال عنه من أحاديث الفتن.
(3)
على قلبين: على نوعين.
(4)
الصفا: الحجر الأبيض الأملس.
(5)
مربادًا: متغيرًا "مظلمًا" تستهويه كل فتنة.
(6)
مجخيًا: منكوسًا "مقلوبًا" لا يعلى به خير ولا تستقر وتنفع فيه حكمة.