الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فبينما إمامهم قد تقدم بهم الصبح إذ نزل عليهم عيسى بن مريم. . .فإذا انصرف قال عيسى بن مريم عليه السلام: افتحوا الباب، فيفتح ووراؤه الدجال ومعه سبعون ألف يهودى، كلهم ذو سيف محلى وساج فإذ انظر إليه الدجال ذاب كما يذوب اللح في الماء، وينطلق هاربًا، ويقل عيسى: أن لي فيك ضربة لن تسبقنى بها، ويدركه عند باب اللد الشرقى فيقتله).
3 -
وجاء في حديث عثمان بن أبي العاص قوله سمعت رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم يقول:
(. . . فيشتد ذلك عليهم، ويصيبهم مجاعة شديدة وجهد شديد،. . . فبينما هو كذلك، نادى مناد من الشجر: يا أيها الناس أتاكم الغوث، ثلاثًا، فيقول بعضهم لبعض: أن هذا لصوت رجل شبعان.
وينزل عيسى بن مريم عليه السلام عند صلاة الفجر)
4 -
عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: (. . . وينزل عيسى بن مريم فيؤمهم، فإذا رفع من الركوع قال: سمع اللَّه لمن حمد، قتل الدجال وأظهر المؤمنين)(1)
ثانيًا: التوفيق بين الروايات
قال الشيخ أبو غدة: (الظاهر أن في ألفاظ هذا الحديث تصرفًا من بعض الرواه، إذ قد تقدم في الأحاديث أن عيسى عليه السلام يقتل الدجال بباب لد، وذهب شيخنا عبد اللَّه الغمارى في كتابه (إقامة البرهان) ص 32 - 34 إلى سلامة هذه الرواية من تصرف الرواة، إذا وسع الكلام في بيان معنى الحديث وتوجيهه فقال: هذا الحديث يفيد أن قتل الدجال يحدث وعيسى
(1) أخرجه ابن حبان في صحيحه كما في (السقاية في كشف ما في شرح الوقاية).
بن مريم في صلاة، مع أن الأحاديث الأخرى التي ذكرت أن عيسى يقتل الدجال بباب لد أو قريب منه لم تذكر أن ذلك يكون أثناء الصلاة، فكيف الجمع بين هذه وذاك؟؟
والجوب عن ذلك سهل بتسهيل اللَّه، غير أنه يتوقف على مقدمه وهي: أن الذي دلت عليه الأحاديث، أن عيسى عليه السلام يصلى أول صلاة بعد نزوله من السماء مؤتمًا بإمام المسلمين، إظهارًا لكرامة هذه الأمة وفضلها ثم بعد ذلك يتقلد عيسى مقاليد الأمور فيصير خليفة المسلمين، وتجمع له الصلاة أي يصير هو الإمام فيها مع قيامه بأعباء الإمامة العظمى، ومن هنا تعلم أن قوله في هذا الحديث:(فيؤمهم) على ظاهره، أي فيؤمهم في الصلوات، ولا شك أن مما شرعه اللَّه لهذه الأمة في جهادها مع العدو صلاة الخوف.
إذا تقرر هذا: فالحديث محمول على أن عيسى عليه السلام يؤم المسلمين في صلاة الخوف وهم يقاتلون الدجال ومن معه، فإذا رفع عيسى رأسه من الركوع أمكنته الفرصة من العدو فيحمل على الدجال فيقتله، ومباشرة الأعمال الواجبة الضرورية لا تمنع منها الصلاة كما هو معروف.
وهذا معنى قوله (وينزل عيسى بن مريم فيؤمهم، فإذا رفع رأسه من الركوع قال: سمع اللَّه لمن حمده، قتل اللَّه المسيح الدجال -أي على يد عيسى- وإسناد القتل إلى اللَّه من باب قوله تعالى {فَلَمْ تَقْتُلُوهُمْ وَلَكِنَّ اللَّهَ قَتَلَهُمْ وَمَا رَمَيْتَ إِذْ رَمَيْتَ وَلَكِنَّ اللَّهَ رَمَى} [الأنفال: الآية 17] فبهذا التأويل يتضح المعنى ويكون الحديث متفقًا مع غيره من الأحاديث، متمشيًا مع القواعد الشرعية الغزاء)(1).
(1) هامش التصريح فيما تواتر في نزول المسيح للكشميرى بتحقيق عبد الفتاح أبو غدة.