المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌عشرون: ولادة الأمة ربتها وتطاول الحفاة العراة رعاء الشاء بالبنيان - كشف المنن في علامات الساعة والملاحم والفتن

[محمود رجب حمادي الوليد]

فهرس الكتاب

- ‌الإهداء

- ‌مقدمة

- ‌تمهيد البحث

- ‌1 - أشراط الساعة:

- ‌2 - قرب قيام الساعة:

- ‌3 - متى الساعة

- ‌الباب الأول

- ‌الفصل الأول علامات الساعة الصغرى

- ‌أولًا: بعثة النبي محمد صلى الله عليه وسلم

- ‌ثانيا: موته صلى الله عليه وسلم

- ‌ثالثًا: انشقاق القمر

- ‌رابعًا: فتح بيت المقدس وطاعون عمواس

- ‌خامسًا: استفاضة المال وإخراج الأرض كنوزها

- ‌سادسًا: قتل الإمام

- ‌سابعًا: اقتتال فئتين عظيمتين من المسلمين دعواهما واحدة

- ‌ثامنًا: خروج الكذابين أدعياء النبوة

- ‌تاسعًا: وضع الأحاديث المكذوبة على رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم

- ‌عاشرًا: ظهور الخوارج

- ‌أحد عشر: خروج نار من الحجاز تضئ لها أعناق الإبل ببصرى

- ‌اثنا عشر: رفع العلم وفشو الجهل وافتاء من ليسوا أهلًا لذلك

- ‌ثلاثة عشر: قلة البركة في الوقت والبخل في الخير وكثرة القتل

- ‌أربعة عشر: فشو الزنا وشرب الخمر وظهور المنكرات وكثرة النساء وقلة الرجال

- ‌خمسة عشر: فشو المعازف والقينات وإستحلالها وظهور الخسف والمسخ والقذف وكثرة الزلازل

- ‌ستة عشر: مقاتلة الأقوام عراض الوجوه، كأنها المجان المطرقة

- ‌سبعة عشر: تضييع الأمانة ورفعها من القلوب وصيرورة الأمور إلى غير أهلها

- ‌ثمانية عشرة: نزول المصائب وتمنى الموت

- ‌تسعة عشر: تداعى الأم على الأمة الإِسلامية

- ‌عشرون: ولادة الأمة ربتها وتطاول الحفاة العراة رعاء الشاء بالبنيان

- ‌واحد وعشرون: تسليم الخاصة (السلام على المعارف) وفشو التجارة، وقطع الأرحام، وشهادة الزور

- ‌اثنان وعشرون: المرور في المساجد واتخاذها طرقًا وعدم الصلاة فيها

- ‌ثلاثة وعشرون: زخرفة المساجد والتباهى بها

- ‌أربعة وعشرون: تدافع المصلين لعدم وجود إمام يصلى بهم

- ‌خمسة وعشرون: عودة جزيرة العرب مروجًا وأنهارًا

- ‌ستة وعشرون: رفض السنة النبوية

- ‌سبعة وعشرون: يكرم الرجل مخافة شره وأمور تجلب البلاء

- ‌ثمانية وعشرون: تخوين الأمين وائتمان الخائن، ووضع الخيار ورفع الأشرار، والفحش والتفحش

- ‌تسعة وعشرون: ظهور أعوان الظلمة الذين يجلدون الناس بسياطهم

- ‌ثلاثون: ظهور الكاسيات العاريات والتقليد الأعمى لأعداء الإسلام

- ‌إحدى وثلاثون: قطع المال والغذاء عن العراق وغيرها من بلاد المسلمين

- ‌اثنان وثلاثون: انتفاخ الأهلة وموت الفجأة

- ‌ثلاث وثلاثون: تغيير المظاهر لأخفاء الشيب (الخضاب بالسواد)

- ‌أربعة وثلاثون: تكليم السباع والجماد للإنسان وإخبار الفحذ بما يحدث الأهل

- ‌خمسة وثلاثون: صدق رؤيا المؤمن

- ‌الفصل الثاني الفتن

- ‌أولًا: حذيفة بن اليمان وأحاديث الفتن

- ‌ثانيًا: لا فتن وعمر موجود

- ‌ثالثًا: الرسول يتحدث عن الفتن

- ‌رابعًا: اللسان في الفتنة

- ‌خامسًا: الأمر بالصبر عند الفتن

- ‌سادسًا: بادروا بالأعمال عند الفتن

- ‌سابعًا: انقلاب الموازين

- ‌ثامنًا: فتنة الأحلاس والسراء والدهيماء

- ‌تاسعًا: ظهور الدعاة على أبواب جهنم

- ‌عاشرًا: وجوب لزوم الجماعة

- ‌أحد عشر: الأمر بتعلم كتاب اللَّه

- ‌اثنا عشر: لماذا يكون القرآن هو العاصم عن الفتن، والمخرج منها

- ‌ثلاثة عشر: تمنى الموت إذا ظهرت الفتن

- ‌أربعة عشر: أسباب كثرة الفتن في هذا الزمان

- ‌خمسة عشر: ما موقف المسلم عند الفتن

- ‌ستة عشر: إعداد الإيمان وإكراه النفوس وفضل العبادة

- ‌الفصل الثالث ظهور الرايات السود

- ‌الباب الثاني

- ‌الفصل الأول علامات الساعة الكبرى

- ‌تمهيد

- ‌أولًا: خليفة اللَّه المهدى

- ‌ثانيًا: أحداث قبل وبين يدى خروجه

- ‌ثالثًا: كلمة عن انحسار الفرات

- ‌رابعًا: يتبين من خلال النصوص ما يلى:

- ‌خامسًا: المهدى في السنة النبوية

- ‌سادسًا: الطائفة المنصورة:

- ‌الفصل الثاني الملاحم والغزو وفتح القسطنطينية

- ‌أولًا: الملاحم

- ‌ثانيًا: الملاحم في السنة النبوية

- ‌ثالثًا: غزو المعسكر الغربى لبلاد المسلمين

- ‌رابعًا: إشكال ورده حول فتح القسطنطينية

- ‌خامسًا: الرد على منكرى ظهور المهدى

- ‌سادسًا: البشائر

- ‌الفصل الثالث الدجال الأكبر

- ‌أولًا: من هو الدجال

- ‌ثانيًا: الدجال في السنة النبوية

- ‌الباب الثالث

- ‌الفصل الأول علامات خروج الدجال

- ‌أولًا: هل الدجال حي

- ‌ثانيًا: علامات خروج الدجال

- ‌ثالثًا: الأمصار التي تتصدى للدجال

- ‌رابعًا: منزلة الرجل الذي يتصدى للدجال

- ‌الفصل الثاني قتل عيسى بن مريم للدجال

- ‌أولًا: عيسى بن مريم يقتل الدجال

- ‌ثانيًا: التوفيق بين الروايات

- ‌ثالثًا: أسئلة حول الدجال

- ‌رابعًا: السلف يعلمون هذه الأخبار للناس

- ‌الفصل الثالث اليهود

- ‌أولًا: قضاء اللَّه على اليهود في القرآن

- ‌ثانيًا: اليهود والدجال

- ‌ثالثًا: قتال اليهود في السنة

- ‌رابعًا: الوعد الحق والوعد المفترى

- ‌خامسًا: المستند التأريخى للوعد المفترى وموقف الغرب منه

- ‌سادسًا: الدجال في منظور اليهود والنصارى

- ‌سابعًا: عقيدة النصارى الألفية

- ‌ثامنًا: إيمان قادة الغرب بمعركة (هرمجدون)

- ‌تاسعًا: إن الذي يقرأ هذا الفصل يتبين له ما يلي:

- ‌الفصل الرابع هلاك الدجال وحكم عيسى بن مريم

- ‌أولًا: عيسى بن مريم في المنظور القرآنى

- ‌ثانيًا: عيسى بن مريم في السنة النبوية

- ‌ثالثًا: الأيام بعد هلاك الدجال وحكم عيسى عليه السلام

- ‌رابعًا: التوفيق بين الروايات في كيفية قتل عيسى للأعور الدجال

- ‌خامسًا: ماذا بعد قتل عيسى عليه السلام للدجال

- ‌الفصل الخامس ابن الصياد

- ‌أولًا: ابن الصياد

- ‌ثانيًا: ابن الصياد في السنة النبوية:

- ‌ثالثًا: أقوال العلماء في ابن صياد

- ‌الباب الرابع

- ‌الفصل الأول

- ‌أولًا: يأجوج ومأجوج

- ‌ثانيًا: ذو القرنين ويأجوج ومأجوج

- ‌ثالثًا: ذو القرنين في القرآن

- ‌رابعًا: يأجوج ومأجوج في السنة

- ‌خامسًا: أوصافهم

- ‌سادسًا: هل فتح السد وخرج يأجوج ومأجوج

- ‌الفصل الثاني علامات الساعة الكبرى غير المألوفة

- ‌تمهيد

- ‌أولًا: طلوع الشمس من المغرب

- ‌ثانيًا: الدابة

- ‌ثالثًا: الدخان

- ‌رابعًا: الريح الطيبة

- ‌خامسًا: خروج النار

- ‌سادسًا: الخسوفات الثلاثة

- ‌الفصل الثالث تخريب الكعبة

- ‌أولًا: تخريب الكعبة:

- ‌ثانيًا: كيف تخرب الكعبة

- ‌ثالثًا: القحطانى يقتل ذا السويقتين

- ‌رابعًا: المدينة المنورة والحث على سكناها

- ‌خامسًا: خراب المدينة المنورة

- ‌سادسًا: رفع القرآن من الصدور والمصاحف

- ‌سابعًا: الناس الذين تقوم عليهم الساعة

- ‌الخاتمة

- ‌مراجع الكتاب

الفصل: ‌عشرون: ولادة الأمة ربتها وتطاول الحفاة العراة رعاء الشاء بالبنيان

قال الشاعر وليد الأعظمى:

شباب الجيل للإسلام عودوا

فأنتم روحه وبكم يسود

وأنتم سر نهضته قديمًا

وأنتم فجره الزاهى الجديد

نهوضًا يا بني قومى نهوضًا

فقد عادت إلى الدنيا ثمود

شباب الحق والإِسلام حق

ويعلوا الحق إن صدق الجنود

عليكم بالعقيدة فهي درع

نصون به كرامتنا حديد

وصارعنا الفساد ولم ترعنا

دعاوى بات يدفعها يهود

رسول اللَّه يا رمز المعالى

ونورًا لا تضيق به الحدود

نصحت لنا وكنت بنا رحيمًا

وأنت القائد البطل النجيد

دعوتى إلى التحرر من أمور

يتوقف لها الأراذل والعبيد

شباب الجيل لي معكم حديث

عليه ينطوى القلب العميد

حذار حذار من كل اختلاف

به البغضاء والشحنا تعود

فصونوا وحدة الآمال فيكم

ولا تتفرقوا شيعًا تسود

ودرب الصاعدين كما علمتم

به الأشواك تكثر لا الورود (1)

‌عشرون: ولادة الأمة ربتها وتطاول الحفاة العراة رعاء الشاء بالبنيان

1 -

عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه، في حديث جبريل للنبى صلى الله عليه وسلم عن الإِسلام والإيمان والإحسان قال له جبريل: (. . . فأخبرنى عن الساعة؟؟

فقال صلى الله عليه وسلم: ما المسؤول عنها بأعلم من السائل، قال: فأخبرنى عن أماراتها، قال: أن تلد الأمة ربتها، وأن ترى الحفاة العراة العالة رعاء الشاء يتطاولون في

(1) من ديوان (الزوابع) للشاعر وليد الأعظمى.

ص: 77

البنيان. . .) (1).

قال الإمام النووي في شرحه على صحيح مسلم: (والمراد بقوله: أن تلد الأمة ربتها: أي سيدتها ومالكتها، قال العلماء: هو إخبار عن كثرة السرارى وأولادهن، فإن ولدها من سيدها بمنزله سيدها؛ لأن مال الإنسان سائر إلى ولده، وقد ينصرف فيه في الحال تصرف المالكين، إما بتصريح أبيه له بالإذن، وإما بما يعلمه بقرينه الحال أو عرف الاستعمال، وقيل: معناه، أن يلدن الملوك فتكون أمه من جملة رعيته وهو سيدها، وسيد غيرها من رعيته)(2).

وقال ابن حجر في الفتح عن معنى: (أن تلد الأمة ربها). وقد اختلف العلماء قديمًا وحديثًا في معنى ذلك، قال ابن التين اختلف فيه على سبعة أوجه وقد لخصتها بلا تداخل فإذا هي أربعة أقوال:

أ - قال الخطابي: معناه اتساع الإِسلام واستيلاء أهله على بلاد الشرك وسبي ذراريهم، فإذا ملك الرجل الجارية واستولدها كان الولد منها بمنزلة ربها؛ لأنه ولد سيدها.

• قال النووي وغيره: إنه قول الأكثرين.

قلت: لكن في كونه المراد نظر؛ لأن استيلاء الإماء كان موجودًا حين المقالة والإستيلاء على بلاد الشرك وسبى ذراريهم واتخاذهم سرارى وقع أكثره في صدر الإِسلام، وسياق الكلام يقتضى الإشارة إلى وقوع ما لم يقع مما سيقع قرب قيام الساعة،.

قال العيني: (1/ 289): (في نظره نظر!! لأن قوله (إذا ولدت الأمة ربها)، كناية عن كثرة التسرى من كثرة فتوح المسلمين واستيلائهم على بلاد

(1) رواه مسلم برقم: 9، 10 ورواه البخاري من طريق آخر.

(2)

انظر شرح مسلم للنووي: 1/ 185.

ص: 78

الشرك وهذا بلا شك لم يكن واقعًا وقت المقالة، والتسرى وإن كان موجودًا حين المقالة ولكنه لم يكن من استيلاء المسلمين على بلاد الشرك، والمراد: أن يكون من هذه الجهة) (1).

وقال الحافظ في الانتقاض: (1/ 102): (محصل نظر الأول: أن الخطابي إن كان أراد مطلق التسرى فلا يصح؛ لأنه كان موجودًا عند المقالة، وإن كان أراد بقيد من الإستيلاء فلا يصح؛ لأن الإستيلاء قد وجد في صدر الإِسلام، والسؤال إنما وقع عن العلامات التي إذا وجدت قامت الساعة، وإنما لم يجزم الشارح برده (يعني نفسه) الإحتمال أن يكون المراد بالعلامة: ما يتجدد بعد وقت المقالة سواء قرب عهد تجدده أم بعد فأقتصر على قوله: (ففيه نظر) واللَّه الموفق) (2).

• ثم قال الحافظ في الفتح:

(وقد فسره وكيع. في رواية ابن ماجه بأخص من الأول. قال: أن تلد العجم العرب، ووجهه بعضهم بأن الإماء يلدن الملوك فتصير الأم من جملة الرعية والملك سيد رعيته، وهذا لإبراهيم الحربي، وقربه بأن الرؤساء في الصدر الأول كانوا يستنكفون غالبًا من وطأ الإماء ويتنافسون في الحرائر، ثم انعكس الأمر ولا سيما في أثناء دولة بني العباس، ووجهه بعضهم. بأن إطلاق ربتها على ولدها مجاز، لأنه كان سببًا في عتقها بموت أبيه أطلق عليه ذلك، وخصة بعضهم بأن السبى إذا كثر فقد يسبى الولد أولا وهو صغير ثم يعتق ويكبر ويصير رئيسًا بل ملكًا ثم تسبى أمه فيما بعد فيشتريها عارفًا بها، أو وهو لا يشعر أنها أمه، فيستخدمها أو يتخذها موطوءة أو يعتقها

(1) هامش فتح الباري: 1/ 122.

(2)

هامش فتح الباري: 1/ 122.

ص: 79

ويتزوجها).

ب- أن تبيع السادات أمهات أولادهم ويكثر ذلك فيتداول الملاك المستولدة حتى يشتريها ولدها ولا يشعر بذلك، وعلى هذا فالذي يكون من الأشراط غلبة الجهل بتحريم بيع أمهات الأولاد أو الإستهانة بالأحكام الشرعية.

جـ - وهو من نمط الذي قبله، قال النووي: لا يختص شراء أمه الولد بأمهات الأولاد، بل يتصور في غيرهن بأن تلد الأمة حرًا من غير سيدها بوطأ شبهة أو رقيقًا بنكاح أو زنًا ثم تباع الأمة في الصورتين بيعًا صحيحًا وتدور في الأيدى حتى يشتريها ابنها أو ابنتها.

د- أن يكثر العقوق في الأولاد فيعامل الولد أمه معاملة السيد أمته من الإهانة بالسب والضرب والإستخدام فأطلق عليه ربها مجازًا لذلك أو المراد بالرب المربى فيكون حقيقة، وهذا أوجه الأوجه عندي لعمومه، ولأن المقام يدل على أن المراد حالة تكون جمع كونها تدل على فساد الأحوال مستغربة ومحصلة: الإشارة إلى أن الساعة يقرب قيامها عند إنعكاس الأمور بحيث يصير المربى مربيًا والسافل عاليًا، وهو مناسب لقوله في العلامة الأخرى:(أن تفسير الحفاة ملوك الأرض)(1).

قال العيني: (1/ 289): (هذا ليس بأوجه الأوجه بل أضعفها؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم إنما عد هذا من أشراط الساعة، لكونه على نمط خارج على وجه الاستغراب أو على وجه دال على فساد أحوال الناس، والذي ذكره هذا القائل ليس من هذا القبيل فافهم.

(1) فتح الباري: 1/ 122 كتاب الإيمان.

ص: 80

وأما رواية (بعلها) فالصحيح في معناها: أن البعل هو السيد أو المالك فيكون بمعنى ربها على ما سلف.

قال أهل اللغة: بعل الشيء: ربه ومالكه، قال تعالى:{أَتَدْعُونَ بَعْلًا} [الصافات: 125] أي ربًا، قاله ابن عباس والمفسرون.

وقيل المراد هنا الزوج، وعلى هذا أن الأول أظهر؛ لأنه إذا أمكن حمل الروايتين في القضية الواحدة على معنى واحد كان أولى (1).

معنى قوله صلى الله عليه وسلم: (وأن ترى الحفاة العراة العالة رعاء الشاء يتطاولون في البنيان (2).

قال الحافظ ابن حجر في الفتح: (وإذا كان الحفاة العراة، زاد الاسماعيلى في روايته: الصم البكم. وقيل لهم ذلك: مبالغة في وصفهم بالجهل، أي: لم يستعملوا أسماعهم ولا أبصارهم في شيء من أمر دينهم وإن كانت حواسهم سليمة.

قوله: (رؤوس الناس)(3): أي ملوك الأرض. . . والمراد بهم. أهل البادية.

قال: ما الحفاة العراة؟

قال: العريب.

ثم قال ابن حجر:

(قال القرطبي: المقصود الإخبار عن تبدل الحال بأن يستولى أهل البادية على الأمر ويتملكوا البلاد بالقهر فتكثر أموالهم وتنصرف هممهم إلى تشييد

(1) هامش فتح الباري: 1/ 122.

(2)

سبق تخريجه.

(3)

هذا في رواية أخرى ساقها ابن حجر في الفتح.

ص: 81

البنيان والتفاخر به، وقد شاهدنا ذلك في هذه الأزمان) (1)(2).

1 -

قال الحافظ في الفتح:

(ومعنى التطاول في البنيان: أن كل من كان يبنى بيتًا يريد أن يكون ارتفاعه أعلى من ارتفاع الآخر، ويحتمل أن يكون المراد: المباهاة في الزينة والزخرفة، أو أعم من ذلك، وقد وجد الكثير من ذلك وهو في ازدياد)(3).

2 -

عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: (لا تقوم الساعة حتى يبنى الناس بيوتًا يوشونها وشى المراحيل)(4) والمراحيل: هي الثياب المخططة. إن هذا التصوير النبوى لما يحدث قبيل الساعة يشير لك أخي القاري إلى حقيقة النبوة وصدق صاحب الرسالة صلى الله عليه وسلم، أنه يصف الحالة التي نعيشها نحن أبناء القرن العشرون الميلادى، وإذا تأملت في حياتنا تجد مصداق هذا القول النبوى الذي تشم منه رائحة النبوة وحقيقة الإعجاز، والتباهى بذلك، بل والتنافس فيه أصبح واقعًا نعيشه ونتحسسه.

قال الحافظ ابن رجب الحنبلى:

(فإذا صار الحفاة العراة رعاء الشاة وهم أهل الجهل والجفاء رؤوس الناس وأصحاب الثروة والأموال حتى يتطاولوا في البنيان فإنه يفسد بذلك نظام الدين والدنيا)(5).

(1) هذا في زمن ابن حجر، فكيف لو جاء إلى زماننا هذا ورأى ما حدث ويحدث من انقلاب الموازين وتغيير الحال واستيلاء أهل الباطل!!!

(2)

فتح الباري ابن حجر: 1/ 122 أو ما بعدها.

(3)

فتح الباري: 13/ 88.

(4)

البخاري في الأدب المفرد صـ 63.

(5)

جامع العلوم والحكم لابن رجب الحنبلى صـ 39.

ص: 82