الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وتبين كذبه لكل مؤمن وعاقل، وهذا سيأتى وكائن فيما يستقبل فتنته واختياره للعباد، فترك ذكره فى القرآن احتقارًا له، وامتحانًا به، إذا لأمر في كذبه أظهر من أن ينبه عليه، ويحذر منه، قد يترك الشئ لوضوحه، فالدجال واضح ظاهر النقص بالنسبة للمقام الذي يدعيه هو مقام الربوبية، فترك اللَّه ذكره والنص عليه لما يعلم اللَّه تعالى من عباده المؤمنين، أن مثل هذا لا يهديهم ولا يزيدهم إلا إيمانًا وتسليمًا للَّه ورسوله) (1).
3 -
كيف قال النبي صلى الله عليه وسلم عن الدجال أنه لا يضر مسلمًا، وقد قتل الرجل الذي خرج إليه ونشره بالمنشار فصار ذلك أعظم الضرر؟
ليس المراد ذلك وإنما المعنى أن المسلم المحقق لا يفتنه الدجال فيرده على دينه، لما يرى عليه من سيما الحدث، ومن لم يكن بهذه الصفة من الإيمان العميق والفهم الدقيق فقد يفتنه الدجال لما يرى معه من الشبهات، أو أن هذا الحديث عام لكل المؤمنين يخصصه قتل ذلك الشخص الذي يعجز بعدها عن قتله خصوصًا، واللَّه أعلم.
رابعًا: السلف يعلمون هذه الأخبار للناس
كان السلف الصالحون يداومون على تعليم تلك الأخبار والأحاديث، ويذكرونها للناس حتى الأولاد فى الكتاب -والمدرسة- ليتوارثوا معرفتها بعلم وبصيرة، ولتكن لهم بها عقيدة راسخة أصلية، تزيد متانة على مرور الأيام.
روى مسلم فى (صحيحه) عن ابن عباس رضي الله عنهما أن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: كان يعلمهم هذا الدعاء كما يعلمهم السور من القرآن، يقول: (قولوا اللهم إني أعوذ بك من عذاب جهنم، وأعوذ بك من عذاب القبر،
(1) الفتن والملاحم ابن كثير عن المسيح الدجال قراءة فى أصول الديانات الكبرى لسعيد أيوب.
وأعوذ بك من فتنة السيح الدجال، وأعوذ بك من فتنة المحيا والممات)
قال مسلم بن الحجاج: بلغنى أن طاووسًا، -وهو راوى هذا الحديث عن ابن عباس: قال لابنه: أدعوت بها في صلاتك؟ فقال: لا قال أعد صلاتك).
وإنما أمر طاووس ابنه بإعادة الصلاة لأنه كان يرى وجوب الدعاء في الصلاة بهذه الدعوات الأربع، ويرى أن المصلى إذا أخل بها بطلت صلاته، وذلك لما فهمه من وجوبها، من إهتمام النبي صلى الله عليه وسلم بتعليمها للصحابة كما كان يعلمهم السورة من القرآن، وأمر بالدعاء بها في صلواتهم. وقد روى مسلم في (صحيحه) عن عائشة أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يدعو في الصلاة بهذا الدعاء، وروى أيضًا عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم قال:(إذا تشهد أحدكم فليستعذ باللَّه من أربع، يقول: اللهم إني أعوذ بك من عذاب جهنم، ومن عذاب القبر، ومن فتنة المحيا والممات، ومن شر فتنة المسيح الدجال).
وما هذا الاهتمام العظيم من النبي صلى الله عليه وسلم بهذا الدعاء عملًا وأمرًا وتعليمًا إلا لما حواه من التعوذ من عظائم الأمور والأهوال الكائنة الحق ولا ريب، ولهذا جزم ابن حزم الظاهرى بفرضية قراءة هذا التعوذ بعد الفراغ من التشهد كما في كتاب (المحلى)، وأخذًا من ظاهر حديث أبي هريرة رضي الله عنه.
وبعد أن روى الإمام ابن ماجة في (سننه) حديث أبي أمامة الباهلي وفيه أوصاف الدجال وأحواله وأعماله ونزول عيسى عليه السلام، قال عقبه: سمعت أبا الحسن الطنافسي يقول: سمعت عبد الرحمن المحاربى يقول: ينبغي أن يدفع هذا الحديث إلى المؤدب حتى يعلمه الصبيان في الكتاب وقال العلامة السفارينى في شرح منظومته في العقيدة الإسلامية المسمى (لوامع الأسرار البهية).
(ينبغي لكل عالم أن يبث أحاديث الدجال بين الأولاد والنساء والرجال، ولا سيما في زماننا هذا الذي إشرأبت فيه الفتن، وكثرت فيه المحن، واندرست فيه معالم السنن، وصارت السنة فيه كالبدع، والبدعة شرع يتبع)(1).
* * *
(1) هامش التصريح فيما تواتر في نزول المسيح للكشميرى تحقيق الشيخ أبو غدة.