الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
السماء، والخصوصية له عليه السلام هي رفعه جسده وبقاؤه فيها إلى الأبد المقدر له) (1).
وقال ابن كثير في تفسير هذه الآية: {إِنِّي مُتَوَفِّيكَ وَرَافِعُكَ إِلَيَّ} قال قتادة وغيره: هذا من المقدم والمؤخر، بتقدير أنى رافعك إلى متوفيك يعنى بعد ذلك -وقال على بن طلحة عن ابن عباس: إني متوفيك، أي مميتك في المستقبل) (2).
وقال تعالى: {وَإِنْ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ إِلَّا لَيُؤْمِنَنَّ بِهِ قَبْلَ مَوْتِهِ وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ يَكُونُ عَلَيْهِمْ شَهِيدًا} [النساء: 159] فالضمير في قوله تعالى {قَبْلَ مَوْتِهِ} [النساء: 159] عائد على عيسى عليه السلام، أي أن أهل الكتاب سيؤمن بعيسى حتمًا عندما ينزل مرة أخرى إلى الدنيا من السماء.
وقوله تعالى: {وَإِنَّهُ لَعِلْمٌ لِلسَّاعَةِ} بفتح اللام الأولى وسكون الثانية، إذ الضمير في (أنه) يعود على السيد المسيح عليه السلام، أي أن نزول المسيح من السماء إلى الأرض مرة أخرى في دلالة وإشارة إلى قرب قيام الساعة، وفى قراءة أخرى، {وَإِنَّهُ لَعِلْمٌ لِلسَّاعَةِ} [الزخرف: 61] بفتح اللام الأولى وفتح الثانية، أي أن ظهوره عليه السلام علم يعلم به دنو قيام الساعة.
ثانيًا: عيسى بن مريم في السنة النبوية
1 -
عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: (والذي نفسى بيده، ليوشكن (3) أن ينزل فيكم ابن مريم، حكمًا عدلًا (4)، فيكسر الصليب (5)،
(1) صفوة البيان لمعاني القرآن: للشيخ حسنين محمد مخلوف.
(2)
تفسير ابن كثير ج 2 ص 435.
(3)
يوشكن: يقربن، توكيد الفعل يؤكد حتمية نزوله عليه السلام.
(4)
حكمًا عدلًا: حاكمًا عادلًا.
(5)
فيكسر الصليب: أي يطل دين النصرانية الذين يعتقدون بزعمهم أنه عليه السلام قد قتل =
ويقتل الخنزير (1)، ويضع الحرب (2)، ويفيض المال حتى لا يقبله أحد، حتى تكون السجدة الواحدة خيرًا من الدنيا وما فيها) (3).
ثم يقول أبو هريرة رضي الله عنه: واقرؤوا إن شئتم {وَإِنْ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ إِلَّا لَيُؤْمِنَنَّ بِهِ قَبْلَ مَوْتِهِ وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ يَكُونُ عَلَيْهِمْ شَهِيدًا} (4).
قال الحافظ بن حجر في (فتح الباري): (والمعنى أنه عليه السلام، ينزل حاكمًا بهذه الشريعة فإن هذه الشريعة باقية لا تنسخ، بل يكون عيسى عليه السلام حاكمًا من حكام هذه الأمة)(5) وقال القرطبي: (ذهب قوم إلى أن بنزول عيسى عليه السلام ترفع التكاليف، لئلا يكون رسولًا إلى أهل ذلك الزمان، يأمرهم عن اللَّه وينهاهم.
وهذا مردود بقوله تعالى {وَخَاتَمَ النَّبِيِّينَ} [الأحزاب: 40]، وقوله صلى الله عليه وسلم
= على الصليب، وفى هذا أبطال لدين النصارى ومزاعمهم في تأليهه عليه السلام.
(1)
يقتبل الخنزير: يأمر باعدام الخنزير وذلك مبالغة في تحريمه، إذ أن النصارى يأكلونه ويستحلونه وفى هذا توبيخ لهم وامعان في مخالفتهم.
(2)
يضع الحرب: لا يقبل من الناس إلا الإسلام أو الحرب فلا يبقى يهود أو نصارى وفى رواية (ويضع الجزية) أي عن أهل الكتاب حيث يصير الدين واحدًا وهو الإسلام.
(3)
حتى تكون السجدة الواحدة خيرًا من الدنيا وما فيها: وهي في الحقيقة كذلك، أي أن السجدة خير من الدنيا وما فيها، لكن إذا نزل عيسى بن مريم عليه السلام علم الناس أن الساعة قد اقتربت فيزهدون في المال والتجارة وحطام الدنيا وينصرفون إلى السجود والعبادة، فتكون العبادة أحب اليهم من كنوز الدنيا وبهارجها، وفى لفظ (مسلم) من رواية عطاء:(لتذهبن الشحناء والتباغض والتحاسد) إذ تتلاشى فلا يبقى لها أثر وذلك أن الناس لم يبق عندهم حب الدنيا الذي هو رأس كل خطيئة، ونزول بينهم تلك الأمراض الخطيرة في التنافس على حطام الدنيا بأشكالها المختلفة.
(4)
رواه البخاري ومسلم.
(5)
فتح الباري شرح صحيح البخاري وانظر هامش التصريح فيما تواتر في نزول المسيح تحقيق أبو غدة.