الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الحفظ، ما حدث من كتابه فهو صالح، وما حدث من حفظه فليس بشيء.
روى عن: عطاء بن أبي رباح، وإسحاق بن أبي طلحة، وزيد بن أسلم، وأبي التّيّاح، ونافع مولى ابن عمر، وأنس بن سِيرين، ويحيى بن أبي كثير، وخلق.
وروى عنه: الثوري وهو من أقرانه، وابن المبارك، وابن عُلَيّة، ووكيع، وابن مَهدي، وعبد الصمد بن عبد الوارث، وأبو داود وأبو الوليد الطيالسيان، وخلق كثير.
مات سنة ثلاث وستين ومئة، وقيل: سنة أربع وستين بالبصرة.
والعَوْزي في نسبه مرَّ في السادس من الإيمان، ومرَّ الأزْدي في السادس من بدء الوحي.
لطائف إسناده:
منها أن فيه التحديث بصيغة الجمع في ثلاثة مواضع، والعنعنة في موضع واحد، ورواته ما بين بصري ومدني.
أخرجه البخاري هنا، وفي الطهارة أيضًا عن يحيى بن سعيد، وأخرجه فيها أيضًا من حديث أبي هُريرة، وفي الأدب عن أبي اليمان. ومسلم في الطهارة عن زُهير بن حرب وغيره. والترمذي عن سعيد بن عبد الرحمن في الطهارة. والنّسائي فيها أيضًا عن دُحَيْم. وأبو داود من حديث الزُّهري. وابن ماجه من حديث أبي سلمة.
تنبيه
الأعرابي الذي بال في المسجد مختلَفٌ فيه، قيل: إنه الأقرع بن حابِس كما حكاه أبو بكر التاريخي. وقيل: هو ذو الخُوَيْصرة التميمي، واسمه حرقوص بن زُهير. وقيل: ذو الخُويصرة اليماني، وإنه غير التميمي، والتميمي هو الذي صار بعد ذلك من رؤساء الخوارج. وقيل: هو عُيينة بن حصن
الفَزاري، والعلم لله تعالى.
ولنذكر هنا تعريف الأربعة لتتم الفائدة.
فالأول: الأقرع بن حابس بن عقال بن سفيان التميمي المُجاشعي الدارِمي، قيل: اسمه فراس، وإنما قيل له: الأقرع لقَرَع كان برأسه.
كان شريفًا في الجاهلية والإِسلام، وقد على النبي صلى الله عليه وسلم، وشهد فتح مكة وحُنينًا والطائف، وكان من المؤلَّفة، وحسُن إسلامه. وقال الزُّبير في النسب: كان الأقرع حَكَمًا في الجاهلية، وفيه يقول جرير، وقيل: غيره لما تنافرا إليه هو والقرافصة، أو خالد بن أرطاة.
يا أقرعُ بنَ حابسٍ يا أقرعْ
…
إن تصرعِ اليومَ أخاكَ تُصرعْ
وروي أن الأقرع بن حابس وعُيينة بن حصن شهدا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فتح مكة وحنينًا والطائف، فلما قدم وقد بني تميم كانا معه، فلما دخل وقد بني تميم المسجد نادَوْا النبي صلى الله عليه وسلم من وراء حجرته أن اخرج إلينا، فأذى ذلك من صياحهم النبي صلى الله عليه وسلم، فخرج إليهم، فقالوا: يا محمد، جئنا نفاخرك. ونزل فيهم قوله تعالى:{إِنَّ الَّذِينَ يُنَادُونَكَ مِنْ وَرَاءِ الْحُجُرَاتِ أَكْثَرُهُمْ لَا يَعْقِلُونَ} [الحجرات: 4]، وكان فيهم الزِّبرقان بن بدر، وقيس بن عاصم.
وروي من طريق أخرى أنه لما نادى النبي صلى الله عليه وسلم من رواء الحجرات ولم يُجِبْه، قال: يا محمد: إن مدحي لزينٌ، وإن ذمي لشينٌ. فقال النبي صلى الله عليه وسلم:"ذلكم الله".
وروي عن أبي هريرة: أبصر الأقرع بن حابس النبي صلى الله عليه وسلم يُقَبِّل الحسن
…
الحديث.
ورُوي عن أبي سعيد الخُدري، قال: بعث عليٌّ على النبي صلى الله عليه وسلم بذهيبة من اليمن، فقسمها في أربعة، أحدهم الأقرع بن حابس.
وروي أن أبا بكر لما قدم وقد بني تميم قال: يا رسول الله صلّى الله عليك
وسلَّم: أمر الأقرع
…
الحديث.
وروي من طريق المدائني: لما أصاب عُيينة بن حصن من بني العنبر، قدم وفدهم، فذكر القصة، وفيها: فكلَّم الأقرع بن حابس رسول الله صلى الله عليه وسلم في السبي، وكان بالمدينة قبل قدوم السبي، فنازعه عُيينة بن حصن، وفي ذلك يقول الفَرَزْدق يفخر بعمّه الأقرع:
وعند رسولِ اللهِ قامَ ابن حابسٍ
…
بخِطَّةِ أسوارٍ إلى المجدِ حازمِ
له أُطلَق الأسرى التي في قيودِها
…
مُغلَّلة أعناقُها في الشّكائِمِ
وروى عبيدة بن عمرو السَّلْماني أن عيينة والأقرع استقطعا أبا بكر، فقال لهما عمر: إنما كان النبي صلى الله عليه وسلم يتألَّفكما على الإِسلام، فأما الآن فاجهدا جهدَكُما، وقطع الكتاب.
وشهدا مع خالد بن الوليد اليمامة وغيرها، ثم مضى الأقرع فشهد مع شُرحبيل بن حَسَنة دومة الجندل، وشهد مع خالد حرب أهل العراق وفتح الأَنْبار، واستعمله عبد الله بن عامر على جيش سيَّرَه إلى خراسان، فأصيب بالجوزان هو والجيش، وذلك في زمن عثمان. وقيل: إنه قتل باليرموك في عشرة من بنيه.
والدارِمي في نسبه نسبة إلى دارِم بن مالك بن حَنْظَلة بن مالك بن زيد مناة أبي حي من تميم فيهم بيتها وشرفها، وكان يسمى بحرًا، وذلك أن أباه أتاه قوم في حمالة، فقال له: يا بحر ائتني بخريطة المال، فجاء يحملها وهو يدرم تحتها، أي: يقارب الخطو من ثقلها، فقال أبوه: جاءكم يُدارِم، فسُمّي دارِمًا لذلك.
منهم الإِمام المحدث أبو عبد الرحمن بن محمد بن علي بن الفضل التّميمي النَّيْسابوري. روى عن: أبي بكر بن خُزيمة. وعنه: الحاكم أبو عبد الله وغيره.
والمُجاشِعي نسبة إلى مُجاشع بن دارِم المذكور قبل.
الثاني: عُيينة بن حصْن بن حُذيفة بن بَدر بن عمرو بن حُوَيّة -مصغرًا- ابن لوذان بن ثعلبة بن عدي بن فزارة الفَزَاري أبو مالك، يقال: كان اسمه حُذيفة، فلُقِّب عُيينة لأنه أصابته شجّة فجَحَظَت عيناه.
له صحبة، وكان من المؤلفة قلوبهم، ولم يصح له رواية. وروي عن الحارث بن يزيد أنه روى عن عُيينة أنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إن موسى عليه السلام آجر نفسَهُ بعفَّةِ فرجهِ وشِبَع بطنه".
أسلم قبل الفتح، وشهدها، وشهد حنينًا والطائف، وبعثه النبي صلى الله عليه وسلم إلى بني تميم، فسبى بعض بني العنبر، ثم كان ممن ارتدَّ في زمن أبي بكر، ومال إلى طُليحة فبايعه، ثم عاد إلى الإِسلام، وكان فيه جفاء سكان البوادي.
وروى الأعمش عن إبراهيم، قال: جاء عُيينة بن حصن إلى النبي صلى الله عليه وسلم وعنده عائشة رضي الله عنها، فقال: مَنْ هذه؟ -وذلك قبل أن ينزل الحجاب- قال: "هذه عائشة". قال: أفلا أنزل لك عن أم البنين فتنكِحها؟ فغضبت عائشة رضي الله عنها، وقالت: مَنْ هذا؟ فقال: رسول الله صلى الله عليه وسلم: "هذا أحمق مطاعٌ في قومه".
وفي غير هذه الرواية في هذا الخبر أنه دخل على رسول الله صلى الله عليه وسلم بغير إذن، فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم:"وأين الإذنُ؟! ". فقال: ما استأذنت على أحدٍ من مُضر. وكانت عائشة رضي الله عنها مع النبي صلى الله عليه وسلم جالسة، فقال: مَنْ هذه الحُميراء؟ فقال: "أُم المؤمنين". قال: أفلا أنزل لك عن أجمل منها؟ فقالت عائشة: مَنْ هذا يا رسول الله؟ فقال: "هذا أحمق مطاعٌ، وهو على ما تَرَيْن سيدُ قومه".
وقال الزُّهري: كان جلساء عمر بن الخطاب رضي الله تعالى عنه أهل القرآن، وكان لعُيينة بن حصن ابن أخٍ من جلساء عمر، يقال له: الحُر بن قيس. فقال لابن أخيه: ألا تُدخلني على هذا الرجل؟ فقال: إني أخاف أن
تتكلم بكلام لا ينبغي. فقال: لا أفعل. فأدخله على عمر، فقال: يا ابن الخطّاب، والله ما تقسِم بالعدل، ولا تعطي الجَزْل. فغضب عمر غضبًا شديدًا، حتى همَّ أن يقعَ به. فقال له ابن أخيه: يا أمير المؤمنين: إن الله عز وجل يقول في محكم كتابه: {وَأَعْرِضْ عَنِ الْجَاهِلِينَ} [الأعراف: 199]، وإن هذا من الجاهلين، فخلّى عنه عمر، وكان وقّافًا عند كتاب الله عز وجل.
وتزوج عثمان بن عفان ابنته، فدخل عليها يومًا، فأغلظ، فقال عثمان: لو كان عمر ما قدمت عليه بهذا. فقال: إن عمر أعطانا فأغنانا، وأخشانا فأتقانا.
وروي عن أبي وائل قال: سمعت عُيينة بن حصن يقول لعبد الله: أنا ابنُ الأشياخ الشُمّ. فقال عبد الله: ذلك يوسُف بن يعقوب بن إبراهيم. فسكت.
وروى عُبيدة بن عمر وقال: جاء الأقرع بن حابس وعُيينة بن حصن إلى أبي بكر الصديق رضي الله عنه، فقال: يا خليفة رسول الله صلى الله عليه وسلم: إن عندنا أرضًا سبخة ليس فيها كَلأ ولا منفعة، فإن رأيت أن تُقطعَناها. فأجابهما، وكتب لهما، وأشهد القوم، وعُمر ليس فيهم، فانطلقا إلى عُمر ليُشهداه فيه، فتناول الكتاب، وتَفَلَ فيه ومحاه، فتذمّرا له، وقالا له مقالة سيئة، فقال: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يتألَّفُكُما والإسلام يومئذٍ قليل، وإن الله قد أعزَّ الإِسلام، اذهَبا فاجهدا على جهدِكما، لا رَعَى الله عليكما إن رَعَيْتُما، فأقبلا إلى أبي بكرٍ وهما يتذمّران، فقالا: ما ندري والله أنت الخليفة أم عمر؟ فقال: لا بل هُو لو شاء. فجاء عمر وهو مُغْضَب حتى وقف على أبي بكرٍ، فقال: أخبرني عن هذا الذي اقطَعْتَهُما، أرضٌ هي لك خاصة أو للمسملين عامة؟ قال: بل للمسلمين عامّة. قال: فما حملك على أن تَخُصَّ بهما هذين؟ قال: استشرف الذين حولي فأشاروا عليَّ بذلك، وقد قلت لك: إنك أقوى على هذا مني، فغلبتني.
وكان عُيينة يُعدُّ في الجاهلية من الجّرارين، يقود عشرة آلاف.
وروى أبو حاتم السِّجِسْتاني أن حصن بن حذيفة أوصى ولده عند موته، وكانوا عشرة -قال: وكان سبب موته أن كرز بن عامر العُقَيْلي طعنه، فاشتد مرضه- فقال لهم: الموت أروحُ مما أنا فيه، فأيُّكم يطيعوني؟ قالوا: كلُّنا. فبدأ
بالأكبر، فقال: خُذ سيفي هذا، فضعه على صدري، ثم اتّكِىء عليه حتى يخرج من ظهري. فقال: يا أبتاه، هل يقتل الرجل أباه؟ فعرض ذلك عليهم واحدًا واحدًا فأَبَوْا إلَاّ عُيينة، فقال: يا أبتي: أليس لك فيما تأمرني به راحة وهوى ولك فيه مني طاعة؟ قال: بلى. قال: فمُرني كيف أصنع. قال: ألق السيف يا بني، فإني أردت أن أبلوَكُم، فأعرف أطوعكم لي في حياتي، فهو أطوع لي بعد مماتي، فاذهب أنت سيد ولدي من بعدي، ولك رياستي. فجمع بني بدرٍ، فأعلمهم بذلك، فقام عُيينة بالرياسة بعد أبيه، وقتل كرزًا.
قال ابن حَجر: وفي "الأم" للشافعي في باب من كتاب الزكاة أن عمر بن الخطاب قتل عُيينة على الرِّدة، ولم أر من ذكر ذلك غيره، فإن كان محفوظًا فلا يُذكر عُيينة في الصحابة، لكن يُحتمل أن يكون أمر بقتله، فبادر إلى الإِسلام، فترك، فعاش إلى خلافة عثمان.
والفَزَارِيّ في نسبه مرَّ في السادس عشر من العلم.
الثالث: ذو الخُوَيْصِرة التَميمي، ومرّ أن اسمه حُرْقُوص -بضم الحاء والقاف وسكون الراء بينهما- ابن زهير السّعدي، له ذكر في فتوح العراق، وهو رأس الخوارج المقتول بالنَّهْروُان.
وذكر الطبري أن عُتبة بن غزوان كتب إلى عمر يستمده، فأمده بحُرقوص بن زهير، وكانت له صحبة، وأمره على القتال على ما غلب عليه، ففتح سوق الأهواز.
وذكر الهيثم بن عدي أن الخوارج تزعم أن حُرقُوص بن زهير كان من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم، وأنه قُتل معهم يوم النَّهْروان، فسألت عن ذلك، فلم أجد أحدًا يعرفه.
وذكر بعض من جمع المعجزات أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "لا يدخُل النار أحد شهد الحديبية إلا واحد" فكان هو حُرقوص بن زهير.