المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

بسم الله الرحمن الرحيم   ‌ ‌كتاب الغُسْلِ في رواية تقديم البسملة كما ترى، - كوثر المعاني الدراري في كشف خبايا صحيح البخاري - جـ ٥

[محمد الخضر الشنقيطي]

فهرس الكتاب

- ‌باب غسل الرجلين إلى الكعبين

- ‌الحديث الحادي والخمسون

- ‌رجاله ستة:

- ‌باب استعمال فضل وضوء الناس

- ‌الحديث الثاني والخمسون

- ‌رجاله أربعة:

- ‌لطائف إسناده:

- ‌الحديث الثالث والخمسون

- ‌رجاله ستة:

- ‌باب

- ‌الحديث الرابع والخمسون

- ‌رجاله أربعة:

- ‌لطائف إسناده:

- ‌باب من مَضْمض واستنشق من غَرْفة واحدة

- ‌الحديث الخامس والخمسون

- ‌رجاله خمسة:

- ‌لطائف إسناده:

- ‌باب مسح الرأس مرة

- ‌الحديث السادس والخمسون

- ‌رجاله ستة:

- ‌الحديث السابع والخمسون

- ‌باب وضوء الرجل مع امرأته وفضل وضوء المرأة

- ‌الحديث الثامن والخمسون

- ‌رجاله أربعة:

- ‌لطائف إسناده:

- ‌باب صب النبي صلى الله عليه وسلم وضوءه على المغمى عليه

- ‌الحديث التاسع والخمسون

- ‌رجاله أربعة:

- ‌لطائف إسناده:

- ‌باب الغسل والوضوء في المِخْضَب والقدح والخشب والحجارة

- ‌الحديث الستون

- ‌رجاله أربعة:

- ‌لطائف إسناده:

- ‌الحديث الحادي والستون

- ‌رجاله خمسة:

- ‌لطائف إسناده:

- ‌الحديث الثاني والستون

- ‌رجاله خمسة:

- ‌لطائف إسناده:

- ‌الحديث الثالث والستون

- ‌رجاله خمسة:

- ‌لطائف إسناده:

- ‌باب الوضوء من التور

- ‌الحديث الرابع والستون

- ‌رجاله ستة:

- ‌الحديث الخامس والستون

- ‌رجاله أربعة:

- ‌لطائف إسناده:

- ‌باب الوضوء بالمُدِّ

- ‌الحديث السادس والستون

- ‌رجاله أربعة:

- ‌لطائف إسناده:

- ‌باب المسح على الخفين

- ‌الحديث السابع والستون

- ‌رجاله سبعة:

- ‌لطائف إسناده:

- ‌رجاله خمسة:

- ‌الحديث الثامن والستون

- ‌رجاله سبعة:

- ‌لطائف إسناده:

- ‌الحديث التاسع والستون

- ‌رجاله ستة:

- ‌لطائف إسناده:

- ‌الحديث السبعون

- ‌رجاله سبعة:

- ‌لطائف إسناده:

- ‌باب إذا أدخل رجليه وهما طاهرتان

- ‌الحديث الحادي والسبعون

- ‌رجاله خمسة:

- ‌لطائف إسناده:

- ‌باب من لم يتوضأ من لحم الشاة والسويق

- ‌الحديث الثاني والسبعون

- ‌رجاله خمسة:

- ‌لطائف إسناده:

- ‌الحديث الثالث والسبعون

- ‌رجاله ستة:

- ‌لطائف إسناده:

- ‌باب من مضمضر من السويق ولم يتوضأ

- ‌الحديث الرابع والسبعون

- ‌رجاله خمسة:

- ‌لطائف إسناده:

- ‌الحديث الخامس والسبعون

- ‌رجاله ستة:

- ‌لطائف إسناده:

- ‌باب هل يُمَضْمِض من اللبن

- ‌الحديث السادس والسبعون

- ‌رجاله سبعة:

- ‌لطائف إسناده:

- ‌باب الوضوء من النوم

- ‌الحديث السابع والسبعون

- ‌رجاله خمسة:

- ‌الحديث الثامن والسبعون

- ‌رجاله خمسة:

- ‌لطائف إسناده:

- ‌باب الوضوء من غير حدث

- ‌الحديث التاسع والسبعون

- ‌رجاله ستة:

- ‌لطائف إسناده:

- ‌الحديث الثمانون

- ‌رجاله خمسة:

- ‌باب من الكبائر أن لا يستتر من بوله

- ‌الحديث الحادي والثمانون

- ‌رجاله خمسة:

- ‌لطائف إسناده:

- ‌باب ما جاء في غسل البول

- ‌الحديث الثاني والثمانون

- ‌رجاله خمسة:

- ‌لطائف إسناده:

- ‌باب

- ‌الحديث الثالث والثمانون

- ‌رجاله ستة:

- ‌لطائف إسناده:

- ‌الحديث الرابع والثمانون

- ‌رجاله أربعة:

- ‌لطائف إسناده:

- ‌تنبيه

- ‌باب صب الماء على البول في المسجد

- ‌الحديث الخامس والثمانون

- ‌رجاله خمسة:

- ‌لطائف إسناده:

- ‌الحديث السادس والثمانون

- ‌رجاله أربعة:

- ‌باب يهَريق الماء على البول

- ‌الحديث السابع والثمانون

- ‌رجاله أربعة:

- ‌باب بول الصِّبْيان

- ‌الحديث الثامن والثمانون

- ‌رجاله خمسة:

- ‌لطائف إسناده:

- ‌الحديث التاسع والثمانون

- ‌رجاله خمسة:

- ‌لطائف إسناده:

- ‌باب البول قائمًا وقاعدًا

- ‌الحديث التسعون

- ‌رجاله خمسة:

- ‌لطائف إسناده:

- ‌باب البول عند صاحبه والتستر بالحائط

- ‌الحديث الحادي والتسعون

- ‌رجاله خمسة:

- ‌لطائف إسناده:

- ‌باب البول عند سُباطة قوم

- ‌الحديث الثاني والتسعون

- ‌رجاله ستة:

- ‌لطائف إسناده:

- ‌باب غَسل الدم

- ‌الحديث الثالث والتسعون

- ‌رجاله خمسة:

- ‌لطائف إسناده:

- ‌الحديث الرابع والتسعون

- ‌رجاله ستة:

- ‌لطائف إسناده:

- ‌باب غسل المني وفركه وغسل ما يصيب من المرأة

- ‌الحديث الخامس والتسعون

- ‌رجاله خمسة:

- ‌لطائف إسناده:

- ‌الحديث السادس والتسعون

- ‌رجاله سبعة:

- ‌لطائف إسناده:

- ‌باب إذا غسل الجنابة أو غيرها فلم يذهب أثره

- ‌الحديث السابع والتسعون

- ‌رجاله خمسة:

- ‌الحديث الثامن والتسعون

- ‌رجاله خمسة:

- ‌باب أبوال الإبل والدواب والغنم ومرابضها

- ‌الحديث التاسع والتسعون

- ‌رجاله خمسة:

- ‌لطائف إسناده:

- ‌الحديث المائة

- ‌رجاله أربعة:

- ‌لطائف إسناده:

- ‌باب ما يقع من النجاسات في السمن والماء

- ‌الحديث الحادي والمئة

- ‌رجاله ستة:

- ‌لطائف إسناده:

- ‌الحديث الثاني والمئة

- ‌رجاله سبعة:

- ‌لطائف إسناده:

- ‌الحديث الثالث والمئة

- ‌رجاله خمسة:

- ‌لطائف إسناده:

- ‌باب البول في الماء الدائم

- ‌الحديث الرابع والمئة

- ‌رجاله خمسة:

- ‌لطائف إسناده:

- ‌باب إذا أُلقِي على ظهرِ الْمُصَلِّي قذر أوْ جِيفَةٌ لمْ تَفْسُد عليهِ صَلاتُهُ

- ‌الحديث الخامس والمئة

- ‌رجاله عشرة:

- ‌لطائف إسناده:

- ‌باب البصاق والمخاط ونحوه في الثوب

- ‌الحديث السادس والمئة

- ‌رجاله سبعة:

- ‌باب لا يجوز الوضوء بالنبيذ ولا المسكر

- ‌الحديث السابع والمئة

- ‌رجاله خمسة:

- ‌لطائف إسناده:

- ‌باب غسل المرأة أباها الدم عن وجهه

- ‌الحديث الثامن والمئة

- ‌رجاله أربعة

- ‌لطائف إسناده:

- ‌باب السِواك

- ‌الحديث التاسع والمئة

- ‌رجاله خمسة:

- ‌لطائف إسناده:

- ‌الحديث العاشر والمئة

- ‌رجاله خمسة:

- ‌لطائف إسناده:

- ‌باب دفع السواك إلى الأكبر

- ‌الحديث الحادي عشر والمائة

- ‌رجاله ثمانية:

- ‌لطائف الإسنادين:

- ‌باب فضل من بات على الوضوء

- ‌الحديث الثاني عشر والمئة

- ‌رجاله ستة:

- ‌لطائف إسناده:

- ‌تنبيه

- ‌خاتمة

- ‌كتاب الغُسْلِ

- ‌باب الوضوء قبل الغسل

- ‌الحديث الأول

- ‌رجاله خمسة:

- ‌لطائف إسناده:

- ‌الحديث الثاني

- ‌رجاله سبعة:

- ‌لطائف إسناده:

- ‌باب غُسْلَ الرجل مع امرأته

- ‌الحديث الثالث

- ‌رجاله خمسة:

- ‌لطائف إسناده:

- ‌باب الغُسل بالصاع ونحوه

- ‌الحديث الرابع

- ‌رجاله سبعة:

- ‌لطائف إسناده:

- ‌الحديث الخامس

- ‌رجاله سبعة:

- ‌لطائف إسناده:

- ‌الحديث السادس

- ‌رجاله خمسة:

- ‌لطائف إسناده:

- ‌باب من أفاض على رأسه ثلاثًا

- ‌الحديث السابع

- ‌رجاله خمسة:

- ‌لطائف إسناده:

- ‌الحديث الثامن

- ‌رجاله ستة:

- ‌لطائف إسناده:

- ‌الحديث التاسع

- ‌رجاله خمسة:

- ‌لطائف إسناده:

- ‌باب الغسل مرة واحدة

- ‌الحديث العاشر

- ‌رجاله ستة:

- ‌لطائف إسناده:

- ‌باب من بدأ بالحِلاب أو الطيب عند الغُسل

- ‌الحديث الحادي عشر

- ‌رجاله خمسة:

- ‌لطائف إسناده:

- ‌باب المضمضة والاستنشاق في الجنابة

- ‌الحديث الثاني عشر

- ‌رجاله سبعة:

- ‌لطائف إسناده:

- ‌باب مسح اليد بالتراب لتكون أنقى

- ‌الحديث الثالث عشر

- ‌رجاله سبعة:

- ‌لطائف إسناده:

- ‌باب

- ‌الحديث الرابع عشر

- ‌رجاله أربعة:

- ‌لطائف إسناده:

- ‌الحديث الخامس عشر

- ‌رجاله خمسة:

- ‌لطائف إسناده:

- ‌الحديث السادس عشر

- ‌رجاله سبعة:

- ‌لطائف إسناده:

- ‌الحديث السابع عشر

- ‌رجاله ستة:

- ‌لطائف إسناده:

- ‌باب تفريق النُسل والوضوء

- ‌الحديث الثامن عشر

- ‌رجاله سبعة:

- ‌باب من أفرغ بيمينه على شماله في الغُسل

- ‌الحديث التاسع عشر

- ‌رجاله سبعة:

- ‌باب إذا جَامَعَ ثم عاد ومن دار على نسائه في غُسْلٍ واحد

- ‌الحديث العشرون

- ‌رجاله سبعة:

- ‌لطائف إسناده:

- ‌الحديث الحادي والعشرون

- ‌رجاله خمسة:

- ‌لطائف إسناده:

- ‌باب غَسْلِ المذي والوضوء منه

- ‌الحديث الثاني والعشرون

- ‌رجاله خمسة:

- ‌لطائف إسناده:

- ‌باب من تطيب ثم اغتسل وبقي أثر الطيب

- ‌الحديث الثالث والعشرون

- ‌رجاله خمسة

- ‌الحديث الرابع والعشرين

- ‌رجاله ستة:

- ‌لطائف إسناده:

- ‌باب تخليلِ الشَّعَرِ حتى إذا ظن أنه قد أروى بشرته أفاض عليه

- ‌الحديث الخامس والعشرون

- ‌رجاله خمسة:

- ‌لطائف إسناده:

- ‌باب من توضأ في الجنابة ثم غسل سائر جسده ولم يُعِدْ كسل مواضع الوضوء منه مرة أخرى

- ‌الحديث السادس والعشرون

- ‌رجاله سبعة:

- ‌لطائف إسناده:

- ‌باب إذا ذكر في المسجد أنه جنب يخرج ولا يتيمم

- ‌الحديث السابع والعشرون

- ‌رجاله ستة:

- ‌لطائف إسناده:

- ‌ورجالها أربعة:

- ‌باب نفض اليدين من الغسل عند الجنابة

- ‌الحديث الثامن والعشرون

- ‌رجاله سبعة:

- ‌لطائف إسناده:

- ‌باب من بدأ بشقِّ رأسه الأيمن في الغسل

- ‌الحديث التاسع والعشرون

- ‌رجاله خمسة:

- ‌لطائف إسناده:

- ‌بابُ مَنِ اغْتَسلَ عُرْيَانًا وَحْدَهُ في الخَلْوَةِ ومَنْ تَسَتَّر فالتستُّر أَفْضَلُ

- ‌الحديث الثلاثون

- ‌رجاله خمسة:

- ‌الحديث الحادي والثلاثون

- ‌رجاله خمسة:

- ‌لطائف إسناده:

- ‌باب التستر في الغسل عند الناس

- ‌الحديث الثاني والثلاثون

- ‌رجاله خمسة:

- ‌لطائف إسناده:

- ‌الحديث الثالث والثلاثون

- ‌رجاله ثمانية:

- ‌باب إذا احتلمت المرأة

- ‌الحديث الرابع والثلاثون

- ‌رجاله ستة:

- ‌لطائف إسناده:

- ‌باب عرق الجُنُب وأن المسلم لا يَنْجُس

- ‌الحديث الخامس والثلاثون

- ‌رجاله ستة:

- ‌لطائف إسناده:

- ‌باب الجنب يخرج ويمشي في السوق وغيره

- ‌الحديث السادس والثلاثون

- ‌رجاله خمسة:

- ‌الحديث السابع والثلاثون

- ‌رجاله ستة:

- ‌باب كينونة الجنب في البيت إذا توضأ

الفصل: بسم الله الرحمن الرحيم   ‌ ‌كتاب الغُسْلِ في رواية تقديم البسملة كما ترى،

بسم الله الرحمن الرحيم

‌كتاب الغُسْلِ

في رواية تقديم البسملة كما ترى، وللأكثر بالعكس، وقد مر توجيه ذلك في كتاب الإيمان، كما ذكرنا في أول كتاب الإيمان والوضوء وجه مناسبة ترتيب البخاري، بإتباع كتاب الوضوء لكتاب العلم.

وفي رواية الأصيلي حذف البسملة، وفيها: باب بدل كتاب، وهي أولى، لأن الكتاب يجمع أنواعًا، والغسل نوع واحد من أنواع الطهارة، وإن كان متعددًا في نفسه.

والغُسل بضم الغين اسم للاغتسال، وقيل: إذا أريد به الماء فهو مضموم، وأما المصدر فيجوز فيه الضم والفتح. وقيل: الغَسْل -بالفتح- فِعْل المغتسل، وبالضم الماء الذي يغتسل به، وبالكسر ما يُجعل مع الماء كالأشنان والخطمى.

والغُسل لغة: جريان الماء على الأعضاء. وشرعًا: غَسْل جميع الأعضاء مع تمييز ما للعبادة عمّا للعادة بالنية.

قال في "الفتح": واختُلف في وجوب الدلك، فلم يوجبه الأكثر، بل هو مستحب عند الشافعية والحنفية والحنابلة، ونُقل عن مالك والمُزَني وجوبه. واحتج ابن بطال بالإجماع على وجوب إمرار اليد على أعضاء الوضوء عند غسلها، قال: فيجب ذلك في الغسل قياسًا، لعدم الفرق بينهما.

قال: وتُعقِّب بان جميع من لم يوجب الدلك أجازوا غمس اليد في الماء

ص: 341

للمتوضىء من غير إمرار، فبطُل الإجماع، وانتفت الملازمة.

قلت: ما قاله مصادرة، وهي جعل الدعوى جزءً من الدليل، فإن القائلين بالاكتفاء بغمس اليد في الماء مطلوب منهم الدليل، هل وجدوا ذلك في حديث من فعله عليه الصلاة والسلام أو أثر صحيح عن أصحابه رضي الله تعالى عنهم، وأما قول المخالف فلا يُبْطِل الإجماع، وقد مر الكلام على وجوب الدلك في الوضوء في باب الوضوء بالمد، فراجعه.

ثم إن المؤلف افتتح كتاب الغُسل بآيتي النساء والمائدة إشعارًا بأن وجوب الغسل على الجُنُب بنص القرآن، فقال:

وقولِ اللهِ تعالى وللأصيلي عز وجل: {وَإِنْ كُنْتُمْ جُنُبًا فَاطَّهَّرُوا وَإِنْ كُنْتُمْ مَرْضَى أَوْ عَلَى سَفَرٍ أَوْ جَاءَ أَحَدٌ مِنْكُمْ مِنَ الْغَائِطِ أَوْ لَامَسْتُمُ النِّسَاءَ فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً فَتَيَمَّمُوا صَعِيدًا طَيِّبًا فَامْسَحُوا بِوُجُوهِكُمْ وَأَيْدِيكُمْ مِنْهُ مَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيَجْعَلَ عَلَيْكُمْ مِنْ حَرَجٍ وَلَكِنْ يُرِيدُ لِيُطَهِّرَكُمْ وَلِيُتِمَّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكُمْ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ} .

والجنب الذي أصابته الجنابة يستوي فيه المذكر والمؤنث، والواحد والجمع؛ لأنه يجري مجرى المصدر الذي هو الإجناب، وأصله من البعد، وسُمي الإنسان جُنبًا لأنه نُهي أن يَقْرَب مواضع الصلاة ما لم يتطهر.

وقوله: {فَاطَّهَّرُوا} أي: اغسلوا أبدانكم على وجه المبالغة؛ لأن أصله اطتهر، قُلبت التاء طاء، وأدغم الطاء في الطاء، فهو من الافتعال، والافتعال يدل على التكلف والاعتمال.

وقدم المؤلف الآية التي من سورة المائدة على الآية التي من سورة النساء لدقيقة، وهي أن لفظ التي في المائدة:{فَاطَّهَّرُوا} ففيها إجمال، ولفظ التي في النساء:{حَتَّى تَغْتَسِلُوا} ففيها تصريح بالاغتسال، وبيان للتطهير المذكور.

ودل على أن المراد بقوله تعالى: {فَاطَّهَّرُوا} فاغتسلوا، قوله تعالى في

ص: 342

الحائض: {وَلَا تَقْرَبُوهُنَّ حَتَّى يَطْهُرْنَ فَإِذَا تَطَهَّرْنَ} [البقرة: 222]، أي: اغتسلن اتفاقًا.

وقوله: {وَإِنْ كُنْتُمْ مَرْضَى} أي: مرضاً يُخاف معه من استعمال الماء، فإن الواجد له كالعادم، أو مرضًا يمنعه من الوصول إليه، فقد روى ابن أبي حاتم عن مجاهد أنها نزلت في مريض من الأنصار، لم يكن له خادم، ولم يستطع أن يقوم فيتوضأ.

وقوله: {أَوْ عَلَى سَفَرٍ} أي: طويلًا كان أو قصيرًا، فلم تجدوا فيه ماء.

وقوله: {أَوْ جَاءَ أَحَدٌ مِنْكُمْ مِنَ الْغَائِطِ} أي: فأحدث بخروج الخارج من أحد السبيلين، وأصل الغائط المُطْمَئن من الأرض كما مر مرارًا.

وقوله: {أَوْ لَامَسْتُمُ النِّسَاءَ} أي: جامعتُموهن كما هو قول علي، والثابت عن ابن عباس وأكثر الصحابة والتابعين: أو ماسستم بشرتهن ببشرتكم، وبه استدل الشافعي على أن اللمس ينقُض الوضوء وهو قول ابن مسعود وابن عمر وبعض التابعين، وقد مر الكلام على النقض باللمس مطولًا في باب من لم ير الوضوء إِلا من المخرجين.

وقوله: {فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً} أي: فلم تتمكنوا من استعماله، إِذ الممنوع عنه كالمفقود، ووجه هذا التقسيم أن المترخِّص بالتيمم إما محدِثٌ أو جُنب، والحال المقتضية له في غالب الأمر مرض أو سفر، والجُنُب لمّا سَبَق ذكره اقتُصِر على بيان حاله، والمحدِث لما لم يجر ذكره ذَكَر أسبابه ما يُحدِث بالذات وما تحدِث بالعرَض، واستغنى عن تفصيل أحواله بتفصيل حال الجنب وبيان العذر مجملًا، وكأنه قيل: وان كنْتُم جُنُبًا مرضى أو على سفر أو محدثين جئتم من الغائط أو لامستم النساء فلم تجدوا ماء.

وقوله: {فَتَيَمَّمُوا صَعِيدًا طَيِّبًا} أي: اقصدوا ما على وجه الأرض على أي حال كان، من رمل أو حجر أو مدَر أو تراب طيِّب، أي: طاهر؛ لأن الصعيد لغة وجه الأرض كما عند الخليل وغيره، وسمي بذلك لأنه نهاية ما يَصْعد إليه من

ص: 343

باطن الأرض. وقيل: الطيب الحلال. وقيل: المُنْبتْ دون السَّبْخة، كما في قوله تعالى:{وَالْبَلَدُ الطَّيِّبُ يَخْرُجُ نَبَاتُهُ بِإِذْنِ رَبِّهِ} [الأعراف: 58]، وتمسك الشافعي بكونه مُنْبِتًا، فقال: لابد أن يعلق باليد شيء من التراب.

وقوله: {فَامْسَحُوا بِوُجُوهِكُمْ وَأَيْدِيكُمْ مِنْهُ} تعليم لكيفية التيمم، ولم يبيِّن غاية المسح؛ لأنه مبيَّن في الوضوء الذي هو نائب عنه بقوله:{إِلَى الْمَرَافِقِ} وبفعله عليه الصلاة والسلام.

وقوله: {مِنْهُ} كلمة من للتبعيض عندمن يشترط تعلَّق شيء من التراب باليد، ولابتداء الغاية عند من لا يشترط ذلك. وقيل: الضمير في منه للحديث المفهوم من السياق، ومن للتعليل.

وقوله: {مَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيَجْعَلَ عَلَيْكُمْ مِنْ حَرَجٍ} أي: ضيق، أي: بما فَرَضَ من الغسل والوضوء والتيمم.

وقوله: {وَلَكِنْ يُرِيدُ لِيُطَهِّرَكُمْ} أي: من الأحداث والذنوب، فإن الوضوء تكفير لها.

وقوله {وَلِيُتِمَّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكُمْ لَعَلَّكُمْ} بيان ما هو مطفر للقلوب والأبدان عن الآثام والأحداث.

وقوله: {لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ} أي: نعمتي فأزيدها عليكم. وفيه إشارة إلى كون الإنسان كفورًا.

وفي الآية سبعة أمور كلها مثنى: طهارتان أصل وبدل، والأصل مستوعِب وغير مستوعِب، وغير المستوعب باعتبار الفعل غَسْلُ ومسح، وباعتبار المحل محدودٌ وغير محدودٌ. وآلتهما مائع وجامدَ، وموجِبُهما حدث أصغر وأكبر، والمبيح للعدول إلى البدل مرض أو سفر، والموعود عليهما تطهير الذنوب وإتمام النعمة.

وقولِهِ جلَّ ذِكْرُهُ: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَقْرَبُوا الصَّلَاةَ وَأَنْتُمْ سُكَارَى

ص: 344

حَتَّى تَعْلَمُوا مَا تَقُولُونَ وَلَا جُنُبًا إِلَّا عَابِرِي سَبِيلٍ حَتَّى تَغْتَسِلُوا وَإِنْ كُنْتُمْ مَرْضَى أَوْ عَلَى سَفَرٍ أَوْ جَاءَ أَحَدٌ مِنْكُمْ مِنَ الْغَائِطِ أَوْ لَامَسْتُمُ النِّسَاءَ فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً فَتَيَمَّمُوا صَعِيدًا طَيِّبًا فَامْسَحُوا بِوُجُوهِكُمْ وَأَيْدِيكُمْ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَفُوًّا غَفُورًا}.

قوله: {الصَّلَاةِ} أي: نفسها أو مواضعْها، ورُدَّ هذا بأنه يقال في اللغة: لا تَقْرَب كذا بفتح الراء، أي: لا تلتبس بالفعل، وإن كان معناه لا تدنُ من الموضع، فهو بضم الراء.

وقوله: {وَأَنْتُمْ سُكَارَى} أي: من الشرب.

وقوله: {حَتَّى تَعْلَمُوا مَا تَقُولُونَ} أي: اجتنبوها حال السكر، نزلت في جمع من الصحابة شربوا الخمر قبل تحريمها. عند ابن عوف، وتقدم علي للإمامة، وقرأ: قُل يا أيُّها الكافرونَ أعبدُ ما تعبدونَ ونحنُ نعبدُ ما تعبدونَ. فنزلت. أخرجه أبو داود، والترمذي وحسنه، والنسائي، والحاكم وصححه، وقال الضحّاك: عني به سكر النوم لا سكر الخمر.

وقوله: {وَلَا جُنُبًا} أي: ولا تقربوا الصلاة أو مواضعها جنبًا، فهو منصوب على الحال، عطف على:{وَأَنْتُمْ سُكَارَى} لأن الجمل التي لها محل من الإعراب في حكم المفردات.

وقوله: {إِلَّا عَابِرِي سَبِيلٍ} أي: مجتازي سبيل، أي إلا مسافرين، فتيمموا وصلّوا وأنتم جُنب؛ لأن التيمم يبيح الصلاة ولا يرفع الحدث، وهوحال مُقدَّرة للفعل المقيد بالحال، كأنه قال: لا تقربوا الصلاة في حال الجنابة إلا ومعكم حال أخرى تُعذرون فيها وهي كونكم مسافرين. وفيه إيماء إلى أن سائر الأعذار مثل السفر، وذَكَره لأنه الغالب، فلا يُنافي هذا الحصر ما يُذكر بعد من الموجبات، ويجوز أن يكون وصفًا للحال، أي: جُنبًا غير عابري سبيل.

وقوله: {حَتَّى تَغْتَسِلُوا} غاية للنهي، وفيه إشعار بوجوب النية في الغُسل، إذ لفظ اغتسل يقتضي الاكتساب، ولا يكون إلا مع النية، خلافًا للحنفية،

ص: 345