الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
سيلان، كما يدل عليه قوله الآتي قريبًا:"ولم يغسِلْه"، زاد مسلم عن عبد الله بن نُمَيْر عن هشام:"فأَتْبَعَهُ ولم يغسِله"، ولابن المنذر عن هشام:"فصبَّ عليه الماء"، وللطحاوي عن هشام أيضًا:"فنَضَحَهُ عليه".
رجاله خمسة:
الأول: عبد الله بن يوسف،
والثاني: الإِمام مالك، وقد مرَّا في الثاني من بدء الوحي. وكذلك هشام وأبو عُروة وأُم المؤمنين عائشة.
لطائف إسناده:
منها أن فيه التحديث بصيغة الجمع والإِخبار بصيغة الجمع، وفيه العنعنة في ثلاث مواضع.
أخرجه البخاري هنا، والنَّسائي في الطهارة عن قتيبة عن مالك.
والصبي: قيل: إنه عبد الله بن الزُّبير، وقد مرَّ تعريفه في الثامن والأربعين من كتاب العلم. وقيل: إنه الحسن. وقيل: إنه الحسين، ونذكر تعريفهما هنا تتميمًا للفائدة.
فالحسن: هو ابن علي بن أبي طالب بن عبد المطَّلب بن هاشم بن عبد مَناف الهاشمي سبي رسول الله صلى الله عليه وسلم، وريحانته، أمير المؤمنين أبو محمد.
ولدته أُمه فاطمة بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم في النصف من شهر رمضان سنة ثلاث من الهجرة على أصح ما قيل فيه، وعقَّ عنه رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم سابعه بكبش، وحلق رأسه، وأمر أن يُتصدق بزنته فضة.
وروي عن علي أنه قال: لما وُلد الحسن جاء رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال:"أروني ابني، ما سميتموه؟ ". قلت: سميته حربًا. قال: "بل هو حسن". فلما ولد الحسين، قال:"أروني ابني، ما سميتمو؟ " قلت: سميته حربًا. قال: "بل هو حُسَيْن". فلما ولد الثالث، جاء النبي صلى الله عليه وسلم، فقال:"أروني ابني، ما سميتموه". قلت: حربًا. قال: "بل هو محسنٌ"، ثم قال: "إني سميتهم
بأسماء ولد هارون شَبَر وشُبَيْر ومُشْبِر".
وروي عن علي رضي الله تعالى عنه أنه قال: كان الحسن أشبه الناس برسول الله صلى الله عليه وسلم ما بين الصدر إلى الرأس، والحسين أشبه الناس به ما كان أسفل.
وقال أنس: لم يكن أحدٌ أشبه برسول الله صلى الله عليه وسلم من الحسن. وفي رواية معمر عنه: أشبه وجهًا.
وعن عُقبة بن الحارث، قال: صلَّى بنا أبو بكر العصر، ثم خرج، فرأى الحسن بن علي يلعب، فأخذه، فحمله على عُنُقه وهو يقول: بأبي شبيهٌ بالنبي، لا شبيهٌ بعلي، وعليٌّ يضحك.
وعن أبي مُليكة: كانت فاطمة تُنغّي الحسن، وتقول مثل ذلك.
وروى الزبير عن عمه قال: تذاكرنا من أَشْبَهَ النبيَّ صلى الله عليه وسلم من أهله، فدخل علينا عبد الله بن الزبير، فقال: أنا أحدثكم بأشبه أهله به وأحبهم إليه، الحسن بن علي، رأيته يجيء وهو ساجدٌ، فيركب رقبته، أو قال: ظهره، فما يُنْزِلُه حتى يكون هو ينزل، ولقد رأيته يجيء وهو راكع، فيفرِّجُ له بين رجليه حتى يخرجَ من الجانب.
وروى التِّرمذي من حديث أسامة بن زيد، قال: طرقت النبي صلى الله عليه وسلم في بعض الحاجة، فقال:"هذان ابناي وابنا ابنتي، اللَّهم إني أحبُّهما، فأحِبَّهما، وأحبَّ من يحبُّهما".
وفيه أيضًا من حديث بُريدة، قال: كان النبي صلى الله عليه وسلم يخطُبُ، إذ جاءه الحسن والحسين عليهما قميصان أحمران يمشيان ويعثُران، فنزل من المِنْبر، فحملهما ووضعهما بين يديه.
وفي "البخاري" عن أسامة، كان النبي صلى الله عليه وسلم يُجلسني والحسن بن علي، فيقول:"اللَّهم إني أحبُّهما فأحبَّهما".
وفي الطبراني عن أبي هريرة: سمعت أذناي هاتان وأبصرت عيناي هاتان رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهو آخذ بكفيه جميعًا -يعني: الحسن والحسين- وقدماه على قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهو يقول: حزقة حزقة، ترق عين بقة. فيرقى الغلام حتى يضَعَ قدميه على صدر رسول الله صلى الله عليه وسلم، ثم قال له:"افتح"، ثم قبله، ثم قال:"اللهمَّ أحِبَّه فإني أحبُّه".
ومن طريق زُهير بن الأحمر: بينما الحسن بن علي يخطب بعدما قُتِل علي، إذ قام رجل من الأزد، آدم طُوال، فقال: لقد رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم واضعه في حبوته، يقول:"من أحبَّني فَلْيحبَّه"، فليُبَلِّغ الشاهد، ولولا عَزْمة رسول الله صلى الله عليه وسلم ما حدثتكم.
وعن أبي هُريرة قال: خرج علينا رسول الله صلى الله عليه وسلم ومعه الحسن وحسين، هذا على عاتقه وهذا على عاتقه، ويَلْثَم هذا مرة وهذا مرة، حتى انتهى إلينا، فقال:"مَنْ أحبَّهما فقد أحبَّني، ومَنْ أبغضهُما فقد أبغضني".
وعن عبد الله بن مسعود: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي، فإذا سجد وثب الحسن والحسين على ظهره، فإذا أرادوا أن يمنعوهما أشار إليهم أن دعوهما، فإذا قَضَى الصلاة وضعهُما في حِجْره، فقال:"مَنْ أحبَّني فليحبَّ هذين".
ومن حديث أُم سلمة قالت: دخل عليٌّ وفاطمة ومعهما الحسن والحسين، فوضعهما في حُجره، فقبَّلهما واعتنق عليًّا بإحدى يديه، وفاطمة بالأخرى، فجعل عليهم خَميصَة سوداء، فقال:"اللَّهمَّ إليك لا إلى النار".
ومن حديث حُذيفة رفعه: "الحسن والحسين سيِّدا شباب أهل الجنة، وأبوهما خيرٌ منهما".
وفي "البخاري" عن أبي بَكْرة: رأيت النبي صلى الله عليه وسلم على المِنْبر، والحسن بن علي معه، وهو يُقْبِل على النّاس مرة وعليه مرة، ويقول:"إن ابني هذا سيدٌ، ولعلَّ الله أن يُصلحَ به بين فئتين من المسلمين".
وعن أبي بَكْرة: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلّي بالناس، وكان ابن علي يَثِبُ على ظهره إذا سجد، ففعل ذلك غير مرة، قالوا له: إنك لتفعلُ بهذا شيئًا ما رأيناك تفعل بأحد؟ قال: "إن ابني هذا سيدٌ، وسيُصْلح به بين فئتين من المسلمين"، وفي رواية:"ولعل الله أن يُبقيه حتى يُصْلحَ به بين فئتين عظيمتين من المسلمين، وإنه رَيْحانتي من الدنيا".
ولا أسودَ ممن سماه النبي صلى الله عليه وسلم سيدًا، وكان من المبادرين إلى نصر عثمان، والذّابين عنه، وكان رحمه الله تعالى حليمًا ورعًا فاضلًا دعاه ورعه وفضله إلى أن ترك الدنيا والملك رغبة فيما عند الله. وقال: والله ما أحببتُ منذ علمت ما ينفعني ويضرني أن أليَّ أمر أمة محمد صلى الله عليه وسلم-على أن يُهراق في ذلك محجمة دم.
ولما قُتل أبوه عليٌّ بايعه أكثر من أربعين ألفًا، كلهم قد كانوا بايعوا عليًّا قبل موته على الموت، وكانوا أطوع للحسن وأحب فيهم منه في أبيه، فبقي نحو سبعة أشهر خليفة بالعراق وما وراءها من خُراسان، ثم سار إلى معاوية وسار معاوية إليه، فلما تراءى الجمعان وذلك بموضع يُقال له: مسكن، من أرض السواد بناحية الأنبار، علم أنه لن تُغلب إحدى الفئتين حتى يذهب أكثر الأخرى، فكتب إلى معاوية يخبره أنه يُصَيِّر الأمر إليه على أن يشترط عليه أن لا يَطْلُبَ أحدًا من أهل المدينة والحجاز ولا أهل العراق بشيء كان في أيام أبيه، فأجابه معاوية وكاد يطير فرحًا، إلا أنه قال: أما عشرة أنفس فلا أؤمِّنهم. فراجعه الحسن فيهم، فكتب إليه يقول: إني قد آليت متى ظفرت بقيس بن سعد أن أقطِع لسانه ويده. فراجعه الحسن: إني لا أبايعك أبدًا وأنت تطلب قيسًا أو غيره بتبِعة قلَّت أو كثُرت. فبعث إليه معاوية حينئذ برَقٍّ أبيض، وقال: اكتب ما شئت فيه، وأنا ألتزمه. فاصطلحا على ذلك، واشترط عليه الحسن أن يكون له الأمر من بعده، فالتزم ذلك كلَّه معاوية. فقال له عمرو بن العاص: إنهم قد انْفَلَّ حَدُّهم، وانكسرت شوكتهم. فقال له معاوية: أما علمت أنه قد بايعه أربعون ألفًا على الموت، فوالله لا يُقتلون حتى يُقتل أعدادهم من أهل الشام، والله ما في العيش خير بعد ذلك. فكان كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأصلح به الله بين فئتين عظيمتين من المسلمين.
ورُوي عن عَمرو بن دينار أنه قال: كان معاوية يعلم أن الحسن أكره الناس للفتنة، فراسله وأصلح الذي بينهما، وأعطاه عهدًا: إن حَدَثَ به حَدَثٌ والحسن حيٌّ ليجعلن هذا الأمر إليه.
وعن عبد الله بن جعفر قال: قال الحسن: إني رأيت رأيًا أُحبُّ أن تتابعني عليه. قلت: ما هو؟ قال: رأيت أن أعمِد إلى المدينة، فأنزلَها، وأُخَلّيَ الأمر لمعاوية، فقد طالت الفتنة، وسُفكت الدماء، وقُطعت السُّبل. قال: فقلت له: جزاك الله خيرًا عن أُمة محمد. فبعث إلى حسين، فذكر له ذلك، فقال: أعيذُك بالله، فلم يزل به حتى رضي.
ورُوي عن ضَمْرة، عن ابن شَوْذَب قال: لما قُتل علي سار الحسن في أهل العراق ومعاوية في أهل الشام، فالتَقَوْا، فكره الحسن القتال، وبايع معاوية على أن يجعل العهد له من بعده، فكان أصحاب الحسن يقولون له: يا عار المؤمنين، فيقول: العار خيرٌ من النار.
وروُي عن الشعبي وغيره قال: بايع أهل العراق بعد علي الحسنَ بن علي، فسار إلى أهل الشام وفي مقدمته قَيْس بن عُبادة في اثني عشر ألفًا يسمَّوْن شرطة الجيش، فنزل قيس بمَسْكَن من الأنبار، ونزل الحسن المدائن، فنادى منادٍ في عسكر الحسن ألا إن قيسًا قد قُتل، فوقع الانتهاب في العسكر حتى انتهبوا فُسطاط الحسن، وطعنه رجل من بني أسد بخنجره، فدعا عمرو بن سلمة الأرجي وأرسله إلى معاوية يشترط عليه، وبعث معاوية عبد الرحمن بن سَمُرة وعبد الله بن عامر، فأعطيا الحسن ما أراد، فجاءه معاوية من منبج إلى مَسْكَن، فدخلا الكوفة جميعًا، فنزل معاوية النخيلة، ونزل الحسن القصر، وأجرى عليه معاوية في كل سنة ألف ألف درهم، وعاش الحسن بعد ذلك عشر سنين.
وقال هلال بن حبان؛ جمع الحسن رؤوس أهل العراق في هذا القصر قصر المدائن، فقال: إنكم بايعتموني على أن تُسالموا مَنْ سالمت، وتُحاربوا مَنْ حاربت، وإني قد بايعت معاوية فاسمعوا له وأطيعوا.
وعن أبي الغِطْريف قال: كنّا في مقدمة الحسن بن علي اثنا عشر ألفًا بمَسْكن، مستميتين، تقطر أسيافنا من الجد والحرص على قتال أهل الشام، وعلينا أبو العمرطة، فلما جاء صلح الحسن بن علي كأنما كُسرت ظهورنا من الغيظ والحزن، فلما جاء الحسن الكوفة أتاه شيخ منا يُكنى أبا عامر سفيان بن أبي ليلي، فقال: السلام عليك يا مُذِلَّ المؤمنين. فقال: لا تقل يا أبا عامر، فإني لم أُذِلَّ المؤمنين، ولكني كرهت أن أقتلهم في طلب الملك.
والصحيح أن تسليم الأمر منه لمعاوية كان عام إحدى وأربعين في النصف من جمادى الأولى، وكان هذا العام يُسمّى عام الجماعة، ووهم من قال: إنه عام أربعين.
ولما دخل معاوية الكوفة حين سَلَّم إليه الحسنُ الأمرَ، قال له عمرو بن العاص: مُرِ الحسن بن علي يخطب الناس، فكره معاوية ذلك، وقال: لا حاجة لنا بذلك. فقال عمرو: ولكني أريد ذلك ليبدو عليه، فإنه لا يدري هذه الأمور ما هي، ولم يزل بمعاوية حتى أمر الحسن يخطب، وقال له: قم يا حسن فكلِّم الناس فيما جرى بيننا، فقام الحسن، فتشهد وحمد الله وأثنى عليه، ثم. قال في بديهته: أما بعد أيها الناس: فإن الله هداكم بأوَّلنا، وحقن دماءكم بآخرنا، وإن لهذا الأمر مدة، والدنيا دُول، وإن الله عز وجل يقول:{وَإِنْ أَدْرِي أَقَرِيبٌ أَمْ بَعِيدٌ مَا تُوعَدُونَ (109) إِنَّهُ يَعْلَمُ الْجَهْرَ مِنَ الْقَوْلِ وَيَعْلَمُ مَا تَكْتُمُونَ (110) وَإِنْ أَدْرِي لَعَلَّهُ فِتْنَةٌ لَكُمْ وَمَتَاعٌ إِلَى حِينٍ} [الأنبياء: 109 - 111]، فلما قالها، قال معاوية: اجلس. فجلس، ثم قام معاوية فخطب الناس، ثم قال لعمرو: هذا من رأيك.
وروي عن الشعبي قال: لما جرى الصلح بين الحسن بن علي ومعاوية، قال له معاوية: قم فاخطُب الناس واذكُر ما كنت فيه، فقام الحسن، فخطب، فقال: الحمد لله الذي هدى بنا أوَّلكم، وحقَنَ بنا دماء آخركم، ألا إن أكْيَسَ الكَيسِ التُّقى، وأعجَزَ العَجْز الفُجور، وإن هذا الأمر الذي اختلفت فيه أنا ومعاوية، إما أن يكون كان أحق به مني، وإما أن يكون حقي، فتركناه لله ولصلاح أُمة محمد صلى الله عليه وسلم وحقن دمائهم، ثم التفت إلى معاوية، وقال: {وَإِنْ
أَدْرِي لَعَلَّهُ فِتْنَةٌ لَكُمْ وَمَتَاعٌ إِلَى حِينٍ} [الأنبياء: 111]. ثم نزل، فقال معاوية لعمرو: ما أردتَ إلَاّ هذا.
وروي عن أبي هُريرة قال: صلَّى النبي صلى الله عليه وسلم العشاء، فجعل الحسن والحسين يثبان على ظهره، فلما قضى الصلاة قلت يا رسول الله: أذهب بهما إلى أُمهما؟ قال: فبرقت بارقة، فلما يزالا في وضوئها حتى دخلا على أُمهما.
وروي من حديث علي رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم أخذ بيد الحسن والحسين، وقال:"مَنْ أحبَّني أحبَّ هذين وأباهما وأُمَّهما، كان معي في درجتي يوم القيامة".
وعن أُم سلمة أن النبي صلى الله عليه وسلم جلَّل عليًّا وحَسنًا وحُسينًا وفاطمة كساء، ثم قال:"اللهمَّ إن هؤلاء أهل بيتي وخاصتي، اللهمَّ أذهِبْ عنهم الرِّجْسَ وطهِّرهم تطهيرًا".
وعن أبي هُريرة، قال: أشهد لخرجنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، حتى إذا كنا ببعض الطريق، سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم صوت الحسن والحُسين يبكيان مع أُمهما، فأسرع السير حتى أتاهما، فسمعته يقول:"ما شأن ابنيَّ"، فقالت: العطش. قال: فأخلف رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى شنة يتوضأ بها فيها ماء، وكان الماء يومئذٍ أغدارًا، والناس يريدون الماء، فنادى:"هل أحد منكم معه ماء" فلم يجد أحد منهم قطرة. فقال: "ناوليني أحَدَهَما"، فناولته إياه من تحت الخدر، فأخذه فضمه إلى صدره وهو يصعو ما يسكت، فأدلع له لسانه، فجعل يمصه حتى هدأ وسكن، وفعل بالآخر مثل ذلك.
وحج خمس عشرة حجة وهو ماشٍ وجنائبه تقاد، وكان لا تفارقه أربع حرائر، وكان مطلاقًا، وكان لا يفارق امرأة إلَاّ وهي تحبه.
له ثلاثة عشر حديثًا.
روى عن جده رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأبيه علي، وأخيه حسين، وخاله هِند بن أبي هالة.
وروى عنه: ابنه الحسن، وعائشة أُم المؤمنين، وأبو الحَوْراء -بمهملتين- ربيعة بن شيبان، وعِكرمة مولى ابن العبّاس، ومحمد بن سِيرين، وهُبيرة بن يَريم -بفتح المثناة التحتية وزن عظيم-.
ومن أحاديثه: أخذت تمرة من تمر الصدقة، فتركتها في فيَّ، فنزعها بلعابها، وقال:"إنا آل محمدٍ لا تحِلُّ لنا الصدقة". ومنها حديث الدعاء في القنوت.
مات الحسن رضي الله تعالى عنه بالمدينة سنة تسع وأربعين، وقيل: سنة خمسين. وقيل: سنة إحدى وخمسين. ودُفن ببقيع الغرقد، قال ثعلبة بن أبي مالك: شهدت الحسن يوم مات ودفن في البقيع، فرأيت البقيع ولو طُرحت فيه إبرة ما وقعت إلَاّ على رأس إنسان.
ومات مسمومًا، يقال: إن زوجته بنت الأشعث بن قيس سمَّته. وقالت طائفة: إن ذلك كان بدسيسةٍ من معاوية إليها وبذلٍ لها، وكانت لها ضرائر، وإنه اشتكى منه شكاةً، كان يوضع تحته اطست وترفع أخرى نحوًا من أربعين يومًا.
ودخل عليه الحُسين -رحمهما الله- فقال: يا أخي: إني سُقيت السم ثلاث مرارٍ، لم أسق مثل هذه المرة، إني لأَضَع طائفة من كبدي. فقال له الحسين: أخي: مَنْ سقاك السم؟ قال: وما تريد إليه، أتريد أن تقتله؟ قال: نعم. قال: فإن كان الذي أظن فالله أشد نقمة، وإن كان غيره فما أحبُّ أن يُقتل فيَّ بريء.
ولما حضرته الوفاة قال لأخيه الحسين: يا أخي: إن أباك رحمه الله لما قُبض رسول الله صلى الله عليه وسلم استشرف لهذا الأمر ورجا أن يكون صاحبه، فصرفه الله عنه، ووليها أبو بكر، فلما حضرت أبا بكرٍ الوفاة تشوَّف لها أيضًا، فصُرفت عنه إلى عمر، فلما احتضر عُمر جعلها شورى بين ستة هو أحدهم، فلم يشكَّ أنها لا تعدوه، فصُرفت عنه إلى عثمان، فلما مات عثمان بُويع ثم نُوزع حتى جَرَّدَ السيف وطلبها، فما صفا له منها شيء، وإني والله لا أدري أن يجمع الله فينا
أهل البيت النبوة والخلافة، فلا أعرِفَنَّ ما استخفَّك سفهاء أهل الكوفة فأخرجوك. إني وإن كنت طلبت إلى عائشة إذا متُّ أن تأذن لي فأُدفن في بيتها مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقالت: نعم. وإني لا أدري لعلَّها كان ذلك منها حياء، فإذا أنا متُّ فاطلب ذلك إليها، فإن طابت نفسها فادفِنّي في بيتها، وما أظن القوم إلا يمنعونك إذا أردت ذلك، فإذا فعلوا فلا تُراجعهم في ذلك، وادفِنّي في بقيع الغرقد، فإن لي فيمن فيه أسوة. فلما مات الحسن، أتى الحسين عائشة، فطلب ذلك منها، فقالت: نعم وكرامة. فبلغ ذلك مروان، فقال مروان: كذب وكذَبَتْ، والله لا يُدفن هناك أبدًا، منعوا عثمان من دفنه في المقبرة ويريدون أن يدفنوا حسنًا في بيت عائشة، فبلغ ذلك الحسين، فدخل هو ومَنْ معه في السلاح، وبلغ ذلك مروان، فاستلأم الحديد أيضًا، فبلغ ذلك أبا هُريرة، فقال: والله ما هو إلا ظلم، يُمنع حسنٌ أن يُدفن مع أبيه، والله إنه لابن رسول الله صلى الله عليه وسلم، ثم انطلق إلى الحُسين فكلمه وناشده الله، وقال له: أليس قد قال أخوك: إن خفت أن يكون قتال فرُدَّني إلى مقبرة المسلمين؟ فلم يزل به حتى فعل، وحمله إلى البقيع، فلم يشهده يومئذ من بني أمية إلا سعيد بن العاص، وكان يومئذ أميرًا على المدينة، قدمه الحسين للصلاة، وقال: لولا أنها السُنّة ما قدمتُك، وإلا خالد بن الوليد بن عُقبة ناشد بني أمية أن يُخلوه يشاهد الجنازة، فتركوه، فشهد دفنه في المقبرة، ودفن إلى جنب أُمه فاطمة رضي الله عنها وعن بنيها أجمعين.
وقال مساوِر مولى بني سعد بن بكر: رأيت أبا هُريرة قائمًا على المسجد يوم مات الحسن يبكي وينادي بأعلى صوته: يا أيُّها الناس: مات اليوم حِبُّ رسول الله صلى الله عليه وسلم، فابكوا.
وروي عن ابن عُيينة أنه قال: قُتل علي وهو ابن ثمان وخمسين، ومات لها الحسن، وقُتل لها الحسين، وقيل: مات الحسن وهو ابن سبع وأربعين سنة.
الثاني: الحسين بن علي بن أبي طالب بن عبد المطَّلب بن هاشم الهاشمي أبو عبد الله سِبط رسول الله صلى الله عليه وسلم ورَيْحانته.
ولد في شعبان سنة أربع، وقيل: سنة ست. وقيل: سنة سبع، وليس بشيء. وقيل: لم يكن بين الحمل بالحسين بعد ولادة الحسن إلا طهر واحد، فإذا كان الحسن ولد في رمضان، وولد الحسين في شعبان، احتمل أن يكون ولدته لتسعة أشهر، ولم تطهر من النفاس إلا بعد شهرين.
وقد حفظ من النبي صلى الله عليه وسلم ثمانية أحاديث، وأخرج له أصحاب "السنن" أحاديث يسيرة. وروى ابن ماجه وأبو يَعْلى عنه، قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "ما من مسلمٍ تصيبه مصيبة وإن قَدُم عهدُها، فيحدث لها استرجاعًا، إلَاّ أعطاه الله ثواب ذلك".
وروى عن: أبيه، وأُمه، وخاله هند بن أبي هالة، وعن عمر.
وروى عنه: أخوه الحسن، وبنوه علي زين العابدين، وفاطمة، وسكينة، وحفيده الباقر، والشعبيّ، وعِكرمة، وشَيبان الدُّؤلي، وكِرْز التميمي، وآخرون.
وعن علي رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لابنته فاطمة: "إني أباك، وإيّاك، وهذين، وهذا الراقد والدهما عليًّا في الجنة في مكان واحد". رواه أبو داود الطّيالسي.
وعن أبي هُريرة قال: كان الحسن والحسين يَصْطَرِعان بين يدي رسول الله صلى الله عليه وسلم، فجعل يقول:"هي حسين"، فقالت فاطمة: لم تقول هي هي حسين؟ فقال: "إن جبريل يقول: هي".
وفي "الصحيح" عن ابن عمر حين سأله رجل عن دم البعوض: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "هُما رَيْحانتاي من الدنيا" يعني الحسن والحسين.
وقد تقدم في ترجمة الحسن قريبًا شيء من مناقبه. وقال أنس: أما إنه كان أشبههم برسول الله صلى الله عليه وسلم.
وعن زينب بنت أبي رافع قالت: أتت فاطمة بابنَيْها إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم في شكواه الذي تُوفي فيه، فقالت لرسول الله صلى الله عليه وسلم: هذان ابناك، فورِّثْهما شيئًا.
فقال: "أما حسن فإن له هَيْبتي وسؤددي، وأما حسين فله جُرأتي وجودي".
وعن يعلي بن مُرة رفعه: "حُسين مني وأنا من حسين، أحبَّ الله من أحبَّ حسينًا، حسين سِبط من الأسباط".
وقال عبد الله بن شدّاد بن الهادي، عن أبيه: سجد رسول الله صلى الله عليه وسلم-سجدةً أطالها حتى ظننّا أنه قد حدث أمر، أو أنه يُوحى إليه، فلما قضى صلاته قال:"كل ذلك لم يكُن، ولكن ابني ارتَحَلَني، فكرهت أن أَعْجَلُه حتى يقضيَ حاجته".
وقال ابن بُريدة عن أبيه: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يخطُبنا، فجاء الحسن والحسين وعليهما قميصان أحمران يمشيان ويعثران، فنزل رسول الله صلى الله عليه وسلم من المنبر، فحملهما، ووضعهما بين يديه، ثم قال: صدق الله العظيم: {إِنَّمَا أَمْوَالُكُمْ وَأَوْلَادُكُمْ فِتْنَةٌ} [التغابن: 15]، الحديث.
وعن عبيد بن حُنين قال: حدثني الحسين بن علي، قال: أتيتُ على عمر وهو يخطُب على المنبر، فصعدت إليه، فقلت له: أنزل عن منبر أبي، واذهب إلى منبر أبيك. فقال عمر: لم يكن لأبي مِنبر، وأخذني، وأجلسني معه أُقلِّب حصى بيدي، فلما نزل انطلق بي إلى منزله، فقال لي: من علَّمك؟ فقلت: والله ما علمني أحد. قال: يا بنيَّ، لو جعلت تغشانا. قال: فأتيته يومًا وهو خال بمعاوية، وابن عمر بالباب، فرجع ابن عمر ورجعت معه، فلقيني بعدُ فقال لي: لم أرك. فقلت: يا أمير المؤمنين، إني جئت وأنت خال بمعاوية وابن عمر بالباب، فرجع ورجعت معه. فقال: أنت أحقُّ بالإذن من ابن عمر، وإنما أنبتَ ما ترى في رؤوسنا اللهُ ثم أنتم.
وعن العَيْزار بن حُريث: بينما عبد الله بن عمرو بن العاص جالس في ظل الكعبة، إذ رأى الحسين بن علي مقبلًا، فقال: هذا أحب أهل الأرض إلى أهل السماء اليوم.
وكان رضي الله عنه فاضلًا دينًا كثير الصوم والصلاة والحج. وعن مصعب
الزُّبيري: حج الحسين بن علي خمسًا وعشرين حَجة ماشيًا.
وعن بشر بن خالد قال: سمعت ابن الزُّبير وهو يسأل حسين بن علي: يا أبا عبد الله: ما تقول في فكاك الأسير على من هو؟ قال: على القوم الذين أعانهم. وربما قال: قاتل معهم. قال سفيان: يعني يُقاتل مع أهل الذِّمة فيُفَك من جزْيتهم. قال: وسمعته يقول له: يا أبا عبد الله: متى يجب عطاء الصبي؟ فقالَ: إذا استهلَّ وجب له عطاؤه ورِزْقهْ. وسأله عن الشّرب قائمًا. فدعا بلِقْحة له، فحلبت، وشرب قائمًا، وناوله. وكان يعلِّق الشاة المصلية، فيطعمنا منها ونحن نمشي معه.
وعن عبد الله بن نُجَيٍّ عن أبيه أنه سافر مع علي بن أبي طالب، وكان صاحب مِطْهرته، فلما جاؤوا نينوى وهو منطلق إلى صُفين، نادى علي: صبرًا أبا عبد الله، صبرًا أبا عبد الله، بشط الفرات. قلت: مَنْ ذا أبا عبد الله؟ قال: دخلت على رسول الله صلى الله عليه وسلم وعيناه تفيضان. فقلت: يا نبي الله أأغضبك أحد؟ قال: "بل قام من عندي جبريل، وقال قبل فحدثني أن الحسين يُقتل بشط الفرات، وقال: هل لك أن أُشِمّك من تربته؟ قلت: نعم. فمد يده فقبض قبضة من تراب، فأعطانيها، فلم أملك عيني أن فاضت".
وعن شَقيق، عن أُم سلمة قالت: كان الحسن والحسين يلعبان بين يدي النبي صلى الله عليه وسلم في بيتي، فنزل جبريل، فقال: يا محمد: إن أمتك تقتُل ابنك هذا من بعدك، وأومأ بيده إلى الحسين، فبكى رسول الله صلى الله عليه وسلم وضمَّه إلى صدره، ثم قال لرسول الله صلى الله عليه وسلم: وضعت عندك هذه التربة، فشمها رسول الله صلى الله عليه وسلم، وقال:"ريح كربٍ وبلاء". وقال لأُم سلمة: "يا أُم سلمة: إذا تحولت هذه التربة دمًا فاعلمي أن ابني الحسين قد قُتل". فجعلَتْها في قارورة، وجَعَلَتْ تنظر إليها كل يوم، وتقول: إن يومًا تَحَوَّلين دمًا ليوم عظيم.
وروي أن السماء مكثت سبع ليال بأيّامهن لما قُتل كأنها علقة.
وقال عمّار الدُّهني: مرَّ علي رضي الله عنه على كعب، فقال: يُقتل من
ولد هذا رجل في عصابة لا يجفُّ عرق خيولهم حتى يردوا على محمد صلى الله عليه وسلم. فمر حسن، فقالوا: هذا؟ قال: لا فمر حسين، فقالوا: هذا؟ قال: نعم.
وقال أبو عبد الله الضَّبِّي: دخلنا على هرثم الضَّبّي حين أقبل من صفين وهو مع علي، فقال: أقبلنا مرجِعَنا من صفين، فنزلنا كروبلاء، فصَّلى بنا علي صلاة الفجر، ثم أخذ كفًّا من بعر الغزلان فشمه، ثم قال: يُقتل بهذا الغائط قوم يدخلون الجنة بغير حساب.
وعن هرثمة بن سلمى قال: خرجنا مع علي، فسار حتى انتهى إلى كربلاء، فنزل إلى شجرة، فصلى إليها، فأخذ تربة من الأرض، فشمها، ثم قال: واهًا لك تربة، ليُقْتَلَنَّ بك قوم يدخلون الجنة بغير حساب. قال: فقفلنا من غَزاتنا، وقُتل علي، ونسيت الحديث، فكنت في الجيش الذي سار إلى الحسين، فلما انتهيت إليه نظرت إلى الشجرة، فذكرت الحديث، فتقدمت على فرس لي، فقلت: أبشِّرك ابن بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم، وحدثته الحديث. قال: معنا أو علينا؟ قلت: لا معك ولا عليك، تركت عيالًا. قال: أما لا فولِّ في الأرض هاربًا، فوالذي نفس حسين بيده لا يشهدُ قتلنا اليوم رجلٌ إلَاّ دخل جهنّم. قال: فانطلقت هاربًا موليًا في الأرض حتى خفي عليَّ مقتله.
وكانت إقامة الحسين بالمدينة إلى أن خرج مع أبيه إلى الكوفة، فشهد معه الجمل ثم صفين ثم قتال البغاه الخوارج، وبقي معه إلى أن قُتل، ثم مع أخيه إلى أن سلَّم الأمر إلى معاوية، فتحول مع أخيه إلى المدينة واستمرَّ بها إِلى أن مات معاوية، فخرج إلى مكة، ثم أتته كتب أهل العراق بأنهم بايعوه بعد موت معاوية، فأرسل إليهم ابن عمه مسلم بن عَقيل بن أبي طالب، فأخذ بيعتهم وأرسل إليه، فتوجه، وكان من قصة قتله ما كان.
وقال عمّار بن مُعاوية الذهبي: قلت لأبي جعفر محمد بن علي بن الحسين: حدِّثني عن مقتل الحسين حتى كأني حضرته. قال: مات معاوية، والوليد بن عُتبة بن أبي سفيان على المدينة، فأرسل إلى الحسين بن علي ليأخذ
بيعته، فقال: أخِّرني وارفق بي، فأخّره ورفق به، فخرج إلى مكة، فأتاه رسل أهل الكوفة أنّا قد حبسنا أنفسنا عليك، ولسنا نحضُر الجمعة مع الوالي، فاقدُم علينا، وكان النعمان بن بشير الأنصاري على الكوفة، فبعث الحسين بن علي إلى ابن عمه مُسلم بن عقيل، فقال له: سر إلى الكوفة، فانظر ما كتبوا به إلى، فإن كان حقًّا قدمت عليهم، فخرج مسلم حتى أتى المدينة، فأخذ منها دليلين، فمرّا به في البرية، فأصابهم عطش، فمات أحد الدليلين، وكتب مسلم إلى الحسين يستعفيه، فأبى أن يعفِيَه، وكتب إليه أن امضِ إلى الكوفة، فخرج حتى قدِمها، فنزل على رجل من أهلها يُقال له: عَوْسَجة.
فلما تحدث أهل الكوفة بقدومه دَبّوا إليه، فبايعه منهم اثنا عشر ألفًا، فقام رجل ممَّن يهوى يزيد بن معاوية، يُقال له: عبيد الله بن مسلم بن شعبة بن الحضرمي إلى النعمان بن بشير، فقال له: إنك لضعيف أو مستضعف، قد فسد البلد. فقال له النعمان: لأن أكون ضعيفًا في طاعة الله أحبُّ إليَّ من أن أكون قويًّا في معصية الله، وما كنت لأهتك سترًا ستره الله. فكتب بقوله إلى يزيد بن معاوية، فدعا يزيد مولى له يُقال له: مرحون، قد كان يستشيره، فأخبره الخبر، فقال له: أكنت قابلًا من معاوية لو كان حيًّا؟ قال: نعم. قال: فأقبل مني، إنه ليس للكوفة إلا عبيد الله بن زياد فولِّها إياه، وكان يزيد عليه ساخطًا، وكان قد همَّ بعزله، وكان على البصرة، فكتب إليه برضاه عنه، وأنه قد ولاّه الكوفة مع البصرة، وكتب إليه أن يَطْلُبَ مسلم بن عقيل ويقتله إن وجده.
فأقبل عبيد الله بن زياد في وجوه البصرة حتى قدم الكوفة متلثِّمًا، فلا يمر على مجلس من مجالسهم فيسلم إلَاّ قالوا: وعليك السلام يا ابن رسول الله، وهم يظنون أنه الحسين بن علي نزل القصر، فدعا مولى له فأعطاه ثلاث مئة ألف درهم، وقال: اذهب حتى تسأل عن الرجل الذي يُبايع أهل الكوفة، فأَعْلِمْه أنك رجل من أهل حمص، جئتَ لهذا الأمر، وهذا مال تدفعه إليه ليَقْوى به. فخرج الرجل، فلم يزل يتلطّف به ويرفق حتى دُلَّ على شيخ يلي البيعة، فقال له الشيخ: لقد سرني لقاؤك إياي ولقد ساءني ذلك، فأما ما سرَّني من ذلك فما
هداك الله له، وأما ما ساءني فإن أمرنا لم يستحكم بعد، فأدخله على مسلم، فأخذ منه المال وبايعه، ورجع إلى عبيد الله فأخبره.
وتحول مسلم حين قدم عبيد الله من الدار التي كان فيها إلى دار هانىء بن عروة المُرادي، وكتب مسلم بن عَقيل إلى الحسين يخبره ببيعة اثني عشر ألفًا من الكوفة، ويأمره بالقدوم، قال: وقال عبيد الله لوجوه أهل الكوفة: ما بال هانىء بن عروة لم يأتني فيمن أتى؟ قال: فخرج إليه الأشعث في أناس منهم، فأتوه وهو على باب داره، فقالوا له: إن الأمير قد ذكرك واستبطأك فانطلِق إليه، فلم يزالوا به حتى ركب معهم، فدخل على عبيد الله بن زياد وعنده شريح القاضي، فلما نظر إليه، قال لشريح: أتتك بخائنٍ رجلاه. فلما سلم عليه قال له: يا هانىء: أين مسلم؟ قال: ما أدري. قال: فأمر عبيد الله صاحب الدراهم يخرج إليه، فلما رآه قَطَع به وقال: أصلح الله الأمير، والله لو كان تحت قدميَّ ما رفعته عنه. قال: أدنوه إليَّ. قال: فأُدني، فضربه بقضيب، فشجَّ حاجبه، وأهوى إلى سيف شرطي ليستله فدُفع عن ذلك، وقال له: قد أحل الله دمك، وأمر به فجلس في جانب القصر، فبلغ الخبر إلى مِذْحج، فإذا على باب القصر جلبة، فسمعها عبيد الله، فقال: ما هذا؟ قالوا: مِذْحِج. فقال لشريح: اخرج إليهم، فأعلمهم أني إنما حبسته لأسائله، وبعث عينًا عليه من مواليه يسمع ما يقول، ومرّ بهانىء، وقال له هانىء: يا شريح: اتَّق الله، فإنه قاتلني. فخرج شريح حتى وقف على باب القصر، فقال: لا بأس عليه، إنما حبسه الأمير ليسائله. فقالوا: صدق، ليس على صاحبكم بأس. قال: فتفرقوا.
وأتى مسلمًا الخبرُ، فنادى بشعاره، فاجتمع عليه أربعون ألفًا من أهل الكوفة، فقدَّمَ مقدِّمة، وهيأ مَيْمنة ومَيْسرة، وسار في القلب إلى عُبيد الله، وبعث عبيد الله إلى وجوه أهل الكوفة، فجمعهم عنده في القصر، وسار إليه مسلم، وانتهى إلى باب القصر، فأشرفوا من فوقه على عشائرهم، فجعلوا يكلِّمونهم ويردّونهم، فجعل أصحاب مسلم يتسلّلون حتى أمسى في خمس مئة، فلما اختلط الظلام ذهب أولئك أيضًا، فلما رأى مسلم أنه قد بقي وحده تردد في
الطريق، فأتى بابًا، فخرجت إليه امرأة، فقال لها: اسقني ماء، فسقته ماء، ثم دخلت فمكثت ما شاء الله، ثم خرجت، فإذا هو على الباب، فقالت: يا عبد الله: إن مجلسك مجلس ريبة، فقم. فقال لها: إنى مُسلم بن عَقيل، فهل عندك مأوى؟ قالت: نعم، فدخل وكان ابنها مولى لمحمد بن الأشعث، فلما علم به الغلام انطلق إلى محمد بن الأشعث وأخبره الخبر، فبعث عُبيد الله صاحب شرطته ومعه محمد بن الأشعث، فلم يعلم مسلمٌ حتى أحيط بالدار، فلما رأى ذلك خرج بسيفه، فقاتلهم، فأعطاه محمد بن الأشعث الأمان، فأمكن من يده، فجاء به إلى عبيد الله، فأمر به، فأُصعد إلى أعلى القصر، فضَرب عنقه، وألقى جثته إلى الناس، وأمر بهانىء، فسُحب إلى الكناسة، فصلب هناك، فقال شاعرهم في ذلك:
فإن كنتِ لا تَدْرينَ ما الموتُ فانظُري
…
إلى هانىءٍ في السوقِ وابن عَقيلِ
الأبيات.
وأقبل الحسين بكتاب مسلم بن عَقيل إليه، حتى إذا كان بينه وبين القادسية ثلاثة أميال لقيه الحر بن زيد التميمي، فقال له: أين تريد؟ قال: أُريد هذا العصر. قال له: ارجع، فإني لم أَدَعْ لك خلفي خيرًا أرجوه، فهمَّ أن يرجع، وكان معه إخوة مسلم بن عَقيل، فقالوا: لا والله لا نرجِعُ حتى نصيبَ من ثأرنا أو نُقتل. قال: لا خير في الحياة بعدكم. فسار، فلقيته أول خيل عبيد الله، فلما رأى ذلك عدل إلى كربلاء، وأسند ظهره إلى قضبا حتى لا يُقاتل إلَاّ من وجه واحد، فنزل، وضرب أبنيته، وكان أصحابه خمسة وأربعين فارسًا ونحوًا من مئة راجل.
وكان عُمر بن سعد بن أبي وقاص قد ولاّه عبيدُ الله بن زياد الرَّي وعهِد إليه، فدعاه، فقال له: اكفني هذا الرجل، فقال له: اعفُني. فأبى أن يعفوه، قال: فأَنْظِرني الليلة. فأُخِّر، فنظر في أمره، فلما أصبح غدا إليه راضيًا بما أمره، فتوجه عمر بن سعد إلى الحسين بن علي، فلما أتاه قال له الحسين، اختر
واحدة من ثلاث: إما أن تَدعوني فألحق بالثغور، وإما أن تَدَعوني فأذهب إلى يزيد، وإما أن تَدَعوني فأذهب من حيث جئت. فقبل ذلك عُمر بن سعد، وكتب بذلك إلى عبيد الله، فكتب إليه عبيد الله: لا ولا كرامة، حتى يضع يده في يدي. فقال الحسين: لا والله لا يكون ذلك أبدًا، فقاتله، فقتل أصحابه كلهم، وفيهم بضعة عشر شابًّا من أهل بيته، ويجيء سهم فيقع بابن له صغير في حجره، فجعل يمسح الدم عنه، ويقول: اللهم احكم بيننا وبين قوم دَعَوْنا لينصُرونا ثم يقتلوننا، ثم أمر بسراويل حَبِرة، فشقها ثم لبسها، ثم خرج بسيفه، فقاتل حتى قُتل، قتله رجل من مِذْحج وحزَّ رأسه فانطلق به إلى عبيد الله بن زياد، فَوَفَده إلى يزيد ومعه الرأس، فوُضع بين يديه.
وسَرَّح عمر بن سعد بحرمه وعياله إلى عبيد الله، ولم يكن بقي من أهل بيت الحسين إلَاّ غلام، وكان مريضًا مع النساء، فأمر به عُبيد الله ليقتل، فطرحت زينب بنت الحسين بن علي نفسها عليه، وقالت: لا يُقتل حتى تقتلوني. فتركه، ثم جهَّزهم وحملهم إلى يزيد، فلما قدموا عليه، جمع من كان بحضرته من أهل الشام، ثم أدخلوا عليه فهنؤوه بالفتح، فقالى رجل منهم أحمر أزرق، ونظر إلى وصيفة من بناتهم، فقال: يا أمير المؤمنين: هب لي هذه. فقالت زينب: لا والله، ولا كرامة لك ولا له إلَاّ أن يخرج من دين الله، فأعادها الأزرق، فقال له يزيد: كفَّ. ثم أدخلهم إلى عياله، فجهَّزهم، وحملهم إلى المدينة، فلما دخلوا خرجت امرأة من بنات عبد المطلب ناشرة شعرها، وأضعة كفها على رأسها، تتلقاهم وتبكي وتقول:
ماذا تَقولونَ إن قالَ النبيُّ لكُم
…
ماذا فعَلْتُم وأنتُم آخرُ الأممِ
بعِتْرتي وبأهلي بعدَ معتَقَدي
…
منهُم أُسارى وقَتْلى ضُرِّجوا بدمي
مَا كانَ هذا جزائي إذ نَصَحْتُ لكم
…
أن تخلُفوني بشرٍّ في ذوي رحمي
وروى طاووس عن ابن عباس: استشارني الحسين في الخروج إلى العراق، فقلت: لولا أن يُزْرَى بك وبي لنشبتُ يدي رأسك.
وقال الشعبي: كان ابن عمر قد قدم على المدينة، فبلغه أن الحسين قد
توجه إلى العراق، فلحقه على مسيرة ليلتين، فنهاه، فقال: هذه كتبهم وبيعتهم. فقال: إن الله خيَّر نبيه صلى الله عليه وسلم بين الدنيا والآخرة فاختار الآخرة، وإنكم بَضْعة منه، لا يليها أحد منكم، وما صرفها الله عنكم إلَاّ للذي هو خير لكم، فأبى، فاعتنقه ابن عمر، وقال: أستودعُكَ اللهَ من قتيل.
وكان قتل الحسين رضي الله تعالى عنه يوم عاشوراء سنة إحدى وستين. وقيل: سنة ستين وهو ابن خمس وخمسين وأشهر. وقيل: ابن ثمان وخمسين.
وعن سعيد بن جُبير، عن ابن عباس قال: أوحى الله إلى محمد أني قد قتلتُ بيَحْيى بن زكريا سبعين ألفًا، وإني قاتل بابن بنتك سبعين ألفًا وسبعين ألفًا.
وقالْ خَلَف بن خليفة عن أبيه: لما قُتل الحسين أسودَّت السماء، وظهرت الكواكب نهارًا.
وروى الربيع بن منذر عن أبيه، جاء رجل يبشر الناس بقتل الحسين، فرأيته أعمى يُقاد.
وقال الوليد بن عبد الملك يومًا: أيُّكم يعلم ما فعلت أحجار بيت المقدس يوم قتل الحسين بن علي، فقال الزهري: بلغني أنه لم يُقْلَب حجر إلَاّ وُجد تحته دم عبيط.
وقال أبو الزِّناد: قتل الحسين ولي أربع عشرة سنة، وصار الورس الذي في عسكرهم رمادًا، واحمرَّت آفاق السماء، ونحروا ناقة في عسكرهم، فكانوا يرون في لحمها النيران.
وروى ابن عُيينة عن جدته أُم أبيه قالت: لقد رأيت الوَرْس عادت رمادًا، ولقد رأيت اللحم كان فيها النار حين قُتِل الحسين.
وقال أيضًا: حدّثتني جدتي قالت: شهد رجلان من الجُعْفِيّين قتل الحسين بن علي، فأما أحدهما فطال ذَكَرُهُ حتى كان يلفه، وأما الآخر فكان يستقبل الراوية بفيه حتى يأتي على آخرها. قال سفيان: رأيت ابن أحدهما،
وكان مجنونًا.
وعن جميل بن مرة: أصابوا إبلًا في عسكر الحسين يوم قُتل، فنحروها وطبخوها، فصارت مثل العلقم، فما استطاعوا أن يُسيغوا منها.
وقال إبراهيم النَّخَعي: ولو كنت ممن قاتل الحسين ثم أدخلت الجنة، لاستحييت أن انظر إلى وجه النبي صلى الله عليه وسلم.
وروي عن ابن عباس أنه قال: رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم فيما يرى النائم بنصف النهار أشعث أغبر، وبيده قارورة فيها دم، فقلت: بأبي أنت وأمي يا رسول الله ما هذا؟ قال: هذا دم الحسين وأصحابه، لم أزل ألتقطه منذ اليوم. فأُحصي ذلك اليوم، فوجدوه قُتِل يومئذٍ.
وعن أُم سلمة: سمعت الجنَّ تنوح على الحُسين.
وعن شَهْر بن حَوْشَب قال: إنا لعند أُم سلمة زوج النبي صلى الله عليه وسلم، قال: فسُمِعَت صارخة، فأقبلت حتى انتهت إلىِ ام سلمة، فقالت: قُتل الحسين. قالت: قد فعلوها ملأ الله بيوتهم عليهم نارًا، ووقعت مغشيًّا عليها، فقمنا.
وعن رُزَيْن قال: حدّثتني سَلمى قالت: دخلت على أُم سلمة وهي تبكي، فقلت: ما يُبكيك؟ قالت: رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم في المنام وعلى رأسه ولحيته التراب، فقلت: مالك يا رسول الله صلّى الله عليك وسلّم؟ قال: شهدتُ قتل الحسين.
وعن أبي رجاء العُطارِدي، قال: لا تسبّوا أهل هذا البيت، فإنه كان لنا جار من بَلْهجيم، قدم علينا من الكوفة، قال: أما تَرَوْن إلى هذا الفاسق ابن الفاسق، قتله الله، فرماه الله بكوكبين في عينيه، فذهب بصره.
ورُوِيَ عن السُّدّي قال: أتيت كربلاء أبيع البر بها، فعمل لنا شيخ من جلي طعامًا، فتعشيناه عنده، فذكرنا قتل الحسين، فقلنا: ما شَرَكَ في قتله أحد إلَّا مات بأسوأ ميتة. فقال: ما أكذبكم يا أهل العراق، فأنا ممن شَرَكَ في دمه، فلم
يبرح حتى دنا من المصباح وهو يتّقد، فنفط، فذهب يخرج الفتيلة بإصبُعه، فأخذت النار فيها، فذهب يطفئها بريقه، فأخذت النار في لحيته، فعدا، فألقى بنفسه في الماء، فرأيته كأنه حممة.
وعن محمد الصَّقَلّيّ: لما قُتل الحسين بن علي، سُمع منادٍ ينادي ليلًا يُسمع صوته ولم يُر شخصه:
عَقَرَتْ ثمودٌ ناقةً فاستَوْصَلوا
…
وجَرَتْ سوانِحُهم بغيرِ الأسْعُدِ
فبَنو رسولِ اللهِ أعظمُ حرمةً
…
وأجلُّ من أمِّ الفصيلِ المُقْعَدِ
عجبًا لهُم لَمّا أَتَوا لم يُمْسَخوا
…
اللهُ يملي للطُّغاةِ الجُحَّدِ
وقالت مرجانة لابنها عبيد الله: يا خبيث، قتلت ابن بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم، لا ترى والله الجنة أبدًا.
وعن أبي حمزة بن يزيد، قال: رأيت امرأة عاقلة من أعقل النساء يقال لها: ريّا، حاضنة يزيد بن معاوية قد بلغت مئة سنة، قال: قالت: دخل رجل على يزيد، فقال: يا أمير المؤمنين: أبشِرْ، فأمكنك الله من الحسين، قُتل وجيء برأسه إليك، ووضع في طَسْتٍ، فأمر الغلام، فكشفه، فحين رآه احمرَّ وجهه كأنه يشم منه رائحة، وإن الرأس مكث في خزائن السلاح حتى ولي سُليمان، فبعث، فجيء به، فقد بقي عظمًا، فطيّبه وكفَّنه ودفنه، فلما وصلت المسودة، سألوا عن موضع الرأس ونبشوه وأخذوه، فالله أعلم ما صُنع به.
وقضى الله عز وجل أنَّ قَتْل عبيد الله بن زياد يوم عاشوراء سنة سبع وستين، قتله ابن الأشتر في الحرب، وبعث برأسه إلى المختار، وبعث به المختار إلى ابن الزُّبير، فبعث به ابن الزُبير إلى علي بن الحسين.
واختَلَفوا اختلافًا كثيرًا فيمن قتل الحسين، وفي شعر سليمان بن قِنّة الخُزاعي ما يدُل على الاشتراك في دمه، فقال:
مررتُ على أبياتِ آلِ محمدٍ
…
فلَمْ أرَ من أمثالِها حيثُ حلَّتِ
فلا يُبْعِدِ الله البيوتَ وأهلَها
…
وإنْ أصبحتْ منهُم برغمي تَخَلَّتِ
وكانوا رجالًا ثم عادوا رَزِيَّةً
…
لقد عظُمت تلكَ الرَّزايا وجَلَّتِ
أولئكَ قومٌ لم يُشينوا سيوفهُم
…
ولم تَنْكَ في أعدائهم حين سُلَّتِ
وإنَّ قتيلَ الطَفِّ من آلَ هاشمٍ
…
أذل رقابًا من قريشٍ فذَلَّتِ
وفيها يقول:
إذا افتَقَرَتْ قيسٌ جبَرْنا فقيرَها
…
وتقتُلنا قيسٌ إذا النعلُ زلَّتِ
وعندَ غوِيٍّ قطرةٌ من دِمائنا
…
سنجزيِهمُ يومًا بها حيثُ حلَّتِ
ومنها أو من غيرها:
ألم تَرَ أنَّ الأرضَ أضحَتْ مريضةً
…
لفَقْدِ حسينٍ والبلادَ اقشعرتِ
وقد أعْوَلَتْ تبكي السماءُ لفقدهِ
…
وأنجُمُهما ناحت عليهِ وصلَّتِ
ومرَّ أن قاتله رجل من مِذْحج. وقيل: قتله شَمَّر بن ذي الجَوْشن، وكان أبرص، وأجهز عليه خولى بن يزيد الأصبحي من حِمْير، حزَّ رأسه وأتى به عبيد الله، وقال:
أوقِرْ ركابي فضةً وذهبًا
…
إني قتلتُ الملك المحجَّبا
قتلتُ خيرَ الناس أمًّا وأبا
…
وخيرَهُم إذ ينسُبون نَسَبَا
وقيل: قاتله سنان بن أبي سنان النَّخَعي لا رحمه الله، ويصدِّق ذلك قول الشاعر:
وأيُّ رزِيَّةٍ عَدَلَتْ حُسينًا
…
غَداةَ تُبِيرُهُ كفّا سِنانِ
وقال منصور النَّمرَيّ:
ويلكَ يا قاتلَ الحسينِ لقَدْ
…
بُؤتَ بِحمْل ينؤُ بالحاملِ
أيَّ حِباءٍ حبوتَ أحمدَ في
…
حفرتهِ مِنْ حرارةِ الثّاكِلِ
تعالَ فاطلُبْ غدًا شفاعَتَهُ
…
وانهَضْ فرِدْ حوضَة مع النّاهلِ
ما الشكُّ عندي في حال قاتِلِهِ
…
لكنّني قد أشُكُّ في الخاذِلِ
كأنّما أنتِ تعجَبين الأمورُ
…
تنزِلُ بالقوم نقمَة العاجلِ
لا يعجَلُ الله إن عجَلْتِ وما
…
ربُّكِ عمّاَ تَرَيْنَ بالغافلِ
ما حصلَتْ لامرىءٍ سعادتُهُ
…
حقَّتْ عليهِ عقوبةُ الآجلِ
وزعموا أن بيتًا قديمًا لا يُدرى قائله وهو:
أتَرْجو أمةٌ قَتَلَتْ حسينًا
…
شفاعةَ جدِّهِ يومَ الحسابِ