المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌الحديث الثاني عشر والمئة - كوثر المعاني الدراري في كشف خبايا صحيح البخاري - جـ ٥

[محمد الخضر الشنقيطي]

فهرس الكتاب

- ‌باب غسل الرجلين إلى الكعبين

- ‌الحديث الحادي والخمسون

- ‌رجاله ستة:

- ‌باب استعمال فضل وضوء الناس

- ‌الحديث الثاني والخمسون

- ‌رجاله أربعة:

- ‌لطائف إسناده:

- ‌الحديث الثالث والخمسون

- ‌رجاله ستة:

- ‌باب

- ‌الحديث الرابع والخمسون

- ‌رجاله أربعة:

- ‌لطائف إسناده:

- ‌باب من مَضْمض واستنشق من غَرْفة واحدة

- ‌الحديث الخامس والخمسون

- ‌رجاله خمسة:

- ‌لطائف إسناده:

- ‌باب مسح الرأس مرة

- ‌الحديث السادس والخمسون

- ‌رجاله ستة:

- ‌الحديث السابع والخمسون

- ‌باب وضوء الرجل مع امرأته وفضل وضوء المرأة

- ‌الحديث الثامن والخمسون

- ‌رجاله أربعة:

- ‌لطائف إسناده:

- ‌باب صب النبي صلى الله عليه وسلم وضوءه على المغمى عليه

- ‌الحديث التاسع والخمسون

- ‌رجاله أربعة:

- ‌لطائف إسناده:

- ‌باب الغسل والوضوء في المِخْضَب والقدح والخشب والحجارة

- ‌الحديث الستون

- ‌رجاله أربعة:

- ‌لطائف إسناده:

- ‌الحديث الحادي والستون

- ‌رجاله خمسة:

- ‌لطائف إسناده:

- ‌الحديث الثاني والستون

- ‌رجاله خمسة:

- ‌لطائف إسناده:

- ‌الحديث الثالث والستون

- ‌رجاله خمسة:

- ‌لطائف إسناده:

- ‌باب الوضوء من التور

- ‌الحديث الرابع والستون

- ‌رجاله ستة:

- ‌الحديث الخامس والستون

- ‌رجاله أربعة:

- ‌لطائف إسناده:

- ‌باب الوضوء بالمُدِّ

- ‌الحديث السادس والستون

- ‌رجاله أربعة:

- ‌لطائف إسناده:

- ‌باب المسح على الخفين

- ‌الحديث السابع والستون

- ‌رجاله سبعة:

- ‌لطائف إسناده:

- ‌رجاله خمسة:

- ‌الحديث الثامن والستون

- ‌رجاله سبعة:

- ‌لطائف إسناده:

- ‌الحديث التاسع والستون

- ‌رجاله ستة:

- ‌لطائف إسناده:

- ‌الحديث السبعون

- ‌رجاله سبعة:

- ‌لطائف إسناده:

- ‌باب إذا أدخل رجليه وهما طاهرتان

- ‌الحديث الحادي والسبعون

- ‌رجاله خمسة:

- ‌لطائف إسناده:

- ‌باب من لم يتوضأ من لحم الشاة والسويق

- ‌الحديث الثاني والسبعون

- ‌رجاله خمسة:

- ‌لطائف إسناده:

- ‌الحديث الثالث والسبعون

- ‌رجاله ستة:

- ‌لطائف إسناده:

- ‌باب من مضمضر من السويق ولم يتوضأ

- ‌الحديث الرابع والسبعون

- ‌رجاله خمسة:

- ‌لطائف إسناده:

- ‌الحديث الخامس والسبعون

- ‌رجاله ستة:

- ‌لطائف إسناده:

- ‌باب هل يُمَضْمِض من اللبن

- ‌الحديث السادس والسبعون

- ‌رجاله سبعة:

- ‌لطائف إسناده:

- ‌باب الوضوء من النوم

- ‌الحديث السابع والسبعون

- ‌رجاله خمسة:

- ‌الحديث الثامن والسبعون

- ‌رجاله خمسة:

- ‌لطائف إسناده:

- ‌باب الوضوء من غير حدث

- ‌الحديث التاسع والسبعون

- ‌رجاله ستة:

- ‌لطائف إسناده:

- ‌الحديث الثمانون

- ‌رجاله خمسة:

- ‌باب من الكبائر أن لا يستتر من بوله

- ‌الحديث الحادي والثمانون

- ‌رجاله خمسة:

- ‌لطائف إسناده:

- ‌باب ما جاء في غسل البول

- ‌الحديث الثاني والثمانون

- ‌رجاله خمسة:

- ‌لطائف إسناده:

- ‌باب

- ‌الحديث الثالث والثمانون

- ‌رجاله ستة:

- ‌لطائف إسناده:

- ‌الحديث الرابع والثمانون

- ‌رجاله أربعة:

- ‌لطائف إسناده:

- ‌تنبيه

- ‌باب صب الماء على البول في المسجد

- ‌الحديث الخامس والثمانون

- ‌رجاله خمسة:

- ‌لطائف إسناده:

- ‌الحديث السادس والثمانون

- ‌رجاله أربعة:

- ‌باب يهَريق الماء على البول

- ‌الحديث السابع والثمانون

- ‌رجاله أربعة:

- ‌باب بول الصِّبْيان

- ‌الحديث الثامن والثمانون

- ‌رجاله خمسة:

- ‌لطائف إسناده:

- ‌الحديث التاسع والثمانون

- ‌رجاله خمسة:

- ‌لطائف إسناده:

- ‌باب البول قائمًا وقاعدًا

- ‌الحديث التسعون

- ‌رجاله خمسة:

- ‌لطائف إسناده:

- ‌باب البول عند صاحبه والتستر بالحائط

- ‌الحديث الحادي والتسعون

- ‌رجاله خمسة:

- ‌لطائف إسناده:

- ‌باب البول عند سُباطة قوم

- ‌الحديث الثاني والتسعون

- ‌رجاله ستة:

- ‌لطائف إسناده:

- ‌باب غَسل الدم

- ‌الحديث الثالث والتسعون

- ‌رجاله خمسة:

- ‌لطائف إسناده:

- ‌الحديث الرابع والتسعون

- ‌رجاله ستة:

- ‌لطائف إسناده:

- ‌باب غسل المني وفركه وغسل ما يصيب من المرأة

- ‌الحديث الخامس والتسعون

- ‌رجاله خمسة:

- ‌لطائف إسناده:

- ‌الحديث السادس والتسعون

- ‌رجاله سبعة:

- ‌لطائف إسناده:

- ‌باب إذا غسل الجنابة أو غيرها فلم يذهب أثره

- ‌الحديث السابع والتسعون

- ‌رجاله خمسة:

- ‌الحديث الثامن والتسعون

- ‌رجاله خمسة:

- ‌باب أبوال الإبل والدواب والغنم ومرابضها

- ‌الحديث التاسع والتسعون

- ‌رجاله خمسة:

- ‌لطائف إسناده:

- ‌الحديث المائة

- ‌رجاله أربعة:

- ‌لطائف إسناده:

- ‌باب ما يقع من النجاسات في السمن والماء

- ‌الحديث الحادي والمئة

- ‌رجاله ستة:

- ‌لطائف إسناده:

- ‌الحديث الثاني والمئة

- ‌رجاله سبعة:

- ‌لطائف إسناده:

- ‌الحديث الثالث والمئة

- ‌رجاله خمسة:

- ‌لطائف إسناده:

- ‌باب البول في الماء الدائم

- ‌الحديث الرابع والمئة

- ‌رجاله خمسة:

- ‌لطائف إسناده:

- ‌باب إذا أُلقِي على ظهرِ الْمُصَلِّي قذر أوْ جِيفَةٌ لمْ تَفْسُد عليهِ صَلاتُهُ

- ‌الحديث الخامس والمئة

- ‌رجاله عشرة:

- ‌لطائف إسناده:

- ‌باب البصاق والمخاط ونحوه في الثوب

- ‌الحديث السادس والمئة

- ‌رجاله سبعة:

- ‌باب لا يجوز الوضوء بالنبيذ ولا المسكر

- ‌الحديث السابع والمئة

- ‌رجاله خمسة:

- ‌لطائف إسناده:

- ‌باب غسل المرأة أباها الدم عن وجهه

- ‌الحديث الثامن والمئة

- ‌رجاله أربعة

- ‌لطائف إسناده:

- ‌باب السِواك

- ‌الحديث التاسع والمئة

- ‌رجاله خمسة:

- ‌لطائف إسناده:

- ‌الحديث العاشر والمئة

- ‌رجاله خمسة:

- ‌لطائف إسناده:

- ‌باب دفع السواك إلى الأكبر

- ‌الحديث الحادي عشر والمائة

- ‌رجاله ثمانية:

- ‌لطائف الإسنادين:

- ‌باب فضل من بات على الوضوء

- ‌الحديث الثاني عشر والمئة

- ‌رجاله ستة:

- ‌لطائف إسناده:

- ‌تنبيه

- ‌خاتمة

- ‌كتاب الغُسْلِ

- ‌باب الوضوء قبل الغسل

- ‌الحديث الأول

- ‌رجاله خمسة:

- ‌لطائف إسناده:

- ‌الحديث الثاني

- ‌رجاله سبعة:

- ‌لطائف إسناده:

- ‌باب غُسْلَ الرجل مع امرأته

- ‌الحديث الثالث

- ‌رجاله خمسة:

- ‌لطائف إسناده:

- ‌باب الغُسل بالصاع ونحوه

- ‌الحديث الرابع

- ‌رجاله سبعة:

- ‌لطائف إسناده:

- ‌الحديث الخامس

- ‌رجاله سبعة:

- ‌لطائف إسناده:

- ‌الحديث السادس

- ‌رجاله خمسة:

- ‌لطائف إسناده:

- ‌باب من أفاض على رأسه ثلاثًا

- ‌الحديث السابع

- ‌رجاله خمسة:

- ‌لطائف إسناده:

- ‌الحديث الثامن

- ‌رجاله ستة:

- ‌لطائف إسناده:

- ‌الحديث التاسع

- ‌رجاله خمسة:

- ‌لطائف إسناده:

- ‌باب الغسل مرة واحدة

- ‌الحديث العاشر

- ‌رجاله ستة:

- ‌لطائف إسناده:

- ‌باب من بدأ بالحِلاب أو الطيب عند الغُسل

- ‌الحديث الحادي عشر

- ‌رجاله خمسة:

- ‌لطائف إسناده:

- ‌باب المضمضة والاستنشاق في الجنابة

- ‌الحديث الثاني عشر

- ‌رجاله سبعة:

- ‌لطائف إسناده:

- ‌باب مسح اليد بالتراب لتكون أنقى

- ‌الحديث الثالث عشر

- ‌رجاله سبعة:

- ‌لطائف إسناده:

- ‌باب

- ‌الحديث الرابع عشر

- ‌رجاله أربعة:

- ‌لطائف إسناده:

- ‌الحديث الخامس عشر

- ‌رجاله خمسة:

- ‌لطائف إسناده:

- ‌الحديث السادس عشر

- ‌رجاله سبعة:

- ‌لطائف إسناده:

- ‌الحديث السابع عشر

- ‌رجاله ستة:

- ‌لطائف إسناده:

- ‌باب تفريق النُسل والوضوء

- ‌الحديث الثامن عشر

- ‌رجاله سبعة:

- ‌باب من أفرغ بيمينه على شماله في الغُسل

- ‌الحديث التاسع عشر

- ‌رجاله سبعة:

- ‌باب إذا جَامَعَ ثم عاد ومن دار على نسائه في غُسْلٍ واحد

- ‌الحديث العشرون

- ‌رجاله سبعة:

- ‌لطائف إسناده:

- ‌الحديث الحادي والعشرون

- ‌رجاله خمسة:

- ‌لطائف إسناده:

- ‌باب غَسْلِ المذي والوضوء منه

- ‌الحديث الثاني والعشرون

- ‌رجاله خمسة:

- ‌لطائف إسناده:

- ‌باب من تطيب ثم اغتسل وبقي أثر الطيب

- ‌الحديث الثالث والعشرون

- ‌رجاله خمسة

- ‌الحديث الرابع والعشرين

- ‌رجاله ستة:

- ‌لطائف إسناده:

- ‌باب تخليلِ الشَّعَرِ حتى إذا ظن أنه قد أروى بشرته أفاض عليه

- ‌الحديث الخامس والعشرون

- ‌رجاله خمسة:

- ‌لطائف إسناده:

- ‌باب من توضأ في الجنابة ثم غسل سائر جسده ولم يُعِدْ كسل مواضع الوضوء منه مرة أخرى

- ‌الحديث السادس والعشرون

- ‌رجاله سبعة:

- ‌لطائف إسناده:

- ‌باب إذا ذكر في المسجد أنه جنب يخرج ولا يتيمم

- ‌الحديث السابع والعشرون

- ‌رجاله ستة:

- ‌لطائف إسناده:

- ‌ورجالها أربعة:

- ‌باب نفض اليدين من الغسل عند الجنابة

- ‌الحديث الثامن والعشرون

- ‌رجاله سبعة:

- ‌لطائف إسناده:

- ‌باب من بدأ بشقِّ رأسه الأيمن في الغسل

- ‌الحديث التاسع والعشرون

- ‌رجاله خمسة:

- ‌لطائف إسناده:

- ‌بابُ مَنِ اغْتَسلَ عُرْيَانًا وَحْدَهُ في الخَلْوَةِ ومَنْ تَسَتَّر فالتستُّر أَفْضَلُ

- ‌الحديث الثلاثون

- ‌رجاله خمسة:

- ‌الحديث الحادي والثلاثون

- ‌رجاله خمسة:

- ‌لطائف إسناده:

- ‌باب التستر في الغسل عند الناس

- ‌الحديث الثاني والثلاثون

- ‌رجاله خمسة:

- ‌لطائف إسناده:

- ‌الحديث الثالث والثلاثون

- ‌رجاله ثمانية:

- ‌باب إذا احتلمت المرأة

- ‌الحديث الرابع والثلاثون

- ‌رجاله ستة:

- ‌لطائف إسناده:

- ‌باب عرق الجُنُب وأن المسلم لا يَنْجُس

- ‌الحديث الخامس والثلاثون

- ‌رجاله ستة:

- ‌لطائف إسناده:

- ‌باب الجنب يخرج ويمشي في السوق وغيره

- ‌الحديث السادس والثلاثون

- ‌رجاله خمسة:

- ‌الحديث السابع والثلاثون

- ‌رجاله ستة:

- ‌باب كينونة الجنب في البيت إذا توضأ

الفصل: ‌الحديث الثاني عشر والمئة

‌الحديث الثاني عشر والمئة

حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مُقَاتِلٍ قَالَ: أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ قَالَ: أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ عَنْ مَنْصُورٍ عَنْ سَعْدِ بْنِ عُبَيْدَةَ عَنِ الْبَرَاءِ بْنِ عَازِبٍ قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: "إِذَا أَتَيْتَ مَضْجَعَكَ فَتَوَضَّأْ وُضُوءَكَ لِلصَّلَاةِ، ثُمَّ اضْطَجِعْ عَلَى شِقِّكَ الأَيْمَنِ، ثُمَّ قُلِ اللَّهُمَّ أَسْلَمْتُ وَجْهِي إِلَيْكَ، وَفَوَّضْتُ أَمْرِي إِلَيْكَ، وَأَلْجَأْتُ ظَهْرِي إِلَيْكَ، رَغْبَةً وَرَهْبَةً إِلَيْكَ، لَا مَلْجَأَ وَلَا مَنْجَا مِنْكَ إِلَاّ إِلَيْكَ، اللَّهُمَّ آمَنْتُ بِكِتَابِكَ الَّذِي أَنْزَلْتَ، وَبِنَبِيِّكَ الَّذِي أَرْسَلْتَ. فَإِنْ مُتَّ مِنْ لَيْلَتِكَ فَأَنْتَ عَلَى الْفِطْرَةِ، وَاجْعَلْهُنَّ آخِرَ مَا تَتَكَلَّمُ بِهِ". قَالَ: فَرَدَّدْتُهَا عَلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فَلَمَّا بَلَغْتُ "اللَّهُمَّ آمَنْتُ بِكِتَابِكَ الَّذِي أَنْزَلْتَ". قُلْتُ: وَرَسُولِكَ. قَالَ: "لَا، وَنَبِيِّكَ الَّذِي أَرْسَلْتَ".

قولنا: "إذا أتيت مَضْجَعك" بفتح الجيم من ضَجَعَ يضجَع، من باب منع يمنع، وروي بكسر الجيم، والمعنى: إذا أردت أن تأتي مضجعك، فتوضأ كلما في قوله تعالى:{فَإِذَا قَرَأْتَ الْقُرْآنَ فَاسْتَعِذْ} [النحل: 98]، أي: إذا أردت القراءة، وقد وقع صريحًا "إذا أردت" في رواية أبي إسحاق الآتية في الدعوات، وعند أبي داود والنسائي:"إذا آويت إلى فراشك وأنت طاهر، فتوسد يمينك" الحديث مثل حديث الباب وللنسائي أيضًا بلفظ: "من تكلّم بهؤلاء الكلمات حين يأخذ جَنْبه من مضجعه بعد صلاة العشاء" نحو حديث الباب.

وقوله: "فتوضأ وُضوءك للصلاة، الأمر فيه للندب، وظاهره استحباب الوضوء لكل من أراد النوم، ولو كان على طهارة، ويحتمل أن يكون مخصوصًا بمن كان محدِثًا.

ص: 329

ووجه مناسبته للترجمة من قوله: "فإن من من ليلتك، فأنت على الفطرة" والمراد بالفطرة السنة.

وقد روى هذا الحديث الشيخان وغيرهما من طرق عن البراء، وليس فيها ذكر الوضوء إلا في هذه الرواية، وكذا في الترمذي، وقد ورد في الباب حديث عن معاذ بن جبل أخرجه أبو داود، وحديث عن علي أخرجه البزار، وليس واحد منهما على شرط البخاري.

ولهذا الوضوء فوائد منها: أن يبيتَ على طهارة لِئلا يبغتَهُ الموت، فيكون على هيئة كاملة. ويؤخذ منه الأمر بالاستعداد للموت بطهارة القلب؛ لأنه أولى من طهارة البدن. وقد أخرج عبد الرزاق عن مجاهد قال: قال لي ابن عباس: لا تبيتن إلَاّ على وضوء، فإن الأرواح تُبعث على ما قُبضت عليه. ورجاله ثقات، إلَاّ أن أبا يحيى القتات صدوق فيه كلام. وعن أبي مراية العِجْلي قال: من آوى إلى فراشه طاهرًا، ونام ذاكرًا، كان فراشه مسجدًا، وكان في صلاة وذِكرٍ حتى يسيقظ. وعن طاووس مثله. ويتأكد ذلك في حق المحدث، ولاسيما الجُنُب، وهو أنشط للعود، وقد يكون منشطًا للغسل، فيبيت على طهارة كاملة. ومنها أن يكون أصدق لرؤياه، وأبعد من تلاعب الشيطان به.

وقوله: "ثم اضطجع على شِقّك الأيمن" أي: بكسر المعجمة وتشديد القاف، أي: الجانب، وخُص الأيمن لفوائد منها: أنه أسرع للانتباه؛ لأن القلب متعلق إلى جهة اليمين، فلا يثقُل بالنوم، فيُسرع الإفاقة ليتهجد أو ليذكر الله تعالى، بخلاف الاضطجاع على الأيسر. وقال ابن الجوزي: هذه الهيئة نصَّ الأطباء على أنها أصلح للبدن، قالوا: يبدأ بالاضطجاع على الجانب الأيمن ساعة، ثم ينقلب إلى الأيسر؛ لأن الأول سبب لانحدار الطعام، والنوم على اليسار يهضِم لاشتمال الكبد على المعدة.

ووقع هذا الحديث في هذه الرواية وفي رواية أبي إسحاق المشار لها قريبًا هكذا، وفي رواية العلاء بن المسيِّب عن البراء أنه من فعل النبي صلى الله عليه وسلم، ولفظه:"كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا آوى إلى فراشه نام على شِقِّه الأيمن" فتستفاد مشروعية هذا

ص: 330

الذكر من قوله صلى الله عليه وسلم: "ومن فعله"، وهو عند النسائي عن البراء، وزاد في أوله:"ثم قال: بسم الله، اللهم أسلمت نفسي إليك". وعند الخرائطي في مكارم الأخلاق بلفظ: "كان إذا آوى إلى فراشه قال: اللهم أنت ربي ومليكي وإلهي لا إله إلا أنت، إليك وجَّهت وجهي

الحديث".

وقوله: "وقيل: اللهم أسلمت وجهي إليك" كذا لأبي ذر وأبي زيد، ولغيرهما:"أسلمت نفسي إليك"، قيل: الوجه والنفس هنا بمعنى الذات والشخص، أي: أسلمت ذاتي وشخصي لك، وفيه نظر للجمع بينهما في رواية أبي إسحاق بلفظ:"أسلمت نفسي إليك، وفوَّضتُ أمري إليك، ووجَّهت وجهي إليك". وجمع بينهما أيضًا في رواية العلاء بن المسيّب الآتية في الدعوات، وزاد خَصْلة رابعة، ولفظه:"أسلمت نَفْسي إليك، ووجَّهت وجهي إليك، وفوَّضتُ أمري إليك، وألجأت ظهري إليك"، فعلى هذا، فالمراد بالنفس هنا الذات، وبالوجه القصد والعمل الصالح.

ومعنى أسلمت، أي: استسلمت وانقَدْت، أي: جعلت نفسي مُنقادة لك في أوامرك ونواهيك، متابعة لحُكمك، إِذ لا قُدرة لي على تدبيرها، ولا على جلب ما ينفعها إليها، ولا دفع ما يضُرها عنها، مفوض إليك تفعل بها ما تريد، واستسلمت لما تفعل، فلا اعتراض عليك فيه.

وقوله: "وفوضتُ أمري إليك"، أي: توكلت عليك في أمري كله، وبرِئْت من الحول والقوة إلا بك، فاكِفني همه.

وقوله: "وألجاتُ ظهري إليك" أي: اعتمدت في أموري عليك لتُعينني على ما ينفعني؛ لأن من استند إِلى شيء تقوّى به واستعان به، وخصه بالظهر لأن العادة جرت أن الإنسان يعتمد بظهره إلى ما يستند إليه.

وقوله: "رغبةً ورهبةً إليك" أي: رغبة في رِفْدك وثوابك، ورهبة، أي: خوفًا من غضبك ومن عقابك، فأسقط من مع ذكر الرهبة، وأعمل إلى مع ذكر الرغبة، لتعدي رغب بـ"إلى"، وهذا من باب الاكتفاء، كقول الشاعر:

ص: 331

وزجَّجْنَ الحواجبَ والعُيونَ

فالعيون لا تزجج، ولكن لما جمعهما في نظم، حمل أحدهما على الآخر. وكقوله:

متقلدًا سيفًا ورمحًا

فالرمح لا يُتقلد، فهما منصوبان على المفعول له على طريق السلف والنشر المرتب، أي: فوضت أمري إليك رغبة، وألجات ظهري إليك رهبة من المكاره والشدائد. وقد ورد في بعض طرقه بإثبات من، كما أخرجه النسائي وأحمد بلفظ:"رهبة منك ورغبةً إليك".

وقوله: "لا ملجأ ولا منجا منك إلَاّ إليك" أصل ملجأ بالهمز، ومنجا بغير همز، ولكن لما جُمعا جاز أن يُهمزا للازدواج، وأن يُترك الهمز فيهما، وأن يُهمز المهموز ويُترك الآخر، فهذه ثلاثة أوجه، ويجوز التنوين مع القصر، فتصير خمسة.

وهذا التركيب مثل: لا حول ولا قوة إلَاّ بالله، فتجري فيه الأوجه الخمسة المشُهورة، وهي: فتح الأول والثاني، وفتح الأول ونصب الثاني، وفتح الأول ورفع الثاني، ورفع الأول وفتح الثاني، ورفع الأول والثاني.

ومع التنوين تسقط الألف. واللفظان إن كانا مصدرين يتنازعان في: "منك"، وإن كانا ظرفين فلا، إذ اسم المكان لا يعمل، وتقديره: لا ملجأ منك إلى أحد إلا إليك، ولا منجا منك إلا إليك.

وقال الطيبي: في نظم هذا الذكر عجائب لا يعرفها إلا المتقين من أهل البيان، فأشار بقوله:"أسلمت" إلى أن جوارحه منقادة لله تعالى في أوامره ونواهيه، وبقوله:"وجهت وجهي" إلى أن ذاته مخلصة له، بريئة من النفاق، وبقوله:"فوضتُ أمري" إلى أن أموره الخارجة والداخلة مفوضة إليه، لا مدبر لها غيره، وبقوله:"ألجات ظهري" إلى أنه بعد التفويض يلتجىء إليه مما يضُره ويؤذيه من الأسباب كلها.

ص: 332

وقوله: "آمنت بكتابك الذي أنزلت" المراد به القرآن، والإيمان به يتضمّن الإيمان بجميع كتب الله المنزلة، ويُحتمل أن يريد اسم الجنس، فيعُمَّ كل كتاب أنزل، لإضافته إلى الضمير؛ لأن المعرَّف بالإضافة كالمعرف باللام في احتماله الجنس. والاستغراق والعهد، بل جميع المعارف كذلك.

قال البيضاوي كالزمخشري في "الكشاف" في قوله تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا سَوَاءٌ عَلَيْهِمْ} [البقرة: 6]: تعريف الموصول إما للعهد، فالمراد به ناس بأعيانهم، كأبي لهب وأبي جهل، والوليد بن المغيرة، وأحبار اليهود. أو للجنس متناولًا من صمَّم على الكفر من غيرهم، وخصَّ منهم غير المصرين.

وقوله: "وبنبيِّك الذي أرسلت" بحذف ضمير المفعول، أي: أرسلته، وفي رواية أبي زيد المَرْوزي:"أرسلته"، و"أنزلته" في الأول، بزيادة الضمير فيهما.

وقوله: "فإن مُتَّ من ليلتك" وفي رواية بإسقاط من ليلتك، وفي رواية المسيَّب بن رافع:"من قالهن ثم مات تحت ليلتِه". قال الطيبي: فيه إشارة إلى وقوع ذلك قبل أن ينسلخ النهار من الليل، وهو تحته، أو المعنى بالتحت أي مُت تحت نازل ينزل عليك في ليلتك، وكذلك معنى من في الرواية الأولى، أي: من أجل ما يحدُث في ليلتك.

وقوله: "فأنت على الفطرة" أي: على الدين القويم ملة إبراهيم عليه الصلاة والسلام، فإنه عليه السلام أسلم واستسلم، قال تعالى عنه:{جَاءَ رَبَّهُ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ} [الصافات: 84]، وقال عنه:{أَسْلَمْتُ لِرَبِّ الْعَالَمِينَ} [البقرًة: 131]، وقال:{فَلَمَّا أَسْلَمَا} [الصافات: 103].

وقال ابن بطال وجماعة: المراد هنا دين الإِسلام، وهو بمعنى الحديث الآخر:"من كان آخر كلامه لا إله إلا الله دخل الجنة".

قال القُرطبي في "المفهم": كذا قال الشيوخ، وفيه نظر؛ لأنه إذا كان قائل هذه الكلمات المقتضية للمعاني التي ذُكرت من التوحيد والتسليم والرضى إلى أن يموت، كمن يقول لا إله إلا الله ممن لم يخطُر له شيء من هذه الأمور،

ص: 333

فأين فائدة هذه الكلمات العظيمة، وتلك المقامات الشريفة.

ويمكن أن يكون الجواب أن كلاًّ منهما وإن مات على الفطرة فبين الفطرتين ما بين الحالتين، ففطرة الأول فطرة المقربين، وفطرة الثاني فطرة أصحاب اليمين، وقد وقع في رواية عند أحمد بدل قوله:"مات على الفِطرة"، "بُني له بيت في الجنة" وهو يؤيد ما ذكره القُرطبي.

قلت: لعل المراد عند ابن بطّال بالمساواة بين الحديثين، بالنظر إلى أن الثاني كان آخر ما تكلم به في الدنيا هذه الكلمة المشتملة على جميع عقائد التوحيد، فلا يبعُد أن يساوي الأول أو يزيد عليه.

وفي آخر هذا الحديث في التوحيد: "وإن أصبحتَ أصبتَ خيرًا"، وعند مسلم:"فإن أصبحت أصبحتَ وقد أصبت خيرًا"، وعنده في رواية أخرى:"وإن أصبحَ أصابَ خيرًا" أي: صلاحًا في الحال وزيادة في الأعمال.

وقوله: "واجعَلْهُنَّ آخر ما تتكلَّم به" ولابن عساكر: "ما تَكَلَّم به" بحذف إحدى التاءين، وللكُشميهني:"من آخر ما تتكلّم به"، وهي تبين أنه لا يمتنع أن يقول بعدهن شيئًا مما شُرع من الذكر عند النوم، والفقهاء لا يعُدون الذكر كلامًا في باب الإيمان، وإن كان كلامًا في باب اللغة.

وقوله: "فرددتُها" بتشديد الدال الأولى وإسكان الثانية، أي: الكلمات لأحفَظهُنَّ.

وقوله: "قال: لا، ونبيِّك الذي أرسلت" أي: لا تقل: ورسولك، بل قل: ونبيِّك الذي أرسلت. وفي رواية جرير بن منصور: "فقال: قل: وبنبيك".

وأولى ما قيل في الحكمة في رده عليه الصلاة والسلام على من قال الرسول بدل النبي، أن ألفاظ الأذكار توقيفية، ولها خصائص وأسرار لا يدخُلها القياس، فتجب المحافظة على اللفظ الذي وردت به، فيُقْتَصر فيه على اللفظ الوارد بحروفه، رقد يتعلق الجزاء بتلك الحروف، ولعله أوحي إليه بهذه الكلمات،

ص: 334

فيتعين أداؤها بحروفها.

أو وجه الحكمة هو أنه لو قال: ورسولك، لكان تكراراً مع قوله:"أرسلت"، فلما كان نبيًّا قبل أن يُرسل، صرَّح بالنبوة للجمع بينها وبين الرسالة، وإن كان وصف الرسالة مستلزمًا وصف النبوة، مع ما فيه من تعديد النعم وتعظيم المنة في الحالين.

أو احترز به ممن أُرسل من غير نبوة، كجبريل وغيره من الملائكة؛ لأنهم رسل لا أنبياء، فلعله أراد تخليص الكلام من اللَّبْس.

وقال القُرطبي تبعًا لغيره: هذا حُجة لمن لم يُجِز نقل الحديث بالمعنى، وهو الصحيح من مذهب مالك. يعني إلا لكامل المعرفة بالمعنى والمفردات العربية، فإن لفظ النبوة والرسالة مختلفان في أصل الوضع، فإن النبوة من النبأ، وهو الخبر، فالنبي في العُرف هو المُنْبَأ من جهة الله بأمر يقتضي تكليفًا، فإن أمر بتبليغه إلى غيره فهو رسول، وإلا فهو نبي غير رسول، وعلى هذا فكل رسول نبي دون عكس، فإن الرسول والنبي اشتركا في أمر عام وهو النبأ، وافترقا في الرسالة، فإذا قلت: فلان رسول تضمَّن أنه نبي رسول، وإذا قلت: فلان نبي، لم يستلزم أنه رسول، فأراد صلى الله عليه وسلم أن يجمع بينهما في اللفظ، لاجتماعهما فيه، حتى يُفهم من كل واحد منهما من حيث النطق ما وُضع له، وليخرُج عمّا يكون شبه التكرار في اللفظ من غير فائدة، فإنه إذا قال: ورسولك. فقد فُهم منه أنه أرسله، فإذا قال:"الذي أرسلت" صار كالحشو الذي لا فائدة فيه، بخلاف قوله:"ونبيِّك الذي أرسلت" فلا تكرار فيه، لا متحققًا ولا متوهمًا.

وقوله: صار كالحشو. متعقَّب لثبوته في أفصح الكلام، كقوله تعالى:{وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ رَسُولٍ إِلَّا بِلِسَانِ قَوْمِهِ} [إبراهيم: 4} {إِنَّا أَرْسَلْنَا إِلَيْكُمْ رَسُولًا شَاهِدًا عَلَيْكُمْ} [المزمل: 15]، {هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَى} [التوبة:33]، ومن غير هذا اللفظ:{يَوْمَ يُنَادِ الْمُنَادِ} [ق: 41]، إلى غير ذلك، فالأولى حذف هذا الكلام الأخير.

ص: 335

والاقتصار على قوله: "ونبيِّك الذي أرسلت" في هذا المقام أفيد من قوله: ورسولك الذي أرسلت، لما ذكر. والذي ذكره في الفرق بين الرسول والشعبي مقيدٌ بالرسول البشري دون الملَك، فيخلُص الكلام من اللبس كما مر.

وأما الاستدلال به على منع الرواية بالمعنى ففيه نظر؛ لأن شرط الرواية بالمعنى أن يتفق اللفظان في المعنى المذكور، وقد تقرر أن النبي والرسول متغايران لفظًا ومعنى، فلا يتم الاحتجاج بذلك.

وكذا لا حجة فيه لمن استدل به على أنه لا يجوز إبدال لفظ قال نبي الله مثلًا في الرواية، بلفظ: قال رسول الله، وكذا عكسه، ولو أجزنا الرواية بالمعنى، وكذا لا حجة فيه لمن أجاز الأول دون الثاني، لكون الأول أخص من الثاني؛ لأنا نقول: الذات المخبر عنها في الرواية واحدة، فبأي وصف وُصفت به تلك الذات من أوصافها اللائقة بها عُلم القصد بالمخبر عنه، ولو تباينت معاني الصفات، كما لو أبدل اسمًا بكُنية، أو كُنية باسم، فلا فرق بين أن يقول الراوي مثلًا: عن أبي عبد الله البخاري، أو عن محمد بن إِسماعيل البخاري، وهذا بخلاف ما في حديث الباب، فإنه يحتمل ما مر من الأوجه التي بيناها من ارادة التوقيف وغيره.

والسبب في منع الرواية بالمعنى هو أن الذي يستجيزُ ذلك قد يظُنُّ لفظًا يوفي بمعنى اللفظ الآخر، ولا يكون كذلك في نفس الأمر كما عُهد في كثير من الأحاديث، فالاحتياط الإتيان باللفظ، فعلى هذا إذا تحقق بالقطع أن المعنى فيهما متحد لم يضُر، بخلاف ما إذا اقتصر على الظن، ولو كان غالبًا.

وأخرج الترمذي عن رافع بن خُديج أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "إذا اضطجع أحدُكم على يمينه، ثم قال" فذكر نحو الحديث، وفي آخره:"بكتابك الذي أنزلت، وبرسلك التي أرسلت" بصيغة الجمع، وقال: حسن غريب. فإن كان محفوظًا، فالسر فيه حصول التعميم الذي دلت عليه صيغة الجمع صريحًا، فدخل فيه جميع الرسل من البشر والملائكة، فأمن اللَّبْس.

ص: 336