المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌باب ما يقع من النجاسات في السمن والماء - كوثر المعاني الدراري في كشف خبايا صحيح البخاري - جـ ٥

[محمد الخضر الشنقيطي]

فهرس الكتاب

- ‌باب غسل الرجلين إلى الكعبين

- ‌الحديث الحادي والخمسون

- ‌رجاله ستة:

- ‌باب استعمال فضل وضوء الناس

- ‌الحديث الثاني والخمسون

- ‌رجاله أربعة:

- ‌لطائف إسناده:

- ‌الحديث الثالث والخمسون

- ‌رجاله ستة:

- ‌باب

- ‌الحديث الرابع والخمسون

- ‌رجاله أربعة:

- ‌لطائف إسناده:

- ‌باب من مَضْمض واستنشق من غَرْفة واحدة

- ‌الحديث الخامس والخمسون

- ‌رجاله خمسة:

- ‌لطائف إسناده:

- ‌باب مسح الرأس مرة

- ‌الحديث السادس والخمسون

- ‌رجاله ستة:

- ‌الحديث السابع والخمسون

- ‌باب وضوء الرجل مع امرأته وفضل وضوء المرأة

- ‌الحديث الثامن والخمسون

- ‌رجاله أربعة:

- ‌لطائف إسناده:

- ‌باب صب النبي صلى الله عليه وسلم وضوءه على المغمى عليه

- ‌الحديث التاسع والخمسون

- ‌رجاله أربعة:

- ‌لطائف إسناده:

- ‌باب الغسل والوضوء في المِخْضَب والقدح والخشب والحجارة

- ‌الحديث الستون

- ‌رجاله أربعة:

- ‌لطائف إسناده:

- ‌الحديث الحادي والستون

- ‌رجاله خمسة:

- ‌لطائف إسناده:

- ‌الحديث الثاني والستون

- ‌رجاله خمسة:

- ‌لطائف إسناده:

- ‌الحديث الثالث والستون

- ‌رجاله خمسة:

- ‌لطائف إسناده:

- ‌باب الوضوء من التور

- ‌الحديث الرابع والستون

- ‌رجاله ستة:

- ‌الحديث الخامس والستون

- ‌رجاله أربعة:

- ‌لطائف إسناده:

- ‌باب الوضوء بالمُدِّ

- ‌الحديث السادس والستون

- ‌رجاله أربعة:

- ‌لطائف إسناده:

- ‌باب المسح على الخفين

- ‌الحديث السابع والستون

- ‌رجاله سبعة:

- ‌لطائف إسناده:

- ‌رجاله خمسة:

- ‌الحديث الثامن والستون

- ‌رجاله سبعة:

- ‌لطائف إسناده:

- ‌الحديث التاسع والستون

- ‌رجاله ستة:

- ‌لطائف إسناده:

- ‌الحديث السبعون

- ‌رجاله سبعة:

- ‌لطائف إسناده:

- ‌باب إذا أدخل رجليه وهما طاهرتان

- ‌الحديث الحادي والسبعون

- ‌رجاله خمسة:

- ‌لطائف إسناده:

- ‌باب من لم يتوضأ من لحم الشاة والسويق

- ‌الحديث الثاني والسبعون

- ‌رجاله خمسة:

- ‌لطائف إسناده:

- ‌الحديث الثالث والسبعون

- ‌رجاله ستة:

- ‌لطائف إسناده:

- ‌باب من مضمضر من السويق ولم يتوضأ

- ‌الحديث الرابع والسبعون

- ‌رجاله خمسة:

- ‌لطائف إسناده:

- ‌الحديث الخامس والسبعون

- ‌رجاله ستة:

- ‌لطائف إسناده:

- ‌باب هل يُمَضْمِض من اللبن

- ‌الحديث السادس والسبعون

- ‌رجاله سبعة:

- ‌لطائف إسناده:

- ‌باب الوضوء من النوم

- ‌الحديث السابع والسبعون

- ‌رجاله خمسة:

- ‌الحديث الثامن والسبعون

- ‌رجاله خمسة:

- ‌لطائف إسناده:

- ‌باب الوضوء من غير حدث

- ‌الحديث التاسع والسبعون

- ‌رجاله ستة:

- ‌لطائف إسناده:

- ‌الحديث الثمانون

- ‌رجاله خمسة:

- ‌باب من الكبائر أن لا يستتر من بوله

- ‌الحديث الحادي والثمانون

- ‌رجاله خمسة:

- ‌لطائف إسناده:

- ‌باب ما جاء في غسل البول

- ‌الحديث الثاني والثمانون

- ‌رجاله خمسة:

- ‌لطائف إسناده:

- ‌باب

- ‌الحديث الثالث والثمانون

- ‌رجاله ستة:

- ‌لطائف إسناده:

- ‌الحديث الرابع والثمانون

- ‌رجاله أربعة:

- ‌لطائف إسناده:

- ‌تنبيه

- ‌باب صب الماء على البول في المسجد

- ‌الحديث الخامس والثمانون

- ‌رجاله خمسة:

- ‌لطائف إسناده:

- ‌الحديث السادس والثمانون

- ‌رجاله أربعة:

- ‌باب يهَريق الماء على البول

- ‌الحديث السابع والثمانون

- ‌رجاله أربعة:

- ‌باب بول الصِّبْيان

- ‌الحديث الثامن والثمانون

- ‌رجاله خمسة:

- ‌لطائف إسناده:

- ‌الحديث التاسع والثمانون

- ‌رجاله خمسة:

- ‌لطائف إسناده:

- ‌باب البول قائمًا وقاعدًا

- ‌الحديث التسعون

- ‌رجاله خمسة:

- ‌لطائف إسناده:

- ‌باب البول عند صاحبه والتستر بالحائط

- ‌الحديث الحادي والتسعون

- ‌رجاله خمسة:

- ‌لطائف إسناده:

- ‌باب البول عند سُباطة قوم

- ‌الحديث الثاني والتسعون

- ‌رجاله ستة:

- ‌لطائف إسناده:

- ‌باب غَسل الدم

- ‌الحديث الثالث والتسعون

- ‌رجاله خمسة:

- ‌لطائف إسناده:

- ‌الحديث الرابع والتسعون

- ‌رجاله ستة:

- ‌لطائف إسناده:

- ‌باب غسل المني وفركه وغسل ما يصيب من المرأة

- ‌الحديث الخامس والتسعون

- ‌رجاله خمسة:

- ‌لطائف إسناده:

- ‌الحديث السادس والتسعون

- ‌رجاله سبعة:

- ‌لطائف إسناده:

- ‌باب إذا غسل الجنابة أو غيرها فلم يذهب أثره

- ‌الحديث السابع والتسعون

- ‌رجاله خمسة:

- ‌الحديث الثامن والتسعون

- ‌رجاله خمسة:

- ‌باب أبوال الإبل والدواب والغنم ومرابضها

- ‌الحديث التاسع والتسعون

- ‌رجاله خمسة:

- ‌لطائف إسناده:

- ‌الحديث المائة

- ‌رجاله أربعة:

- ‌لطائف إسناده:

- ‌باب ما يقع من النجاسات في السمن والماء

- ‌الحديث الحادي والمئة

- ‌رجاله ستة:

- ‌لطائف إسناده:

- ‌الحديث الثاني والمئة

- ‌رجاله سبعة:

- ‌لطائف إسناده:

- ‌الحديث الثالث والمئة

- ‌رجاله خمسة:

- ‌لطائف إسناده:

- ‌باب البول في الماء الدائم

- ‌الحديث الرابع والمئة

- ‌رجاله خمسة:

- ‌لطائف إسناده:

- ‌باب إذا أُلقِي على ظهرِ الْمُصَلِّي قذر أوْ جِيفَةٌ لمْ تَفْسُد عليهِ صَلاتُهُ

- ‌الحديث الخامس والمئة

- ‌رجاله عشرة:

- ‌لطائف إسناده:

- ‌باب البصاق والمخاط ونحوه في الثوب

- ‌الحديث السادس والمئة

- ‌رجاله سبعة:

- ‌باب لا يجوز الوضوء بالنبيذ ولا المسكر

- ‌الحديث السابع والمئة

- ‌رجاله خمسة:

- ‌لطائف إسناده:

- ‌باب غسل المرأة أباها الدم عن وجهه

- ‌الحديث الثامن والمئة

- ‌رجاله أربعة

- ‌لطائف إسناده:

- ‌باب السِواك

- ‌الحديث التاسع والمئة

- ‌رجاله خمسة:

- ‌لطائف إسناده:

- ‌الحديث العاشر والمئة

- ‌رجاله خمسة:

- ‌لطائف إسناده:

- ‌باب دفع السواك إلى الأكبر

- ‌الحديث الحادي عشر والمائة

- ‌رجاله ثمانية:

- ‌لطائف الإسنادين:

- ‌باب فضل من بات على الوضوء

- ‌الحديث الثاني عشر والمئة

- ‌رجاله ستة:

- ‌لطائف إسناده:

- ‌تنبيه

- ‌خاتمة

- ‌كتاب الغُسْلِ

- ‌باب الوضوء قبل الغسل

- ‌الحديث الأول

- ‌رجاله خمسة:

- ‌لطائف إسناده:

- ‌الحديث الثاني

- ‌رجاله سبعة:

- ‌لطائف إسناده:

- ‌باب غُسْلَ الرجل مع امرأته

- ‌الحديث الثالث

- ‌رجاله خمسة:

- ‌لطائف إسناده:

- ‌باب الغُسل بالصاع ونحوه

- ‌الحديث الرابع

- ‌رجاله سبعة:

- ‌لطائف إسناده:

- ‌الحديث الخامس

- ‌رجاله سبعة:

- ‌لطائف إسناده:

- ‌الحديث السادس

- ‌رجاله خمسة:

- ‌لطائف إسناده:

- ‌باب من أفاض على رأسه ثلاثًا

- ‌الحديث السابع

- ‌رجاله خمسة:

- ‌لطائف إسناده:

- ‌الحديث الثامن

- ‌رجاله ستة:

- ‌لطائف إسناده:

- ‌الحديث التاسع

- ‌رجاله خمسة:

- ‌لطائف إسناده:

- ‌باب الغسل مرة واحدة

- ‌الحديث العاشر

- ‌رجاله ستة:

- ‌لطائف إسناده:

- ‌باب من بدأ بالحِلاب أو الطيب عند الغُسل

- ‌الحديث الحادي عشر

- ‌رجاله خمسة:

- ‌لطائف إسناده:

- ‌باب المضمضة والاستنشاق في الجنابة

- ‌الحديث الثاني عشر

- ‌رجاله سبعة:

- ‌لطائف إسناده:

- ‌باب مسح اليد بالتراب لتكون أنقى

- ‌الحديث الثالث عشر

- ‌رجاله سبعة:

- ‌لطائف إسناده:

- ‌باب

- ‌الحديث الرابع عشر

- ‌رجاله أربعة:

- ‌لطائف إسناده:

- ‌الحديث الخامس عشر

- ‌رجاله خمسة:

- ‌لطائف إسناده:

- ‌الحديث السادس عشر

- ‌رجاله سبعة:

- ‌لطائف إسناده:

- ‌الحديث السابع عشر

- ‌رجاله ستة:

- ‌لطائف إسناده:

- ‌باب تفريق النُسل والوضوء

- ‌الحديث الثامن عشر

- ‌رجاله سبعة:

- ‌باب من أفرغ بيمينه على شماله في الغُسل

- ‌الحديث التاسع عشر

- ‌رجاله سبعة:

- ‌باب إذا جَامَعَ ثم عاد ومن دار على نسائه في غُسْلٍ واحد

- ‌الحديث العشرون

- ‌رجاله سبعة:

- ‌لطائف إسناده:

- ‌الحديث الحادي والعشرون

- ‌رجاله خمسة:

- ‌لطائف إسناده:

- ‌باب غَسْلِ المذي والوضوء منه

- ‌الحديث الثاني والعشرون

- ‌رجاله خمسة:

- ‌لطائف إسناده:

- ‌باب من تطيب ثم اغتسل وبقي أثر الطيب

- ‌الحديث الثالث والعشرون

- ‌رجاله خمسة

- ‌الحديث الرابع والعشرين

- ‌رجاله ستة:

- ‌لطائف إسناده:

- ‌باب تخليلِ الشَّعَرِ حتى إذا ظن أنه قد أروى بشرته أفاض عليه

- ‌الحديث الخامس والعشرون

- ‌رجاله خمسة:

- ‌لطائف إسناده:

- ‌باب من توضأ في الجنابة ثم غسل سائر جسده ولم يُعِدْ كسل مواضع الوضوء منه مرة أخرى

- ‌الحديث السادس والعشرون

- ‌رجاله سبعة:

- ‌لطائف إسناده:

- ‌باب إذا ذكر في المسجد أنه جنب يخرج ولا يتيمم

- ‌الحديث السابع والعشرون

- ‌رجاله ستة:

- ‌لطائف إسناده:

- ‌ورجالها أربعة:

- ‌باب نفض اليدين من الغسل عند الجنابة

- ‌الحديث الثامن والعشرون

- ‌رجاله سبعة:

- ‌لطائف إسناده:

- ‌باب من بدأ بشقِّ رأسه الأيمن في الغسل

- ‌الحديث التاسع والعشرون

- ‌رجاله خمسة:

- ‌لطائف إسناده:

- ‌بابُ مَنِ اغْتَسلَ عُرْيَانًا وَحْدَهُ في الخَلْوَةِ ومَنْ تَسَتَّر فالتستُّر أَفْضَلُ

- ‌الحديث الثلاثون

- ‌رجاله خمسة:

- ‌الحديث الحادي والثلاثون

- ‌رجاله خمسة:

- ‌لطائف إسناده:

- ‌باب التستر في الغسل عند الناس

- ‌الحديث الثاني والثلاثون

- ‌رجاله خمسة:

- ‌لطائف إسناده:

- ‌الحديث الثالث والثلاثون

- ‌رجاله ثمانية:

- ‌باب إذا احتلمت المرأة

- ‌الحديث الرابع والثلاثون

- ‌رجاله ستة:

- ‌لطائف إسناده:

- ‌باب عرق الجُنُب وأن المسلم لا يَنْجُس

- ‌الحديث الخامس والثلاثون

- ‌رجاله ستة:

- ‌لطائف إسناده:

- ‌باب الجنب يخرج ويمشي في السوق وغيره

- ‌الحديث السادس والثلاثون

- ‌رجاله خمسة:

- ‌الحديث السابع والثلاثون

- ‌رجاله ستة:

- ‌باب كينونة الجنب في البيت إذا توضأ

الفصل: ‌باب ما يقع من النجاسات في السمن والماء

وعند ابن خُزيمة عن البراء: سئل صلى الله عليه وسلم عن الصلاة في مرابض الغنم، فقال:"صلوا فيها، فإنها بركة".

وعند أبي القاسم اللالكائي بسند لا بأس به عن عُقبة بن عامر: "صلوا في مرابض الغنم". وكذا رواه ابن عمرو وأسيد بن حُفير.

قلت: قد بات من الأحاديث المذكورة أن علة النهي عن الصلاة في معاطن الإبل كونها خُلقت من الجانِّ لا من جهة النجاسة. وقيل: العلة كون الناقة تحيض والجمل يمذي. وقيل: لأن أهلها يستترون بها عند قضاء الحاجة. وقيل غير ذلك، فلا حجة في النهي على نجاسة فضلاتها.

‌رجاله أربعة:

الأول: آدم بن أبي إياس.

والثاني: شُعبة بن الحجّاج وقد مرّا في الثالث من كتاب الإيمان. ومرَّ أنس بن مالك في السادس منه. ومرَّ أبو التّيّاح يزيد بن حميد في الحادي عشر من كتاب العلم.

‌لطائف إسناده:

وفيه التحديث بصيغة الجمع في موضعين، والاخبار بصيغة الجمع في موضع، والعنعنة في موضع، ورواته ما بين خُراساني وكوفي وبصري.

أخرجه البخاري هنا، وفي الصلاة عن سليمان بن حرب. ومسلم في الصلاة مختصرًا كما هنا عن عبيد الله بن معاذ وغيره. والترمذي فيها عن محمد ابن بشار، وفي المغازي عن عبيد الله بن معاذ وغيره. والنسائي في العلم عن بُندار.

‌باب ما يقع من النجاسات في السمن والماء

هل ينجسها أم لا؟ أو لا ينجس الماء إلا إذا تغير دون غيره. وهذا هو الذي

ص: 249

يظهر من مجموع ما أورده المصنف في الباب من حديث أو أثر. ثم ذكر تعاليق فقال:

وقَالَ الزُّهْرِيُّ: لَا بأْسَ بالماءِ ما لَمْ يُغَيِّرْهُ طَعْمٌ أوْ رِيحٌ أوْ لَوْنٌ.

أي: لا حرج في استعماله في كل حالة، فهو محكوم بطهارته، ما لم يغيره طعم، أي: من شيء نجس، أو ريح منه، أو لون.

ولفظ يونس عن الزهري: كل ما فيه قوة عما يصيبه من الأذى، حتى لا يغير ذلك طعمه ولا لونه ولا ريحه فهو طاهر.

ومقتضى هذا أنه لا فرق بين القليل والكثير إلا بالقوة المانعة للملاقي أن يغيِّر أحد أوصافه، فالعبرة عنده بالتغيُّر وعدمه.

ومذهب الزهري هذا قال به طوائف من العلماء، منهم الحسن، والنخعي، والأوزاعي، وهو مذهب أهل المدينة، والرواية المشهورة عن مالك، وروي عنه أن قليل الماء وهو آنية وضوء أو غسل ينجُس بقليل النجاسة، وإن لم تغيره.

ويوافق أثرُ الزهري حديثَ أبي أُمامة المرفوع: "إن الماء لا ينجِّسه شيء إلا ما غلب على ريحه أو طعمه أو لونه"، أخرجه ابن ماجه والطبراني، وأخرجه الدارقطني عن ثَوْبان بلفظ:"الماء طهور لا ينجِّسه إلا ما غلب على ريحه أو لونه"، وتُكُلِّم في هذا الحديث لأن في سنده رِشْدين بن سعد، وهو متروك، ولكنه روي عن غيره. وقال البيهقي: الحديث غير قوي، إلا أنا لا نعلم في نجاسة الماء إذا تغير بالنجاسة خلافًا.

قلت: ويعضُده حديث: "إن الماء طهور لا ينجسِّه شيء" بلفظ الترمذي، وقال: حديث حسن، ولفظ أحمد وابن خُزيمة وابن حِبان:"الماء لا ينجِّسه شيء، ولفظ أصحاب "السنن": "إن الماء لا يَجْتَنب"،

ص: 250

فيحمل العموم الوارد في هذا الحديث على الخصوص الوارد في الأول، لما هو متقرر من أن الماء إذا تغير أحد أوصافة بالنجاسة لم تبق له طهورية بالاجماع، كما مر عن البيهقي.

ومذهب الشافعي وأحمد التفريق بالقُلتين فما كان دونهما تنجس بملاقاة النجاسة، وإن لم يظهر فيه تغيير، لمفهوم حديث القلتين:"إذا بلغ الماء قُلتين لم يحمل الخبث"، صححه ابن خُزيمة وغيره. وفي رواية لأبي داود وغيره بإسناد صحيح:"فإنه لا ينجس"، وهو المراد بقوله:"لم يحمل الخبث"، أي: يدفع النجس ولا يقبله، وهو مخصص لمنطوق حديث:"الماء لا ينجسه شيء".

قالوا: إنما لم يخرجه البخاري للاختلاف الواقع في إسناده، لكن رواته ثقات، وصححه جماعة.

قلت: بل قال ابن عبد البر في "التمهيد": ما ذهب إليه الشافعي من حديث القُلتين مذهب ضعيف من جهة النظر غير ثابت في الأثر؛ لأنه قد تكلَّم فيه جماعة من أهل العلم بالنقل.

وقال الدَّبّوسي: هو خبر ضعيف، ومنهم من لم يقبله؛ لأن الصحابة والتابعين لم يعلموا به.

وقال ابن العربي: مداره على علة أو مضطرب أو موقوف، وحسبك أن الشافعي رواه عن الوليد بن كثير، وهو إباضيّ. واختلفت روايته، فقيل: قلتين، وقيل: قلتين أو ثلاثًا، ورُوي: أربعون قلة، وروي: أربعون فرقًا، ووُقِف على أبي هريرة وعبد الله بن عمرو.

وقال اليَعْمَري: حكم ابن مندة بصحته على شرط مسلم من جهة الرواة، ولكنه أعرض عن جهة الرواية بكثرة الاختلاف فيها والاضطراب، ولهذا لم يخرِّجه مسلم ولا البخاري.

واختلفوا في مقدار القُلتين؛ لأن القلة في العرف تُطلق على الكبيرة

ص: 251

والصغيرة كالجرة، ولم يثبت من الحديث تقديرهما، فيكون مجملًا، فلا يعمل به كما قاله الطحاوي وابن دقيق العيد. لكن أجاب عن ذلك أبو عبيد القاسم بن سلام، فقال: المراد القلة الكبيرة، إذ لو أراد الصغيرة لم يَحْتَج لذكر العدد، فإن الصغيرتين قدر واحدة كبيرة، ويرجع في الكبيرة إلى العرف عند أهل الحجاز.

والظاهر أن الشارع عليه الصلاة والسلام ترك تحديدهما على سبيل التوسعة، والعلم محيط بأنه ما خاطب الصحابة إلا بما يفهمون، فانتفى الإِجمال، لكن لعدم التحديد وقع الخلف بين السلف في مقدارهما على تسعة أقوال حكاها ابن المنذر. ثم حدث بعد ذلك تحديدهما بالأرطال، واختلف فيه أيضًا، واعتبر الشافعي قدرهما بخمس قُرب من قُرب أهل الحجاز احتياطًا.

وقالت الحنفية: إذا اختلطت النجاسة بالماء تنجس إلا أن يكون كثيرًا، وهو الذي إذا حُرِّك أحد جانبيه لم يتحرك الآخر. واختلفوا في جهة التحريك، فقيل: بالاغتسال من غير عنف. وقيل: باليد من غير اغتسال ولا وضوء، إلى ما هو مذكور في كتبهم.

والزُّهري هو محمد بن مسلم بن شهاب، وقد مر في الثالث من بدء الوحي.

وأثره هذا وصله عبد الله بن وهب في "جامعه" عن يونس، عنه. وروى البيهقي معناه من طريق أبي عمرو، وهو الأوزاعي.

وقال حماد: لا بأس بريش الميتة

أي: ليس نجسًا، ولا ينجس الماء بملاقاته، سواء كان ريش مأكول أو غيره.

وحماد: هو حماد بن أبي سليمان شيخ أبي حنيفة، وقد مر في باب قراءة

ص: 252

القرآن بعد الحدث وغيره في السابع والأربعين من كتاب الوضوء.

وأثره هذا وصله عبد الرزاق عن معمر عنه.

وقَالَ الزُّهْرِيُّ في عِظام المَوْتَى نَحْو الفِيلِ وغَيْرهِ أَدْرَكْتُ ناسًا مِنْ سَلَفِ العُلمَاءِ يَمْتَشِطُون بها ويَدَّهِنُونَ فِيها لا يَرَوْن بِهِ بَأَسًا.

وقوله: "نحو الفيل" أي: مما هو محرم الأكل عند بعض العلماء، ومكروه عند بعضهم.

وقوله: "أدركت ناسًا" أي: كثيرًا، فالتنوين للتكثير.

وقوله: "يمتشطون بها" أي: بعظام الموتى، بأن يصنعوا منها مِشْطًا، ويستعملوها.

وقوله: "ويدَّهنونَ فيها" أي: في عظام الموتى، بأن يصنعوا منها آنية، يجعلون فيها الدهن، ويدَّهنون: بتشديد الدال من باب الافتعال، ويجوز ضم أوله وإسكان الدال.

وقوله: "لا يرون به بأسًا" أي: حرجًا، وهذا يدل على أنهم كانوا يقولون بطهارته، فلو كان نجسًا عندهم ما استعملوه امتشاطًا وادّهانًا، وحينئذ فإذا وقع عظم الفيل في الماء لم ينجس بناء على القول بعدم نجاسته، وهو مذهب أبي حنيفة بناء على أنه لا تحلُّه الحياة، ومذهب الشافعي أنه نجس بناء على أنه تحلُّه الحياة، لقوله تعالى:{قَالَ مَنْ يُحْيِ الْعِظَامَ وَهِيَ رَمِيمٌ (78) قُلْ يُحْيِيهَا الَّذِي أَنْشَأَهَا أَوَّلَ مَرَّةٍ} [يس: 78، 79] قال في "الفتح": وعند المالكية أن عظم الفيل يطهُر إذا ذُكِّي، بناء على قول مالك أن غير المأكول يطهر بالتذكية. قلت: هذا كله غير جار على مشهور مذهب مالك، فإن مشهور مذهبه أن ما لا يُؤكل لا يطهُر شيء منه بالتذكية، ومشهور مذهبه أن الفيل مكروه الأكل لا محرمه، ومشهور مذهبه أن عاج المذكّى وعظمه طاهران، وغير المذكّى في عاجه قولان بكراهة التنزيه والحرمة، لتعارض مقتضى التنجيس، وهو جزئية الميتة ومقتضى

ص: 253

الطهارة، وهو عدم الاستقذار؛ لأنه مما يُتنافس في اتخاذه.

وأثر الزهري هذا لم أر من وصله.

قالَ ابنُ سِيرِينَ وإبْراهِيمُ لَا بَأْسَ بِتِجارَةِ العَاجِ.

لم يذكر السَّرْخسي إبراهيم في روايته ولا أكثر الرواة عن الفِرْبَري، وهذا يدل على أنه كان يراه طاهرًا؛ لأنه لا يجيز بيع النجس ولا المتنجس الذي لا يمكن تطهيره، بدليل قصته المشهورة في الرويث.

والعاج: هو ناب الفيل، قال ابن سِيده: لا يسمى غيره عاجًا. وأنكر الخليل أيضًا أن يسمّى غير ناب الفيل عاجًا. وقال ابن فارس والجوهري: العاج: عظم الفيل. فلم يخصِّصاه بالناب. وقال الخطابي تبعًا لابن قُتيبة: العاج الذَّبْل وهو ظهر السلحفاة البحرية، وفيه نظر، ففي "الصحاح": المسك السوار من عاج أو ذبل، فغاير بينهما، لكن قال القالي: العرب تسمي كل عظم عاجًا، فإن ثبت هذا فلا حجة في الأثر المذكور على طهارة عظم الفيل، لكن إيراد البخاري له عقب أثر الزُّهري في عظم الفيل يدل على اعتبار ما قال الخليل عنده.

وابن سيرين المراد به الإمام محمد بن سيرين، وقد مر في الحادي والأربعين من كتاب الإيمان.

وأثره وصله عبد الرزاق في "مصنفه" عن الثوري عن همّام، عنه.

وإبراهيم المراد به إبراهيم بن يزيد النَّخَعي، وقد مر في السادس والعشرين من كتاب الإيمان أيضًا، ولم أر من وصل أثره، بل لم يذكره السَّرخسي في روايته، ولا أكثر الرواة عن الفربري كما مر قريبًا.

ص: 254