الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الحديث الثاني والثلاثون
حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْلَمَةَ عَنْ مَالِكٍ عَنْ أَبِي النَّضْرِ مَوْلَى عُمَرَ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ أَنَّ أَبَا مُرَّةَ مَوْلَى أُمِّ هَانِىء أَخْبَرَهُ أَنَّهُ سَمِعَ أُمَّ هَانِىء بِنْتَ أَبِي طَالِبٍ تَقُولُ: ذَهَبْتُ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَامَ الْفَتْحِ، فَوَجَدْتُهُ يَغْتَسِلُ وَفَاطِمَةُ تَسْتُرُهُ فَقَالَ:"مَنْ هَذِهِ؟ ". فَقُلْتُ: أَنَا أُمُّ هَانِىء.
قوله: "عام الفتح": أي: فتح مكة في رمضان سنة ثمان.
وقوله: "فقال: مَنْ هذه؟ " يدُل على أن الستر كان كثيفًا، وعَرف أنّها امرأة لكون الرجال لا يدخلون عليه في ذلك الموضع، ففي الحديث جواز الغُسل بحضرة المَحرم إذا حال بينهما ساتر من ثوب أو غيره.
رجاله خمسة:
الأول: عبد الله بن مَسْلمة وقد مرَّ في الثاني عشر من الإيمان.
والثاني: مالك بن أنس، وقد مرَّ في الثاني من بدء الوحي. ومرَّ أبو النضر سالم بن أبي أمية في السابع والستين من كتاب الوضوء. ومرَّ أبو مُرة في الثامن من كتاب العلم.
والخامس: أُم هانىء بنت أبي طالب بن عبد المطَّلب بن هاشِم الهاشِمية بنت عم النبي صلى الله عليه وسلم. قيل: اسمها فاختة. وقيل: اسمها هند. وقيل: اسمها فاطمة. والأول أشهر.
وأُمها: فاطمة بنت أسد بن هاشِم بن عبد مناف، وأُمُّ طالبٍ وعقيل وجعفرٍ وعليٍّ وجُمانَة.
كانت زوج هُبَيْرة بن عمرو بن عائِذ بن عُمير بنِ عُمر بن عمْران بن مَخْزوم المخزوميّة.
رُوي عن ابن عباس قال: خطب النبي صلى الله عليه وسلم إلى أبي طالب أُمَّ هانىء، وخطبها منه هُبَيْرة فزوَّج هُبَيْرة، فعاتبه النبي صلى الله عليه وسلم، فقال أبو طالب: يا ابن أخي: إنا قد صاهَرْنا إليهم، والكريم يكافىء الكريم. ثم فرَّق الإِسلام بينهما، فخطبها النبي صلى الله عليه وسلم، فقالت: والله إني كنت لأُحبُّك في الجاهلية، فكيف في الإِسلام، ولكني امرأة مُصْبِية، فأكره أن يؤذوك. فقال: "خيرُ نساء ركِبْنَ الإبل نساءُ قريش، أحناه على ولد
…
الحديث"
وفي رواية عن الشعبي أنه لما خطبها قالت: يا رسول الله: لأنت أحبُّ إلى من سَمْعي ومن بصري، وحق الزوج عظيم، وأنا أخشى أن أضيِّع حقَّ الزوج، فذكر الحديث.
وفي رواية أبي نَوْفل بن أبي عَقْرب أنه لما خطبها، قال لولدٍ من بين يديها:"كفى بهذا رضيعًا، وهذا ضجيعًا".
وعن أبي صالح مولاها أنه لما خطبها، قالت: إنّي مؤيَّمة. فلما أدرك بنوها، عرضت نفسها عليه، فقال:"أما الآن فلا"؛ لأن الله أنزل عليه في قوله: {وَبَنَاتِ عَمِّكَ وَبَنَاتِ عَمَّاتِكَ وَبَنَاتِ خَالِكَ وَبَنَاتِ خَالَاتِكَ اللَّاتِي هَاجَرْنَ مَعَكَ} [الأحزاب: 50]. ولم تكن من المهاجرات. أسلمت أم هانىء، ولما فُتِحت مكة فَرَّ هُبيرة إلى نجران، وقال حين فرَّ معتذرًا من فراره:
لعمُركَ ما ولَّيتُ ظهري محمدًا
…
وأصحابَه جبنًا ولا خِيْفةَ القتلِ
ولكنّي قلبْتُ أمري فلَمْ أجِد
…
لسيفي غَناءً إن ضربتُ ولا نَبْلي
وَقَفْتُ فلما خِفْتُ ضيعةَ مَوْقفي
…
رجعتُ لعَوْدٍ كالهِزَبرِ أبي الشِّبْلِ
قال خلف الأحمر: إن أبيات هُبيرة في الاعتذار من الفرار خير من قول الحارث بن هشام. وقال الأصمعي: أحسن ما قيل في الاعتذار من الفرار قول