الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
لم يرويا عن حُميد بن هِلال شيئًا. ومرَّ سعيد بن أبي مريم في الرابع والأربعين من كتاب العلم. ومر أنس بن مالك في السادس من كتاب الإيمان. وأما أبو عبد الله فالمراد به البخاري نفسه.
والسادس من السند: يحيى بن أيوب، وهو يحيى بن أيوب بن بادي كوادي أبو زكريّا الخَوْلاني العلّاف.
روى عن: أبي صالح عبد الغفار بن داود، وعمرو بن خالد الحرّاني، وسعيد بن أبي مَرْيم، وغيرهم.
وروى عنه: النّسائي، وأبو علي بن هارون، وأبو علي عبد المؤمن بن خَلَف النَّسَفي، وأبو القاسم اللالَكائي، وإبراهيم بن محمّد بن مُسلم بن وارد، وآخرون.
قال النَّسائي: صالح. وقال ابن يُونس: توفي في المحرم سنة تسع وثمانين ومئتين، وقد رأيته. وكان إذا رآني يقبِّل رأسي
والخَوْلاني في نسبه مرَّ في الحادي عشر من الإيمان.
باب لا يجوز الوضوء بالنبيذ ولا المسكر
قوله: "النبيذ" بالمعجمة، وهو الماء الذي يُنبذ فيه نحو التمر لتخرج حلاوته إلى الماء، فعيل بمعنى مفعول، أي: مطروح، وإنما أُفرد النبيذ لأنه محل الخلاف في التوضؤ، والمراد بالنبيذ ما لم يبلغ إلى حد الإِسكار.
وكَرِهَهُ الحسنُ وأَبُو العَالِيَةِ.
فقد روى ابن أبي شَيْبة وعبد الرزاق من طريقين عن الحسن، قال: لا تتوضأ بلبن ولا بنبيذ. وروى أبو عبيد من طريق أخرى عنه أنه لا بأس به. فعلى هذا، فكراهته عنده على التنزيه، فلا يساعد الترجمة حينئذ.
وأبو العالية تعليقه رواه أبو داود وأبو عبيد عن أبي خَلْدة، قال: سألت أبا
العالية عن رجل أصابته جنابة، وليس عنده ماء، أيغتسل به؟ قال: لا. وفي رواية لأبي عُبيد: فكرهه. والظاهر أن هذا كراهة تنزيه أيضًا.
والحسن المراد به الحسن البصري، وقد مرَّ تعريفه في الخامس والعشرين من كتاب الإيمان. وتعليقه رواه ابن أبي شَيْبة وعبد الرزاق في "مصنفه" كما مر.
وأبو العالية المراد به رُفَيْع الرِّياحي، وقد مرَّ تعريفه في التعاليق بعد الحديث الثاني من كتاب العلم. والذي علَّقه عنه رواه الدارقُطني في "سننه" بسند جيد، وابن أبي شَيْبة أيضًا.
وقَالَ عطاءٌ: التيمّمُ أحبُّ إليَّ منَ الوُضُوءِ بالنَّبيذِ واللَّبَنِ.
وقول عطاء هذا يدُل على أنه يُجيز استعمال النبيذ في الوضوء، ولكن التيمم أحب إليه منه، فعلى هذا هو أيضًا لا يساعد الترجمة.
واللبن الذي لم يخالطه ماء لا يجوز الوضوء به إجماعًا، وأما المخلوط بالماء فأجاز الحنفية الوضوء به دون غيرهم.
وأما الوضوء بالنبيذ فقد ذهب الأوزاعي إلى جواز الوضوء بالأنبذة كلها، وهو قول عِكْرمة مولى ابن عباس. ورُوي عن علي وابن عباس، ولم يصحَّ عنهما.
وأجازه أبو حنيفة، وقيده في المشهور عنه بنبيذ التمر، واشترط أن لا يكون بحضرة ماء، وأن يكون خارج المصر أو القرية، وأن يكون حلوًا رقيقًا يسيل على الأعضاء كالماء، وما اشتدَّ منه صار حرامًا لا يجوز التوضؤ به. وإن غيرته النار، فما دام حلوًا فهو على الخلاف. ولا يجوز التوضؤ بما سواه من الأنبذة.
وقال محمد: يُجمع بينه وبين التيمم، قيل: إيجابًا، وقيل: استحبابًا.
وقال أبو يوسف كالجمهور: لا يُتوضأ به بحال، واختاره الطحاوي.
وقال قاضيخان: إن أبا حنيفة رجع إلى هذا القول، لكن في المفيد من كتبهم إذا ألقى في الماء تمرات، فحلي، ولم يزُل عنه اسم الماء، جاز الوضوء به بلا خلاف، يعني: عندهم.
ومذهب مالك والشافعي وأحمد والجمهور أنه لا يُتوضأ به بحال.
واحتجت الأحناف بحديث ابن مسعود حيث قال له النبي صلى الله عليه وسلم ليلة الجن: "ماذا في إداوتِك؟ " قال: نبيذ. قال: "تمرة طيبة، وماء طهور" رواه أبو داود والترمذي، وزاد:"فتوضأ به". وهذا الحديث أطبق علماء السلف على تضعيفه. وقيل على تقدير صحته: إنه منسوخ، لأن ذلك كان بمكة، ونزول قوله تعالى:{فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً فَتَيَمَّمُوا} [المائدة: 6]، إنما كان بالمدينة بلا خلاف، أو هو محمول على ما ألقيت فيه تمرات يابسة لم تُغير له وصفًا، وإنما كانوا يصنعون ذلك لأن غالب مياههم لم تكن حلوة. قاله في "الفتح".
وأجاب العيني عن التضعيف بأنه إنما حصل من رواية أبي زيد له عن ابن مسعود، وهو رجل مجهول، وقد رواه أربعة عشر رجلًا عن ابن مسعود، كما رواه أبو زيد وتتبعها، يعني أنه بكثرة الطرق المتعددة المخارج ينتقل عن رتبة الضعف إلى رتبة الحسن.
وأجاب عن النسخ بأنه مردود، قال: وجه الرد ما ذكره الطبراني في "الكبير"، والدارقطني، أن جبريل عليه السلام نزل على رسول الله صلى الله عليه وسلم، فهمز له بعقبه، فأنبع الماء، وعلَّمه الوضوء. وقال السُّهَيْلي: الوضوء مكي، ولكنه مدني التلاوة، وإنما قالت عائشة رضي الله عنها: آية التيمم، ولم تقل: آية الوضوء؛ لأن الوضوء كان مفروضًا قبلُ، غير أنه لم يكن قرآنًا يُتلى حتى نزلت آية التيمم. وحكى عِياض عن أبي الجَهْم أن الوضوء كان سُنة حتى نزل به القرآن بالمدينة.
قلت: هذا الجواب في غاية السقوط كما ترى، فإنه ليس فيه إلَاّ أن الوضوء كان بمكة، وهذا لا تعرُّض فيه لمنع نسخ الوضوء بالنبيذ إن صح بالتيمم، فوجه الدلالة على النسخ هو أن الله تعالى حصر الطهارة في الوضوء بالماء، وفي التيمم بالتراب عند عدم الماء، والنبيذ ليس من الماء ولا من التراب، وهي مدنية متأخرة عن الحديث إن كان صحيحًا، فأفادت أن من لم يجد الماء يتيمم لا يتوضأ بنبيذ ولا غيره.
واختلفت الحنفية في جواز الاغتسال بنبيذ التمر، فقال بعضهم: لا يجوز، لأن الجواز عُرف بالنص، وإنه ورد بالوضوء دون الاغتسال، فيُقتصر على مورد النص .. وقال بعضهم، ومنه صاحب "المبسوط": يجوز لاستوائهما في المعنى.
ونبيذ التمر الذي فيه الخلاف عند الحنفية وغيرهم هو أن يُلقى في الماء شيء من التمر لتخرج حلاوتها، كما هو الوارد في الحديث؛ لأن من عادة العرب أنها تطرح التمر في الماء ليحلو، فما دام رقيقًا حلوًا أو قارصًا يُتوضأ به عند أبي حنيفة، وإن كان غليظًا كالرُّبِّ لا يجوز الوضوء به، وكذا إن كان رقيقًا لكنه غلا واشتد وقَذَفَ بالزَّبَد؛ لأنه صار مسكرًا، والمسكر حرام، فلا يجوز الوضوء به، لأن النبيذ الذي توضَّأ به عليه الصلاة والسلام كان رقيقًا حلوًا، فلا يُلحق به الغليظ.
والنبيذ إذا كان نيئًا أو كان مطبوخًا أدنى طبخة، فما دام قارصًا أو حلوًا فهو على الخلاف، وإن غلا واشتد وقذف بالزبد. وذكر القُدورِي في هذا الاختلاف بين الكرخي وأبي طاهر الدبّاس، فأجازه الأول، ومنعه الثاني، قاله العيني.
وعطاء: المراد به ابن أبي رباح، وقد مرَّ في التاسع والثلاثين من كتاب العلم، وتعليقه رواه أبو داود من طريق ابن جُريج عنه.