المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌الحديث الخامس والمئة - كوثر المعاني الدراري في كشف خبايا صحيح البخاري - جـ ٥

[محمد الخضر الشنقيطي]

فهرس الكتاب

- ‌باب غسل الرجلين إلى الكعبين

- ‌الحديث الحادي والخمسون

- ‌رجاله ستة:

- ‌باب استعمال فضل وضوء الناس

- ‌الحديث الثاني والخمسون

- ‌رجاله أربعة:

- ‌لطائف إسناده:

- ‌الحديث الثالث والخمسون

- ‌رجاله ستة:

- ‌باب

- ‌الحديث الرابع والخمسون

- ‌رجاله أربعة:

- ‌لطائف إسناده:

- ‌باب من مَضْمض واستنشق من غَرْفة واحدة

- ‌الحديث الخامس والخمسون

- ‌رجاله خمسة:

- ‌لطائف إسناده:

- ‌باب مسح الرأس مرة

- ‌الحديث السادس والخمسون

- ‌رجاله ستة:

- ‌الحديث السابع والخمسون

- ‌باب وضوء الرجل مع امرأته وفضل وضوء المرأة

- ‌الحديث الثامن والخمسون

- ‌رجاله أربعة:

- ‌لطائف إسناده:

- ‌باب صب النبي صلى الله عليه وسلم وضوءه على المغمى عليه

- ‌الحديث التاسع والخمسون

- ‌رجاله أربعة:

- ‌لطائف إسناده:

- ‌باب الغسل والوضوء في المِخْضَب والقدح والخشب والحجارة

- ‌الحديث الستون

- ‌رجاله أربعة:

- ‌لطائف إسناده:

- ‌الحديث الحادي والستون

- ‌رجاله خمسة:

- ‌لطائف إسناده:

- ‌الحديث الثاني والستون

- ‌رجاله خمسة:

- ‌لطائف إسناده:

- ‌الحديث الثالث والستون

- ‌رجاله خمسة:

- ‌لطائف إسناده:

- ‌باب الوضوء من التور

- ‌الحديث الرابع والستون

- ‌رجاله ستة:

- ‌الحديث الخامس والستون

- ‌رجاله أربعة:

- ‌لطائف إسناده:

- ‌باب الوضوء بالمُدِّ

- ‌الحديث السادس والستون

- ‌رجاله أربعة:

- ‌لطائف إسناده:

- ‌باب المسح على الخفين

- ‌الحديث السابع والستون

- ‌رجاله سبعة:

- ‌لطائف إسناده:

- ‌رجاله خمسة:

- ‌الحديث الثامن والستون

- ‌رجاله سبعة:

- ‌لطائف إسناده:

- ‌الحديث التاسع والستون

- ‌رجاله ستة:

- ‌لطائف إسناده:

- ‌الحديث السبعون

- ‌رجاله سبعة:

- ‌لطائف إسناده:

- ‌باب إذا أدخل رجليه وهما طاهرتان

- ‌الحديث الحادي والسبعون

- ‌رجاله خمسة:

- ‌لطائف إسناده:

- ‌باب من لم يتوضأ من لحم الشاة والسويق

- ‌الحديث الثاني والسبعون

- ‌رجاله خمسة:

- ‌لطائف إسناده:

- ‌الحديث الثالث والسبعون

- ‌رجاله ستة:

- ‌لطائف إسناده:

- ‌باب من مضمضر من السويق ولم يتوضأ

- ‌الحديث الرابع والسبعون

- ‌رجاله خمسة:

- ‌لطائف إسناده:

- ‌الحديث الخامس والسبعون

- ‌رجاله ستة:

- ‌لطائف إسناده:

- ‌باب هل يُمَضْمِض من اللبن

- ‌الحديث السادس والسبعون

- ‌رجاله سبعة:

- ‌لطائف إسناده:

- ‌باب الوضوء من النوم

- ‌الحديث السابع والسبعون

- ‌رجاله خمسة:

- ‌الحديث الثامن والسبعون

- ‌رجاله خمسة:

- ‌لطائف إسناده:

- ‌باب الوضوء من غير حدث

- ‌الحديث التاسع والسبعون

- ‌رجاله ستة:

- ‌لطائف إسناده:

- ‌الحديث الثمانون

- ‌رجاله خمسة:

- ‌باب من الكبائر أن لا يستتر من بوله

- ‌الحديث الحادي والثمانون

- ‌رجاله خمسة:

- ‌لطائف إسناده:

- ‌باب ما جاء في غسل البول

- ‌الحديث الثاني والثمانون

- ‌رجاله خمسة:

- ‌لطائف إسناده:

- ‌باب

- ‌الحديث الثالث والثمانون

- ‌رجاله ستة:

- ‌لطائف إسناده:

- ‌الحديث الرابع والثمانون

- ‌رجاله أربعة:

- ‌لطائف إسناده:

- ‌تنبيه

- ‌باب صب الماء على البول في المسجد

- ‌الحديث الخامس والثمانون

- ‌رجاله خمسة:

- ‌لطائف إسناده:

- ‌الحديث السادس والثمانون

- ‌رجاله أربعة:

- ‌باب يهَريق الماء على البول

- ‌الحديث السابع والثمانون

- ‌رجاله أربعة:

- ‌باب بول الصِّبْيان

- ‌الحديث الثامن والثمانون

- ‌رجاله خمسة:

- ‌لطائف إسناده:

- ‌الحديث التاسع والثمانون

- ‌رجاله خمسة:

- ‌لطائف إسناده:

- ‌باب البول قائمًا وقاعدًا

- ‌الحديث التسعون

- ‌رجاله خمسة:

- ‌لطائف إسناده:

- ‌باب البول عند صاحبه والتستر بالحائط

- ‌الحديث الحادي والتسعون

- ‌رجاله خمسة:

- ‌لطائف إسناده:

- ‌باب البول عند سُباطة قوم

- ‌الحديث الثاني والتسعون

- ‌رجاله ستة:

- ‌لطائف إسناده:

- ‌باب غَسل الدم

- ‌الحديث الثالث والتسعون

- ‌رجاله خمسة:

- ‌لطائف إسناده:

- ‌الحديث الرابع والتسعون

- ‌رجاله ستة:

- ‌لطائف إسناده:

- ‌باب غسل المني وفركه وغسل ما يصيب من المرأة

- ‌الحديث الخامس والتسعون

- ‌رجاله خمسة:

- ‌لطائف إسناده:

- ‌الحديث السادس والتسعون

- ‌رجاله سبعة:

- ‌لطائف إسناده:

- ‌باب إذا غسل الجنابة أو غيرها فلم يذهب أثره

- ‌الحديث السابع والتسعون

- ‌رجاله خمسة:

- ‌الحديث الثامن والتسعون

- ‌رجاله خمسة:

- ‌باب أبوال الإبل والدواب والغنم ومرابضها

- ‌الحديث التاسع والتسعون

- ‌رجاله خمسة:

- ‌لطائف إسناده:

- ‌الحديث المائة

- ‌رجاله أربعة:

- ‌لطائف إسناده:

- ‌باب ما يقع من النجاسات في السمن والماء

- ‌الحديث الحادي والمئة

- ‌رجاله ستة:

- ‌لطائف إسناده:

- ‌الحديث الثاني والمئة

- ‌رجاله سبعة:

- ‌لطائف إسناده:

- ‌الحديث الثالث والمئة

- ‌رجاله خمسة:

- ‌لطائف إسناده:

- ‌باب البول في الماء الدائم

- ‌الحديث الرابع والمئة

- ‌رجاله خمسة:

- ‌لطائف إسناده:

- ‌باب إذا أُلقِي على ظهرِ الْمُصَلِّي قذر أوْ جِيفَةٌ لمْ تَفْسُد عليهِ صَلاتُهُ

- ‌الحديث الخامس والمئة

- ‌رجاله عشرة:

- ‌لطائف إسناده:

- ‌باب البصاق والمخاط ونحوه في الثوب

- ‌الحديث السادس والمئة

- ‌رجاله سبعة:

- ‌باب لا يجوز الوضوء بالنبيذ ولا المسكر

- ‌الحديث السابع والمئة

- ‌رجاله خمسة:

- ‌لطائف إسناده:

- ‌باب غسل المرأة أباها الدم عن وجهه

- ‌الحديث الثامن والمئة

- ‌رجاله أربعة

- ‌لطائف إسناده:

- ‌باب السِواك

- ‌الحديث التاسع والمئة

- ‌رجاله خمسة:

- ‌لطائف إسناده:

- ‌الحديث العاشر والمئة

- ‌رجاله خمسة:

- ‌لطائف إسناده:

- ‌باب دفع السواك إلى الأكبر

- ‌الحديث الحادي عشر والمائة

- ‌رجاله ثمانية:

- ‌لطائف الإسنادين:

- ‌باب فضل من بات على الوضوء

- ‌الحديث الثاني عشر والمئة

- ‌رجاله ستة:

- ‌لطائف إسناده:

- ‌تنبيه

- ‌خاتمة

- ‌كتاب الغُسْلِ

- ‌باب الوضوء قبل الغسل

- ‌الحديث الأول

- ‌رجاله خمسة:

- ‌لطائف إسناده:

- ‌الحديث الثاني

- ‌رجاله سبعة:

- ‌لطائف إسناده:

- ‌باب غُسْلَ الرجل مع امرأته

- ‌الحديث الثالث

- ‌رجاله خمسة:

- ‌لطائف إسناده:

- ‌باب الغُسل بالصاع ونحوه

- ‌الحديث الرابع

- ‌رجاله سبعة:

- ‌لطائف إسناده:

- ‌الحديث الخامس

- ‌رجاله سبعة:

- ‌لطائف إسناده:

- ‌الحديث السادس

- ‌رجاله خمسة:

- ‌لطائف إسناده:

- ‌باب من أفاض على رأسه ثلاثًا

- ‌الحديث السابع

- ‌رجاله خمسة:

- ‌لطائف إسناده:

- ‌الحديث الثامن

- ‌رجاله ستة:

- ‌لطائف إسناده:

- ‌الحديث التاسع

- ‌رجاله خمسة:

- ‌لطائف إسناده:

- ‌باب الغسل مرة واحدة

- ‌الحديث العاشر

- ‌رجاله ستة:

- ‌لطائف إسناده:

- ‌باب من بدأ بالحِلاب أو الطيب عند الغُسل

- ‌الحديث الحادي عشر

- ‌رجاله خمسة:

- ‌لطائف إسناده:

- ‌باب المضمضة والاستنشاق في الجنابة

- ‌الحديث الثاني عشر

- ‌رجاله سبعة:

- ‌لطائف إسناده:

- ‌باب مسح اليد بالتراب لتكون أنقى

- ‌الحديث الثالث عشر

- ‌رجاله سبعة:

- ‌لطائف إسناده:

- ‌باب

- ‌الحديث الرابع عشر

- ‌رجاله أربعة:

- ‌لطائف إسناده:

- ‌الحديث الخامس عشر

- ‌رجاله خمسة:

- ‌لطائف إسناده:

- ‌الحديث السادس عشر

- ‌رجاله سبعة:

- ‌لطائف إسناده:

- ‌الحديث السابع عشر

- ‌رجاله ستة:

- ‌لطائف إسناده:

- ‌باب تفريق النُسل والوضوء

- ‌الحديث الثامن عشر

- ‌رجاله سبعة:

- ‌باب من أفرغ بيمينه على شماله في الغُسل

- ‌الحديث التاسع عشر

- ‌رجاله سبعة:

- ‌باب إذا جَامَعَ ثم عاد ومن دار على نسائه في غُسْلٍ واحد

- ‌الحديث العشرون

- ‌رجاله سبعة:

- ‌لطائف إسناده:

- ‌الحديث الحادي والعشرون

- ‌رجاله خمسة:

- ‌لطائف إسناده:

- ‌باب غَسْلِ المذي والوضوء منه

- ‌الحديث الثاني والعشرون

- ‌رجاله خمسة:

- ‌لطائف إسناده:

- ‌باب من تطيب ثم اغتسل وبقي أثر الطيب

- ‌الحديث الثالث والعشرون

- ‌رجاله خمسة

- ‌الحديث الرابع والعشرين

- ‌رجاله ستة:

- ‌لطائف إسناده:

- ‌باب تخليلِ الشَّعَرِ حتى إذا ظن أنه قد أروى بشرته أفاض عليه

- ‌الحديث الخامس والعشرون

- ‌رجاله خمسة:

- ‌لطائف إسناده:

- ‌باب من توضأ في الجنابة ثم غسل سائر جسده ولم يُعِدْ كسل مواضع الوضوء منه مرة أخرى

- ‌الحديث السادس والعشرون

- ‌رجاله سبعة:

- ‌لطائف إسناده:

- ‌باب إذا ذكر في المسجد أنه جنب يخرج ولا يتيمم

- ‌الحديث السابع والعشرون

- ‌رجاله ستة:

- ‌لطائف إسناده:

- ‌ورجالها أربعة:

- ‌باب نفض اليدين من الغسل عند الجنابة

- ‌الحديث الثامن والعشرون

- ‌رجاله سبعة:

- ‌لطائف إسناده:

- ‌باب من بدأ بشقِّ رأسه الأيمن في الغسل

- ‌الحديث التاسع والعشرون

- ‌رجاله خمسة:

- ‌لطائف إسناده:

- ‌بابُ مَنِ اغْتَسلَ عُرْيَانًا وَحْدَهُ في الخَلْوَةِ ومَنْ تَسَتَّر فالتستُّر أَفْضَلُ

- ‌الحديث الثلاثون

- ‌رجاله خمسة:

- ‌الحديث الحادي والثلاثون

- ‌رجاله خمسة:

- ‌لطائف إسناده:

- ‌باب التستر في الغسل عند الناس

- ‌الحديث الثاني والثلاثون

- ‌رجاله خمسة:

- ‌لطائف إسناده:

- ‌الحديث الثالث والثلاثون

- ‌رجاله ثمانية:

- ‌باب إذا احتلمت المرأة

- ‌الحديث الرابع والثلاثون

- ‌رجاله ستة:

- ‌لطائف إسناده:

- ‌باب عرق الجُنُب وأن المسلم لا يَنْجُس

- ‌الحديث الخامس والثلاثون

- ‌رجاله ستة:

- ‌لطائف إسناده:

- ‌باب الجنب يخرج ويمشي في السوق وغيره

- ‌الحديث السادس والثلاثون

- ‌رجاله خمسة:

- ‌الحديث السابع والثلاثون

- ‌رجاله ستة:

- ‌باب كينونة الجنب في البيت إذا توضأ

الفصل: ‌الحديث الخامس والمئة

‌الحديث الخامس والمئة

حَدَّثَنَا عَبْدَانُ قَالَ: أَخْبَرَنِي أَبِي عَنْ شُعْبَةَ عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ عَنْ عَمْرِو بْنِ مَيْمُونٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ: بَيْنَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم سَاجِدٌ.

*

قوله: "بينا رسول الله صلى الله عليه وسلم" بغير ميم، وأصله بين أُشبعت فتحة النون، فصارت ألفًا، وعامله: قال، في قوله بعد ذلك:"إذ قال بعضهم لبعض".

وبقيته من رواية عبدان المذكورة: "وحوله ناس من قريش من المشركين"، ثم ساق الحديث مختصرًا.

ح قَالَ: وَحَدَّثَنِي أَحْمَدُ بْنُ عُثْمَانَ قَالَ: حَدَّثَنَا شُرَيْحُ بْنُ مَسْلَمَةَ قَالَ: حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ يُوسُفَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ قَالَ: حَدَّثَنِي عَمْرُو بْنُ مَيْمُونٍ أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ مَسْعُودٍ حَدَّثَهُ أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم كَانَ يُصَلِّي عِنْدَ الْبَيْتِ، وَأَبُو جَهْلٍ وَأَصْحَابٌ لَهُ جُلُوسٌ، إِذْ قَالَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ: أَيُّكُمْ يَجِيءُ بِسَلَى جَزُورِ بَنِي فُلَانٍ فَيَضَعُهُ عَلَى ظَهْرِ مُحَمَّدٍ إِذَا سَجَدَ؟ فَانْبَعَثَ أَشْقَى الْقَوْمِ فَجَاءَ بِهِ، فَنَظَرَ حَتَّى إِذَا سَجَدَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم وَضَعَهُ عَلَى ظَهْرِهِ بَيْنَ كَتِفَيْهِ وَأَنَا أَنْظُرُ، لَا أُغْنِي شَيْئًا، لَوْ كَانَ لِي مَنْعَةٌ. قَالَ: فَجَعَلُوا يَضْحَكُونَ وَيُحِيلُ بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ، وَرَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم سَاجِدٌ لَا يَرْفَعُ رَأْسَهُ، حَتَّى جَاءَتْهُ فَاطِمَةُ، فَطَرَحَتْ عَنْ ظَهْرِهِ، فَرَفَعَ رَأْسَهُ ثُمَّ قَالَ:"اللَّهُمَّ عَلَيْكَ بِقُرَيْشٍ". ثَلَاثَ مَرَّاتٍ، فَشَقَّ عَلَيْهِمْ إِذْ دَعَا عَلَيْهِمْ. قَالَ: وَكَانُوا يُرَوْنَ أَنَّ الدَّعْوَةَ فِي ذَلِكَ الْبَلَدِ مُسْتَجَابَةٌ. ثُمَّ سَمَّى "اللَّهُمَّ عَلَيْكَ بِأَبِي جَهْلٍ، وَعَلَيْكَ بِعُتْبَةَ بْنِ رَبِيعَةَ، وَشَيْبَةَ بْنِ رَبِيعَةَ، وَالْوَلِيدِ بْنِ عُتْبَةَ، وَأُمَيَّةَ بْنِ خَلَفٍ، وَعُقْبَةَ بْنِ

ص: 275

أَبِي مُعَيْطٍ". وَعَدَّ السَّابِعَ فَلَمْ يَحْفَظْهُ قَالَ: فَوَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ، لَقَدْ رَأَيْتُ الَّذِينَ عَدَّ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم صَرْعَى فِي الْقَلِيبِ قَلِيبِ بَدْرٍ.

قوله: "إن عبد الله" في رواية الكُشْمِيهني: "عن عبد الله".

وقوله: "عند البيت" أي: العتيق.

وقوله: "وأبو جَهْل وأصحابٌ له جلوس" خبر المبتدأ الذي هو: أبو جهل وما عُطف عليه، والجملة في موضع نصب على الحال. وأصحابه هم السبعة المدعو عليهم بعد كما بينه البزار عن أبي إسحاق.

وقوله: "إذ قال بعضهم" هو أبو جهل كما سمّاه مسلم، وزاد فيه:"وقد نحِرت جزورٌ بالأمس".

وقوله: "بسَلى جزور" الجَزور من الإبل ما يُجزر، أي: يقطع. وهو بفتح الجيم، والسَّلَى مقصور بفتح المهملة، هي الجلدة التي يكون فيها الولد، يقال لها ذلك من البهائم، وأما من الآدميات فالمشيمة، وفي المحكم أنه يقال فيهنَ أيضًا سلى. وقوله:"فيضعه" زاد في رواية إسرائيل: "فيَعْمَد إلى فَرْثِها ودمها وسلاها، ثم يُمهِله حتى يسجد".

وقوله: "فانبعث أشقى القوم" وللكُشميهني والسَّرْخسي: "فانبعث أشقى قوم"، ومنه مبالغة ليست في المعرفة، إذ المعنى أشقى كل قوم من أقوام الدنيا، لكن المقام يقتضي التعريف؛ لأن الشقاء هنا بالنسبة إلى أولئك القوم فقط.

والذي انبعث هو عُقبة بن أبي مُعَيْط بمهملتين مصغرًا، أي: بعثته نفسه الخبيثة من دونهم، فأسرع السير، وإنما كان أشقاهم مع أن فيهم أبا جَهْل، وهو أشد كفرًا منه وإيذاء للنبي عليه الصلاة والسلام؛ لأنهم اشتركوا في الكفر والرضى، وانفرد عُقبة بالمباشرة، فكان أشقاهم، ولذا قُتلوا في الحرب، وقُتل هو صبرًا.

ص: 276

وقوله: "وأنا انظر" أي: أشاهد تلك الحالة.

وقوله: "لا أُغني شيئًا" أي: في كفِّ شرهم، وللكُشميهني والمستملي:"لا أُغيِّر" أي: لا أغير من فعلهم شيئًا.

وقوله: "لو كان لي مَنعة" بفتح النون وإسكانها، أي: قوة، والفتح على أنه جمع مانع، ككاتب وكتبة، ورجح الهَرَوي الإسكان في المفرد، وعَكَسَ ذلك صاحب "إصلاح المنطق".

وفي الكلام حذف تقديره: لطرحته عن رسول الله صلى الله عليه وسلم. وصرح به مسلم كما في رواية زكرياء. وللبزار: "فأنا أرهبُ منهم" أي: أخاف، وإنما قال ذلك لأنه لم يكن له بمكة عشيرة، لكونه هُذليًّا حليفًا، وكان حلفاؤه إذ ذاك كُفارًا.

وقوله: "ويحيل بعضهم على بعض" كذا هنا بالمهملة من الإحالة، والمراد أن بعضهم ينسب فعل ذلك إلى بعض بالإشارة تهكمًا، ويحتمل أن يكون من حال يَحيل بالفتح إذا وثب على ظهر دابته أي: يثب بعضهم على بعض من المرح والبطر. ولمسلم: "يميل" بالميم، أي: من كثرة الضحك، وكذا للمصنف من رواية إسرائيل.

وقوله: "حتى جاءته فاطمة"، ولأبي ذرٍّ:"حتى جاءت"، وهي ابنته عليه الصلاة والسلام، زاد إسرائيل:"وهي جُوَيْرية" فأقبلت تسعى، وثبت النبي صلى الله عليه وسلم ساجدًا.

وقوله: "فطرحته" كذا للأكثر، وللكُشميهني بحذف المفعول، زاد إسرائيل:"وأقبلت عليهم تشتُمهم" زاد البزار: "فلم يردّوا عليها شيئًا". وقوله: "فرفع رأسه" أي: من السجود، زاد البزار من رواية زيد بن أبي أُنَيْسه:"فحمد الله تعالى، وأثنى عليه، ثم قال: أما بعد، اللهم". قال البزار: تفرد بقوله: "أما بعد" زيد.

وقوله: "ثم قال" يُشعِر بمهلة بين الرفع والدعاء، وهو كذلك، فعند البزار:

ص: 277

"فرفع رأسه كما كان يرفعه عند تمام سجوده، فلما قضى صلاته، قال: اللهم"، ولمسلم والنَّسائي خوه، والظاهر منه أن الدعاء المذكور وقع خارج الصلاة، لكن وقع وهو مستقبل الكعبة، كما ثبت من رواية زُهير عند الشيخين.

وقوله: "عليك بقُريْش" أي: بإهلاك قريش، والمراد الكفار منهم، أو من سمّى منهم، فهو عام أريد به الخصوص.

وقوله: "ثلاث مرات" كرره إسرائيل في روايته لفظًا لا عددًا، وزاد مسلم:"وكان إذا دعا دعا ثلاثًا، وإذا سأل سأل ثلاثًا".

وقوله: "فشقَّ عليهم"، ولمسلم:"فلما سمعوا صوتَه ذهبَ عنهم الضِّحك وخافوا دعوتَه".

وقوله: "وكانو يَرَوْن" أي: بفتح أوله من الرأي، أي: يعتقدون، ورُوي بالضم، أي: يظنّون.

وقوله: "أن الدعوة"، ولابن عساكر:"الدعوة".

وقوله: "في ذلك البلد" أي: مكة.

وقوله: "مُستجابة" أي: مجابة، يقال: استجاب وأجاب بمعنى واحد، وإنما كان اعتقادهم إجابة الدعوة من جهة المكان لا من جهة خصوص دعوة النبي صلى الله عليه وسلم، ولعل ذلك بقي عندهم من شريعة إبراهيم عليه الصلاة والسلام.

وقوله: "ثم سمّى" أي: النبي صلى الله عليه وسلم، أي: عيَّن في دعائه، وفصَّل ما أَجْمَل قبلُ.

وقوله: "فقال: اللهم عليك بأبي جهل" وفي رواية: بعمرو بن هشام، وهو اسم أبي جهل، فلعله كناه وسماه معًا، ويعرف بابن الحنظليّة، فرعون هذه الأمة، وكان أحول مأبونًا.

وقوله: "وعليك بعُتْبة بن رَبيعة" بضم العين وسكون المثناة الفوقية في

ص: 278

الأول، وفتح الراء في الثاني.

وقوله: "وشَيْبةَ بن ربيعة" أخي عُتبة.

وقوله: "والوليد بن عُتبة" بسكون المثناة الفوقية، وفي مسلم بالقاف، واتَّفقوا على أنه خطأ نبه عليه ابن سفيان الراوي عن مسلم، وأخرجه الإسماعيلي عن شيخ مسلم على الصواب.

وقوله: "وأُمية بن خَلَف" في رواية شعبة، أو اُّبيَ بن خلف، شك شبَعة، والصواب أنه أمية، فقد أطبق أهل المغازي على أن المقتول ببدر أمية، وعلى أن أخاه أبَيًّا قُتل بأحد.

وقوله: "وعدَّ السابع فلم نحفَظْه" بالنون، وفي رواية بالياء، وفاعل: عدَّ النبيُّ صلى الله عليه وسلم وابن مسعود أو عمرو بن ميمون. وفاعل: فلم نحفظه، ابن مسعود أو عمرو بن ميمون أو أبو إسحاق، ويترجح الأخير بما في رواية الثوري عند مسلم، قال أبو إسحاق:"ونسيت السابع".

وقد سماه أبو إسحاق مرة أخرى عُمارة بن الوليد كما أخرجه المؤلف في الصلاة من رواية إسرائيل عن أبي إسحاق.

واستشكل بعضُهم عدَّ عُمارة بن الوليد في المذكورين؛ لأنه لم يُقتل ببدر، بل ذكر أصحاب "المغازي" أنه مات بأرض الحبشة، وله قصة مع النجاشي، إذ تعرض لامرأته، فأمر النجاشي ساحرًا، فنفخ في إحليل عُمارة من سحره عقوبةً له، فتوحَّش، وصار مع البهائم إلى أن مات في خلافة عمر. وقصته مشهورة.

والجواب أن كلام ابن مسعود في أنه رآهم صرعى في القليب محمولٌ على الأكثر، ويدُلُّ عليه أن عُقبة بن أبي مُعَيْط لم يُطرح في القليب، وإنما قُتل صبرًا بعد أن رحلوا عن بدر مرحلةً، وأمية بن خَلَف لم يُطرح في القليب كما هو، بل مقطّعًا، ويأتي إن شاء الله تعالى بيان كيفيّة قتل المقتولين ببدر قريبًا.

وفي رواية الطَّيالِسيّ عن شعبة أن ابن مسعود قال: "ولم أره دعا عليهم إلا

ص: 279

يومئذٍ"، وإنما استحقّوا الدعاء حينئذ لما أقدموا عليه من التهكُّم حال عبادته لربه، وإلا فحِلْمه عليه الصلاة والسلام عمَّن آذاه لا يَخْفى.

وقوله: "قال: فوالذي نفسي بيده" أي: ابن مسعود، والمراد باليد هنا القدرة، وفي رواية مسلم:"والذي بعث محمدًا بالحقِّ"، وللنسائي:"والذي أَنْزَلَ عليه الكتاب"، وكان عبد الله قال كل ذلك تأكيدًا.

وقوله: "صرعى في القليب" جمع صَريع، بمعنى مصروع، مفعول ثان لرأيت. والقَليب بفتح القاف آخره موحدة هو البئر التي لم تُطو، وقيل: العادية القديمة التي لا يُعرف صاحبها. وفي رواية إسرائيل: "لقد رأيتهم صَرْعى يوم بدرٍ، ثم سُحِبوا إلى القليب قليب بدرٍ، ثم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: وأُتبع أصحاب القليب لعنةً" وهذا يُحتمل أن يكون من تمام الدعاء الماضي، فيكون فيه عَلَم عظيم من أعلام النبوة، ويحتمل أن يكون قاله عليه الصلاة والسلام بعد أن ألقوا في القليب.

وزاد شعبة في روايته: "إلا أمية بن خَلَف، فإنه تقطّعت أوصاله لأنه كان بادنًا".

وإنما أمر بإلقائهم في البئر تحقيرًا لشأنهم، ولئلا يتأذّى الناس برائحتهم، وإلا فالحربي لا يجبُ دفنه.

قلت: مذهبنا معاشر المالكية أن الكافر مطلقًا حربيًّا أو غيره تجب مواراته إذا خيفت ضيعته.

وقوله: "قليب بدر" بالجر على البدلية، ويجوز الرفع بتقدير هو، والنصب بتقدير أعني، لكن الرواية بالجر، والظاهر أن البئر لم يكن فيها ماء معين.

وأخرج ابن إسحاق هذا الحديث في "المغازي"، وزاد في آخره قصة أبي البَخْتَرى مع النبي صلى الله عليه وسلم في سؤاله إياه عن القصة، وضربه لأبي جهل، وشجه إياه. والقصة مشهورة في السيرة، وأخرجها البّزار عن أبي إسحاق، وأشار إلى

ص: 280

تفرد الأَجْلح بها عن أبي إسحاق.

وفي الحديث دِلالة على أن من حدث له في صلاته ما يمنعُ انعقادها ابتداء لا تبطُل صلاته ولو تمادى، فلو كانت نجاسة فأزالها في الحال ولا أثر لها صحت صلاته اتفاقًا، وعلى هذا يُنْزَل كلام المؤلف.

وأجاب الخطابي بأنه لم يكن إذ ذاك حُكْمٌ بنجاسة ما أُلقي عليه، كالخمر، فإنهم كانوا يُلاقون بأبدانهم وثيابهم الخمر قبل نزول التحريم.

واستُدل به على طهارة فَرْث ما يؤكل لحمه.

ورُدَّ بأن الفرث لم يُفرد بل كان مع الدم، وهو نجس اتفاقًا.

وأجيب بأن الفرث والدم كانا داخل السَّلَى، وجلدة السلى الظاهرة طاهرة، فكان كحمل القارورة المرصَّصة.

وتُعُقِّب بأنها ذبيحة وَثَنيٍّ فجميع أجزائها نجسة؛ لأنها ميتة.

وأجيب بأن ذلك كان قبل التعبد بتحريم ذبائحهم.

وتعُقِّب بأنه يحتاج إلى تأريخ، ولا يكفي فيه الاحتمال.

قلت: يجاب عن هذا بأن الأحكام معلوم أنها ما نزلت إلا بالمدينة. وقالَ النووي: الجواب المرضي أنه عليه الصلاة والسلام لم يعلم ما وُضع على ظهره، فاستمرَّ في سجوده استصحابًا لأصل الطهارة.

ورُدَّ بأنه يُشكل على مذهبه من وجوب الإعادة في هذه الصورة.

وأجيب بأن الإعادة إنما تجب في الفريضة، فإن ثبت أنها فريضة فالوقت موسَّع، فلعله أعاد.

وتُعقِّب بأنه لو أعاد لنُقِل، ولم يُنْقَل، وبأنه تعالى لا يُقرهُّ على التمادي في صلاة فاسدة، وقد تقدم أنه خلع نعليه وهو في الصلاة لأن جبريل أخبره أن فيهما قذرًا.

ص: 281

ويدُل على أنه علم بما أُلقي على ظهره أن فاطمة ذهبت به قبل أن يرفع رأسه، وعقَّب هو صلاته بالدعاء عليهم، وأجيب بأنه لا يلزم من إزالة فاطمة إياه عن ظهره إحساسه عليه الصلاة والسلام به؛ لأنه كان إذا في دخل في الصلاة استغرق باشتغاله بالله، ولئن سلمنا إحساسه فقد يُحتمل أنه لم يتحقق نجاسته، لأن شأنه أعظم من أن يمضي في صلاته وبه نجس.

وفي الحديث تعظيم الدعاء بمكة عند الكفار، وما ازدادت عند المسلمين إلا تعظيمًا. وفيه معرفة الكفار بصدقه صلى الله عليه وسلم لخوفهم من دعائه، ولكن حملهم الحسد على ترك الانقياد له. وفيه استحباب الدعاء ثلاثًا، وقد مر في العلم استحباب السلام ثلاثًا وغير ذلك. وفيه جواز الدعاء على الظالم، لكن قال بعضهم: محله إذا كان كافرًا، فاما المسلم فيستحب الاستغفار له، والدعاء بالتوبة، ولو قيل: لا دلالة فيه على الدعاء على الكافر، لما كان بعيدًا، لاحتمال أنه عليه الصلاة والسلام اطلع على أن المذكورين لا يؤمنون والأولى أن يدعى لكلِّ حيٍّ بالهداية.

وفيه قوة نفس فاطمة الزهراء من صغرها، لشرفها في قومها، لكونها صرَّحت بشتمهم وهم رؤوس قريش، فلم يردُّوا عليها.

وفيه أن المباشرة أقوى من السبب والإعانة، لقوله في عقبة:"أشقى القوم"، وقد كان فيهم أبو جهل، وهو أشدُّ منه كفرًا، إلى آخر ما مرَّ قريبًا. أهـ.

وحاصل ما حُرِّر في قتل أبي جهل ومن معه، هو أن كلًّا من ابني عفراء سأل عبد الرحمن بن عوف عن أبي جهل، فدلَّهما عليه، فشدَّا عليه، فضرباه حتى قتلاه، وفي آخر حديث مسدد: أحدهما معاذ بن عمرو بن الجموح، ومعاذ بن عفراء، وأن النبي صلى الله تعالى عليه وسلم نظر في سيفيهما وقال:"كلاكما قتله" وأنه قضى بسَلَبه لمعاذ بن عمرو بن الجموح.

وعفراء والدة معاذ، واسم أبيه الحارث، وأما ابن عمرو بن الجموح فليس اسم أبيه عفراء، وإن أُطلق عليه تغليبًا، ويحتمل أن تكون له أُم تسمى عفراء.

ص: 282

وأخرج الحاكم عن ابن إسحاق قال: قال معاذ بن عمرو بن الجموح: سمعتهم يقولون -وأبو جهل في مثل الحَرَجَة-: أبو حكم لا يُخلَص إليه، فجعلته من شأني، فعمدت نحوه فلما أمكنني حملت عليه، فضربته ضربة أطنَّت ساقه، وضربني ابنه عكرمة على عاتقه فطرح يدي، قال: ثم عاش معاذ إلى زمن عثمان. قال: ومرَّ بأبي جهل معوِّذ بن عفراء فضربه حتى أثبته وبه رمق، ثم قاتل معوِّذ حتى قتل، فمرَّ عبد الله بن مسعود بأبي جهل فوجده في آخر رمق، فقال: أنت أبو جهل! فأخذ بلحيته، قال: وهل فوقه رجل قتلتموه، أو رجل قتله قومه. فهذا الذي رواه ابن إسحاق يجمع بين الأحاديث، لكنه يخالف ما في الصحيح عن عبد الرحمن بن عوف أنه رأى معاذًا ومعاذًا شدَّا عليه جميعًا حتى طرحاه، وابن إسحاق يقول: إن ابن عفراء هو معوِّذ بتشديد الواو، والذي في الصحيح: معاذ، وهما أخوان فيحتمل أن يكون معاذ بن عفراء شهد عليه مع معاذ بن عمرو كما في الصحيح وضربه بعد ذلك معوِّذ حتى أثبته ثم حزّ رأسه ابن مسعود فتجتمع الأقوال كلها وإطلاق كونهما قتلاه يخالف في الظاهر حديث ابن مسعود أنه وجده وبه رمق وهو محمول على أنهما بلغا به بضربهما إياه بسيفهما منزلة المقتول حتى لم يبق به إلَاّ مثل حركة المذبوح وفي تلك الحالة لقيه ابن مسعود فضرب عنقه.

هذا ما قيل في قتل أبي جهل، وأما عتبة وشيبة ابنا ربيعة والوليد بن عتبة، فمتفق على أنهم ماتوا يوم بدر بمبارزة علي وحمزة وعُبيدة بن الحارث، واختلفوا في كيفية المبارزة، فعند ابن إسحاق: أن عبيدة وحمزة كانا أسن القوم، فبرز عُبيدة لعتبة، وحمزة لشَيْبة، وعلي للوليد. وعند موسى بن عقبة: برز حمزة لعتبة، وعبيدة لشَيْبة، وعلي للوليد، ثم اتفقا: فقتل علي الوليد، وقتل حمزة الذي بارزه، واختلف عُبيدة والذي بارزه بضربتين، فوقعت الضربة في ركبة عبيدة، فمات منها لما رجعوا بالصفراء، ومال حمزة وعلي إلى الذي بارز عُبيدة، فأعاناه على قتله. ووافق ابن سعد ابن إسحاق في الكيفية، ووافق الحاكم

ص: 283

موسى بن عقبة فيها.

وأخرج أبو داود عن علي قال: تقدم عتبة وتبعه ابنه وأخوه، فانتدب شبابٌ من الأنصار، فقال: لا حاجة لنا فيكم، إنما أردنا بني عمنا. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"قم يا حمزة، قم يا علي، قم يا عبيدة" فأقبل حمزة إلى عتبة، وأقبلت إلى شيبة، واختلف بين عبيدة والوليد ضربتان، فأثخن كل واحد منهما صاحبه، ثم ملنا على الوليد فقتلناه، واحتملنا عبيدة. وفي رواية الطبراني زيادة: فلم يعب علينا ذلك النبي صلى الله عليه وسلم.

قال في "الفتح": وهذا هو أصح الروايات، لكن الذي في السير من أن الذي بارزه علي هو الوليد هو المشهور، وهو اللائق بالمقام؛ لأن عبيدة وشيبة كانا شيخين كعتبة وحمزة، بخلاف علي والوليد، فكانا شابَّين.

وأما عُمارة بن الوليد فمرت كيفية موته قريبًا.

وأما أمية بن خلف فقد اختلف أهل السير في قتله، فعند موسى بن عقبة: قتله رجل من الأنصار من بني مازن. وعند ابن إسحاق: أن معاذ بن عفراء، وخارِجة بن زيد، وحبيب بن إساف اشتركوا في قتله. وادعى ابن الجوزي أنه عليه الصلاة والسلام قتله. وفي السير عن عبد الرحمن بن عوف أن بلالًا رضي الله تعالى عنه خرج إليه ومعه نفر من الأنصار فقتلوه، وكان بدينًا، فلما قُتل انتفخ، فألقوا عليه التراب حتى غيَّبوه، ثم جُر إلى القليب، فتقطع قبل وصوله إليه، وكان من المستهزئين، وفيه نزل قوله تعالى:{وَيْلٌ لِكُلِّ هُمَزَةٍ لُمَزَةٍ (1)} [الهمزة: 1]، وهو الذي كان يعذِّب بلالًا في مكة.

وأما عُقبة بن أبي مُعَيْط فقتله النبي صلى الله عليه وسلم صبرًا بعد رجوعه من بدر بموضع يُقال له: عرق الظبية، وهو من الروحاء، والروحاء على ستة وثلاثين ميلًا من المدينة. والأصح أنه صلى الله عليه وسلم تولى قتله. وقيل: قتله علي. وقيل: عاصم بن ثابت، وكان من المستهزئين. وقيل: لما أراد عليه الصلاة والسلام قتله، قال له: أتقتُلني من بين سائر قريش؟ قال: نعم.

ص: 284