المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ ‌الحديث الثلاثون حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ نَصْرٍ قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ عَنْ - كوثر المعاني الدراري في كشف خبايا صحيح البخاري - جـ ٥

[محمد الخضر الشنقيطي]

فهرس الكتاب

- ‌باب غسل الرجلين إلى الكعبين

- ‌الحديث الحادي والخمسون

- ‌رجاله ستة:

- ‌باب استعمال فضل وضوء الناس

- ‌الحديث الثاني والخمسون

- ‌رجاله أربعة:

- ‌لطائف إسناده:

- ‌الحديث الثالث والخمسون

- ‌رجاله ستة:

- ‌باب

- ‌الحديث الرابع والخمسون

- ‌رجاله أربعة:

- ‌لطائف إسناده:

- ‌باب من مَضْمض واستنشق من غَرْفة واحدة

- ‌الحديث الخامس والخمسون

- ‌رجاله خمسة:

- ‌لطائف إسناده:

- ‌باب مسح الرأس مرة

- ‌الحديث السادس والخمسون

- ‌رجاله ستة:

- ‌الحديث السابع والخمسون

- ‌باب وضوء الرجل مع امرأته وفضل وضوء المرأة

- ‌الحديث الثامن والخمسون

- ‌رجاله أربعة:

- ‌لطائف إسناده:

- ‌باب صب النبي صلى الله عليه وسلم وضوءه على المغمى عليه

- ‌الحديث التاسع والخمسون

- ‌رجاله أربعة:

- ‌لطائف إسناده:

- ‌باب الغسل والوضوء في المِخْضَب والقدح والخشب والحجارة

- ‌الحديث الستون

- ‌رجاله أربعة:

- ‌لطائف إسناده:

- ‌الحديث الحادي والستون

- ‌رجاله خمسة:

- ‌لطائف إسناده:

- ‌الحديث الثاني والستون

- ‌رجاله خمسة:

- ‌لطائف إسناده:

- ‌الحديث الثالث والستون

- ‌رجاله خمسة:

- ‌لطائف إسناده:

- ‌باب الوضوء من التور

- ‌الحديث الرابع والستون

- ‌رجاله ستة:

- ‌الحديث الخامس والستون

- ‌رجاله أربعة:

- ‌لطائف إسناده:

- ‌باب الوضوء بالمُدِّ

- ‌الحديث السادس والستون

- ‌رجاله أربعة:

- ‌لطائف إسناده:

- ‌باب المسح على الخفين

- ‌الحديث السابع والستون

- ‌رجاله سبعة:

- ‌لطائف إسناده:

- ‌رجاله خمسة:

- ‌الحديث الثامن والستون

- ‌رجاله سبعة:

- ‌لطائف إسناده:

- ‌الحديث التاسع والستون

- ‌رجاله ستة:

- ‌لطائف إسناده:

- ‌الحديث السبعون

- ‌رجاله سبعة:

- ‌لطائف إسناده:

- ‌باب إذا أدخل رجليه وهما طاهرتان

- ‌الحديث الحادي والسبعون

- ‌رجاله خمسة:

- ‌لطائف إسناده:

- ‌باب من لم يتوضأ من لحم الشاة والسويق

- ‌الحديث الثاني والسبعون

- ‌رجاله خمسة:

- ‌لطائف إسناده:

- ‌الحديث الثالث والسبعون

- ‌رجاله ستة:

- ‌لطائف إسناده:

- ‌باب من مضمضر من السويق ولم يتوضأ

- ‌الحديث الرابع والسبعون

- ‌رجاله خمسة:

- ‌لطائف إسناده:

- ‌الحديث الخامس والسبعون

- ‌رجاله ستة:

- ‌لطائف إسناده:

- ‌باب هل يُمَضْمِض من اللبن

- ‌الحديث السادس والسبعون

- ‌رجاله سبعة:

- ‌لطائف إسناده:

- ‌باب الوضوء من النوم

- ‌الحديث السابع والسبعون

- ‌رجاله خمسة:

- ‌الحديث الثامن والسبعون

- ‌رجاله خمسة:

- ‌لطائف إسناده:

- ‌باب الوضوء من غير حدث

- ‌الحديث التاسع والسبعون

- ‌رجاله ستة:

- ‌لطائف إسناده:

- ‌الحديث الثمانون

- ‌رجاله خمسة:

- ‌باب من الكبائر أن لا يستتر من بوله

- ‌الحديث الحادي والثمانون

- ‌رجاله خمسة:

- ‌لطائف إسناده:

- ‌باب ما جاء في غسل البول

- ‌الحديث الثاني والثمانون

- ‌رجاله خمسة:

- ‌لطائف إسناده:

- ‌باب

- ‌الحديث الثالث والثمانون

- ‌رجاله ستة:

- ‌لطائف إسناده:

- ‌الحديث الرابع والثمانون

- ‌رجاله أربعة:

- ‌لطائف إسناده:

- ‌تنبيه

- ‌باب صب الماء على البول في المسجد

- ‌الحديث الخامس والثمانون

- ‌رجاله خمسة:

- ‌لطائف إسناده:

- ‌الحديث السادس والثمانون

- ‌رجاله أربعة:

- ‌باب يهَريق الماء على البول

- ‌الحديث السابع والثمانون

- ‌رجاله أربعة:

- ‌باب بول الصِّبْيان

- ‌الحديث الثامن والثمانون

- ‌رجاله خمسة:

- ‌لطائف إسناده:

- ‌الحديث التاسع والثمانون

- ‌رجاله خمسة:

- ‌لطائف إسناده:

- ‌باب البول قائمًا وقاعدًا

- ‌الحديث التسعون

- ‌رجاله خمسة:

- ‌لطائف إسناده:

- ‌باب البول عند صاحبه والتستر بالحائط

- ‌الحديث الحادي والتسعون

- ‌رجاله خمسة:

- ‌لطائف إسناده:

- ‌باب البول عند سُباطة قوم

- ‌الحديث الثاني والتسعون

- ‌رجاله ستة:

- ‌لطائف إسناده:

- ‌باب غَسل الدم

- ‌الحديث الثالث والتسعون

- ‌رجاله خمسة:

- ‌لطائف إسناده:

- ‌الحديث الرابع والتسعون

- ‌رجاله ستة:

- ‌لطائف إسناده:

- ‌باب غسل المني وفركه وغسل ما يصيب من المرأة

- ‌الحديث الخامس والتسعون

- ‌رجاله خمسة:

- ‌لطائف إسناده:

- ‌الحديث السادس والتسعون

- ‌رجاله سبعة:

- ‌لطائف إسناده:

- ‌باب إذا غسل الجنابة أو غيرها فلم يذهب أثره

- ‌الحديث السابع والتسعون

- ‌رجاله خمسة:

- ‌الحديث الثامن والتسعون

- ‌رجاله خمسة:

- ‌باب أبوال الإبل والدواب والغنم ومرابضها

- ‌الحديث التاسع والتسعون

- ‌رجاله خمسة:

- ‌لطائف إسناده:

- ‌الحديث المائة

- ‌رجاله أربعة:

- ‌لطائف إسناده:

- ‌باب ما يقع من النجاسات في السمن والماء

- ‌الحديث الحادي والمئة

- ‌رجاله ستة:

- ‌لطائف إسناده:

- ‌الحديث الثاني والمئة

- ‌رجاله سبعة:

- ‌لطائف إسناده:

- ‌الحديث الثالث والمئة

- ‌رجاله خمسة:

- ‌لطائف إسناده:

- ‌باب البول في الماء الدائم

- ‌الحديث الرابع والمئة

- ‌رجاله خمسة:

- ‌لطائف إسناده:

- ‌باب إذا أُلقِي على ظهرِ الْمُصَلِّي قذر أوْ جِيفَةٌ لمْ تَفْسُد عليهِ صَلاتُهُ

- ‌الحديث الخامس والمئة

- ‌رجاله عشرة:

- ‌لطائف إسناده:

- ‌باب البصاق والمخاط ونحوه في الثوب

- ‌الحديث السادس والمئة

- ‌رجاله سبعة:

- ‌باب لا يجوز الوضوء بالنبيذ ولا المسكر

- ‌الحديث السابع والمئة

- ‌رجاله خمسة:

- ‌لطائف إسناده:

- ‌باب غسل المرأة أباها الدم عن وجهه

- ‌الحديث الثامن والمئة

- ‌رجاله أربعة

- ‌لطائف إسناده:

- ‌باب السِواك

- ‌الحديث التاسع والمئة

- ‌رجاله خمسة:

- ‌لطائف إسناده:

- ‌الحديث العاشر والمئة

- ‌رجاله خمسة:

- ‌لطائف إسناده:

- ‌باب دفع السواك إلى الأكبر

- ‌الحديث الحادي عشر والمائة

- ‌رجاله ثمانية:

- ‌لطائف الإسنادين:

- ‌باب فضل من بات على الوضوء

- ‌الحديث الثاني عشر والمئة

- ‌رجاله ستة:

- ‌لطائف إسناده:

- ‌تنبيه

- ‌خاتمة

- ‌كتاب الغُسْلِ

- ‌باب الوضوء قبل الغسل

- ‌الحديث الأول

- ‌رجاله خمسة:

- ‌لطائف إسناده:

- ‌الحديث الثاني

- ‌رجاله سبعة:

- ‌لطائف إسناده:

- ‌باب غُسْلَ الرجل مع امرأته

- ‌الحديث الثالث

- ‌رجاله خمسة:

- ‌لطائف إسناده:

- ‌باب الغُسل بالصاع ونحوه

- ‌الحديث الرابع

- ‌رجاله سبعة:

- ‌لطائف إسناده:

- ‌الحديث الخامس

- ‌رجاله سبعة:

- ‌لطائف إسناده:

- ‌الحديث السادس

- ‌رجاله خمسة:

- ‌لطائف إسناده:

- ‌باب من أفاض على رأسه ثلاثًا

- ‌الحديث السابع

- ‌رجاله خمسة:

- ‌لطائف إسناده:

- ‌الحديث الثامن

- ‌رجاله ستة:

- ‌لطائف إسناده:

- ‌الحديث التاسع

- ‌رجاله خمسة:

- ‌لطائف إسناده:

- ‌باب الغسل مرة واحدة

- ‌الحديث العاشر

- ‌رجاله ستة:

- ‌لطائف إسناده:

- ‌باب من بدأ بالحِلاب أو الطيب عند الغُسل

- ‌الحديث الحادي عشر

- ‌رجاله خمسة:

- ‌لطائف إسناده:

- ‌باب المضمضة والاستنشاق في الجنابة

- ‌الحديث الثاني عشر

- ‌رجاله سبعة:

- ‌لطائف إسناده:

- ‌باب مسح اليد بالتراب لتكون أنقى

- ‌الحديث الثالث عشر

- ‌رجاله سبعة:

- ‌لطائف إسناده:

- ‌باب

- ‌الحديث الرابع عشر

- ‌رجاله أربعة:

- ‌لطائف إسناده:

- ‌الحديث الخامس عشر

- ‌رجاله خمسة:

- ‌لطائف إسناده:

- ‌الحديث السادس عشر

- ‌رجاله سبعة:

- ‌لطائف إسناده:

- ‌الحديث السابع عشر

- ‌رجاله ستة:

- ‌لطائف إسناده:

- ‌باب تفريق النُسل والوضوء

- ‌الحديث الثامن عشر

- ‌رجاله سبعة:

- ‌باب من أفرغ بيمينه على شماله في الغُسل

- ‌الحديث التاسع عشر

- ‌رجاله سبعة:

- ‌باب إذا جَامَعَ ثم عاد ومن دار على نسائه في غُسْلٍ واحد

- ‌الحديث العشرون

- ‌رجاله سبعة:

- ‌لطائف إسناده:

- ‌الحديث الحادي والعشرون

- ‌رجاله خمسة:

- ‌لطائف إسناده:

- ‌باب غَسْلِ المذي والوضوء منه

- ‌الحديث الثاني والعشرون

- ‌رجاله خمسة:

- ‌لطائف إسناده:

- ‌باب من تطيب ثم اغتسل وبقي أثر الطيب

- ‌الحديث الثالث والعشرون

- ‌رجاله خمسة

- ‌الحديث الرابع والعشرين

- ‌رجاله ستة:

- ‌لطائف إسناده:

- ‌باب تخليلِ الشَّعَرِ حتى إذا ظن أنه قد أروى بشرته أفاض عليه

- ‌الحديث الخامس والعشرون

- ‌رجاله خمسة:

- ‌لطائف إسناده:

- ‌باب من توضأ في الجنابة ثم غسل سائر جسده ولم يُعِدْ كسل مواضع الوضوء منه مرة أخرى

- ‌الحديث السادس والعشرون

- ‌رجاله سبعة:

- ‌لطائف إسناده:

- ‌باب إذا ذكر في المسجد أنه جنب يخرج ولا يتيمم

- ‌الحديث السابع والعشرون

- ‌رجاله ستة:

- ‌لطائف إسناده:

- ‌ورجالها أربعة:

- ‌باب نفض اليدين من الغسل عند الجنابة

- ‌الحديث الثامن والعشرون

- ‌رجاله سبعة:

- ‌لطائف إسناده:

- ‌باب من بدأ بشقِّ رأسه الأيمن في الغسل

- ‌الحديث التاسع والعشرون

- ‌رجاله خمسة:

- ‌لطائف إسناده:

- ‌بابُ مَنِ اغْتَسلَ عُرْيَانًا وَحْدَهُ في الخَلْوَةِ ومَنْ تَسَتَّر فالتستُّر أَفْضَلُ

- ‌الحديث الثلاثون

- ‌رجاله خمسة:

- ‌الحديث الحادي والثلاثون

- ‌رجاله خمسة:

- ‌لطائف إسناده:

- ‌باب التستر في الغسل عند الناس

- ‌الحديث الثاني والثلاثون

- ‌رجاله خمسة:

- ‌لطائف إسناده:

- ‌الحديث الثالث والثلاثون

- ‌رجاله ثمانية:

- ‌باب إذا احتلمت المرأة

- ‌الحديث الرابع والثلاثون

- ‌رجاله ستة:

- ‌لطائف إسناده:

- ‌باب عرق الجُنُب وأن المسلم لا يَنْجُس

- ‌الحديث الخامس والثلاثون

- ‌رجاله ستة:

- ‌لطائف إسناده:

- ‌باب الجنب يخرج ويمشي في السوق وغيره

- ‌الحديث السادس والثلاثون

- ‌رجاله خمسة:

- ‌الحديث السابع والثلاثون

- ‌رجاله ستة:

- ‌باب كينونة الجنب في البيت إذا توضأ

الفصل: ‌ ‌الحديث الثلاثون حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ نَصْرٍ قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ عَنْ

‌الحديث الثلاثون

حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ نَصْرٍ قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ عَنْ مَعْمَرٍ عَنْ هَمَّامِ بْنِ مُنَبِّهٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: "كَانَتْ بَنُو إِسْرَائِيلَ يَغْتَسِلُونَ عُرَاةً، يَنْظُرُ بَعْضُهُمْ إِلَى بَعْضٍ، وَكَانَ مُوسَى يَغْتَسِلُ وَحْدَهُ، فَقَالُوا: وَاللَّهِ مَا يَمْنَعُ مُوسَى أَنْ يَغْتَسِلَ مَعَنَا إِلَاّ أَنَّهُ آدَرُ، فَذَهَبَ مَرَّةً يَغْتَسِلُ، فَوَضَعَ ثَوْبَهُ عَلَى حَجَرٍ، فَفَرَّ الْحَجَرُ بِثَوْبِهِ، فَخَرَجَ مُوسَى فِي إِثْرِهِ يَقُولُ ثَوْبِي يَا حَجَرُ. حَتَّى نَظَرَتْ بَنُو إِسْرَائِيلَ إِلَى مُوسَى، فَقَالُوا: وَاللَّهِ مَا بِمُوسَى مِنْ بَأْسٍ. وَأَخَذَ ثَوْبَهُ، فَطَفِقَ بِالْحَجَرِ ضَرْبًا. فَقَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ: وَاللَّهِ إِنَّهُ لَنَدَبٌ بِالْحَجَرِ سِتَّةٌ أَوْ سَبْعَةٌ ضَرْبًا بِالْحَجَرِ".

قوله: "كانت بنو إسرائيل" أي: جماعتهم، وهو كقوله تعالى:{قَالَتِ الْأَعْرَابُ} [الحجرات: 14].

وقوله: "يغتسلون عراة"، ظاهره أن ذلك كان جائزًا في شرعهم، وإلا لما أقرهم موسى على ذلك، أو كان حرامًا عندهم، لكنهم كانوا يتساهلون في ذلك، وهذا الثاني هو الظاهر؛ لأن الأول لا ينهضُ أن يكون دليلًا لجواز مخالفتهم له في ذلك، ويؤيده قول القرطبي: كانت بنو إسرائيل تفعل ذلك معاندةً للشرع، ومخالفة لموسى عليه الصلاة والسلام، وهذا من جملة تعنُّتهم، وقلة مبالاتهم باتِّباع شرعه.

وقوله: "وكان موسى يغتسل وحده" أي: يختار الخَلْوة، تنزهًا واستحبابًا وحياءً ومروءةً، أو لحرمة التعري.

وقوله: "إلَاّ أنه آدَرُ" بالمد وفتح الدال المهملة وتخفيف الراء، أي: عظيم

ص: 459

الخصيتين منتفخهما، والأُدْرة -بضم الهمزة وسكون الدال على المشهور، وبفتحتين- انتفاخ الخصية.

وقوله: "فوضع ثوبه على حجر" ظاهره أنه دخل الماء عريانًا، وهو الذي يقتضيه تبويب المصنف. ونقل ابن الجوزي عن الحسن بن أبي بكر النيسابوري أن موسى نزل الماء مؤتزِرًا، فلما خرج تتبَّع الحجر والمئزَرُ مبتلٌّ بالماء، فعلموا أنه غير آدر؛ لأن الأُدْرة تَبِين تحت الثوب المبتَل.

قال في "الفتح": هذا وإن كان محتَمَلًا، المنقول يخالفه؛ لأن في رواية علي بن زيد عن أنس عند أحمد في هذا الحديث أن موسى كان إذا أراد أن يدخُل الماء، لم يُلْقِ ثوبه حتى يُواري عورته في الماء.

وهذا الحجر، قال سعيد بن جُبَيْر: هو الحجر الذي كان يحمله معه في أسفاره، فيتفجَّر منه الماء.

وقوله: "ففرَّ الحجر بثوبه، فخرج موسى في أَثَره" في رواية الكُشْميهني وأبي الوقت: فجَمَعٍ". وأثره -بكسر الهمزة وسكون المثلثة، وبفتحهما- أي: ذهب يجري مسرعاً بعده.

وقوله: "ثوبي يا حجر، ثوبي يا حجر" أي: ردَّ ثوبي، أو أعطني، فهو منصوب بفعل مقدر، ويحتمل أن يكون مرفوعًا خبر مبتدأ محذوف، أي: هذا ثوبي، وعلى هذا الثاني، المعنى: استعظام كونه يأخذ ثويه، فعامله معاملة من لا يعلم كونه ثوبه، كي يرجِعَ عن فعله ويَرُدَّه.

وقوله: "ثوبي يا حجر" الثانية، ثابتة للأربعة، ولغيرهم:"ثوبي حجر" بحذف "يا"، وإنما خاطبه لأنه أجراه مجرى من يعقل، لكونه فرَّ بثوبه، فانتقل عنده من حكم الجماد إلى حكم الحيوان، فناداه، إذ المتحرِّك يمكن أن يَسْمَع ويُجيب، فلما لم يُعْطِه ضربه.

وقوله: "حتى نَظَرت بنو إِسرائيل إلى موسى" ظاهره أنهم رأوا جسده، وبه

ص: 460

يتم الاستدلال على جواز النظر عند الضرورة لمداواة وشبهها، ويأتي ما في هذا قريبًا إِن شاء الله تعالى. وأبدى ابن الجوزي الاحتمال السابق في أنه كان عليه مِئْزَر مبتَلٌّ.

وقوله: "والله ما بِموسى من بأس"، في رواية أحاديث الأنبياء "فرأوه عُريانًا أحسنَ الخلائق"، وفي رواية:"فرأوه كأحسن الرجال خَلْقًا"، وعند ابن خُزيمة:"وأعدله صورةً".

وقوله: "فطفِقَ بالحجر ضربًا" بكسر فاء "طفِق" وفتحها، وللأصيلي:"وطفِق" أي: شرع في الحجر يضربه ضربًا. وفي رواية الكُشميهني: "فطفِق الحجر ضربًا" والحجر على هذه منصوب بفعل مقدر، أي: يضرب الحجر.

وقوله: "فقال أبو هُريرة"، وللأصيلي وابن عساكر:"قال"، وهذا إما من تتمة مقول همّام، فيكون مُسْنَدًا، أو مقول أبي هريرة، فيكون تعليقًا، وبالأول جزم في "الفتح".

وقوله: "وإنه لَنَدَب بالحجر" بفتح النون والدال، أي: أثر، فالنَّدَب أثر الجرح.

وقوله: "ستة" بالرفع على البدلية، أي: ستة آثار، أو بتقدير هي، أو بالنصب على الحال من الضمير المستكِنّ في قوله:"بالحجر"، فإنه ظرفٌ مستقرٌّ لنَدَب، أي: إنه لَنَدَب استقرَّ بالحجر حال كونه ستة آثار.

وقوله: "أو سبعة" بالشك من الراوي.

وقوله: "ضربًا بالحجر" بنصب ضربًا على التمييز، أراد عليه الصلاة والسلام إظهار المعجزة لقومه بأثر الضرب في الحجر، ولعله أُوحي. إليه أن يِضرِبه. ومَشْيُ الحجر بالثوب معجزة أخرى.

وفي الحديث جواز النظر إلى العورة عند الضرورة الداعية لذلك، من مداواة أو براءة من عَيْب كما رُمِي به موسى من الأُدْرة أو البرَصَ.

ص: 461

واعتُرض هذا بأنه إنما يكون حيث يترتَّب على الفعل حكم، كفسخ النكاح، وأَما قصة موسى عليه الصلاة والسلام فليس فيها أمر شرعي ملزِم يترتب على ذلك، فلولا إباحة النظر إلى العورة لما أمكنهم موسى عليه الصلاة والسلام من ذلك، ولا خرج مارًّا على مجالسهم وهو كذلك. ويدُلُّ على الإباحة أيضًا ما وقع لنبيِّنا صلى الله عليه وسلم وقت بناء الكعبة من جعل إزاره على كتفه بإشارة العباس عليه بذلك، ليكون أرفق به في نقل الحجارة، ولولا إباحته لما فعله، لكنه ألزم بالأكمل والأفضل لعلو مرتبته صلى الله عليه وسلم.

ومجرَّدُ تستُّرِ موسى عليه الصلاة والسلام لا يدُلُّ على الوجوب، لما قُرِّر في الأصول أن الفعل لا يدُلُّ بمجرده على الوجوب، وليس في الحديث أن موسى عليه السلام أمرهم بالتستُّر ولا أنكر عليهم التكشُّف.

وقال ابن الجوزي: لما كان موسى في خَلْوة، وخرج من الماءِ، ولم يجد ثوبه، تبع الحجر بناءً على أنه لا يصادِف أحدًا وهو عُريان، فاتَّفق أنه كان هناك قوم، فاجتاز بهم. كما أن جوانب الأنهار وإن خلت، غالبًا لا يُؤمن وجود قومٍ قريبًا منها، فبنى الأمر على أنه لا يراه أحد لأجل خلاء المكان، فأتَّفق رؤية من رآه، والذي يظهر أنه استمر يتبع الحجر على ما في الخبر، حتى وقف على مجلس من بني إسرائيل، كان فيهم من قال فيه ما قال، وبهذا تظهر الفائدة، وإلا فلو كان الوقوف على قوم منهم في الجملة، لم يقع ذلك الموقع.

وفي الحديث أن الأنبياء في خَلْقِهم وخُلُقِهم على غاية الكمال، وأن من نَسَبَ نبيًّا من الأنبياء إلى نقص في خِلْقته فقد آذاه، ويُخشى على فاعله الكفر.

قلت: بل هو مرتدٌّ في مذهب الإمام مالك.

وفيه أن الآدمي يغلب عليه طباع البشر؛ لأن موسى عليه الصلاة والسلام علم أن الحجر ما سار بثوبه إلا بأمر من الله، ومع ذلك عامله معاملة من يعقِلُ حتى ضربه، ويُحتمل أنه أراد بيان معجزة أخرى لقومه بتأثير الضرب بالعصى في الحجر كما مر.

ص: 462