الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الحديث الثامن والخمسون
حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ قَالَ: أَخْبَرَنَا مَالِكٌ عَنْ نَافِعٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ أَنَّهُ قَالَ: كَانَ الرِّجَالُ وَالنِّسَاءُ يَتَوَضَّئُونَ فِي زَمَانِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم جَمِيعًا.
قوله: "كان الرجال والنساء" ظاهره التعميم، فاللام للجنس لا للاستغراق.
وقوله: "في زمان رسول الله صلى الله عليه وسلم جميعًا" أي: حال كونهم مجتمعين لا متفرقين، وزاد ابن ماجه في هذا الحديث، عن مالك:"من إناء واحدٍ"، وزاد أبو داود، عن نافع، عن ابن عمر:"نُدْلي فيه أيدينا"، وفي "صحيح" ابن خُزيمة، عن نافع، عن ابن عُمر:"أنه أبصر النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه يتطهَّرون والنساء معهم من إناء واحد، كلهم يتطهرون منه".
واستشكل توضُّؤ النساء والرجال من إناء واحد، فقال ابن التين: معناه أن الرجال والنساء كانوا يتوضُّؤون جميعًا في موضع واحد، هؤلاء على حدةٍ وهؤلاء على حدةٍ، وزيادة من إناء واحد المتقدمة ترد عليه.
وحُكي عن سُحنون أن معناه كان الرجال يتوضؤون ويذهبون، ثم تأتي النساء فيتوضَّأْن وهو خلاف الظاهر من قوله:"جميعًا".
قال أهل اللغة: "الجميع ضد المفترق، وترده رواية ابن خزيمة المتقدمة. والأوْلى في الجواب أن يقال: لا مانع من الاجتماع قبل نزول الحجاب، وأما بعده فيختصُ بالزوجات والمحارم.
ودل الحديث على أن الاغتراف من الماء القليل لا يصيِّره مستعملًا، لأن
أوانيهم كانت صغارًا كما صرح به الشافعي في "الأم" في عدة مواضع.
وفيه دليل على طهارة الذِّمية، واستعمال فضل طهورها وسؤرها، لجواز تزوجهنَّ، وعدم التفرقة في الحديث بين المسلمة وغيرها.
والحديث يدل على الجزء الأول من الترجمة فقط، وأما فضل وضوء المرأة فيجوز للرجل الاستعمال به من غير كراهة، سواء خلت به أم لا عند مالك والشافعي وأبي حنيفة وجمهور العلماء. وقال أحمد وداود: لا يجوز إذا خلت به. وقال الحسن وابن المسيِّب: لا يجوز مطلقًا.
وأشهر ما رُوي في الجواز ما أخرجه الشيخان بلفظ: "إن النبي صلى الله عليه وسلم وميمونة كانا يغتسلان من إناءٍ واحد"، وما أخرجه أصحاب "السنن" والدّارقطني، وصححه التِّرمذي وابن خزيمة وغيرهما من حديث ابن عباس، عن ميمونة، قالت:"أجنبتُ فاغتسلتُ من جَفْنَةٍ ففَضَلت فيها فَضْلة، فجاء النبي صلى الله عليه وسلم يغتسل منه، فقلت له، فقال: الماء ليس عليه جَنابة، واغتسل منه"، وما أُعِلَّ به من كون سِماك بن حَرْب رواية عن عكرمة كان يقبل التلقين، يرده أن شُعبة رواه عنه وهو لا يحمل عن مشايخه إلا صحيح حديثهم.
ومن أصح ما ورد في المنع ما أخرجه أبو داود والنسائي عن حُميد بن عبد الرحمن الحِمْيَري قال: لقيت رجلًا صحب النبي صلى الله عليه وسلم أربع سنين، فقال:"نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم أن تغتسلَ المرأة بفضلِ الرجل، أو يغتسل الرجل بفضل المرأة، وليَغْتَرِفا جميعًا" رجاله ثقات. وما أعله به البيهقي من أنه في معنى المرسل مردود بأن إبهام الصحابي لا يضُرُّ. وكذا ما قاله ابن حَزْم من أنَّ داود راويه عن حُميد هو ابن يزيد الَأوْدي وهو ضعيف، مردود بأنه ابن عبد الله الأوْدي، وهو ثقة.
وقول أحمد فيما رواه عنه المَيْموني: إن الأحاديث من الطريقين مضطربة إنما يُصار إليه عند تعذر الجمع، وهو ممكن بأن تحمل أحاديث النهي على ما تقاطر من الأعضاء، والجواز على ما بقي من الماء، وبذلك جمع الخطّابي، أو