الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الحديث الحادي والعشرون
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ قَالَ: حَدَّثَنَا مُعَاذُ بْنُ هِشَامٍ قَالَ: حَدَّثَنِي أَبِي عَنْ قَتَادَةَ قَالَ: حَدَّثَنَا أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ قَالَ: كَانَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم يَدُورُ عَلَى نِسَائِهِ فِي السَّاعَةِ الْوَاحِدَةِ مِنَ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ، وَهُنَّ إِحْدَى عَشْرَةَ. قَالَ: قُلْتُ لأَنَسٍ: أَوَكَانَ يُطِيقُهُ؟ قَالَ: كُنَّا نَتَحَدَّثُ أَنَّهُ أُعْطِيَ قُوَّةَ ثَلَاثِينَ.
قوله: "في الساعة الواحدة من الليل والنهار" المراد بالساعة قَدْر من الزمان، لا ما اصطلح أصحاب الهيئة عليه.
وقوله: "من الليل والنهار" الواو بمعنى أو، ويُحتمل أن تكون على بابها، بأن تكون تلك الساعة جزءً من آخر أحدهما وجزءً من أول الآخر.
وقوله: "وهُنَّ إحدى عشرة" أي: امرأة، تسع زوجات، ومارية ورَيْحانة، وأطلق عليهنَّ نساء تغليبًا، وبهذا يُجمع بين هذا الحديث ورواية سعيد الآتية:"وهن تِسْع نسوة": لأنه لم يجتمع عنده من الزوجات أكثر من تسع، مع أن سودةَ وَهَبَتْ يومها لعائشة كما يأتي، فإنه عليه الصلاة والسلام لما دخل المدينة لم تكن تحته امرأة سوى سَوْدة، أي: مدخولًا بها، ثم دخل على عائشة بالمدينة، ثم تزوج أُم سلمة، وحفصة، وزينب بنت خُزَيْمة في السنة الثالثة والرابعة، ثم تزوج زينب بنت جحش في الخامسة، ثم جُوَيْرِية في السادسة، ثم صفِيّة وأُم حبيبة وميمونة في السابعة، وهؤلاء جميع من دخل بهن من الزوجات بعد الهجرة على المشهور، واختُلِف في ريحانة، وكانت من سبي بني قُريظة، فجزم ابن إسحاق بأنه عرض عليها أن يتزوجها ويضرب عليها الحجاب، فاختارت البقاء في الملك، والأكثر على أنها ماتت قبله في سنة عشر، وكذا ماتت زينب بنت خُزَيْمة بعد دخوله عليها بقليل. وقال ابن عبد البر: مكثت عنده شهرين أو ثلاثة.
وقد سرد الدِّمياطي في "سيرته" من اطّلع عليه من أزواجه ممن دخل بها أو عقد عليها فقط أو طلقها قبل الدخول أو خطبها ولم يعقد عليها، فبلغت ثلاثين.
وسرد أبو الفتح اليَعْمَري أسماءهن، ومُغْلُطاي، فزدن على العدد الذي ذكره الدمياطي.
قال في "الفتح": والحق أن الكثرة المذكورة محمولة على اختلاف في بعض الأسماء، وبمقتضى ذلك تنقص العدة، ومحل تفصيلهن في كتب السير، والإطلاق السابق في حديث عائشة محمول على المقيد في حديث أنس هذا، حتى يدخل الأول في الترجمة؛ لأن النساء لو كن قليلات ما كان يتعذر الغسل من وطء كل واحدة، بخلاف الإحدى عشرة، إذ تتعذر المباشرة والغُسْل إحدى عشرة مرة في ساعة واحدة في العادة.
وقال ابن المُنير: ليس في حديث دورانه على نسائه دليل على الترجمة، فيُحتمل أنه طاف عليهن، واغتسل في خلال ذلك عن كل فعلة غسلًا، قال: والاحتمال في رواية الليلة أظهر منه في الساعة.
قال في "الفتح" التقييد بالليلة ليس صريحًا في حديث عائشة، وأما حديث أنس، فحيث جاء فيه التصريح بالليلة، قيَّد الاغتسال بالمرة الواحدة، كما وقع في رواية النسائي وابن خُزيمة وابن حِبّان، ووقع التقييد بالغُسل الواحد من غير ذكر الليلة في روايات أخرى لهم ولمسلم، وحيث جاء في حديث أنس التقييد بالساعة، لم يحتج إلى تقييد الغسل بالمرة؛ لأنه يتعذر أو يتعسر.
وفي وطئه عليه الصلاة والسلام للكل في ساعة واحدة أو ليلة، دلالة صريحة على أنه عليه الصلاة والسلام لا يجب عليه القسم، وهو مذهب المالكية، وقول طوائف من أهل العلم، وبه جزم الإصْطَخْرِي من الشافعية، والمشهور عندهم وعند الأكثرين وجوبه، وأولوا هذا الحديث بوجوه.
فقيل: كان ذلك برضى صاحبة النوبة، كما استأذنهن أن يُمرض في بيت عائشة.
ويُحتمل أن يكون ذلك حصل عند استيفاء القسمة، ثم يستأنف القسمة. ويُحتمل أن يكون ذلك عند إقباله من السفر، حيث لا قسم يلزم؛ لأنه كان إذا أراد السفر يُقْرِعُ بين نسائه، فأيتهن خرج سهمها سافر بها، فإذا انصرف استأنف القَسْم بعد ذلك، وإذا رجع كانت حقوقهن مستوية، فجامعهن كلهن في وقت، ثم استأنف القسم، وهو أخص من الاحتمال الثاني.
ويُحتمل أن يكون ذلك كان يقع قبل وجوب القسمة، ثم تُركَ بعدها.
وأغرب ابن العربي فقال: إن الله خصَّ نبيه بأشياء، منها أنه أعطاه ساعة في كل يوم لا يكون لأزواجه فيها حق، يدخل فيها على جميعهن، فيفعل ما يريد، ثم يستقر عند من لها النوبة، وكانت تلك الساعة بعد العصر، فإن اشتغل فيها كانت بعد المغرب، ويحتاج إلى ثبوت ما ذكره مفصلًا.
وقوله: "أَوَكان يُطيقه؟ " بفتح الواو، وهو مقول قتادة، والهمزة للاستفهام.
وقوله: "قوة ثلاثين" أي: رجلًا. وعند الإسماعيلي عن معاذ: "قوة أربعين"، وعند أبي نُعيم في صفة الجنة عن مجاهد:"كل رجل من أهل الجنة". وعند أحمد والنسائي وصححه الحاكم عن زيد بن أَرْقم: "إن الرجل من أهل الجنة ليُعطى قوة مئة في الأكل والشُّرب والجماع والشهوة"، وفي الترمذي وقال صحيح غريب عن أنس رفعه:"يُعطى المؤمن في الجنة قوة كذا وكذا في الجِماع" قيل: يا رسول الله أوَيطيق ذلك؟ قال: "يعطى قوة مئة".
قال في "الفتح" فعلى هذا يكون حساب قوة نبينا عليه الصلاة والسلام أربعة آلاف، يعني: من ضرب أربعين في مئة.
قلت: مقتضى ما تقدم من أن له قوة أربعين من رجال أهل الجنة في الدنيا، يكون هذا القدر له في الدنيا، ويكون له في الجنة قوة أربع مئة ألف من رجال أهل الدنيا.
وذكر ابن العربي أنه كان لرسول الله صلى الله عليه وسلم القوة الظاهرة على الخلق في الوطء كما في هذا الحديث، وكان له في الأكل قناعة ليجمع له الفضيلتين في الأمور