المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌الحديث التاسع والثمانون - كوثر المعاني الدراري في كشف خبايا صحيح البخاري - جـ ٥

[محمد الخضر الشنقيطي]

فهرس الكتاب

- ‌باب غسل الرجلين إلى الكعبين

- ‌الحديث الحادي والخمسون

- ‌رجاله ستة:

- ‌باب استعمال فضل وضوء الناس

- ‌الحديث الثاني والخمسون

- ‌رجاله أربعة:

- ‌لطائف إسناده:

- ‌الحديث الثالث والخمسون

- ‌رجاله ستة:

- ‌باب

- ‌الحديث الرابع والخمسون

- ‌رجاله أربعة:

- ‌لطائف إسناده:

- ‌باب من مَضْمض واستنشق من غَرْفة واحدة

- ‌الحديث الخامس والخمسون

- ‌رجاله خمسة:

- ‌لطائف إسناده:

- ‌باب مسح الرأس مرة

- ‌الحديث السادس والخمسون

- ‌رجاله ستة:

- ‌الحديث السابع والخمسون

- ‌باب وضوء الرجل مع امرأته وفضل وضوء المرأة

- ‌الحديث الثامن والخمسون

- ‌رجاله أربعة:

- ‌لطائف إسناده:

- ‌باب صب النبي صلى الله عليه وسلم وضوءه على المغمى عليه

- ‌الحديث التاسع والخمسون

- ‌رجاله أربعة:

- ‌لطائف إسناده:

- ‌باب الغسل والوضوء في المِخْضَب والقدح والخشب والحجارة

- ‌الحديث الستون

- ‌رجاله أربعة:

- ‌لطائف إسناده:

- ‌الحديث الحادي والستون

- ‌رجاله خمسة:

- ‌لطائف إسناده:

- ‌الحديث الثاني والستون

- ‌رجاله خمسة:

- ‌لطائف إسناده:

- ‌الحديث الثالث والستون

- ‌رجاله خمسة:

- ‌لطائف إسناده:

- ‌باب الوضوء من التور

- ‌الحديث الرابع والستون

- ‌رجاله ستة:

- ‌الحديث الخامس والستون

- ‌رجاله أربعة:

- ‌لطائف إسناده:

- ‌باب الوضوء بالمُدِّ

- ‌الحديث السادس والستون

- ‌رجاله أربعة:

- ‌لطائف إسناده:

- ‌باب المسح على الخفين

- ‌الحديث السابع والستون

- ‌رجاله سبعة:

- ‌لطائف إسناده:

- ‌رجاله خمسة:

- ‌الحديث الثامن والستون

- ‌رجاله سبعة:

- ‌لطائف إسناده:

- ‌الحديث التاسع والستون

- ‌رجاله ستة:

- ‌لطائف إسناده:

- ‌الحديث السبعون

- ‌رجاله سبعة:

- ‌لطائف إسناده:

- ‌باب إذا أدخل رجليه وهما طاهرتان

- ‌الحديث الحادي والسبعون

- ‌رجاله خمسة:

- ‌لطائف إسناده:

- ‌باب من لم يتوضأ من لحم الشاة والسويق

- ‌الحديث الثاني والسبعون

- ‌رجاله خمسة:

- ‌لطائف إسناده:

- ‌الحديث الثالث والسبعون

- ‌رجاله ستة:

- ‌لطائف إسناده:

- ‌باب من مضمضر من السويق ولم يتوضأ

- ‌الحديث الرابع والسبعون

- ‌رجاله خمسة:

- ‌لطائف إسناده:

- ‌الحديث الخامس والسبعون

- ‌رجاله ستة:

- ‌لطائف إسناده:

- ‌باب هل يُمَضْمِض من اللبن

- ‌الحديث السادس والسبعون

- ‌رجاله سبعة:

- ‌لطائف إسناده:

- ‌باب الوضوء من النوم

- ‌الحديث السابع والسبعون

- ‌رجاله خمسة:

- ‌الحديث الثامن والسبعون

- ‌رجاله خمسة:

- ‌لطائف إسناده:

- ‌باب الوضوء من غير حدث

- ‌الحديث التاسع والسبعون

- ‌رجاله ستة:

- ‌لطائف إسناده:

- ‌الحديث الثمانون

- ‌رجاله خمسة:

- ‌باب من الكبائر أن لا يستتر من بوله

- ‌الحديث الحادي والثمانون

- ‌رجاله خمسة:

- ‌لطائف إسناده:

- ‌باب ما جاء في غسل البول

- ‌الحديث الثاني والثمانون

- ‌رجاله خمسة:

- ‌لطائف إسناده:

- ‌باب

- ‌الحديث الثالث والثمانون

- ‌رجاله ستة:

- ‌لطائف إسناده:

- ‌الحديث الرابع والثمانون

- ‌رجاله أربعة:

- ‌لطائف إسناده:

- ‌تنبيه

- ‌باب صب الماء على البول في المسجد

- ‌الحديث الخامس والثمانون

- ‌رجاله خمسة:

- ‌لطائف إسناده:

- ‌الحديث السادس والثمانون

- ‌رجاله أربعة:

- ‌باب يهَريق الماء على البول

- ‌الحديث السابع والثمانون

- ‌رجاله أربعة:

- ‌باب بول الصِّبْيان

- ‌الحديث الثامن والثمانون

- ‌رجاله خمسة:

- ‌لطائف إسناده:

- ‌الحديث التاسع والثمانون

- ‌رجاله خمسة:

- ‌لطائف إسناده:

- ‌باب البول قائمًا وقاعدًا

- ‌الحديث التسعون

- ‌رجاله خمسة:

- ‌لطائف إسناده:

- ‌باب البول عند صاحبه والتستر بالحائط

- ‌الحديث الحادي والتسعون

- ‌رجاله خمسة:

- ‌لطائف إسناده:

- ‌باب البول عند سُباطة قوم

- ‌الحديث الثاني والتسعون

- ‌رجاله ستة:

- ‌لطائف إسناده:

- ‌باب غَسل الدم

- ‌الحديث الثالث والتسعون

- ‌رجاله خمسة:

- ‌لطائف إسناده:

- ‌الحديث الرابع والتسعون

- ‌رجاله ستة:

- ‌لطائف إسناده:

- ‌باب غسل المني وفركه وغسل ما يصيب من المرأة

- ‌الحديث الخامس والتسعون

- ‌رجاله خمسة:

- ‌لطائف إسناده:

- ‌الحديث السادس والتسعون

- ‌رجاله سبعة:

- ‌لطائف إسناده:

- ‌باب إذا غسل الجنابة أو غيرها فلم يذهب أثره

- ‌الحديث السابع والتسعون

- ‌رجاله خمسة:

- ‌الحديث الثامن والتسعون

- ‌رجاله خمسة:

- ‌باب أبوال الإبل والدواب والغنم ومرابضها

- ‌الحديث التاسع والتسعون

- ‌رجاله خمسة:

- ‌لطائف إسناده:

- ‌الحديث المائة

- ‌رجاله أربعة:

- ‌لطائف إسناده:

- ‌باب ما يقع من النجاسات في السمن والماء

- ‌الحديث الحادي والمئة

- ‌رجاله ستة:

- ‌لطائف إسناده:

- ‌الحديث الثاني والمئة

- ‌رجاله سبعة:

- ‌لطائف إسناده:

- ‌الحديث الثالث والمئة

- ‌رجاله خمسة:

- ‌لطائف إسناده:

- ‌باب البول في الماء الدائم

- ‌الحديث الرابع والمئة

- ‌رجاله خمسة:

- ‌لطائف إسناده:

- ‌باب إذا أُلقِي على ظهرِ الْمُصَلِّي قذر أوْ جِيفَةٌ لمْ تَفْسُد عليهِ صَلاتُهُ

- ‌الحديث الخامس والمئة

- ‌رجاله عشرة:

- ‌لطائف إسناده:

- ‌باب البصاق والمخاط ونحوه في الثوب

- ‌الحديث السادس والمئة

- ‌رجاله سبعة:

- ‌باب لا يجوز الوضوء بالنبيذ ولا المسكر

- ‌الحديث السابع والمئة

- ‌رجاله خمسة:

- ‌لطائف إسناده:

- ‌باب غسل المرأة أباها الدم عن وجهه

- ‌الحديث الثامن والمئة

- ‌رجاله أربعة

- ‌لطائف إسناده:

- ‌باب السِواك

- ‌الحديث التاسع والمئة

- ‌رجاله خمسة:

- ‌لطائف إسناده:

- ‌الحديث العاشر والمئة

- ‌رجاله خمسة:

- ‌لطائف إسناده:

- ‌باب دفع السواك إلى الأكبر

- ‌الحديث الحادي عشر والمائة

- ‌رجاله ثمانية:

- ‌لطائف الإسنادين:

- ‌باب فضل من بات على الوضوء

- ‌الحديث الثاني عشر والمئة

- ‌رجاله ستة:

- ‌لطائف إسناده:

- ‌تنبيه

- ‌خاتمة

- ‌كتاب الغُسْلِ

- ‌باب الوضوء قبل الغسل

- ‌الحديث الأول

- ‌رجاله خمسة:

- ‌لطائف إسناده:

- ‌الحديث الثاني

- ‌رجاله سبعة:

- ‌لطائف إسناده:

- ‌باب غُسْلَ الرجل مع امرأته

- ‌الحديث الثالث

- ‌رجاله خمسة:

- ‌لطائف إسناده:

- ‌باب الغُسل بالصاع ونحوه

- ‌الحديث الرابع

- ‌رجاله سبعة:

- ‌لطائف إسناده:

- ‌الحديث الخامس

- ‌رجاله سبعة:

- ‌لطائف إسناده:

- ‌الحديث السادس

- ‌رجاله خمسة:

- ‌لطائف إسناده:

- ‌باب من أفاض على رأسه ثلاثًا

- ‌الحديث السابع

- ‌رجاله خمسة:

- ‌لطائف إسناده:

- ‌الحديث الثامن

- ‌رجاله ستة:

- ‌لطائف إسناده:

- ‌الحديث التاسع

- ‌رجاله خمسة:

- ‌لطائف إسناده:

- ‌باب الغسل مرة واحدة

- ‌الحديث العاشر

- ‌رجاله ستة:

- ‌لطائف إسناده:

- ‌باب من بدأ بالحِلاب أو الطيب عند الغُسل

- ‌الحديث الحادي عشر

- ‌رجاله خمسة:

- ‌لطائف إسناده:

- ‌باب المضمضة والاستنشاق في الجنابة

- ‌الحديث الثاني عشر

- ‌رجاله سبعة:

- ‌لطائف إسناده:

- ‌باب مسح اليد بالتراب لتكون أنقى

- ‌الحديث الثالث عشر

- ‌رجاله سبعة:

- ‌لطائف إسناده:

- ‌باب

- ‌الحديث الرابع عشر

- ‌رجاله أربعة:

- ‌لطائف إسناده:

- ‌الحديث الخامس عشر

- ‌رجاله خمسة:

- ‌لطائف إسناده:

- ‌الحديث السادس عشر

- ‌رجاله سبعة:

- ‌لطائف إسناده:

- ‌الحديث السابع عشر

- ‌رجاله ستة:

- ‌لطائف إسناده:

- ‌باب تفريق النُسل والوضوء

- ‌الحديث الثامن عشر

- ‌رجاله سبعة:

- ‌باب من أفرغ بيمينه على شماله في الغُسل

- ‌الحديث التاسع عشر

- ‌رجاله سبعة:

- ‌باب إذا جَامَعَ ثم عاد ومن دار على نسائه في غُسْلٍ واحد

- ‌الحديث العشرون

- ‌رجاله سبعة:

- ‌لطائف إسناده:

- ‌الحديث الحادي والعشرون

- ‌رجاله خمسة:

- ‌لطائف إسناده:

- ‌باب غَسْلِ المذي والوضوء منه

- ‌الحديث الثاني والعشرون

- ‌رجاله خمسة:

- ‌لطائف إسناده:

- ‌باب من تطيب ثم اغتسل وبقي أثر الطيب

- ‌الحديث الثالث والعشرون

- ‌رجاله خمسة

- ‌الحديث الرابع والعشرين

- ‌رجاله ستة:

- ‌لطائف إسناده:

- ‌باب تخليلِ الشَّعَرِ حتى إذا ظن أنه قد أروى بشرته أفاض عليه

- ‌الحديث الخامس والعشرون

- ‌رجاله خمسة:

- ‌لطائف إسناده:

- ‌باب من توضأ في الجنابة ثم غسل سائر جسده ولم يُعِدْ كسل مواضع الوضوء منه مرة أخرى

- ‌الحديث السادس والعشرون

- ‌رجاله سبعة:

- ‌لطائف إسناده:

- ‌باب إذا ذكر في المسجد أنه جنب يخرج ولا يتيمم

- ‌الحديث السابع والعشرون

- ‌رجاله ستة:

- ‌لطائف إسناده:

- ‌ورجالها أربعة:

- ‌باب نفض اليدين من الغسل عند الجنابة

- ‌الحديث الثامن والعشرون

- ‌رجاله سبعة:

- ‌لطائف إسناده:

- ‌باب من بدأ بشقِّ رأسه الأيمن في الغسل

- ‌الحديث التاسع والعشرون

- ‌رجاله خمسة:

- ‌لطائف إسناده:

- ‌بابُ مَنِ اغْتَسلَ عُرْيَانًا وَحْدَهُ في الخَلْوَةِ ومَنْ تَسَتَّر فالتستُّر أَفْضَلُ

- ‌الحديث الثلاثون

- ‌رجاله خمسة:

- ‌الحديث الحادي والثلاثون

- ‌رجاله خمسة:

- ‌لطائف إسناده:

- ‌باب التستر في الغسل عند الناس

- ‌الحديث الثاني والثلاثون

- ‌رجاله خمسة:

- ‌لطائف إسناده:

- ‌الحديث الثالث والثلاثون

- ‌رجاله ثمانية:

- ‌باب إذا احتلمت المرأة

- ‌الحديث الرابع والثلاثون

- ‌رجاله ستة:

- ‌لطائف إسناده:

- ‌باب عرق الجُنُب وأن المسلم لا يَنْجُس

- ‌الحديث الخامس والثلاثون

- ‌رجاله ستة:

- ‌لطائف إسناده:

- ‌باب الجنب يخرج ويمشي في السوق وغيره

- ‌الحديث السادس والثلاثون

- ‌رجاله خمسة:

- ‌الحديث السابع والثلاثون

- ‌رجاله ستة:

- ‌باب كينونة الجنب في البيت إذا توضأ

الفصل: ‌الحديث التاسع والثمانون

‌الحديث التاسع والثمانون

حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ قَالَ: أَخْبَرَنَا مَالِكٌ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُتْبَةَ عَنْ أُمِّ قَيْسٍ بِنْتِ مِحْصَنٍ أَنَّهَا أَتَتْ بِابْنٍ لَهَا صَغِيرٍ، لَمْ يَأْكُلِ الطَّعَامَ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، فَأَجْلَسَهُ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فِي حِجْرِهِ، فَبَالَ عَلَى ثَوْبِهِ، فَدَعَا بِمَاءٍ فَنَضَحَهُ وَلَمْ يَغْسِلْهُ.

وقوله: "لم يأكل الطعام"، المراد بالطعام ما عدا اللبن الذي يرتضعه، والتمر الذي يُحَنَّك به، والعسل الذي يلعقه للمداواة، وغيرها، فكان المراد أنه لم يحصل له الاغتذاء بغير اللبن علي الاستقلال، قاله النووي في "شرح مسلم"، وفي "الروضة": المراد أنه لم يَطْعم ولم يشرب غير اللبن. وقيل: المراد أنه لم يأكل غير اللبن وغير ما يُحنك به وما أشبهه. وحمل الموفق الحموي قوله: "لم يأكل" على ظاهره، فقال: معناه لم يستقلَّ بجعل الطعام في فمه. والأول أظهر. وقال ابن التين: يُحتمل أنها أرادت أنه لم يتقوَّت بالطعام، ولم يستغن به عن الرضاع، ويُحتمل أنها إنما جاءت به عند الولادة ليحنكه صلى الله عليه وسلم، فيحمل النفي على عمومه، ويؤيده ما مر قريبًا أنه للمصنف في العقيقة في الحديث الذي قبله.

وظاهر قولهم: لم يطعم غير اللبن. شموله للبن الآدمي وغيره، وظاهره أنه لا فرق بين النجس وغيره، وأما قول الزركشي: لو شرب لبنًا نجسًا أو متنجسًا فينبغي وجوب غسل بوله، كما لو شربت السخلة لبنًا نجسًا يحكم بنجاسة أنفحتها، وكذا الجلّالة، فإنه مردود بأن استحالة ما في الجوف تُغير حكمه الذي كان، بدليل قول الجمهور بطهارة لحم جديٍ ارتضع كلبةً أو نحوها، فنبت لحمه من لبنها، ويعدم تسبيع المخرج فيما لو أكل لحم كلب، وإن وجب تسبيع

ص: 194

الفم، وما قاس عليه لم يذكره الأئمة كما اعترف هو به في أثناء كلامه، وهو ممنوع؛ لأن الأنفحة لبن جامد لم يخرج من الجوف، فهي مستحيلة في الجوف، وقد عرف أن الحكم يتغير بالاستحالة، والجلّالة لحمها ولبنها طاهران كما هو المذهب عند الجمهور، وإن صحح في "المحرر" خلافه، قاله القسطلاني.

قلت: وعند المالكية، المستعمل للنجاسة مما بوله طاهر يكون ما يخرج منه نجسًا مدةَ ظنِّ بقائها في جوفه.

وقوله: "فأجلسه" أي: وضعه إن قلنا إنه كان كما ولد، ويُحتمل أن يكون الجلوس حصل منه على العادة إن قلنا كان في سن مَنْ يحبو، كما في قصة الحسن.

وقوله: "على ثوبه" أي: ثوب النبي صلى الله عليه وسلم، وأغرب ابن شعبان من المالكية، فقال: المراد به ثوب الصبي، والصواب الأول.

وقوله: "فنضحه "أي رشه بماء عَمَّه وغلبه من غير سيلان. ولمسلم عن ابن شهاب: "فلم يزد على أن نضح بالماء"، وله عنه أيضًا:"فرشَّه"، زاد أبو عَوانة في "صحيحه":"عليه"، ولا تخالف بين الروايتين، أي: بين نضح ورش؛ لأن المراد به أن الابتداء كان بالرش وهو تنقيط الماء، وانتهى إلى النضح، وهو صب الماء. ويؤيده رواية مسلم عن عائشة:"فدعا بماء، فصبه عليه"، ولأبي عَوانة:"فصبه على البول يتبعه إياه".

والفاءات الأربعة في قوله: فأجلسه، فبال، فدعا بماء، فنضحه، للعطف للكلام بمعنى التعقيب.

وقوله: "ولم يغسله" أي: لم يبلغ الإسالة، وادَّعى الأصيلي أن قوله:"ولم يغسله" مدرج من كلام ابن شهاب، ليس من المرفوع، قال: وكذلك روى معمر عن ابن شهاب، وكذا أخرجه ابن أبي شَيْبة، قال:"فرش"، ولم يزد على ذلك.

وليس في سياق معمر ما يدل على ما ادعاه من الإدراج، وما ذكره عن ابن

ص: 195

أبي شيبة لا اختصاص له به، فإن ذلك لفظ ابن عُيينة عن ابن شهاب عند مسلم، وقد بيّنا أنها غير مخالفة لرواية مالك، ورواية مالك رواها معه الليث وعمرو بن الحارث ويونس بن يزيد، كلهم عن ابن شهاب، أخرجه ابن خزيمة والإِسماعيلي وغيرهما عن ابن وَهْب عنهم، وهو لمسلم عن يونس وحده.

وعبَّر في الحديث بالابن دون الولد؛ لأن الابن لا يطلق إلا على الذكر، بخلاف الولد، فإنه يطلق عليهما، وفي ذلك إشارة إلى التفرقة بين بول الغلام والجارية قبل أن يطعما، وقد اختلف العلماء في ذلك على ثلاثة مذاهب:

الأول: الاكتفاء بالنضح في بول الغلام، ولابد في بولها من الغسل، وهو قول علي وعطاء والحسن والزهري وأحمد والشافعي وإسحاق وابن وهب من المالكية، ورواه الوليد بن مسلم عن مالك، وقال أصحابه: هي رواية شاذة عنه.

واحتج القائلون بالتفرقة بأحاديث ليست على شرط المصنف، منها ما أخرجه أحمد وأصحاب "السنن" إلَاّ النسائي عن علي مرفوعًا:"يُنضح بول الغلام ويُغسل بول الجارية" وإسناده صحيح.

ومنها ما أخرجه أحمد وابن ماجه وصححه ابن خُزيمة وغيره عن لبابة بنت الحارث مرفوعًا: "إنما يُغسل من بول الأنثى، ويُنضح من بول الذكر".

ومنها ما أخرجه أبو داود والنسائي وصححه ابن خُزيمة أيضًا عن أبي السمح نحوه بلفظ: "يرش".

وفرَّق بينهما بأن النفوس أعلق بالذكور منها بالإناث، فحصلت الرخصة في المذكور لكثرة المشقة. وبأنه أرق من بولها، فلا يلصق بالمحل كلصوق بولها، لأن بولها بسبب استيلاء الرطوبة والبرودة على مزاجها أغلظ وأنتن، ومثلها الخُنثى كما جزم به في "المجموع".

الثاني: يكفي النضح فيهما، وهو مذهب الأوزاعي، وحكي عن مالك والشافعي، وخصص ابن العربي النقل في هذا بما إذا كانا لم يدخل أجوافهما شيء أصلًا.

ص: 196

والثالث: هما سواء في وجوب الغسل مطلقًا، سواء أكلا الطعام أم لا، وهو مذهب مالك وأبي حنيفة، واستدل لهما بأنه عليه الصلاة والسلام نضح، والنضح هو الغسل، لقوله عليه الصلاة والسلام في المذي:"فلْينضح فرجَه" رواه أبو داود وغيره من حديث المقداد، والمراد به الغسل كما وقع التصريح به في مسلم، والقصة واحدة كالراوي. ولحديث أسماء في غسل الدم:"وانضحيه" وقد ورد الرش وأريد به الغسل، كما في حديث ابن عباس في "الصحيح" لما حكى الوضوء النبوي، أخذ غرفة من ماء، ورش على رجله اليمنى حتى غسلها، وأراد بالرش هنا الصب قليلًا قليلًا. وتأولوا قوله:"لم يغسله" أي: غسلًا مبالغًا فيه بالعرك، كما تغسل الثياب إذا أصابتها النجاسة.

وأجاب المفرقون بينهما بأن النضح ليس هو الغسل كما في كتب أهل اللغة، فإنهم قالوا: النضح الرش، ولا نسلم أن حديث المقداد بمعنى الغسل، ولئن سلمنا فبدليل خارجي.

قلت: وهذا جواب لا يخفى ما فيه؛ لأن الحديث دليل أهل اللغة، فما ورد فيه مقدم على كلام أهل اللغة، مع أن كلامهم غير مناف له، وحديث ابن عباس والمقداد الماران صريحان في المراد.

وأجابوا أيضًا بأن ما ورد في الأحاديث من التفرقة بين بول الغلام والجارية يبعد ما قالوه من عدم التفرقة بينهما.

واستدل بعضهم بقول: "ولم يغسله" على طهارة بول الصبي، وبه قال أحمد وإسحاق وأبو ثور، وحكي عن مالك والأوزاعي، وأما حكايته عن الشافعي فجزم النووي بأنها باطلة قطعًا، وكأنهم أخذوا ذلك من طريق اللازم، وأصحاب صاحب المذهب أعلم بمراده من غيرهم، فلا عبرة بجزم ابن عبد البر وابن بطال ومن تبعهما بذلك عن الشافعي وأحمد، وكذلك لم يُعرف ذلك عند الحنابلة، فبول الصبي الذي لم يَطْعم نجس، ولكنه جُوِّز فيه النضح لتخفيف نجاسته لا لطهارته.

واستدل به بعض المالكية على أن الغسل لابد فيه من أمر زائد على مجرد

ص: 197