الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ومُحال أن يكون أيوب عليه الصلاة والسلام أخذ هذا المال حبًّا للدنيا، وإنما أخذه كما أخبر هو عن نفسه؛ لأنه بركة من ربه تعالى؛ لأنه قريب العهد بتكوينه عز وجل، أو أنه نعمة جديدة خارقة للعادة، فينبغي تلقّيها بالقَبول، ففي ذلك شُكرٌ لها، وتعظيمٌ لشأنها، وفي الإعراض عنها كفر لها.
واستنبط منه الخطابي جواز أحد النِّثار في الأملاك. وتعقبه ابن التين فقال: هو شيء خصَّ الله به نبيه أيوب، بخلاف النِّثار، فإنه من فعل الأدمي، فإن يُكره لما فيه من السَّرَف. ورُدَّ عليه بأنه أُذن فيه من قِبَل الشارع إن ثبت الخبر، يعني الخبر المبيح له، ويُستأنس له بهذه القصة.
ويأتي الكلام على نسب أيوب عليه السلام وما قيل في بلائه في أحاديث الأنبياء، عند ذكر هذا الحديث.
ورَوَاهُ إبراهيمُ عَنْ مُوسَى بن عُقْبَةَ عَن صَفْوَانَ عَنْ عَطَاءِ بنِ يَسَارٍ عَنْ أبي هُرَيْرَةَ عَنْ النبيِّ صلى الله عليه وسلم قالَ: "بَيْنَا أَيُّوبُ يَغْتَسِلُ عُرْيَانًا"
وهذه الرواية موصولة، أخرجها النسائي عن أحمد بن حفص، عن أبيه، عن إبراهيم. والإسماعيلي عن أبي بكر بن عُبيد الشَّعراني، عن أحمد بن حفص
…
إلخ.
رجاله خمسة:
الأول: إبراهيم بن طَهْمان بن شُعبة الخُراساني أبو سعيد، وُلد بهراة، وسكن نَيْسابور، وقدم بغداد، ثم سكن مكة إلى أن مات.
قال ابن المبارك: صحيح الحديث. وقال علي بن الحسن بن شَقيق: سمعت ابن المبارك يقول: أبو حمزة السُّكّري وإبراهيم بن طَهْمان صحيحا العلم والحديث. وقال أحمد وأبو حاتم وأبو داود: ثقة. وزاد أبو حاتم: صدوق حسن الحديث. وقال ابن مَعين والعِجْلي: لا بأس به. وقال عُثمان بن سعيد الدارِمي: كان ثقة في الحديث، لم يزل الأئمة يشتهون حديثه ويرغبون فيه
ويوثِّقونه. وقال صالح بن محمد: ثقة حسن الحديث، يميلُ شيئًا إلى الإرجاء في الإِيمان، حبب الله حديثه إلى الناس، جيد الرواية. وقال إسحاق بن رَاهَوَيه: كان صحيح الحديث، حسن الرواية، كثير السماع، ما كان بخراسان أكثر حديثًا منه، وهو ثقة. وقال يحيى بن أكثم: كان من أنبل من حدَّث بخُراسان والعراق والحجاز، وأوثقهم وأوسعهم علمًا. وقال أحمد: كان يرى الإِرجاء، وكان شديدًا على الجهمية. وقال أبو زُرعة: ذُكر عند أحمد وكان متكئًا، فاستوى جالسًا، وقال: لا ينبغي أن يُذكر الصالحون فنتَّكِىء. وقال الدارقُطني: ثقة، إنما تكلموا فيه للإرجاء.
وقال ابن عمّار: ضعيف مضطرب الحديث. فذُكِرَ ذلك لصالح جزرة، فقال: ابنُ عمار، من أين يعرف حديث إبراهيم؟ إنما وقع إليه حديث إبراهيم في الجمعة عن المعافى بن عِمران، عن إبراهيم، عن محمد بن زياد، عن أبي هُريرة: "أول جُمعة جمعت
…
إلخ"، قال صالح: والغلط فيه من غير إبراهيم؛ لأن جماعة رووه عنه، عن أبي جمرة، عن ابن عبّاس، وكذا هو في تصنيفه، وهو الصواب. وتفرد المعافى بذكر محمد بن زياد، فكان الغلط منه لا من إبراهيم.
وقال السُّليماني: أنكروا عليه حديثه عن أبي الزُّبير، عن جابر في رفع اليدين، وحديثه عن شُعبة عن قَتادة عن أنس:"رُفِعَت لي سِدرة المنتهى، فإذا أربعة أنهار".
فأمّا حديث أنس فعلَّقه البخاري في "الصحيح" لإبراهيم، ووصله أبو عَوانة في "صحيحه". وأما حديث جابر، فرواه ابن ماجه من طريق أبي حُذيفة عنه.
وقال ابن حِبّان في "الثقات": قد روى أحاديث مستقيمة تُشبه أحاديث الأثبات، وقد تفرد عن الثقات بأحاديث مُعْضَلة.
قال ابن حجر: والحق فيه أنه ثقة صحيح الحديث إِذا روى عنه ثقة، ولم يثبت غلوه في الإرجاء، ولا كان داعية إليه، بل ذكر الحاكم أنه رجع عنه، وأفرط
ابن حزم فذكر أنه ضعيف، وهو مردود، وأكثر ما خرج له البخاري في الشواهد، وأخرج له الباقون.
روى عن أبي إسحاق السَّبِيعي، وأبي إسحاق الشَّيباني، وعبد العزيز بن صُهَيْب، والأعمش، وشُعبة، وسُفيان، وجماعة.
وروى عنه: حَفْص بن عبد الله، وخالد بن نِزار بن المبارك، وأبو عامر العَقَدي، وغيرهم.
مات بمكة سنة ثمان وستين ومئة. وقيل: سنة ثمان وخمسين.
والثاني: موسى بن عقبة وقد مرَّ في الخامس من كتاب الوضوء. ومرَّ أبو هُريرة في الثاني من كتاب الإِيمان. ومرَّ عطاء بن يسار في الثالث والعشرين منه أيضًا.
والخامس: صفوان بن سُلَيْم المدني أبو عبد الله، وقيل: أبو الحارث القُرَشي الزُّهري مولاهم الفقيه.
قال ابن سعد: كان ثقة كثير الحديث عابدًا. وقال سفيان: حدثني صفوان بن سليم وكان ثقة. وقال يحيى بن سعيد: هو أحب إلى من زيد بن أسلم. وقال أحمد: رجل يُسْتَشْفى بحديثه، ويَنْزِل القطر من السماء بذكره. وقال مرة: ثقة من خيار عباد الله تعالى الصالحين. وقال العِجْلي وأبو حاتم والنَّسائي: ثقة. وقال يعقوب بن شَيْبة: ثقة ثبت مشهور في العبادة. وقال مالك: كان صفوان يصلّي في الشتاء في السطح، وفي الصيف في بطن البيت، يتيَّقظ بالحر والبرد حتى يصبح. وقال أنس بن عياض: رأيت صفوان ولو قيل له: غدًا القيامة. ما كان عنده مزيد. وقال ابن عُيينة: حلف صفوان أن لا يضع جَنْبَه بالأرض حتى يَلْقى الله تعالى، فمكث على ذلك أكثر من ثلاثين سنة. وقال العِجْلي: مدني رجل صالح. وقال ابن حِبّان في "الثقات": كان من عُبّاد أهل المدينة وزُهّادهم.
روى عن: ابن عُمر، وأنس، وأبي بُسْرَة الغِفاري، وعبد الرحمن بن غَنْم،