الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ولا أدري لأُيِّهما هو منسوب.
الثاني: أبو أُسامة حمّاد بن أُسامة، وقد مرَّ في الحادي والعشرين من كتاب العلم. ومرَّ هشام بن عُروة وأبوه عُروة وعائشة في الثاني من بدء الوحي.
لطائف إسناده:
فيه التحديث بصيغة الجمع في موضعين، والعنعنة في ثلاثه مواضع، ورواته ما بين كوفي ومدني.
باب مخلقة وغير مخلقة
المخلقة: المصوَّرة خَلْقًا تامًّا، لا نقصَ فيها ولا عيب. وغير المصوَّرة: السقط قبل تمام خَلْقِة، هذا قول مجاهد والشعبي، وهو الصواب.
وللأصيلي: "باب: قول الله عز وجل". وباب: رُوِي بالإضافة، أي: باب تفسير قوله تعالى: {مُخَلَّقَةٍ وَغَيْرِ مُخَلَّقَةٍ} [الحج: 5]، ورُوي بالتنوين، أي: هذا باب فيه مخلّقة وغير مُخلّقة.
ومناسبة الحديث للترجمة من جهة أن الحديث المذكور مفسِّر للآية؛ لأن فيه ذكر المُضْغَة، والمُضْغَة مخلَّقة وغير مُخَلَّقة.
وأوضح منه سياقًا ما رواه الطبري عن ابن مَسْعود، قال:"إذا وقعتِ النطفة في الرحم، بعث الله مَلَكًا، فقال: يا ربِّ مخلَّقَة أو غير مُخَلَّقة، فإن قال: غير مخَلَّقة. مجَّها الرَّحِم، وإن قال: مُخَلَّقة. قال: يا ربِّ: فما صفة هذه النطفة؟ " فذكر الحديث. وإسناده صحيح، وهو موقوفٌ لفظًا، مرفوع حكمًا.
وقال ابن بطّال: قَصَدَ البخاري بإدخال هذا الحديث في أبواب الحيض، تقوية مذهب من يقول: إن دم الحامل ليس بِحَيْض؛ لأن العمل إن تم، فإن الرحم مشغولٌ به، وما ينفصل عنه من دم، إنمَا هو رَشْحٌ من الولد، أو من فضلة غذائه، أو دم فسادٍ لعلّةٍ، وليس بحيض. وإن لم يَتِمَّ، وكانت المضغة غير مخَلَّقة، مجّها الرحم مضغةً مائعةً، حكمها حكم الولد، فكيف يكون حكم
الولد حيضًا؟ وهذا مذهب الكوفيين وأبي حنيفة وأصحابه وأحمد بن حنبل والثوري والأوزاعي، وإليه ذهب الشافعي في القديم، وقال في الجديد: إنها تحيض. وبه قال إسحاق. وعن مالك روايتان.
قلت: مذهب مالك أن الحامل تحيضُ، ولحيضها تفصيل، فما كان بعد الدخول في الثالث تجلِسُ له خمسة عشر إلى عشرين، وهكذا إلى ستة، وما كان بعد الدخول في السادس تجلِسُ له عشرين إلى شهر، وما قبل الثلاثة، قيل: حكمه حكم الحائل من مبتدأة ومعنادة، وقيل: حكمها حكم صاحبة الثلاثة.
قال في "الفتح": وفي الاستدلال بالحديث على أنها لا تحيض نظر؛ لأنه لا يلزم من كون ما يخرُجُ من الحامل هو السقط الذي لم يُصَوَّر أن لا يكون الدم الذي تراه المرأة التي يستمرُّ حملها ليس بحيض، وما ادّعاه المخالف من أنه رَشْحٌ من الولد أو من فضلة غذائه يحتاج إلى دليل.
وما وَرَدَ في ذلك من خبر أو أثر، كما رواه ابن شاهين عن علي وابن عباس رضي الله تعالى عنهما، أنهما قالا: إن الله تعالى رفع الحيض عن الحُبلى، وجعل الدَّم رزقًا للولد مما تفيض الأرحام. وما رواه الأثرم والدارقطني عن عائشة في الحامل ترى الحيض، فقالت: الحبلى لا تحيضُ، وتغتسِلُ وتصلّي. كله لا يثبت؛ لأن هذا دم بصفات دم الحيض، وفي زمن إمكانه، فله حكم دم الحيض، فمن ادّعى خلافه فعليه البيان.
واستدل ابن المُنير على أنه ليس بدم حيض بأن المَلَك موكَّل برحم الحامل، والملائكة لا تدخل بيتًا فيه قَذَر، ولا يُلائِمها ذلك. وأُجيب بأنه لا يلزم من كون الملك موكّلًا بالرحم أن يكون حالًّا فيه، ثم هو مُشْتَرَكُ الإِلزام؛ لأن الدم كله قذر.
ومن أقوى حججهم أن استبراء الأمة اعتُبِر بالحيض، لتحقق براءة الرحم من العمل، فلو كانت الحامل تَحيضُ لم تتمَّ البَراءة بالحيض.
قلت: يُجاب عن هذا بان الأحكام منوطة بالغالب، والغالب عدم حيض الحامل، فلهذا كان عدم الحيض دليلًا على براءة الرحم، وهذا لا ينافي حصول الحيض نادرًا من الحامل، كما هو المشاهد في كل زمن، فتجري عليه أحكامه.