المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌باب كيف كان بدء الحيض - كوثر المعاني الدراري في كشف خبايا صحيح البخاري - جـ ٦

[محمد الخضر الشنقيطي]

فهرس الكتاب

- ‌الحديث الثامن والثلاثون

- ‌رجاله ستة:

- ‌لطائف إسناده:

- ‌الحديث التاسع والثلاثون

- ‌رجاله خمسة:

- ‌باب الجنب يتوضأ ثم ينام

- ‌الحديث الأربعون

- ‌رجاله ستة:

- ‌لطائف إسناده:

- ‌الحديث الحادي والأربعون

- ‌رجاله أربعة:

- ‌الحديث الثاني والأربعون

- ‌رجاله خمسة

- ‌باب إذا التقى الختانان

- ‌الحديث الثالث والأربعون

- ‌رجاله سبعة:

- ‌لطائف إسناده:

- ‌باب غسل ما يصيب من رطوبة فرج المرأة

- ‌الحديث الرابع والأربعون

- ‌رجاله أربعة عشر

- ‌لطائف إسناده:

- ‌الحديث الخامس والأربعون

- ‌رجاله ستة:

- ‌لطائف إسناده:

- ‌خاتمة

- ‌كتاب الحيض

- ‌باب كيف كان بَدْءُ الحيض

- ‌باب الأمر بالنفساء إذا نفسن

- ‌الحديث الأول

- ‌رجاله خمسة:

- ‌لطائف إسناده:

- ‌باب غسل الحائض رأس زوجها وترجيله

- ‌الحديث الثاني

- ‌رجاله خمسة:

- ‌لطائف إسناده:

- ‌الحديث الثالث

- ‌رجاله ستة:

- ‌لطائف إسناده:

- ‌باب قراءة القرآن في حجر امرأته وهي حائض

- ‌الحديث الرابع

- ‌رجاله خمسة:

- ‌باب من سمى النفاس حيضًا

- ‌الحديث الخامس

- ‌رجاله خمسة:

- ‌لطائف إسناده:

- ‌باب مباشرة الحائض

- ‌الحديث السادس

- ‌رجاله ستة:

- ‌لطائف إسناده:

- ‌الحديث السابع

- ‌رجاله ستة:

- ‌لطائف إسناده:

- ‌الحديث الثامن

- ‌رجاله خمسة:

- ‌لطائف إسناده:

- ‌باب ترك الحائض الصوم

- ‌الحديث التاسع

- ‌رجاله خمسة:

- ‌لطائف إسناده:

- ‌باب تقضي الحائض المناسك كلها إلا الطواف بالبيت

- ‌الحديث العاشر

- ‌رجاله خمسة:

- ‌باب الاستحاضة

- ‌الحديث الحادي عشر

- ‌رجاله خمسة:

- ‌لطائف إسناده:

- ‌باب غسل دم المحيض

- ‌الحديث الثاني عشر

- ‌رجاله خمسة:

- ‌الحديث الثالث عشر

- ‌رجاله ستة:

- ‌لطائف إسناده:

- ‌باب الاعتكاف للمستحاضة

- ‌الحديث الرابع عشر

- ‌رجاله خمسة:

- ‌لطائف إسناده:

- ‌الحديث الخامس عشر

- ‌رجاله خمسة:

- ‌الحديث السادس عشر

- ‌رجاله خمسة:

- ‌باب هل تصلي المرأة في ثوب حاضت فيه

- ‌الحديث السابع عشر

- ‌رجاله خمسة:

- ‌لطائف إسناده:

- ‌باب الطيب للمرأة عند غسلها من المحيض

- ‌الحديث الثامن عشر

- ‌رجاله خمسة:

- ‌لطائف إسناده:

- ‌باب دلك المرأة نفسها إذا تطهرت من المحيض وكيف تغتسل وتأخذ فِرْصَةً مُمَسَّكة فَتَتَبَّع بها أثر الدم

- ‌الحديث التاسع عشر

- ‌رجاله خمسة:

- ‌لطائف إسناده:

- ‌باب غسل المحيض

- ‌الحديث العشرون

- ‌رجاله خمسة:

- ‌باب امتشاط المرأة عند غسلها من المحيض

- ‌الحديث الحادي والعشرون

- ‌رجاله خمسة:

- ‌لطائف إسناده:

- ‌باب نقض المرأة شعرها عند غسل المحيض

- ‌الحديث الثاني والعشرون

- ‌رجاله خمسة:

- ‌لطائف إسناده:

- ‌باب مخلقة وغير مخلقة

- ‌الحديث الثالث والعشرون

- ‌رجاله أربعة:

- ‌لطائف إسناده:

- ‌باب كيف تهل الحائض بالحج والعمرة

- ‌الحديث الرابع والعشرون

- ‌رجاله ستة:

- ‌لطائف إسناده:

- ‌باب: إقبال المحيض وإدباره

- ‌الحديث الخامس والعشرون

- ‌رجاله خمسة:

- ‌باب: لا تقضي الحائض الصلاة

- ‌الحديث السادس والعشرون

- ‌رجاله خمسة:

- ‌لطائف إسناده:

- ‌باب: النوم مع الحائض وهي في ثيابها

- ‌الحديث السابع والعشرون

- ‌رجاله ستة:

- ‌باب: من اتخذ ثياب الحيض سوى ثياب الطهر

- ‌الحديث الثامن والعشرون

- ‌رجاله ستة:

- ‌باب شهود الحائض العيدين ودعوة المسلمين ويعتزلن المصلى

- ‌الحديث التاسع والعشرون

- ‌رجاله ثمانية:

- ‌لطائف إسناده:

- ‌باب إذا حاضتْ في شهر ثلاث حِيض وما يُصَدَّقُ النساء في الحيض والحمل فيما يُمكن من الحيض لقول الله تعالى: {وَلَا يَحِلُّ لَهُنَّ أَنْ يَكْتُمْنَ مَا خَلَقَ اللَّهُ فِي أَرْحَامِهِنَّ}

- ‌الحديث الثلاثون

- ‌رجاله خمسة

- ‌لطائف إسناده:

- ‌باب الصفرة والكدرة في غير أيام الحيض

- ‌الحديث الحادي والثلاثون

- ‌رجاله خمسة:

- ‌لطائف إسناده:

- ‌باب عِرق الاستحاضة

- ‌الحديث الثاني والثلاثون

- ‌رجاله سبعة:

- ‌لطائف إسناده:

- ‌باب المرأة تحيض بعد الإِفاضة

- ‌الحديث الثالث والثلاثون

- ‌رجاله ستة:

- ‌لطائف إسناده:

- ‌الحديث الرابع والثلاثون

- ‌رجاله ستة:

- ‌باب إذا رأت المستحاضة الطهر

- ‌الحديث الخامس والثلاثون

- ‌رجاله خمسة:

- ‌باب الصلاة على النفساء وسنتها

- ‌الحديث السادس والثلاثون

- ‌رجاله ستة:

- ‌لطائف إسناده:

- ‌باب

- ‌الحديث السابع والثلاثون

- ‌رجاله ستة:

- ‌لطائف إسناده:

- ‌خاتمة

- ‌كتاب التيمم

- ‌باب التيمم

- ‌الحديث الأول

- ‌رجاله خمسة:

- ‌لطائف إسناده:

- ‌الحديث الثاني

- ‌رجاله ستة:

- ‌لطائف إسناده:

- ‌باب إذا لم يجد ماء ولا ترابًا

- ‌الحديث الثالث

- ‌رجاله خمسة:

- ‌لطائف إسناده:

- ‌باب التيمم في الحضر إذا لم يجد الماء وخاف فوت الصلاة

- ‌الحديث الرابع

- ‌رجاله سبعة

- ‌لطائف إسناده:

- ‌باب المتيمم هل ينفخ فيهما

- ‌الحديث الخامس

- ‌رجاله ثمانية:

- ‌لطائف إسناده:

- ‌باب التيمم للوجه والكفين

- ‌الحديث السادس

- ‌رجاله سبعة:

- ‌‌‌لطائف إسناده:

- ‌لطائف إسناده:

- ‌رجاله ستة:

- ‌الحديث السابع

- ‌رجاله ثمانية:

- ‌الحديث الثامن

- ‌رجاله ثمانية:

- ‌الحديث التاسع

- ‌رجاله ثمانية:

- ‌الحديث العاشر

- ‌رجاله ثمانية:

- ‌باب الصعيد الطيب وضوء المسلم يكفيه عن الماء

- ‌الحديث الحادي عشر

- ‌رجاله خمسة:

- ‌لطائف إسناده:

- ‌باب إذا خاف الجنب على نفسه المرض أو الموت أو خاف العطش تيمم

- ‌الحديث الثاني عشر

- ‌رجاله سبعة:

- ‌لطائف إسناده:

- ‌الحديث الثالث عشر

- ‌رجاله سبعة:

- ‌باب التيمم ضربة

- ‌الحديث الرابع عشر

- ‌رجاله ستة

- ‌رجاله خمسة:

- ‌الحديث الخامس عشر

- ‌رجاله خمسة:

- ‌لطائف إسناده:

- ‌خاتمة

- ‌كتاب الصلاة

- ‌باب كيف فرضت الصلاة في الإسراء

- ‌الحديث الأول

- ‌رجاله ستة:

- ‌لطائف إسناده:

- ‌رجاله أربعة:

- ‌الحديث الثاني

- ‌رجاله خمسة:

- ‌لطائف إسناده:

- ‌باب وجوب الصلاة في الثياب

- ‌الحديث الثالث

- ‌رجاله أربعة:

- ‌لطائف إسناده:

- ‌رجاله أربعة:

- ‌باب عقد الأُزر على القفا في الصلاة

- ‌الحديث الرابع

- ‌رجاله خمسة:

- ‌لطائف إسناده:

- ‌الحديث الخامس

- ‌رجاله أربعة:

- ‌لطائف إسناده:

- ‌باب الصلاة في الثوب الواحد ملتحفًا به

- ‌الحديث السادس

- ‌رجاله أربعة:

- ‌لطائف إسناده:

- ‌الحديث السابع

- ‌رجاله خمسة

- ‌الحديث الثامن

- ‌رجاله خمسة:

- ‌الحديث التاسع

- ‌رجاله خمسة:

- ‌لطائف إسناده:

- ‌الحديث العاشر

- ‌رجاله خمسة:

- ‌لطائف إسناده:

- ‌باب إذا صلى في الثوب الواحد فليجعل على عاتقيه

- ‌الحديث الحادي عشر

- ‌رجاله خمسة:

- ‌لطائف إسناده:

- ‌الحديث الثاني عشر

- ‌رجاله خمسة:

- ‌لطائف إسناده:

- ‌باب إذا كان الثوب ضيقًا أي كيف يفعل المصلي

- ‌الحديث الثالث عشر

- ‌رجاله أربعة:

- ‌لطائف اسناده:

- ‌الحديث الرابع عشر

- ‌رجاله خمسة:

- ‌باب الصلاة في الجبة الشامية

- ‌الحديث الخامس عشر

- ‌رجاله ستة:

- ‌لطائف إسناده:

- ‌باب كراهية التعري في الصلاة

- ‌الحديث السادس عشر

- ‌رجاله خمسة:

- ‌لطائف إسناده:

- ‌باب الصلاة في القميص والسراويل والتبان والقباء

- ‌الحديث السابع عشر

- ‌رجاله خمسة:

- ‌الحديث الثامن عشر

- ‌رجاله خمسة:

- ‌باب ما يستر من العورة

- ‌الحديث التاسع عشر

- ‌رجاله خمسة:

- ‌لطائف إسناده:

- ‌الحديث العشرون

- ‌رجاله خمسة:

- ‌لطائف إسناده:

- ‌الحديث الحادي والعشرون

- ‌رجاله ستة:

- ‌لطائف إسناده:

- ‌باب الصلاة بغير رداء

- ‌الحديث الثاني والعشرون

- ‌رجاله أربعة:

- ‌باب ما يذكر في الفخد

- ‌الحديث الثالث والعشرون

- ‌رجاله أربعة:

- ‌لطائف إسناده:

- ‌باب في كم تصلي المرأة من الثياب

- ‌الحديث الرابع والعشرون

- ‌رجاله خمسة:

- ‌لطائف إسناده:

- ‌باب إذ صلى في ثوب له أعلام ونظر إلى علمها

- ‌الحديث الخامس والعشرون

- ‌رجاله خمسة:

- ‌لطائف إسناده:

- ‌باب إن صلّى في ثوب مصلَّب أو تصاوير، هل تفسد صلاته؟ وما ينهى من ذلك

- ‌الحديث السادس والعشرون

- ‌رجاله أربعة:

- ‌لطائف إسناده:

- ‌باب من صلى في فروج حرير ثم نزعه

- ‌الحديث السابع والعشرون

- ‌رجاله خمسة:

- ‌لطائف إسناده:

- ‌باب الصلاة في الثوب الأحمر

- ‌الحديث الثامن والعشرون

- ‌رجاله أربعة:

- ‌لطائف إسناده:

- ‌باب الصلاة في السطوح والمنبر والخشب

- ‌الحديث التاسع والعشرون

- ‌رجاله أربعة:

- ‌لطائف إسناده:

- ‌الحديث الثلاثون

- ‌رجاله أربعة:

- ‌لطائف إسناده:

- ‌باب إذا أصاب ثوب المصلّي امرأته إذا سجد

- ‌الحديث الحادي والثلاثون

- ‌رجاله خمسة:

- ‌لطائف إسناده:

- ‌باب الصلاة على الحصير

- ‌الحديث الثاني والثلاثون

- ‌رجاله أربعة:

- ‌لطائف إسناده:

- ‌باب الصلاة على الخمرة

- ‌الحديث الثالث والثلاثون

- ‌باب الصلاة على الفراش

- ‌الحديث الرابع والثلاثون

- ‌رجاله خمسة:

- ‌لطائف إسناده:

- ‌الحديث الخامس والثلاثون

- ‌رجاله ستة:

- ‌لطائف إسناده:

- ‌الحديث السادس والثلاثون

- ‌رجاله ستة:

- ‌لطائف إسناده:

- ‌باب السجود على الثوب في شدة الحر

- ‌الحديث السابع والثلاثون

- ‌رجاله خمسة:

- ‌لطائف إسناده:

- ‌باب الصلاة في النعال

- ‌الحديث الثامن والثلاثون

- ‌رجاله أربعة:

- ‌لطائف إسناده:

- ‌باب الصلاة في الخفاف

- ‌الحديثُ التاسع والثلاثون

- ‌رجاله ستة:

- ‌لطائف إسناده:

- ‌الحديث الأربعون

- ‌رجاله ستة:

- ‌لطائف إسناده:

- ‌باب إذا لم يتم السجود

- ‌الحديث الحادي والأربعون

- ‌رجاله خمسة:

- ‌لطائف إسناده:

- ‌باب يُبْدِي ضَبْعَيْهِ ويُجَافي في السجود

- ‌الحديث الثاني والأربعون

- ‌رجاله خمسة:

- ‌لطائف إسناده:

- ‌خَاتِمَة

الفصل: ‌باب كيف كان بدء الحيض

يُبالون بالحيض، وإنما وصفه بأنه أذىً، ورتَّب الحكم عليه بالفاء. إشعارًا بأنه العلة.

وقَوْله: {وَلَا تَقْرَبُوهُنَّ حَتَّى يَطْهُرْنَ} تأكيد للحكم، وبيان لغايته، وهو أن يغتسِلْن بعد الانقطاع، ويدلُ عليه صريحًا قراءة:{يَطْهُرْنَ} بالتشديد، بمعنى: يغتسلن. والتزامًا. قوله: {فَإِذَا تَطَهَّرْنَ فَأْتُوهُنَّ} فإنه يقتضي تأخر جواز الإتيان عن الغسل، وقال أبو حنيفة: إن طهُرت لأكثر الحيض جاز إتيانها قبل الغسل. وقال ابن شعبان من المالكية: يجوز إتيانها بعد الطُّهر إذا تيممت قبل أن تغتسل.

وقوله: {فَأْتُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ أَمَرَكُمُ اللَّهُ} أي: بتجنبه في الحيض، وهو القبل، ولا تعدوه إلى غيره، فهو المأتي الذي أمركم به وحلله لكم.

وقوله: {إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ التَّوَّابِينَ} أي: من الذنوب.

وقوله: {وَيُحِبُّ الْمُتَطَهِّرِينَ} أي: المتنزهين عن الفواحش والأقذار، كمجامعة الحائض، والإتيان في غير القبل.

ذكرت الآية كلها في رواية ابن عساكر، ولأبوي ذرٍّ والوقت:"فاعتزلوا إلى قوله يحب المتطهرين". وفي رواية: "ويسألونك عن المحيض الآية".

‌باب كيف كان بَدْءُ الحيض

أي: ابتداؤه، ويجوز تنوين باب بالقطع عمّا بعده، وتركه بالإضافة إليه، وقد مرَّ ما فيه في قوله أول الكتاب:"باب: كيف كان بدء الوحي".

وقولُ النبيِّ صلى الله عليه وسلم هذا شَيءٌ كتَبَهُ الله على بَنَاتِ آدَمَ.

بجر: "قول" ورفعه.

وقوله: "هذا شيء" الإشارة إلى الحيض.

وقوله: "كتبه الله علي بنات آدم" أي: لأنه من أصل خِلْقَتِهنَّ الذي فيه

ص: 33

صلاحهن، ويدل له قوله تعالى:{وَأَصْلَحْنَا لَهُ زَوْجَهُ} [الأنبياء: 90]، المفسر بأصلحناها للولادة برد الحيض إليها بعد عقرها. وأخرج الحاكم وابن المنذر بإسناد صحيح عن ابن عباس أن ابتداء الحيض كان على حوّاء عليها السلام بعد أن أُهْبِطَت من الجنة.

والتعليق المذكور وصله المصنف في الباب الذي يليه عن عائشة بلفظ: "هذا أمر" ووصله بعد ستة أبواب في باب: تقضي الحائض المناسك كلها إلا الطواف بالبيت، بلفظ:"فإن ذلك شيء" بدل قوله هنا: "هذا شيء".

وقالَ بَعْضُهُمْ كانَ أوَّلُ ما أُرسلَ الحَيْضُ على بَني إسْرَائيلَ.

قوله: "أول" بالرفع لأنه اسم كان، والخبر:"علي بني إسرائيل".

وقوله: "أُرْسِل" بضم الهمزة مبنيًّا للمفعول، والحيض نائبه، وكأنه يشير إلى حديث عبد الرزاق عن ابن مسعود بإسناد صحيح، قال:"كان الرجال والنساء من بني إسرائيل يصلّون جميعًا، فكانت المرأة تتشوَّف للرجل، فألقى الله عليهنَّ الحيضَ، ومنعهنَّ المساجد". وعنده عن عائشة نحوه.

فالبعض المبهم هو عبد الله بن مسعود وعائشة كما علمت، وعبد الله قد مرَّ في أول كتاب الإيمان في ذكر حديث منه، ومرَّت عائشة في الثاني من بدء الوحي.

قال أبُو عَبْدِ اللهِ وحديثُ النبيِّ صلى الله عليه وسلم أَكْثَرُ

قوله: "أكثر" قيل: معناه أشمل من قول بعضهم السابق؛ لأنه عامٌّ في جميع بنات آدم، فيتناول الإسرائيليات ومن قبلَهن، أو المراد أكثر شواهدًا وأكثر قوة. وقال الداوودي: ليس بينهما مخالفة، فإن نساء بني إسرائيل من بنات آدم، فعلى هذا، فقوله:"بنات آدم" عام أريد به الخصوص.

وما قاله غير ظاهر، فالمخالفة كما ترى ظاهرة، فإن هذا القول يلزم منه أن غير نساء بني إسرائيل لم يُرسل عليهن الحيض، والحديث ظاهر في أن جميع

ص: 34

بنات آدم كتب عليهن الحيض إسرائيلياتٍ كُنَّ أو غيرهن، وقد مرَّ في حديث ابن عباس التصريح بأن أول ابتداء الحيض كان على حواء.

وأخرج الطبري وغيره عن ابن عباس وغيره أن قوله تعالى في قصة إبراهيم: {وَامْرَأَتُهُ قَائِمَةٌ فَضَحِكَتْ} [هود: 71] أي: حاضت. والقصة متقدمة علي بني إسرائيل بلا ريب.

قال في "الفتح": ويمكن أن يُجمع بينهما مع القول بالتعميم، بأن الذي أرسل على نساء بني إسرائيل طول مُكْثِه بهنَّ عقوبة لهن لا ابتداء وجوده.

وتعقبه العيني فقال: كيف يقول: لا ابتداء وجووه. والخبر فيه: "أول ما أرسل". وبينه وبين كلامه منافاة، وأيضًا: من أين وردَ أن الحيض طال مكثه على نساء بني إسرائيل، ومن نقل هذا.

قلت: هذا الاعتراض ساقط، فإن قوله في الحديث:"أول ما أرسل" لا منافاة فيه لما قال، بل فيه دلالة له؛ لأن الإرسال عبارة عن الانطلاق، والانطلاق فيه دلالة على الكثرة، والكثرة تستلزم طول المكث، والتوفيق بين الأحاديث لا يشترط فيه النفل، بل يحصُل بما هو ممكن مما يزيل التعارض كما هو مقرر في علم الأصول.

وأجاب العيني بأنه يمكن أن الله تعالى قطع حيض نساء بني إسرائيل عقوبةً لهُن ولأزواجهن لكثرة عنادِهم، ومضت على ذلك مدة، ثم إن الله رحمهم وأعاد حيض نسائهم الذي جعله سببًا لوجود النسل، فلما أعاده عليهم كان ذلك أول الحيض بالنسبة إلى مدة الانقطاع، فأطْلَق الأولية عليه بهذا الاعتبار؛ لأنها من الأمور النسبية.

قلت: هذا الجواب ظاهر السقوط لما فيه من البُعد من انقطاع الحيض وإعادته، فما في الأحاديث دلالة على أنه انقطع بعد أن حصل، ولما فيه أيضًا من منافاة الحديث، فإن الحديث فيه أن الحيضَ أُرسل عقوبة لنساء بني إسرائيل، وهو قال: إن هذا الابتداء والإرسال كان رحمة لهن.

ص: 35