الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
حسبُك بهشام، ولكن لم أر مثل هذا. وكان أعلم الناس بالعربية، وأحسنهم خُلُقًا. وقال النسائي: ثقة مأمون. وكذا قال الدّارَقُطني والعِجْلي. وذكره ابن حِبان في الثقات. وقال: كان من خيار عُباد الله تعالى فضلاً ونُسكًا ودينًا، وتكلَّم فيه بعضُ الرافضة.
وقال حارِثة بن مضرب: جلست إلى ابن عباس، فقلت: روى أهل العراق عن طاووس عنك مرفوعًا: ما أبقيت الفرائضُ فلِأوْلى عَصَبَة ذَكَرٍ. فقال: أبلغ أهل العراق، إني ما قلت هذا، ولا رواه طاووس عني. قال حارِثة: فلقيتُ طاووسًا، فقال: لا والله ما رويتُ هذا، وإنما الشيطان ألقاه على ألسنتهم. قال: ولا أُراه إلا من قِبَلِ ولده، وكان على خاتم سُليمان بن عبد الملك، وكان كثير الحَمْل على أهل البيت. والحديث المذكور في "الصحيحين".
روى عن: أبيه، وعطاء، وعَمْرو بن شُعيب، وعلي بن عبد الله بن عبّاس، ووَهْب بن مُنَبِّه، وعِكرمة بن خالد المَخْزومي، وغيرهم.
وروى عنه: ابناه طاووس ومحمد، وعَمرو بن دينار، وهو أكبر منه، وأيّوب السَّخْتِياني، وهو من أقرانه، والسُّفيانان، وغيرهم.
مات سنة اثنتين وثلاثين ومئة بعد أيوب بسنة.
باب إذا رأت المستحاضة الطهر
أي: يتميز لها دم العِرْق من دم الحيض، فسمّى زمن الاستحاضة طُهرًا، لأنه كذلك بالنسبة إلى زمن الحَيْض، ويُحتمل أن يريد به انقطاع الدم، والأول أوفق بالسِّياق، ويرجِّحه قول ابن عباس الآتي: إذا رأت الدم البحراني فلا تصلي؛ لأن البحراني هو دم الحيض.
قالَ ابنُ عباسٍ تغتسلُ وتصلّي ولوْ ساعةً ويأْتيَها زَوْجُهَا إذا صلَّتْ الصَّلَاةُ أعظمُ.
قال الداودي: معناه: إذا رأت الطُّهر ساعة، ثم عاوَدَها دمٌ فإنها تغتسل
وتصلي في تلك الساعة.
والتعليق المذكور وصله ابن أبي شَيْبة والدّارمي عن أنس بن سِيرين، أنه سأل ابن عبّاس عن المُسْتَحاضة، فقال: أما ما رأت الدمَ البحراني فلا تصلي، وإذا رأت الطُّهر ولو ساعةً فَلْتَغْتَسِل وتصلي.
وقوله: "ويأتيها زوجُها" أثر آخر عن ابن عباس، أخرجه عبد الرزاق وغيره عن عِكرمة عنه، قال: المُستحاضة لا بأس أن يأتيها زوجُها. ولأبي داود من وجه آخر عن عِكرمة قال: كانت أم حبيبة تُستحاض، وكان زوجُها يَغْشاها. وهو حديث صحيح إن كان عِكْرمة سمعه منها.
وقوله: "إذا صلَّتْ" شرطٌ محذوف الجزاء، أي: إذا صلَّت تغتَسِل، وهو رأي البصريين، أو جزاؤه مقدَّم، وهو قوله:"تغتسل وتصلي" وهو رأي كوفي، والمعنى على قولهم:"إذا صلّت": أي: أرادت الصلاة، تغتسل وتصلي.
وقوله: "الصلاة أعظم" أي: من الجِماع.
وهذا بحث من البخاري، أراد بيان الملازمة، أي: إذا جازت الصلاة، فجواز الوطء أولى؛ لأن أمر الصلاة أعظم من أمر الجماع، ولذا عقَّبه بحديث عائشة المختصر من قصة بنت أبي حُبيش، المصرِّح بأمر المستحاضة بالصّلاة.
وأشار البخاريُّ بما ذكر إلى الردِّ على مَن مَنَعَ وطء المُستحاضة، وقد نقله ابن المُنذر عن إبراهيم النَخَعي، والحكم، والزُّهري، وغيرهم. وما استدل به على الجواز ظاهر فيه.
وذكر بعض الشراح أن قوله: "الصلاة أعظم" من بقية كلام ابن عباس، وعزاه إلى تخريج ابن أبي شَيْبة، وليس هو فيه، نعم: روى عبد الرزاق والدارمي عن سالم الأَفْطَس أنه سأل سعيد بن جُبير عن المُستحاضة: أتُجامع؟ قال: الصلاة أعظم من الجماع.
وابن عباس مرَّ في الخامس من بدء الوحي.