الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الحديث الرابع والثلاثون
حَدَّثَنَا مُعَلَّى بْنُ أَسَدٍ قَالَ: حَدَّثَنَا وُهَيْبٌ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ طَاوُسٍ عَنْ أَبِيهِ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: رُخِّصَ لِلْحَائِضِ أَنْ تَنْفِرَ إِذَا حَاضَتْ. وَكَانَ ابْنُ عُمَرَ يَقُولُ فِي أَوَّلِ أَمْرِهِ إِنَّهَا لَا تَنْفِرُ. ثُمَّ سَمِعْتُهُ يَقُولُ: تَنْفِرُ إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم رَخَّصَ لَهُنَّ.
قوله: "رُخِّص للحائض" بالبناء للمفعول.
وقوله: "أن تَنْفِرَ" بفتح أوله وكسر ثالثه، وقد يُضم، أي: رُخِّص لها في النفور، وهو الرجوع من مكة إلى وطنها.
وقوله: "إذا حاضَتْ" أي: من غير أن تطوف للوداع.
وقوله: "وكان ابن عُمر يقول: هذا مقول طاووس لا ابن عبّاس، وكذا قوله: "ثم سمعته يقول"، فقد صرَّح بذلك في الحج، فقال: "قال: وسمعت ابنَ عمر يقول
…
إلخ" رادًا القولَ لطاووس.
وكان ابن عمر يُفتي بأنها يجِبُ عليها أن تتأخّر حتى تطهُر من أجل طواف الوداع، ثم بلغته الرُّخصة عن النبي صلى الله عليه وسلم لهنَّ في تركه، فصار إليه، أو كان نسي ذلك، فتذكره. وإنما جمع في قوله:"لهن"، وإن كان المراد الحائض، نظرًا للجنس.
والظاهر أنه بلغه لا أنه تذكر لما رواه الطحاوي عن طاووس أنه سمع ابن عُمر يُسْأَل عن النساء إذا حِضْن قبل النَّفْر، وقد أَفَضْنَ يوم النَّحر. فقال: إن عائشة كانت تذكرُ عن رسول الله صلى الله عليه وسلم رُخصة لهنَّ، وذلك قبل موت ابن عُمر بسنة.
وكذلك أخرج النسائي عن طاووس أن ابن عمر كان يقول قريبًا من سنتين: إن الحائض لا تنفِرُ حتى يكون آخر عهدِها بالبيت ثم قال بعدُ: إنّه رُخِّص للنساء.
وروى ابن أبي شَيبة أن ابن عُمر كان يُقيم على الحائض سبعة أيام حتى تطوف طواف الوداع، قال الشافعي: كان ابن عُمر سمع الأمر بالوداع، ولم يسمع الرخصة أولًا، ثم بلغته الرخصة، فعمل بها.
وما رُوي عن ابن عمر من وقوله أولًا بوجوب التأخير لطواف الوداع، ورجوعه عن ذلك، رُوي عن زيد بن ثابت.
قال ابن المنذر: عامة الفقهاء بالأمصار ليس على الحائض التي قد أفاضت طواف وداع، ورَوَيْنا عن عمر بن الخطاب، وابن عُمر، وزيد بن ثابت، أنهم أمروها بالمُقام إذا كانت حائضًا لطواف الوداع، وكأنهم أوجبوه عليها كما يجب عليها طواف الإفاضة، إذ لو حاضت قبله لم يسقُط. قال: وقد ثبتَ رجوع ابن عمر وزيد بن ثابت عن ذلك، وبقي عمر، فخالفناه، لثبوت حديث عائشة وأم سُلَيم وغيرهما بخلافه.
وأُسْند عن عمر بإسناد صحيح، عن ابن عمر قال: طافت امرأةٌ بالبيتِ يوم النَحَّر، ثم حاضت، فأمر عُمر بحبسِها بمكة بعد أن ينفِرَ الناس، حتى تطهُر وتطوف بالبيت.
وروى ابن أبي شَيبة عن القاسم بن محمد: كان الصحابة يقولون: إذا أفاضت المرأة قبل أن تحيضَ فقد فَرَغَت إلا عمر، فإنه كان يقول: يكون آخر عهدها بالبيت.
وقد روى أحمد، وأبو داود والنسّائي، والطحاوي عن الحارث بن عبداللُه بن أَوْس الثقفي، قال: أتيتُ عُمر، فسألته عن المرأة تطوف بالبيت يوم النحر، ثم تحيض، قال: ليكن آخر عهدها بالبيت. قال الحارث: فكذلك أفتاني. وفي رواية أبي داود: هكذا حدثني رسول الله صلى الله عليه وسلم.