الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الحديث السابع عشر
حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ قَالَ حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ عَنْ أَيُّوبَ عَنْ مُحَمَّدٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَامَ رَجُلٌ إِلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فَسَأَلَهُ عَنِ الصَّلَاةِ فِي الثَّوْبِ الْوَاحِدِ فَقَالَ: "أَوَكُلُّكُمْ يَجِدُ ثَوْبَيْنِ؟ ". ثُمَّ سَأَلَ رَجُلٌ عُمَرَ فَقَالَ: إِذَا وَسَّعَ اللَّهُ فَأَوْسِعُوا، جَمَعَ رَجُلٌ عَلَيْهِ ثِيَابَهُ، صَلَّى رَجُلٌ فِي إِزَارٍ وَرِدَاءٍ، فِي إِزَارٍ وَقَمِيصٍ، فِي إِزَارٍ وَقَبَاءٍ، فِي سَرَاوِيلَ وَرِدَاءٍ، فِي سَرَاوِيلَ وَقَمِيصٍ، فِي سَرَاوِيلَ وَقَبَاءٍ، فِي تُبَّانٍ وَقَبَاءٍ، فِي تُبَّانٍ وَقَمِيصٍ قَالَ وَأَحْسِبُهُ قَالَ فِي تُبَّانٍ وَرِدَاءٍ.
قوله: قام رجل، تقدّم أنه لم يسمّ، وأنه قيل: انه ثوبان، ومرَّ هناك محل تعريف ثوبان، فقال: أوكلكم يجد ثوبين، بهمزة الاستفهام الإنكاريّ الإبطاليّ وواو العطف. والمعنى ليس كلكم يجد ثوبين. فلذا تصح الصلاة في الثوب الواحد، وأصل الكلام: وأَكلكم، لكن قدم الاستفهام لأن له صدر الكلام، والواو عاطفة على محذوف دل عليه المعطوف، ولا تقديم ولا تأخير. وقد مرَّ تحرير هذا في بدء الوحي عند قوله "أو مخرجي هم" وقوله: ثم سأل رجل عمر، أي عن ذلك، ولم بسم، ويحتمل أن يكون ابن مسعود أو أُبيّ بن كعب، لأنهما اختلفا في ذلك، فقال أُبيّ: الصلاة في الثوب الواحد لا تكره، وقال ابن مسعود: إنما كان ذلك وفي الثياب قلة، فقام عمر على المنبر فقال: القول ما قال أُبيّ، ولم يألُ ابن مسعود، أي لم يقصّر. أخرجه عبد الرزاق.
وقوله: إذا وسّع الله فأوسعوا فيه، دليل على الثوب الواحد كافٍ، وأن الزيادة ستحسان، وقوله: جمع رجل عليه ثيابه صلى رجل، هو بقية قول عمر، وأورده بصيغة الخبر، ومراده: الأمر، أي ليجمع وليصل على حد قولهم: اتقى الله امرؤ فعل خيرًا ثبت عليه. أي: ليتق الله وليفعل. وقال ابن المنير: الصحيح أنه كلام
فى معنى الشرط، كأنّه قال: ان جمع رجل عليه ثيابه فحسن، ثم فصل الجمع بصور على معنى البدلية، فقال: صلى رجل فى ازار ورداء إلخ، ومجموع ما ذكر عمر من الملابس ستة، ثلاثة للوسط وثلاثة لغيره. وقدم ملابس الوسط لأنها محل ستر العورة وقدم أسترها أو أكثرها استعمالًا لهم، وضم إلى كل واحد واحدًا، فخرج من ذلك تسع صور، من ضرب ثلاثة الوسط فى ثلاثة غيره، ولم يقصد الحصر في ذلك، بل يلحق به ما يقوم مقامه.
وقوله: قال: وأحسبه، قال ذلك أبو هريرة، والضمير في أحسبه راجع إلى عمر، وإنما لم يحصل الجزم بذلك لإمكان أنَّ عمر أهل ذلك، لأن التّبّان لا يستر العورة كلها، بناء على أن الفخذ من العورة فالستر به حاصل مع القباء ومع القميص، وأما مع الرداء فقد لا يحصل، ورأى أبو هريرة أن انحصار القسمة يقتضي ذكر هذه الصورة وأن الستر قد يحصل بها إذا كان الرداء سابقًا. وقال ابن مالك: تضمن هذا الحديث فائدتين: إحداهما ورود الفعل الماضي بمعنى الأمر، وهو قوله: جمع وصلى
…
الخ ما مرَّ، والثانية حذف حرف العطف، فإن الأصل "صلى رجل فى إزار ورداء" وفي "إزار وقميص" ومثله قوله صلى الله عليه وسلم "تصدق رجل من ديناره من درهمه من صاع تمره" وعورض هذا بأنه لا يتعين أن يكون المحذوف حرف العطف، بل يحتمل أن يكون المحذوف فعلًا، أي صلى فى إزار وقميص، صلى فى إزار ورداء، وكذا الباقي، والحمل على هذا أَوْلى لثبوته إجماعًا، وحذف حرف العطف قيل: بابه الشعر فقط، وعند بعض وقوعه في الشعر مختلف فيه.
وقد روى ابن حبان حديث الباب عن إسماعيل بن علية عن أيوب، فأدرج الموقوف في المرفوع، ولم يذكر عمر. ورواية حماد بن زيد، هذه المفصَّلة، أصح. ووافقه عليها حماد بن سلمة، فرواه عن أيوب وهشام وحبيب عن ابن سيرين، كما أخرجه ابن حبّان أيضًا، وأخرج مسلم حديث ابن علية، فاقتصر على المتفق على رفعه، وحذف الباقى، وذلك من حسن تصرفه. وفي الحديث دلالة على أن الصلاة في الثوبين أفضل من الثوب الواحد، وصرح القاضي