الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وقوله: "فلْيُتِمَّ حجَّه" أي: سواء كان معه هدي أم لا.
وقوله: "حتى كان يومُ عرفة" برفع يوم؛ لأن كان تامة.
وقوله: "ولم أُهْلِل" بضم الهمزة وكسر اللام الأولى، وهذا الحديث قد مرّت مباحثه في البابين اللذين قبله بباب.
رجاله ستة:
الأول: يحيى بن بُكَيْر، والثاني: الليث بن سعد، والثالث: عقيل بن خالد، والرابع: ابن شِهاب الزُّهري، وقد مرَّ الجميع في الثالث من بدء الوحي. ومرَّ عُروة بن الزُّبير وعائشة في الثاني منه.
لطائف إسناده:
فيه التحديث بصيغة الجمع في موضعين، والعنعنة في أربعة مواضع، ورواته ما بين بصري وأَيْلِي، ومدني.
أخرجه البخاري هنا، وفي الحج بزيادة. ومسلم في المناسك.
باب: إقبال المحيض وإدباره
اتفق العلماء على أن إقبال المحيض يُعوف بالدفعة من الدم في وقت إمكان الحيض، واختلفوا في إدباره، فقيل: يُعرف بالجُفوف، وهو أن يخرُجَ ما يُحتشى به جافًّا من أنواع الدم لا من البلل؛ لأن المحل لا يخلو غالبًا من بلل. وقيل: بالقَصَّة البيضاء، وإليه ميل المصنف كما سيظهر.
وَكُنَّ نِسَاءٌ يَبْعَثْنَ إِلَى عَائِشَةَ بِالدُّرْجَةِ فِيهَا الْكُرْسُفُ فِيهِ الصُّفْرَةُ فَتَقُولُ: لَا تَعْجَلْنَ حَتَّى تَرَيْنَ الْقَصَّةَ الْبَيْضَاءَ. تُرِيدُ بِذَلِكَ الطُّهْرَ مِنَ الْحَيْضَةِ.
قوله: "وكنَّ نساءٌ" هو بصيغة جمع المؤنث، ونساءٌ بالرفع بدلٌ من الضمير على لغة: أكلوني البراغيث. والتنوين في نساء للتنويع، أي: كان ذلك من نوع
من النساء، لا من كلهن.
وقوله: "بالدِّرَجَة" هي بكسر أوله وفتح الراء والجيم، جمع دُرْج بالضم ثم السكون، وضبطه ابن عبد البر في "الموطأ" بضم ثم سكون، قائلًا: إنه تأنيث دُرْج، والمراد به ما تحتشي به المرأة من قطنة أو غيرها، لتعرِفَ هل بقي من أثر الحيض شيء أم لا. وضبطها الباجي بفتح الأوَّلَيْن، ونوزع فيه. وقيل في تفسيرها: انها وعاء أو خِرقة، وهذا التفسير هو المناسب لما بعده.
وقوله: "فيها الكُرْسُف" أي: بضم الكاف والسين المهملة بينهما راء ساكنة، وهو القطن، أي: في الدِّرَجَة القطن، ولأجل هذا المعنى اخترنا أن معناها الوعاء أو الخرقة.
وقوله: "فيه الصُّفْرة" أي: في القطن الصُّفرة، زاد مالك:"من دم الحيضة".
وقوله: "فتقول" أي: عائشة.
وقوله: "لا تَعْجَلْنَ حتى تَرَيْنَ" أي: بسكون اللام والمثناة التحتية.
وقوله: "القَصَّة البيضاء" أي: بفتح القاف وتشديد المهملة، ماء أبيض يكون آخر الحيض، يدفعه الرحم عند إنقطاعه، شبيهًا بالجِصّ، وهو النَّوْرَة، ومنه: قَصَّصَ دارَه، أي: جصَّصها.
قال مالك: سألت النساء عنه، فإذا هو أمر معلومٌ عندهُنَّ، يعرِفْنَه عند الطُّهر.
وقال الهَرَوي: معناه أن يخرُج ما تحتشي به الحائض نقيًّا كالقَصَّة، كأنه ذهب إلى الجفوف.
قال القاضي عياض: وبينهما عند النساء وأهل المعرفة فرقٌ بيِّن، وإنما كانت القَصّة أبلغ؛ لأن الجفوف عدم، والقَصَّة وجود، والوجود أبلغ دِلالة، وكيف لا والرحم قد يجِفُّ في أثناء الحيض، وقد تنظُف الحائض، فيجِفُّ
رحمَها ساعة، فلا يدُلُّ ذلك على انقطاع الحيض، بخلاف القَصَّة، فإنها لا توجد إلا عند انقطاعه، فهي علامة لانتهاء الحيض، ويتبيَّن بها ابتداء الطُّهر.
وإنما اختير القُطنُ للاختبار لبياضه، ولأنه يُنَشِّفُ الرطوبة، فيظهر فيه من آثار الدم ما لم يظهر في غيره.
وفي الحديث دِلالة على أن الصُّفْرة والكُدرة في أيام الحيض حيض، وأما في غيرها فسيأتي الكلام على ذلك في باب مفردٍ إن شاء الله تعالى.
وهذا الأثر رواه مالك في "الموطأ"، فقال: عن علقمة بن أبي عَلْقَمة، عن أمه مَرْجانة مولاة عائشة، أنها قالت: كان النساء
…
إلخ.
ومرّت عائشة في الثاني من بدء الوحي.
وَبَلَغَ ابْنَةَ زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ أَنَّ نِسَاءً يَدْعُونَ بِالْمَصَابِيحِ مِنْ جَوْفِ اللَّيْلِ يَنْظُرْنَ إِلَى الطُّهْرِ فَقَالَتْ: مَا كَانَ النِّسَاءُ يَصْنَعْنَ هَذَا. وَعَابَتْ عَلَيْهِنَّ.
قوله: "يدعونَ" أي: يطلُبْنَ، وفي رواية الكُشميهني:"يدعين" وقال في "القاموس": دَعَيْتُ لغة في دَعَوْت، وقد مرّ الكلام على "يدعون" في أثر أم عطية في باب: تقضي الحائض المناسك كلها.
وقوله: "إلى الطهر" أي: إلى ما يدُلُّ على الطهر.
وقولها: "ما كان النساء" اللام في النساء للعهد، أي: نساء الصحابة.
وقوله: "وعابت عليهن ذلك"، إنما عابته عليهن لأن ذلك يقتضي الحَرَج والتنطُّع، وهو مذموم. أو لكون ذلك كان في غير وقت الصلاة، وهو جَوْف الليل، وفيه نظر؛ لأنه وقت العشاء. ويُحتمل أن يكون العيب لأن الليل لا يُتَبَيَّن به البياض الخالص من غيره، فيحسَبْنَ أنهنَّ طَهُرْنَ، وليس كذلك، فيُصلّين قبل الطُّهر.
وهذا الأثر أخرجه مالك في "الموطأ" عن عبد الله بن أبي بكر، عن عمته، عن ابنة زيد بن ثابت، أنه بَلَغَنا. فذكره، فوقع في "الموطأ" مُبْهمًا.
ولزيد بن ثابت من البنات: حَسْنَة، وعَمْرة، وأُم كلثوم، وأُم محمد، وقُرَيْبَة، وأُم سعد.
وزعم بعض الشُّرّاح أنها أُم سعد، قال: لأن ابن عبد البر ذكرها في الصحابة. وليس في ذلك دليل؛ لأنه لم يقُل: إنها صاحبة هذه القصة.
وزعم بعضهم أنها أُم كُلثوم، قائلًا: لم أر رواية لواحدة منهن إلا لأُم كلثوم وكانت زوجًا لسالم بن عبد الله بن عمر.
وأما أُم سعد فقد أخرج ابن مَنْده نسخة تشتمل على عدة أحاديث لها: منها أنها قالت: "كان رسولُ الله صلى الله عليه وسلم يأمُرُ بدفنِ الدَّمِ إذا احتَجَمَ.
ومنها: "دخلت على رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو في بيت عائشة، وهو يتأوّه، يشتكي بطنه، ويقول: وابَطْناه".
ومنها "قلت: يا رسول الله: هل من شيء إلا يَحِلُّ بيعُه؟ قال: لا يَحِلُّ بيع الماء".
ومنها: "كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا سافر لا تفارِقُه مرآة ولا مِكْحَلة، يكونان معه".
ومنها: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "الوضوء مُدٌّ والغُسل صاعٌ، وسيأتي أقوام من بعدي يستَقِلُّون ذلك، أولئك خلاف أهل سُنّتي، والآخذ بسنتي معي، وهو في حظير القُدُس، وهو سيرة أهل الجنة".
وفي سند هذه الأحاديث عَنْبَسَة بن عبد الرحمن، وهو من المتروكين.