الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الحديث الخامس والأربعون
حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ قَالَ: حَدَّثَنَا يَحْيَى عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ قَالَ: أَخْبَرَنِي أَبِي قَالَ: أَخْبَرَنِي أَبُو أَيُّوبَ قَالَ أَخْبَرَنِي أُبَيُّ بْنُ كَعْبٍ أَنَّهُ قَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ! إِذَا جَامَعَ الرَّجُلُ الْمَرْأَةَ فَلَمْ يُنْزِلْ. قَالَ: "يَغْسِلُ مَا مَسَّ الْمَرْأَةَ مِنْهُ، ثُمَّ يَتَوَضَّأُ وَيُصَلِّى". قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ: الْغَسْلُ أَحْوَطُ، وَذَاكَ الأخِيرُ، إِنَّمَا بَيَّنَّا لاخْتِلَافِهِمْ.
قوله: "ما مس المرأة منه" أي: يغسل الرجل العضو الذي مسَّ فرج المرأة من أعضائه، وهو من إطلاق الملزوم وإرادة اللازم؛ لأن المراد رطوبة فرجها، ففي "مسَّ" ضمير، وهو فاعله، يعود إلى كلمة:"ما"، وموضعها نصب مفعولًا ليغسل.
وقوله: "ثم يتوضأ" صريح في تأخير الوضوء عن غَسْل الذكر، زاد عبد الرزاق عن هشام:"وضوءَه للصلاة". وقوله: "ويصلي" هو أصرح في الدلالة على ترك الغسل من الحديث الذي قبله.
وقوله: "قال أبو عبد الله" هو المصنف، وقائل ذلك هو الراوي عنه.
وقوله: "الغُسل أحوط" بضم الغين، أي: الاغتسال من الإِيلاج وإن لم يُنزل أحوط، أي: أكثر احتياطًا في أمر الدين من الاكتفاء بغسل الفرج والوضوء المذكور في الحديث السابق، وفتوى من ذكر من الصحابة على تقدير أن لا يثبت الناسخ ولا يظهر الترجيح.
وقوله: "وذلك الأخير" بالمثناة من غير مد، ولغير أبي ذر:"الآخِر" بالمد وكسر الخاء من غير ياء، أي: آخر الأمرين من فعل الشارع، أو من اجتهاد
الأئمة، وهو يشير إلى أن حديث الباب منسوخ، وضبطه الدَّماميني وابن التين:"الآخَر" بفتح الخاء، أي: ذلك الوجه الآخر، أو الحديث الآخر الدال على عدم وجوب الغسل.
وقوله: "إنما بيّنّا لاختلافهم" وفي رواية كريمة: "إنَّما بيَّنّا اختلافَهم"، وللأصيلي:"إنما بيّناه لاختلافهم"، وفي نسخة الضغَاني:"إنما بيَّنّا الحديث الآخر لاختلافهم، والماء أنقى". واللام تعليلية، أي: حتى لا يُظَنَّ أن في ذلك إجماعًا، ولابن عساكر:"وإنما بالواو"، والأليق حذفها، وهو يناسب رواية فتح خاء "الآخَر".
واستشكل ابن العربي كلام البخاري، فقال: إيجاب الغُسل أطبق عليه الصحابة ومَن بعدهم، وما خالف فيه إلا داود، ولا عبرة بخلافه، وإنما الأمر الصعب مخالفة البخاري، وحكمه بأن الغسل مستحب، وهو أحد أئمة الدين وأجلة علماء المسلمين.
وتُعقِّب هذا بأن كلام البخاري إنما يكون مَيْلًا منه لمذهب داود إذا فُتِحت خاء "الآخر"، أما بالكسر، فيكون جزمًا منه بالنسخ كما مرَّ تقديره، وأما نفيه للخلاف فمعتَرَضٌ بأن الخلاف مشهور بين الصحابة، ثبت عن جماعة منهم، لكن ادّعى ابن القصّار أن الخلاف ارتفع بين التابعين.
واعْتُرِض أيضًا، فقد قال الخطابي: إنه قال به من التابعين الأعمش، وتبِعَه عِياض، لكنه قال: لم يقل به أحد بعد الصحابة غيره.
وهو مُعْتَرَض أيضًا، فقد ثبت ذلك عن أبي سلمة بن عبد الرحمن، رواه أبو داود في "سننه" بسند صحيح، وعن هشام بن عروة عند عبد الرزاق بإسناد صحيح، ونقل عبد الرزاق عن عطاء أنه قال: لا تطيب نفسي إذا لم أنزل حتى أغتسل من أجل اختلاف الناس، لأخذنا بالعروة الوثقى.
وقال الشافعي: حديث الماء من الماء ثابت، لكنه منسوخ، إلى أن قال: