المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌باب إذا حاضت في شهر ثلاث حيض وما يصدق النساء في الحيض والحمل فيما يمكن من الحيض لقول الله تعالى: {ولا يحل لهن أن يكتمن ما خلق الله في أرحامهن} - كوثر المعاني الدراري في كشف خبايا صحيح البخاري - جـ ٦

[محمد الخضر الشنقيطي]

فهرس الكتاب

- ‌الحديث الثامن والثلاثون

- ‌رجاله ستة:

- ‌لطائف إسناده:

- ‌الحديث التاسع والثلاثون

- ‌رجاله خمسة:

- ‌باب الجنب يتوضأ ثم ينام

- ‌الحديث الأربعون

- ‌رجاله ستة:

- ‌لطائف إسناده:

- ‌الحديث الحادي والأربعون

- ‌رجاله أربعة:

- ‌الحديث الثاني والأربعون

- ‌رجاله خمسة

- ‌باب إذا التقى الختانان

- ‌الحديث الثالث والأربعون

- ‌رجاله سبعة:

- ‌لطائف إسناده:

- ‌باب غسل ما يصيب من رطوبة فرج المرأة

- ‌الحديث الرابع والأربعون

- ‌رجاله أربعة عشر

- ‌لطائف إسناده:

- ‌الحديث الخامس والأربعون

- ‌رجاله ستة:

- ‌لطائف إسناده:

- ‌خاتمة

- ‌كتاب الحيض

- ‌باب كيف كان بَدْءُ الحيض

- ‌باب الأمر بالنفساء إذا نفسن

- ‌الحديث الأول

- ‌رجاله خمسة:

- ‌لطائف إسناده:

- ‌باب غسل الحائض رأس زوجها وترجيله

- ‌الحديث الثاني

- ‌رجاله خمسة:

- ‌لطائف إسناده:

- ‌الحديث الثالث

- ‌رجاله ستة:

- ‌لطائف إسناده:

- ‌باب قراءة القرآن في حجر امرأته وهي حائض

- ‌الحديث الرابع

- ‌رجاله خمسة:

- ‌باب من سمى النفاس حيضًا

- ‌الحديث الخامس

- ‌رجاله خمسة:

- ‌لطائف إسناده:

- ‌باب مباشرة الحائض

- ‌الحديث السادس

- ‌رجاله ستة:

- ‌لطائف إسناده:

- ‌الحديث السابع

- ‌رجاله ستة:

- ‌لطائف إسناده:

- ‌الحديث الثامن

- ‌رجاله خمسة:

- ‌لطائف إسناده:

- ‌باب ترك الحائض الصوم

- ‌الحديث التاسع

- ‌رجاله خمسة:

- ‌لطائف إسناده:

- ‌باب تقضي الحائض المناسك كلها إلا الطواف بالبيت

- ‌الحديث العاشر

- ‌رجاله خمسة:

- ‌باب الاستحاضة

- ‌الحديث الحادي عشر

- ‌رجاله خمسة:

- ‌لطائف إسناده:

- ‌باب غسل دم المحيض

- ‌الحديث الثاني عشر

- ‌رجاله خمسة:

- ‌الحديث الثالث عشر

- ‌رجاله ستة:

- ‌لطائف إسناده:

- ‌باب الاعتكاف للمستحاضة

- ‌الحديث الرابع عشر

- ‌رجاله خمسة:

- ‌لطائف إسناده:

- ‌الحديث الخامس عشر

- ‌رجاله خمسة:

- ‌الحديث السادس عشر

- ‌رجاله خمسة:

- ‌باب هل تصلي المرأة في ثوب حاضت فيه

- ‌الحديث السابع عشر

- ‌رجاله خمسة:

- ‌لطائف إسناده:

- ‌باب الطيب للمرأة عند غسلها من المحيض

- ‌الحديث الثامن عشر

- ‌رجاله خمسة:

- ‌لطائف إسناده:

- ‌باب دلك المرأة نفسها إذا تطهرت من المحيض وكيف تغتسل وتأخذ فِرْصَةً مُمَسَّكة فَتَتَبَّع بها أثر الدم

- ‌الحديث التاسع عشر

- ‌رجاله خمسة:

- ‌لطائف إسناده:

- ‌باب غسل المحيض

- ‌الحديث العشرون

- ‌رجاله خمسة:

- ‌باب امتشاط المرأة عند غسلها من المحيض

- ‌الحديث الحادي والعشرون

- ‌رجاله خمسة:

- ‌لطائف إسناده:

- ‌باب نقض المرأة شعرها عند غسل المحيض

- ‌الحديث الثاني والعشرون

- ‌رجاله خمسة:

- ‌لطائف إسناده:

- ‌باب مخلقة وغير مخلقة

- ‌الحديث الثالث والعشرون

- ‌رجاله أربعة:

- ‌لطائف إسناده:

- ‌باب كيف تهل الحائض بالحج والعمرة

- ‌الحديث الرابع والعشرون

- ‌رجاله ستة:

- ‌لطائف إسناده:

- ‌باب: إقبال المحيض وإدباره

- ‌الحديث الخامس والعشرون

- ‌رجاله خمسة:

- ‌باب: لا تقضي الحائض الصلاة

- ‌الحديث السادس والعشرون

- ‌رجاله خمسة:

- ‌لطائف إسناده:

- ‌باب: النوم مع الحائض وهي في ثيابها

- ‌الحديث السابع والعشرون

- ‌رجاله ستة:

- ‌باب: من اتخذ ثياب الحيض سوى ثياب الطهر

- ‌الحديث الثامن والعشرون

- ‌رجاله ستة:

- ‌باب شهود الحائض العيدين ودعوة المسلمين ويعتزلن المصلى

- ‌الحديث التاسع والعشرون

- ‌رجاله ثمانية:

- ‌لطائف إسناده:

- ‌باب إذا حاضتْ في شهر ثلاث حِيض وما يُصَدَّقُ النساء في الحيض والحمل فيما يُمكن من الحيض لقول الله تعالى: {وَلَا يَحِلُّ لَهُنَّ أَنْ يَكْتُمْنَ مَا خَلَقَ اللَّهُ فِي أَرْحَامِهِنَّ}

- ‌الحديث الثلاثون

- ‌رجاله خمسة

- ‌لطائف إسناده:

- ‌باب الصفرة والكدرة في غير أيام الحيض

- ‌الحديث الحادي والثلاثون

- ‌رجاله خمسة:

- ‌لطائف إسناده:

- ‌باب عِرق الاستحاضة

- ‌الحديث الثاني والثلاثون

- ‌رجاله سبعة:

- ‌لطائف إسناده:

- ‌باب المرأة تحيض بعد الإِفاضة

- ‌الحديث الثالث والثلاثون

- ‌رجاله ستة:

- ‌لطائف إسناده:

- ‌الحديث الرابع والثلاثون

- ‌رجاله ستة:

- ‌باب إذا رأت المستحاضة الطهر

- ‌الحديث الخامس والثلاثون

- ‌رجاله خمسة:

- ‌باب الصلاة على النفساء وسنتها

- ‌الحديث السادس والثلاثون

- ‌رجاله ستة:

- ‌لطائف إسناده:

- ‌باب

- ‌الحديث السابع والثلاثون

- ‌رجاله ستة:

- ‌لطائف إسناده:

- ‌خاتمة

- ‌كتاب التيمم

- ‌باب التيمم

- ‌الحديث الأول

- ‌رجاله خمسة:

- ‌لطائف إسناده:

- ‌الحديث الثاني

- ‌رجاله ستة:

- ‌لطائف إسناده:

- ‌باب إذا لم يجد ماء ولا ترابًا

- ‌الحديث الثالث

- ‌رجاله خمسة:

- ‌لطائف إسناده:

- ‌باب التيمم في الحضر إذا لم يجد الماء وخاف فوت الصلاة

- ‌الحديث الرابع

- ‌رجاله سبعة

- ‌لطائف إسناده:

- ‌باب المتيمم هل ينفخ فيهما

- ‌الحديث الخامس

- ‌رجاله ثمانية:

- ‌لطائف إسناده:

- ‌باب التيمم للوجه والكفين

- ‌الحديث السادس

- ‌رجاله سبعة:

- ‌‌‌لطائف إسناده:

- ‌لطائف إسناده:

- ‌رجاله ستة:

- ‌الحديث السابع

- ‌رجاله ثمانية:

- ‌الحديث الثامن

- ‌رجاله ثمانية:

- ‌الحديث التاسع

- ‌رجاله ثمانية:

- ‌الحديث العاشر

- ‌رجاله ثمانية:

- ‌باب الصعيد الطيب وضوء المسلم يكفيه عن الماء

- ‌الحديث الحادي عشر

- ‌رجاله خمسة:

- ‌لطائف إسناده:

- ‌باب إذا خاف الجنب على نفسه المرض أو الموت أو خاف العطش تيمم

- ‌الحديث الثاني عشر

- ‌رجاله سبعة:

- ‌لطائف إسناده:

- ‌الحديث الثالث عشر

- ‌رجاله سبعة:

- ‌باب التيمم ضربة

- ‌الحديث الرابع عشر

- ‌رجاله ستة

- ‌رجاله خمسة:

- ‌الحديث الخامس عشر

- ‌رجاله خمسة:

- ‌لطائف إسناده:

- ‌خاتمة

- ‌كتاب الصلاة

- ‌باب كيف فرضت الصلاة في الإسراء

- ‌الحديث الأول

- ‌رجاله ستة:

- ‌لطائف إسناده:

- ‌رجاله أربعة:

- ‌الحديث الثاني

- ‌رجاله خمسة:

- ‌لطائف إسناده:

- ‌باب وجوب الصلاة في الثياب

- ‌الحديث الثالث

- ‌رجاله أربعة:

- ‌لطائف إسناده:

- ‌رجاله أربعة:

- ‌باب عقد الأُزر على القفا في الصلاة

- ‌الحديث الرابع

- ‌رجاله خمسة:

- ‌لطائف إسناده:

- ‌الحديث الخامس

- ‌رجاله أربعة:

- ‌لطائف إسناده:

- ‌باب الصلاة في الثوب الواحد ملتحفًا به

- ‌الحديث السادس

- ‌رجاله أربعة:

- ‌لطائف إسناده:

- ‌الحديث السابع

- ‌رجاله خمسة

- ‌الحديث الثامن

- ‌رجاله خمسة:

- ‌الحديث التاسع

- ‌رجاله خمسة:

- ‌لطائف إسناده:

- ‌الحديث العاشر

- ‌رجاله خمسة:

- ‌لطائف إسناده:

- ‌باب إذا صلى في الثوب الواحد فليجعل على عاتقيه

- ‌الحديث الحادي عشر

- ‌رجاله خمسة:

- ‌لطائف إسناده:

- ‌الحديث الثاني عشر

- ‌رجاله خمسة:

- ‌لطائف إسناده:

- ‌باب إذا كان الثوب ضيقًا أي كيف يفعل المصلي

- ‌الحديث الثالث عشر

- ‌رجاله أربعة:

- ‌لطائف اسناده:

- ‌الحديث الرابع عشر

- ‌رجاله خمسة:

- ‌باب الصلاة في الجبة الشامية

- ‌الحديث الخامس عشر

- ‌رجاله ستة:

- ‌لطائف إسناده:

- ‌باب كراهية التعري في الصلاة

- ‌الحديث السادس عشر

- ‌رجاله خمسة:

- ‌لطائف إسناده:

- ‌باب الصلاة في القميص والسراويل والتبان والقباء

- ‌الحديث السابع عشر

- ‌رجاله خمسة:

- ‌الحديث الثامن عشر

- ‌رجاله خمسة:

- ‌باب ما يستر من العورة

- ‌الحديث التاسع عشر

- ‌رجاله خمسة:

- ‌لطائف إسناده:

- ‌الحديث العشرون

- ‌رجاله خمسة:

- ‌لطائف إسناده:

- ‌الحديث الحادي والعشرون

- ‌رجاله ستة:

- ‌لطائف إسناده:

- ‌باب الصلاة بغير رداء

- ‌الحديث الثاني والعشرون

- ‌رجاله أربعة:

- ‌باب ما يذكر في الفخد

- ‌الحديث الثالث والعشرون

- ‌رجاله أربعة:

- ‌لطائف إسناده:

- ‌باب في كم تصلي المرأة من الثياب

- ‌الحديث الرابع والعشرون

- ‌رجاله خمسة:

- ‌لطائف إسناده:

- ‌باب إذ صلى في ثوب له أعلام ونظر إلى علمها

- ‌الحديث الخامس والعشرون

- ‌رجاله خمسة:

- ‌لطائف إسناده:

- ‌باب إن صلّى في ثوب مصلَّب أو تصاوير، هل تفسد صلاته؟ وما ينهى من ذلك

- ‌الحديث السادس والعشرون

- ‌رجاله أربعة:

- ‌لطائف إسناده:

- ‌باب من صلى في فروج حرير ثم نزعه

- ‌الحديث السابع والعشرون

- ‌رجاله خمسة:

- ‌لطائف إسناده:

- ‌باب الصلاة في الثوب الأحمر

- ‌الحديث الثامن والعشرون

- ‌رجاله أربعة:

- ‌لطائف إسناده:

- ‌باب الصلاة في السطوح والمنبر والخشب

- ‌الحديث التاسع والعشرون

- ‌رجاله أربعة:

- ‌لطائف إسناده:

- ‌الحديث الثلاثون

- ‌رجاله أربعة:

- ‌لطائف إسناده:

- ‌باب إذا أصاب ثوب المصلّي امرأته إذا سجد

- ‌الحديث الحادي والثلاثون

- ‌رجاله خمسة:

- ‌لطائف إسناده:

- ‌باب الصلاة على الحصير

- ‌الحديث الثاني والثلاثون

- ‌رجاله أربعة:

- ‌لطائف إسناده:

- ‌باب الصلاة على الخمرة

- ‌الحديث الثالث والثلاثون

- ‌باب الصلاة على الفراش

- ‌الحديث الرابع والثلاثون

- ‌رجاله خمسة:

- ‌لطائف إسناده:

- ‌الحديث الخامس والثلاثون

- ‌رجاله ستة:

- ‌لطائف إسناده:

- ‌الحديث السادس والثلاثون

- ‌رجاله ستة:

- ‌لطائف إسناده:

- ‌باب السجود على الثوب في شدة الحر

- ‌الحديث السابع والثلاثون

- ‌رجاله خمسة:

- ‌لطائف إسناده:

- ‌باب الصلاة في النعال

- ‌الحديث الثامن والثلاثون

- ‌رجاله أربعة:

- ‌لطائف إسناده:

- ‌باب الصلاة في الخفاف

- ‌الحديثُ التاسع والثلاثون

- ‌رجاله ستة:

- ‌لطائف إسناده:

- ‌الحديث الأربعون

- ‌رجاله ستة:

- ‌لطائف إسناده:

- ‌باب إذا لم يتم السجود

- ‌الحديث الحادي والأربعون

- ‌رجاله خمسة:

- ‌لطائف إسناده:

- ‌باب يُبْدِي ضَبْعَيْهِ ويُجَافي في السجود

- ‌الحديث الثاني والأربعون

- ‌رجاله خمسة:

- ‌لطائف إسناده:

- ‌خَاتِمَة

الفصل: ‌باب إذا حاضت في شهر ثلاث حيض وما يصدق النساء في الحيض والحمل فيما يمكن من الحيض لقول الله تعالى: {ولا يحل لهن أن يكتمن ما خلق الله في أرحامهن}

العيدين عن عمرو الناقد، وأبو داود في الصلاة عن النَّفَيْلِيّ، والتِّرمذي أيضًا في الصلاة عن أحمد بن مَنيع، والنَّسائي فيها أيضًا عن أبي بكر بن علي، وابن ماجه فيها أيضًا عن محمد بن الصَّبّاح.

‌باب إذا حاضتْ في شهر ثلاث حِيض وما يُصَدَّقُ النساء في الحيض والحمل فيما يُمكن من الحيض لقول الله تعالى: {وَلَا يَحِلُّ لَهُنَّ أَنْ يَكْتُمْنَ مَا خَلَقَ اللَّهُ فِي أَرْحَامِهِنَّ}

قوله: "حِيَض" بكسر الحاء وفتح الياء جمع حَيْضة.

وقوله: "وما يُصَدَّق النساء" بضم أوله وتشديد الدال المفتوحة.

وقوله: "في الحيض والحمل" أي: مدة الحيض ومدة الحمل، ولابن عساكر:"والحَبَل" بالباء الموحدة المفتوحة.

وقوله: "وفيما يُمْكِنُ من الحيض" أي: من تكراره في الشهر والشهرين، والجار والمجرور متعلقان بيصدق، فما لا يُمكن لا يُصَدَّقُ فيه.

وقوله: "لقول الله تعالى: {وَلَا يَحِلُّ لَهُنَّ أَنْ يَكْتُمْنَ مَا خَلَقَ اللَّهُ فِي أَرْحَامِهِنَّ} "[البقرة: 228] يشير إلى تفسير الآية المذكورة.

فقد روى الطبري بإسناد صحيح عن الزهري قال: بَلَغنا أن المراد بما خلق الله في أرحامهن الحَيْض أو العمل، فلا يحلُّ لهُنَّ أن يكتمن ذلك لتنقضي العدة، ولا يملِكُ الزّوجُ الرَّجْعَةَ إذا كانت له.

وروي ذلك عن ابن عمر أيضًا، وعن مجاهد: لا تقول: إني حائض. وهي ليست بحائض. ولا: لست بحائض، وهي حائض. وكذا في الحَبَل.

ومطابقة الآية للترجمة من جهة أن الآية دالّة على أنها يجبُ عليها الإظهار، فلو لم تصدُق فيه لم تكُن له فائدة.

ويُذْكر عَنْ عليٍّ وشُرَيْحٍ إنْ جاءتْ بِبَيِّنَة منْ بِطانةِ أهلِهَا ممنْ يُرضَى دينُه

ص: 159

أنَّها حاضتْ في شَهرٍ ثَلاثًا صُدِّقَتْ.

قوله: "إن جاءت" في رواية كريمة: "إنِ امرأة جاءت" بكسر النون. وقوله: "بِطانة" بكسر الموحدة، أي: خواصِّها.

وقوله: "ممن يُرضى دينُه" أي: بأن يكون عدلًا.

وقوله: "أنها حاضت في شهرٍ" ولابن عساكر: "في كل شهرٍ"، قال إسماعيل القاضي: ليس المراد أن يشهَدَ النساء أن ذلك وقع، وإنما هو فيما نُرى أن يَشْهَدْنَ أن هذا يكون، وقد كان في نسائهن.

قال في "الفتح": وسياق اللفظ الآتي قريبًا للدارِمي يدفَعُ هذا التأويل، فإنه ظاهرٌ في أن المراد أن يَشْهَدْنَ بأن ذلك وقع منها، وإنما أراد إسماعيل ردَّ هذه القصة إلى موافقة مذهبه.

قلت مذهبهُ مذهب مالك، والمرأة عندهم تصدُق في انقضاء عدة القَرْءِ والوضع بلا يمين إن ادَّعت ما هو ممكن غير نادِر، وإن ادَّعت ما هو ممكن بالنُّدور كَدعواها أنها حاضت ثلاث حيض في شهر، سُئِل النساء: هل هذا يقع للنساء؟ فإن شَهِدْن أنه يقع لهن صدقت.

وتصوير حيضها في شهر ثلاثًا على مشهور مذهب مالك من أن أقلَّ الطُّهر نصفُ شهر، هو أن يطلِّقها أول ليلة من الشهر وهي طاهر، فتحيضُ في تلك الليلة، وتطْهُرُ قبلَ الفجر؛ لأنَّ الطُّهر الذي طلَّقها فيه يُعَدُّ من أقرائها، وإن لحظة، والحيضُ تكفي فيه قَطْرة واحدة، ثم تحيض الليلة السادسة عشرة، وتطُهرُ فيها، ثم تستمرُّ طاهرة، ثم يأتيها الحيض عقِبَ غروب آخر يوم من الشهر، فتنقضي عُدَّتها.

وإن ادَّعت ما لا يُمكن نادرًا لم تُصَدَّق.

وطريق علم الشاهد بذلك، مع أنه أمر باطني، القرائن والعَلامات، بل ذلك مما يشاهده النساء، فهو ظاهر بالنسبة لهن.

ص: 160

وهذا الأثر وصله الدارِميّ برجال ثقات، وإنما لم يَجْزِم البخاري به للتردُّد في سماع الشعبي من علي، والأثر فيه سماعه منه، ولم يقل: إنه سمعه من شُرَيْح فيكون موصولًا. ولفظ الدارمي: أخبرنا يَعْلى بن عُبيد، حدثنا إسماعيل بن أبي خالد، عن عامر -هو الشعبي- قال: جاءت امرأة إلى علي تُخاصم زوجها طلَّقها، وقالت: حِضْتُ في شهر ثلاثَ حِيَضٍ. فقال علي لشُرَيْح: اقضِ بينهما. فقال: يا أمير المؤمنين: وأنت ها هنا؟! قال: اقض بينهما. قال: ان جاءت من بِطانة أهلها ممَّن يُرضى دينه وأمانته، تزعُم أنها حاضت ثلاث حِيض، تطْهُرُ عند كل قَرْء وتُصَلّى، جاز لها، وإلا فلا. قال علي: قالون. وقالون بلسان الروم: أحسنت.

وعلي: المراد به ابن أبي طالب رضي الله عنه، وقد مرَّ في السابع والأربعين من كتاب العلم.

وأما شُرَيْح فه وابن الحارث بن قَيْس بن الجَهْم بن مُعاوية بن عامر بن الرائش بن الحارث بن معاوية بن ثَوْر بن مرتِّع -بتشديد المثناة من فوق وكسرها- الكِنْدي، وثور بن مرتِّع هو كِنْدة، وفي نسبه اختلاف كثير، وهذا الطريق أصحُّها، ويُكنى بأبي أمية، مختَلَفٌ في صحبته.

قال ابن منده: "ولاه عُمر القضاء وله أربعون سنة، وكان في زمن النبي صلى الله عليه وسلم، ولم يره ولم يسمع منه.

قال في "الإصابة": هذا هو المشهور، لكن روى ابن السَّكَن وغير واحد من طريق علي بن عبد الله بن مُعاوية بن مَيْسرة بن شُريح القاضي، حدثنا أبي، عن أبيه معاوية، عن أبيه مَيْسرة، عن أبيه شُرَيْح، قال: أتيتُ النبيَّ صلى الله عليه وسلم، فقلت: يا رسول الله: ان لي أهل بيتٍ ذوي عددٍ باليمن. قال: "جىء بهم"، فجاء بهم والنبيُّ قد قُبض.

وأخرج أبو نُعيم بهذا الإسناد إلى شُرَيْح قال: وَليت القضاء لعُمر وعُثمان وعلي فمَنْ بعدهَمْ.

ص: 161

أقامه قاضيًا خمسًا وسبعين سنة، لم يتعطَّل فيها إلا ثلاث سنين، امتنع فها من القضاء في فتنة ابن الزُّبير، واستعفى الحجاج بن يوسف من القضاء فأعفاه، ولم يقضِ بين اثنين حتى مات، وكان له يوم استعفى مئة وعشرون سنة، وعاش بعد ذلك سنة.

يقال: إنه تعلم العلم من معاذ بن جَبَل حين كان باليمن، كان أعلم الناس بالقضاء، ذا فِطْنة وذكاء ومعرفة وعَقْلٍ وإصابة.

قال أبو الشَّعثاء: أتانا زياد بشُرَيْح، فقضى فينا بالبصرة سنة، لم يقضِ فينا قبله مثله ولا بعده.

وقال العِجلي: كوفي تابعي ثقة. وقال ابن مَعين: شُرَيح بن هانىء وشُرَيْح بن أرطاة، وشريح القاضِ أقدم منهما، وهو ثقة.

قال ابن عبد البر: كان شاعرًا محسِنًا، وهو أحد السادات الطُّلْسِ، وهم أربعة: عبد الله بن الزُّبير، وقيس ابن سَعْد بن عُبادة، والأَحْنَف بن قَيس الذي يُضرب به المثل، والقاضي شُرَيْح المذكور، والأطلس الذي لا شعر في وجهه.

كان رضي الله عنه مزّاحًا، دخل عليه عديُّ بن أرطاة فقال له: أين أنت أصلحك الله؟ فقال بينك وبيني الحائط. قال. استمع مني. قال: قل أسمع. قال: إني رجلٌ من أهل الشام. قال: مكان سحيقٌ. قال: تزوجتُ عندَكم، قال: بالرَّفاء والبنين. قال: أردتُ أن أُرَحِّلَها. قال. الرجل أحقُّ بأهله. قال: وشرطتُ لها دارَها. قال: الشرط أملك. قال: فاحكمُ الآن بيننا. قال قد فعلت. قال: فعلى مَن حكمت؟ قال: على ابن أمِّك. قال: بشهادة مَن؟ قال: بشهادة ابن أُخت خالتك.

وروي أن علي بن أبي طالب رضي الله عنه دخل مع خَصْم له ذِميٍّ إلى القاضي شُرَيْح، فقام له فقال: هذا أول جَوْرك، ثم أسند ظهره إلى الجدار، وقال: إما إنَّ خَصْمي لو كان مسلمًا لجلستُ بجَنْبه. وروي أن عليًّا رضي الله تعالى عنه قال: اجمعوا إليَّ القُرَّاء. فاجتمعوا في رحبة المسجد، فقال: إني

ص: 162

أوشِك أن أُفارقَكم، فجعل يسألهم: ما تقولون في كذا؟ وشُريح ساكت، ثم سأله، فلما فَرَغَ منهم، قال: اذهب، فأنت من أقضى الناس، أو من أفضل العرب، وفي رواية: فأنت أقضى العرب.

وتزوج شُرَيْحُ امرأة من بني تميم تُسمّى زَيْنب، فنَقَم عليها، ثم ضربها، فندم، فقال:

رأيتُ رِجالًا يضِربونَ نِساءهُم

فشُلَّتْ يمينى حينَ أضرِبُ زيْنَبَا

أأضرِبُها مِن غيرِ ذَنْبٍ أتَتْ به

فما العدلُ مِنّي ضرب مَنْ ليسَ مذنبا

فزينبُ شمسٌ والنِّساء كواكِبُ

إذ طَلَعَتْ لم تُبْقِ منهنَّ كَوْكَبا

ويُروى أن زِياد بن أبيه كَتَبَ إلى معاوية: يا أمير المؤمنين: قد ضبطتُ لكَ العراقَ بشمالي، وفَرَغَتْ يميني لطاعتك، فولِّني الحجاز. فبلغ ذلك عبد الله بن عمر، وكان مقيمًا بمكة، فقال: اللَّهم اشْغَلْ عنّا يمين زِياد، فأصابه الطاعون في يمينه، فجمعَ الأطبّاء واستشارَهُم، فأشاروا عليه بقطعها، فاستَدْعَى شُرَيْحًا، وعرض عليه ما أشار به الأطباء. فقال له: لك رزقٌ معلومٌ وأجَلٌ محتومٌ، وإني أكره إن كانت لك مُدة أن تعيشَ في الدُّنيا بلا يمينٍ، وإن كان قد دَنا أجلُك أن تلقى ربَّكَ مقطوعَ اليد، فإذا سألك: لم قطعتها؟ قلت: بُغضًا في لقائك، وفِرارًا من قضائك. فمات زياد من يومه. فلام الناس شُريْحًا على منعه له من القَطْع لبُغضْهم له. قال: إنه استشارني، والمُستشار مؤتَمَنٌ، ولولا الأمانةُ في المشورة لودِدْتُ أنَّهُ قطَعَ يده يومًا، ورِجلَه يومًا، وسائرَ جَسدِه يومًا.

روى عن: النبي صلى الله عليه وسلم مرسلًا، وعن عُمر، وعلي، وابن مسْعود، وعبد الرحمن بن أبي بكر، وغيرهم.

وروى عنه: أبو وائل، والشَّعبي، وقَيْس بن أبي حازم، وابنا سِيرين: محمد وأنس، وابن أبي صَفِيّة، ومجاهد بن جَبْر، وإبراهيم النَّخَعي.

مات سنة ثمان وسبعين زَمَنَ مُصعب بن الزُّبير.

ص: 163

وقالَ عَطاءٌ أقْراؤها ما كانَتْ

يعني: قبل الطلاق، فتعتبر عادتها قبل الطلاق، فلو ادَّعت في العُدّة ما يُخالف ما قبلها لم يُقبل. والأقراء، جمع قُرء، بضم القاف وفتحها، زمان العدة.

وعطاء المراد به: ابن أبي رباح، ومرَّ في التاسع والثلاثين من كتاب العلم.

وبهِ قالَ إبراهيمُ.

أي: قال بما قال عطاء، ووصله عبد الرزاق، عن أبي معشر، عن إبراهيم نحوه. وروى الدارِميّ بإسناد صحيح إلى إبراهيم أيضًا أنه قال: إذا حاضَتِ المرأة في شهر أو أربعين ليلة ثلاث حِيَض، فذكر نحو أثر شُريح.

وعلى هذا، فيُحتمل أن يكون الضمير في قول البخاري:"وبه". ويعود على أثر شُرَيْح، أو في النسخة تقديم وتأخير، أو لإبراهيم في المسألة قولان.

وإبراهيم: المراد به إبراهيم بن يزيد النَّخَعي، وقد مرَّ في السادس والعشرين من كتاب الإيمان.

وقالَ عَطاءٌ الحَيْضُ يومٌ إلى خَمْسَ عَشْرَةَ.

هذا إشارة إلى أن أقلَّ الحيض عنده يوم بليلته، وأكثره خمسة عشر.

وقد اختَلف العلماء في أقل الحيض وأقل الطهر، ونقل الداودي أنهم اتفقوا على أن أكثر الحيض خمسة عشر، فعند المالكية: لا حدَّ لأقلِّ الحيضِ، بل تكفي فيه قطرة واحدة، وأكثره نصف شهر.

وفي أقل الطهر عندهم في باب الصلاة لا في باب العِدة أربعة أقوال: المشهور: نصف شهر. وقال ابن حبيب: عشرة أيام. وقال ابن الماجِشون: خمسة. وقال سُحْنون: ثمانية. ونظم هذا بعضُهم، فقال:

الحيضُ مُنْتهاه نصفُ شهرِ

ثمَّ الخِلافُ في أقلِّ الطُّهْر

ص: 164

فلابنِ ماجِشون خمسةٌ تُعَدّ

وابن حبيبٍ عشرةٌ فيما وَرَدّ

سحنونُ قد ما عدّها ثمانِيَهْ

ما زادَها في السرِّ والعلانِيهْ

مَشهورُها بنصفِ شهرٍ حُدّا

فاسْمَع لِذا وكُن به مُعْتدًا

واحترزت بقولي: لا في باب العدة. عن الطهر الذي وقع فيه الطلاق، فإنه يكفي حصوله في لحظة منه كما مر، ولذا كان انقضاء العدة عندهم ممكن في شهر كما مرَّ بيانه قريبًا.

وعند الشافعية القَرْء الذي هو الطهر عندهم وعندنا، أقله خمسة عشر يومًا، وأقل الحيض يوم وليلة، فلا تنقضي عدتها في أقل من اثنين وثلاثين يومًا ولحظتين، بأن تُطَلَّقَ وبقي من الطهر لحظة، وتحيض يومًا وليلة، وتطهر خمسة عشر يومًا، ثم ستة عشر كذلك. ولابد من الطعن في الحيضة الثالثة للتحقق.

وعند أحمد: أقله يوم وليلة، وأكثره خمسة عشر يومًا، وغالبه ست أو سبع. وأقل الطهر ثلاثة عشر يومًا كما هو عند علي وشُريح المتقدمين، ولا حد لأكثره.

وقال أبو حنيفة: أقله ثلاثة أيام، وما نقص عن ذلك فهو استحاضة، وأكثره عشرة أيام. وقال أبو يوسف: أقله يومان، والأكثر من اليوم الثالث.

وقال أبو حنيفة: لا يجتمع أقل الطهر وأقل الحيض معًا، فأقل ما تنقضي به العدة عنده ستون يومًا. وقال صاحباه: تنقضي في تسعة وثلاثين يومًا، بناء على أن أقل الحيض ثلاثة أيام، وأن أقل الطهر خمسة عشر يومًا، وأن المراد بالقَرْء: الحيض.

وهذا التعليق وصله الدارمي بإسناد صحيح عنه، قال:"أقصى الحيض خمس عشرة، وأدناه يوم". ووصله الدارقُطني أيضًا بلفظ: "أدنى وقتِ الحيض يوم، وأكثره خمس عشرة".

وعطاء مرَّ قريبًا ذِكر محله الذي مرَّ فيه.

ص: 165

وَقَالَ مُعْتَمِرٌ عَنْ أَبِيهِ سَأَلْتُ ابْنَ سِيرِينَ عَنِ الْمَرْأَةِ تَرَى الدَّمَ بَعْدَ قَرْئِهَا بِخَمْسَةِ أَيَّامٍ قَالَ النِّسَاءُ أَعْلَمُ بِذَلِكَ.

قوله: "بعد قَرْئها" قال الكِرْماني: أي طُهْرها لا حَيْضها، بقرينة لفظ الدم.

وقال العيني: المعنى أن ابن سيرين سُئل عن امرأة كان لها حيضٌ معتادٌ، ثم رأت بعد أيام عادتِها الدمَ بخمسة أيام أو أقل أو أكثر، فكيف يكون حكم هذه الزيادة؟ فقال ابن سِيرين:"هي أعلم بذلك" يعني: أن التمييز بين الدمين راجع إليها، فيكون المرئي في أيام عادتها حيضًا، وما زاد على ذلك استحاضة، فإن لم يكن لها علم بالتمييز، يكون حيضُها ما تراه إلى أكثر مدة الحيض، وما زاد عليها يكون استحاضة. والمراد بقوله:"قَرْئها" أي: حيضها المعتاد لا طهرها، كما قال الكِرْماني.

وهذا الأثر وصله الدارِمي عن محمد بن عيسى عن مُعْتَمِرْ ومعتمر بن سليمان وأبوه سُليمان مرّا في التاسع والستين من كتاب العلم.

والمراد بابن سِيرين محمد، وقد مرَّ في الحادي والأربعين من كتاب الإِيمان.

ص: 166