الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
به طرق صحاح. وفي ابن إسحاق عن أبي عطارد قال: جاء عامر بن الطفيل وأربد إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فسألاه أن يجعل لهما نصيبًا من تمر المدينة، وأخذ أُسيد بن حُضير الرمحَ فجعل يقرع رؤوسهما ويقول: اخرجا أيها الهَجْرَسان. فقال عامر: من؟ فقال: أنا أُسيد بن حُضير. قال: حُضير الكتائب؟ قال: نعم. قال: كان أبوك خيرًا منك. قال: بل أنا خير منك ومن أبي، مات أبي وهو كافر. والهَجْرَس الثعلب. توفي أُسيد بن الحُضير في شعبان سنة إحدى وعشرين، وحمل عمر بن الخطاب بين العمودين من بني الأشهل حتى وضعه في البقيع. وقيل إنه حمل نعشه بنفسه بين الأربعة الأعمد، وصلى عليه، وأوصى إلى عمر بن الخطاب فنظر عمر في وصيته، فوجد عليه أربعة آلاف دينار، فباع نخله أربع سنين بأربعة آلاف، وقضى دَيْنَه. وقال: لا أترك بني أخي عالة فرد الأرض وباع تمرها.
والأشهليّ في نسبه نسبة إلى عبد الأشهل، أبو حيّ من الأنصار، وهو ابن جُشَم بن الحارث بن الخزرجيّ، وإليه يرجع كل أشْهليّ منهم سعد بن معاذ الذي اهتز عرش الرحمن لموته.
لطائف إسناده:
فيه التحديث بصيغة الجمع في ثلاثة مواضع، والعنعنة في موضعين، ورواته ما بين كوفيّ ومدنيّ. ثم قال المصنف
باب التيمم في الحضر إذا لم يجد الماء وخاف فوت الصلاة
جعله مقيدًا بشرطين: خوف خروج الوقت، وفقد الماء. ويلتحق بفقده عدم القدرة على تحصيله، كما إذا كان في بئر وليس عنده آلة للاستسقاء، أو حال بينه وبينه عدوّ أو سبع. ثم قال: وبه قال عطاء، أي بهذا المذهب، وهذا التعليق رواه ابن أبي شيبة في مصنفه موصولًا عن عمر عن ابن جُريج عن عطاء، ووصله عبد الرزاق بسند صحيح، وليس في المنقول عنه تعرض لوجوب
الإعادة، وعطاء المراد به ابن أبي رباح، وقد مرَّ في التاسع والثلاثين من كتاب العلم.
ثم قال: وقال الحسن في المريض عنده الماء ولا يجد من يناوله: يتيمم، أي كذلك يتيمم إذا خاف من الماء ضررًا، وإن وجد معينًا. وروى ابن أبي شيبة عن الحسن وابن سيرين أنهما قالا: لا يتيمم ما رجا أن يقدر على الماء في الوقت، ومفهومه يوافق ما قبله، والتعليق المذكور وصله إسماعيل القاضي في الأحكام من وجه صحيح، وروى ابن أبي شيبة في مصنفه موصولًا معنى ما ذكره البخاريّ معلقًا، وقد مرَّ الحسن في الرابع والعشرين من الإِيمان.
ثم قال: وأقبل ابن عمر من أرضه بالجُرُف، فحضرت العصر بِمَرْبَد الغنم، فصلى ثم دخل المدينةَ والشمس مرتفعة، فلم يعد. والجُرُفُ، بضم الجيم والراء وقد تسكن، ما تجرفه السيول وتأكله من الأرض، والمراد به هنا موضع ظاهر المدينة كانوا يعسكرون به إذا أرادوا الغزو، وهو على فرسخ من المدينة. والمِرْبَد بكسر الميم وسكون الراء ثم موحدة مفتوحة، وحكى ابن التين أنه روي بفتح الميم، موضع تحبس فيه الإبل والغنم على ميل أو ميلين من المدينة.
وقوله: فصلى يعني بعد أن تيمم. كما في رواية مالك الآتية في الموطأ ورواية الشافعيّ. وقوله: "فَلم يُعد" أي الصلاة، وهذا يدل على أن ابن عمر كان يرى جواز التيمم للحاضر؛ لأن مثل هذا لا يسمى سفرًا، وبهذا يناسب الترجمة. وظاهره أن ابن عمر لم يراع خروج الوقت، لأنه دخل المدينة والشمس مرتفعة، لكن يحتمل أن يكون ظن أنه لا يصل إلاّ بعد خروج الوقت، ويحتمل أن يكون تيمم لا عن حدث، بل لأنه كان يتوضأ لكل صلاة استحبابًا، فلعله كان على وضوء فأراد الصلاة فلم يجد ماء كعادته، فاقتصر على التيمم بدل الوضوء. وعلى هذا فليس مطابقًا للترجمة إلاّ بجامع ما بينهما من التيمم في الحضر. قاله في الفتح.
قلت: هذا التأويل بعيد جدًا؛ لأنه لم ينقل عن أحد أن تجديد الوضوء
يحصل بالتيمم، وقد اختلف السلف في المسألة، فذهب مالك إلى أنه أي الحاضر الصحيح العادم للماء، يتيمم ولا يعيد الصلاة، متمسكًا بهذا الذي رواه عن ابن عمر. ووجهه ابن بطّال بأن التيمم إنما ورد في المريض والمسافر لإِدراك وقت الصلاة، فيلتحق بهما الحاضر إذا لم يجد الماء قياسًا، وذهب الشافعيّ إلى أنه تجب الإِعادة لندرة فقد الماء في الحضر، بخلاف السفر. وعن أبي يوسف وَزُفَر لا يصلي إلى أن يجد الماء، ولو خرج الوقت. وقال العينيّ: فذهبنا جواز التيمم لعادم الماء في الأمصار. وفي شرح الطحاويّ: التيمم في المِصر لا يجوز إلاّ في ذي ثلاث: إذا خاف فوت صلاة الجنازة إنْ توضأ، وعند خوف فوت صلاة العيد، وعند خوف الجنب من البرد بسبب الاغتسال.
وهذا التعليق في موطأ مالك عن نافع، أنه أقبل هو وعبد الله من الجُرف الخ، وفيه أنه تيمم فمسح وجهه ويديه إلى المرفقين. قال في الفتح: ولم يظهر سبب حذف البخاريّ لذكر التيمم مع أنه المقصود بالباب. قال العينيّ: لعله من الناسخ، واستمر الأمر عليه. وعبد الله مرَّ في كتاب الإِيمان قبل ذكر حديث منه.