المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌الحديث السابع والعشرون - كوثر المعاني الدراري في كشف خبايا صحيح البخاري - جـ ٦

[محمد الخضر الشنقيطي]

فهرس الكتاب

- ‌الحديث الثامن والثلاثون

- ‌رجاله ستة:

- ‌لطائف إسناده:

- ‌الحديث التاسع والثلاثون

- ‌رجاله خمسة:

- ‌باب الجنب يتوضأ ثم ينام

- ‌الحديث الأربعون

- ‌رجاله ستة:

- ‌لطائف إسناده:

- ‌الحديث الحادي والأربعون

- ‌رجاله أربعة:

- ‌الحديث الثاني والأربعون

- ‌رجاله خمسة

- ‌باب إذا التقى الختانان

- ‌الحديث الثالث والأربعون

- ‌رجاله سبعة:

- ‌لطائف إسناده:

- ‌باب غسل ما يصيب من رطوبة فرج المرأة

- ‌الحديث الرابع والأربعون

- ‌رجاله أربعة عشر

- ‌لطائف إسناده:

- ‌الحديث الخامس والأربعون

- ‌رجاله ستة:

- ‌لطائف إسناده:

- ‌خاتمة

- ‌كتاب الحيض

- ‌باب كيف كان بَدْءُ الحيض

- ‌باب الأمر بالنفساء إذا نفسن

- ‌الحديث الأول

- ‌رجاله خمسة:

- ‌لطائف إسناده:

- ‌باب غسل الحائض رأس زوجها وترجيله

- ‌الحديث الثاني

- ‌رجاله خمسة:

- ‌لطائف إسناده:

- ‌الحديث الثالث

- ‌رجاله ستة:

- ‌لطائف إسناده:

- ‌باب قراءة القرآن في حجر امرأته وهي حائض

- ‌الحديث الرابع

- ‌رجاله خمسة:

- ‌باب من سمى النفاس حيضًا

- ‌الحديث الخامس

- ‌رجاله خمسة:

- ‌لطائف إسناده:

- ‌باب مباشرة الحائض

- ‌الحديث السادس

- ‌رجاله ستة:

- ‌لطائف إسناده:

- ‌الحديث السابع

- ‌رجاله ستة:

- ‌لطائف إسناده:

- ‌الحديث الثامن

- ‌رجاله خمسة:

- ‌لطائف إسناده:

- ‌باب ترك الحائض الصوم

- ‌الحديث التاسع

- ‌رجاله خمسة:

- ‌لطائف إسناده:

- ‌باب تقضي الحائض المناسك كلها إلا الطواف بالبيت

- ‌الحديث العاشر

- ‌رجاله خمسة:

- ‌باب الاستحاضة

- ‌الحديث الحادي عشر

- ‌رجاله خمسة:

- ‌لطائف إسناده:

- ‌باب غسل دم المحيض

- ‌الحديث الثاني عشر

- ‌رجاله خمسة:

- ‌الحديث الثالث عشر

- ‌رجاله ستة:

- ‌لطائف إسناده:

- ‌باب الاعتكاف للمستحاضة

- ‌الحديث الرابع عشر

- ‌رجاله خمسة:

- ‌لطائف إسناده:

- ‌الحديث الخامس عشر

- ‌رجاله خمسة:

- ‌الحديث السادس عشر

- ‌رجاله خمسة:

- ‌باب هل تصلي المرأة في ثوب حاضت فيه

- ‌الحديث السابع عشر

- ‌رجاله خمسة:

- ‌لطائف إسناده:

- ‌باب الطيب للمرأة عند غسلها من المحيض

- ‌الحديث الثامن عشر

- ‌رجاله خمسة:

- ‌لطائف إسناده:

- ‌باب دلك المرأة نفسها إذا تطهرت من المحيض وكيف تغتسل وتأخذ فِرْصَةً مُمَسَّكة فَتَتَبَّع بها أثر الدم

- ‌الحديث التاسع عشر

- ‌رجاله خمسة:

- ‌لطائف إسناده:

- ‌باب غسل المحيض

- ‌الحديث العشرون

- ‌رجاله خمسة:

- ‌باب امتشاط المرأة عند غسلها من المحيض

- ‌الحديث الحادي والعشرون

- ‌رجاله خمسة:

- ‌لطائف إسناده:

- ‌باب نقض المرأة شعرها عند غسل المحيض

- ‌الحديث الثاني والعشرون

- ‌رجاله خمسة:

- ‌لطائف إسناده:

- ‌باب مخلقة وغير مخلقة

- ‌الحديث الثالث والعشرون

- ‌رجاله أربعة:

- ‌لطائف إسناده:

- ‌باب كيف تهل الحائض بالحج والعمرة

- ‌الحديث الرابع والعشرون

- ‌رجاله ستة:

- ‌لطائف إسناده:

- ‌باب: إقبال المحيض وإدباره

- ‌الحديث الخامس والعشرون

- ‌رجاله خمسة:

- ‌باب: لا تقضي الحائض الصلاة

- ‌الحديث السادس والعشرون

- ‌رجاله خمسة:

- ‌لطائف إسناده:

- ‌باب: النوم مع الحائض وهي في ثيابها

- ‌الحديث السابع والعشرون

- ‌رجاله ستة:

- ‌باب: من اتخذ ثياب الحيض سوى ثياب الطهر

- ‌الحديث الثامن والعشرون

- ‌رجاله ستة:

- ‌باب شهود الحائض العيدين ودعوة المسلمين ويعتزلن المصلى

- ‌الحديث التاسع والعشرون

- ‌رجاله ثمانية:

- ‌لطائف إسناده:

- ‌باب إذا حاضتْ في شهر ثلاث حِيض وما يُصَدَّقُ النساء في الحيض والحمل فيما يُمكن من الحيض لقول الله تعالى: {وَلَا يَحِلُّ لَهُنَّ أَنْ يَكْتُمْنَ مَا خَلَقَ اللَّهُ فِي أَرْحَامِهِنَّ}

- ‌الحديث الثلاثون

- ‌رجاله خمسة

- ‌لطائف إسناده:

- ‌باب الصفرة والكدرة في غير أيام الحيض

- ‌الحديث الحادي والثلاثون

- ‌رجاله خمسة:

- ‌لطائف إسناده:

- ‌باب عِرق الاستحاضة

- ‌الحديث الثاني والثلاثون

- ‌رجاله سبعة:

- ‌لطائف إسناده:

- ‌باب المرأة تحيض بعد الإِفاضة

- ‌الحديث الثالث والثلاثون

- ‌رجاله ستة:

- ‌لطائف إسناده:

- ‌الحديث الرابع والثلاثون

- ‌رجاله ستة:

- ‌باب إذا رأت المستحاضة الطهر

- ‌الحديث الخامس والثلاثون

- ‌رجاله خمسة:

- ‌باب الصلاة على النفساء وسنتها

- ‌الحديث السادس والثلاثون

- ‌رجاله ستة:

- ‌لطائف إسناده:

- ‌باب

- ‌الحديث السابع والثلاثون

- ‌رجاله ستة:

- ‌لطائف إسناده:

- ‌خاتمة

- ‌كتاب التيمم

- ‌باب التيمم

- ‌الحديث الأول

- ‌رجاله خمسة:

- ‌لطائف إسناده:

- ‌الحديث الثاني

- ‌رجاله ستة:

- ‌لطائف إسناده:

- ‌باب إذا لم يجد ماء ولا ترابًا

- ‌الحديث الثالث

- ‌رجاله خمسة:

- ‌لطائف إسناده:

- ‌باب التيمم في الحضر إذا لم يجد الماء وخاف فوت الصلاة

- ‌الحديث الرابع

- ‌رجاله سبعة

- ‌لطائف إسناده:

- ‌باب المتيمم هل ينفخ فيهما

- ‌الحديث الخامس

- ‌رجاله ثمانية:

- ‌لطائف إسناده:

- ‌باب التيمم للوجه والكفين

- ‌الحديث السادس

- ‌رجاله سبعة:

- ‌‌‌لطائف إسناده:

- ‌لطائف إسناده:

- ‌رجاله ستة:

- ‌الحديث السابع

- ‌رجاله ثمانية:

- ‌الحديث الثامن

- ‌رجاله ثمانية:

- ‌الحديث التاسع

- ‌رجاله ثمانية:

- ‌الحديث العاشر

- ‌رجاله ثمانية:

- ‌باب الصعيد الطيب وضوء المسلم يكفيه عن الماء

- ‌الحديث الحادي عشر

- ‌رجاله خمسة:

- ‌لطائف إسناده:

- ‌باب إذا خاف الجنب على نفسه المرض أو الموت أو خاف العطش تيمم

- ‌الحديث الثاني عشر

- ‌رجاله سبعة:

- ‌لطائف إسناده:

- ‌الحديث الثالث عشر

- ‌رجاله سبعة:

- ‌باب التيمم ضربة

- ‌الحديث الرابع عشر

- ‌رجاله ستة

- ‌رجاله خمسة:

- ‌الحديث الخامس عشر

- ‌رجاله خمسة:

- ‌لطائف إسناده:

- ‌خاتمة

- ‌كتاب الصلاة

- ‌باب كيف فرضت الصلاة في الإسراء

- ‌الحديث الأول

- ‌رجاله ستة:

- ‌لطائف إسناده:

- ‌رجاله أربعة:

- ‌الحديث الثاني

- ‌رجاله خمسة:

- ‌لطائف إسناده:

- ‌باب وجوب الصلاة في الثياب

- ‌الحديث الثالث

- ‌رجاله أربعة:

- ‌لطائف إسناده:

- ‌رجاله أربعة:

- ‌باب عقد الأُزر على القفا في الصلاة

- ‌الحديث الرابع

- ‌رجاله خمسة:

- ‌لطائف إسناده:

- ‌الحديث الخامس

- ‌رجاله أربعة:

- ‌لطائف إسناده:

- ‌باب الصلاة في الثوب الواحد ملتحفًا به

- ‌الحديث السادس

- ‌رجاله أربعة:

- ‌لطائف إسناده:

- ‌الحديث السابع

- ‌رجاله خمسة

- ‌الحديث الثامن

- ‌رجاله خمسة:

- ‌الحديث التاسع

- ‌رجاله خمسة:

- ‌لطائف إسناده:

- ‌الحديث العاشر

- ‌رجاله خمسة:

- ‌لطائف إسناده:

- ‌باب إذا صلى في الثوب الواحد فليجعل على عاتقيه

- ‌الحديث الحادي عشر

- ‌رجاله خمسة:

- ‌لطائف إسناده:

- ‌الحديث الثاني عشر

- ‌رجاله خمسة:

- ‌لطائف إسناده:

- ‌باب إذا كان الثوب ضيقًا أي كيف يفعل المصلي

- ‌الحديث الثالث عشر

- ‌رجاله أربعة:

- ‌لطائف اسناده:

- ‌الحديث الرابع عشر

- ‌رجاله خمسة:

- ‌باب الصلاة في الجبة الشامية

- ‌الحديث الخامس عشر

- ‌رجاله ستة:

- ‌لطائف إسناده:

- ‌باب كراهية التعري في الصلاة

- ‌الحديث السادس عشر

- ‌رجاله خمسة:

- ‌لطائف إسناده:

- ‌باب الصلاة في القميص والسراويل والتبان والقباء

- ‌الحديث السابع عشر

- ‌رجاله خمسة:

- ‌الحديث الثامن عشر

- ‌رجاله خمسة:

- ‌باب ما يستر من العورة

- ‌الحديث التاسع عشر

- ‌رجاله خمسة:

- ‌لطائف إسناده:

- ‌الحديث العشرون

- ‌رجاله خمسة:

- ‌لطائف إسناده:

- ‌الحديث الحادي والعشرون

- ‌رجاله ستة:

- ‌لطائف إسناده:

- ‌باب الصلاة بغير رداء

- ‌الحديث الثاني والعشرون

- ‌رجاله أربعة:

- ‌باب ما يذكر في الفخد

- ‌الحديث الثالث والعشرون

- ‌رجاله أربعة:

- ‌لطائف إسناده:

- ‌باب في كم تصلي المرأة من الثياب

- ‌الحديث الرابع والعشرون

- ‌رجاله خمسة:

- ‌لطائف إسناده:

- ‌باب إذ صلى في ثوب له أعلام ونظر إلى علمها

- ‌الحديث الخامس والعشرون

- ‌رجاله خمسة:

- ‌لطائف إسناده:

- ‌باب إن صلّى في ثوب مصلَّب أو تصاوير، هل تفسد صلاته؟ وما ينهى من ذلك

- ‌الحديث السادس والعشرون

- ‌رجاله أربعة:

- ‌لطائف إسناده:

- ‌باب من صلى في فروج حرير ثم نزعه

- ‌الحديث السابع والعشرون

- ‌رجاله خمسة:

- ‌لطائف إسناده:

- ‌باب الصلاة في الثوب الأحمر

- ‌الحديث الثامن والعشرون

- ‌رجاله أربعة:

- ‌لطائف إسناده:

- ‌باب الصلاة في السطوح والمنبر والخشب

- ‌الحديث التاسع والعشرون

- ‌رجاله أربعة:

- ‌لطائف إسناده:

- ‌الحديث الثلاثون

- ‌رجاله أربعة:

- ‌لطائف إسناده:

- ‌باب إذا أصاب ثوب المصلّي امرأته إذا سجد

- ‌الحديث الحادي والثلاثون

- ‌رجاله خمسة:

- ‌لطائف إسناده:

- ‌باب الصلاة على الحصير

- ‌الحديث الثاني والثلاثون

- ‌رجاله أربعة:

- ‌لطائف إسناده:

- ‌باب الصلاة على الخمرة

- ‌الحديث الثالث والثلاثون

- ‌باب الصلاة على الفراش

- ‌الحديث الرابع والثلاثون

- ‌رجاله خمسة:

- ‌لطائف إسناده:

- ‌الحديث الخامس والثلاثون

- ‌رجاله ستة:

- ‌لطائف إسناده:

- ‌الحديث السادس والثلاثون

- ‌رجاله ستة:

- ‌لطائف إسناده:

- ‌باب السجود على الثوب في شدة الحر

- ‌الحديث السابع والثلاثون

- ‌رجاله خمسة:

- ‌لطائف إسناده:

- ‌باب الصلاة في النعال

- ‌الحديث الثامن والثلاثون

- ‌رجاله أربعة:

- ‌لطائف إسناده:

- ‌باب الصلاة في الخفاف

- ‌الحديثُ التاسع والثلاثون

- ‌رجاله ستة:

- ‌لطائف إسناده:

- ‌الحديث الأربعون

- ‌رجاله ستة:

- ‌لطائف إسناده:

- ‌باب إذا لم يتم السجود

- ‌الحديث الحادي والأربعون

- ‌رجاله خمسة:

- ‌لطائف إسناده:

- ‌باب يُبْدِي ضَبْعَيْهِ ويُجَافي في السجود

- ‌الحديث الثاني والأربعون

- ‌رجاله خمسة:

- ‌لطائف إسناده:

- ‌خَاتِمَة

الفصل: ‌الحديث السابع والعشرون

‌الحديث السابع والعشرون

حَدَّثَنَا سَعْدُ بْنُ حَفْصٍ قَالَ: حَدَّثَنَا شَيْبَانُ عَنْ يَحْيَى عَنْ أَبِي سَلَمَةَ عَنْ زَيْنَبَ ابْنَةِ أَبِي سَلَمَةَ حَدَّثَتْهُ أَنَّ أُمَّ سَلَمَةَ قَالَتْ: حِضْتُ وَأَنَا مَعَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فِى الْخَمِيلَةِ، فَانْسَلَلْتُ فَخَرَجْتُ مِنْهَا، فَأَخَذْتُ ثِيَابَ حِيضَتِي فَلَبِسْتُهَا، فَقَالَ لِي رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:"أَنُفِسْتِ؟ ". قُلْتُ: نَعَمْ، فَدَعَانِي فَأَدْخَلَنِي مَعَهُ فِى الْخَمِيلَةِ. قَالَتْ: وَحَدَّثَتْنِي أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم كَانَ يُقَبِّلُهَا وَهُوَ صَائِمٌ، وَكُنْتُ أَغْتَسِلُ أَنَا وَالنَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم مِنْ إِنَاءٍ وَاحِدٍ مِنَ الْجَنَابَةِ.

قوله: "فأدخلني معه في الخميلة"، الخميلة الأخيرة هي الخميلة الأولى، لأن المعرفةْ إذا أُعيدت بلفظِها كانت عينَ الأولى، وقد مرّ الكلام على هذا الحديث عند ذكره في باب من سمّى النِّفاس حيضًا.

وقوله: "قالت: وحدثتني" أي: قالت زينب مما هو داخل تحت الإِسناد الأول، و"حدثتني" عطفٌ على قالت أُم سلمة الأول، أو عطف جملة على جملة، كما في:{اسْكُنْ أَنْتَ وَزَوْجُكَ الْجَنَّةَ} [البقرة: 35]، أي: ولِيَسْكُنْ زوجُك.

وقولها: "كان يقبِّلها وهو صائم" روي أيضًا عن عائشة في كتاب الصوم: "كان صلى الله عليه وسلم يُقَبِّل ويبُاشر وهو صائم، وكانَ أمَلْكَكُم لإِرْبِه". والتقبيل أخص من المباشرة، فهو من ذكر العامِّ بعد الخاص.

وقد اختُلِف في القبلة والمباشرة للصائم على أقوال:

فكرهها قومٌ مطلقًا، وهو مشهور مذهب مالك، إن علمتَ السلامة من المذي أو المني أو الإنعاظ الكامل عند ابن القاسم، وإن لم تعلم السلامة بأن

ص: 143

عُلِم عدمُها أو ظُنَّ حَرُمَتِ المقدماتُ كلها، وان شكَّ في السلامة وعدمها فيه خلاف، هَلْ تحرُمُ أو تُكْرَه.

وروى ابن أبي شَيْبة بإسناد صحيح عن ابن عُمر أنه كان يكرهُ القُبلة والمباشرة.

ونقَل ابنُ المنذرِ عن قومٍ تحريمَها، واحتجوا بقوله تعالى:{فَالْآنَ بَاشِرُوهُنَّ}

الآية [البقرة: 187]، فمنع من المباشرة في هذه الآية نهارًا. وأجيب عن ذلك بأن النبي صلى الله عليه وسلم هو المبيِّن عن الله تعالُّ، وقد أباح المباشرة نهارًا، فدلَّ على أن المباشرة في الآية: المراد بها الجِماع لا ما دونَه من قُبلة ونحوها.

وأفتى عبد الله بن شُبْرُمة أحد فقهاء الكوفة بإفطار من قبَّل وهو صائم، ونقله الطحاوي عن قومٍ لم يسمِّهم.

وأباح القُبلة: قومٌ مطلقًا، وهُو المنقول صحيحا عن أبي هُريرة، وبه قال: سعيد، وسعد بن أبي وقاص، وطائفة، بل بالغ بعض أهل الظّاهر فاستحبَّها.

وفرق آخرون بين الشابِّ والشيخ، فكرهها للشاب، وأباحها للشيخ، وهو مشهور عن ابن عبّاس، أخرجه عنه مالك، وسعيد بن منصور، وجاء فيه حديثان فيهما ضعف عند أبي داود، عن أبي هريرة، وأحمد عن عبد الله بن عُمر.

وفرَّق آخرون بين من يملِكُ نفسَه ومن لا يملك كما أشارت إليه عائشة، وكما مرّ في مباشرة الحائض.

وقال التِّرمِذي: ورأى بعضُ أهل العلم أن للصائم إذا ملك نفسه أن يقبِّل، وإلا فلا، ليَسْلَمَ له صومُه. وهو قول سفيان، والشافعي. فالنظر في ذلك لمن لا يتأثّر بالمباشرة والتقبيل، لا للتفرقة بين الشاب والشيخ؛ لأن عائشة كانت شابّة.

ويدُلُّ على ذلك ما رواه مسلم عن عمر بن أبي سَلَمة، وهو ربيبُ النبي

ص: 144

-صلى الله عليه وسلم، أنه سأله عليه الصلاة والسلام: أيقبِّل الصائم؟ فقال: سل هذه لأُم سلمة، فأخبرته أنه عليه الصلاة والسلام يصنعُ ذلك. فقال: يا رسول الله، قد غُفِر لك ما تقدَّم من ذنبِك وما تأخّر. فقال:"أما والله إني لأتقاكُم لله، وأخشاكُم له". وعمر حينئذٍ كان شابًّا، ولعله كان أول ما بلغ.

وفيه دِلالة على أنه ليس من الخصائص. وروى عبد الرزاق بإسناد صحيح عن عطاء بن يسار، عن رجل من الأنصار، أنه قبَّل امرأته وهو صائم، فأمر امرأته أن تسأل النبي عليه الصلاة والسلام عن ذلك، فسألته، فقال:"إني أفعلُ ذلك". فقال زوجها: يرخِّص الله لنبيه ما يشاء. فرجَعَتْ، فقال:"أنا أعلمُكُم بحدود الله وأتقاكم".

وقال النووي: القُبلة في الصوم ليست محرمَّة على من لم تحرِّك شهوته، لكن الأولى له تركها، وأما مَن حرَّكَت شهوتَه فهي حرام في حقه على الأصح. وقيل: مكروهة.

وروى ابن وَهْب عن مالك إباحتها في النفل دون الفرض، وهذا الذي قاله قريب من التفصيل المار عن المالكية. وقد قال المازَرِيّ منهم: ينبغي أن يُعتبر حال المقبِّل، فإن أثارت منه القُبلة الإِنزال حَرُمت عليه، لأن الإِنزال يُمنع منه الصائم، فكذلك ما أدّى إليه، وإن كان عنها المذي، فمن رأى القضاء منه قال: يحرم في حقه، ومن رأى أَنْ لا قضاءَ، قال: يكره. وإن لم تؤدِّ القبلة إلى شيء فلا معنى للمنع منها إلا على القول بسدِّ الذريعة.

قال: ومن بديعِ ما رُوي في ذلك قوله عليه الصلاة والسلام للسائل عنها فيما أخرجه أبو داود والنسائي عن عمر، وقال النسائي: إنه منكر، وصححه ابن خُزيمة وابن حِبّان والحاكم:"أرأيتَ لو تمَضْمَضْتَ؟ "، فأشار إلى فقهٍ بديعٍ، وذلك أن المضمضة لا تنقُضُ الصوم، وهي أول الشُّرب ومفتاحه، كما أن القُبلة من دواعي الجِماع ومفتاحه، والشرب يُفسد الصوم كما يفسده الجِماع، فكما ثبت عندهم أن أوائل الشرب لا تُفْسِد الصوم، فكذلك أوائل الجِماع.

ص: 145

وألزم ابن حَزْم أهل القياس أن يقيسوا الصيامَ على الحجِّ في منع المباشرة ومقدمات الجِماع، للاتِّفاق على إبطالهما بالجِماع.

واختَلَفت العلماء فيما إذا باشر أو قبَّل أو نظر فأنزل أو أمذى، فقال الكوفيون والشافعي: يقضي إذا أنزل في غير النظر، ولا قضاء في الإمذاء. قال النووي: لا خلاف أنها، أي: القبلة، لا تُبْطِل الصوم، إلا إن أنزل بها. وقال مالك بوجوب الكفارة عند الإِنزال مطلقًا من قُبلة كان أو ملامسة أو فكر. وقال ابن القاسم: تجب إلا إذا حَصَل عن نظر أو فكر غير مُدامَيْن. وقال أَشْهَب: لا تجب إلا مع المداومة مطلقًا. وقال اللَّخْمي: إذا كان حصولُه مخالفًا للعادة لا تجِبُ، وإذا حصل المذي، فإن كان عن قُبلة ومباشرة قضى، وقيل: لا قضاء فيه، وإن كان عن نظرٍ وفِكْرٍ غير مُدامَيْن بدون قصد، لا قضاء فيه. وفي المدامَيْن قولان، والمشهور عدم القضاء. وإن حصل الإنعاظ الكامل ففيه ثلاثة أقوال، قال أشهب: لا قضاء فيه مطلقًا. وقيل: فيه القضاء مطلقًا. وفصَّل ابن القاسم بين ما إذا كان عن قبلة ومباشرة ففيه القضاء، وإلا فلا قضاء. واحتجَّ القائل بالكفارة بالإِنزال بأنه أقصى ما يُطلب بالجماع من الالتذاذ في كل ذلك. وتعقَّبه الآخرون بأن الأحكام عُلِّقت بالجِماع، ولو لم يكن إنزال، فافترقا.

قلت: هذا التعقُّب غير ظاهر؛ لأن الجِماعَ المعلَّقةُ به الأحكام، غايتُه وثمرتُه الإِنزال، فتتعلَّق به كما تعلقت بسببه.

وروَى عبد الرزاق عن حُذيفة بإسناد ضعيف: "من تأمَّلَ خَلْقَ امرأتهِ وهو صائمٌ، بطُلَ صومُه".

وقال ابن قُدامة: من قبَّل فأنزل أفطر بلا خلاف، وفيه نظر؛ لأن ابن حَزْم قد حكى أنه لا يُفطر ولو أنزل. وقوّى ذلك وذهب إليه.

وما رواه النّسائي عن عائشة أن الأسود سألها: أيُباشِر الصائم؟ قالت: لا. قلت: أليس كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يباشر وهو صائم؟ قالت: إنه كان أمْلَكَكُم لإِربهِ بما يدُلُّ بظاهره على أنها اعتقدت خصوصية النبي صلى الله عليه وسلم بذلك، يُجمع

ص: 146