الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
أركان الإِسلام، ولما كان ستر العورة لا يختص بالصلاة بدأ به لعمومه، ثم ثنى بالاستقبال للزومه في الفريضة والنافلة، إلَّا ما استثنى كشدة الخوف ونافلة السفر. ولما كان الاستقبال يستدعي مكاناً ذكر المساجد. ومن توابع الاستقبال سترة المصلي، فذكرها ثم ذكر الشرط الباقي، وهو دخول الوفت، وهو خاص بالفريضة.
ولما كان الوقت يشرع الإعلام به، ذكر الأذان. وفيه إشارة إلى أن الأذان حق الوقت، ولما كان الأذان إعلامًا بالاجتماع إلى الصلاة، ذكر الجماعة، ولما كان أقلها إمام ومأموم ذكر الإمامة، ولما انفضت الشروط وتوايعها ذكر صفة الصلاة. ولما كانت الفرائض في الجماعة قد تختص بهيئة مخصوصة ذكر الجمعة والخوف، وقدم الجمعة لأكثريتها، ثم تلا ذلك بما تشرع فيه الجماعة من النوافل، فذكر العيدين والوتر والاستسقاء، والكسوف، وأخره لاختصاصه بهيئة مخصوصة، وهي زيادة الركوع، ثم تلاه بما فيه زيادة سجود، فذكر سجود التلاوة، لأنه قد يقع في الصلاة. وكان إذا وقع اشتملت الصلاة على زيادة مخصوصة، فتلاه بما يقع فيه نقص من عددها، وهو قصر الصلاة. ولما انقضى ما تشرع فيه الجماعة ذكر ما لا تستحب فيه، وهو سائر التطوعات.
ثم للصلاة بعد الشروع فيها شروط ثلاثة، وهي: ترك الكلام، وترك الأفعال الزائدة، وترك المفطر، فترجم لذلك. ثم بطلانها يختص بما وقع من ذلك على وجه العمد، فاقتضى ذلك ذكر أحكام السهو، ثم جميع ما تقدم متعلقٌ بالصلاة ذات الركوع والسجود، فعقب ذلك بصلاة لا ركوع فيها ولا سجود، وهي الجنازة، وهي آخر كتاب الصلاة. ثم قال المصنف:
باب كيف فرضت الصلاة في الإسراء
وللكشميهني والمستملي: كيف فرضت الصلوات في الإسراء، أي في ليلة الإسراء، وهذا مصير من المصنف إلى أن المعراج كان في ليلة الإسراء، لأنه قال: كيف فرضت الصلاة ليلة الإسراء. والصلاة إنما فرضت في المعراج، فدل
على اتحادهما عنده. وإنما أفرد كلًا منهما بترجمة عند ذكر الحديث في السيرة النبوية قُبيل الهجرة بقليل؛ لأنّ كلًا منهما يشتمل على قصة مفردة، وإن كانا وقعا معاً في ليلة واحدة.
وقد اختلف السلف بحسب اختلاف الأخبار الواردة، فمنهم من ذهب إلى أن الإسراء والمعراج وقعا في ليلة واحدة، في اليقظة، بجسد النبي صلى الله عليه وسلم وروحه، بعد المبعث. وإلى هذا ذهب الجمهور من علماء المحدثين والفقهاء والمتكلمين، وتواردت عليه ظواهر الأخبار الصحيحة، ولا ينبغي العدول عنه، إذ ليس في العقل ما يحيله حتى يحتاج إلى تأويل، ومما يؤيد وقوعهما في ليلة واحدة رواية ثابت عن أنس عند مسلم، ففي أوله "أتيتُ بالبراق، فركبتُ حتى أتيت بيت المقدس
…
" فذكر القصة إلى أن قال: "ثم عُرج بنا إلى السماء الدنيا" وعند ابن إسحاق عن أبي سجد الخدريّ "فلما فرغت مما كان في بيت المقدس أتي بالمعراج
…
الخ".
ووقع في أول حديث مالك بن صعصعة أن النبي صلى الله عليه وسلم حدثهم عن ليلة أُسْريَ به، فذكر الحديث، فهو وإن لم يذكر فيه الإسراء إلى بيت المقدس صريحًا، فقد أشار إليه بالركوب على البُراق، ووصف سيره فهو المعتمد، وعلى هذا المعتمد. فالحكمة في الإسراء إلى بيت المقدس ثم العُروج منه إلى السماء هي ما قد روى كعب الأحبار: أن باب السماء الذي يقال له مصعد الملائكة، يقابل بيت المقدس، فأخذ منه بعض العلماء أن الحكمة في الإسراء إلى بيت المقدس قبل العُروج ليحصل العروج مستويًا من غير تعويج. وفيه نظر، لوررد أن في كل سماء بيتًا معمورًا، وأن الذي في السماء الدنيا حيال الكعبة، وكان المناسب أن يصعد من مكة ليصل إلى البيت المعمور من غير تعويج، لأنه صعد من سماء إلى سماء إلى البيت المعمور.
وقيل: الحكمة في ذلك أن يجمع صلى الله عليه وسلم في تلك الليلة بين رؤية القبلتين، أو لأنّ بيت المقدس كان هجرة غالب الأنبياء قبله، فحصل له الرحيل إليه في الجملة ليجمع بين أشتات الفضائل، أو لأنه محل الحشر، وغالب ما اتفق له
في تلك الليلة يناسب الأحوال الأخروية، فكان المعراج أليق بذلك، أو للتفاؤل بحصول أنواع التقديس له حسًا ومعنى، أو ليجتمع بالأنبياء جملة كما يأتي بيانه. وقيل: إنه لما قُدّس ظاهرًا وباطنًا حين غسل بماء زمزم بالإيمان والحكمة، ومن شأن الصلاة أن يتقدمها الظهور -ناسب ذلك أن تفرض الصلاة في تلك الحالة، وليظهر شرفه في الملأ الأعلى، ويصلي بمن سكنه من الأنبياء وبالملائكة، وليناجي ربه، ومن ثَمَّ كان المصلي يناجي ربه عز وجل.
وقال ابن أبي جمرة: الحكمة في الإسراء إلى بيت المقدس قبل العروج إلى السماء إرادة إظهار الحق، لمعاندة من يريد اخماده؛ لأنه لو عرج به من مكة إلى السماء لم يجد لمعاندة الأعداء سبيلًا إلى البيان والإيضاح. فلما ذكر أنه أسري به إلى بيت المقدس، سألوه عن تعريفات جزئيات من بيت المقدس، كانوا رأوها وعلموا أنه لم يكن رآها قبل ذلك، فلما أخبرهم بها حصل التحقيق بصدقه فيما ذكر من الإسراء إلى بيت المقدس في ليلة، وإذا صح خبره في ذلك لزم تصديقه في بقية ما ذكره، فكان ذلك زيادة في إيمان المؤمن، وفي شقاء الجاحد والمعاند.
وقيل: الحكمة في تخصيص فرض الصلاة بليلة الإسراء أنه عليه الصلاة والسلام لما عُرج له رأى في تلك الليلة تعبد الملائكة، وأن منهم القائم فلا يقعد، والراكع فلا يسجد، والساجد فلا يقعد فجمع الله له ولأمته تلك العبادات كلها في كل ركعة يصليها العبد بشرائطها، من الطمأنينة والإخلاص. قاله ابن أبي جمرة أيضًا، وقال: وفي اختصاص فرضيتها بليلة الإسراء، إشارة إلى عظيم بيانها، ولذلك اختص فرضها بكونها بمير واسطة، بل بمراجعة. تعددت على ما يأتي بيانه.
القول الثاني: إن ذلك كله وقع مرتين، مرة في المتام توطئة وتمهيدًا، ومرة ثانية في اليقظة كما وقع نظير ذلك في ابتداء مجيء المَلَك بالوحي، وإلى هذا ذهب المهلب وأبو نصر بن القُشَيريّ وأبو سعيد في شرف المصطفى، وحكاه السُّهيليّ عن ابن العربىّ، واختاره. وجوز بعض قائلي ذلك أن تكون قصة
المنام وقعت قبل المبعث، لقول شريك في روايته عن أنس "وذلك قبل أن يوحى إليه". وعلى ظاهر رواية شريك هذه من كون المعراج وقع منامًا، ينتظم من ذلك أن الإِسراء وقع مرتين، مرة على انفراده، ومرة مضمومًا إليه المعراج. وكلاهما في اليقظة، والمعراج وقع مرتين: مرة في المنام، على انفراده توطئة وتمهيدًا، ومرة في اليقظة مضمومًا إليه الإِسراء.
الثالث: كانت قصة الإسراء في ليلة، والمعراج في ليلة، متمسكًا بما ورد في حديث أنس من رواية شريك من ترك ذكر الإسراء، وكذا في ظاهر حديث مالك بن صعصعة، ولكن ذلك لا يستلزم التعدد، بل هو محمول على أن بعض الرواة ذكر ما لم يذكره الآخر.
واحتج أيضًا من زعم أن الإِسراء وقع مفردًا بما أخرجه البزّار والطبرانيّ، وصححه البيهقيّ في الدلائل عن شدّاد بن أوس قال: قلنا يا رسول الله، كيف أُسري بك؟ قال: "صليت صلاة العتمة بمكة، فأتاني جبريل بدابة
…
فذكر الحديث في مجيئه بيت المقدس، وما وقع له فيه. قال: ثم انصرف بي فمررنا بعِيْرٍ لقريش في مكان كذا، فذكره قال: ثم أتيت أصحابي قبل الصبح بمكة.
الرابع: كان الإسراء إلى بيت المقدس خاصة في اليقظة، وكان المعراج منامًا، إما في تلك الليلة أو في غيرها، والذي ينبغي أن الاختلاف في كونه يقظة أو منامًا خاص بالمعراج لا بالإسراء، ولذلك، لما أخبر به قريشًا، كذبوه في الإِسراء، واستبعدوا وقوعه، ولم يتعرضوا للمعراج. وأيضًا فإن الله تعالى قال:{سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلًا مِنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الْأَقْصَى} [الإسراء: 1] فلو وقع المعراج في اليقظة لكان ذلك أبلغ في الذكر، فلما لم يقع ذكره في هذا الموضع مع كون شأنه أعجب، وأمره أغرب من الإسراء بكثير دلّ على أنه كان منامًا، وأما الإسراء فلو كان منامًا لما كذبوه، ولا استنكروه، لجواز وقوع مثل ذلك، وأبعد منه لآحاد الناس.
الخامس: كان الإسراء مرتين في اليقظة، فالأُولى رجع من بيت المقدس
وفي صبيحته أخبر قريشًا بما وقع، وفي الثانية أُسريَ به إلى بيت المقدس، ثم عُرج به من ليلته إلى السماء، إلى آخر ما وقع. ولم يقع لقريش في ذلك اعتراض، لأنّ ذلك عندهم من جنس قوله "إن المَلَكَ يأتيه من السماء في أسرع من طَرْفة عين" وكانوا يعتقدون استحالة ذلك، مع قيام الحجة على صدقه بالمعجزات الباهرة، لكونهم عاندوا في ذلك، واستمروا على تكذيبه فيه، بخلاف إخباره أنه جاء بيت المقدس في ليلة واحدة ورجع، فإنهم صرحوا بتكذيبه فيه، فطلبوا منه نعت بيت المقدس لمعرفتهم به، وعلمهم بأنه ما كان رآه قبل ذلك، فامكنهم استعلام صِدْقه في ذلك، بخلاف المعراج.
السادس: جنح الإِمام أبو شامة إلى وقوع المعراج مرارًا، واستند إلى ما أخرجه البَزّار وسعيد بن منصور عن أبي عمران الجونيّ عن أنس، مرفوعًا، قال: "بينا أنا جالس إذ جاء جبريل، فوكز بين كتفيَّ، فقمنا إلى شجرة فيها مثل وَكْري الطائر، فقعدت في أحدهما. وقعد جبريل في الآخر، فارتفعت حتى سدت الخافقين، وأنا أقلب طرفي، ولو شئت أن أمس السماء لمسستُ، فالتفتُّ إلى جبريل كأنه جلس لأجلي، وفتح لي بابًا من السماء، ورأيت النور الأعظم، وإذا دونه حجابٌ رفرف الدر والياقوت، فأوحى إلى عبده ما أوحى.
ورجاله لا بأس بهم، إلَّا أن الدارقطني ذكر له علة تقتضي إرساله، وعلى كل حال فهي قصة أخرى الظاهر أنها وقعت بالمدينة، ولا بعد في وقوع أمثالها، وإنما المستبعد وقوع التعدد في قصة المعراج التي وقع فيها سؤاله عن كل نبي، وسؤال أهل كل باب هل بعث إليه، وفرض الصلوات الخمس وغير ذلك في اليقظة، لا يتجه، فيتعين رد بعض الروايات المختلفة إلى بعض، أو الترجيح. إلَّا أنه لا بُعد في وقوع جميع ذلك في المنام توطئة، ثم وقوعه في اليقظة على وفقه، كما مرَّ. ومن المستغرب قول ابن عبد البر في تفسيره: كان الإسراء في النوم واليقظة، ووقع بمكة والمدينة، فإن كان يريد تخصيص المدينة بالنوم، ويكون كلامه على طريق اللف والنشر غير المرتب، فيحتمل. ويكون الإسراء الذي اتصل به المعراج، وفرضت فيه الصلوات في اليقظة بمكة، والآخر في
المنام بالمدينة. وينبغي أن يزاد فيه أن الإسراء في المنام تكرر في المدينة المنورة، كما في أحاديث الصحيح، كحديث سمرة الطويل الآتي في الجنائز، وحديث ابن عباس في رؤياه، وحديث ابن عمر في ذلك، وغير ذلك.
وبين قولهم كان الإسراء منامًا، وقولهم كان بروحه دون جسده فرقٌ، فإن الذي يراه النائم قد يكون حقيقة، بأن تصعد الروح مثلًا إلى السماء، وقد يكون من ضرب الأمثال أن يرى النائم ذلك، وروحه لم تصعد أصلًا، فيحتمل أن من قال: أُسري بروحه ولم يصعد جسده، أراد أن روحه عُرج بها حقيقة، فصعدت ثم رجعت، وجسده باقٍ في مكانه خرقاً للعادة، كما أنه في تلك الليلة شُقّ صدره والتأم، وهو حي يقظان لا يجد لذلك ألمًا
واختلف في وقت المعراج، فقيل: كان قبل المبعث، وهو شاذٌ، إلَّا ان حمل على أنه وقع حينئذ في المنام كما مرَّ، وذهب أكثر إلى أنه كان بعد المبعث، ثم اختلفوا؛ فقيل: قبل الهجرة بسنة، قاله ابن سعد، وبه جزم النوويُّ وبالغ ابن حزم فنقل الإجماع فيه، وهو مردود بما فيه من الخلاف الكثير، فحكى ابن الجوزيّ أنه كان قبلها بثمانية أشهر، وحكى ابن حزم مقتضاه، لأنه قال: كان في رجب سنة اثنتي عشرة من النبوءة، وقيل: قبلها بستة أشهر، حكاه أبو الربيع بن سالم. وقيل: بأحد عشر شهرًا، جزم به إبراهيم الحربيّ، حيث قال: كان في ربيع الآخر قبل الهجرة بسنة، ورجحه ابن المنير. وقيل: قبلها بسنة وشهرين، حكاه ابن عبد البر. وقيل: قبلها بسنة وثلاثة أشهر، حكاه ابن فارس. وقيل: بسنة وخمسة أشهر قاله السدّيّ. وأخرجه من طريق الطبريّ والبيهقيّ فعلى هذا كان في شوال وفي رمضاد على إلغاء الكسرين منه ومن ربيع الأول، وبه جزم الواقديّ، وعلى ظاهره ينطبق ما حكاه ابن قتيبة وابن عبد البر أنه كان قبلها بثمانية عشر شهرًا. وكذا قال ابن سعد إنة في رمضان قبلها بثمانية عشر شهرًا وما مرَّ عن ابن حزم من أنه كان في رجب، حكاه ابن عبد البر، وجزم به النّوويّ في الروضة. وقيل: قبل الهجرة بثلاث سنين، حكاه ابن الأثير.
وحكى عياض، وتبعه القرطبيّ والنوويّ عن الزهريّ أنه كان قبلها بخمس
سنين، ورجحه عياض ومن تبعه، واحتج بأنه لا خلاف أن خديجة صلّت معه بعد فرض الصلاة، ولا خلاف أنها توفيت قبل الهجرة، إما بثلاث أو نحوها، وإما بخمسٍ، ولا خلاف أن فرض الصلاة كان ليلة الإسراء. وفي جميع ما نفاه من الخلاف نظر، أما أولًا، فإن العسكريّ حكى أنها ماتت قبل الهجرة بسبع سنين وقيل بأربع، وحكى العسكريّ عن الزهريّ أنها ماتت لسبع مضين من البعثة، وظاهره أن ذلك، قبل الهجرة بست سنين، وفرعه العسكري على قول من قال: إن المدة بين البعثة والهجرة كانت عشرًا، أو عن ابن الأعرابيّ أنها ماتت عام الهجرة.
وإمّا ثانيًا، فإنّ فرض الصلاة اختلف فيه، فقيل: كان من أول البعثة، وكان ركعتين بالغداة وركعتين بالعشي، وإنما الذي فرض ليلة الإسراء الصلوات الخمس. قلت: ويؤيد هذا ما مرَّ عن شداد بن أوس "صليت صلاة العتمة" فإنه يدل على أن الصلاة كانت قبل الإسراء، وإما ثالثًا، ففي حديث عائة الجزم بأن خديجة ماتت قبل أن تفرض الصلاة، فالمعتمد أن مراد من قال، بعد أن فرضت الصلاة، ما فرض قبل الصلوات الخمس، إن ثبت ذلك. ومراد عائشة بقولها: ماتت قبل أن تفرض الصلاة "أي الخمس" فيجمع بين القولين بذلك، ويلزم منه أنها ماتت قبل الإسراء.
والعروج إلى السماء. قيل: إنه كان على البراق كما كان الإسراء. وقيل: إنه لم يكن على البراق، بل رقى في المعراج، وهو السُّلّم، كما جاء مصرحاً به في حديث أبي سعيد عند ابن إسحاق والبيهقيّ في الدلائل، ولفظه "فإذا أنا بدابة كالبغل
…
الأذنين، يقال له البراق، وكانت الأنبياء تركبه قبلي فركبته، فذكر الحديث. قال: ثم دخلت أنا وجبريل بيت المقدس، فصليت ثم أُتيت بالمعراج. وفي رواية ابن إسحاق: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول:" لما فرغت مما كان في بيت المقدس أُتي بالمعراج، فلم أرَ قطُّ شيئًا كان أحسن منه، وهو الذي يمد إليه الحيت عينيه إذا حضر، فأصعدني صاحبي فيه حتى انتهى بي إلى باب من أبواب السماء
…
الحديث" وفي رواية "فوضعت له مَرقاة من فضة، ومرقاة
من ذهب، حتى عرج هو وجبريل" وفي رواية لأبي سعيد في شرف المصطفى أنه أُتي بالمعراج من جنة الفردوس، وأنه مُنَضَّد باللؤلؤ، وعن يمينه ملائكة، وعن يساره ملائكة.
ثم قال المصنف: وقال ابن عباس: حدثني أبو سفيان في حديث هرقل فقال: يأمرنا، يعني النبي صلى الله عليه وسلم بالصلاة والصدق والعفاف.
ومناسبة التعليق للترجمة هي أن فيه إشارة إلى أن الصلاة فرضت بمكة قبل الهجرة، لأنّ أبا سفيان لم يلق النبي صلى الله عليه وسلم بعد الهجرة، إلى الوقت الذي اجتمع فيه بهرقل لقاء يتهيأ له معه أن يكون آمرًا له بطريق الحقيقة، والإسراء كان قبل الهجرة بلا خلاف، وبيان الوقت، وان لم يكن من الكيفية حقيقة، لكنه من جملة مقدماته، كما وقع نظير ذلك في أول الكتاب في قوله "كيف كان بدء الوحي؟ " وساق فيه ما يتعلق بالمتعلق بذلك، فظهرت المناسبة.
وهذا التعليق قطعة من حديث طويل ذكره البخاريّ في أول الكتاب مسندًا، وعبد الله بن عباس مرَّ في الخامس من بدء الوحي، ومرَّ أبو سفيان وهرقل في السابعة منه.