الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الحديث الثالث
حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ قَالَ حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ عَنْ مُحَمَّدٍ عَنْ أُمِّ عَطِيَّةَ قَالَتْ: أُمِرْنَا أَنْ نُخْرِجَ الْحُيَّضَ يَوْمَ الْعِيدَيْنِ وَذَوَاتِ الْخُدُورِ، فَيَشْهَدْنَ جَمَاعَةَ الْمُسْلِمِينَ وَدَعْوَتَهُمْ، وَيَعْتَزِلُ الْحُيَّضُ عَنْ مُصَلَاّهُنَّ. قَالَتِ امْرَأَةٌ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِحْدَانَا لَيْسَ لَهَا جِلْبَابٌ. قَالَ:"لِتُلْبِسْهَا صَاحِبَتُهَا مِنْ جِلْبَابِهَا".
قوله: أُمرنا، بضم الهمزة، ولمسلم قالت: أمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم. وقوله: يوم العيدين، وفي رواية الكشميهنى والمستملي: يوم العيد، بالإفراد. وقوله: عن مُصَلاّهُنَّ، أي عن مصلى النساء اللاتي لسن بحُيَّض، وللمستملي "عن مصلَاّهم" على التغليب، وللكشميهنيّ "عن المصلى"، والمراد به موضع الصلاة، ودلالته على الترجمة من جهة تأكيد الأمر بالُّلبس حتى بالعارية للخروج إلى صلاة العيد. فلصلاة الفرض أولى، وإذا وجب على النساء الستر فعلى الرجال كذلك، وقد مرَّ هذا الحديث بأتم من هذا السياق في باب شهود الحائض العيدين، ومرَّ الكلام عليه هناك مستوفى.
رجاله أربعة:
الأول: موسى بن إسماعيل، وقد مرَّ في الخامس من بدء الوحي، ومرَّ محمد بن سيرين في الأربعين من كتاب الإيمان، ومرت أم عطية في الثاني والثلاثين من كتاب الوضوء.
الرابع: يزيد بن إبراهيم التُّسْتُريّ، أبو سعيد البصريّ التميمىّ، مولاهم، وثّقه أحمد بن حنبل وأحمد بن صالح وعمرو بن عليّ وابن خير والنَّسائيّ. وقال
عليّ بن أشكاب: حدثنا أبو قطن حدثنا يزيد بن إبراهيم التُّستَريّ الذهب المصفى. وقال عثمان الدارميّ عن أبي الوليد "ما رأيت أكيس منه، كان يحدث عن الحسن فيغرب، ويحدث عن ابن سيرين فيلحن، يعني أنه كان يحدث كما سمع. وقال عثمان أيضًا: سمعت أبا الوليد يقول: يزيد أثبت عندنا من هشام. وقال ابن سعد: كان عفّان يرفع أمره، وقال الدوريّ عن ابن مُعين: يزيد بن إبراهيم أثبت من جرير بن حازم. وقال ابن أبي خَيْثمة: سئل ابن مُعين عن يزيد بن إبراهيم والسّريّ بن يحيى، أيهما أثبت؟ فقال: يزيد لا شك فيه، والسريّ ثقة.
وقال عثمان الدارميّ: قلت لابن معين: هشام بن حسّان أحب إليك في ابن سيرين أو يزيد بن إبراهيم؟ فقال: ثقتان، فقلت: فيزيد أو جعفر بن حَيّان؟ قال: يزيد. وقال يزيد بن زريع: ما رأيت أحدًا من أصحاب الحسن أثبت من يزيد بن إبراهيم. وقال عبد الرحمن بن الحكم: أنس في أصحاب الحسن أثبت منه، وذُكر يزيد بن إبراهيم عند وكيع فقال: ثقة ثقة. وقال ابن المَدِينيّ: ثبت في الحسن وابن سيرين. وقال أبو حاتم: ثقة من أوسط أصحاب الحسن وابن سيرين. وقال سعيد بن عامر: حدثنا يزيد بن إبراهيم الصدوق المسلم، وقال يحيى بن سعيد: يزيد بن إبراهيم عن قتادة ليس بذلك، وقال عديّ: وليزيد أحاديث مستقيمة عن كل من يروي عنه، وإنما انكرت أحاديث رواها عن قتادة عن أنس، وهو ممن يكتب حديثه، ولا بأس به، وأرجو أن يكون صدوقًا.
وذكره ابن حبّان في الثقات، وفرق أبو محمد بن حزم في كتاب الحج من "المحلّى" بين يزيد بن إبراهيم التستريّ ويزيد بن إبراهيم الراوي عن قتادة، فقال: إن التستري ثقة ثبت، والراوي عن قتادة ضعيف، وهو تفريق مردود، وغلط فاحش واضح، ولا أدري من هو سلفه في جعله اثنين. قاله ابن حجر في المقدمة، وقال: أخرج له البخاريّ ثلاثة أحاديث فقط، اثنان في متابعة والآخر احتجاجًا، الأول في الصلاة من روايته عن قتادة عن أنس، وقد توبع عليه من حديث شعبة عن قتادة الثاني في سجود السهو عن ابن سيرين عن أبي هريرة
في قصة ذي اليدين، بمتابعة ابن عون وغيره، عن ابن سيرين. وأخرج له في آل عمران عن أبي مليكة عن القاسم عن عائشة في قوله تعالى {فَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ فَيَتَّبِعُونَ مَا تَشَابَهَ مِنْهُ} [آل عمران: 7]. قال التِّرمذيّ رواه غير واحد عن ابن أبي مليكة عن عائشة، ليس فيه القاسم، وإنما ذكر القاسم يزيد بن إبراهيم وحده. قال ابن حجر: كذاك رواه أيوب وأبو عامر الخَزّاز عن ابن أبي مليكة، لكن رجح البخاريّ رواية يزيد بن إبراهيم، لما تضمنه من زيادة القاسم، وتبعه مسلم على ذلك، ولم يخرجا رواية أيوب، والله تعالى أعلم.
قلت: انظر قول ابن حَجَر: إن يزيد بن إبراهيم روى له البخاريّ ثلاثة أحاديث، وإن الذي في الصلاة من روايته عن قتادة عن أنس، وهذا الحديث في الصلاة، وهو من روايته عن محمد كما هو الواقع في سجود السهو، لأنّ هذا الحديث إما أن يكون هو مراده بحديث الصلاة، وهذا ليست فيه رواية عن قتادة، وإما أن يكون ليس هو المراد عنده، فيكون هذا باقيًا عليه، لم يَعُدَّه. انتهى، والله تعالى أعلم.
روى عن الحسن وابن سيرين وابن أبي مليكة وعطاء وقتادة وأيوب وعمرو بن دينار وغيرهم، وروى عنه وكيع وبَهْز بن أسد وعبد الرحمن بن مهديّ وابن المبارك وأبو داود وأبو الوليد الطَّيالسيّان، وخلق. مات سنة إحدى وستين ومئتين، وقيل سنة اثنتين، وقيل سنة ثلاث وليس في الستة يزيد بن إبراهيم سواه. والتُّستَريّ في نسبه نسبة إلى تُسْتَر، بضم التاء الأولى وفتح الثانية، وبينهما سين ساكنة، أعظم مدينة بخوزستان، وهو تعريب شُوشْتَر، ومعناه النَّزِه والحَسَن والطيِّب، واللطيف، فبأي الأسماء وسمتها من هذه جاز، وفيها نهر هو أعظم أنهار خوزستان، وفيها "شاذروان" من عجائب الدنيا، وكانت تعمل فيها ثياب وعمائم فائقة، ولبس يومًا الصاحب بن عباد عمامة من عمائمها، فجعل بعض جلسائه يتأملها، ويطيل النظر إليها من حسنها، فقال ابن عباد: ما عملت بتَستر لتُستَر. ويقال: إن سورها أول سور وضع بعد الطُّوفان على وجه الأرض، وفتحها أبو موسى الأشعري في خلافة عمر، واستشهد بها البراء بن مالك، وإليها تنسب